[align=justify]حين تفاجأ الإمام أبوحنيفة رحمه الله بسؤال ذاك الرجل الذي هابه الإمام لمنظره الذي كان يكسبه هيبة سرعان ما تلاشت على إثر سؤال غبي ؛ قال قولته الشهيرة : "لقد آن لأبي حنيفة أن يمدّ قدميه" ، وعلى ذات النسق يحق لجميع البدون أن يمدّوا أقدامهم على إثر تصريح وزير الداخلية الذي طالب فيه الآباء البدون بتربية أبنائهم - على حدّ تعبيره - الذين يواصلون خروجهم للاعتصام لليوم السابع على التوالي بعد أن ضاقت بهم السبل وأرادوا لفت الانتباه لقضيتهم من جديد في بلد مشوّش تنسيه كل قضية جديدة قضاياه السابقة العالقة حتى أن بعضهم دفع ثمناً لذلك ألعابه النارية التي يقتات عليها في مثل هذه الأيام وتشكل له مصدر رزق يسدّ به رمقه حتى حين ، ليثير الوزير وفقه الله بتصريحه ذاك شباب البدون أكثر وأكثر بدلاً من امتصاص غضبهم.

أبناء البدون - ياسعادة الوزير - تمت تربيتهم على يد أهليهم أفضل تربية فهم على الرغم من الدوافع الكثيرة التي تؤزهم إلى الجريمة أزّاً تجدهم الأقل ارتكاباً للجريمة بحسب إحصائيات وزارتك الموقرة ، وهم قد تربوا على الشهامة والمرجلة وحب الوطن شأنهم شأن أسلافهم الذين قدموا أرواحهم رخيصة لوطنٍ قابلهم القائمون عليه بعد ذلك بالنكران والجحود ، وهم قد تربوا على الصبر والتحمل والسعي للكسب الحلال فافترشوا الأرصفة والدوارات يبيعون ما استطاعوا ليتحصلوا على قوت يومهم ولو سألت دوريات وزارتك التي تلاحقهم كالمجرمين أينما حلّوا لأخبرتك الخبر.

سعادة الوزير ... قد نختلف مع أبنائنا وإخواننا البدون في طريقتهم للمطالبة بحقوقهم المسلوبة منهم منذ عقود والتي تسعى أنت ومن سبقك في كرسي الوزارة على إشغالهم عنها عبر وعود هي أشبه بحقن البنج الموضعي لا أكثر، وقد تختلف أنت معهم في طريقتهم أيضاً وهذا شأنك ولهم شأنهم وبينك وبينهم القانون وساحات القضاء.

سعادة الوزير ... هل طالبت أهالي سرّاق المال العام بتربية أبنائهم ، هل طالبت أهالي أصحاب الشقق المشبوهة بتربية أبنائهم ، هل طالبت أهالي المتاجرين بالبلد والذين جعلوا منها شركة مقفلة بتربية أبنائهم ، هل طالبت أهالي من يضربون الوحدة الوطنية ويفرقون بين مكونات الشعب عبر إثارة الفتنة بتربية أبنائهم ، هل طالبت أهالي بعض أصحاب الأقلام ممن يطلقون الكذبات على البدون ويطعنون في ولائهم وانتمائهم ويحاولون إيغار صدور أصحاب القرار عليهم ؟! ، أم أن نصيحتك تلك ضلت طريقها تجاه مستحقيها وسارت في الطريق الخاطيء نحو أهالي تيماء من باب "أبوي ما يقدر إلا على أمي" ؟!.
أبشرك ياسعادة الوزير فأهالي الشباب البدون قد أحسنوا تربيتهم وتعبوا وسهروا عليهم ، فلا تنشغل بهم ، وأشغل نفسك في كيفية إعادة الحقوق إلى أصحابها ، وحاذر من بعض الكلمات التي ربما تؤدي للمزيد من إثارة شباب البدون، واعلم بأن المرء بأصغريه قلبه ولسانه ؛ حتى لا نضطر لمدّ أقدامنا بعد كل تصريح من سعادتك.[/align]