[align=justify]وماللمرء خير في حياةٍ
إذا ماعُدّ من سقطِ المتاعِ

قطريّ بن الفجاءة

كثيراً ما نستغني عن أشياء ثمينة نجهل أو نتجاهل قيمتها الحقيقية ، ولطالما قاومنا رغبتنا بالتخلّص من أشياء هي عديمة النفع لنا من وجهة نظرنا عن طريق الصبر على الاحتفاظ بها وتخزينها لعلّنا نقتنع بمدى نفعها لنا وأهميّتها لدينا ولكن بلاجدوى ، حتى تجدنا نلقيها في أقرب سلّة مهملات مع أول لحظة نضيق بها ذرعاً من كثرة الأشياء المخزّنة لدينا دون أن نستفيد منها ، لنعقد حينها جلسة مفاضلة بين تلك الأشياء لاختيار الأول ولوجاً منها لسلّة المهملات وأحيانا وعلى طريقة "خلالات العبد" تجدنا نستغني عنها جميعاً دون أن نشعر لتمتلىء سلّة المهملات لدينا بما لا يعني شيئاً بالنسبة لنا ولكنه قد يشكّل كنزاً ثميناً لدى الآخرين وحينها نضرب أخماساً بأسداس ونحن نرى مهملاتنا تتحوّل إلى ذهب خالص في أيدي الآخرين ولاتَ حين مندم .
هذا هو بالضبط ما تقوم به الكويت مع كثير من المبدعين والعباقرة والموهوبين والمتميزين في شتى المجالات من البدون حين تلقيهم في سلّة مهملاتها غير مبالية بهم لأنها تراهم في عين البصر لا البصيرة عديمي الفائدة مرتزقة لا ولاء لديهم همّهم الأكبر المشاركة في خيرات البلد ، حتى إذا ما أتت دولة أخرى لسلّة المهملات تلك واختارت منها ما يناسبها وبأقل تكلفة بل وبالمجّان أحياناً لتستفيد منه ولتعيد صياغته من جديد لتضع بعد موهبته أو حرفته تلك اللقب الجديد ليسمى حينها بـالشاعر "السعودي" و اللاعب "القطري" والبروفيسور "الأمريكي" والمستشار "الكندي" والدكتور "البريطاني" وهكذا ... على مرأى ومسمع من بلدهم الأم الذي لم يؤمن بموهبتهم وألقاهم مختاراً في سلّة مهملاته .
قد يغضبك هذا الوصف أخي البدون وقد تراه قاسياً بعض الشيء ولكنه والحق أقول لن يكون أقسى من الظروف التي يتعرض لها البدون كل يوم في هذا البلد الذي يقابل العطاء بالجحود ويقابل التضحية بالنكران ويقابل الولاء بالتسفيه ويقابل المحبة بالمضايقة والعشق بالتطفيش ، فقل لي بالله عليك أيهما أقسى ؟! .
كان البدون ولا يزالون كنوزاً قيّمة الثمن احتضنتها سلّة مهملات الوطن الذي لم يؤمن بما لديهم حين راهن الآخرون عليهم ليكسبوا الرّهان وليرفعوا رايات تلك البلدان التي آمنت بما لديهم عالية خفّاقة وليحققوا لها المكاسب تلو المكاسب ولو التفتنا لماحولنا من بلدان شقيقة لوجدنا أن غالبية المبدعين والمتميّزين فيها هم من أبناء هذا. الوطن الذين كانوا حبيسي سلة المهملات ، وإن أكثر المستفيدين بالطبع من هذه الكنوز هم الجيران السعوديون وكما قال الأستاذ محمد الوشيحي سابقاً "عليهم بالعافية" .


‏‫منصور الغايب
@Mansour_m[/align]