[align=justify]
في روايتها "عائشة تنزل إلى العالم السفلي" كررت الكاتبة بثينة العيسى عبارة "فاقد الشيء لا يعطيه" والتي أتت على لسان الدكتور الذي حاول أن يبرر لعائشة " بطلة الرواية" سبب عدم مقدرتها على منح الحب لابنها الوحيد "عزيز" والذي فقدته فيما بعد في حادث سيارة ، فكان معنى جواب الدكتور أن فاقد المحبة لنفسه لا يمكن أن يعطيها للآخر لأنه تبين له أن "عائشة" لم تكن تحب نفسها أساساً حتى تمنح هذا الحب لابنها ولمن هم حولها .
وأنا أقرأ هذه العبارة تذكرت حكومتنا الرشيدة التي نطالبها دائماً بالوقوف مع الشعب وتتفيذ مطالبه أو محبته على الأقل ، لكنّ يبدو أن حكومتنا كعائشة في رواية بثينة العيسى لا تحب نفسها لذلك هي لا تستطيع منح الحب لغيرها وفاقد الحبّ لا يعطيه .
فاقد الحلّ أيضاً لا يعطيه فحكومتنا التي نطالبها ليل نهار بتقديم الحلول للعديد من المشاكل العالقة منذ عقود أو الطارئة على بلدنا ، كل المشاكل ابتداءً من قضية البدون المصيرية والتي يتعلق بها مصير مائة ألف أو يزيد من البشر بينهم وبين الحياة الكريمة صحارى قاحلة لم تنبت شجرها الوعود الكاذبة ، وانتهاءً بقضية الزحمة التي كانت إحدى بركاتها وفاة طفل قبل وصوله إلى المستشفى ، ومروراً بمشكلات السكن والبطالة والتعليم والأمن والمشكلات الاجتماعية من ارتفاع عدد حالات الطلاق وانخفاض معدلات الزواج وانتشار الرذيلة ووو ... شو بدّي أحكي لأحكي ؛ لا تمتلك حكومتنا الرشيدة حلاّ لها لأن فاقد الحلّ لايعطيه .
والصراحة هي أننا نظلم أنفسنا ونظلم حكومتنا الرشيدة بمثل هذه المطالبات المستمرة والتي أصبحت كالدواء المسكن نتعاطاها في اليوم الواحد كثيراً وبلا حاجة لوصفة طبيب ، وظلمنا لأنفسنا سببه أننا نطلب الشيء من فاقده وفاقد الشيء لا يعطيه إطلاقاً لذلك يجب علينا أن نريح أنفسنا من عناء المطالبة على الأقل وأن نقزّرها بحكومتنا "أم شوشة" إلى أن تأتينا الحكومة "المنقوشة" ، وأما ظلمنا للحكومة الرشيدة فسببه أننا نحملها ما لاطاقة لها به ونحن حين نريد أن نطاع فيجب علينا أن نطلب من حكومتنا المستطاع وحكومتنا الرشيدة ليس باستطاعتها حل كل هذه المشاكل العالقة والطارئة والشيء الوحيد الذي تجيده هو الوعود التي خجل منها عرقوب في قبره .
في رواية "عائشة تنزل إلى العالم السفلي" كانت البطلة مقتنعة بأنها ستموت خلال سبعة أيام من بدء كتابتها لأوراقها وهو ما سيصادف الذكرى الرابعة لوفاة ولدها الوحيد عزيز ، لذلك كانت تستعد للموت بكل ما أوتيت من قوة ، وليت حكومتنا الرشيدة تقتنع بقرب انقضاء أجلها لتستعد للموت / للإقالة بعمل يحسن خاتمتها أمام الله والناس فإنما الأعمال بالخواتيم ياحكومتنا الرشيدة .[/align]