[align=justify]حين يتجاهلون قضيّتك ويضعونها على هامش اهتماماتهم ويجلسونك في الصفوف الخلفية لمطالبهم ، فإنّ المسؤولية الملقاة على عاتقك تكون مضاعفة لجذب اهتمامهم نحو قضيّتك ، لأنّك تكون حينها أمام خيارين كلاهما بالنسبة إليك شرّ ، إمّا أن تحرجهم عن طريق تذكيرهم بتناقضهم الذي لم يعد لك طاقة على تحمّله ، أو تجبرهم على الوقوف في صفّك عن طريق الضغط عليهم مراراً وتكراراً ، وإن فعلت فإنك ستكسب من قبلهم ومحبيهم عداءً قد لا ينتهي بسبب الأولى ، أو تكسب تعاطفاً كاذباً لا يسمن ولا يغني من ظلم بسبب الثانية .

هم لا يهتمّون بك ولا يضعونك في الحسبان ، لأنك في مقياس النّفع والضرّ لا شئ ، وفي مجال الكسب والخسارة تساوي في دفاتر شيكاتهم صفراً ، وفي نسيجهم الاجتماعي أنت "دخيل" ممزِّق ، وما أنت في حقيقة الأمر إلا "داخل" على الله من ظلم مزّق أحشاءك ، وفي مجال خدماتك الجليلة لوطنك ما أنت إلا أجير يجب أن يعطى أجره قبل أن يطول لسانه ليطالب بالمزيد ، وفي مجال الإدانة ما أنت إلا متّهم مدان حتى تثبت براءته .

حين يتجاهلون ضربك وإهانتك مراراً وتكراراً ويصرخون من أجل ضرب أحدٍ غيرك ويقيمون الدنيا ولا يقعدونها ؛ فاعلم بأنّك في أعينهم لا شيء ، وحين يستدلون على أن البلد بات قمعيّا بوليسيّا بسبب ضربهم علماّ بأنك قد ضربت مرارً وتكراراً قبلهم ؛ فاعلم بأنّك في أعينهم لا شيء ، وحين يتباكون ويشتكون الزمان الذي بات فيه المواطن "يضرب" ، بينما هم يشاهدون العصي "تضرب بالخمس" على ظهرك منذ فترة ؛ فاعلم بأنّك في أعينهم لا شيء ، وحينما تجد بعض من يطالب بالإصلاح منهم ينال منك ويستهزئ بك وكأنّ كلمة الإصلاح التي يطلقونها لا تشمل إصلاح حياتك التي أتلفتها الوعود الكاذبة ، وكلمة كرامة لا تشملك أبداً بل هي حصر عليهم ؛ فاعلم بأنك في أعينهم لا شيء ، وحين يتنادون بينهم من أجل سداد ديون ناشطٍ منهم ، في حين يعجز "عبداللطيف" عن جمع تكاليف علاج عينه المفقوءة لولا رحمة الله ثم بعض المحسنين فاعلم بأنّك في أعينهم لا شيء .

مخطئ أنت ياعزيزي إن صبرت على ظمئك من أجل أن تحظى بشربة ماء من سراب وعودهم الذي يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ، بينما كان الأجدر بك أن تأخذ بقول شيبانك "العطشان يعرك الحوض" ، ومخطئ أنت حين تصدم بمواقف ذات الشخص مرّتين ، فالمرّة الأولى كفيلة بمنحك درساً مجّانياً تتذكره مع كل موقف خذلانٍ جديد عنوانه "لا جديد" ، ومخطئ أنت حين تطالبهم بالنظر إلى قضيّتك بعين الحقيقة ، وكان يتوجب عليك فقط أن تطالبهم بالنّظر إلى قضيتك عبر عين "عبداللطيف" لتعلم الذين صدقوا وتعلم الكاذبين .

هم – كلّهم أو بعضهم - يرونك لا شئ ، وأنت الوحيد القادر على أن تصنع منك في حساباتهم شيئاً مهمّا ، وإلا فإن لسان حالهم معك على الدوام كلّما طالبتهم بحقّ النّصرة سيكون كما قال الشاعر مطلق النومسي :

يا شئ ما لك شئ دامك ولا شئ

ومقابل اللا شئ والله غميضة ..![/align]