[align=justify]في العالم الإفتراضي الجميل "تويتر" الذي أصبح ملاذاً آمناً لكثير من الهاربين من قسوة الواقع ، يطلق بعض المغردين "هاشتاق" معين يمارسون التغريد فيه وعنه ، وبعض هذه "الهاشتاقات" تنال شهرة كبيرة وتفاعلاً واضحاً أكثر من غيرها إما لمواكبتها لموضوع معيّن يشغل الساحة أو لاحتوائها على موضوع معين لم يطرح من قبل أو لقربها من نفوس المغردين أحياناً .

قبل أيام أطلق بعض المغردين في تويتر هاشتاق حمل عنوان "كذبة" ولاقى تفاعلاً كبيراً لاسيما من مشاهير المغردين الذين يشار إليهم بالبنان ، فضلاً عن بقية المغردين الذين هرعوا إلى ذلك الهاشتاق ليغردوا بالكم الكبير من الكذبات التي جمعوها في حياتهم ولا زالوا ، وليبدوا كثيراً وليس بعضاً من امتعاضهم تجاه واقع مليء بالكذب من أقصاه إلى أقصاه ، وليسلطوا النور حول كذبات نعيّش أنفسنا فيها إلى أن نصدقها مرغمين لتصبح جزءاً لا يتجزء في أذهاننا من الحقيقة .

غالبية الكذبات التي طرحها المغردون كانت تتناول الوضع السياسي للبلد وتسليط الضوء على بعض المشاكل الأزلية التي كانت ولا زالت تعيش معنا ونحن نواجهها بكذبة أنها غير موجودة أصلاً كالطائفية والفئوية والعنصرية على سبيل المثال لا الحصر ، وبعض المغردين تناول الكذبات الاجتماعية ليوضح أن كثيرا من العلاقات الاجتماعية والعبارات التي انتشرت بين أوساط المجتمع ما هي إلا كذبة لا أكثر من نوعية : "أنا حاس باللي أنت حاس فيه" و "لولا غلاك ما شرهنا عليك" و "وإنت من النفس" وغيرها من العبارات التي أصبحنا نقولها لكل أحد وفي أي مناسبة ، وفي نفس الوقت لم يخلُ الهاشتاق من بعض التغريدات الساخرة المضحكة من بعض المغردين الظرفاء كما فعل أحد المغردين حين غرد في الهاشتاق بـ " طالب مصري يغيب .... كذبة" .

الملفت للنظر أن المغردين كانوا لا يعانون ولا يكلفون أنفسهم عناء البحث عن تغريدة في هذا الهاشتاق بل كانت التغريدات تنهمر سريعاً في ذلك الهاشتاق مما يدلك على اقتناع الناس بأنهم يعيشون في واقع ممتلئ كذباً وأنهم أصبحوا يجدون مشقة في ذكر الحقيقة أكثر مما يجدونه في ذكر الكذب الذي أصبح يحيط بهم من كل مكان .

في قضية البدون تحديداً ، هذه القضية التي تعتبر الكذبة الأكبر في البلد ، والقضية التي ألصق بها الكثير من الكذبات التي يغار منها الأول من إبريل ، والقضية التي مهما ذكرت من وعود المسؤولين بحلّها فإنه يصلح أن تضعه ضمن هاشتاق "كذبة" ، ولو كلفت نفسك عناء العودة لكثير من قصاصت الجرايد منذ الثمانينات وحتى اليوم والتي تضمنت الوعد بحل هذه القضية خلال فترة وجيزة جداً ، لعرفت الكم الهائل من الكذبات التي تحظى به هذه القضية ، وما أرجوه أن تقف تلك الكذبات والتي يصدقها بعض السذّج مع الأسف عند حدود القضية نفسها وألا تتجاوز ذلك لتصل إلى إيذاء أصحاب القضية رحمة بهم على الأقل ، فهم بما ابتلاهم الله عزّ وجلّ من ضيق وضنك مكتفون وليسوا بحاجة إلى مزيد ألم ! .[/align]