هذه قد كتبتها بتاريخ 16/ 4 / 2010 في إحدى مسابقات المضايف

وقد أقتبسها الكثير في المنتديات فمنهم من ذكر أنتمائها

ومنهم لم يذكر ذلك.. ولا يضايقني أن يكتبها أحداً.. بل يسعدني كثيراً

ففي ذلك نشر للفائدة وهذا هو الهدف منها.. وهذا التاريخ هو تاريخها

في المدونات فكتبت قبل ذلك في المسابقات بأيام أقل من تاريخها هذا..

ولكن مضايفنا كل الشكر لها فهي فريدة في نوعها وتحفظ حقوق أبنائها..

وأني أضعها الآن هنا .. لأنني أشعر أننا بحاجة لمثلها دائماً..







قالت :

هل ترى ما أرى في عالمنا اليوم تهجم آراء الناس على آراء غيرهم

واقتحامها بغير وجه حق ودون أن يستمعوا إليها أو يأخذوا بها.. !!؟


قلت:

أني أعجب ما أعجب له من شؤون الناس وأحوالهم هو تدخلهم

وارتباطهم في شؤون غيرهم.. لا يحترمون آرائهم ولا يدركون مداركهم

وكأنهم اتخذوا ذلك في نفوسهم قاعدة لهم.


قالت :

ولكن الأحرى بالناس أن تستمع وتحترم أقوال غيرهم.. فما يكفيهم تماديهم

وتفننهم في استخفافهم وزيفهم لمشاعرهم وتجاهل غيرهم..


قلت :

أن ما أصاب الناس في عصرنا هذا هو انحدار وانحطاط.. وما دام المشاعر أخذت نصيبها من الزيف والنكران منهم..

فكيف للآراء أن تجد حالها وسطهم.. دون أن يصيبها شيئاً من أخلاقهم المشوهَّـة.. أو انحدارها إلى هاوية التردي..

أن أقسى ما يلاقيه المرء من الإنسان هو إعدام رأيه وتركه خلفه كي لا يراه..

فمجتمعنا اليوم على كثرة متطلباته العاطفية كثرة معها تقلباته الفكرية سواء في سلوكياته أو مواقفه أو اتجاهاته..

لهذا أن الإنسانية السامية وأفكارها تشكو جفاف عقول ومشاعر أصحابها..

وكل ما نراه اليوم من جفاف وزيف وانحطاط وتردي كان سبباً لعدم احترام حرية آراء الآخرين والاستماع إليها..

مما سيؤدي ذلك إلى أنتاج مجتمع مفكك.. فيجب أن نفهم معنى الحرية حق الفهم..

أن الإنسان إنسان له شخصيته.. وله حقوقه في اختياره لآرائه.. وله حريته في تذوقه للأشياء دون أن تسلب منه بغير وجه حق..

ومن حقه أن يجد جَوًّ من الحرية لإبداء رأيه والاستماع إليه.. واحترام قراراته الشخصية دون أن نفرض عليه آراءنا..

فتبادل الآراء هو إنجاب فكراً واسعاً وناجحاً يسمو بالاحترام الذي ينبت المحبة ويزرع المشاعر الطيبة..



قالت :

أجد أن كثيراً من الناس تجرفهم العاطفة فيما بينهم.. وتجدهم في الآراء مع بعضهم في كل شئ..

وكأنهم لا يدركون حقها ولا باطلها.. سوى أنهم يفضلون أتباع أتباعهم..

فربما هذا الأتباع العاطفي جعلهم لا يرون من الآراء غير آرائهم..

ولا يخرجون عنها في أيَّ أمرٍ من الأمور سواء كانت صحيحة أو باطله..


قلت :

يجب أولاً التخلّص من شائبة الرياء التي تفرضها عليهم عواطفهم..

أن الرأي السليم أن ينشد كل ذي نفسٍ عقله فيجد رأيه فيه.. على أمل أن يكون على خير وجه..

ولا يقلب وجهة نظره في شئ غير الحقيقة.. ولا يتبع الباطل لمجرد أن عواطفه غلبت عقله وصوابه..

فالإنسان أولاً قناعته واقتناعه بنفسه لا بأنفس غيره.. فلا يكن له من الشأن ما لم يكن لهم في كل شئ..

فما كان خاطئاً يبقى باطلاً وما كان صائباً يبقى صحيحاً.. والذي يتبع آراء البعض الباطلة والخاطئة من ميول عواطفه لهم..

هو إنسان جاهل دفعته عواطفه إلى ما لا يجب أن يتبعه.. وبدلاً من أن يؤدي ما يجب عليه العقل والمنطق

أشار إلى بقية الآراء إشارة الساخط التي تجرفه عواطفه..

وكأنه لا يعلم في الحياة شيئاً غير أنه ذو وجهين يرى اليوم ما لا يراه في الغد..

أن بقاء وثبات الآراء على صحيحها وباطلها هو طريقها إلى النجاح..

ولكن إذا كانت مقدماتهم بهذه الصورة فكيف ستكون نتائجهم.. !!؟

فالإنسان لا يرتقي في الحياة ولا يسمو فيها إلا بروح فكره.. وتأمله مع نفسه.. ومخاطبتها في أسلوب تهذيبي..

والأفكار وحدها التي تنقله إلى عالم أنضج وأنضح.. أما بقائه مع البقية وأتباع باطلهم مع حقهم..

ينفي وجود عقله أمام نفسه أولاً وينفيه أمام نفوس غيره ثانياً..

فيجب أن يؤدي واجباته تجاه عقله وقلبه ويميّز ما يليق مما لا يليق.. وإلا يصبح فاقد الوعي والأخلاق والثقافة..


قالت :

حتى حياة الأطفال أجد أن كثيراً ما نظلمهم ونتجاهل آرائهم واختياراتهم..

فلماذا فقدوا حريتهم بيننا .. !!؟


قلت :


أني دائماً أرى أن الأطفال يشبهون الفلاسفة في تساؤلاتهم وتعجبهم من الأشياء..

فالشئ الذي يربط بين بعضهم هي الدهشة من كل شئ..!!

فالفيلسوف تجده يثير الدهشة في داخله ويندهش من كل شئ حوله..

حتى يخرج بتساؤلات جديدة ويبقى في بحثه إلى أن يجد إجابات جديدة لها..

وكل ما يصل إلى شئ.. يعود مرة آخري للبحث عن شئ آخر..

كذلك الأطفال كثيراً ما نراهم في دهشتهم وهم يتساءلون عن الأشياء التي يرونها أمامهم في صغيرها وكبيرها..

والذي يفقدهم هذه الدهشة.. هو الصمت عنهم وتجاهل تساؤلاتهم..

فنجد مع الوقت أنهم كفوا عن ذلك ولم يعودوا كما كانوا في بداية أمرهم..

وهذا كان بسبب ذلك التجاهل.. والذي يسبب لهم تراجع ما في داخلهم.. وانتكاسه إلى شئ قد يؤثر في حياتهم المستقبلية..

فالأطفال هم بذور المستقبل القادم.. فيجب مراعاة كل ما يخرج منهم والرد عليهم مهما كان نوع تساؤلهم وجرأته..

أن الإجابة عليهم ينمي من قدراتهم ويبني لهم عقولهم.. أما تجاهل آرائهم وعدم الأخذ بها..

يضعف من ثقتهم بأنفسهم ويهبط من معنوياتهم.. ويقلل من قدراتهم.. فلا بد من مراعاة نفوسهم..

أني كنت يوماً في أحد الأسواق العامة.. فرأيت بجانبي طفلاً يصرخ ببكائه.. ووالده بجانبه يزجره ويضربه..

فجزعت من ذلك المنظر..ولما أمعنت النظر فيهم.. وجدت أن الطفل يريد لعبة من الألعاب المركونة في ذلك المحل..

ولكن والده يفرض عليه لعبة أخرى غير اللعبة التي يريدها ابنه..

فهذا المشهد موقف يفقد الطفل رأيه.. ويفقده أشياء كثيرة في نفسه..

فما الضرر أن حصل ذلك الطفل على ما يريد.. !!؟

لهذا أن الأطفال في حاجة إلى التعهد في أمرهم على أحسن وجه ممكن.. ليتسع الأمل في داخلهم وتكبر همتهم..

فلا تُسلب منهم حريتهم في آرائهم باسم الرعاية والتربية.. أن ذلك بعيد كل البعد عن الأخلاق التربوية..

فعلينا إعدادهم أعداداً سليماً.. ونختار كيفية التعامل معهم بدقة وحرص..

حتى يَستوثَقَ الطفل بنفسه.. فيطلق لها الحرية في إنشاء رأيه مما سيثبت وجوده وعطاءه الفكري في حياته المستقبلية..

فما إعدام رأيه في الصغر إلا زرع مشاعر الإحباط في داخله.. وما احترام حرية الرأي إلا موقفاً من مواقف الأخلاق الفاضلة..

فالنمو العقلي هو إقامة مجتمع ناجح وقوي يتعامل بمفاهيم صالحة وسليمة..


قالت :

بعض الناس يسأمون أحاديث بعضهم ويملّونها وينتقدونها انتقاداً بعيداً عن العقل والأخلاق..

فكيف نتعامل معهم.. !!؟


قلت :

لا أسمج في نظري أكثر من هؤلاء المتأخرين.. أنهم جاهلين وما أكثر جهلهم وصورهم المشوهة..

فمنهم من تكون عنده لا مبالاة ولا مراعاة لنفوس غيرهم.. يتجاهلون حرية رأي العقول دون أن يقيموا لها وزناً..

لا في حقيقها ولا باطلها.. لا في نفعها ولا ضرها..

وحتى أنهم في قربها منهم أو بعدها عنهم لا يتعاملون بها.. وهذا لمجرد أن آراءها مختلفة عن آرائهم..

فالأفكار لا تموت ولا تنتمي إلا لنفسها دون غيرها.. فليأخذوا منها ما ينفعهم ويتركوا ما لا ينفعهم..

فتلك الظواهر جعلت أصحابها لا يعترفون ولا يحترمون حرية آراء غيرهم..

بل هذه هي من أهم الأسباب التي دعت إلى أزمات الفكر والأفكار في حياتهم..

فيجب أن يكون لديهم وقفه عاقلة وجادة وتفكيراً بعيداً عن السلبية..

فلا رأي ولا مبدأ يعطي الحق للآخرين أن ينفوا عقول غيرهم بشكل جذري دون

معرفة صوابها وخطئها أو تحليها إلى صحيحها..

أن العقل هو اللغة الإنسانية التي تربطنا بغيرنا وتجعلنا ندرك ما حولنا..

فيجب احترامه أن ذلك هو أقل ما يجب علينا.. وإلا نصبح بمنطقة الفكر العقيم الذي لا يخدم أحداً لا نفسه ولا غيره..

ففي التواصل مع العقول الأخرى قد نجد فيه تطهير لنفوسنا وتنقية لعواطفنا..

لهذا أن القدرة على التكيّف الاجتماعي يقود إلى حرية الرأي ويمكّننا من فهم الأشياء فهماً واسعاً وأقوى إدراكاً..

ومع هذا علينا أن نتعامل مع الآخرين بضمير واعي وصادق نأخذ ما ينفعنا ونترك ما يضرّ بنا..


قالت :

كأنك تقصد أن الإنسان فقد إحساسه بمن حوله.. !!



قلت :

إن إنسان اليوم يريد أن يأخذ حقه فوق حقوق الآخرين.. إنه إنساناً أنانياً بقدر طمعه للأشياء التي حوله..

وبهذه الأنانية جعلته لم يعد قادراً على التمييز في الأشياء..

ففقد إحساسه بالآخرين.. مما أوصله ذلك إلى فقدانه ذلك الاحترام الذي في داخله..

فهذه الصورة كفيلة أن تأخذه بعيداً عن الأخلاق وتجعله لا يحترم الآراء الأخرى..


قالت :

ولكن هناك أفكار وآراء تخالف ديننا وتدعوا إلى ما لا يدعوا..

ومن الواجب علينا قمعها وعدم التداول بها.. !!؟


قلت :

هذا لأن إيماننا ضعيفاً ويتهاوى في نفوسنا.. لهذا نحن نخاف من تلك الآراء..

ولدينا شعور بأنها ستملك عقولنا وتحرفنا عن طريقنا..

فيا صديقتي أن الأسس القائم عليها ديننا.. هي قواعد لا يمكن أبداً تبديلها أو تحريفها..

لأنها ثايته وقبل أن تكون أفكاراً حقيقية ناجحة وراسخة.. هي مناهج شرعية وليست آراء قابلت للتغيير..

فمجرد دخول الشك في مضمونها يخرجنا من العقل والمنطق قبل خروجنا من ديننا..

وهؤلاء الذين وجدوا بداخلهم أفكاراً وآراءً تخالفه..

ما هم إلا مولعين بالتقليد ولا يدركون شيئاً سوى أنهم عاشقين أفكار وشخصيات غيرهم..

فيجب ردعهم بالفكر والحوار الصحيح حتى لا نترك لهم سبيلاً في ذلك..

ولا يتجرأ أحداً منهم أن يصف حالنا بالفكر والإقناع العقيم..

فعلينا أن نهبط إلى الواقع ونستعرض تلك الآراء والأفكار بإمعان وتدقيق..

ونرد عليها بأسلوب تهذيبي لنثبت أن ديننا لا يفقدنا حرية الرأي وأنه يدعوا إلى ذلك..

ويأمرنا بالتواصل مع العلوم الأخرى فنبيّن صورته الحقيقة منها..

وبطلان تلك الأفكار التي تعكسه وتحاول أن تثير وتنبت الشك في نفوس من به..

وأنها ما هي إلا خيلاتٌ وأوهام من نفوس تلك الشياطين..

وليكن لديكِ يقين.. أنني لا أدعوا إلى الاستماع إلى تلك الأفكار استماع النفس فتأخذ بها..

وإنما استماع العقل والمنطق لنردَّ عليها في حوار سليم يبيّن صدق وعقلانية آراءنا..

ولكن للأسف الشديد نرى من الناس من يبدلون الحقائق..

ومنهم من يستعظم كل ما يراه في رأيه دون أن يحسب رأياً لغيره.. ليثبت نفسه لا أن يثبت رأي دينه ومنهجه..

فعاراً على المسلم أن يكون بهذه الصورة.. وأني أكاد أن أخرج من نفسي وقتها منه..

فكيف سيكون حال النفوس البعيدة عن الإسلام..

لهذا أن حرية الرأي لنا ولغيرنا.. تبعثنا إلى حقائق واضحة.. وستكشف لنا ما لم نكن ندركه من قبل..

فلا أقل من أن ندعو إلى ذلك.. ونكون خير أمة أخرجت للناس.