كتب لكم الآن بعد 10ساعات قضيتها في منطقة الصليبية يوم الجمعة الماضي، أرصد الانتهاكات الإنسانية التي حصلت هناك، فنزعت قبعة الحقوقي ولبست قبعتي الصحفية لكي أكتب لكم عما لم تره العين ولم تسمعه الأذن ولم يخطر على قلب الكويتيين.
وليس المخبر كالمعاين، ولا من رأى كمن سمع الافك المبين الذي ساقته بعض وسائل الإعلام التي تمشي على الهوى الحكومي، فتقول غير ما شاهدت وتضلل أكثر من أن تدلل وتزور أكثر من ان تحقق!! وما ضرب د. عبيد الوسمي عنها ببعيد، ومن يكتم الشهادة فانه آثم قلبه، فقد شاهدت اعتداءات وتهديدات حصلت على صحافيين وحقوقيين حاولوا تأدية واجبهم المهني.
ورأيت كيف تم الاستخدام العنيف للسلطة على المتظاهرين «البدون»، ووصل الأمر بأن تم ضرب امرأة قامت بالتصوير من منزلها، فأخذت قوات الأمن هاتفها النقال من داخل سور بيتها وضرب زوجها، بل وصل الأمر بمنعهما حتى من تقديم شكوى في مخفر الصليبية!
ان يضرب الرجال والشباب والنساء والأولاد في تكتم تام من قلب بلد الحريات في الخليج هو امر لافت للنظر ومدعاة للاستغراب.
لا جرم اننا لا يضيرنا قول الحق بانه حصل اعتداءات على رجال الأمن من قبل المتظاهرين برشقهم بالحجارة، لكن ذلك لا يستدعي ان يضربوهم بهذه الصورة الوحشية، وان تعرقل مهامنا كراصدين وصحافيين ويتم تهديدنا واخذ دفاترنا عنوة بغير وجه حق، بل وصل الأمر بان اقتيد احد الراصدين الحقوقيين بالسيارة وتم التلفظ عليه بالألفاظ النابية، وتم ضرب بعض الصحافيين هناك ومنعهم من تأدية مهامهم الإعلامية!!
إن مسألة «البدون» مسألة جوهرية قد كتبنا عنها مرات ومرات، وان تركها سيجعلها ككرة الثلج تزيد مع السنوات، والتضييق عليهم هو أمر لا يمت للدين ولا للعرف ولا للقانون لا من قريب ولا من بعيد، وإنا لنعلم ان من بينهم ظالما لنفسه مدعيا، ومنهم المقتصد المستحق.
إن على وزارة الداخلية التفهم بأن الضغط يولد الانفجار، وأنكم بالتصادم مع المتظاهرين تزيدون الأمر تصعيدا لا تيسيرا، وتركهم يعبرون عن حقوقهم السلمية ينفس عن الناس ويسهل على الداخلية أمرها.
إنكم لن تستطيعوا في ظل الاعلام المفتوح أن تضحكوا على كل الناس كل الوقت، ولن تحجبوا شمس الحقيقة بغربال، فاليوتيوب والانترنت قد لقنا درسا للحكومات التي لم تع مقدار التحولات التي أحدثتها ثورة الاتصالات، «فالعين أصدق انباء من الكتب»، والحق بالتعبير والتظاهر هو من مسلمات العصر الحديث!!
أما عن رابطة مشجعي الحكومة وكتابها الكرام، فما أقول لهم إلا ما قاله تعالى:
«فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون».. اعترضوا على كلام ربنا بقا!!