لا أعتقد أن عاقلا منصفا يخالف في مدى الظّلم الواقع على البدون منذ عقود وكيف حاولت الحكومة تضييق سبل العيش عليهم ومحاربتهم حتى في لقمة عيشهم ومدى صبرهم على ذلك الضيق والضنك على مدى تلك السنوات ومقابلة ذلك الجحود بمزيد من الولاء والحب لهذه الأرض الطيبة .

موقفي من المظاهرات لا يختلف عن موقف أهل السنّة والجماعة تجاهها فهي طريقة غير شرعية للمطالبة بالحقوق وما تات به من المفاسد أكثر مما تأت به من المصالح غالبا ، ولكن عجبت أشدّ العجب من بعض من تناول خروج البدون في المظاهرات من جانب واحد وألقى اللائمة كل اللائمة على البدون في أنهم مخطؤون بخروجهم ذلك وأنهم سيتسببون في خسارة قضيتهم العادلة وأنهم سيخسرون وقوف المنصفين معهم ودعمهم لقضيتهم وغيرها من التهم التي وجهت لأبناء تلك الفئة الذين أخرجهم الغضب والسخط على ما آلت إليه أوضاعهم ...وكأن أصحاب ذلك الموقف كانوا متشطرين بموقفهم ذلك على البردعة ... متناسين - أجلّكم الله - الحمار ... كما يقال في المثل المصري ..

أعتقد أن تداول القضية كان ينبغي أن يكون من جهتين :

الأولى : التنبيه على ضرورة الصبر والدعاء والعودة إلى الله عزّ وجل وتكثيف المطالبات عبر القنوات الشرعية .

الثانية : وهي التي كان ينبغي أن يكون التركيز عليها أكبر لا سيما ممن لهم صوت مسموع من رجال الدين في البلد ، وهو التركيز على السباب التي أدت لذلك الخروج والانتباه للفعل ابتداء لا لردة الفعل التي جاءت هذه المرّة أقل من الفعل قوة ولكنها قد لاتكون كذلك في المرّات القادمة .

كان ينبغي على كل كاتب منصف وشيخ واع أن يعرج على الظلم الواقع على هذه الفئة والذي ربما - وأقول ربما - يكون سببا في محق البركة في هذا البلد وتلاحق المصائب والأزمات تلو الأزمات إذ أن الله لا يرضى بالظلم ودعوة المظلوم لا ترد .


اللهم احفظ بلادنا من كل مكروه ..