وقعة المجللة بين قبيلة حرب وعنزة معركة دامية بين القبيلتين . كان ابن
هذال قد نزل الحناكية في الخريف بعد جداد النخل فنزلت اليه احياء من
حرب منهم بنو على من مسروح ، وكان لعنزة شباب فيهم نزوة ونزق
فوردت البئر بنت ابن دهيم من روساء بني على من حرب فملات القربة
وطلبت من احد الحاضرين على البئر ان يحمل عليها القربة وكان من شباب
عنزة فحمل القربة حتى اذا استوت بها رفع ثوبها من الخلف وعلقه في
مؤخرة القربة فانكشف ثوبها عن سوأتها وعندما غادرت البئر كانت
عورتها بادية لكل من له عين تبصر فصاح الناس بها تستري ياحرمه فقالت
اذا كان لي رجال يسترونني وكانت قد قالت لابيها انك مجاور لا كما يجاور
العربي العربي ولكن جوار ذل وخضوع فما كادت تجد هذه حتى عرضت
على المجلس وكان فيه ابوها وابن هذال وكبار القوم فلما اقتربت من
المجلس انحرفت بحيث تبدو لهم عورتها فلما رأوها اسودت وجوه من
حضر من حرب وتفرق المجلس . واحيلت القضية الى ابن طريف من بني
على من حرب وكان قد وصل مقاما بين القبائل في القضاء حتى ضرب به
المثل القائل ( مصدرة من عند ابن طريف ) فالقضية التى يحكم فيها غير
قابلة للنقض من بقية قضاة البادية . وصدر حكم ابن طريف بقطع يد الفاعل
ولكن عنزة رفضت ذلك وساومت في شراء اليد بعشر من الأبل فرفض ابن
دهيم فتنافر القوم فرحلت حرب حتى نزلت وادى الحسا من العقيق وجهز
ابن دهيم المجللة وهي أول مرة وأخر مرة تجهزحرب فيها مجللة. ذلك لان
المجللة لا تجهز الا في الضيم الاعظم والمجلله عبارة عن ذلول تلبس
بالسواد كل ما عليها ويلبس راكبها السواد حتى تبدو وراكبها كتلة سوداء .
وقال ابن دهيم لمرسوله اذهب وطف على امراء حرب ومن اراد تبيضها
فقل له انه لا قبل لك بذلك فطافت الذلول على بعض امراء حرب حتى وصلت
الى ابن عسم في خليص فلما راها ابن عسم خرج اليها فأناخها بنفسه فأمر
العبيد ان يبيوضها فقال له المرسول ليس بامكانك القيام بذلك فلم يجبه ابن
عسم وامر العبيد بدق زير الحرب ( وزير الحرب يسمع على مسافة تصل
الى 40 كلم ) وامر ابن عسم العبيد بذبح 40 راس من الغنم على فترات
متفاوتة ليستمر الطبخ حتى شروق الشميس وهو موعد وصول آخر من
يسمع زير الحرب.وكانت من عاداتهم ان من يكون اخر من يصل اليه صوت
زير الحرب يرسل من عنده الى من لايصل اليه الصوت يخبره بذلك النذير
الذي لا يدق الا في الازمات. وعلى هذا الصوت تجمعت حرب من من الجبل
الى البحر في حدود سماع صوت زير الحرب وما ان اصبح الصباح حتى
تجمع حول منزل ابن عسم في خليص عشرات الالوف المدججين بالسلاح
ولم يكن ابن عسم قد سأل المرسول من أين اتي وما الذي جاء به ، وسال
ابن عسم ضيفه اين تنزل ياحربي فقال الحسا فقام ابن عسم فقال لقومه
موعدكم وادي ملل فتفرق القوم فقال لضيفه اذهب وانتظرنا بعد 15 يوم في
الفريش ، فرحل ابن عسم الى وادي قديد وكلية والنويبع والفرع وعمل بها
مثلما فعل في وادي خليص من دق زير الحرب . وفي هذه الثناء غارت
عنزة على قبيلة حرب الموجوديين في الحسا والعقيق واجلتهم الى ملل .
وارسل ابن عسم الى امراء حرب ان يحملوا كل مالديهم منال الذخائر
والبارود والسلاح على دابة متوفرة فحملت الجمال والحمير حتى شوهد
النساء في قوافل متراصه وعلى رؤسهن اكياس البارود . ولم تعد تكفي
الدواب لحمل الرجال فاكتفى الكثيرين منهم بالاشتراك في بعير واحد
يحملون عليه زادهم وماءهم ويمشون خلفه ، فضل جمل لحرب في العقيق
فوقع في يد عنزة فنظر شيخ من عنزة الى البعير وهاله ما على البعير من
قرب فارغة علق بعضها فوق بعض فقال عدوا القرب فعدوها فاذا هي
سبعين بدرة ( البدرة اصغر من القربة ) فقال اذا كان كل بعير لحرب يمشي
خلفة سبعون رجلا فاين تذهب عنزة. كان ابن هذال في ذلك الوقت لا يزال
في الحناكية فأراد ابن عسم ان يفاجئه فطلب من قبائل بنى عمرو من حرب
ان تطوق قبائل عنزة المتوغلين في ديار حرب وتمنع وصولهم الى شرق
المدينة المنورة . فلما وصل ابن عسم الى الحسا هاجم قبائل عنزة
الموجديين هناك وقبض على الشاب العنزي مثير الفتنه وبعض اقرابه
فاعدهم وواصل سيره شرقا حتى اقترب من الحناكية في منتصف الليل فامر
كل رجاله ان يطلقوا النار في الهواء فاستيقضت بنت ابن هذال فأيقضت
اباها قائلة قد جاء برق الخريف من الغرب فقال لها ابوها ان برق الخريف
لا يكون في منتصف الليل ولكنه البارود فقد صبحتنا حرب وايقظ قومه
وارسل النجائب الى كل فريق عنزة ودارت المعركة في اليوم التالي ولا يعلم
احد كم ظلت هذه الحرب غير انه من المؤكد نظرا لقوة القبيلتين انها لم
تنتهي في ايام قلائل ودارت الدائرة على عنزة وجلت من الحناكيه وملكت
ديارهم واموالهم قبيلة حرب ومن الغنائم التى لا تزال ( نجر ابن هذال ) لا
يزال موجودا عند ابن هنود الربيقي من بني عمرو من حرب. ومن شواهد
تلك الحرب ريع مفرح وفيه قتل مفرح ولد ابن دهيم ووادي النساء شمال
شرق الحناكية سمي بذلك لان نساء من عنزة ضللن فيه فقتلهن العطش .
وقد انساحت عنزة بعد ذلك شرقا نواحي القصيم . اما قبائل عنزة الموجديين
بين خيبر وتيماء فهذه ديارهم من الاصل ولم يشتركوا في الحرب مع ابن
هذال .
وكان لعنزة عبد متزوج من جارية من حرب ولديهم غنم قليلة فاراد النزوح
مع عمانه فرفضت زوجته وبعد جلاء عمانه قال قصيدة طويلة
امس الضحي عديت في راس مزموم تومي بي الارياح شـرق وشامـي
ماكر حرار مـا يوقـع بـه البـوم كود العقاب الصيرمـي والقطامـي
ابكي هلي يا نـاس مانيـب مليـوم واظن من يبكي هلـه مـا يلامـي
ماهو على غرو به الـدق بأوشـوم على الشيـوخ امتيهـن الجهامـي
من طاوع الثنتين يصبر على اللـوم يصبر على فرقى الاهل والعمامـي
هذى مرابـط خيلهـم دايـم الـدوم حقب العيون مروبعـات الهوامـي
يركب عليهم بالقـى كـل شغمـوم من ربعي اللي ما وطوا بالملامـي
علمي بهم شدوا من الـواد ابـو دوم مستجنبيـن امطيـرات العسامـي
وخلاف ذا ياراكـب فـوق منسـوم يقطع قراريس الرسن والخطامـي
ملفاك عمي ناقل الغيـض والـزوم زيـزوم ربـع كالجـراد التهامـي
على ركايا الرس والـداث ملـزوم على ركايا الرس يبنـي الخيامـي
ردوا سلامي عد ما فات مـن يـوم باكتاب منـى يالوجيـه الكرامـي
بسجله صفحة من الحبـر مرشـوم الى العمام انهيـت غايـة كلامـي
لكم اشتكي من ضيم الايام وهمـوم ومثلك لعين اللي شكالـه ايحامـي
يقول ابن هذال :
ياركب الي نيهـا يكبـس الكـور""مايلحـق المدمـول نابـي قراهـا
تمشي من النقرة على شقة النـور""والعصر بالخبراء تثنـي عضاهـا
لياجيت لي عقاب وحجاب وسرور""قل أفزعـو قـدام يسكـر هواهـا
ياديلاتي برق المحفر مـع القـور""بالقيظ نشرب من شهاليـل ماهـا
يامابنينـا دونهـا بنيـة السـور""ويما طردنا ضدنـا عـن حماهـا
واليوم غيم جوهـا بـر وبحـور""وصار الثميدي هورعدها وماهـا
الحربي الي ديرتة من ورء الغـور""داري ودارك يلعمـاري ولاهــا
يضدنا ضد الطغـم قـدم بابـور""ويسوقنا سوق الجمـال بعصاهـا
ياعقاب مانصبر على الغبن والجور""النار في كبـدي تزايـد لضاهـا
هبـت هبايبهـم ومشالـهـم دور""وتـرء اليـال أدور الـي بغاهـا
وفي قصيده ثانيه لأبن هذال :
صالوا علينا حرب فوق الأصايل .......وطاح الصويب وراح ينقل صوابة
صالوا علينا منزحين القبايل ............ليا ثار بأطراف المرجس ضبابة
ومن الحناكية تشيل الرحايل ...........وتذكر يوم في شعيب الغرابة
ويذكر رواة بنى على من حرب انه حصل خلاف بين الفروم من بنى على
وبين شيوخ عنزة آل هذال قبل وقعة المجللة فاستطاع الفروم ان ياسروا
الشيخ جديع بن هذال فجمعت عنزة جموعها واستطاعت تخليص الشيخ
جديع بن هذال من الآسر وبعد فترة احتال ابن هذال على الفروم حتى تمكن
منهم فتل كبارهم ونجا اصغرهم واسمه محسن فسمي شريدة الفرسان ومن
شواهد هذه القصة انه حصل خلاف بين العمارات جماعة الشيخ ابن هذال
وبين ظنا عبيد من عنزة فقال شاعر من قبيلة ظنا عبيد يخاطب ابن هذال
ويذكره بدور جماعته في انقاذه من الآسر
يـا ناقليـن العلـم ودوه هـزاع والشيخ اخو بتلا تعمـه ملامـه
نسيت يوم جديع يشبـك وينبـاع ويقاد قود السلف فـي خزامـه
حينا لفينا علـى كـل مطـواع واللى فزعنا له كربنـا حزامـه
ترى السلف بين المخاليق بالصاع ولا اريد لك نفعٍ نهـار القيامـه
المفضلات