.



كُل عام وأنتم بألف خير


عام بأكمله أنصرم ، زاد عمرنا عام ، ونقص عمرنا عام
ليس هذا ما أود قوله ولكن أتساءل في ذاتي بأيهما نبتهج يا ترى !!
هل بالعام الذي زاد ومر .. وأضاف إلى رصيد سنين أعمارنا رقما ؟!
أم بالعام الذي نقص وحضر.. وخصم من المتبقي لنا رقما ؟!
تحديد الاجابه أستطيع نعته بأنه ((السهل الممتنع)) ولكن دعونا نرى ماذا جرى
عام يرحل بكل مافية من خيبات وهزائم وأفراح وأحزان فاسحا المكان لعام جديد
لاندري ماذا يخبئ لنا في ثناياه .. ماذا ينتظرنا فيه ؟! وماذا يحمل لنا في طياته ؟!
فالكثير يعاني من عدة أمور تؤرق منامه وتوقظ كوابيس الصحوة فيه
وأكثر من جيل في وطننا العربي يحمل الهم ذاته والقلق ذاته والإحباط ذاته
فمازالت الهموم كما هي لم تتغير وكأنها تطبق المقولة القائلة (( مكانك سر ))
ومازالت التطلعات والأهداف والآمال والأحلام كما هي ... للأسف !!!
حتى أحلامنا الصغيرة تتآكل كما يأكل الصدأ الحديد وتتلاشى عن أعيننا شيء فشيئا
وكل ذلك بسبب ماذا ؟؟؟
لعلي أبرر السبب الرئيسي وراء تلك الزوابع المتتابعة هو (( قسوة الأيام وحدتها ))
فلم تعد الأيام كما كانت وكما عهدناها ..
لم تعد عظيمة ... ثائرة ... متمردة .. هادرة كما كانت
ومع مرور الأعوام تنتهي أحلام وآمال كنا نحلم بها ونتمنى تحقيقها في أرض الواقع
لم يعد حلمنا القومي كما كان ... ولم يعد مبدعونا كما كانوا ... ولم يعد كتابنا وشعراؤنا كما كانوا
ولا حتى قادة الرأي .. فالكل تغير كما تغيرت الأيام ومضت السنون
حتى ظروف حياتنا اليومية تغيرت متمثلة في تغير الأسعار والأخلاق والتعاملات و.. و... الخ
ثمة تغير حاد يحدث في وطننا العربي بأسره من المحيط إلى الخليج ومن أقصى الشرق إلى أقصى الغرب وهو تغير حاد ملحوظ بالعين المجردة يمس بالدرجة الأولى عصب حياتنا بل وأطرافها أيضا
فنجد قيم تتغير ومبادئ تتلون وتعقيدات حياة تتراكم الواحدة تلو الأخرى وأزمات تحتدم وسلام مسلوب وحقوق ضائعة وحريات مفتقرة ونزاعات تتوسع وتتفاقم لتصبح كالداء العضال الذي يصيب الجسم بالوهن .
ولا يبدو في الأفق حلم واضح بالخلاص إلا أمل واحد لا طريق غيره فإما هو أو لا يجد بديل نستطيع أن نستعيض به عن ذلك الطريق ألا وهو أن يستمر جيل كامل في التضحية وينسى جميع أحلامه التي ولدت وكبرت معه .. أن ينسى أمانيه التي لطالما تمنى أن تتحقق ويجني ريعها ويهب عمره لجيل جديد قادم
يجب على جيلنا أن يعصر عمره كي يعلم جيل قادم .. جيل سوف يحكم الأرض ويقوم عليه جيل لاحق فإذا صلح هذا الجيل صلحت كل الأجيال اللاحقة فهي وظيفة تستخلف من جيل لآخر
يجب على جيلنا المتمثل بالعلماء والمعلمين على اختلاف مراتبهم ودرجاتهم العلمية ومهما بلغوا في العلم من باع أن يوسعوا مدارك الجيل القادم وآفاقه ويرتقوا بذوقه ووجدانه
وبذلك يتحمل الجيل القادم الأعباء لذلك يجب أن يعلموا أن الاقتصاد هو مخ السياسة والمحرك لها وأن من يطعمك يمكنه أن يقهرك !!!
وليعرف أيضا أن الفن هو ارتقاء .. وثقافة .. وأن الثقافة هي التي تمنح الإنسان قدره على فهم أوسع وأعمق لحركه الحياة حوله بكل ما فيها من متضادات ومترادفات
جيل بأكمله عليه أن يعوض عن قصور مؤسسات التربية والتعليم التي تكتظ بالطلاب وعن نقص المدرسين المؤهلين فيجعل من المنازل قاعات تعليم مستمر
فيصبح البيت مؤسسة تعليمية بحد ذاته يقع على عاتقه الكثير والكثير في تقويم جيل كامل مدركا خطورة ترك أجيالنا القادمة فريسة سهله لاجهزه التلفاز ووسائل الإعلام اليومية بجميع أنواعها المرئي منها والمسموع والمقروء والإنترنت تلك الشبكه الواسعة النطاق والتي تعتبر عالم بحد ذاتها وكل ما من شانه اغتيال حلم قادم
لان لذلك أثر واضح في أكل عقل ذلك الجيل وتشكيل ثقافته ورؤيته
جيل بأكمله مطلوب منه أن يفتح حوارا ونقاشا مع الجيل القادم ويعلمه بأن الحوار هو جسر انتقال الأفكار بين العقول الناضجة المتحضرة
فما أجمل الحوارات والنقاشات الهادفة والجادة في معالجة قضايا مجتمع كامل !!!
أيضا أن الإقناع العقلي هو الفارق بين عقل الإنسان وقوه الحيوان
لذلك على جيل بأكمله أن يهب عمره وخبرات حياته وفشل أحلامه إلى الجيل القادم كي لا نتحسر بعد ذلك على أعوام مضت .



كل عام وانتم بخير
وسنة هجرية مباركة وسعيدة على الجميع

ريـــم





.