السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله وحده ، مذل الجبارين وقاهر المتكبرين وهازم كل من عادى هذا الدين .. والصلاة والسلام على سيد الثقلين محمد بن عبد الله خير الخلق أجمعين أرسله الله نوراً يهدي به من يشاء إلى صراط مستقيم أما بعد ..

فإن أغلى ما يملك المسلم دينه ، وأسمى ما يدافع عنه عقيدته ، وأفضل ما يعتز به إيمانه ، ولما كان الدين أغلى شئ ، والعقيدة أسمى شئ ، والإيمان أعز شئ .

فوجب على المسلم أن يعادي كل من عادى هذا الدين ، وأن يبغض كل من أبغض هذا الدين ، وأن يقاتل ويفتك بكل من أراد أن ينال من هذه العقيدة ، أو حاول أن يمس هذا الإيمان .
وإن من أعدى أعداء هذا الدين ، اليهود والنصارى ، فهم يكنون في صدورهم البغض والكراهية للإسلام والمسلمين ويتربصون بنا الدوائر ، ويخططون ويدبرون ليلاً ونهاراً للقضاء على هذا الدين ، ولإخراج المسلم من دينه .. قال تعالى (( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم )) .
فالعداوة متأصلة في القلب ، والحرب حرب عقيدة ، وهم يتربصون بالإسلام الدوائر مهما ظهر منهم من ود ومحبة ولطف في المعاملة ، وبشاشة في المقابلة ، فأصل العداوة في قلوبهم ، ولن تنتهي الحرب ، ولن يتلاشى البغض إلا بالقضاء على الإسلام والمسلمين بزعمهم . والله غالب على أمره ولو كره الكافرون .

· وإن من العجب كل العجب أننا نرى ممن ينتسبون للإسلام من يوالي اليهود والنصارى .. ويتودد إليهم ويظهر المحبة لهم .. ويكن لهم في صدره الاحترام والتقدير .. ويتعاون معهم في علاقات اقتصادية .. وتعاملات مادية .. وعلاقات جيرة .. نسأل الله العافيه والسلامة .. ويكون ذلك على حساب موالاة المؤمنين .. حتى وصل الأمر ببعضهم إلى نبذ المسلم صاحب العقيدة السليمة .. وتقريب اليهودي والنصراني وتفضيلهم .

· قال تعالى (( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين )) .

فهذا نهي صريح من الله تعالى لكل مؤمن ، يؤمن بالله رباً وبالإسلام ديناً ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً ، ألا يتخذوا اليهود والنصارى أولياء يتقربون إليهم ويفضلونهم على المسلمين .
فبعضهم أولياء بعض فهم أصحاب ملة واحدة ، وهي ملة الكفر ، فمن والاهم فهو منهم ووقع في ملتهم ، وصار حكمه حكمهم ، وأصبح من أهل عقيدتهم ، وإن لم يغير اسمه وإن استمر على مخادعته ، وإن لم يعلن خلع ربقة الإسلام من عنقه ، فقد خلعت وإن لم يعلنها ، وخرج من الإسلام ، وإن ادعى أنه من المصلحين ، فهو من ألد أعداء الدين ، ومن الذين يلبسون على الناس دينهم ولا شك في كفره .
قال ابن حزم الظاهري رحمه الله :
(( صح أن قول الله تعالى : (( ومن يتولهم منكم فإنه منهم )) إنما هو على ظاهره بأنه كافر في جملة الكفار ، وهذا حق لا يختلف فيه اثنان من المسلمين ... )) .
ويقول الحافظ ابن كثير رحمه الله :
(( ينهى تبارك وتعالى عباده المؤمنين عن موالاة اليهود والنصارى الذين هم أعداء الإسلام وأهله قاتلهم الله ، ثم أخبر أن بعضهم أولياء بعض ، ثم تهدد وتوعد من يتعاطى ذلك فقال : ( ومن يتولهم منكم فإنه منهم ) .

· وعن عياض أن عمر بن الخطاب أمر أبا موسى الأشعري رضي الله عنهم أن يرفع إليه ما أخذ وما أعطى في أديم واحد . وكان له ( أي لأبي موسى الأشعري ) كاتب نصراني ، فرفع إليه ذلك فعجب عمر وقال : إن هذا لحفيظ . هل أنت قارئ لنا كتاباً في المسجد جاء من الشام . فقال : إنه لا يستطيع . فقال عمر : أجنب هو ؟ قال : لا ، بل نصراني . قال : فانتهرني وضرب فخذي ثم قال : أخرجوه ثم قرأ : (( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء )) .
· وقال عبد الله بن عتبة : ليتق أحدكم أن يكون يهودياً أو نصرانياً وهو لا يشعر .
وقوله تعالى : (( فترى الذين في قلوبهم مرض )) . أي شك وريب ونفاق (( يسارعون فيهم )) أي يبادرون إلى موالاتهم ومودتهم في الباطن والظاهر .

· وقال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله :
(( من تولى اليهود والنصارى من دون المؤمنين فإنه منهم . أي من أهل دينهم وملتهم . فإنه لا يتولى متول أحداً إلا وهو به وبدينه وما هو عليه راض . وإذا رضيه ورضي دينه فقد عادى ما خالفه وسخطه وصار حكمه حكمه )) .

· فالعجب كل العجب أن نجد من المنتسبين إلى الإسلام .. والمحسوبين أنهم من أتباعه .. من يوالي اليهود والنصارى .. فأي دين عند هؤلاء المارقين من الإسلام ؟؟ أي عقيدة عند هؤلاء الخارجين عن الإيمان ؟؟ أي غيره عند هؤلاء المتبلدين .. الذين مات عندهم الحس .. وانعدم عندهم الشعور .. وماتت فيهم الرجولة والنخوة ؟؟
فما هو والله إلا الركون إلى الدنيا .. وخيانة الأمانة .. والردة والانتكاسة .. أيبتغون عندهم العزة ؟!!

كلا والله فإن العزة لله ولرسوله للمؤمنين .. فلن ينالوا إلا الخزي والعار .. والذل والمهانة .. وخسران الدنيا والآخرة .

· وما نحن فيه اليوم من تسلط اليهود والنصارى علينا .. ومن سلب مقدساتنا .. ومن سفك دماءنا .. وانتهاك أعراضنا .. والاستخفاف بمحرماتنا .. ما ذلك كله إلا بسبب الإعراض عن كتاب ربنا وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم والوقوع في موالاة أعداء الله تعالى من الكفرة واليهود والنصارى واتخاذهم أولياء من دون المسلمين .. واتخاذهم أصدقاء وأحباباً وأخلاء ..
قال تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون )) .

يقول ابن العربي رحمه الله : (( فالمقصود بالبطانة إذن : المقربون لدى الشخص ، فالمسلمون لا يجوز لهم اتخاذ الكافر – سواء أكان فرداً ، أم جماعة ، أم دولة – بمنزلة صاحب السر ، بحيث يقرب ويعظم ويرجع إليه في عظائم الأمور ومهامها ، ويفضي إليه بأسرار المسلمين )) .

وفي تفسير ابن جرير الطبري رحمه الله :
(( وكل ذلك يعد موالاة دون ريب .. وقد يكون كفراً إذا اختصهم دون المؤمنين .. ورأى أنهم أوثق وأجدر منهم ، أو حرضهم ضد المسلمين .. ويلحق بذلك اتخاذهم أصدقاء مخلصين )) .

وبعد اخوتي اسأل الله تعالى أن يحقق بهذه الأسطر البسيطة الثمرة المرجوة من :


1- صرف ( الولاء ) لله تعالى .. ولدينه .. ولكتابه العزيز .. ولرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم .. ولعباده المؤمنين .. قال تعالى : (( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا .. )) الآية .
و ( البراء ) من اليهود والنصارى والكفار والملحدين ومن ملل الكفر أجمعين .

2- وأن يعلم المسلم طبيعة المعركة التي يخوضها مع اليهود والنصارى .. إنها معركة عقيدة .. وليس كما يتوهم بعض المنخدعين أن القضية قضية أرض وحدود .
فهم يحاربوننا من خلال عقيدة .. وإن كانت فاسدة .. وعندهم هدف .. وإن كان غير نبيل .. وعندهم منهج وإن كان غير قويم .

3- وأن يوقن المسلم بعداوة اليهود والنصارى .. وأنهم يكنون لنا في قلوبهم البغض والكراهية .. ويتربصون بنا الدوائر .. كيف لا وهم الذين افتروا على الله الكذب .. وهم الذين بغضوا النبي صلوات ربي وسلامه عليه .. وسمّوه .. وحاولوا قتله أكثر من مره وهموا بما لم ينالوا .

وما زال مسلسل المؤامرات الخبيثة على الإسلام والمسلمين مستمراً في محاولة للفتك بالمسلمين .. واخراجهم من دينهم واضلالهم .

ولكن الأمل في الله تعالى عظيم .. ثم في هذه الصحوة المباركة التي تبشر بمولد فجر جديد .

عسى الله سبحانه وتعالى أن يكشف الغمة عن الأمة .. وأن يردها إلى دينه رداً جميلاً .. وأن تعود لهذه الأمة عزتها وكرامتها في ظل خلافة رشيدة .. منهجها وشريعتها كتاب الله عز وجل .. وإمامها وقدوتها محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم .. وأن يهئ لها أمر رشد يعز فيه أهل الطاعه ويذل فيه أهل المعصية ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر .. هو ولي ذلك والقادر عليه .. (( إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب )) ..(( فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد ))
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .


الفوائد

أختكم ............ تذكار