كثرة الحديث عن الفضيلة والأخلاق الفاضلة في عالمنا اليوم
يدل لنا أن هناك نقصاً كبيراً في تواجد أهل الفضائل..
فما تحدثنا عن شئ إلا لأننا نحتاجه ونرقب به أكثر..
وربما نفتقده كثيراً..
فأعلم أن هناك الكثير من يتحدثون عن الفضيلة يعلمون أنهم قد فقدوا ثقة
من يستمع لهم لكثرة حديثهم وترددهم في كثرة نصائحهم ..
ليس لسبب شخصياتهم أو أشكالهم وألوانهم.. وأنما بسبب كثرة
المتحدثين عن الفضيلة وكأن الجميع قد أصبح من أهل الفضيلة والأخلاق
الفاضلة.. وهذا ما لا يمكن تصديقه أو الإيمان به.. !!
لأننا أعتدنا على وجود كثرة أهل الأخلاق الرذيلة سواء من خلال
ما نسمع عنه أو من خلال لقاءنا بهم..
وهذه هي معركة الخير والشر منذو الأزل.. معركة الفضائل والرذائل
أنصار الفضيلة وأنصار الرذيلة.. ولولا ما وضع الله الخير والشر معاً
لم نستطع أن نختار أو نفرق بين الخير والشر..
فلو كان كل شئ في هذه الحياة شئ فضيل لأصبحنا الآن في الجنة..
ولكن هذه هي طبيعة الأشياء..
وطبائع أهل المتحدثين عن الفضيلة وصدقها طبائع لا يدركها إلا خالقها لأنه أقرب
إليهم من أنفسهم..
قد تجد هناك من يتحدث عن الفضيلة وهو لا يعرف عنها شيئاً لمجرد
بضعة كلمات يحفضها ويرددها على العامة سواء لكسب ودهم ومحبتهم
أو ليبين أنه أفضل من الجميع وكان بهذا ليظهر لهم أنه إنساناً عظيماً
مع أن من في بيته يدرك حقيقته ويعلم ما لم يعلم عنه غيره من رذيلته..
وهناك من يتحدث عن الفضيلة لأنه يراها في نفسه ويشعر بها فهو
عاش فيها منذو صغره وكأن ربه أراد له ذلك.. سواء عن طريق تربيته
من أهله أو عن طريق روحه الطاهرة التي أودعها به ربه..
فكثيراً يجد أن هناك أشياء كثيرة تلهمه من قلبه أو روحه للحديث عن
الفضيلة وهذا هو سبب وصولها للقلوب الأخرى..
وهناك متحدث عن الفضيلة وسط حشود من المتحدثين عن الفضيلة
ليشعر أنه مثلهم أو ليبين لهم أنه فاضل من فضيلتهم ويتحدث مثلما يتحدثون
أو ليحصل على غرضاً من الأغراض أراده بشدة.. مثل أولئك الذين جعلوا
من أشكالهم حجاباً لتحقيق أغراضهم سواء عن طريق لحيّةُ ربوها أو
ثوباً قد رفعوا منه حتى بان ما تحته ليظهروا أن أقوالهم توافق أفعالهم..
وهناك متحدث رسمي عن الفضيلة مبعوث من سنة نبيه ويعرفه الجميع
ويدركون مدى صدقه في فعله وقوله بل يرون في وجهه كما جاء في كتابه
تعالى سيماهم في وجوههم.. فهو يفرض عليك حبه واحترامه من النور
الذي أودعه به ربه.. فهو إنسان فاضل ونبيل فيجب أن يرتقي إلى أعلى
الأماكن في نفوس البشر بعد أماكن الله وروسوله في نفوس العباد
لأنه أراد خيراً للناس ولم يطمع بشئ غير أنه أتبع سنة نبيه وفضائل
أصحابه الفاضلين ليرقد بعدها طامعاً برضى وقبول ربه..
فالفضيلة أمراً ضرورياً لتطهير النفس أو الروح وتعليمها علم النقاء والطهارة
ليظهر منها ما يجب عليها منذو وقت وصولها إلى جسد صاحبها..
وأن تتحدث عن الفضيلة أجمل وأطهر من أن تتحدث عن الرذيلة
بعيداً عن صدقك وطهارتك.. لأن هذه الأشياء يعلم ربك بها أكثر
من الناس ومنك.. ولك منه ما تستحقه من حساب يوقعه عليك..
لهذا لا علينا ما تخفيه نفوس بعضهم وقت حديثهم عن الفضائل وفضائلهم
فربّـهم بها أعلم منّا ومنهم.. فالأهم أننا نسمع ونشعر أن هناك
مازال الكثير من يتحدث عن الفضيلة ويدعوا إليها..
فربما تهتدي نفساً من نفوس السامعين وتستمع سماع الروح للجسد
فتأخذ بما سمعت وتفعل بما أخذت فتكون نفساً صالحة..