http://img358.imageshack.us/img358/9318/76yl.jpg
عرض للطباعة
[ALIGN=CENTER][TABLE1="width:95%;background-color:black;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
{رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِي مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [نوح: 28].
16- {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 127-128].
17- {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ} [إبراهيم: 40].
[/ALIGN][/CELL][/TABLE1][/ALIGN]
[ALIGN=CENTER][TABLE1="width:95%;background-color:black;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
{لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 87].
[/ALIGN][/CELL][/TABLE1][/ALIGN]
لماذا لا يستجيب الله دعاء كثير منا على الرغم من الدعاء ليلاً نهاراً، بينما نجد أن نبياً مثل يونس وهو في بطن الحوت قد استجاب الله له؟
لنقرأ هذه المعلومات التي نحن بحاجة ماسة لها في مثل هذا الزمن....
هل تخيَّلت يوماً ما أن تُلقى في ظلمات البحر فيلتهمك حوت عملاق يزن أكثر من مئة طن؟ ماذا ستفعل، ومن ستنادي، وهل تتصور بأن من تناديه قادر على الإجابة؟! هذه تساؤلات خطرت ببالي عندما كنتُ أتأمل قصة سيدنا يونس عليه السلام، مقارنة بواقعنا وما نراه اليوم من واقع يعيشه المسلمون، لم يعد لديهم إلا الدعاء لعلاج مشاكلهم، وعلى الرغم من الدعاء لا نجد الاستجابة السريعة من الله تعالى، ربما لأننا فقدنا الإخلاص.
الدعاء يا أحبتي له شروط ومن أهم شروطه أمران: الإخلاص والعمل، فالإخلاص يعني أننا نتوجه بقلوبنا وعقولنا إلى الله وحده أثناء الدعاء، وحتى نصل لهذه المرتبة ننظر إلى سلوكنا، هل تصرفاتنا وأعمالنا وأقوالنا ترضي الله، ولا نبتغي بها إلا وجه الله؟
أما العمل فيعني أننا نستجيب لنداء الخالق تبارك وتعالى، فندرس ونتعلم أسرار الكون والطبيعة وأسرار النفس، ومن ثم نفكر بطريقة علمية نطوّر بها أنفسنا، فتكون كل أعمالنا لله ومن أجل الله، عندها سيُستجاب الدعاء إن شاء الله.
ولكن المشكلة أن معظم المسلمين فقدوا الإخلاص والعمل، ولم يبقَ لديهم من أسباب استجابة الدعاء إلا المظاهر، ولكن القلوب هي الأساس. فالله تعالى لا ينظر لأشكالنا ولا لصورنا، ولا ينظر لمراكزنا في الدنيا، بل ينظر إلى قلوبنا، فهل قلوبنا نقية مثل قلب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؟
هل نحن متواضعون مثل تواضع الحبيب الأعظم عليه الصلاة والسلام؟ هل نتقرب من الفقراء وندنو من المساكين كما كان سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم؟ ماذا عن انفعالاتنا، هل نغضب لغضب الله ونرضى لرضاه عز وجل؟ وهل نشعر بمعاناة إخوتنا في الإيمان؟
والله لو طبَّق المسلمون حديثاً واحداً من أحاديث النبي، لكانوا أسعد الناس وأقوى الناس، وذلك عندما قال: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، فهل فعلاً تحب لأخيك ما تحبه لنفسك؟ للأسف هذا الحديث يطبقه اليوم الملحدون في الغرب، فتجدهم يتعاونون من أجل تحقيق مصلحة دنيوية، أفلا نتعاون من أجل مرضاة الله تبارك وتعالى؟
كل هذه الأشياء يا أحبتي تذكرني بذلك الموقف الصعب الذي أحاط بنبي كريم من أنبياء الله وهو سيدنا يونس عليه السلام، عندما قُذف به في البحر ليلاً، فالتقمه الحوت، فعاش لحظات في ظلمات متعددة: ظلام الليل، وظلام البحر، وظلام بطن الحوت، ولكنه لم ينسَ ربَّه فكان يسبح الله وهو في بطن الحوت، ونادى نداء عظيماً، يقول تعالى: (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) [الأنبياء: 87]، طبعاً (َذَا النُّونِ) هو النبي يونس، عندما غضب على قومه وتركهم دون أن يأخذ الإذن من الله وظن أن الله لن يبتليه ويختبره ويمتحنه ويقدر عليه، ولما وقع في هذا الموقف الصعب نادى الله تعالى بدعاء عجيب وهو: (لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)، هذا هو دعاء الكرب!
ونحن يا أحبتي اليوم ينبغي أن نتذكر هذا الدعاء وأن نكثر منه، عسى الله أن يكشف عنا الضر ويعطي كل إنسان مسألتَه، وينجينا من الغم، ولذلك فإن الله تعالى استجاب مباشرة لسيدنا يونس، ونجاه من الغم، لماذا؟ لأنه كان مؤمناً حقيقياً بالله تعالى، يقول تعالى: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) [الأنبياء: 88].
http://www.kaheel7.com/userimages/wh...acle_yonus.jpg
صورة رائعة عرضت على موقع ناشيونال جيوغرافيك، ونرى فيها الحوت بقرب إنسان بالحجم الحقيقي لكل منهما، وهنا أود أن أتذكر قصة سيدنا يونس عندما ابتلعه الحوت، انظروا إلى هذا الحوت إلى حجم فمه وكيف يمكنه ابتلاع إنسان بسهولة، ولكن سيدنا يونس كان من المسبحين فقال: (لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) [الأنبياء: 87]. إن هذا الدعاء كان سبباً في نجاة سيدنا يونس من هذا الغم، يقول تعالى: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) [الأنبياء: 88].
فيا أحبتي! هل تتصورون أن مشاكلكم وهمومكم هي أكبر من مشكلة سيدنا يونس وهو في هذا الموقف؟ إن الذي نجّى هذا العبد الصالح ببركة دعائه لربه، قادر على أن ينجيكم من أي موقف أو مشكلة تتعرضون لها، ولكن بشرط أن تتذكروا هذا الدعاء: (لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ). ندعو الله لجميع المسلمين أن يكشف عنهم الغمّ، إنه على كل شيء قدير.
بقلم عبد الدائم الكحيل
[ALIGN=CENTER][TABLE1="width:95%;background-color:black;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
"اللهم آتنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقنا
عذاب النار". رواه البخاري ومسلم.
اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والهرم
والبخل، وأعوذ بك من عذاب القبر، ومن فتنة المحيا
والممات". رواه البخاري ومسلم.
اللهم إني أعوذ بك من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء
القضاء، وشماتة الأعداء". رواه البخاري ومسلم ولفظه كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من جهد البلاء،
ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء.
"اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمةُ أمري، وأصلح لي
دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها
معادي، واجعل الحياة زيادةً لي في كلِّ خيرٍ، واجعل الموت
راحةً لي من كل شرٍّ". أخرجه مسلم.
[/ALIGN][/CELL][/TABLE1][/ALIGN]
[align=CENTER][table1="width:100%;background-color:black;"][cell="filter:;"][align=center]
فلاش نور على نور
[flash=http://www.saaid.net/flash/1221441917.swf]WIDTH=400 HEIGHT=400[/flash]
[/align][/cell][/table1][/align]
[ALIGN=CENTER][TABLE1="width:100%;background-color:black;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
{ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ *
فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا
وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ * وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ } [الأنبياء:83-85].
حال أيوب عليه السلام قبل البلاء
يذكر لنا ربنا سبحانه وتعالى في هذه الآيات جملة من أنبيائه عليهم الصلاة والسلام؛
حتى نتأسى بهم ونتبع هداهم،
كما قال لنبينا صلى الله عليه وسلم :
أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ
أي: اقتد بهدي هؤلاء، واتبعهم في صبرهم وفي تبليغهم دعوة ربهم سبحانه وتعالى.
ومنهم أيوب على نبينا وعليه الصلاة والسلام،
وهو العاشر من الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام الذين ذكروا في هذه السورة.
قال الله سبحانه:
وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَ
ا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ
فذكره هنا في الأنبياء،
وذكره أيضاً في سورة ص فقال:
وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ *
ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ
وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُوْلِي الأَلْبَابِ
فذكر لنا سبحانه في هاتين السورتين شيئاً من قصة أيوب على نبينا وعليه الصلاة والسلام،
وذكر لنا النبي صلى الله عليه وسلم في أحد أحاديثه شيئاً من قصة أيوب عليه السلام،
وذكر أهل الكتاب شيئاً من قصص أيوب عليه السلام، والله عز وجل لم يفصل قصته، وإنما أراد أن يرينا البلاء الذي ابتلي به هذا النبي،
وواضح من الآيات أن البلاء كان شديداً. ومما ذكر عن أيوب عليه الصلاة والسلام أنه كان بين إبراهيم وموسى عليهما وعلى نبينا الصلاة والسلام،
وقد كان غنياً أعطاه الله عز وجل في أرض الشام أرضاً عظيمة جداً،
وأعطاه بساتين، وأعطاه من الأنعام ومن الخيرات شيئاً كثيراً،
وأعطاه الكثير من الأبناء،
فقيل: كان له ثلاثة وعشرون ولداً، والله أعلم
وهذا مذكور عن ابن عباس وغيره،
وكانت له زوجة صالحة طيبة، فكان في رغد عظيم جداً؛
فقد جعله الله سبحانه تبارك وتعالى نبياً وجعله ملكاً في ما هو فيه من أشياء.
بلاء أيوب عليه السلام
قال تعالى:
وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ
أي: لقد مسني أعظم الضر وأشد ما يكون من البلاء الذي لا يصبر على مثله،
ولكن نبي الله عليه الصلاة والسلام صبر لأمر الله تبارك وتعالى.
وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ما رواه أبو يعلى عن أنس بن مالك رضي الله عنه،
وكذا رواه أبو نعيم في الحلية وذكره الشيخ الألباني رحمة الله عليه في السلسلة الصحيحة:
{إن نبي الله أيوب صلى الله عليه وسلم لبث به بلاؤه ثماني عشرة سنة}.
وأيوب كان قد بلغ من العمر سبعين سنة وهو على العبادة وعلى الدعوة إلى الله تبارك وتعالى،
وابتلي في هذا السن، فبعد أن صار شيخاً ابتلاه الله سبحانه وتعالى
لينظر كيف يصبر؟
قال صلى الله عليه وسلم: {لبث به بلاؤه ثمانية عشرة سنة،
فرفضه القريب والبعيد}،
يعني : ابتعد عنه القريب،
أي : الأهل، والبعيد: الجار والأصحاب . قال: (فرفضه القريب والبعيد إلا رجلين من إخوانه كانا يغدوان إليه ويروحان}.
سنة الله في ابتلاء المؤمنين
عندما ينزل البلاء تقع فتنة شديدة، والناس ينظرون لهذا المبتلى
على أنه قد فعل شيئاً، وينسون أن الله عز وجل يبتلي عباده الصالحين.
وقد جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم:
{أشد الناس بلاءً الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل،
ويبتلى الرجل على قدر دينه، فإن كان في دينه صلابة زيد له من البلاء،
وإن كان في دينه رقة قلل له من البلاء}.
فيبتلى الرجل على قدر دينه، فلا تقل عن المبتلى إنه كان يعمل شيئاً ما،
فقد يكون هذا المبتلى من الصالحين، وله عند الله درجة عالية لن يبلغها عمله،
فيبتليه الله عز وجل حتى يرتفع إلى هذه الدرجة. إذاً فلا تشمت بإنسان مبتلى،
وإذا مررت به فقل في نفسك: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلى كثيراً من خلقه،
وفضلني على كثير ممن خلق من عباده تفضيلاً،
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت السيدة عائشة رضي الله عنها تتمثل بأبيات وتقول:
إذا ما الدهر جر على أناس كلاكله أناخ بآخرينا
فقل للشامتين بنا أفيقوا سيلقى الشامتون كما لقينا
فلا تشمت بأحد أبداً، فقد يأتي البلاء على إنسان وتشمت به والبلاء
ينتظرك بعده، فلا تشمت بإنسان نزل به البلاء،
والله سبحانه وتعالى يختبر عباده بما يشاء.
قال صلى الله عليه وسلم: {فقال أحدهما لصاحبه ذات يوم:
تعلم والله لقد أذنب أيوب ذنباً ما أذنبه أحد من العالمين}
فبدأ هذا الإنسان يتشكك في الأمر، وإلا فهو يرى أيوب أمامه،
وهو نبي من أنبياء الله عليه الصلاة والسلام، ومن الصابرين،
وهو معصوم لا يكذب ولا يقع في خطيئة، فكونه يسيء الظن فيه هكذا
هذا أمر صعب. قال:{تعلم والله لقد أذنب أيوب ذنباً ما أذنبه أحد من العالمين،
فقال له صاحبه: وما ذاك؟ قال:
منذ ثماني عشرة سنة لم يرحمه الله فيكشف ما به، فلما راحا إلى أيوب عليه الصلاة والسلام لم يصبر الرجل حتى ذكر ذلك له،
فقال أيوب عليه الصلاة والسلام:
لا أدري ما تقولان غير أن الله تعالى يعلم أني كنت أمر بالرجلين يتنازعان فيذكران الله
فأرجع إلى بيتي فأكفر عنهما كراهية أن يذكر الله إلا في حق}،
يعني: كان يعمل هذا وهو عمل صالح عظيم، فلا يسيء أحد الظن أبداً في نبي من أنبياء الله عليهم الصلاة والسلام.
ولما قال له الرجل ذلك قال:
لا أدري ما تقولان؟ ولكن أعرف من حال نفسي أني كنت أمر بالرجلين
يتنازعان،
أي: يتشاتمان ويتنازعان في الشيء،
وكل منهما يحلف أنه حقه، ولا يمكن أن يكون ملكهما معاً،
فعندما أرجع إلى بيتي أكفر عن المسيء في ذلك، ولا يلزمه أن يفعل ذلك عليه الصلاة والسلام .
صبر زوجة أيوب معه في بلائه
قال:{وكان يخرج إلى حاجته، فإذا قضى حاجته أمسكته امرأته بيده
حتى يبلغ)،
وهذا من أعظم صبر هذه المرأة، فقد صبرت مع أيوب صبراً عظيماً،
وصبر هو أيضاً صبراً يضرب به المثل عليه الصلاة والسلام، وهو نبي وحق له ذلك.
وأما المرأة فكانت صالحة ، ومع ذلك صبرت مع أيوب عليه الصلاة والسلام
صبراً عظيماً قل أن تصبره امرأة مع زوجها، فكانت تخرج معه إلى حاجته، وتمسكه بيده حتى يبلغ.
معافاة الله لأيوب من بلائه
قال{فلما كان ذات يوم أبطأ عليها، وأوحى الله إلى أيوب أن اركض برجلك
هذا مغتسل بارد وشراب،
قال: فاستبطأته فتلقته تنظر وقد أقبل عليها قد أذهب الله ما به
من البلاء وهو أحسن ما كان}
أي: قد كشف الله عز وجل عنه هذا البلاء العظيم الذي كان عليه.
قال: {فلما رأته قالت: أي بارك الله فيك
رأيت نبي الله هذا المبتلى}
أي: لم تعرفه؛ لأنه منذ ثماني عشرة سنة في البلاء والآن زال عنه هذا كله فلم تعرفه،
فسألته: أتعرف أيوب هذا النبي المبتلى عليه الصلاة والسلام؟
ثم قالت : {والله على ذلك ما رأيت أشبه به منك إذا كان صحيحاً.
فقال: فإني هو عليه الصلاة والسلام)
فقد شفاه الله سبحانه وتعالى مما كان به،
وعوضه ما أخذ منه تبارك وتعالى.
قال النبي صلى الله عليه وسلم:
(وكان له أندران)
والأندر: الخزانة فيها الحبوب والتمر وغيره، قال:
(كان له أندران، أندر للقمح وأندر للشعير، فبعث الله سحابتين،
فلما كانت إحداهما على أندر القمح أفرغت فيه الذهب حتى فاض،
وأفرغت الأخرى في أندر الشعير الورق حتى فاض)
فأعطاه ذهباً وفضة على هذا الصبر، وهذا في الدنيا،
أما في الآخرة فدرجته عظيمة ومرتبته عظيمة وأجره عظيم على صبره عليه الصلاة والسلام.
وقد جاء أنهم كانوا يقولون له: سل ربك أن يشفيك فيقول:
(عافاني الله سبحانه وتعالى سبعين سنة أفلا أصبر سبعين مثلها؟ )،
يعني: إذا كان منّ علي بصحة وبعافية وبمال وبولد سبعين سنة،
أفلا أصبر سبعين سنة مثلها؟
بيان أن من الأدب عدم نسبة الشر إلى الله
قال الله تبارك وتعالى:
وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ
وهذا فيه غاية الأدب،
فهو لم يقل: مسستني بضر،
أو أنزلت بي الضر، والله عز وجل هو الذي يخلق الخير والسقم والبلاء.
والله سبحانه وتعالى ينزل على عبده ما يشاء سبحانه، ولكن من الأدب مع الله أن ينسب العبد النعمة والخير إليه سبحانه،
وهو الفاعل لكل شيء سبحانه، فيقول كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:
(الخير بيديك، والشر ليس إليك)
فالخير من عند الله سبحانه، وهو الذي خلق الخير وغيره،
ولكن الأدب مع الله سبحانه أن ينسب العبد البلاء إلى نفسه،
كما قال إبراهيم:
الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ *
وَإِذَا مَرِضْتُ [الشعراء:78-80]
وهو الذي أمرضه، ولكنه تأدب مع الله سبحانه وتعالى،
فقال: وَإِذَا مَرِضْتُ [الشعراء:80] فلم ينسبه إلى الله،
وإن كان الله عز وجل هو الذي يشفيه، وهو الذي يمرضه سبحانه وتعالى.
وهنا سيدنا أيوب عليه الصلاة والسلام قال:
أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ [الأنبياء:83]
وهذه قراءة الجمهور. وقرأها حمزة :
(أني مسنيْ الضر وأنت أرحم الراحمين).
فبعد ثماني عشرة سنة طلب من ربه سبحانه أن يكشف عنه البلاء.
مما جاء في الآثار: أن أصحاب أيوب عليه الصلاة والسلام جاءوا إليه فقالوا له:
ذلك أنك أذنبت ذنباً لا يعلمه إلا الله عز وجل،
قال: فكان أشد ما كان عليه سوء الظن، فسجد لله عز وجل ونادى ربه
وقال: أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [الأنبياء:83] فكشف الله عز وجل عنه ذلك.
تفسير قوله تعالى: (فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر ...)
رد الله على أيوب أهله بعد كشف ضره
قال تعالى: فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ [الأنبياء:84]،
أي: فكشفنا كل ما به من ضر، ولم نترك منه شيئاً.
قال تعالى: وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ [الأنبياء:84]،
أي: بعد أن أخذهم منه، وكأن الله عز وجل
أخذ أولاده الثلاثة والعشرين كما ذكر ابن عباس ،
ثم ردهم عليه ربه سبحانه،
فقيل: ردهم بعدما أماتهم، فأحياهم له، وقيل:
إنه أعطاه أجرهم وأعطاه بدلاً منهم، ولعله يكون كذلك، ولم يذكر لنا سبحانه وتعالى الأمر،
ولكن الله على كل شيء قدير، فهو قادر على إحيائهم له بعد موتهم،
كما ذكر لنا في بني إسرائيل:
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ
أي: أنهم وجدوا الطاعون ينزل في الناس،
فخافوا وهربوا لعلهم ينجون من الطاعون.
فلما هربوا وخرجوا قال لهم الله عز وجل: موتوا! فماتوا جميعهم،
ثم أحياهم بعد ذلك، والله على كل شيء قدير.
فقد يفعل ذلك آية، فيميت الإنسان قبل أجله ثم يبعثه لأجله المعلوم عند الله عز وجل،
وقد يكون إحياء الله لأولاد أيوب من هذا الباب؛
لأن الله عز وجل قال: وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ
ولعل المعنى: آتيناه أجر أهله،
أي: صبره على أهله، فيكون بتقدير محذوف هنا:
وأعطيناه في الدنيا مثلهم، ويوم القيامة يجد الجميع في جنة الخلد معه. ومما جاء أن إبليس ذهب إليه ليوسوس إليه فما قدر عليه،
فسأل الله عز وجل أن يسلطه عليه فأراد الله أن يري الملائكة والخلق كيف يصبر هذا الإنسان فابتلاه،
وقد قال في سورة ص:
أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ [
وكأنه يذكر أن الشر من الشيطان تسلط عليه، أو أنت سلطت علي هذا الشيطان ففعل بي ما فعل
وابتلاني في أصدقائي فوسوس لهم فأساءوا الظن في،
وابتلاني في امرأتي فأنا أسأت الظن فيها، فمسني الشيطان بنصب وعذاب.
فقال الله عز وجل: ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ
والركض: الضرب بالرجل، ومنه ركض فرسه،
يعني: ركب عليه وضرب برجليه على جنبيه حتى يجري،
فهنا قال: ارْكُضْ بِرِجْلِكَ
أي: على الأرض، فنبعت له عين ماء من الأرض فاغتسل منها وشرب
فأبرأه الله تبارك وتعالى فصار أحسن مما كان.
قال تعالى: فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا
هنا ذكر رحمة من عندنا،
وقال في ص: رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُوْلِي الأَلْبَابِ
وهنا قال تعالى: رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ
أي: تذكرة للعابدين،
أي: لكل العباد الذين يعبدون الله سبحانه، ويعلمون أن الله يبتلي العبد بالخير وبالضر،
كما قال تعالى: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ
فالله عز وجل يبتلي عبده بما يشاء، فإذا أعطاه المال فهذا بلاء من الله عز وجل فليحمد ربه سبحانه،
وليؤد الحقوق التي أمر بأدائها، وإذا ابتلاه الله عز وجل بالمرض فليعلم
أن هذا من عند الله ولا يكشفه إلا الله سبحانه،
وليدع بما قاله النبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء:
(أذهب البأس رب الناس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاءك، شفاءً لا يغادر سقماً).
حلف أيوب أن يضرب زوجته وبره في ذلك
قال تعالى: وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ
وكأنه حصل شيء بينه وبين امرأته،
فقيل: إن المرأة جاءها الشيطان فوسوس إليها بشيء،
وقال لها: اطلبي من أيوب كذا فإذا فعله فإن الله تبارك وتعالى يشفيه،
فطلبت منه ذلك،
فقيل: إنه أمرها بشيء من الشرك تطلبه من أيوب،
فلما طلبته أقسم أيوب أن يضربها مائة جلدة على ذلك،
وقيل غير ذلك
. فالمقصود: أنه أقسم على شيء فعلته هذه المرأة الصالحة الصابرة
أن يضربها مائة جلدة،
والله عز وجل أرحم الراحمين يقول له: ما ذنبها،
وقد جلست معك هذه السنين الطويلة صابرة؟
وفي النهاية لو فرضنا أنها أخطأت في شيء فالله غفور رحيم كريم سبحانه.
فأمر أيوب:
أن أوف بيمينك، ولكن اضربها ضربة واحدة. قال تعالى: وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا
والضغث العثكول من النخل، وهو القنو المدلى الذي فيه البلح،
فأمره أن يأخذ قنواً منه فيه مائة خوصة فيضرب بها المرأة ضربة واحدة،
ليبر بقسمه، وجعل له الله عز وجل هذا المخرج،
قال تعالى:
وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3] .
قال تعالى:
فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا [ص:44]
ثم مدحه الله سبحانه بقوله:
نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ
وقال سبحانه هنا: فَاسْتَجَبْنَا لَهُ أي: نادى فاستجبنا له.
شدة تضرع أيوب ودعائه لربه
قال تعالى: وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ [الأنبياء:83] والنداء أشد الدعاء.
فدعا ربه سبحانه وناجاه متوسلاً إلى ربه سبحانه فقال:
أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ
وهذا من الجمال في السؤال: أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ [الأنبياء:83]
والأصل أن يقول: ارفع عني الذي أنا فيه،
ولكنه قال: رحمتك عظيمة وأنت أعلم ما الذي أريده،
فتلطف في سؤاله ربه تبارك وتعالى،
فقال: أََنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ
أي: فلتسعني رحمتك. فاستجاب له الله عز وجل سريعاً،
قال تعالى: فَاسْتَجَبْنَا لَهُ ) وكان قد تباطأ عن الدعاء سنوات،
واستحيا من ربه الذي أكرمه بالخير كثيراً، وقال: أفلا أصبر كثيراً على هذا الذي ابتلاني به؟
فلما نادى ربه قال: (( فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ
أي: آتيناه الأجر على أهله الذين ماتوا، أو أحيا الله سبحانه أهله، والله أعلم بذلك.
نعمة الله على أيوب بعد شفائه
قال تعالى: (( وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ )) أولاداً آخرين.
قال تعالى: رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا
فرحمناه وكشفنا ما به وأعطيناه، ورحمنا زوجته فأمرناه
ألا يحنث وأن يضربها ضربة واحدة.
قال تعالى: وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ
أي: حتى يتذكر كل إنسان عابد لله سبحانه رحمة رب العالمين الواسعة،
وأنه الذي يستجيب لمن يدعوه كما قال تعالى:
أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ [النمل:62].
لا إله إلا الله،
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه عن أيوب:
(إن أيوب على نبينا وعليه الصلاة والسلام بينما كان يغتسل عرياناً خر عليه جراد من ذهب،
فجعل أيوب يحثوه في ثوبه، فناداه ربه سبحانه: يا أيوب،
ألم أكن أغنيتك عما ترى ؟
يعني: ألم أعطك أندر ذهب وأندر فضة، وحاشا لأيوب أن يكون طماعاً،
وهو نبي معصوم، وإنما هو أدب الأنبياء.
وقد قال لنا النبي صلى الله عليه وسلم:
(إنها صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته)
ولو أن إنساناً ذهب إلى إنسان غني وكبير وأعطاه شيئاً من الصدقة فقال له:
لا أريد، لكان ردها قبيحاً،
وحينئذ يشعر المعطي بالضيق لرفضه،
وكلما ازداد قدره ومقامه كان الرفض أوجع له.
ولله عز وجل المثل الأعلى، ولا شيء يناله سبحانه وتعالى من عبده،
قال تعالى: لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ
فلما أنزل الله على أيوب هذا الجراد من الذهب ابتلاء له،
ونظراً لما يصنع قبل صدقة ربه عليه،
فسأله الله ممتحناً له ومختبراً:
(ألم أكن أغنيتك عن هذا؟ قال: بلى؛ ولكن لا غنى لي عن بركتك).
فهنا منه تأدب في الأخذ وتأدب في الجواب صلوات الله وسلامه عليه،
فذكره الله عز وجل في هذه الآيات وفي غيرها.
والحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين
[/ALIGN][/CELL][/TABLE1][/ALIGN]
[ALIGN=CENTER][TABLE1="width:100%;background-color:black;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
{ يا يحيى خذ الكتاب بقوة }
دلاله على ان دين الله ..
يحمله ذو العزم الشديد
يحمله ذو العقل الرشيد
يحمله ذو الحِكمة البالغة
يحمله ذو الآفاق الواسعه .
{ وآتيناه الحكم صبيا }
فيها استنهاض لهمم الشباب ودفع لهم إلى تتبع طرائق الله عز وجل .
{ وكان تقيا }
أي مقداما على الطاعات
محجما عن المعاصي
يرجو رحمة الله ويخشى عقاب الله
وهذا هو كنه التقوى واساسها .
[/ALIGN][/CELL][/TABLE1][/ALIGN]
[align=CENTER][table1="width:100%;background-color:black;"][cell="filter:;"][align=center]
من أراد أن يكون له دور عظيم في نصرة دين الله جل وعلا عليه ..
أن يوطن قلبه على الإخلاص
وأن يصبر على الابتلاءات
وأن يرضى بقضاء الله جل وعلا
وأن يعلم أن من سنة الله في خلقه التدرج شيئا فشيئا
ولا يمكن أن يُعطي أحد هبة الله جل وعلا بين عشية وضحاها .
[/align][/cell][/table1][/align]
[ALIGN=CENTER][TABLE1="width:100%;background-color:black;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
http://www.7c7.com/vb/uploaded/42688_11233141690.gif
من هم السلف الصالح ؟
السلف الصالح صحابة النبي صلى الله عليه وسلم رضوان الله تعالى عليهم أجمعين
وأعيان التابعين لهم بإحسان والأئمة العدول مِن مَن ساروا على منهجهم إلى يومنا هذا
وإلى أن تقوم الساعة وبالنسبة لكل أحد من مضى قبلهم من الأئمة العدول سلف لنا
لكن ينطبق على أهل القرون المفضلة في المقام الأول ،
فمنهج الصحابة وأعيان التابعين لهم بإحسان
هو الذي ينصرف إليه قولنا وقول الأئمة السلف الصالح ومن تبعهم بإحسان من تابع التابعين .
سمات منهج السلف الصالح
الأول منها:
أنهم يقدمون النقل على العقل في تفسير القرآن عامة وفي تفسير نصوص الأسماء
والصفات خاصة .
الأمر الثاني :
من سمات منهجهم رحمة الله تعالى عليهم :
أنهم يجمعون بين القرآن والسنة كمصدران للأدلة النقلية والعقلية.
الأمر الثالث :
من سمات منهج السلف الصالح ربطه ما دونه الفلاسفة والمتكلمين ، في الأسماء
والصفات خاصة.
الأمر الرابع :
أنهم ينبذون التقليد الأعمى ، ولا يتعصبون لمذهب بعينه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله وهو يصف بعض سماتهم :
{ ليس لهم متبوع إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم - أي الصحابة - أعلم الناس
بأحواله وأقواله وأعرف الناس بأحاديثه صحيحها وسقيمها }
إدراك مقاصد القرآن
القرآن له مقاصد دل عليها القرآن :
{ كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات الى النور }
دلت الآية صراحة - هذه فاتحة سورة إبراهيم - على أن ..
إخراج الناس من الظلمات إلى النور أعظم مقاصد الشريعة ...
وأعظم المطالب إيجاد مجتمع مسلم له قيمه العظيمة التي يقوم بها ويؤمن بها ويعتمد
عليها ويشيعها في الناس قال الله تبارك وتعالى :
{ ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب و الحكمة ويزكيهم
انك أنت العزيز الحكيم }
فتزكية الناس وتعليمهم مقصد شرعي عظيم للقرآن ، ونبذ الشرك ودر المظالم والبعد عن
تعظيم أحد تعظيما يخرجه عن الحد الشرعي كل ذلك جاء الشرع به ، في مساجد الله
يقول تعالى :
{ وإن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا }
وفي آية أجمع يقول الله تعالى :
{ فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله }
و في قضايا العقائد يقول القرآن :
{ ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن
دعائهم غافلون }
ومن أعظم مقاصد القرآن كذلك تأسيس مجتمع يكون له ولي أمر مسلم يكون له
بيعة في الأعناق ، وله طاعة وله سمع :
{أطيعوا الله أطيعوا الرسول و أولى الأمر منكم }
{ واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا }
{ ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم }
فهذه أمور حفظها القرآن وجاء بها
http://www.7c7.com/vb/uploaded/42688_11233141690.gif
[/ALIGN][/CELL][/TABLE1][/ALIGN]
[ALIGN=CENTER][TABLE1="width:100%;background-color:black;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
http://www.7c7.com/vb/uploaded/42688_11233141690.gif
قال مجاهد رحمه الله وهو أحد أئمة التفسير :
{ لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقول في كلام الله حرفا إلا أن يكون عالما بلغة العرب }
وقال مالك رحمه الله .. وإذا ذكر العلماء فمالك النجم قال :
{ لا أؤتى بأحد يقول في القرآن وهو غير عالم بلغة العرب إلا جعلته نكالا}
فاتفقت أقوال الأئمة وهذا أصلا دل عليه القرآن فإن الله قال :
(( بلسان عربي مبين ))
فمن لم يفقه لغة العرب لا يحل له أن يقدم على أن يقول في القرآن وهو يفقد آلة عظيمة
في فهم القرآن وهي العلم بلغة العرب ..
ما هي حدود امتلاك الإنسان لفهم اللغة العربية ؟
يفهم النحو قواعده الإجمالية صحيح أن هناك مسائل اختلف فيها الأئمة الكبار من قبل نحاة
البصرة و نحاة الكوفة و مدرسة البصريين والكوفيين الخوض فيها ليس مطلوبا لكن الإجمال
والإحاطة العامة معرفة مظان الاختلاف أمر مطلوب ، العلم بلغة العرب بأساليب العرب
في كلامها هذا لا يتأتى إلا إذا كان الإنسان قد اطلع على شعر العرب .
http://www.7c7.com/vb/uploaded/42688_11233141690.gif
[/ALIGN][/CELL][/TABLE1][/ALIGN]
[ALIGN=CENTER][TABLE1="width:100%;background-color:black;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
http://www.7c7.com/vb/uploaded/42688_11233141690.gif
فهم القرآن العظيم وتدبر آياته و الاستضاءة بنوره مقصد شرعي عظيم تطمع إليه
كل نفس مؤمنة ، وفضل الله واسع لكن لما كان القرآن بهذه العظمة كان لابد
أن يكون هناك مرحلة كبرى جدا في الوصول إلى تدبر القرآن ...
وهذه اربع طرق تعين على تدبر القرآن :
الابتعاد عن حطام الدنيا
قال سفيان الثوري رحمة الله تعالى عليه :
{ لا يجتمع فهم القرآن في قلب من اشتغل بحطام الدنيا أبدا }
فلا يمكن أن يجتمع حطام الدنيا مع فهم القرآن محال ، الاشتغال بحطام الدنيا أمر مهما
قال الإنسان فيه إلا أنه ينجم عنه بُعد عن تدبر القرآن ، نحن لا نقول :
أن كل من انشغل بحطام الدنيا يحرم بالكلية في فهم القرآن ، لا .. لأن هذا الكلام كلام عالم
يؤخذ منه ويرد ، لكن من تدبر حال الناس كلما كان الإنسان منشغل بحطام الدنيا أكثر
كان أبعد انصراف عن فهم كلام الله جل وعلا . والله جل وعلا قال لنبيه :
(( و لقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم * لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم ))
فبين الله جل وعلا أن حظك من القرآن أيها النبي الكريم يغنيك عن النظر إلى متاع الدنيا
وهذا هو الحق الذي لا مرية فيه فعلى هذا تدبر القرآن يطلب من عبد أو يوفق له عبد
أحجم بنفسه عن جمع حطام الدنيا ، و نحن نرى هذا في أنفسنا كلما شغلنا بشيء من حطام الدنيا نجمعه قل تدبرنا وفهمنا للآيات .
من الشيخ / صالح بن عواد المغامسي حفظه الله
http://www.7c7.com/vb/uploaded/42688_11233141690.gif
[/ALIGN][/CELL][/TABLE1][/ALIGN]
[align=CENTER][table1="width:100%;background-color:black;"][cell="filter:;"][align=center]
فلاش نور على نور
[flash=http://www.saaid.net/flash/1221441917.swf]WIDTH=400 HEIGHT=400[/flash]
[/align][/cell][/table1][/align]
[align=CENTER][table1="width:100%;background-color:black;"][cell="filter:;"][align=center]
ثمرات الإيمان :
1- أنه سبب رضا الله الذي هو أكبر شيء فما
نـال أحــد رضـــا الله فــي الدنيــا والآخــرة
إلا بالإيمان وثمراته .
2- أن ثـواب الآخرة ودخول الجنـة والتنعـــم
بنعيمـها والنجاة من النار وعقابــها إنمــــا
يكون بالإيمان .
3- أن الله يدفع ويدافع عن الذين آمنوا شرور
الدنيا والآخرة فيدفع عنهم كيد شياطين الإنس
والجن ولهذا قال تعالى ( إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ
عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)النحل
4- أن الله وعــد المؤمنين القائميــن بالإيمـان
حقيقة بالنصر ، وأحقه على نفسه .
5- أن الهداية من الله للعلم والعمل ولمعـرفــة
الحق وسلوكه هي بحــسب الإيمــان والقيــام
بحقوقه ، قال تعالى ( يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ
رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ ) سورة المائدة 16.
6- أن الإيـمــان يدعو إلى الزيادة من علومـه
وأعمـاله الظاهرة والباطنة ; فالمؤمن بحسب
إيمــــانه لا يزال يطلـــب الزيــادة من العلــوم
النافـعـة ومـــن الأعمال النافعة ظاهرا وباطنا
وبحسـب قوة إيمانه يــزيد إيمــانـه ورغبتــه
وعمـله كما قال تعالى ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ
آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا) الحجرات
7- أن المؤمنيـن بالله وبكماله وعظمته أعظم
الناس يقينا وطمأنينة وتوكلا على الله ، وثقة
بوعـده الصــادق ، ورجاء لرحمته ، وخوفـا
من عقــابه ، وأعظمهم إجلالا لله ومراقبة .
8- أنه لا يمكــن للعـبد أن يقوم بالإخلاص لله
ولعباد الله ونصيحــتـهم عــلى وجـه الكمال
إلا بالإيمان .
9- أن المعــاملات بين الخلق لا تتــم وتقــوم
إلا عـلى الصدق والنصح وعدم الغش بوجــه
من الوجـوه ، وهل يقوم بها على الحقيقـة إلا المؤمنون .
10- أن الإيمـــان أكبــر عــون عـــلى تحــمل
المشقــات ، والقيــام بأعــبـــاء الطاعــات .
11- أن العـبـد لا بـــد أن يصــاب بشيء مـن
الخـوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس
والثمـرات ، وهو بين أمرين : إما أن يجــزع
ويضعف صبـره ، فيفـوتــه الخيـر والثواب ،
ويستحـق على ذلك العقاب ومصيبته لم تقلع
ولم تخف بل الجزع يزيدها . وإما أن يصبر
فيحظى بثـوابها ، والصبر لا يقوم إلا على الإيمان .
12 - أن الإيمــان يوجب للعــبد قــوة التوكــل
عـلى الله ، لعلمــــه وإيمانه أن الأمــور كلــها
راجعــة إلى الله ومندرجة في قضائه وقدره .
13 - أن الإيمان يشجع العبد ، ويزيد الشجاع
شجـاعة فإنه لاعتماده على الله العزيز الحكيم
ولقوة رجائه وطمعه فيما عنده تهــون عليـه
المشقات ويقدم على المخاوف واثقا بربه .
14 - أن الإيمـان هو السبـــب الأعظــم لتعلق
القلب بالله في جميع مطالبه الدينية والدنيوية
15 - أن الإيمـان يــدعو إلى حسن الخلق مع
جميع طبقات الناس .
16 - أن الإيمـان الكامل يمنع من دخول النار
بالكلية ، كما منع صاحبه في الدنيا مــن عمل
المعاصي ، ومــن الإصرار على ما وقــع منه
منها والإيمان الناقص يمنع الخلود في النار
17 - أن الإيمان يوجب لصاحبــه أن يكــــون
معتبرا عند الخلق أمينا ، ويوجب للعبد العفة
عـــن دمـاء الناس وأموالهم وأعراضهم وفي
الحـديث « المؤمن مـــن أمنــه الـناس عــلى
دمائهــم وأموالهـم » صححـه الألبــاني فـي
صحيح الجامع .
18 - أن قوي الإيمان يجد في قلبه مــن ذوق
حلاوته ولـذة طعمه واستحلاء آثاره ، والتلذذ
بخدمة ربه وأداء حقوقه وحقوق عباده -التي
هـــي موجب الإيمان وأثره - ما يزري بلذات
الدنيا كلها بأسرها ، فإنه مسرور وقت قيامه
بواجبات الإيمان ومستحباته ، ومسرور بمـا
يرجوه ويؤمله من ربه من ثوابــه وجزائـــه
العاجل والآجل ، ومسرور بأنه ربـــح وقتــه
الــذي هــو زهــرة عمــره وأصـــل مكسبه .
19 - أن الإيمان هــــو السبــب الوحيد للقيام
بذروة سنـــام الديــن وهــو : الجهاد البدنــي
والمــالي والقـــولي ، جهاد الكــفار بالسيـف
والسنــان ، وجـهـــاد الكفـــار والمنافقـــيــن
والمنحــرفين في أصــول الــدين وفــروعـــه
بالحكمــة والحجة والبرهان ، فكلمــا قـــوي
إيمان العبـــد علما ومعرفــة وإرادة وعزيمة
قـوي جهاده وقام بكل ما يقدر عليه بحسب
حـاله ومرتبته ، فــنال الــدرجة العــالـيـة
والمنزلة الرفيعة .
( تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن )
للشيــخ : عبــد الرحمــن السـعــدي ( بتصـرف )
[/align][/cell][/table1][/align]
[align=center]http://img87.imageshack.us/img87/213/55206790hj9tv5.gif[/align]
[align=center]http://www.muslmh.com/vb/uploaded/3729/1156143347.gif[/align]
الضاري
شام
جزاكم الله خير جزاء وجعله الله في ميزان اعمالكم
دمتم بخير
[ALIGN=CENTER][TABLE1="width:95%;background-color:black;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض، رب العرش الكريم".
ـ يا حي يا قيوم برحمتك استغيث.
ـ اللهم، رحمتك أرجو، فلا تكلني إلي نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت.
ـ " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين".
[/ALIGN][/CELL][/TABLE1][/ALIGN]
[ALIGN=CENTER][TABLE1="width:95%;background-color:black;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
دعـــاء الاستسقاء وطلب المطر
- (( اللَّهُمَّ أغِثْنَا، اللَّهُمَّ أغِثْنَا، اللَّهُمَّ أغِثْنَا )). متفق عليه.
دخل رجل يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب الناس فقال يا رسول الله هلكت الأموال وإنقطعت السبل فأدعو الله يغيثنا فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه وقال اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم أغثنا ورفع الناس أيديهم معه قال أنس بن مالك راوي الحديث والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة ولا بيننا وبين سلع من بيت ولا دار وسلع جبل في المدينة معروف يأتي من نحوه السحاب فالسماء كانت صحوا قال فخرجت من ورائه سحابه فانتشرت في السماء ورعدت وبرقت فما نزل النبي صلى الله عليه وسلم من منبره إلا والمطر يتحاذر من لحيته فسبحان العليم القادر سبحان من هو على كل شئ قدير
- (( اللَّهُمَّ اسقِنَا غَيثاً مُغيثاً مَريئاَ مريعاً نافِعاً غير ضارٍّ، عاجِلاً غيرَ آجِلٍ )). صحيح (صحيح سنن أبي داود 1/216 )
- (( اللَّهُمَّ اسق عِبَادَك وبَهَائِمَكَ، وانشُرْ رحمَتَك، وأحي بَلدَكَ الميِّت )). حسن (صحيح سنن أبي داود 1/218 )
- الإكثار من الاستغفار . (اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً) (نوح: 10-12)
[/ALIGN][/CELL][/TABLE1][/ALIGN]
[ALIGN=CENTER][TABLE1="width:100%;background-color:black;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
التعاون
يعد التعاون من أهم ما يجمع شمل الأمة ويجعلها يدآ واحدة وقد حثنا الله ورسوله عليه
إذ أن التعاون من ضروريات الحياة ولا يعقل أن يعيش الإنسان منفردآ
فالتعاون هو: هو مساعدة الناس بعضهم بعضًا في الحاجات وفعل الخيرات. وقد أمر الله -سبحانه- بالتعاون، فقال: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} [المائدة: 2].
فضل التعاون:
والتعاون من ضروريات الحياة؛ إذ لا يمكن للفرد أن يقوم بكل أعباء هذه الحياة منفردًا.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من كان معه فضل ظهر فلْيعُدْ به على من لا ظهر له،
ومن كان له فضل من زاد فلْيعُدْ به على من لا زاد له)
[مسلم وأبو داود].
وحث النبي صلى الله عليه وسلم على معونة الخدم، فقال:
(ولا تكلِّفوهم ما يغلبهم فإن كلَّفتموهم فأعينوهم) [متفق عليه].
حينما يتعاون المسلم مع أخيه يزيد جهدهما، فيصلا إلى الغرض بسرعة وإتقان؛
لأن التعاون يوفر في الوقت والجهد،
وقد قيل في الحكمة المأثورة: المرء قليل بنفسه كثير بإخوانه.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل
الجسد؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) [مسلم].
وقال صلى الله عليه وسلم: (يد الله مع الجماعة) [الترمذي].
وقال صلى الله عليه وسلم: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضُه بعضًا)
[متفق عليه].
والمسلم إذا كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن يسَّر على معسر يسَّر الله
عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.
وقال صلى الله عليه وسلم: (وعَوْنُكَ الضعيفَ بِفَضْلِ قُوَّتِكَ صدقة) [أحمد].
وهذه مقتطفات تدل على مدى أهمية التعاون فى حياتنا العامة:
*يحكى أن شيخًا كبيرًا جمع أولاده، وأعطاهم حزمة من الحطب، وطلب منهم أن يكسروها، فحاول كل واحد منهم كسر الحزمة لكنهم لم يستطيعوا، فأخذ الأب الحزمة وفكها إلى أعواد كثـيـرة، وأعطى كل واحد من أبنائه عودًا، وطلب منه أن يكسره، فكسره بسهـولة.
*أمر الله إبراهيم -عليه السلام- أن يرفع جدران الكعبة، ويجدد بناءها، فقام إبراهيم -عليه السلام- على الفور لينفذ أمر الله، وطلب من ابنه إسماعيل -عليه السلام- أن يعاونه في بناء الكعبة، فأطاع إسماعيل أباه، وتعاونا معًا حتى تم البناء، قال تعالى: {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم} [البقرة: 127].
*أرسل الله موسى -عليه السلام- إلى فرعون؛ يدعوه إلى عبادة الله وحده، فطلب موسى -عليه السلام- من الله -سبحانه- أن يرسل معه أخاه هارون؛ ليعاونه ويقف بجانبه في دعوته، فقال: {واجعل لي وزيرًا من أهلي . هارون أخي . اشدد به أزري . وأشركه في أمري} [طه: 29-32]. فاستجاب الله تعالى لطلب موسى، وأيده بأخيه هارون، فتعاونا في الدعوة إلى الله؛ حتى مكنهم الله من النصر على فرعون وجنوده.
*أعطى الله -سبحانه- ذا القرنين مُلكًا عظيمًا؛ فكان يطوف الأرض كلها من مشرقها إلى مغربها، وقد مكَّن الله له في الأرض، وأعطاه القوة والسلطان، فكان يحكم بالعدل، ويطبق أوامر الله.
وكان في الأرض قوم مفسدون هم يأجوج ومأجوج، يهاجمون جيرانهم، فينهبون أموالهم، ويظلمونهم ظلمًا شديدًا؛ فاستغاث هؤلاء الضعفاء المظلومون بذي القرنين، وطلبوا منه أن يعينهم على إقامة سـد عظيم، يحول بينهم وبين يأجوج ومأجوج، {قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج
مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجًا على أن تجعل بيننا وبينهم سدًا} [الكهف: 94].
فطلب منهم ذو القرنين أن يتحدوا جميعًا، وأن يكونوا يدًا واحدة؛ لأن بناء السد يحتاج إلى مجهود عظيم، فعليهم أن يُنَقِّبُوا ويبحثوا في الصحراء والجبال، حتى يحضروا حديدًا كثيرًا لإقامة السد، قال تعالى: {قال ما مكني فيه خيرًا فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردمًا} [الكهف: 95]. وتعاون الناس جميعًا حتى جمعوا قدرًا عظيمًا من الحديد بلغ ارتفاعه طول الجبال، وصهروا هذا الحديد، وجعلوه سدَّا عظيمًا يحميهم من هؤلاء المفسدين.
*كان أول عمل قام به الرسول صلى الله عليه وسلم حينما هاجر إلى المدينة هو بناء المسجد، فتعاون الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى هيئوا المكان، وأحضروا الحجارة والنخيل التي تم بها بناء المسجد، فكانوا يدًا واحدة حتى تم لهم البناء.
وكان الصحابة يدًا واحدة في حروبهم مع الكفار، ففي غزوة الأحزاب اجتمع عليهم الكفار من كل مكان، وأحاطوا بالمدينة، فأشار سلمان الفارسي -رضي الله عنه- على النبي صلى الله عليه وسلم بحفر خندق عظيم حول المدينة، حتى لا يستطيع الكفار اقتحامه. وقام المسلمون جميعًا بحفر الخندق حتى أتموه، وفوجئ به المشركون، ونصر الله المسلمين على أعدائهم.
التعاون المرفوض:
نهى الله -تعالى- عن التعاون على الشر لما في ذلك من فساد كبير، فقال تعالى:
{ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} [المائدة: 2].
والمسلم إذا رأى أحدًا ارتكب معصية فعليه ألا يسخر منه، أو يستهزئ به، فيعين الشيطان
بذلك عليه، وإنما الواجب عليه أن يأخذ بيده، وينصحه، ويُعَرِّفه الخطأ.
وفقنا الله وإياكم إلى الأتحاد على الخير والبعد عن الشر[/ALIGN][/CELL][/TABLE1][/ALIGN]
اللهم أمين
http://www.al-wed.com/pic-vb/10.gif
قمر الليل
بوركتي اختاهـ للحضور والتواجد الجميل
[align=CENTER][table1="width:95%;background-color:black;"][cell="filter:;"][align=center]
الأسباب الجالبة لمحبة الله
قال ابن القيم رحمه الله الأسباب الجالبة للمحبة والموجبة لها، وهي عشرة :
1- قراءة القرآن بالتدبر والتفهم لمعانيه وما أريد منه .
2- التقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض ، فإنها توصله إلى درجة المحبوبية بعد المحبة .
3- دوام ذكره على كل حال : باللسان والقلب والعمل والحال ، فنصيبه من المحبه على قدر نصيبه من الذكر .
4- إيثار محابه على محابك عند غلبات الهوى والتسنم إلى محابه وان صعب المرتقى .
5- مطالعة القلب لأسمائه وصفاته ومشاهدتها ومعرفتها .
6- مشاهدة بره وإحسانه وآلائه ، ونعمه الظاهرة والباطنة.
7- انكسار القلب بين يدي الله تعالى
8- الخلوة به وقت النزول الإلهي لمناجاته وتلاوة كلامه والوقوف بالقلب والتأدب بأدب العبوديه بين يديه ثم ختم ذلك بالاستغفار والتوبة .
9- مجالسة المحبين والصادقين والتقاط أطايب ثمرات كلامهم كما ينتقى أطايب الثمر ، ولا نتكلم إلا إذا ترجحت مصلحة الكلام وعلمت أن فيه مزيدا لحالك ومنفعة لغيرك.
10- مباعدة كل سبب يحول بين القلب وبين الله عز وجل
[/align][/cell][/table1][/align]
جزاكم الله الف خيير ياا اخوااني..
وعسى تكوون بميزاان حسنااتكم
[ALIGN=CENTER][TABLE1="width:95%;background-color:black;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
لذة التعبد عند الصحابة رضي الله عنهم:
فمهما سطَّر البنان، وتكلم العلماء بكلِّ لسان؛ فإن سير هؤلاء يعجز عن وصفها إنسان.
فهم أولى بالحديث من قول العباس بن الأحنف عن محبوبته:
وَحَدَّثْتَنِي يَا سَعْدُ عَنْهًا فَزِدْتَنِي جُنُونًا فَزِدْنِي مِنْ حَدِيثِكَ يَا سَعْدُ
فهم مصابيح الدُّجى، وينابيع الرشد والحجى، خصوا بخفي الاختصاص، ونقوا من التصنع بالإخلاص، وهم الواصلون بالحبل، والباذلون للفضل، والحاكمون بالعدل، هم المبادرون إلى الحقوق من غير تسويف، والموفون للطَّاعات من غير تطفيف.
هُم الرِّجَالُ وَعَيْبٌ أَنْ يُقَالَ لِمَنْ *** لَمْ يَتَّصِفْ بِمَعَانِيَ وَصْفِهم رَجُلُ
أبو بكر الصديق:
السّابق إلى التَّصديق، الملقب بالعتيق المؤيد من الله بالتوفيق، {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} [سورة التوبة: 40]
كان رقيق القلب غزير الدَّمع، عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: لَمَّا مَرِضَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، أَتَاهُ بِلَالٌ يُوذِنُهُ بِالصَّلَاةِ، فَقَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ، قُلْتُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ إِنْ يَقُمْ مَقَامَكَ يَبْكِي، فَلَا يَقْدِرُ عَلَى الْقِرَاءَةِ.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ نُودِيَ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ: يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلاة دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلاة، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه -: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَلَى مَنْ دُعِيَ من تِلْكَ الْأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ، فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ كُلِّهَا؟ قَالَ: نَعَمْ وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ.
كان صِدِّيقًا ما اهتز إيمانه ولا تزعزع وجدانه، عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - زَوْجِ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَاتَ وَأَبُو بَكْرٍ بِالسُّنْحِ - يَعْنِي بِالْعَالِيَةِ - فَقَامَ عُمَرُ يَقُولُ: وَاللَّهِ، مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَتْ: وَقَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ مَا كَانَ يَقَعُ فِي نَفْسِي إِلَّا ذَاكَ، وَلَيَبْعَثَنَّهُ اللَّهُ فَلَيَقْطَعَنَّ أَيْدِيَ رِجَالٍ وَأَرْجُلَهُمْ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَكَشَفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَبَّلَهُ، قَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، طِبْتَ حَيًّا وَمَيِّتًا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُذِيقُكَ اللَّهُ الْمَوْتَتَيْنِ أَبَدًا. ثُمَّ خَرَجَ، فَقَالَ: أَيُّهَا الْحَالِفُ عَلَى رِسْلِكَ! فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ جَلَسَ عُمَرُ، فَحَمِدَ اللَّهَ أَبُو بَكْرٍ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: أَلَا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، وَقَالَ [إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ] وَقَالَ [وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ من قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ] قَالَ فَنَشَجَ النَّاس يَبْكُونَ.
عمر بن الخطاب:
الفاروق، ذو المقام الثابت المأنوق، أعلن الله به دعوة الصّادق المصدوق، فجمع الله له بما منحه من الصَّولة؛ ما نشأت لهم به الدَّولة، كان معارضًا للمبطلين، موافقًا في الأحكام لرب العالمين، كان فارقًا بين الحق والباطل.
فَفِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رضي الله عنهما - لَمَّا قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ؟ - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ - فَنَهَاهُمْ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُجِيبُوهُ، ثُمَّ قَالَ: أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ؟ -ثَلَاثَ مَرَّاتٍ - ثُمَّ قَالَ: أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ الْخَطَّابِ؟ -ثَلَاثَ مَرَّاتٍ -ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: أَمَّا هَؤُلَاءِ فَقَدْ قُتِلُوا، فَمَا مَلَكَ عُمَرُ نَفْسَهُ فَقَالَ: كَذَبْتَ وَاللَّهِ يَا عَدُوَّ اللَّهِ، إِنَّ الَّذين عَدَدْتَ لَأَحْيَاءٌ كُلُّهُمْ، وَقَدْ بَقِيَ لَكَ مَا يَسُوءُكَ.
ورغم شدته على الكفّار كان على إخوانه رقيق القلب سريع الدَّمع.
عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ - رضي الله عنه - قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ آخِذًا بِطَرَفِ ثَوْبِهِ؛ حَتَّى أَبْدَى عَنْ رُكْبَتِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: أَمَّا صَاحِبُكُمْ فَقَدْ غَامَرَ، فَسَلَّمَ، وَقَالَ: إِنِّي كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ ابْنِ الْخَطَّابِ شَيْءٌ، فَأَسْرَعْتُ إِلَيْهِ ثُمَّ نَدِمْتُ، فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَغْفِرَ لِي فَأَبَى عَلَيَّ، فَأَقْبَلْتُ إِلَيْكَ فَقَالَ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ - ثَلَاثًا، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ نَدِمَ، فَأَتَى مَنْزِلَ أَبِي بَكْرٍ فَسَأَلَ: أَثَّمَ أَبُو بَكْرٍ؟ فَقَالُوا: لَا، فَأَتَى إِلَى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَلَّمَ، فَجَعَلَ وَجْهُ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَمَعَّرُ، حَتَّى أَشْفَقَ أَبُو بَكْرٍ، فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَاللَّهِ أَنَا كُنْتُ أَظْلَمَ - مَرَّتَيْنِ، فَقَالَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ، فَقُلْتُمْ: كَذَبْتَ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: صَدَقَ وَوَاسَانِي بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكُو لِي صَاحِبِي مَرَّتَيْنِ فَمَا أُوذِيَ بَعْدَهَا.
وَعَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقّاصٍ قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ - رضي الله عنه - يَقْرَأُ فِي العَتَمَةِ بسُورَةِ يُوسُف، وأنا في مُؤَخِّرِ الصُّفُوفِ، حَتَّى إِذَا جَاءَ ذِكرُ يُوسُف؛ سَمِعْتُ نَشِيجَهُ فِي مُؤَخِّرِ الصَّفِّ.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقَالَ: هَذَانِ السَّمْعُ وَالْبَصَرُ.
عثمان - رضي الله عنه -:
القانت الحيي ذو الهجرتين، الكريم الجواد ذو النورين، كان حظُّه من النَّهار الجود والصيام، ومن الليل السجود والقيام، مبشر بالجنة على بلوى تصيبه.
كان - رضي الله عنه - يحيي الليل بالقرآن، وثبت أنه قرأ القرآن في ركعة.
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ: قُمْتُ خَلْفَ الْمَقَامِ وَأَنَا أُرِيُد أَنْ لَا يَغْلِبَنِي عَلَيهِ أَحَدٌ تِلْكَ اللَّيلة، فَإِذَا رَجُلٌ يَغْمِزُنِي فَلَمْ ألْتَفِتْ، ثُمَّ غَمَزَنِي فَالْتَفَتُّ، فَإِذَا عُثْمَانُ بْنُ عَفّان - رضي الله عنه - فَتَنَحَّيْتُ فَتَقَدَّمَ فَقَرَأَ القُرْآنَ فِي رَكْعَةٍ.
وكان - رضي الله عنه - رقيق القلب، غزير الدمع، كان أذا رأى قبرًا بكى حتى يرحم.
عَنْ هَانِئٍ مَوْلَى عُثْمَانَ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ عُثْمَانُ - رضي الله عنه - إِذَا وَقَفَ عَلَى قَبْرٍ بَكَى حَتَّى يَبُلَّ لِحْيَتَهُ، فَقِيلَ لَهُ تَذْكُرُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ فَلَا تَبْكِي، وَتَبْكِي من هَذَا، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: الْقَبْرُ أَوَّلُ مَنَازِلِ الْآخِرَةِ، فَإِنْ يَنْجُ مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَيْسَرُ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْجُ مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَشَدُّ مِنْهُ، قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ مَنْظَرًا قَطُّ إِلَّا وَالْقَبْرُ أَفْظَعُ مِنْهُ.
بشَّره النبي - صلى الله عليه وسلم - بالجنة على بلوى تصيبه؛ فكان صابرًا محتسبًا حتى لقي ربه.
عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ أَنَّهُ تَوَضَّأَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ خَرَجَ، فَقَالَ: لَأَلْزَمَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَلَأَكُونَنَّ مَعَهُ يَوْمِي هَذَا. فَجَاءَ الْمَسْجِدَ فَسَأَلَ عَنْ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالُوا: خَرَجَ وَوَجَّهَ هَا هُنَا، قَالَ: فَخَرَجْتُ عَلَى إِثْرِهِ أَسْأَلُ عَنْهُ حَتَّى دَخَلَ بِئْرَ أَرِيسٍ، فَجَلَسْتُ عِنْدَ الْبَابِ - وَبَابُهَا من جَرِيدٍ -حَتَّى قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَاجَتَهُ فَتَوَضَّأَ، فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى بِئْرِ أَرِيسٍ، وَتَوَسَّطَ قُفَّهَا وَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ؛ وَدَلَّاهُمَا فِي الْبِئْرِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ انْصَرَفْتُ فَجَلَسْتُ عِنْدَ الْبَابِ، فَقُلْتُ: لَأَكُونَنَّ بَوَّابَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْيَوْمَ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَدَفَعَ الْبَابَ، فَقُلْتُ مَنْ هَذَا؟! فَقَالَ: أَبُو بَكْرٍ، فَقُلْتُ: عَلَى رِسْلِكَ، ثُمَّ ذَهَبْتُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَذَا أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ، فَقَالَ: ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ، فَأَقْبَلْتُ حَتَّى قُلْتُ لِأَبِي بَكْرٍ: ادْخُلْ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُبَشِّرُكَ بِالْجَنَّةِ، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَعَهُ فِي الْقُفِّ، وَدَلَّى رِجْلَيْهِ فِي الْبِئْرِ كَمَا صَنَعَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، وَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ، ثُمَّ رَجَعْتُ فَجَلَسْتُ وَقَدْ تَرَكْتُ أَخِي يَتَوَضَّأُ وَيَلْحَقُنِي، فَقُلْتُ: إِنْ يُرِدْ اللَّهُ بِفُلَانٍ خَيْرًا - يُرِيدُ أَخَاهُ - يَأْتِ بِهِ، فَإِذَا إِنْسَانٌ يُحَرِّكُ الْبَابَ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقُلْتُ: عَلَى رِسْلِكَ، ثُمَّ جِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: هَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسْتَأْذِنُ، فَقَالَ: ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ، فَجِئْتُ فَقُلْتُ: ادْخُلْ، وَبَشَّرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْجَنَّةِ، فَدَخَلَ فَجَلَسَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْقُفِّ عَنْ يَسَارِهِ، وَدَلَّى رِجْلَيْهِ فِي الْبِئْرِ، ثُمَّ رَجَعْتُ فَجَلَسْتُ، فَقُلْتُ: إِنْ يُرِدْ اللَّهُ بِفُلَانٍ خَيْرًا يَأْتِ بِهِ، فَجَاءَ إِنْسَانٌ يُحَرِّكُ الْبَابَ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، فَقُلْتُ: عَلَى رِسْلِكَ، فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تُصِيبُهُ، فَجِئْتُهُ، فَقُلْتُ لَهُ: ادْخُلْ وَبَشَّرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تُصِيبُكَ، فَدَخَلَ فَوَجَدَ الْقُفَّ قَدْ مُلِئَ، فَجَلَسَ وِجَاهَهُ من الشَّقِّ الْآخَرِ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: فَأَوَّلْتُهَا قُبُورَهُمْ.
علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -:
نُور المطيعين، وولي المتقين، وإمام العابدين، من أسرع الصحابة إجابة، وأعظمهم حلما، وأوفرهم علما، وأقومهم قضية، حُرمنا علمه بسبب غلو الشِّيعة فيه وكذبهم عليه -وإلى الله المشتكى، وأما فضائله فقد لاحت في الأفق، وإليك ما قيل بحضرة خصمه ومن لاحت بينهما السيوف - معاوية - رضي الله عنه -.
دخل ضرار بن ضمرة الكِناني على معاوية، فقال له: صِفْ لي عليًا، فقال أو تعفيني يا أمير المؤمنين، قَالَ: لا أعفيك، قَالَ: أما إذ لا بد؛ فإنه كان والله بعيد المدى، شديد القوى، يقول فصلا، ويحكم عدلا، يتفجر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من نواحيه، يستوحش من الدنيا وزهرتها، ويستأنس بالليل وظلمته، كان والله غزير العبرة، طويل الفكرة، يقلب كفه، ويخاطب نفسه، يعجبه من اللباس ما قصر، ومن الطعام ما جشب، كان والله كأحدنا يدنينا إذا أتيناه، ويجيبنا إذا سألناه، وكان مع تقربه إلينا وقربه منا؛ لا نكلمه هيبة له، فإن تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم، يعظم أهل الدين ويحب المساكين، لا يطمع القوي في باطله، ولا ييأس الضعيف من عدله، فأشهد بالله لقد رأيته في بعض مواقفه؛ وقد أرخى الليل سدوله، وغارت نجومه يميل في محرابه قابضًا على لحيته يتململ تململ السَّليم، ويبكي بكاء الحزين، فكأني أسمعه الآن وهو يقول: يا ربنا يا ربنا يتضرع إليه ثم يقول للدنيا: إلَيَّ تغررَّتِ، إلَيَّ تشوفت، هيهات هيهات، غُرِّي غَيْري، قد بنتك ثلاثًا، فعمرك قصير، ومجلسك حقير، وخطرك يسير، آه آه من قلة الزاد، وبعد السَّفر، ووحشة الطريق.
فوكفت دموع معاوية على لحيته؛ ما يملكها، وجعل ينشفها بكمه وقد اختنق القوم بالبكاء، فقال: كذا كان أبو الحسن - رحمه الله -، ثم قَالَ: كَيْفَ وَجْدُك عليه يا ضرار؟ قَالَ: وَجْدُ مَنْ ذُبِحَ وَاحِدُهَا فِي حَجْرِهَا؛ لَا تَرْقَأُ دَمْعَتُهَا، وَلَا يَسْكُنُ حُزْنُها - ثُمَّ قَامَ فَخَرَجَ.
[/ALIGN][/CELL][/TABLE1][/ALIGN]
جزاك الله خيراً
اخــي الضاري
اضافات مميزة
بارك الله بك وحفظك
[ALIGN=CENTER][TABLE1="width:100%;background-color:black;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
اللهم إنك ناظر إليّ ، حاضر لدي ، قادر عليّ ، أحطت بي سمعاً وعلماً وبصراً فارزقني أُنساً بك وهيبةً منك ، فقوِّ فيك يقيني وبك اعتصمت فأصلح لي ديني وعليك توكلت فارزقني ما يكفيني وبك لذت فَنَجِّنـي مما يؤذيني أنت حسبي ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير .
[/ALIGN][/CELL][/TABLE1][/ALIGN]
[align=CENTER][table1="width:100%;background-color:black;"][cell="filter:;"][align=center]
قال الله تعالى: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّا وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ) (البقرة 214)
ما الفرق بين البأساء والضراء ؟
البأساء: ما يُصيب الإنسان في غير ذاتهِ مثل: التهديد الأمني ، الإخراج من الديار ، نهب مالهِ ، هذا كله يسمى بأساء.
والضراء: ما يُصيب المرء في نفسهِ، مثل: الأمراض، والجراح، والقتل.
محاسن التأويل / سورة البقرة
[/align][/cell][/table1][/align]
[ALIGN=CENTER][TABLE1="width:100%;background-color:black;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
(اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة
اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي
وأهلي ومالي اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي
واحفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني
وعن شمالي ومن فوقي وأعوذ بك أن أغتال من تحتي
[/ALIGN][/CELL][/TABLE1][/ALIGN]
[align=CENTER][table1="width:95%;background-color:black;"][cell="filter:;"][align=center]
أخي الحبيّب تَذَكّـر
[/align][/cell][/table1][/align]
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
أخي الحبيب: كلنا ذوو ذنب وكلنا ذوو خطيئة، وكلنا ذوو معصية، قال صلى الله عليه وسلم: " كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون" والإنسان بطبعه ضعيف الإرادة، وقد تغلبه نفسه، ويضعف أمام الشهوات والمغريات، ويميل إلى المعصية فتذكر قبل ارتكاب المعصية أن الله يراك ومطلع عليك؛ فهو العليم الخبير، وهو السميع البصير قال ـ تعالى ـ: {يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ}[البقرة:77]، ويسمع كلامك، ويرى مكانك، ويعلم سرك ونجواك،فهو ـ سبحانه ـ معك بعلمه وإطلاعه، فاحذر كل الحذر أن تجعل الله أهون الناظرين إليك.
إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل *** خلوت ولكن قل علي رقيبواحــذر أيضاً أن تـكون ممن يراقبون العـباد، وينـسون رب العباد، يخشون الناس، وينسون رب الناس قال ـ تعالى ـ:{يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ} [النساء:108] يستعظمون نظر المخلوق على هوانه، ويستخفون بنظر الخالق مع علو شأنه.
ولا تحـسبـن الله يغــفل ســـاعـة *** ولا أن مـا تخفي عليه يغيب
فيا من تعصي الله ، أي أرض تقلك وأي سماء تظلك إلا أرض الله وسماؤه، وأي مكان يحميك من أن يراك الله ويطلع عليك وينظر إليك فـهو ـ تعالى ـ يراك، فـاجعل لـه في قـلبك وقاراً، وإذا حدثتك نفسك بالمعصية أيا كانت هذه المعصية فقل لها: {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} [العلق:14]
أخي الحبيب: قبل أن تعصي الله تذكر من أنت. من أنت أيها المسكين حتى تعصي إله الأولين والآخرين ورب العالمين ؟ من أنت أيها الضعيف الذي لا تملك لنفسك نفعاً، ولا ضراً، ولا حولاً، ولا طولاً حتى تعصي القوي العـزيز الذي خـضع لـه كل شيء، وملأت كل شيء عظمته، وقهر كل شيء ملكه، وأحاطت بكل شيء قدرته، تذكر من أنت ومن هو العظيم الذي تعصيه، وأنت فقير محتاج إليه؟ وبقدر ما يعظم قدر الله في قلبك يعظم مكانك عنده قال ـ تعالى ـ: {وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ}[الحج:30]
أخي الحبيب: قبل أن تعصي الله تذكر نعمه الكثيرة عليك {يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ*الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ} [الانفطار:7،6] خلقك الله من عدم، وشفاك من سقم، وأسبغ عليك وافر النعم، أطعمك من جوع وكساك من عري، وأرواك من ظمأ قال ـ تعالى ـ: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الْأِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ}[ابراهيم:34] فكيف يا عبد الله تبدل نعمة الله كفراً؟! وفضله وجوده عليك جحوداً ونكراً ؟! كيف تقابل الإحسان بالنكران؟! والعطايا بالخطايا؟! كيف تعصي الله وأنت تتقلب في نعمه؟ وهل تعصيه إلا بنعمه؟ فبأي وجه تلقى الله وقد أعطاك ومنحك وأكرمك ووهبك هذه النعم ثم تأتي وتعصيه بها؟! أما تخاف من عقابه؟ وتجزع من عذابه وهو القادر على أن يسلبها منك كيفما شاء ومتى شاء، فكم من نعمة أسبغها الله صاحبها فبدلها كفراً وأعقبها نكراً فكانت نهاية صاحبها خسراً: {ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ}[سـبأ:17].
أخي الحبيب: يا من تعصي الله تذكر أنك تعصي الله في ملكه، وفوق أرضه، وتحت سمائه، فهل ترضى أنت أن تعصي في بيتك وملكك وسلطانك؟! أما تخاف أن يطردك الله من رحمته ويحرمك من مغفرته بعد أن بارزته في ملكه بمخالفة أوامره وارتكاب محارمه؟ أما تخاف أن يكون الرب المنتقم قد غضب عليك عندما تطاولت على حدوده، وقدمت مرادك على مراده، وقال: اذهب فبعزتي وجلالي، لا أغفر لك أبداً. تأكل وتشرب، وتضحك، وتفرح، وتمرح، والله من فوق سمواته وعرشه غاضب منك ساخط عليك؛ فويل لمن كان له الويل وهو لا يشعر!!
أخي الحبيب: تذكر أن الله شديد العقاب، وأنه عزيز ذو انتقام، ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين، وأنه يغار إذا انتهكت محارمه، وما أهلك الأمم السابقة إلا أنهم تعدوا حدود الله، وانتهكوا حرماته، وبارزوه بالمعاصي، وما من مصيبة تلم بالعبد ولا عقوبة تقع عليه إلا بسبب بعض ذنوبه ومعاصيه، ولو يؤاخذ الله العبد بكل سيئاته {مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ}[النحل:61] ولكنه ـ سبحانه ـ أهل التقوى وأهل المغفرة.. وما أكثر أولئك الذين اعتمدوا على رحمة الله ـ تعالى ـ وعفوه وكرمه وجوده فضيعوا أوامره، وارتكبوا نواهيه، ونسوا أنه أيضاً شديد العقاب، ومن اعتمد على العفو مع الإصرار على الذنب، فهو كالمعاند؛ لأن حسن الظن بالله ورجاء العفو والمغفرة تنفع من تاب، وندم، وأقلع عن الذنب، وبدل السيئة بالحسنة، أما من يرجو رحمة الله وهو لا يطيعه ولا يتمثل أمره فهذا من الخذلان والحمق.
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها *** إن السفينة لا تجري على اليبسوإن من أعظم الاغترار طلب دار المتقين المطيعين بالمعاصي، وانتظار الجزاء بغير عمل، ويستحيل في حق الله العادل أن يساوي بين البر والفاجر وبين المحسن والمسيء قال ـ تعالى ـ {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ}[الجاثـية:21] وقال ـ تعالى ـ {أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ}[صّ: 28].
أخي الحبيب: تذكر يوم تشهد عليك الشهود وتفضحك فيه الجوارح والجلود! فأين يكون مهربك؟ وإلى أين يكون الملتجأ؟ والشهود منك والشهادة عليك، فتأمل يا مسكين!! تعصي الله بها ومن أجلها، وتذود عنها، ثم تأتي يوم القيامة تشهد عليك! وتذكر أيضاً المكان الذي عصيت الله فيه يأتي يوم القيامة شاهداً عليك، وتذكر أن الزمان شاهد عليك! وتذكر أن الله أرصد لك وبك ملائكة كراماً يرونك من حيث لا تراهم، ويعلمون ما تقول وما تفعل:{يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ}[الانفطار:12] ويوم القيامة يشهدون عليك،فأين المهرب من كل هؤلاء الشهود؟!
أخي الحبيب: تذكر الإحصاء والكتابة عندما يذوب قلبك كمـداً وحـزناً، وينحـرق أسفـاً ولوعـةً عندمـا تـنشر صحفك المطوية بأعمالك المخزية، أنت نسيتها، ولكن الدين لا ينسى قال ـ تعالى ـ: {أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوه} [المجادلة: 6].
لم ينسه الملكان حــــين نسيته *** بل ســــجـــــلاه وأنت لاه تلعبسترى هذه الأعمال حين تأتي ساعة الندم، حينما تذهب اللذات وتبقى الحسرات! حينما تذهب الشهوات وتبقى التبعات!
فتذكر كتاباً يبسط وينشر بين يديك، وكل ما فيه لك أو عليك، وتذكر أن كل لفظ تقوله ولك فعل تفعله، ولك حركة تصدرها مسجلة عليك، وستراها يوم القيمة أمام ناضريك، فاعمل وقل ما يسرك أن تراه يوم أن تلقى الله يـــــــوم القيامـــــــــة.
أخي الحبيب: تذكر الاستدراج من الله وأنه ـ سبحانه ـ يمهل ولا يهمل،فاحذر أن تكون من أولئك الذين أمدهم الله بالصحة والنعم وهم مقيمون على المعاصي والزلل ويحسبون أن لهم كرامة ومنزلة عنده وهم سقطوا من عينه، وهانوا عليه، قال ـ تعالى ـ: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ} [المؤمنون:56،55] فلا يغررك من الله طول حلمه عليك، وستره إياك، فربما كان إمهاله لك مكراً بك واستدراجاً لك حتى تزداد بالإمهال إثماً فيزداد عذابك،واحذر أن يكون الله قد مكر بك في إحسانه لك فتناسيت، وأمهلك في غيك فتماديت، وسقطت من عينه فما دريت، ولا باليت.
تذكر الموت وسكرته ، والقبر وظلمته، والميزان ودقته، والصراط وزلته، والحشر وأهواله، تذكر يوم القيامة يوم الحسرة والندامة الذي تكون دعوى الأنبياء ـ وهم الأنبياء ـ في ذلك اليوم ((نفسي نفسي،لا أسألك إلا نفسي، اللهم سلم سلم)) فأي حال يكون حالك أنت؟ وأي مقال يكون مقالك في تلك اللحظات الرهيبة التي تأتي فيها تحمل وزرك الذي بارزت الله به ليلاً ونهاراً، سراً وجهارا،ً إنه موقف الذل والخزي، فبأي وجه تلقى الله، وأنت قد خالفت أوامره، وانتهكت حدوده، فهل أعددت الحجة، وجهزت الجواب للسؤال.
أخي الحبيب: يا من تعصي الله، أن الله خلقك لغاية عظيمة ومهمة جسيمة، ولم يخلقك عبثاً، ولن يتركك سدى قال ـ تعالى ـ: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ} [المؤمنون:115] وقال ـ تعالى ـ: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذريات:56] وقد منحك الله الوقت، وأمهلك؛ حتى تتزود فيها من الطاعات، فإذا بك ويا للأسف تنقلب على وجهك، وتنكص على عقبيك، فتبارزه بالذنوب والمعاصي، وكلما طالت أيامك زادت آثامك، وعظمت ذنوبك، والديان لا ينسى، فاحذر أخي من أن تستمر في غيك ولهوك وإعراضك إلى أن ينقضي زمن المهلة، ويأتي زمن النقلة، ولا تصحوا إلا على صائح الموت يحدو، وهناك في موضع الندم ومكان الحسرة والألم عندما يهجم عليك الموت فينكشف عنك الغطاء، وتقبل على الآخرة بما فيها من الأهوال العظيمة وتكسب العبرات ترجو الرجوع ولا رجوع قال ـ تعالى ـ: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ} [المؤمنون:99] ، فيا قبح الحال ويا بئس المآل.
أخي الحبيب: تذكر أنك عندما عصيت الله كأنك قد انهزمت في المعركة، وخسرت الجولة مع أعدى أعاديك، ذلك العدو الذي لا يألو جهداً في أن يرديك في الهاوية قال ـ تعالى ـ: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ* إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [صّ:83،82] فهل تريد أن تكون من عباد الرحمن المخلصين، فتنعم ببرد الطاعة ورضا الرب، وتقاد إلى دار الجنان والسعادة والأمان ؟ أم ترغب في أن تكون من أتباع الشيطان، فتعيش في ظلمة المعصية، وتساق إلى دار العذاب والهوان والنيران؟
أخي الحبيب: إن طريق الجنة محفوف بالمكاره، وهو عقبه كؤود ومرتقى صعب لا يتجاوزه إلا كل مخف من الذنوب والسيئات، فهل تريد الجنة وما فيها من النعيم وأنت على المعاصي مقيم؟! وهل تريد سعادة الدنيا والآخرة وأنت متنقل من معصية إلى معصية؟
تصل الذنوب إلى الذنوب وترجى *** درج الجنان بها وفوز العابدأخي الحبيب: قد آن لك أن تقلع وتتوب من كل الذنوب، وأن تلتزم بالطاعة التي يعزك الله بها والتي فيها سعادتك في الدنيا والآخرة: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ}[الحديد: 16]... بلى والله قد آن.. قد آن.. قد آن.
ونـســيــت أن الله أخــــــــرج آدم *** منها إلى الــدنيا بذنب واحـد
[ALIGN=CENTER][TABLE1="width:95%;background-color:black;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه[/ALIGN][/CELL][/TABLE1][/ALIGN]
ثبت في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : \" لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة , فانفلتت منه , وعليها طعامه وشرابه فأيس منها فأتى شجرة فأضطجع في ظلها – قد أيس من راحلته – فبينا هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح اللهم أنت عبدي وان ربك – أخطأ من شدة الفرح – \"
سبحان الله ... وما أجمل تلك الحكاية التي ساقها ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين حيث قال : \" وهذا موضع الحكاية المشهورة عن بعض العارفين أنه رأى في بعض السكك باب قد فتح وخرج منه صبي يستغيث ويبكي , وأمه خلفه تطرده حتى خرج , فأغلقت الباب في وجهه ودخلت فذهب الصبي غير بعيد ثم وقف متفكرا , فلم يجد له مأوى غير البيت الذي أخرج منه , ولا من يؤويه غير والدته , فرجع مكسور القلب حزينا . فوجد الباب مرتجا فتوسده ووضع خده على عتبة الباب ونام , وخرجت أمه , فلما رأته على تلك الحال لم تملك أن رمت نفسها عليه , والتزمته تقبله وتبكي وتقول : يا ولدي , أين تذهب عني ؟ ومن يؤويك سواي ؟ ألم اقل لك لا تخالفني , ولا تحملني بمعصيتك لي على خلاف ما جبلت عليه من الرحمة بك والشفقة عليك . وارادتي الخير لك ؟ ثم أخذته ودخلت .
فتأمل قول الأم : لا تحملني بمعصيتك لي على خلاف ما جبلت عليه من الرحمة والشفقة .
وتأمل قوله صلى الله عليه وسلم \" الله أرحم بعباده من الوالدة بولدها \" وأين تقع رحمة الوالدة من رحمة الله التي وسعت كل شيء ؟
فإذا أغضبه العبد بمعصيته فقد أستدعى منه صرف تلك الرحمة عنه , فإذا تاب إليه فقد أستدعى منه ما هو أهله وأولى به .
فهذه تطلعك على سر فرح الله بتوبة عبده أعظم من فرح الواجد لراحلته في الأرض المهلكة بعد اليأس منها .
حين تقع في المعصية وتلم بها فبادر بالتوبة وسارع إليها , وإياك والتسويف والتأجيل فالأعمار بيد الله عز وجل , وما يدريك لو دعيت للرحيل وودعت الدنيا وقدمت على مولاك مذنبا عاصي ,ثم أن التسويف والتأجيل قد يكون مدعاة لاستمراء الذنب والرضا بالمعصية , ولئن كنت الآن تملك الدافع للتوبة وتحمل الوازع عن المعصية فقد يأتيك وقت تبحث فيه عن هذا الدافع وتستحث هذا الوازع فلا يجيبك .
لقد كان العارفون بالله عز وجل يعدون تأخير التوبة ذنبا آخر ينبغي أن يتوبوا منه قال العلامة ابن القيم \" منها أن المبادرة إلى التوبة من الذنب فرض على الفور , ولا يجوز تأخيرها , فمتى أخرها عصى بالتأخير , فإذا تاب من الذنب بقي عليه التوبة من التأخير , وقل أن تخطر هذه ببال التائب , بل عنده انه إذا تاب من الذنب لم يبقى عليه شيء آخر .
ومن موجبات التوبة الصحيحة : كسرة خاصة تحصل للقلب لا يشبهها شيء ولا تكون لغير المذنب , تكسر القلب بين يدي الرب كسرة تامة , قد أحاطت به من جميع جهاته وألقته بين يدي ربه طريحا ذليلا خاشعا ,
فمن لم يجد ذلك في قلبه فليتهم توبته . وليرجع إلى تصحيحها , فما أصعب التوبة الصحيح بالحقيقة , وما أسهلها باللسان والدعوى.
فإذا تكرر الذنب من العبد فليكرر التوبة , ومنه أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله : أحدنا يذنب , قال يكتب عليه , قال ثم يستغفر منه ويتوب ,قال : يغفر له ويتاب عليه , قال : يكتب عليه , قال :ثم يستغفر ويتوب منه ,قال : يغفر له ويتاب عليه . قال فيعود فيذنب . قال :\"يكتب عليه ولا يمل الله حتى تملوا \"
وقيل للحسن : ألا يستحي أحدنا من ربه يستغفر من ذنوبه ثم يعود , ثم يستغفر ثم يعود , فقال : ود الشيطان لو ضفر منكم بهذه , فلا تملوا من الاستغفار .
إن الهلاك كل الهلاك في الإصرار على الذنوب
وان تعاظمك ذنبك فاعلم أن النصارى قالوا في المتفرد بالكمال : ثالث ثلاثة . فقال لهم ( أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه ) وإذا كدت تقنط من رحمته فان الطغاة الذين حرقوا المؤمنين بالنار عرضت عليهم التوبة : ( إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا )
هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
[ALIGN=CENTER][TABLE1="width:95%;background-color:white;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
الفوائد العشرة ... لمن غض بصره[/ALIGN][/CELL][/TABLE1][/ALIGN]
1) امتثال لأمر الله الذي هو غاية سعادة العبد في معاشه ومعاده ، وليس للعبد في دنياه وآخرته أنفع من امتثال أوامر ربه تبارك وتعالى ، وما سعد من سعد في الدنيا والآخرة إلا بامتثال أوامره ، وما شقي من شقي في الدنيا والآخرة إلا بتضييع أوامره .
2) يمنع من وصول أثر السهم المسموم الذي لعل فيه هلاكه إلى قلبه .
3) أنه يورث القلب أنسا بالله وجمعية على الله ، فإن إطلاق البصر يفرق القلب ويشتته ، ويبعده من الله ، وليس على العبد شيء أضر من إطلاق البصر فإنه يوقع الوحشة بين العبد وبين ربه .
4) يقوي القلب ويفرحه ، كما أن إطلاق البصر يضعفه ويحزنه .
5) أنه يكسب القلب نورا كما أن إطلاقه يكسبه ظلمة ، ولهذا ذكر الله آية النور عقيب الأمر بغض البصر ، فقال : ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ) ، ثم قال اثر ذلك : ( الله نور السماوات والأرض ، مثل نوره كمشكاة فيها مصباح ) ، أي مثل نوره في قلب عبده المؤمن الذي امتثل أوامره واجتنب نواهيه ، وإذا استنار القلب أقبلت وفود الخيرات إليه من كل جانب ، كما أنه إذا أظلم أقبلت سحائب البلاء والشر عليه من كل مكان ، فما شئت من بدعة وضلالة واتباع هوى ، واجتناب هدى ، وإعراض عن أسباب السعادة واشتغال بأسباب الشقاوة ، فإن ذلك إنما يكشفه له النور الذي في القلب ، فإذا فقد ذلك النور بقي صاحبه كالأعمى الذي يجوس في حنادس الظلام .
6) أنه يورث الفراسة الصادقة التي يميز بها بين المحق والمبطل ، والصادق والكاذب ، وكان شاه بن شجاع الكرماني يقول : من عمر ظاهره باتباع السنة وباطنه بدوام المراقبة ، وغض بصره عن المحارم ، وكف نفسه عن الشهوات ، واعتاد أكل الحلال لم تخطئ له فراسة ؛ وكان شجاع هذا لا تخطئ له فراسة .
7) أنه يورث القلب ثباتا وشجاعة وقوة ، ويجمع الله له بين سلطان البصيرة والحجة وسلطان القدرة والقور ، كما في الأثر : " الذي يخالف هواه يفر الشيطان من ظله " ، وضد هذا تجده في المتبع هواه من ذل النفس ووضاعتها ومهانتها وخستها وحقارتها ، وما جعل الله سبحانه فيمن عصاه ، كما قال الحسن : " إنهم وإن طقطقت بهم البغال وهملجت بهم البراذين ، فإن ذل المعصية لا يفارق رقابهم ، أبى الله إلا أن يذل من عصاه " ، وقد جعل الله سبحانه العز قرين طاعته والذل قرين معصيته ، فقال تعالى : ( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ) ، وقال تعالى : ( ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ) ، والإيمان قول وعمل ، ظاهر وباطن ، وقال تعالى : ( من كان يريد العزة فلله العزة جميعا ، إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ) ، أي من كان يريد العزة فليطلبها بطاعة الله وذكره من الكلم الطيب والعمل الصالح ، وفي دعاء القنوت : " إنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت " ، ومن أطاع الله فقد والاه فيما أطاعه، وله من العز سب طاعته ، ومن عصاه فقد عاداه فيما عصاه فيه ، وعليه من الذل بحسب معصيته .
8) أنه يسد على الشيطان مدخله من القلب ، فإنه يدخل مع النظرة وينفذ معها إلى القلب أسرع من نفوذ الهواء في المكان الخالي ، فيمثل له صورة المنظور غليه ويزينها ، ويجعلها صنما يعكف عليه القلب ، ثم يعده ويمنيه ويوقد على القلب نار الشهوة ، ويلقي عليه حطب المعاصي التي لم يكن يتوصل إليها بدون تلك الصورة ، فيصير القلب في اللهب ، فمن ذلك تلد الأنفاس التي يجد فيها وهج النار ، وتلك الزفرات والحرقات ، فإن القلب قد أحاطت به النيران من كل جانب ، فهو وسطها كالشاة في وسط التنور ، ولهذا كانت عقوبة أصحاب الشهوات بالصور المحرمة : أن جعل لهم في البرزخ تنوراُ من نار ، وأودعت أرواحهم فيه إلى حشر أجسادهم ، أراها الله نبيه -صلى الله عليه وسلم- في المنام في الحديث المتفق على صحته .
9) أنه يفرغ القلب للتفكر في مصالحه والاشتغال بها ، وإطلاق البصر يشتت عليه ذلك ويحول بينه وبينها فتنفرط عليه أموره ويقع في اتباع هواه وفي الغفلة عن ذكر ربه ، قال تعالى : ( ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا ) ، وإطلاق النظر يوجب هذه الأمور الثلاثة بحسبه .
10) أن بين العين والقلب منفذا أو طريقا يوجب اشتغال أحدهما بما يشغل به الآخر ، يصلح بصلاحه ويفسد بفساده ، فإذا فسد القلب فسد النظر ، وإذا فسد النظر فسد القلب ، وكذلك في جانب الصلاح ، فإذا خربت العين وفسدت خرب القلب وفسد ، وصار كالمزبلة التي هي محل النجاسات والقاذورات والأوساخ ، فلا يصلح لسكنى معرفة الله ومحبته والإنابة إليه ، والأنس به ، والسرور بقربه ، وإنما يسكن فيه أضداد ذلك .
المرجع : الجواب الكافي
للإمام : ابن القيِّم بن الجوزيه
[align=center]http://up1.mlfnt.net/images/p8uz7pykrvrc89ie75sj.gif[/align]
[align=center]http://img132.imageshack.us/img132/4885/aminesm9.gif[/align]