View RSS Feed

الحب والجمال والأخلاق

قال لي نزار قباني [ سلسلة في حلقات حول شاعر الياسمين في ذكرى رحيله الثانية عشرة ]

Rate this Entry
لكل زمن سمة ولكل عصر رجال ، لكل مرحلة ادباءها ، ولكل جيل ميزة
لم يعاصرنا نزار قباني في شعره وأدبه ونثره حتى بلوغ هذه الألفية
لكننا عاصرناه بكل تفاصيل حياتنا
بلغ منا نصف العمر ونحن نتابع بعد رحيله بقية العمر على الارث الضخم
الذي تركه لنا.

الحديث عن نزار الياسمين لا يمكن اختصاره بمقالة ذات حروف معدودة بل يحتاج هذا الشاعر الى مدونات ومساحات لا تمل ذكره .
قد يعترض البعض لأني من عشاق نزار ومن شام نزار وياسمين نزار و البيت العتيق الذي يحبه نزار والقطة الدمشقية ونافورة الماء و الاحساس الوطني الذي يمتلكه نزار
ولكن مهما حاول البعض من تغريب نزار وفصله عن عروبته وبلاده لن ينفصل عنا بسهولة
ولن يتلاشى نزار لأنه آبد كالمعلقات و التاريخ والقصيدة والقضية.

قالي نزار قباني في سلسلة سأبدأها بهذا الحوار النادر قبل رحيله..

فتحت المسجلة ، ووضعت امامي كتاب اسمه الشعر...
ما هي الا لحظات وانا اردد مع فيروزا..
"يا عصفورة الشجن...
مثل عينيك بلا وطن..."
.
.
أحب الجنون ، العب معه كطفل تسرقه أول الليل يد الوثن...
أتعلمون ، عشقي له كعشق أمي لأحضانها حين ارتمي عليها آخر الليل من تعب الحروف...
.
قالها لي نزار.. :
"الشعر هو كلمة السر ، من عرف متى يقولها وكيف يقولها ، استطاع أن يزحزح الصخرة المسحورة ويصل الى صناديق اللؤلؤ والمرجان ، والى الحور المقصورات في الجنان"...
.
والزخات تحب أن تلعب مع السحاب لعبة الجنون ...
أن تزرع أول زهرة برية ليحملها قلبٌ كانت تنتظره مختبئة وراء صخرة رمادية...
.
الإنسان ، له ذوقٌ جميل والتعبير بين يديه أجمل ، فالحيوان لا يهتم بالنجوم ، كاهتمام قلب جنوني بروعة المغارب ولا يمسك الزهرة ذلك الحيوان الا ليفترسها ، لكن جنوننا يضم الوردة ويصنع العطر من رحيقها كما تفعل النحلة في الربيع الأخضر...
.
"أي وهمٍ انت عشت به ، كنت في البال ولم تكن" (رددي يا عصفورة الشجن ، فأنا مثلك بلا سكنٍ ، انما عيناك ايها الجنون هو سكني...)
.
.
"الشعر خنجرٌ ذهبي مدفون في لحمي ، أكره ان يتركني ، ولا أكره ان يذبحني" (صرخها نزار) ، والجنون هو خنجري ... احبه حين يخرقني بحروفه ويقتلني ..
.
.
امسك الورقة ، وامارس القتل الجنوني فوقها ، فتخرج منها إفرازات جميلة ، لم اعهد انها معي تسكنني ، كنزيف الحروف في وسط السماء المليئة بالنجوم تتوالد من شق ريشة خشبية ، قديمة ، ...
.
.
"إن المجانين وحدهم هم الذين يتغذون بحوارهم الداخلي ويعلكون خبز أوهامهم"
"اللوحة بحاجة الى من يراها ، والتمثال بحاجة الى من يلمسه ، والسمفونية بحاجة الى من يسمعها ، أما الشعر فربما كان اكثر الفنون حاجة الى الانسان لأنه مشتبك بلحم الانسان ، بفمه وحنجرته".... (رسمها نزار قباني على جدار أبيض) ...
.
.
ساقول لكم...
الجنون عند الزخات نارٌ ، ونار الانسان لا تموت ، لأنه شرايينه قطرة زيت ، وقطرة جنون ، وقطرة حب...
.
.
جنوني...
موجود في كل مكان ، كل تفاصيل حياتي ، في افراحي ، واحزاني ، فأنا اقدمه عندما استنشق عطر وردة بيضاء ...
عندما اشترى علبة حلوى ، اقدمها لاطفال الحاره عندنا ،
في جنوني تطريزة ذهبية ، لا انها فضية برجوازية..
صنعها لي صائغ الحروف ، قلادة في رقبة طفل بريء...
.
.
هو جرعة جنونية ، غير معقولة في زماننا ، فهم لا يعترفون ببقاياه ، اتناولها في صباحي ، مع كأس شاي خلط بالنعنع الاخضر ، وعلى المساء تحت ضوء القمر ، نتسامر معا.. على اغنية جميلة تقول: أهواك بلا أملِ ، نعم انها فيروز تطرب ليلي..
.
.
مجموعة صور ، في كتاب طبع عليه باحرف سميكة ، لا لون لها ..
صورٌ من هذيان الجنون يا لؤلؤتي ... اتدركين ان للجنون ايضا هذيانٌ خاص به ...
الم تعلمي ذلك ، اننا نستطيع ان نجعل الجنون يهذي كالاطفال ، فيصرخ في وجوهنا ، يطالبنا بحضنٌ ، يدفئ حروفه ..
.
.
اصطحبت مرة كاميرا جدي العتيقة ، وذهبت اجر رجلاي بعربتي ، التقط الازهار واشم رائحة الارض بعد عطاء السماء لها بزخات طردت عنها الغبار..
دهشت كثيرا ، حين وقف امامي جنوني ،
فقتل له: قف ، لحظة ، دعني آخذ لك صورة فوتوغرافية..
دعني اعلقها على حائط حزني في غرفتي المظلمة..
قف .. قف .. قف ، ارجوك...
فحلق عاليا.. وقال لي:
ليس للجنون صورة فوتوغرافية معروفة ، فأنا هنا على سطح بيتكم ، وهناك على سطح جيرانكم ، فوق صحن الفقير.. تحت طاولة الغني..
وعلى الشوارع يرسمني اطفال مشاكسون...
لا احد يعرفني ، ولا انا اعرف نفسي ..
فلا جواز لي ، كالطير ، الا ان الطير يقتل ...
وانا.. لا صورة لي فاذهبي عني الان..
.
.

جنوني ،
تركيبة بيولوجية ، كيماوية ، وتشريحا لرماد جسد ، احترق الحروف داخله...
حين حاولت ان تصل للشمس ، لتهديها الى اغلى نبضاتها ، فاحترقت عند اول المسافات ،
واكملت طريقها بمصاحبة جنونها ، علها تصل الى باب المشاعر والانفعالات داخل سرب من الحمام...
لكنها احترقت ، وجمعت رمادها في قارورة ، وادخلتها النهر ليصل الى شاطئه...
.
.
جنوني لي وحدي ، يملكني واملكه
كرقصة افقد بها توازني ، على لغة ليس لها حروف ساكنة ،
رقصة بكل اجزاء النفس ، وخلجاتها الواعية واللاواعية ،
بكل طبقاتها المنكسرة والمستتره ،
بكل احلامها الممكنة وغير الممكنة ،
بكل خطوة ، معقولة وغير معقولة ،
فهي جنوني...
من قـلـب ذلك القلم الحزين

Submit "قال لي نزار قباني [ سلسلة في حلقات حول شاعر الياسمين في ذكرى رحيله الثانية عشرة ]" to Facebook Submit "قال لي نزار قباني [ سلسلة في حلقات حول شاعر الياسمين في ذكرى رحيله الثانية عشرة ]" to Google Submit "قال لي نزار قباني [ سلسلة في حلقات حول شاعر الياسمين في ذكرى رحيله الثانية عشرة ]" to StumbleUpon Submit "قال لي نزار قباني [ سلسلة في حلقات حول شاعر الياسمين في ذكرى رحيله الثانية عشرة ]" to del.icio.us Submit "قال لي نزار قباني [ سلسلة في حلقات حول شاعر الياسمين في ذكرى رحيله الثانية عشرة ]" to Digg

الكلمات الدلالية (Tags): قال لي نزار إضافة/ تعديل الكلمات الدلالية
التصانيف
Uncategorized

Comments

  1. الصورة الرمزية شام
    وعندما يتجرع نزار أحزانه في الاندلس، الفردوس المفقود، يتذكر أمية ومعاوية ويتذكر السرايا الزاهية التي تحمل من دمشق في ركابها حضارة وعافية ....
    وكما أتت القصيدة بصيغة سؤال الحبيبة وإجابتها في العام 1964 تأتي قصيدته ( طعنوا العروبة في الظلام بخنجر، فإذا هُم بين اليهود يهود !) قبل سنة تماماً من رحيله، في عام 1997 بصيغة سؤال الصديقة وإجابتها أيضاً: ‏
    لا تسأليني... ‏
    من هو المأمون .. والمنصور ؟ ‏
    أو من كان مروان ؟ ‏
    ومن كان الرشيد ؟ ‏
    أيام كان السيف مرفوعاً.. ‏
    وكانت تملأ الدنيا .. ‏
    الكتائب... والبنود ‏

    ويزداد نزار عندما يعشق رقياً، ويطلب من حبيبته أن تدخل في اللحم والأعصاب
    سيفاً أموياً لأنه لم يكن قبلها إلا بدوياً... ولكنه يعود في (لماذا تنامين وحدك؟) فيقول : ‏

    إنني لم أسافر أبداً إلى سيبيريا ‏
    ولا جربت عشق السيبيريات ‏
    إنني بدوي مئة بالمئة ‏
    جنوبي مئة بالمئة ‏
    دمشقي مئة بالمئة ‏
    فإذا كنت تعرفين تراثي ‏
    وجذوري... ‏
    وسلالاتي... ‏
    وإذا كنت مهتمة ‏
    بتاريخ الفتوحات الأمويهْ ‏
    فلماذا تنامين وحدك ؟

    أما في ( منشورات فدائية على جدران اسرائيل ) فيعلم الصهاينة بأنهم : ‏
    محاصرون أنتم بالحقد والكراهية ‏
    فمن هنا، جيش أبي عبيدة... ‏
    ومن هنا معاويهْ ‏
    سلامكم ممزق ‏
    وبيتكم مطوق ‏
    كبيت أي زانيهْ... ‏

    ويسلم على ياسمين دمشق الذي يعربش حيناً على كتفيّ .. وحيناً على شرفات الغمام، ويجعلني ملكاً أموياً... ونافورةً في بيوت الشام... ‏
    ويفصح في (ترصيع بالذهب على سيف دمشقي) عن هواه الأموي، ويحار في إخفائه أو إظهاره.... ‏
    وعندما يدوّن (ملاحظاته في زمن الحب والحرب) وقد غمرته نشوة الانتصارات بحرب تشرين، يقول : ‏
    ألاحظت أنك صرت دمشقَ .. ‏
    بكل بيارقها الأمويهْ ‏
    ...... ‏
    وصرت الكتابة والأبجديهْ.... ‏
    وينادي الشام مفاخراً بعصر بني أمية أسفاً لما آل إليه حال العرب: ‏
    ياشام... أين هما عينا معاوية ‏
    وأين من زحموا بالمنكب الشهبا ‏
    فلا خيول بني حمدان راقصة ‏
    زهوا، ولا المتنبي مالئ حلبا ‏
    وقبر خالد في حمص، نلامسه ‏
    فيرجف القبر من زواره غضبا ‏

    وفي (مواويله الدمشقية إلى قمر بغداد) فيؤكد على التآخي الذي يربط سورية بالعراق فنهر دجلة العاشق يزور دمشقَ، ويصير ماء الفرات مداما: ‏
    إنّ كف المأمون في كف مروان ‏
    وماء الفرات صار مداما ‏
    بابل ضوأت... وقبر علي ‏
    ترك الأرض، واستحال غماما ‏
    ويطلب من بردى أن يتزوج نخل العراق : ‏
    وتزوج نخل العراق.... وأنجب ‏
    خالداً ثانياً... وأنجب هشاماً... ‏
    لن يكون العراق إلا عراقاً ‏
    وهشام العظيم يبقى هشاماً... ‏
    وفي (يوميات هارب من الجندية ) يطلب من حببته أن تعذره، لأنه لم يعد في العمر عمر ليلم الزغب الناعم عن جسم رباب، والكحل عن عيني بهية : ‏
    لم يعد في العمر مايكفي، لأبقى ساهراً ‏
    أشعل الشمع بأعماق العيون ‏
    الفاطميهْ ‏
    إنني أخرنا فورة ماء ‏
    تتهجى اللغة الاندلسيهْ ‏
    وأنا اخر سيف ذهبي ‏
    في الفتوح الامويهْ !! ‏
  2. الصورة الرمزية شام
    سئل مرة: ما ردك على الذين يقولون أنك سلعّت المرأة؟ فيجيب: (الذين يقولون هذا الكلام لم يقرؤوني جيداً، لأنني لو اشتغلت في تسويق المرأة أو تسليعها أو تعليبها لكنت اليوم أكبر ملياردير في العالم، لكنني مع الأسف تاجرت بالنار حتى احترقت، فلا المرأة استدعت فرقة الإطفاء لإنقاذي، ولا الرجل الذي بيني وبينه ثأرات قديمة رضي أن يأخذني بسيارته إلى قسم الطوارئ، هناك كثيرون يظنون أنني طالبت بتحرير المرأة من أنياب الرجل لأمتلكها أنا، وأنني نسخة طبق الأصل عن شهريار أو دراكولا، ألقاب ما أنزل الله بها من سلطان ألصقت بي، ولكن الذين يعرفون جيداً أن شهريار القباني، هذا ليس عنده شفرة حلاقة لذبح النساء وليست عنده الشجاعة لقتل عصفور..)
  3. الصورة الرمزية شام
    نزار قباني الذي عاش طفولته في بيت دمشقي في حي مئذنة الشحم، كان يحطم ألعابه ليكتشف أسرارها، ومرة أشعل النار في ثيابه ليكتشف سر النار، ورمى بنفسه من فوق السطح ليكتشف معنى السقوط، هذا الشاعر الذي ولدت أبياته الشعرية الأولى في عرض البحر وهو في رحلة مدرسية إلى إيطاليا، فقفز البيت الأول مثل سمكة حمراء وقفز الثاني والثالث.. ثم أكمل مشواره مع الشعر ليؤسس أول جمهورية للشعر الحديث وليترك بصمته على تاريخ الشعر العربي، ولعله هنا قريب من المتنبي حين قال: (أنام ملء جفوني عن شواردها ويسهر الخلق جراها ويختصم). ‏
    وفي العودة إلى ما قاله نثراً في وصف ذلك المنزل الدمشقي فإن كلمات نزار كانت تماماً قارورة عطر دمشقي (هل تعرفون معنى أن يسكن الإنسان في قارورة عطر؟ بيتنا كان تلك القارورة، إنني لا أحاول رشوتكم بتشبيه بليغ، ولكن ثقوا أنني بهذا التشبيه لا أظلم قارورة العطر إنما أظلم دارنا) كلمات الشاعر وهي تعبر بنا إلى ذاك البيت الذي عاش فيه طفولته كانت بحق قارورة عطر. ‏
    ما زال نثر نزار قباني مساحة لغوية كبيرة يمكن أن يشتغل عليها النقاد والدارسون، لأن هذا النثر ما زال فيه الكثير من الأسرار الجميلة التي تحتاج إلى آراء النقاد. ‏
  4. الصورة الرمزية شام
    تساءلت في حنان عن حبنا كيف كان؟ ‏
    وكيف استحلنا حرائقا في ثوان ‏
    صرنا ضياء وصرنا في دوزنات الكمان ‏
  5. الصورة الرمزية شام
    لا تسألوني ما اسمه حبيبي ‏
    أخشى عليكم ضوعة الطيوب ‏
    والله لو بحت بأي حرف ‏
    تكدس الليلك في الدروب ‏
    ترونه في ضحكة السواقي ‏
    وفي غناء كل عندليب ‏
    محاسن ما ضمّها كتاب ‏
    ولا ادعتها ريشة الأديب ‏
  6. الصورة الرمزية شام
    ولا تغيب فلسطين عن شعر نزار و عن عيني نزار فرغم كل محاولات البتر بينه وبين عروبته الا أن ما قاله في فلسطين
    يخرس الالسنة حتى بعد وفاته:

    أصبح عندي الآن بندقية

    إلى فلسطين خذوني معكم

    إلى ربى حزينة كوجه مجدلية

    إلى القباب الخضر والحجارة النبية

    عشرون عاما وأنا أبحث عن أرض وعن هوية

    أبحث عن بيتي الذي هناك

    عن وطني المحاط بالأسلاك.

    أبحث عن طفولتي وعن رفاق حارتي

    عن كتبي عن صوري

    عن كل ركن دافيء وكل مزهرية..