المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة جمعة بعنوان ( إن الدين عند الله الإسلام )



الشيخ/عبدالله الواكد
08-02-2019, 01:03
خطبة جمعة
بعنوان
( إن الدين عند الله الإسلام )
كتبها
عبدالله فهد الواكد
إمام وخطيب جامع الواكد بحائل

الخطبة الأولى
الحمدُ للهِ الصبورِ الشكورِ، شملتْ قدرتُهُ كلَّ مخلوقٍ ومأمورٍ ، وجرتْ مشيئتُهُ بتصاريفِ الأمورِ.
وأشهدُ أنْ لاَ إلهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ ، جلَّ عن الشبيهِ والنظيرِ ، وتعالى عنِ الشريكِ والظهيرِ . وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ أعرفُ الخلقِ بربِّهِ، وأقومُهُم بخشيتِهِ، وأنصحُهُم لأمتِهِ ، وأصبرُهُم لحُكمِهِ، وأشكرُهُم لنِعَمِهِ . صلى اللهُ وملائكتُهُ وأنبياؤهُ عليهِ ، وسلم تسليمًا كثيرًا . (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ) آل عمران (102)
أَمَّا بَعْدُ: فَيَا أَيُّها المُسْلِمُونَ :
مُنْذُ أَنْ بَزَغَ نُورُ الإِسْلَامِ وَأَشْرَقَتْ شَمْسُ الرِّسَالَةِ المْحَمَّدِيَّةِ وَالإِسْلاَمُ يُبَيِّنُ لَنَا مَا يَجِبُ وَمَا يَحْرُمُ عَلَيْنَا فِعْلَهُ تَجَاهَ الأَدْيَانِ الأُخْرَى ، وَحَذَّرَنَا مِنْ ظُلْمِهِمْ بِإِسْمِ الإِسْلَامِ كَمَا حَذَّرَنَا مِنْ ظُلْمِنَا أَنْفُسَنَا بِإِقْرَارِهِمْ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ زَيْغٍ وَكُفْرٍ وَضَلَالٍ فَقَالَ سُبْحَانَهُ ( لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) الممتحنة (8) فَبِرُّ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى وَغَيْرِهِمْ وَالإِقْسَاطُ إِلَيْهِمْ قَدْ أَمَرَنَا اللهُ بِهِ طَالمَاَ أَنَّهُمْ لَمْ يُقَاتِلُونَا وَلَمْ يُخْرِجُوناَ مِنْ دِيَارِنَا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْنَا ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُقَاتِلْ اليَهُودَ حَتَّى نَقَضُوا عَهْدَهُ وَخَانُوهُ وَأَمَّا التَّعَامُلُ مَعَهُمْ فَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْتَاعُ مِنْهُمْ وَيَتَعَامَلُ مَعَهُمْ وَمَاتَ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ بَأَصْوَاعٍ مِنْ شَعِيرٍ
هَذَا فِي جَانِبِ التَّعَامُلِ مَعَهُمْ فِي أُمُورِ المَعَاشِ وَفِي حَوَائِجِ الدُّنْيَا ، أَمَّا الدِّينُ فَإِنَّهُ للهِ قَالَ تعَالَى (أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ۚ ) الزمر (3)
وَقَالَ تَعَالَى ( إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ) آل عمران (19)
وَقَالَ تَعَالَى ( وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) آل عمران (85)
أَيُّهَا الإِخْوَةُ المُسْلِمُونَ : لاَ خِلافَ بَيْنَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِيْنَ فِي أنَّ مَنْ يَبْتَغِي دِيناً غَيْرَ دِينِ الإِسْلاَمِ سَوَاءً مِنَ اليَهُودِ أَوْ النَّصَارَى (الْمَسِيْحِيينَ) أَوْ غَيْرِهِمْ فَهُوَ كَافِرٌ ، وَأَعْنِي بِذَلِكَ الَّذِيْنَ لَمْ يُؤمِنُوا بِالنَّبِيِّ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَبْعَثِهِ، وَهَذَا الأَمْرُ مِنَ الْمَعْلُومِ مِنَ الدِّيْنِ بَالضَّرُوْرَةِ
ومِنَ الوَاجِبِ أَنَّ نُبَيِّنَ للنَّاسِ الْحَقَّ؛ لِيَحْذَرُوا الوُقُوعَ فِي الكُفْرِ وَالضَّلَالِ ، لِأَنَّ المَسْأَلَةَ مَسْأَلَةُ عَقَيدَةٍ وَإِيمَانٍ ، وَفَوْزٍ بِالآخِرَةِ أَوْ خُسْرَانٍ ،
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ : لَقَدْ كَثُرَتْ وَسَائِلُ العِلْمِ إِلاَّ أَنَّ الجَهْلَ بِالدِّيْنِ الإسْلامِيِّ مُنْتَشِرٌ بَيْنَ كَثِيْرٍ مِنَ الْمُسْلِمِيْنَ، وَخُصُوصاً فِي مَسَائِلِ الإِعْتِقَادِ ، وَالأَدِلَّةُ مِنَ الْكِتَابِ والسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِيْنَ عَلَى كُفْرِ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى (الْمَسِيْحِيينَ) الضَّالِّيْنَ كَثِيرَةٌ جِدًّا
وَمِنْ كُفْرِهِمْ وَضَلاَلِهِمْ شَتْمُهُمْ وَسَبُّهُمْ لِرَبِّ الْعَالَمِيْنَ تَنَزَّهَ اللهُ عَنْ قَوْلِهِمْ وَتَعَالَى عُلُوًّا كَبِيراً قَالَ تَعَالَى ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ۖ ذَٰلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ ۖ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۚ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ ) (30)
وقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ( وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا) (92) [مريم:88-92].
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الحَدِيثِ القُدْسِيِّ ((قَالَ اللَّهُ : كَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَشَتَمَنِي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، أَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ أَنْ يَقُولَ: إِنِّي لَنْ أُعِيدَهُ كَمَا بَدَأْتُهُ، وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ أَنْ يَقُولَ: اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا، وَأَنَا الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ أَلِدْ وَلَمْ أُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لِي كُفُؤًا أَحَدٌ)) رَوَاهُ البُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ
وَالنَّصَارَى أَشْرَكُوا بِاللَّهِ تَعَالَى ؛ فَقَدِ اعْتَقَدُوا أَنَّ الْمَسِيْحَ إِلَهٌ، وَكَذَلِكَ اعْتَقَدُوا أَنَّ رُوْحَ القُدُسِ إِلَهٌ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (72) لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73) أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (74) مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (75) قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (76)}[المائدة:72-76].
وَمِنْ كُفْرِهِمْ وَضَلاَلِهِمْ عَدَمُ الإيْمَانِ بِرِسَالةِ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (150) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (151)}[النساء:150-151].
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ((وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ، وَلا نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ)) أَخْرَجَهُ مُسْلِمُ فِي صَحِيحِهِ
قَالَ شَيْخُ الإسْلامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللهُ : [وَقَدْ ثَبَتَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالإِجْمَاعِ أَنَّ مَنْ بَلَغَتْهُ رِسَالَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُؤْمِنُ بِهِ فَهُوَ كَافِرٌ، لا يُقْبَلُ مِنْهُ الاعْتِذَارُ بِالاجْتِهَادِ ؛ لِظُهُورِ أَدِلَّةِ الرِّسَالَةِ وَأَعْلامِ النُّبُوَّةِ]

كَذَلِكَ أَيُّهاَ المُسْلِمُونَ : فَهُمْ لَمْ يَتَّبِعُوا مَا جَاءِ فِي الإنْجِيْلِ مِنْ الإيْمَانِ بِرِسَالةِ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [المائدة:68].
قَالَ الإمَامُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ رَحِمَهُ اللهُ : [فَأَمَّا أَهْلُ الكِتَابِ، فَالْمُرَادُ بِهِمْ: اليَهُودُ والنَّصَارَى. وَقَوْلُهُ تَعَالَى:{لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ} أَيْ: لَسْتُمْ عَلَى شَيءٍ مِنَ الدِّيْنِ الْحَقِّ حَتَّى تُقِيْمُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيْلَ، وَإِقَامَتُهُمَا: العَمَلُ بِمَا فِيْهِمَا، وَمِنْ ذَلِكَ الإِيْمَانُ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]
فَالحَمْدُ للهِ الذِي جَعَلَنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً مُؤْمِنَةً وَوَصَّانَا بِالثَّبَاتِ عَلَى هَذَا الدِّينِ وَالإِعْتِصَامِ بِحَبْلِهِ المَتِينِ قَاَلَ تَعَالَى
(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )

بارك الله لي ولكم في القرآن ...


الخطبةُ الثانيةُ
الحمدُ للهِ رَبِّ العَالمَيِنَ القَاِئلِ ، بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ (4) وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)
وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً
أَمَّا بَعْدُ فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَلاَزِمُوا حُسنَ الظنِّ بالمؤمنينَ ، وَالصَّبرَ عَلَى أَذَى المُسِيئينَ ، فَإنَّ الثَّوَابَ وَالعِقَابَ مُنَسَّأٌ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ،
عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبِي:
{قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا}[الكهف:103]: هُمُ الحَرُورِيَّةُ؟ قَالَ: (( لا هُمُ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى، أَمَّا اليَهُودُ فَكَذَّبُوا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم ، وَأَمَّا النَّصَارَى فَكَفَرُوا بِالْجَنَّةِ وَقَالُوا : لاَ طَعَامَ فِيهَا وَلاَ شَرَابَ، وَالْحَرُورِيَّةُ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ )). وَكَانَ سَعْدٌ يُسَمِّيهِمُ الفَاسِقِينَ([5]).

وَقَالَ شَيْخُ الإسْلامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ أَيْضًا: [فَإِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى كُفَّارٌ كُفْرًا مَعْلُومًا بِالاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الإِسْلامِ " ، أَلاَ وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى مُحَمَّدٍ ؛ فَقَدْ أَمَرَكُمْ اللهُ بِذَلِكَ فَقَالَ: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وسلموا تسليما )