المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الخير والشر



الشيخ/عبدالله السالم
12-02-2015, 07:41
الحمدُ للهِ ( الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) واشهدُ ألا الهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ يعلمُ ما كانَ وما يكونُ وما تسرونَ وما تعلنونَ. واشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسولُهُ الصادقَ المأمون، صلى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وأصحابِهِ الذين كانوا يهدونَ بالحقِّ وبه يعدلونَ. وسلم تسليما كثيرا إلى يومِ يبعثونَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً):أمَّا بعد :أيها الأخوةُ في اللهِ ، حديثي إليكم في هذا اليومِ المباركِ باركَ اللهُ فيكم ، عن فعلِ الخيرِ وفعلِ الشرِ ، أو عملِ الخيرِ وعملِ الشرِ ، وهذا الأمرُ كلُّهُ مردُّهُ إلى النفسِ ، ولذلك كانَ النبيُّ  يقولُ في خُطبةِ الحاجةِ: {نعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالِنا}[أخرجه أبو داود والترمذي وغيرهما]فاستعاذَ  من شرِ النفسِ ومن شرِ ما يتولدُ منها من عملِ، وشرِ ما يترتبُ على ذلك من المكارهِ والعقوباتِ، فجمعَ بذلك بينَ الاستعاذةِ من شرِ النفسِ وسيئاتِ الأعمالِ. وقالَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ ، لحصينِ بنِ عبيدٍ والدِ عمرانَ الصحابيِّ الجليلِ ، قالَ له لمّا أسلمَ {قلْ اللهمَّ ألهمني رُشدي وقني شرَّ نفسي} هكذا: اللهم ألهمني رشدي وقني شرَّ نفسي؛ لأنَّ النفسَ أيها الأحبةُ إذا فسدتْ تَضَررَ القلبُ بفسادِها ، وتأثرَ أعظمَ التأثرِ. ولذلك يقولُ: بعضُ الصالحينَ ، من تحكمَ في نفسِهِ وساقَها وجعلَها طوعًا لأمرِهِ هو ، كان منِ أهلِ النجاحِ والفلاحِ ، ومن ظفرتْ به نفسُهُ وتحكمتْ فيه ، وسيّرتُهُ وِفْقَ هَواهَا خَسِرَ وهَلَكَ ، قالَ اللهُ تعالى (فَأَمَّا مَن طَغَىٰ *وَءاثَرَ ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا *فَإِنَّ ٱلْجَحِيمَ هِىَ ٱلْمَأْوَىٰ *وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبّهِ وَنَهَى ٱلنَّفْسَ عَنِ ٱلْهَوَىٰ * فَإِنَّ ٱلْجَنَّةَ هِىَ ٱلْمَأْوَىٰ) [النازعات:47-41]. فالنفسُ داعيةٌ إلى الطغيانِ وإيثارِ الحياةِ الدنيا، والربُّ يدعو عبدَهُ إلى خوفِهِ ونهي النفسِ عن الهوى، والقلبُ بينَ الداعيينِ ، يميلُ إلى النَّفسِ مرةً ، وإلى داعيَ اللهِ مرةً، وهذا مَوضِعُ المحنةِ والابتلاءِ. في قولهِ تعالى ( وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) فالإنسانُ ، يَقِفُ مذهولاً إزاءَ حِكمةِ اللهِ ، وعظمةِ اللهِ ، وعلمِ اللهِ ، وتوفيقِ اللهِ سبحانه ، فهذه القلوبُ التي في الصدورِ ، كُلِّها ، بين إصبُعينِ من أصابعَ الرحمنِ ، يُقَلِبُها كيفَ يشاءُ ، قد تَتَصرفُ للخيرِ وفعلِهِ ، وقد تتصرفُ للشرِ وأهلِهِ ، لا يستطيعُ الإنسانُ طرفةَ عينٍ ، أن يذهبَ ذاتَ اليمينِ أو ذاتَ الشمالِ ، إلا أن يشاءَ اللهُ ، ولكن اللهَ عز وجل يقولُ (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ) (الزلزلة:8) وأخبرَ عزَّ وجلَّ أن الفلاحَ بفعلِ الخيرِ ، بل إنَّهُ تباركَ اسمُهُ ، أمرَ بفعلِ الخيرِ فقالَ سُبحانه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (الحج:77) فسبحانَ من فَطرَ القلوبَ ، وعَلِمَ الغيوبَ ، وغفرَ الذنوبَ ، سبحانَ من أعزَّ من شاءَ بعزّتِهِ ، وأذلَّ من شاءَ بحكمتِهِ ، وهدى من شاءَ بقدرتِهِ ، أليستْ هذه الأجسادُ سواسيةً ، فسبحانَ من فلقَها بالحقِّ والباطلِ ، وسبحانَ من فرقَها بالخيرِ والشرِ ، ولذا كانَ من دعائِهِ عليهِ الصلاةُ والسلامُ ، {يامقلبَ القلوبِ ثبتْ قلبي على دينِكَ ، يامصرفَ القلوبِ صرفْ قلبي على طاعتِكَ }، سبحانَ اللهِ ، حينما يتأملُ الإنسانُ حالَ الناسِ في هذا المجتمعِ ، قد يجدُ الأخوينَ من صُلبٍ وَرَحِمٍ وقد يَجدُ الجارينِ المتجاوِرَينِ ، وبَينهُما أشسعُ مما بينَ السماءِ و الأرضِ ، خيراً وشراً ، وقطيعةً وبراً ، وعطاءً وصَرَّاً ، جاء أعرابيٌّ إلى النبيِّ  فقالَ يارسولَ اللهِ ، هل الذي نعملُ ، مما جفَّ به القلمُ ، وجرتْ به المقاديرُ ، أم مما نستقبلُ ؟ فقالَ عليه الصلاةُ والسلامُ : بل مما جفَّ به القلمُ ، وجرتْ به المقاديرُ ، فقال الأعرابيُّ : إذاً فلمَ العملُ ، فقالَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ ، أعملوا فكلٌّ مُيسرٌ لما خلقَ له ، إيْ واللهِ أيها الأحبةُ ، كلٌّ ميسرٌ لما خلقَ لهُ ، وشتانَ بينَ أهلِ الخيرِ وأهلِ الشرِ ، وإن أعظمَ الخيرِ وأشملَهُ وأجملَه وأكملَهُ ، ما كانَ خالصاً لوجهِ اللهِ ، وفي مرضاةِ اللهِ ، أيستوي من يعمرُ مساجدَ اللهِ ، ويسعى في إصلاحِها وترميمِها ، وفرشِها وتكييفِها ، ليؤديَ الناسُ الصلاةَ فيها براحةٍ وطمأنينةٍ ، ويبقى الناسُ في أكنافِها الوارفةِ الباردةِ ، يسبحونَ ويذكرونَ اللهَ ، ويتلونَ كتابَ اللهِ ، لا يبتغي بذلك سوى رضى اللهِ وغفرانِهِ ، أيستوي هو ومن يبني المقاهي ، ويؤسسُ الملاهي ، ليصرفَ الناسَ عن ذكرِ ربِّهم ، وعبادةِ خالقِهم ، فكثيرٌ من تلك الأماكنِ ،أعني المقاهيَ والملاهيَ ، يُغلقُ على من فيها الأبوابُ ، ويصلي الناسُ في المساجدِ ، وأولئك يجاذبونَ دُخَانَ شيشِهم ، فأطاعوا الشيطانَ وأرضَوهُ ، وعصوا الرحمنَ وأغضبوهُ (وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُبِيناً) النبيُّ  لمّأ سُألَ {أيُ الإعمالِ أحبُّ إلى اللهِ ؟ قالَ الصلاةُ على وقتِها}وهؤلاءِ يؤخرونِها عن وقتِها وربما تركوها بالكليةِ ، وشتانَ بين من يسعى بمالِهِ على الأقاربِ والأرحامِ ، والمساكينَ والأيتامِ ، يسددُ فاتورةً عن هذا ، ويشتري أغراضاً لذاك ، قائماً بالخيرِ عليهم ،رائدُهُ بذلك قولُ اللهِ تعالى ( إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً) ،اللهم آتي نفوسَنا تقواها ، وزكِّها أنتَ خيرُ من زكاها أنتَ وليُها ومولاها.
بارك الله لي ولكم في القران العظيم ،
ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ، أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم منكلِّ ذنب ، فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم






الحمد للهِ ، نحمَدُه حمداً يَلِيقُ بكريمِ وجهِهِ ، وبعظيمِ سلطانهِ ، نحمدُه حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ، ونشهدُ أن لا إله إلا هو سبحانه لا شريك له ولاندَّ له ولاشبيه . ونشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسولُهُ ، وصفيُهُ وخليلُهُ ، نبياً شرحَ اللهُ صدرَهُ ، ووضعَ عنه وزرَهُ ورفعَ ذكرَهُ . صلى اللهُ عليه وعلى آلهِ وأصحابِهِ ، الطيبينَ الطاهرينَ ، وعلى من سارَ على نهجِهِم إلى يومِ الدينِ ، وسلم تسليماً كثيراً ،أمَّا بعد :أيها الإخوةُ المسلمونَ ، لا بدّ أنكم لمستمْ من خيرِ أهلِ الخيرِ ، وعانيتُم من شرِ أهلِ الشرِ ، ولسانُ الحالِ أبلغُ من لسانِ المقالِ ، فكم باللهِ عليكم ، كانَ أهلُ الخيرِ غُرةً في حياتِكم ، وضياءً في مدامسِ حاجاتِكم ، وبلسماً لجروحِكم ومصائبِكم ، شعرتُم بذلك أو لم تشعروا به ، فتبوأَ أولائكَ الكرماءُ ، البررةُ الأسخياءُ ، أصحابُ القلوبِ السخيةِ ، والأكفِّ النديةِ ، تبوؤا مكاناً علياً ، ومقاماً ندياً ، وكم باللهِ عليكم ، كانَ أهلُ الشرِّ غصةً في حناجرِ القريبِ والبعيدِ ، يَتَسَقَّطونَ العثراتِ ، ويَزيدُونَ في المشكلاتِ ، حياتُهم والعياذُ باللهِ ، كسباً للسيئاتِ ، وزيادةً في المنكراتِ ، فلا كثَّرَهم اللهُ ، حتى وصلَ الأمرُ ببعضِهم ، إلى سرقةِ بيوتِ اللهِ ، فأيُّ دينٍ وعقيدةٍ ، يقبعانِ في صدورِ مثلِ هؤلاءِ ، فشتانَ بينَهم ، وبينَ من يعمرُ بيوتَ اللهِ عز وجل ، (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) (التوبة:18) عبادَ اللهِ صلّوا على المعصومِ عليهِ أفضلُ الصلاةِ وأتمُ التسليمِ فقد قالَ بأبي هو وأمي { إن من أفضَلِ ِأيامِكُم يومَ الجمعةِ فيه خُلِقَ آدمُ وفيه قُبِضَ وفيهِ النفخةُ وفيهِ الصعقةُ فأكثروا علي من الصلاةِ فيه فإنَّ صلاتَكم معروضةٌ علي قالوا وكيفَ تعرضُ صلاتُنا عليكَ وقد أرمتَ فقالَ إن اللهَ عز وجل حَرّمَ على الأرضِ أن تأكلَ اجسادَ الأنبياءِ}اللهم صل وسلّم وأنعم وأكرم وزد وبارك على عبدك ورسولك محمّد ، ورض اللهم عن أصحابه الأطهار ماتعاقب الليل والنهار أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائِرِ أصحابِ نبيّك أجمعين ، وعن التابعين ، وتابعيهم بِإحسانٍ إلى يومِ الدّين ، وعنّا معهم ، بمنك وفضلك ورحمتك ، يا أرحم الراحمين ، اللهم اجعل في قلوبِنا نوراً نهتدي به إليك ، وتولنا بِحُسنِ رعايتِك ، حتى نتوكلَ عليك ، وارزقنا حلاوةَ التذلُلِ بين يديكَ ، فالعزيزُ من لاذَ بعزِكَ ، والسعيدُ من التجأَ إلى حماكَ وجودِك ، والذليلُ من لم تُؤَيّدْهُ بعنايتِكَ ، والشقيُّ من رضيَ بالإعراضِ عن طاعتِكَ ، اللهم نَزِّه قلوبَنا عن التعلقِ بمن دونِك ، واجعلنا من قومٍ تحبُهم ويحبونَك ،وَأَعِزَّ الإِسْلاَمَ والمُسْلِمِينَ، وأَذِلَ الشِّرْكَ والمُشْرِكِينَ، وانْصُرْ عِبَادَكَ المُجاهدينَ المُوَحِدِّينَ ،اللهم سدد رميهم ، ووحِّد صفهم ، وثبِّت أقدامَهُم ، وانصرهم على عدوّك وعدوهم ، اللهم عليك باليهودِ والنصارى المعتدينَ الحاقدينَ ، ومن كرِهَ الإسلامَ والمسلميَن ، اللهم عليك بهم فانهم لا يعجزونَك ، اللهم زلزل الأرض من تحتهم ، وصُبَّ عليهم العذاب من فوقهم ، وقذف الرعب في قلوبهم ، وجعلهم عبرةً للمُعتَبرين ، اللهم شتتْ شملَهم وأوهنْ عزمَهُم ،وأَرِنا بهم عجائبَ قدرتِك ، وفجاءةَ نقمتِك ، وأليمَ عذابِك اللهم احفظْ بلادَنا وولاةَ أمرِنا وعلماءَنا ودُعاتَنا ، اللهم وحِّدْ كلمتَنا وقوي شوكتَنا ياربَّ العالمينَ ، واجعل هذا البلد رخاءً سخاءً آمِناً مُطمَئِناً ، وسائر بلاد المسلمين يا ربَّ العالمين ، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنيين والمؤمنات ، الأحياء منهم والأموات ، اللهم ربنا ( آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)