المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : للنفوس الراكدة فقط !!!



الشيخ/عبدالله السالم
20-05-2011, 13:06
الحمدُ لله : الّذي قضى بالزّوالِ والفناءِ ، على أهلِ هذهِ الدّارِ ، وتَوَحَّدَ بالبقاءِ ، فلا زوالَ لمُلكِهِ ولا بوَارَ ، العزيزِ الذي عَنِتْ الوجُوهُ لِعزَّتِهِ ، وخَضَعَتْ الرِقَابُ مِنْ صَطوتِهِ ، واندَّكَّ الجَبَلُ لِعِظَمِ هيبتهِ وخضعَتْ المَلاَئِكَةُ مِنْ مَخَافتِهِ ، وانطَفَئتْ النَّارُ لِطَاعَتِهِ ، وَرَعَدَتِ السماواتُ لِكَلِمَتِهِ ، وأشهدُ أنَّ لا إله إلاَّ اللهُ وَحدَهُ لاَ شَرِيكَ له ، إلهٌ تَفَرَّدَ بِالْبَقاءِ ،والعِزِّ والكِبريَاءِ ، وأشهدُ أنَّ نَبيَّنا مُحَمَّدَاً عبدُهُ ورسولُهُ ، صلَّى اللهُ وسلَّم وبَارَكَ عليه ، وعلى آلِهِ وصحبه ، وجُندِهِ وحَزبِهِ ، والسائرينَ على دربِهِ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَائلونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ).أمَّا بعدُ : أيها الأخوةُ في اللهِ ،فإنَّ الناسَ قد شُغِلُوا عن ذكرِ الموتِ ، وتغافلوا عن خَطْبِهِ ، غرَّتهْمُ الحياةُ الدنيا ، وألهاهُم طولُ الأملِ والدنيا كما ترونَ ،كم من واثقٍ فيها فجعتْهُ؟؟؟ وكم من مُطمئنٍ إليها صرعتْهُ؟؟ وكم من محتالٍ فيها خدعتْهُ؟؟ وكم من مختالٍ أصبحَ حقيراً؟؟ وذي نخوةٍ أردتْهُ ذليلاً؟؟ سُلطانُها دولٌ ، وحلوها مرٌّ، وعذبُها أجاجٌ، وعزيزُها مغلوبٌ، العمرُ فيها قصيرٌ، والعظيمُ فيها يسيرٌ، وجُودُها إلى عدمٍ ، وسُرُورُها إلى حُزْنٍ، وكثرتُها إلى قلةٍ، وعافيتُها إلى سُقْمٍ، وغِنَاها إلى فقرٍ ، والأحوالُ فيها ، إمَّا نِعَمٌ زائلةٌ ، أوبلايا نازلةٌ ، أومنايا قاضيةٌ ، عمارتُها خرابٌ، واجتماعُها فِراقٌ، وكلُّ ما فوقَ التُرابِ تُرابٌ ، وأهلُ الغفلةِ لا يَشبَعُون مَهما جَمعوا، ولا يُدرِكُون كلَّ ما أمَّلوا ، ولا يُحسِنونَ الزادَ ،لما عليه قد أقدموا، يجمعونَ ولا ينتفعونَ ، ويبنونَ ما لا يسكنونَ ، ويُأَمِّلُونَ ما لا يُدرِكونَ:واللهُ عزَّ وجلَّ يقول ( ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ ٱلاْمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) طويلُ الأملِ: يبني ويهدمُ ، وينقضُ ويُبرمُ ، ويُسيءُ في الاكتسابِ ويُسوِّفُ في المتابِ ، ثم هاهو قد تمَّ أجلُهُ ، وانقطعَ عملُهُ ، وأسلمَهُ أهلُهُ ،وانقطعتْ عنهُ المعاذيرُ:يقولُ سُبحانه (أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَـٰهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءهُم مَّا كَانُواْ يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَىٰ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يُمَتَّعُونَ) ولذلكَ يقولُ عليهِ الصلاةُ والسلام { الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ ، وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى اللهِ } فــ{ أَكثِرُوا من ذكرِ هادمِ اللذاتِ} بهذا أوصى نبيُّكُم محمدٌ e ، كلامٌ مختصرٌ وجيزٌ، قد جمعَ التذكرةَ ، وأبلغَ في الموعظةِ ، فَمَنْ ذَكرَ الْمَوتَ حقَّ ذكرِهِ ، حاسبَ نفسَهُ في عملِهِ وأمانيهِ ، ولكنَّ النّفُوسَ الراكدةَ والقلوبَ الغافلةَ – كما يقول القرطبي رحمه الله – تحتاجُ إلى تطويلِ الوعَّاظِ ، وتزويقِ الألفاظِ ، وأيمُ اللهِ ليوشِكَنَّ الباقي منا ومنكم أن يبلى ، والحيُّ منا ومنكم أن يموتَ ....
الموت باب وكل الناس داخله*فليت شعري بعد الموت ما الدار الدار جنة عدن إن عملت بما * يرضي الإلهَ وإن خالفت فالنار وخيرٌ منه قوله تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ ٱلْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ) وقال تعالى: (إِنَّكَ مَيّتٌ وَإِنَّهُمْ مَّيّتُونَ) وقال تعالى: (وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مّن قَبْلِكَ ٱلْخُلْدَ أَفَإِيْن مّتَّ فَهُمُ ٱلْخَـٰلِدُونَ), عجيبٌ أمرُنا ، كأننا في شكٍّ من الموتِ يقولُ سلمانُ الفارسيُّ t : ثلاثٌ أعجبتْني حتى أضحكتْني: مؤملُ الدنيا والموتُ يطلبُهُ ، وغافلٌ وليس يُغفلُ عنهُ ، وضاحكٌ ملءَ فيهِ , ولا يدري: أساخطٌ ربُّ العالمين عليهِ أم راضٍ؟! وثلاثٌ أحزنتْني حتى أبكتْني: فِراقُ الأحبةِ: محمداً و حزبَهَ ، وهولُ المطلعِ ، والوقوفُ بين يدي اللهِ , ولا أدري أإلى الجنةِ يُؤمرُ بي أم إلى النارِ؟ أيها الإنسانُ, أحببْ من شئتَ فإنكَ مفارقُهُ , وعشْ ما شئتَ فإنك ميتٌ, واعملْ ما شئتَ فإنك مجزيٌّ بِهِ ، ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ ٱلْمَوْتِ) (قُلْ إِنَّ ٱلْمَوْتَ ٱلَّذِى تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَـٰقِيكُمْ) (أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ ٱلْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِى بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ) كان عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ الخليفةُ الراشدُ رحمه الله ، يجمعُ الفقهاءَ كلَّ ليلةٍ, فيتذاكرون الموتَ والقيامةَ والآخرةَ, ثم يبكونَ حتى كأن بين أيديهم جَنَازةً. الموتُ حتمٌ لازمٌ, وضيفٌ لا بدَّ نازلٌ عليك في يومٍ من الأيامِ, فاستعدَّ لضيفِكَ، وتجهزْ لقِراهُ, يقول تعالى:(كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبّكَ ذُو ٱلْجَلْـٰلِ وَٱلإكْرَامِ) ولو نجا من الموتِ أحدٌ ، لنجا منه خِيرةُ اللهِ من خلقِهِ, محمدٌ e ، قالَ تعالى لهُ: (إِنَّكَ مَيّتٌ وَإِنَّهُمْ مَّيّتُونَ) وقد واسى اللهُ نبيَّه محمداً e في سنتِهِ في خلقِهِ,فقَالَ سُبحانه ( وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ) أيها الأخوةُ في الله , وعظةُ نفسي وإيَّاكُم بذكرِ الموت ، لأنَّ ذِكْرُ الموتِ يُورِثُ الزُهدَ في الدُّنيا ، والإقبالَ على الآخرةِ، ويقصِّرُ الأملَ، ويزيدُ في الطاعةِ ، ويمنعُكَ من المعصيةِ ، فأكثروا من ذكرِهِ ، للأستعدادِ له ، فإن وراءَنا الأهوالُ ، ووراءَنا الشدائدُ العظيمةُ ، التي يُحاسَبُ فيها الإنسانُ على كلِّ صغيرٍ وكبيرٍ, وعلى كلِّ جليلٍ وحقيرٍ. بارك الله لي ولكم في القران العظيم
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الحمد لله على إحسانه ، والشكرله على توفيقهِ وامتنانه ، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله ، وحدهُ لا شريكَ لهُ ، تعظيماً لشانه ، وأشهد أنَّ نبينا محمّداً عبده ورسولُه ، الدّاعي إلى رضوانه ، صلّى الله عليه وعلى آلِه وأصحابِه وأعوانه ، وسلّم تسليماً مزيداً ، أمّا بعد :أيها الأخوةُ في الله ، دخلتْ عائشةُ رضي اللهُ عنها على أبيها أبي بكرٍ t في مرضِ موتِهِ، فلما ثقلَ عليه تمثلتْ بقولِ الشاعرِ:
لعمركَ ما يُغني الثراءُ عن الفتـى
إذا حشرجتْ يومًا وضاقَ بها الصدرُ
فكشفَ عن وجهِهِ وقالَt: ليس كذلك ولكن قولي: (وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ) .. اللهم فاطرَ السمواتِ والأرضَ عالِمَ الغيبِ والشهادةِ نسألُكَ برحمتِكَ الواسعةِ أن تزقنا الأستعداد للقائِك ، وأن ترحمَ ضعفَنا وقلةَ حيلتِنا يا أرحمَ الراحمين. اللهم صلِّ وسلّمْ وباركْ على عبدِكَ ورسولِكَ محمّدٍ ، صاحبِ الوجهِ الأنورِ ، والجبينِ الأزهرِ ، الشافعِ المُشَّفَعِ في المحشرِ ، وارضَ اللهم عن الخلفاءِ ، الأءمةِ الحنفاءِ، أبي بكرٍ وعمرَ ، وعثمانَ وعلي وعن سائِرِ أصحابِ نبيّكَ أجمعين ، وعن التابعين ، وتابعِيهم بِإحسانٍ إلى يومِ الدّينِ ، وعنّا معهم ، بمنِّكَ وفضلِكَ ورحمتِكَ ، يا أرحمَ الراحمين ، اللهم أعزَّ الإسلامَ المسلمينَ ، ودمرْ أعداءَ الدينِ من اليهودِ والنصارى ، وجميعِ الكفرةِ الملحدينَ ، اللّهُم يا عظيمَ العفوِ ، ويا وسعَ المغفرةِ ، ويا قريبَ الرّحمةِ ، ويا ذا الجلالِ والإكرامِ ، هبْ لنا العافيةَ ، في الدُنيا والآخرةِ ، اللّهُم اجعلْ رزقَنَا رغداً ، ولا تُشمتْ بنا أحداً ، اللهم إنا نسألُكَ ، بعزِّكَ الذي لا يرامُ ، وملكِكَ الذي لا يُضامُ ، وبنورِكَ الذي ملأ أركانَ عرشِكَ ، أن تكفيَنا شرَّ ما أهمَنا وما لا نهتمُ به ، وأن تعيذَنا من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا ، اللهم رَغّبْنا فيما يبقى ، وَزَهّدْنا فيما يفنى ، وهبْ لنا اليقينَ ، الذي لا تسكنْ النفوسُ إلا إليهِ ، ولا يُعوَّلُ في الدينِ إلا عليهِ ، اللهم أرحمْ موتانا ، وعافي مُبتلانا ، واقضِ الدينَ عن مدينِنا ، وردَّ ضالَنا إليكَ رداً جميلاً ، ( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) اللهم ربنا ( آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) عباد الله (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) فذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر لله اكبر والله يعلم ماتصنعون



للاستماع :

http://www.shmmr.net/talal/rakRe1.mp3


للحفظ : ( اضغط هنا ) (http://www.shmmr.net/talal/rakRe1.mp3) .

ابو ضاري
21-05-2011, 09:42
بارك الله فيك شيخنا الفاضل


ونفع بعلمك الامه

سالم الظفيري
21-05-2011, 21:11
جزاك الله خير الجزاء شيخنا الفاضل

ونفع في علمك

حفظك الله

طلال
23-05-2011, 17:01
جزاك الله الف خير ، شيخنا ابو سامي

جعلها الله في ميزان حسناتك

تم تحديث الصوت لا حرمنا الله من سماعه


..