المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة جمعة الغد 22/3/1432هـ بعنوان : الوجدة والأخوة ( لا تنسون أخوانكم في ليبيا من الد



محمدالمهوس
24-02-2011, 09:19
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله العلي الغفار، الواحد القهار، مكور النهار على الليل، والليل على النهار، أحمده وأشكره وأستغفره، وأنيب إليه وأتوب إليه من جميع الأوزار، وأشهد أن لا إله إلا هو شهادة تبلغني وإياكم تلك الدار، دار النعيم التي أعدت للأبرار، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، خيرة البشر، صلى الله عليه وسلم ما تألقت عين لنظر، وما اتصلت أذن بخبر، وما هتف طير على شجر، وما انهمل مطر، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: أيها الناس أوصيكم بتقوى الله تعالى فتقوى الله وصية الله للأولين والآخرين ((وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ )) عباد الله / بالوحدة الإسلامية والأُخوة الإيمانية سطعتْ شمسُ الإسلامِ على العالم، وامتدتْ فتوحاتُه في الشرق والغرب، وخَضَعتْ له دولٌ وممالك قرونًا طويلةً من الزمان. وبغياب الوحدة الإسلامية والأخوة الإيمانية انحلَّتْ عُرانا، ووهَنَتْ قُوانا، وتداعتْ علينا الأممُ كما تَداعَى الأَكَلَةُ إلى قَصْعَتِها.والحقُّ أنَّ الأمة الإسلامية تملك من أسباب الوحدة وأواصر الأخوة وقوة الإرادة وإصرار العزيمة ما يجعلها قادرة على تجاوز هذه المحن وتغيير هذا الواقع. وأول خطوة يجب أن نقوم بها في الطريق إلى تحقيق الوحدة والتحقق بها هي تعميق الإحساس والشعور بالأسس والأصول الإيمانية للوحدة الإسلامية من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، قال تعالى: ((إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُون)) فهذه الأسس والأصول أوثق وأكبر ضمان للوحدة المنشودة إلى آخر الدهر، ومن ثَمَّ يجب تعميق الإحساس والشعور بها.مع العمل على ائتلاف القلوب والمشاعر وإذكاء وإنماء عاطفة الحب والتراحم. لقد كان تأليفُ القلوب بابَ الإسلام إلى تحقيق نعمة الوحدة والأخوة بين المؤمنين، ومِنْ ثَمَّ إلى تحقيق النصر المبين، قال تعالى: ((وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُون)) وقال تعالى: ((وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللّهُ هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ *وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)) والإسلامُ الذي فعل هذا بالأمس وأطفأ نار العداوةِ بين الأوس والخزرج وأنقذ الأمة من شفا حفرة من النار قادرٌ على أن يفعل مثله اليوم؛ لأن ائتلاف القلوب والمشاعر والاصطباغ بصبغة التواد والتراحم والتعاطف سمة من سمات المؤمنين وخصيصة من خصائص الإيمان، وفي الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((مَثَلُ المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مَثَلُ الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعَى له سائرُ الجسد بالسهر والحمى))، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحب لنفسه)). بهذا الحب وبهذا التآلف وبهذا التراحم والتعاطف تتحقق الوحدةُ الإسلامية والأخوةُ الإيمانية، وبغير هذا لا تقوم وحدة ولا تتحقق أخوة.فعلينا ياعبادَ الله القيام بإحياءِ روح الوحدة والأخوة الحقّة لنجنيَ ثمرة الحب والإيثار والتعاون والتناصر المؤثـر الفَّعـال، قال تعـالى: ((إِنَّمَا الْمُؤْمِنُـونَ إِخْوَةٌ)) فمن مبدء الوحدة والأخوة في الله أن نتسامَى فوق خلافاتنا، وأن نضرب بها عرض الحائط، وأن نترفع لصالح الإسلام والوحدة الإسلامية والأخوة الإيمانية عن المصالح الشخصية والمنافع الدنيوية، قال تعالى يعظ المؤمنين في الأنفال التي اختلفوا عليها بعد انتصارهم في غزوة بدر: ((يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)) فالتنازع والاختلاف وفساد ذات البين يُضْعِفُ الأقوياء ويُهْلِكُ الضعفاء، بينما التعاضد والاتحاد وإصلاح ذات البين يَصْنَع النصر المحقق والقوة المرهوبة، قال تعالى: ((وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا أخبركم بأفضلَ من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟)) قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((إصلاحُ ذاتِ البيْن، فإنَّ فسادَ ذاتِ البيْن هي الحالقة))، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دَبَّ إليكم داءُ الأمم قبلكم: الحسدُ والبغضاءُ، هي الحالقة، لا أقول: تحلق الشَّعْر، ولكن تحلق الدِّين)).عباد الله / إن الوحدة التي يقيمها الإسلام ليستْ عصبيةً من العصبيات، وليس فيها أيُّ تهديد لأي مجتمع من المجتمعات، وإنما هي طريق وسبيل إلى بناء أمة فاضلة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتؤمن بالله، وتَخْلُفُ نبيها صلى الله عليه وسلم في إيصال الرحمة إلى العالمين، قال تعالى: ((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ))عباد الله / الوحدة والتضامن والاجتماع والإخاء لها منازل عظيمة وآثار فريدة، والفرقة ‏والاختلاف والتنازع والشقاق لها آفات وأمراض كثيرة وشرور مستطيرة، وجاء ديننا الحنيف بالحث على ‏التآلف والمودة واجتماع الكلمة ووحدة الصفوف والتحذير الشديد من التنافر والفرقة والشقاق والتنازع، فكان ‏من أهم ما جاء به الإسلام بعد عقيدة التوحيد وكلمة التوحيد توحيد الكلمة ولمّ الشعث وجمع الشمل؛ لأن في ذلك ‏سر بقاء أهل الإسلام، وضمانة انتصارهم على أعدائهم، وصلاح أمورهم في دينهم ودنياهم وأخراهم، روى مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله يرضى ‏لكم ثلاثًا: أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئًا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا، وأن تُناصحوا من ولاّه الله ‏أمركم))، وقد ضُمنِت لهم العصمة من الخطأ عند اجتماعهم، وخيف عليهم الافتراق والاختلاف، وقد وقع ذلك في ‏هذه الأمة فافترقت، وستفترق على ثلاث وسبعين فرقة منها فرقة ناجية إلى الجنة ومسلَّمة من عذاب النار، وهم ‏الذين كانوا على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.فاتقوا الله عباد الله، وكونوا إخوة متحابين متباذلين متزاورين كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والجمى .بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ونفعنا بهدي سيد المرسلين وبقوله القويم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانيةالحمد لله أولاً وآخرًا، والشكر له باطنًا وظاهرًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدًا عبد الله ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليهوعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسانٍ إلى يوم الدين . أما بعد :فأوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل فمامن خير عاجل ولا آجل ، ظاهر ولا باطن إلا وتقوى الله سبيل موصل إليه ووسيلة مبلغة له، وما من شر عاجل ولا آجل ، ظاهر ولا باطن إلا وتقوى الله عز وجل حرز متين وحصن حصين للسلامة منه والنجاة من ضرره. ((واتّقُوا الله َوَاعْلمُوا أنّ اللهَ مَعَ الْمُتّقينَ )) عباد الله / من مبدء الوحدة والأخوة الإسلامية مشاركة المسلم إخوانه المسلمين مشاعرهم في أفراحهم وأتراحهم وما أكثر الأتراح والأحزان التي تحصل للمسلمين في هذا الزمن أحزان قد تنوعت في بعض بلاد المسلمين اليوم فمن باب الوحدة والأخوة في الله الألم لألم أخيك والحزن لحزنه ؛ تحزن وتتألم إذا انتهك عرضه أو أخذ ماله أوسفك دمه والواقع اليوم أكبر شاهد فما يحدث لأخواننا في ليبيا على يد طاغية النظام الفاسد الذي أفسد ما بينه وبين ربه وبينه وبين شعبه كما أفسد ما بينه الدول المجاورة له .فآلام إخواننا في ليبيا آلام جديدة تضاف إلى آلام المسلمين بهذه الأخبار فمن مبدأ هذه الوحدة والأخوة الدعاء ثم الدعاء ثم الدعاء لهم فالدعاء سلاح المؤمن يا عباد الله .أسأل الله تعالى أن يحفظ إخواننا في ليبيا وأن يولي عليهم خيارهم، وأن يصلح شأنهم وأحوالهم ، ويفرج همهم وينفس كربهم ويعافي مريضهم ويرحم ميتهم . ونسأله أن يجمع القلوب، ويوحد الصفوف، ويغيض الأعداء بتضامن المسلمين بمنه وكرمه.ألا وصلوا وسلموا ـ رحمكم الله ـ على البشير النذير والسراج المنير، كما أمركم بذلك اللطيف الخبير، فقال عز من قائل: ((إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)) اللهم صل وسلم وبارك على نبينا وحبيبنا وقدوتنا محمد بن عبد الله، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين...

ابو ضاري
24-02-2011, 10:11
بارك الله فيك شيخنا الفاضل

ونفع بعلمكم

ونسال الله التوفيق والصلاح لامتنا الاسلاميه وان يوفق اخواننا المسلمين في مشارق الارض ومغلربها