المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شهر يغفل الناس عنه ( خطبة جمعة )



الشيخ/عبدالله السالم
23-07-2010, 15:31
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) أشهدُ أن لا إلهَ إلاَّ هوَ،وحدَهُ لا شريكَ له ، وأشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسولُهُ ، بلَّغَ الرسالة وأدّى الأمانة ، ونصحَ الأمةَ ، وجاهد في الله حق جهادهِ ، حتى أتاه اليقين ، وتركنا على المحجةِ البيضاء ، ليلها كنهارها ، لا يزيغُ عنها إلاَّ هالك ، فصلواتُ ربي وسلامه عليه ، وعلى آله وأصحابه ، ومن تبعهم بإحسانٍ ، إلى يومِ الدّين : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) )يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) أمّا بعد: أيها الأحبةُ في الله:كانَ النبيُّ  يهتمُ بشهرِكم هذا ، اهتماماً كبيراً ، وكان : يَحُثُ أُمتَهُ على الصّيامِ ، وقراءةِ القرانِ والصدقاتِ وغيرِها من الأعمالِ الصالحةِ ، ولمَّا قال لهُ أُسامةُ بنِ زيدٍ رضي الله عنهما ، يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ . قَالَ { ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِى وَأَنَا صَائِمٌ }،وفي صحيحِ مُسلمٍ من حديثِ عِمْرَانِ بْنِ حُصَيْنٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ  قَالَ لِرَجُلٍ {هَلْ صُمْتَ مِنْ سِرَرِ هَذَا الشَّهْرِ شَيْئًا } يَعْنِى شَعْبَانَ. قَالَ لاَ. فَقَالَ لَهُ { إِذَا أَفْطَرْتَ رَمَضَانَ فَصُمْ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ } ويقولُ أنسُ بن مالكٍ [ كان المسلمونَ ، إذا دخلَ شعبانُ ، انكبواعلى المصاحفِ فقرءوها ، وأخرجوا زكاةَ أموالِهم تقويةً للضعيفِ والمسكينِ ، على صيامِ رمضانَ ] فما هو حالُنا معَ القرءانِ والصِّيامِ والصدقةَ ، في هذا الشهر ، وماهوَ حالُ أربابُ الأموالِ معَ الزّكاةِ ، التي هيَ ثالِثُ أركانِ الإسلامِ ، ومبانِيهِ العِظامِ ، فريضةٌ واجِبةٌ ، وحقٌّ معلومٌ ، وجُزءٌ مَقسومٌ ، وسَهمٌ محتومٌ ، أوجَبَهُ اللهُ على كلِّ من ملَكَ نِصَابًا ، وِقايةً لمالِ المزَكِّي من الآفاتِ ، وسَببًا للزيادةِ والتَّضعيفِ ، وحصولِ البركاتِ. في إيجابِها مواساةٌ للفقراءِ ، ومَعونةٌ للبُؤَساءِ والضعفاءِ ، وصِلةٌ بين ذوِي الحاجاتِ والأغنياءِ ، وعونٌ على مجانبةِ البخلِ والشّحِّ والإباءِ عن العطاءِ . كم سدَّتْ مِن خَلَّةٍ ، وكَم جبرتْ من فاقَةٍ، وكم فرَّجتْ عن معسِرٍ ومِسكينٍ وفقيرٍ ، فضائلُها لا تعَدُّ ، وبَركاتُها لا تُحَدُّ. يجِبُ إخراجُها علَى الفَورِ ، بوضعِها في مواضِعِها ، وصرفِها في مصارِفها ، وإيصالِها إلى مستحقِّيها ، وهُم ثمانِيَةُ أصنافٍ، لا يجوزُ صرفُها إلى غيرِهم ، لقولِهِ جلَّ في علاهُ: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [التوبة:60].مَن جحَدَ وجوبَها كفَرَ، ومن منعَها أُخِذَتْ منه قَهرًا، وقيلَ: يأخذُ الإمامُ معها الشَّطرَا، فعنْ بهزِ بنِ حكيمٍ عن أبيهِ عن جدِّهِ أن رسولَ اللهِ  قالَ: {من أعطاها مؤتجِرًا فلهُ أجرُها، ومن مَنَعَها فإنَّا آخذوها وشطرَ مالِهِ، عزمةً من عزَماتِ ربِّنا عزّ وجلّ، لا يحلُّ لآلِ محمّدٍ منها شيءٌ} أخرجَهُ أحمدُ وأبو داودَ والنسائيُّ وصححَهُ الحاكمُ . ومَنْ حَبَسَهَا تهاونًا ، وأمسَكَها تكاسلاً ، وكتمَها بخلاً ، وغيَّبَها شحًّا أو أنقَصَها أو أخَّرَها عن وقتِ وجوبِها ، مع إمكانِ أدائِها وداعي إِخراجِها ، فهو عاصٍ وآثمٌ ومعتدٍ وظالمٌ، لا يسلَمُ مِن تبِعَتِها ، ولا يخرجُ من عُهدتِها ، إلاّ بإخراجِ ما وجَبَ في ذمّتِهِ منها، وتعلَّقَ بمالِهِ من حقِّها. ومَن مضَتْ عليه سنونٌ لم يؤدِّ زكاتَها ، لزِمَهُ إخراجُ الزكاةِ عن جميعِها ، والتّوبةُ والاستغفارُ عن تأخيرِها ، فيا مَن جمعَ المالَ وأوعَاهُ ، ومنَعَ حقَّ اللهِ فيهِ وأوكاهُ ، وكنزَهُ وأخفاهُ ، سَتَنالُ عِقابَ ما بخِلت َ، وستُعايِنُ شؤمَ ما عمِلتَ،أما سمِعتَ هذا الإنذار ؟من العزيزِ الجبّار (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ *يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ) ، وعن أبي هريرةَ رضي اللهُ عنه قالَ: قالَ رسولُ الهدَى  : {من آتَاهُ اللهُ مالاً فلمْ يؤدِّ زكاتَهُ مُثِّل لهُ يومَ القيامةِ شجاعًا أقرَعَ لهُ زبيبتانِ، يُطوِّقُهُ يومَ القيامةِ، ثمّ يأخذُ بلهزمَتَيهِ ـ يعني بشِدقَيه ـ ثم يقولُ: أنا مالُكَ أنا كنزُكَ} ثم تلا:قولُهُ تعالى (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) فيا ذوي الأموال ، ارحموا السائلَ المحرومَ ، وأَعطوا الفقيرَ المعدومَ ، وتصدَّقوا على المسكينِ المهمومِ ، الذي لا يجِدُ ما يقومُ به وكِفايَتِهِ ، وكفايةِ من يعول ( وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) ويا مَنْ وفَّقَكَ اللهُ لأدائِها ، وأعانَكَ على إخراجِها ،أسألُهُ جلَّ في عُلاه ، أن تكونَ لكَ طَهورًا ونورًا وقربَةً وهناءَاً وسرورًا، وأسألُهُ أن يأجُرَكَ فيما أعطَيتَ، ويباركَ لكَ فيما أنفَقتَ، وَأَبشِر بِقولِهِ جل في عُلاه (وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُضْعِفُونَ) بارَكَ اللهُ لي ولَكم في القرآنِ العظيمِ،ونفعني وإيّاكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمَعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كلّ ذنبٍ وخطيئةٍ فاستغفِروه، فقد فاز المستغفِرون


الحمدُ لله على إحسانه، والشّكر له على توفيقِه وامتنانه، وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أنّ نبيّنا وسيِّدَنا محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانِه، صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه، وسلّم تسليمًا كثيرًا.أمّا بعد: فيا أهلُ البَذلِ والسّخاءِ ، والإنفاقِ والعَطاءِ ، أبشِروا بِأحسنِ الجزاءِ ، والخَلَفِ والبركةِ والنّماءِ ،من ربِّ الأرضِ والسماء ، فَإنّه يقولُ سُبحانه ،:(وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)ويقولُ سُبحانه(مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) ويقولُ الصادقُ المصدوقُ  : {ما نقَصَتْ صدقةٌ من مالٍ } أخرجَهُ مسلمٌ ، ويقولُ بأبي هوَ وأمي ، كما في صحيحِ مسلم من حديثِ أبي هريرةَ رضي الله عنه { مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلاَّ مَلَكَانِ يَنْزِلاَنِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا ، وَيَقُولُ الآخَرُ اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا}اللهم صلِّ وسلمْ وأنعمْ وأكرمْ وزدْ وباركْ ، على عبدِك ورسولِكَ محمدٍ ، وارضَ اللهم عن أصحابِهِ الأطهارِ ، ما تعاقبَ الليلُ والنهارُ ، أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ ، وعن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين ، وعن التابعينَ وتابعِيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ ، وعنَّا معَهم بمنِّكَ وفضلِكَ ورحمتِكَ يا أرحمَ الراحمينَ .اللهم أعزَّ الإسلامَ المسلمينَ ، ودمرْ أعداءَ الدينِ من اليهودِ والنصارى ، وجميعِ الكفرةِ الملحدينَ ، اللّهُم يا عظيمَ العفوِ ، ويا وسعَ المغفرةِ ، ويا قريبَ الرّحمةِ ، ويا ذا الجلالِ والإكرامِ ، هبْ لنا العافيةَ ، في الدُنيا والآخرةِ ، اللّهُم اجعلْ رزقَنَا رغداً ، ولا تُشمتْ بنا أحداً ، اللهم إنا نسألُكَ ، بعزِّكَ الذي لا يرامُ ، وملكِكَ الذي لا يُضامُ ، وبنورِكَ الذي ملأ أركانَ عرشِكَ ، أن تكفيَنا شرَّ ما أهمَنا وما لا نهتمُ به ، وأن تعيذَنا من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا ، وأن تُبلغَنا رمضانَ ، وأن تجعلَنا من الذين يصومونَهُ ويقومونَهُ ، أيماناً واحتساباً ، اللهم رَغّبْنا فيما يبقى ، وَزَهّدْنا فيما يفنى ، وهبْ لنا اليقينَ ، الذي لا تسكنْ النفوسُ إلا إليهِ ، ولا يُعوَّلُ في الدينِ إلا عليهِ ، اللهم اجعلْ بَلدَنا هذا آمناً مطمئناً ، وسائرَ بلادِ المسلمينَ ، اللهم أيدْ إمامَنا بتأيدِكَ ، وانصرْ بهِ دينَكَ ، ووفقْهُ إلى هُدَاكَ ، واجعلْ عمَلَهُ في رضاكَ ، وارزقْهُ اللهم البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ ، التي تدلُهُ على الخيرِ ، وتعينه عليه، اللهم أرحمْ موتانا ، وعافي مُبتلانا ، واقضِ الدينَ عن مدينِنا ، وردَّ ضالَنا إليكَ رداً جميلاً ، ( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) ، عبادَ اللهِ إن اللهَ يأمرُ بالعدلِ والإحسانِ وإيتاءِ ذا القربى وينهى عن الفحشاءِ والمنكرِ والبغي يعظُكم لعلكم تذكرونَ ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)

الخطبة بصوت الشيخ :

http://abosami.com/pro/abba.rm

إضغط هنا للتحميل (http://abosami.com/pro/abba.rm)



http://abosami.com/tl4s-abdaula/abdalua_01.gif[/CENTER]