المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ظهور العدرا ( نزف قلم : محمد سنجر )



محمد سنجر
25-12-2009, 23:57
( حاولت المرور من بين الجموع ،
اكتظت الشوارع بالجماهير الغفيرة ،
نجحت أخيرا في الوصول إلى باب منزلي ،
صعدت السلالم بسرعة ،
فتحت باب شقتي ،
جرى إلي الأولاد ،
قبلتهم ،
سألت زوجتي عن سبب هذه الجموع )
قالت :
ـ يقولون أن السيدة مريم العذراء ظهرت في بعض الأماكن ، و هؤلاء ينتظرون رؤيتها فوق الكنيسة المجاورة ...
قلت :
ـ لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم ...
( باغتتني ابنتي )
ـ هل صحيح أن السيدة مريم ظهرت في بعض الأماكن يا أبي ؟
ـ لو أراد الله لها الظهور لظهرت يا بنيتي ....
ـ و لكنهم يقولون أنها ظهرت في صورة ضوء و تشكل بها السحاب .
ـ السيدة مريم لو أراد الله ظهورها لما ظهرت كسحاب يتبدد ببعض الرياح أو مجرد خيالات و ضوء ، و حاشا لله أن يظهرها في هذه الصورة ، و لكن لو أراد عز و جل لها الظهور ، لظهرت دما و لحما واضحة جلية لا يختلف عليها اثنان ، لو أراد الله لها ذلك لكانت تمشي بين الناس ، هذا ما أعرفه ، ذكرني هذا الموضوع بتجربة مررت بها يوما ،
زمــــــــــان عندما كنت صغيرا ، كنت في زيارة عمتي بالقرية ،
و كانت القرية تغص في الظلام ، لا كهرباء و لا ماء صالحة للشرب ككل القرى النائية في ذلك الوقت ،
و لكن كان هناك مكان واحد على أطراف القرية كان ينبعث منه الضوء ،
و عندما سألتهم عن مصدر الضوء ، أخبروني أن اليوم هو مولد ( الشيخ عتمان ) ،
و عندما انتهت عمتي من إعداد بعض الحلويات ، طلبت مني الذهاب مع أولادها إلى المولد لتوزيع هذه الحلوى على ضيوف ( الشيخ عتمان ) ،
و لأن الشغف كان يبلغ مني مبلغا فلم أعترض ، بل رحبت بهذه الفكرة ،
حملنا الأواني فوق رؤوسنا و رحلنا نتخبط متعرجين بين ظلمات طرقات القرية ، نسير في اتجاه الضوء الذي ينير السماء ،
أخذت الأصوات تقترب شيئا فشيئا ،
و لما وصلنا إلى هناك رقص قلبي فرحا ،
الأنوار تملأ المكان ،
صوت المزامير و الغناء ينتشر هنا و هناك ،
المكان يعج بالكثير و الكثير من البشر ،
أخذ أبناء عمتي يتسللون من بين السيقان و أنا أتبعهم ، أخذت أتجول ببصري بين الجماهير ، هذا يأكل ، و هذا يشرب ، و هؤلاء الصبية الذين التفوا حول ( الأراجوز ) على اليمين ، و هذا الرجل الذي يتبارى مع من حوله في حمل الأثقال ، فرقعة جعلتني التفت ناحيتها ، وجدت بعض الناس يلتفون حول رجل يحمل بندقية يصوبوها ناحية صفوف معلقة من (البمب) ، ولجنا إلى اليسار و إذا ببعض الرجال الذين التفوا على شكل نصف دائرة يتمايلون ذات اليمين و اليسار ، على رأسهم وقف رجل يغني من خلال مكبر صوت ، بينما وقف إلى جواره رجل يعزف الناي ، أخذت الناس يصفقون و يرددون من خلفه في صوت واحد )
ـ الله ، حي ، الله ، حي ، مـــــــــدد ، مــــــــدد ، الله ، حي ، الله ....
( أفقت على وكزة ، صرخ ابن عمتي الأكبر )
ـ هيا ، ألم نحذرك من التلكؤ ؟ هيا معنا و لا تتركنا ثانية ، لقد كدنا أن نضيعك ، هيا ....
( جريت أتبعهم حتى وصلنا إلى المكان المنشود ، وجدت زوج عمتي يجلس إلى طاولة ، تناول منا الأواني و وضعها على الطاولة ، عندها تجمع الناس من كل صوب يتناولون الحلوى ،
جذبني ابن عمتي من بين الناس و قال لي )
ـ هيا لتأخذ البركة ...
ـ أية بركة ؟
ـ رؤية رسول الله و أبا بكر بعينك ...
ـ عليه الصلاة و السلام ؟ معقول ؟
ـ نعم ، فسيدي الشيخ عتمان رجل مبروك ،
كلما هل علينا يوم مولده نرى سيدنا النبي و سيدنا أبو بكر داخل المقام .
ـ لا ، لا ،غير معقول إنها خرافات .
( وضع ابن عمتي كفه على فمي يغلقه ، أخذ يهزني )
ـ إياك أن تقول هذا ، لو سمعك أحدهم لقتلوك ....
ـ و لكنني لا أؤمن بهذه ال ....
( قاطعني )
ـ هيا و سترى بعينك .
( ذهبنا إلى المقام ، اصطففنا خلف الناس الذين يحاولون دخول المقام ، وقفت أتأمل المكان ، مجرد غرفة صغيرة يعلوها قبة مزخرفة ببعض الزخارف الإسلامية الملونة ، لها باب خشبي منقوش ، وقف عليه ممسكا بمقبضه رجل ضخم الجثة ، و لما اقتربنا من الباب ، صرخ في وجهنا )
ـ إلى أين ؟
( أخرج ابن عمتي من جيبه شيئا وضعه في يد الرجل )
ـ نريد أن نأخذ بركة الشيخ عتمان و نرى رسول الله و أبا بكر ...
ـ هيا ادخلوا و لا تتأخروا بالداخل ، هيا .
( دخلنا إلى الغرفة الصغيرة برفقة بعض الناس ،
لمحت على وقع شعاع الضوء المتسلل من الباب قبرا يتوسط الغرفة ، محاطا بسياج حديدي ،
أغلق الرجل الباب خلفنا ،
و إذا بظلام دامس يلف المكان ، همست )
ـ كيف سنرى في هذا الظلام ؟
( و إذا بصوت ينهرني )
ـ هشششششش .
( غاص المكان بصمت رهيب ،
عيوننا معلقة فوق الحائط ،
و إذا بخيالات تظهر أمامنا ، همس أحد الرجال )
ـ بركاتك يا شيخ عتمان ، بركاتك ، اللهم صل عليك يا نبي ...
( عندها بدأت صورة الأشخاص فوق الحائط تضح أكثر فأكثر ، رأيتهم بالفعل ، عقدت لساني المفاجأة ، نعم هاهم يتحركون هنا و هناك ، أخذ الرجل يصف لنا ما نراه )
ـ هذا هو حبيبيكم النبي (صلى الله عليه و سلم) إلى اليمين هناك ..
( عندها رأيته ( صلى الله عليه و سلم ) نعم رأيته ، أخذنا نردد )
ـ اللهم صل عليك يا نبي ، اللهم صل عليك يا حبيبي يا رسول الله ....
( أكمل الرجل وصفه )
ـ و هذا أبو بكر الصديق رضوان الله عليه ...
ـ رضي الله عنه و أرضاه ، و لكن من هذه التي تسير بجوارهم ؟
ـ هذه السيدة عائشة رضي الله عنها أيها الأبله ...
ـ نعم ، نعم ، و الله إنها السيدة عائشة ...
( لا أدري ما الذي جعلني أطير بالذاكرة إلى المدرسة ،
وجدت هناك الأستاذ فكري مدرس العلوم ،
التففنا حوله ، و عندما وضع الشمعة المشتعلة أمام صندوق مغلق به ثقب صغير ،
رأينا كيف أن هذا الثقب كان كالعدسة التي جعلت لهب الشمعة يظهر على جدران الصندوق الداخلية ،
نعم ، نعم ، نحن داخل الصندوق ، و هؤلاء الناس بالخارج هم الشموع لأن الضوء يسقط عليهم ، و ثقب المفتاح هو العدسة ، و هذه التخيلات التي نراها انعكاس لصورة الناس بالخارج ،
لا حول و لا قوة إلا بالله ،
و لكن كيف سأتصرف ؟
لو قلت لأحدهم هذا الكلام فربما لا تشرق الشمس على وجهي ثانية أبدا ،
تحركت خلسة إلى أمام الباب حتى اختفت الخيالات من فوق الحائط ،
عندها انطلقت همهمات الحزن ، أخذ الناس يندبون حظهم ، عندها صرخت فيهم )
ـ لابد أن فيكم أحد العصاة ، نعم ، هذا المجرم هو الذي حجب عنا رؤية رسول الله ( صلى الله عليه و سلم ) و رؤية الصحابة ( رضوان الله عليهم ) توبوا إلى الله ، استغفروا الله ....
( أخذ الناس يرددون حولي )
ـ استغفر الله العظيم ، استغفر الله العظيم ...
( قلت في ثقة )
ـ لا عليكم ، لا عليكم ، سأدعو الله الآن ليظهر لكم رسول الله ثانية ...
( أخذت أهمس بالدعوات ، ثم قلت و أنا أبتعد من أمام الباب )
ـ ها هو رسول الله يظهر لكم ثانية .
( عندها ظهرت الخيالات مرة أخرى ، عندها هلل الناس و كبروا )
ـ الله أكبر ، الله أكبر ...
( صرخ أحد الرجال )
ـ لا يخدعنكم هذا الصبي ، فليست دعواته هي سبب الظهور ...
( عندها صرخت فيه )
ـ كرامة لكلامك هذا سأحرمكم من الرؤية ....
( تحركت أمام الباب ثانية ،
عندها اختفت الخيالات ، هاج الناس ،
قلت لهم )
ـ و لكنني من أجل عيونكم أنتم سأعيدها ثانية هكذا ...
( تحركت بعيدا ، فظهرت الخيالات ،
عندها صرخت فيهم )
ـ فوقوا يا عالم يا هوه ، استيقظوا من هذا الهراء ، هذه الخيالات ما هي إلا انعكاس الضوء في الخارج ، و ها هو إصبعي الصغير هذا يمكنه أن يحرمكم من رؤية هذه الخيالات ، هكذا ...
( وضعت إصبعي فوق فتحة المفتاح ، فاختفت الخيالات من فوق الحائط )
ـ و لو أبعدت إصبعي هكذا ، ستظهر الخيالات ..
( عندها صرخ أحدهم )
ـ الله أكبر ، هذا الولد مبروك يا ناس ، الله أكبر
( هلل الناس و كبروا )
ـ الله أكبر ، الله أكبر ...
( حملوني فوق أعناقهم ، حاولت إثنائهم عما يفعلونه ،
أخذت أصرخ فيهم )
ـ يا عالم يا هوه ، حرام عليكم ، أقول لكم إنها مجرد خرافات ،
( ضاعت صرخاتي أدراج الرياح ،
أخذوا يصرخون )
ـ المبروك أهوه ، المبروك أهوه ...
( خرجوا بي إلى الساحة ،
حاولت النزول من فوق أكتافهم ، و لا فائدة ،
التفت الجموع من حولي ،
سرت إشاعة البركات التي خلعوها علي انتشار النار في الهشيم ،
أخذ المريدين يحاولون تقبيل أي شيء مني تطوله شفاههم ،
أخذوا يحاولون لمسي و مسح وجوههم و أجسامهم ،
و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم ،
و حسبي الله و نعم الوكيل )

شام
26-12-2009, 15:19
صدقت كاتبنا الفاضل محمد شنجر
حسبنا الله ونعم الوكيل ..
يمكرون على الله و يشتتون العقول بتلك الافكار
و القصد واضح إنما ذلك ضمن حملاتهم التبشيرية
الهادفة لنشر الديانة النصرانية .
شكراً لك كاتبنا الفاضل لتوضيح المعنى والمغزى

محمد سنجر
26-12-2009, 17:56
صدقت كاتبنا الفاضل محمد شنجر
حسبنا الله ونعم الوكيل ..
يمكرون على الله و يشتتون العقول بتلك الافكار
و القصد واضح إنما ذلك ضمن حملاتهم التبشيرية
الهادفة لنشر الديانة النصرانية .
شكراً لك كاتبنا الفاضل لتوضيح المعنى والمغزى


عفوا أخي العزيز
سام

محمد سنجر
و ليس شنجر

دمت بخير

سلطااان السويري
27-12-2009, 11:20
يعطيك العافيه اخوي محمد

ومافعلوه يدل على وجود جهل لديهم


جزاك الله خير

محمد سنجر
27-12-2009, 22:30
يعطيك العافيه اخوي محمد

ومافعلوه يدل على وجود جهل لديهم


جزاك الله خير


الله يعطيك ألف عافية


أخوي

سلطان السويري

دمت بخير

لوليتا
27-12-2009, 23:45
*
*


ضعف الايمان
واليأس الذى تمكن من النفوس والقلوب
اودى بالناس الى تصديق الاشاعات والخزعبلات
والتعلق بالدجالين والكهان
ربما اتوا لهم بالخلاص وتغير الحال لحال اخر افضل


سبحان الله العلى القدير


محمد

طرح قيم وتدليل رائع وربط ممتاز

سلم قلمك

*
*

محمد سنجر
31-12-2009, 09:00
*
*


ضعف الايمان
واليأس الذى تمكن من النفوس والقلوب
اودى بالناس الى تصديق الاشاعات والخزعبلات
والتعلق بالدجالين والكهان
ربما اتوا لهم بالخلاص وتغير الحال لحال اخر افضل


سبحان الله العلى القدير


محمد

طرح قيم وتدليل رائع وربط ممتاز

سلم قلمك

*
*

شكرا جزيلا لك


أهختنا الفاضلة

لوليتا

على طيب ردك


دمتم بحفظ الله