المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الدرة المفقودة ،،،،



شام
08-04-2007, 02:29
معابر الذاكرة ترمي بنا احياناً ودائماً الى زوايا اكفهرت بفعل الزمن و تعاقب الليل و النهار

لتنبش تلك الزوايا من ثباتها لتحضر الى ساحة الشعور ومن ثم تعيشنا و نتعايشها غصباً

لا طوعاً و كأنه مقدور على البعض أن يحيا بحالة شتات مابين الحقيقة و الحلم و الواقع و الخيال

و الذهب و الحديد ..

إنها ذاكرة احتوت على كافة الصفحات التي من الممكن جداً أن تنفرد ومن ثم تنكمش و من ثم

تتداعى و هكذا و خاصة اذا توفرت المحرضات البشرية و العوامل النفسية لذلك

و ما اشبه الامس باليوم ...

كيف ؟؟

هي قصة لن اسرد فيها طويلاً و لكن سأختصرها علني اوفر الوقت و المتصفح ..

فلست من محبي السرد و لا من هواة ترك المساحات فارغة ...

بالأمس و في سن الخامسة عشرة ولدى تفوقي في المرحلة الاعدادية في بلادي طبعاً

أهداني والداي خاتماً من الذهب الخالص عيار 21 حسبما اثبتت ورقة بائع الذهب آنذاك

رصع هذا الخاتم الغالي الثمن لا شك بجوهرة نادرة تدعى ( ياقوتة )

لم اكن لأرتدي هذا الخاتم حرصاً من الضياع ..وخوفاً من عيون الحساد لذلك آويته في صندوق خشبي

قديم لا نملك سواه في هذا المنزل الذي يحكي قصة دمشقية طويلة ..!!

ومضت ايام العطلة الصيفية عادية و بدأ العام التالي الذي كان بداية لمرحلة ثانوية ..

ومن الطبيعي جداً أن اجتمع بزميلات الأمس وحدها كانت احدى الصديقات القريبات مني جداً

كانت ترتدي خاتماً من الحديد ولكنه براق ...

كان يلمع في اشعة الشمس و في الضوء الزئبقي العادي ...

بصراحة ... فتنت بهذا اللمعان و تحسرت بيني و بين نفسي فخاتمي لا يلمع .. مثل خاتمها

مالعمل ؟؟؟

ما كان سوى المقايضة و استبدلت خاتمي بخاتمها ...

لا اريد أن اسرد ما حصل بيني و بين والداي على إثر هذه القصة الطفولية الصغيرة

ولكن سأسرد قليلاً كيف أننا وبكل سهولة نتعلق و ننكمش و نبتهج أمام ما يلمع

ولو لم يكن ذهباً ..

و على الغالب ليس ذهباً وغير مرصع بياقوتة حمراء ثمينة

ومع مرور الأيام وتعاقب السنون .. اكتشفت أن قصتي تتكرر كل يوم آلاف بل مئات المرات

معي ومع غيري من الناس ..

و يرتجع سؤال الى خاطري ...

لماذا يجذبنا بريق المعادن الرخيصة و نتهالك لنصل اليها بينما يكون بحوزتنا المعدن الغالي

و الأصيل و الثمين

لماذا بنظرنا كل ما يلمع هو الأجود و هو الافضل و هو الأثمن ...

لماذا تتكرر قصتي في كل عام الف مرة ومرة

و لماذا تتجسد هذه القصة الطفولية أمام أحداقنا على مدار الساعة ...

ولماذا فقد الذهب بريقه ؟

هل لأنه غالي الثمن ؟؟؟

أم لأنه لا يصل لأيدي الكثر ؟؟؟

أم لأن المعدن الرخيص أسهل تناولاً من غيره ؟؟؟

الخلاصة ..

آلا نعلم أنه بـ اختيارنا للمعادن الرخيصة نصاب بـ ما يسمى بالخيبة كتلك الخيبة التي أتجرع مرارتها

حتى هذه اللحظة ...