المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الدكتور جعفر الدندشي شاعر ومؤرخ



اسامه الدندشي
13-12-2006, 23:53
قصيدة للدكتور المؤرخ جعفر الدندشي, موجه لصديق العائلة عمر ابو ريشه بعدما قرأ قصيدة ابو ريشة عودة المغترب)
وعمر ابو ريشة من الموالي, وهو شاعر معروف
د. جعفر الكنج الدندشي



يُستَحسنُ قراءة هذه القصيدة بعد قراءة قصيدة عودة المُغتَرب، للشاعر الكبير عمر أبي ريشة




كـمْ راحَ يـنـتـظرُ اللقاءَ بِلا هُدى = بـلْ عـادَ يلتَمِسُ الزمانَ وما اهتدى

عـن بـعـضِ آلامِ الـغـرامِ تردّدَا = واحْـتـدَّ مـجـروحَ الـفؤادِ مُجَدّدا

فـانـهـلَّ في وجَلٍ يبدّد في الورى = ألـحـانَ أغـنـيـةٍ تُـمَـزِّقُ أكْبُدا

مـازالَ يـذكُـرُهـمْ، هـناكَ(بإربدٍ) = لًـثـمُ الـجِـراحِ لها الضّميرُ مهنّدا

يـا لـيـتَ سـاكِـنَة النجوم تَذَكَّرتْ = مَـنْ كـانَ عـلّـمـها الغرامَ تمرُّدا

وفّـى الهوى بعضَ القروضِ بهَجْرِهِم = أو هـجْـرِنـا...ذُّقْـنا الأمرَّ تَباعُدا

هَـجْـرُ الـقصائدِ مِنْ بُعَيضِ صِفاتِهِ = هَـجَـرَ الـجـمالَ معَ القصيدِ تعَمُّدا


*** *** ***

بـعـضُ الـسنينِ تصيغُ في أحشائنا = مـا طـابَ مِـنْ قَحلٍ يُعَشعِشُ أرمدا

وكـذا الـزمـانُ إذا تـهـافتَ ركْبُهُ = كـم يَـسـتَـخِفُّ بِمَنْ يُخالفُ موعدا

ولإنْ رجـعـتَ عـنِ الـديارِ مثَخّناً = فـلـقَـد سَـلَـكتَ إلى السماءِ مُخلّدا

كـي لا يُـقـالُ هَـجَـرْتَها مُتَعَمّداً = نـاجَـتْـكَ صَـمْتاً فاسْتَجَبتَ مُناشَدا


*** *** ***

ألـفـيـتَ مَـنزلها بوَجهِكَ موصَدا؟ = فـارتـاحَ خـاطِرُهُمْ وضاقَتْ مَوعِدا

أمْ يـا تُـرى، خجِلَتْ لِقاءكَ وانزوتْ = تُـخـفـي الـجِـراحَ ولم تردَّ تَودُدا

يـنْـتـابُـهـا ألـمٌ لِـغـربَةِ آخَرٍ = مـازالَ فـي الـدنـيا يعيشُ مُشَرّدا

يُـخـفـي جِـراحاتٍ، تَقَرَّحَ بَعضُها = لـيَـظـلَّ مـرفـوعَ الـجبينِ تَجَلُّدا

*** *** ***

مـا بـالُ مـنـزلها بوجهِكَ موصدا = لـو قُـدَّ مـن طـلـلٍ لردّ إلى النِدا

أم أنّ ذاكـرةَ الـزمـانِ تَـقَـهقَرَتْ = مـثـل الـديـارِ ضميرها مُستنجِدا

أمـضـيـتَ أعـواماً تُحَدّقُ في اللقا = فـإذا الـلـقـاء مـع الوداعِ تَوحّدا

وإذا الـغريبُ كما القريب تباعَدا(1) = وتـواعـدا أن يـعجُنا ريح الصدى

ذاك الـلـقـاء لـبـعض جيلٍ تائهٍ = يُـلـقـي عـلـيكَ سؤالَه مُسترشدا

هـلاَّ أجـبـتَ؟ فأنتَ مَنْ فَهِمَ العُلى = فَـهـمُ الـسـؤالِ بـفِـقههِ لن يُنجِدا

أنـتَ الـذي فَـهِـمَ الـزمانَ بِعمقهِ = هـذا الـزمـانُ عـنِ الزمانِ تمَرّدا

أنـتَ الـذي فَـهِـمَ الـزمانَ بِعنفِهِ = وبـضـعـفهِ في ,,أُوغاريتَ’’ تبَلّدا

فـي عصرِ أحفاد(بن جُندُبَ)لو ترى = كـيـف الـزمـانُ معَ المكانِ مُشرّدا

*** *** ***

مـا كـانَ مَـنـزِلُها بِوَجْهِكَ موصَدا = أُسُـسُ الـديـارِ تَموجُ في أيدي العِدا

صَـدّتْ ومـا صَـدّتْ فصارَتْ مَلعباً = لـلـحُـزنِ مَـطروح الوِشاحِ مُسوَّدا

وطـنٌ تَـعَـثّـرَ أنْ يـجـنَّ ربيعُهُ = فـاسـتوطَنَ الكبْتُ الثقيلُ مُجّدّدا (3)

مـا بـيـنَ خـسّيسٍ رضيع خَسيسَةٍ = وأقـلّ مـنـه، زرافَـةٌ لِـيُخلّدا

تـيـمـورُ مُـضّـجِعٌ، فخلّفَ بعدَه = أشـبـاهَ تَـيـمـورٍ وَ جُـلّقَ للعِدا

أضـفـى عـليها مِنْ هُمومٍ فاغتَدَتْ = رَكْـبَ الـغـمـومِ، لِذا تَعَثّرَ مَوعِدا

ذَرَفَـتْ مـآقـيـهـا نـحيباً صامتاً = وَزَوتْ عـلـى ألـمِ الـكآبةِ مُنتَدى

*** *** ***
صَـدّتْ رِتـاجُ الـشـامِ فارِسَ أمّةٍ = سـيـفُ الـيـراعِ سلاحُهُ ما أُغْمِدا

يـلـوي عـلـى، كلْ الطُغاتِ مِدادُهُ = فَـيَـردّهـمْ حـيـثُ استَحَقّوا مَرقَدا

بـيـنَ الـقِـمـامـةِ أو أقلّ نجاسَةً = لُـعِـنـوا، وإبْـلـيسٌ يغارُ لِيَحسُدا

لـن أتـركَ الـوتـر الـذي أسكَتّهُ = يـشـكو بِصمتٍ،بلْ سيتلو مُنْشِدا(5)

ولـسـوفَ يـعـزِف بالأناملِ لحنَكُم = يـجـلـي سِـتارَ الظُلمِ مهما عَربدا

حـتـى يـنـالَ الأبـريـاءُ براءَةً = لِـتَـردَّ هـولاكو الجديدَ إلى الصدى

وسَـتَـمـسَـحـنَّ غبارَ لحنِكَ أدمُعًٌ = وسَـيَـبـرُقَـنَّ كـأيِّ حـقٍّ أجردا

*** *** ***

مـا لابـنِ مَـخـزومٍ بحمصَ يَلومُنا = فـأبـو الـفِداء على العَراءِ استشهَدا

وأبـو فـراسٍ، كـمْ تـفـجّرَ أدمُعاً = ودمـاً عـلـى الخدّينِ يَبكي المَشهَدا

مـا عـاد يعصي الدمعُ هَولَ مَصابِها = فـغـدا كَئيبَ القلب حيثُ استعْبدا(6)

نَـعِـمَـت يَـهودٌ بانتصارِ مجوسِنا = ومَـضَـتْ فِرَنجَةُ في النفاقِ تَلَبُّدا(7)

هَـذي خـفـايـا مِـهـنَةٍ مارَستَها = وَجَـهِـلـتَها، فهيَ السياسةُ في المدى

حَـبْـلُ الـنِـفـاقِ يَلُفُّ حولَ رِقابِنا = والإعـتـصـامُ بِحَبْلِ رَبِّكَ جُعِّدا(8)

وهـلالُـنـا كَـصَـليبنا كم حُطّما! = وخِـداعُ حُـكّـامِ الـمَـذلّـةِ مُـجِّدا

وزعــامـةٌ ورِئـاسـةٌ وريـاشَـةٌ = تَـنْـفُـرْنَ مِـنْ شَرَفٍ لِتَعْبُدَ عَسجَدا

ويـهـلُّ فـي أحـلامـها ما لا رأتْ = (صـيـدوم)رغـم عِتابِ لوطَ تجدّدا

تِـلـكُـمْ حـكـومـاتٌ بحِكمَةِ جُهّلٍ = نـهَـجَـتْ خـبيثاً واعوِجاجاً مُرشِدا

الـعـنـفُ مِـهـنَـتـهمْ بكلِّ فنونِه = والـحـقـدُ مُـسـتَعِرُ الخيانَةِ موقِدا

حـتـى لـو انَّ مُـرادهـم تـهدِمُها = فـشـلـوا مُـراداً لـو حبوه مَقصَدا

لـو كُـنـتَ تـدري عن مَذابِحِ غزّةٍ = تـاجُ الـشـهـادةِ فـي الزمان تخلّدا

أسـلافُ أحـمـد أو أشـدّ تَـمَسّكاً = بـعُـرا الـعـطاءِ مع الشهادةِ والفِدا

لـو كُـنـتَ تَـشهَدُ ما جرى لعِراقنا = حـكّـامُ أمّـتـنـا اسـتجابوا للعِدا

أبـنـاءُ(آلِ الـنـفـط) خَرّوا جُملةً = لَـحـسُ الـحِـذاء(لآلِ بـوشَ)تَجّدّدَا

وبـنـو(بـن جُـندُب)أوسَعوا بِفِعالِهمْ = دَربَ الـمـنـافـي لـلأعِـزّةِ عبِّدَا

أمّـا الـذي فـي مِـصرَ يُبكي نيلُنا = والـذلِّ يـطـلـي ظِـلّـه مُستَعْبِدا

هـذي بـلادُكَ مـثـل بَـعْرِ جِمالِنا = تـجـري إلـى خَلفِ الخِلافِ تَرَدّدا


*** *** ***

يـا ابـن (الموالي)إن تَجاهلَ بَعضُهم = أنّ الـعـروبَـةَ والـتُراثَ تَبَدَّدا(9)

خـابـوا بـرؤيـاهُـم، ولو أشباهُهمْ = قـد شّـوّهـوا فـيها الجمالَ الأجرَدا

هـيَ كـالـمُحيطِ، فإنْ تَلَوّثَ بَعضُهُ = سـيَـمـدُّ خَـيـراتٍ ويصفو مَشهَدا

مـا زالَ بـالإيـمـانِ قـومٌ قد أبو = أن يَـقْـبـلـوا غير الشهادَةِ مَوعِدا

مـازالَ لـلإسـلامِ خـيـر صِحافِهِ = مَـضـمـونُـهـا يوماً سيطفو أمردا

أنـا لا أخـالُ بـأنّ مَـصْرَعَها غداً = يـأبـى المماتُ فناءَها الُمُستَبعدا(10)

يـأبـى بِـفَـضلِ رِسالةٍ إنْ شوِّهَتْ = سَـتَـعـودُ صـافـيةَ السماءِ مُجّدّدا

هـي فـي كِـتـابٍ مُنزَلٍ منْ رَحمَةٍ = قضَتِ السماءُ لهُ البقاء إلى المدى(11)

*** *** ***

طِـبْ حـيثُ أنتَ مع الخلودِ منادِماً = أهـلَ الـخـلـودِ لكَ القصائدُ سُجّدا

واتـركْ بـنـودَكَ في العذابِ لِلاحِقٍ = أفـلا اتـخَـذنـا عـندَ رَبّكَ موعِدا!

فـالـدّهـر حـالَفَنا وحالَفَ كلَّ مَنْ = بـالـصـبـرِ يَـبـني للحياةِ مُجّدّدا



ــــــــــــــــــــــــــــ

إزمير في 19 آب/أغسطس 2004



الهوامش:

(1) عُذراً لامرئ القيس حيث يقول: وكلّ غريبٍ للغريبِ نَسيبُ.

(2) إشارة إلى قصيدة أوغاريت، لأبي ريشة حيث يقول: أقبلتِ فالتفَتَ الزمانُ تَلَفُّتَ المتوهّمِ

(3)كناية عن ربيع دمشق الذي وأدوه في المهد

(5) كناية عن بيتٍ لأبي ريشه، صدره: ما أكرم الوتر الذي أسكته...

(6) كناية عن قصيده أبي فراس الحمداني: أراكَ عصيَّ الدمع شيمتك الصبرُ...

(7) مذاهب الغُلاة الباطنية في الإسلام، تنحدر تاريخياً وعلمياً من المجوسية.

(8) اقتباسٌ من الآية الكريمة: واعتصموا بحبل الله جميعاً... (صدق الله العظيم)

(9) ينتمي أبو ريشة إلى عشيرة الموالي.

(10) لخوف الشاعر حيثُ قال: إنّي أخافُ أرى مصارعها غدا.

(11) اقتباسٌ من القرآن الكريم:إنّا نحنُ نزلّنا الذِكر وإنا له لحافظون(صدق الله العظيم)

الجازي
16-12-2006, 21:18
قصيدة قوية وفيها الكثير من الجراح والألم

حياك الله أخي أسامة بيننا

ونسعد بقراءة قصائد الشاعر والمؤرخ جعفر الدندشي

سأنقلها لمضيف اللطائف مكانها المناسب

كل الشكر لمشاركتك

شام
16-12-2006, 23:46
يعطيك العافية مليون

أخي اسامة


للتحفة الشعرية التي نشرتها هنا


الشكر الجزيل لك

و بانتظار ما تحمله لنا من القصائد .. الرائعة