المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشركات التي أصل نشاطها مباح لكن يطرأ على بعض معاملتها المحرم .



ابوخالد 1
27-02-2006, 13:25
وقع بين يدي بحوث لعلماء ومحققين أجلاء ، فرأيت أن أستغني بما كتبوا عما كنت بصدده من البحث ، فرأيت أن أهذب وأختزل بعض كتاباتهم لتعم الفائدة للجميع وإليك ما هذَّبت :
يقول الشيخ نظام يعقوبي :
( وهو أحد أبرز علماء الاقتصاد في عصرنا الحاضر ، من دولة البحرين ، وهو عضو في عدة هيئات شرعية )
في بحث مكتوب بخط اليد بعنوان :
المساهمة والمتاجرة في أسهم الشركات التي أصل عملها مباح ويطرأ عليها بعض الممنوعات الشرعية :
اختلاف علماء العصر في المسألة :
اختلف العلماء المعاصرون في مشروعية المساهمة والمتاجرة في أسهم هذه الشركات على قولين :
القول الأول :
جواز المساهمة والمتاجرة في أسهم هذه الشركات بشرط تطهير أرباحها مما يختلط بها من الحرام وذلك بصرفه في مصالح المسلمين العامة ووجوه البر. مع ضوابط وشروط أو ردودها، وسيأتي تفصيلها إن شاء الله.
ومن أبرز القائلين بهذا الرأي :
1- فضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين .
2- فضيلة الشيخ مصطفى الزرقا .
3- فضيلة الشيخ عبدالله بن سليمان المنيع .
4- فضيلة الشيخ محمد تقي العثماني .
5- فضيلة الشيخ د. عبدالستار أبوغده .
6- فضيلة الشيخ د. علي محي الدين القره دانمي . (المساهمة والتعامل ...، نظام يعقوبي، ص 4 – 8، حكم الاشتراك ...، د. صالح المرزوقي، ص 73؛ حكم المتاجرة ...، عبدالله المنيع ).
القول الثاني :
تحريم المساهمة في هذه الشركات، وتحريم المتاجرة في أسهمها بيعاً وشراء .
ومن أبرز القائلين به:
1- فضيلة الشيخ عبدالله بن بيه .
2- فضيلة الشيخ الدكتور عجيل النشمي .
3- فضيلة الشيخ الدكتور أحمد الحجي الكردي .
4- فضيلة الشيخ الدكتور محمد فوزي فيض الله .
5- فضيلة الشيخ الدكتور علي أحمد السالوس .
6- الدكتور صالح المرزوقي البقمي . ( حكم الاشتراك ...، للمرزوقي، ص 76 – 77، التعامل والمشاركة ...، د. عجيل النشمي؛ المتاجرة بأسهم شركات غرضها وعملها مباح ..، للدكتور أحمد الكردي؛ المتاجرة بالاسهم ...، د. محمد فوزي فيض الله ) .
عرض ملخص لأدلة القائلين بالجواز ........استدل القائلون بالجواز بالأدلة التالية :
أولاً: قاعدة يجوز تبعاً ما لا يجوز استقلالاً .
(راجع تخريج هذه القاعدة من كتب القواعد في موسوعة القواعد والضوابط الفقهية الحاكمة للمعاملات المالية في الفقه، د. علي أحمد الندوي، نشر شركة الراجحي المصرفية وشركة المستثمر الدولي، 1419، جـ2/ 505 ) .
وذكروا من تطبيقات ذلك : جواز بيع العبد مع ماله من مال تبعاً له، مع عدم جواز بيع ما له استقلالاً إلا بشروط الصرف .
ومنها : جواز بيع الحامل من الإماء أو البهائم، مع عدم جواز بيع الحمل في البطن استقلالاً.
ويمكن اعتبار هذه الأسهم من ((جزيئات هذه القاعدة إذ الغالب على هذه الشركة الاستثمار بطرق مباحة وما طرأ عليها من اقتصاد آثم في الأخذ من البنوك فائدة أو إعطائها بفائدة يعتبر يسيراً في حجم السهم المباح وهو تبع ويغتفر في التبعية ما لا يغتفر في الاستقلال)). (حكم المتاجرة ...، للمنيع، ص 10).
ثانياً: الحاجة العامة تنزل منزلة الضرورة الخاصة :
(راجع تخريجها وألفاظها في موسوعة القواعد والضوابط الفقهية، جـ2/ 152) .
قال المجيزون : إن القول بمنع بيع الأسهم أو شرائها يؤدي إلى إيقاع الناس في حرج وضيق شديد من لحاجتهم الماسة إليها واستشهدوا لهذا بقول عن الشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في هذا الباب منها قوله:
((ويجوز للحاجة ما لا يجوز بدونها كما جاز بيع العرايا بالتمر)) (مجموع فتاوي شيخ الإسلام ابن تيمية، حـ29/480؛ حكم المتاجرة ...، لابن منيع ) .
ونقلوا عن سلطان العلماء العز بن عبدالسلام رحمه الله قوله : ((لو عم الحرام الأرض الأرض بحيث لا يوجد فيه حلال جاز أن يستحل من ذلك ما تدعو إليه الحاجة ولا يقف تحليل ذلك على الضرورات لأنه لو وقف عليها لأدى إلى ضعف العباد واستيلاء أهل الكفر والعناد على بلاد الإسلام ولا نقطع الناس عن الحرف والصنائع والأسباب التي تقوم بمصالح الأنام )) . (قواعد الأحكام في مصالح الأنام، حـ2/159) .
ثالثاً: اختلاط جزء محرم بالكثير المباح :
(موسوعة القواعد والضوابط الفقهية، حـ2/468).
قال المجيزون :
((هذه المسألة ذكرها علماء الفقه والأصول وتوصل غالبهم إلى القول بجواز التصرف في هذا المال المختلط إذ كان المحرم فيه قليلاً فيجوز بيعه وشراؤه وتملكه وغير ذلك من أنواع التصرفات الشرعية، وأسهم الشركات التي هي موضوع بحثنا من هذا النوع، فإن جزءاً يسيراً فيها حرام والباقي منها وهو الكثير مباح وأصل الحرمة جاءت من أخذ التسهيلات الربوية أو إعطائها)). (حكم المتاجرة ..، لابن منيع، ص 14) .
رابعاً : للأكثر حكم الكل أو الحكم الأغلب :
( أنظر موسوعة القواعد والضوابط الفقيهيه 2 / 238 2/ 240 ) .
وأوردوا جملة من نصوص الفقهاء في ذلك :
قالوا " ونظرا إلى أن الغالب على الأسهم – موضوع البحث - الإباحة والحرام فيها قليل بالنسبة لإباحة غالبها فإن تخريج حكم التعامل بهذه الأسهم بيعا وشراء وتملكا على مسألة الحكم للأغلب ظاهر لا يحتاج إلى مزيد من التوجيه والتحرير ......( حكم المتاجرة لابن منيع ص 17 ) .
خامساً: ما لا يمكن التحرز منه فهو عفو :
(موسوعة القواعد والضوابط الفقهية، حـ2/420) .
ويمكن أن يعبر عنها بقاعدة عموم البلوي (التعامل والمشاركة ..، د. عجيل النشمي، ص 17). وأورد في ذلك نصوصاً كثيرة عن الفقهاء، كقول البهوقي رحمه الله :
((إن ما يشق نزحه كمصانع طريق مكة لا ينحبس بالبول ولا يغيره حتى يتغير)) .
وكقول النووي رحمه الله في المجموع :
((الأصل أن بيع الغرر باطل للحديث، والمراد ما كان فيه غرر ظاهر يمكن الاحتراز عنه، فأما ما تدعو إليه الحاجة ولا يمكن الاحتراز عنه كأسس الدار وشراء الحامل مع احتمال أن الحمل واحد أو أكثر وذكر أو أنثى وكامل الأعضاء أو ناقصها وكشراء الشاة التي في ضرعها لبن ونحو ذلك فهذا يصح بيعه بالاجماع)). (راجع هذه الأقوال ومصادرها في بحث الشيخ ابن منيع، ص 18 – 19).
عرض ملخص لأدلة القائلين بالمنع مع مناقشتها :

استدل القائلون بالتحريم بالأدلة التالية :
أولاً: الآيات العامة في تحريم الربا كقوله تعالى: ((يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين)) (البقرة: 278).
وجميع الآيات الواردة في تحريم الربا، صريحة وواضحة في النهي عنه فكل ما نهى الله عنه فهو حرام يجب اجتنابه على الإطلاق. (حكم الاشتراك ..، للمرزوقي، ص 88 – 95).
وقد يجاب عن هذا بأن المجيزين مقرون بأن الربا حرام، سواء أكان في الأسهم أم في غيرها. فبيع الأسهم وشراؤها حلال لأن أصل عمل هذه الشركات مباح وأما الجزء المحرم الوارد في كسب خبيث بسبب الربا فإنه يمكن تطهيره وتجنيبه وانفاقه في المصالح العامة .
ثانياً: بحديث النبي صلى الله عليه وسلك :
((ألا وإن كل ربا من ربا الجاهلية موضوع، لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون، ألا يا أمتاه أهل بلغت؟ ((ثلاث مرات)) (رواه الإمام مسلم وأبو داود والترميذي وبان ماجه، وأحمد في مسنده، وغيرهم) قالوا: نعم. قال: ((اللهم أشهد)) ثلاث مرات فكيف يقول القائل بعد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((ألا إن كل ربا .... موضوع))، أن الربا إذا كان قليلاً ومعموساً في الحلال اكثير فهو جائز؟. (حكم الاشتراك ..، المرزوقي، ص 95 – 96) .
ويجاب عنه :
بأن المجزين لم يقولوا بأن الربا جائز، بل قالوا: إن هذه الشركات معظم عملها حلال ولم يتمحض فيها الربا خالط أعمالها من ربا يسير فإننا نضعه نطرحه ولا نقبله بل نتخلص منه.
ثالثاً: بحديث النبي صلى الله عليه وسلم:
((درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم، أشد من ست وثلاثين زنية)) رواه أحمد والطبراني في الكبير.
فهذا حديث صريح في عدم استثناء القلة من الكثرة. (حكم الاشتراك ..، المرزوقي، 96 – 97).
ويمكن أن يجاب عنه :
بأن المجزين مقرون بحرمة الربا – كما سبق – ولا يقبلون درهماً منه بل تخلصون منه ويطهرون أموالهم إن اختلطت به بانفاق في مصالح المسلمين ثم إن سند هذا الحديث لم يسلم من النقد والتصنيف، بل أورده ابن الجوزي في الموضوعات. ( حكم الاشتراك ..، المرزوقي، 96 – 97 ) .
ثم يقول الشيخ نظام يعقوبي :

الترجيح والموازنة :
يقول الشيخ :
الذي يظهر لي – بعد هذا العرض – أن رأي القائلين بالجواز أقرب إلى الصواب في هذه المسألة للأسباب التالية :
قوة أدلتهم التي استشهدوا بها من القواعد الفقهية .
رجوع بعض القائلين بالمنع واقترابهم من القول بالجواز (كما في توصيات حلقة العمل حول الإسهام في شركات المساهمة التي تتعامل أحياناً بالربا) 27-29/ محرم 1419هـ، فقد وافق فيها بعض المانعين على جواز ذلك!.
تحقيق المصالح الكبرى للمسلمين بتسير استثمارهم في هذا الجانب الحيوي.
إن القول بالجواز فتح آفاقاً جديدة للعمل المصرفي الإسلامي في الأسواق العالمية وبدأت بعض الشركات العالمية في الاهتمام بالضوابط الإسلامية في الاستثمار بل بدأ بعض اليهود يطالبون بعض الصناديق الإسلامية بوضع ضوبط لهم من الشريعة اليهودية !! وقد نشرت دورية شركة داوجونز مقالة رائعة عن الاستثمار الإسلامي في الأسهم وضوابطه الدينية والأخلاقية الأمر الذي لم يكن يتصور أبداً حتى سنوات قليلة مضت وهو باب عظيم من أبواب الدعوة إلى الله.
إن البنوك الإسلامية محرومة من كثير من أدوات الاستثمار قصيرة الأجل، وتجد صعوبة بالغة في ذلك، وهي محرومة من سندات الخزانة وماشابهها من السندات الربوية بسبب اجماع أهل العلم على حرقها، فلو منعناها من الاستثمار في هذه الأسهم التي أصل عملها مباح فإننا نجني عليها جناية كبيرة بذلك ونجعلها حبيسة معاملات المرابحات والأسواق الدولية (السلع والمعادن) مع ما لا يخفى من صورية كثير منها.
أن المسألة اجتهادية عصرية، وليس فيها نصوص صريحة صحيحة في المنع .

الضوابط التي يجب التقيد بها عند القائلين بالجواز لاختيار أسهم الشركات ومدى صلاحتيتها للتداول :

وضعت هيئات الرقابة الشرعية ضوابط يجب التقيد بها في هذه المسألة نوردها باختصار :
الضابط الأول: ( استبعاد الشركات المحرمة ) :
الاستبعاد الكلي للشركات التي يكون مجال نشاطها غير مباح – أو تملك شركات فرعية لهذه النشاطات – مثل شركات البنوك والتأمين التقليدية، والخور، والقمار، ولحوم الخنزير، والدعارة، والأفلام والمجلات الخليعة وما أشبه ذلك من المحرمات.
وهناك اقتراحات للنظر في مجالات أخرى تمنع كلياً: كالشركات الظالمة لمجالها والآكلة لحقوقهم بالباطل، والشركات الضارة بالبيئة والشركات التي تعمل في الهندسة البيولوجية المبنية على الأجنة المهضة والاستنساخ البشري وهكذا.
الضابط الثاني : ( استبعاد أسهم الشركات التي تكون نسبة النقود والديون في أصولها أكثر من 50% ) :
من المقرر شرعاً أنه لا يجوز بيع الدين لغير من هو عليه، كما أن بيع النقود بالنقود هو صرف يشترط له أحكام الصرف في الشريعة. ولذا فقد اشترط الفقهاء المعارضون أنه يجوز تداول أسهم الشركات التي مجال عملها مباح إذا كان مجموع النقود والديون في ميزانيتها لا يزيد عن قيمة الأصول الأخرى بحيث تتحقق الغلبة فيها للأصول الحقيقية لا للديون والنقود. وقد اختلف المعارضون في تقدير نسبة هذه الغلبة، والأكثر على أن الغلبة تتحقق بما زاد على النصف (كما جاء في فتاوى ندوة البركة الثانية فتوى رقم 5).
ولذا يجب استبعاد أسهم الشركات التي تكون فيها نسبة الديون والنقود أعلى من نسبة الأصول الأخرى.
الضابط الثالث : ( استبعاد أسهم الشركات التي تكون فيها نسبة المديونية أكثر من 30% إلى قيمة أسهمها ) :
يلاحظ أن كثيراً من الشركات المساهمة تلجأ أحياناً إلى الاقتراض بفائدة لغية توسيع نشاطاتها أو لسد حاجتها الطارئة إلى السيولة. ولا يخفى أن ذلك يعني دفع فوائد إلى الجهات المقرضة. ومع أن عوائد أسهم هذه الشركات لن يتضمن فوائد ربوية صريحة (فهي في هذه الصورة تدفع الفوائد) ومع هذا فإن ذلك لا يخرجها من كونها تتعامل في الحرام، وهي هنا القروض الربوية.
ومن هنا فإن هذا الضابط يقتضي أن تكون نسبة الديون إلى حقوق الملكية هي أقل ما يمكن. وقد وجد من التجربة ومن مسح موسع لكثير من الشركات المساهمة أن نسبة الديون إلى حقوق الملكية قد تصل أحياناً إلى ستة عشر ضعفاً.
ولذلك فقد رأت الهيئات الشرعية أن نسبة لا تزيد عن 30% تعد محققة لهذا الضابط. وقد تم استنباط ذلك بناءاً على بعض الآراء الشرعية حول تعيين حد القليل والكثير.
فقد نص الفقهاء في كثير من المسائل أن ما دون الثلث يعد قليلاً، وذلك قياساً على ما ورد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بشأن الوصية حيث قال: ((الثلث والثلث كثير)). (أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الوصايا).
وقاس بعض الفقهاء على هذا النص كثيراً من المسائل منها: وضع جائحة الثمار عن المشتري وجوباً إذا بلغت الثلث، ومنها جواز الاستثناء من المبيع إذا كان المستثنى أقل من الثلث (راجع الخرشي على مختصر خليل، حـ3/131) ومما ينبغي ذكره هنا أن أنظار الباحثين اختلفت في حقوق الملكية، فهل يعني بها قيمة الأسهم السوقية، أو رأس المال المدفوع، أو صافي الأصول، أو إجمالي الأصول ؟؟ والذي أراه أن الشركات تختلف في هذا ولكل شركة حكم. والله أعلم.
الضابط الرابع : (استبعاد أسهم الشركات التي تزيد فيها نسبة الفوائد المقبوضة أو الكسب المحرم عن ؟%):
بما أن كثيراً من الشركات المساهمة درجت – كما ذكرنا – على إيداع فوائض سيولتها لدى البنوك التقليدية بفوائد ربوية، وهذه الفوائد تختلط مع الإيرادات الناتجة من أنشطتها المباحة وقد نال هذا الموضوع اهتماماً بالغاً من الفقهاء الذين نظروا في مشروعية الاستثمار في أسهم تلك الشركات. وبناءاً عليه تم اقتراح هذا الضابط:
يجب أن تكون نسبة الفوائد – أو الكسب المحرم – إلى دخل الشركة ضئيلة وأقل ما يمكن وذلك لاعتبارين أساسيين.
الأول : كلما كانت النسبة أقل دلّ ذلك على نشاط الشركة متوجه إلى إنتاج السلع والخدمات المباحة.
الثاني : أن تحقيق أكبر ربح حلال للمستثمر لا يحقق إلا إذا كانت النسبة المطروحة من عائد السهم ضئيلة.
وقد اختلفت أنظار الباحثين والهيئات الشرعية في الحد الأعلى المقبول من هذه النسبة بين 5 – 15% لأي شركة وظاهر أنها نسبة قليلة جداً، ومع ذلك فإن التطبيق العملي قد كشف أنه يمكن التعامل في أسهم مربحة ومجدية بنسبة أقل من ذلك بكثير، والحمد لله. (هذه الضوابط مستنبطة من مجموعة من الصناديق الاستثمارية وقتاوى هيئاتها الشرعية) .

ابوخالد 1
27-02-2006, 13:28
يقول الدكتور : علي محيي الدين القره داغي
كلية الشريعة والقانون والدراسات الإسلامية - جامعة قطر
فيما سطره بعنوان : الاستثمار في الأسهم

القسم الثاني : أسهم لم تتوافر فيها الشروط السابقة .
و هي أسهم لشركات قد تودع في بعض الأحيان بعض أموالها في البنوك بفائدة ، أو تقترض منها بفائدة ، أو قد تكون نسبة قليلة من معاملاتها تتم من خلال عقود فاسدة كمعظم الشركات في الدول الإسلامية ، والشركات في الدول غير الإسلامية مما يكون محلها أموراً مباحة كالزراعة ، والصناعة والتجارة

حكم هذا القسم من الأسهم :
بعد ذكر تلك المبادئ نعود إلى حكم هذا القسم من الأسهم ، واختلاف المعاصرين ، وأدلتهم مع الترجيح .
لقد اختلف المعاصرون على رأيين :
الرأي الأول : هو حرمة التصرف في هذه الأسهم ما دامت لا تقوم على الحلال المحض ، وبعضهم فضل وجود هيئة رقابة شرعية لها .
أنظر ( الأسواق المالية للأستاذ الدكتور علي السالوس ، بحث مقدم لمجمع الفقه الإسلامي بجدة في دورته السادسة ) .
الرأي الثاني : إباحة الأسهم ( السابقة ) والتصرف فيها .
هذا وقد قال الكثيرون بإباحة الأسهم في الدول الإسلامية مطلقاً دون التطرق إلى التفصيل الذي ذكرته ، منهم الشيوخ : علي الخفيف ، وأبو زهرة ، وعبد الوهاب خلاف ، وعبد الرحمن حسن ، وعبد العزيز الخياط ، ووهبة الزحيلي ، والقاضي عبد الله بن سليمان بن منيع ، وغيرهم على تفصيل وتفريع لدى بعضهم يجب أن يراجع .
أنظر ( الشركات للشيخ علي الخفيف ص ( 96 – 97 ) ؛ وبحث الشيخ أبي زهرة المنشور في منشورات المؤتمر الثاني لمجمع البحوث الإسلامية ( 2 / 184 ) ؛ ود. الخياط : الشركات في الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي ط. الرسالة (2/187)؛ وبحث د. وهبة الزحيلي المقدم لمجمع الفقه الإسلامي في دورته السادسة، ص ؛ ود. صالح بن زابن : المرجع السابق ص ( 342 ) ؛ وبحث القاضي عبد الله بن سليمان المشار إليه سابقاً ) .
وقد بنى أصحاب الرأي الأول رأيهم على أن هذه الأسهم ما دام فيها حرام ، أو تزاول شركاتها بعض أعمال الحرام كإيداع بعضها بعض أموالها في البنوك الربوية فتصبح هذه الأسهم محرماً شراؤها ، بناء على النصوص الدالة على وجوب الابتعاد عن الحرام ، والشبهات ، وعلى قاعدة : إذا اجتمع الحلال والحرام غلب الحرام .

أما المبيحون فهم يعتمدون على أن الأسهم في واقعها ليست مخالفة للشريعة ، وما شابها من بعض الشوائب والشبهات والمحرمات قليل بالنسبة للحلال ، فما دام أكثرية رأس المال حلالاً ، وأكثر التصرفات حلالاً فيأخذ القليل النادر حكم الكثير الشائع ، ولا سيما أنه يمكن إزالة هذه النسبة من المحرمات عن طريق معرفتها من خلال الميزانية المفصلة ، أو السؤال عن الشركة ، ثم التخلص منها . (65)
ويمكن تأصيل ذلك من خلال القواعد الفقهية ، ونصوص الفقهاء ، المبنية على عموم الشريعة ومبادئها في اليسر ، رفع الحرج على ضوء ما يأتي :
أولا ً: اختلاط جزء محرم لا يجعل مجموع المال محرماً عند الكثيرين ، حيث أجازوا في المال الحلال المختلط بقليل من الحرام التصرفات الشرعية من التملك والأكل والبيع والشراء ونحوها، غير أن الفقهاء فرقوا بين ما هو محرم لذاته وما هو محرم لغيره ، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : "إن الحرام نوعان": حرام لوصفه كالميتة والدم ولحم الخنزير، فهذا إذا اختلط بالماء والمائع وغيره من الأطعمة، وغير طعمه، أو لونه، أو ريحه حرم ، وإن لم يغيره ففيه نزاع...
والثاني : الحرام لكسبه : كالمأخوذ غصباً ، أو بعقد فاسد فهذا إذا اختلط بالحلال لم يحرمه ، فلو غصب الرجل دراهم ، أو دنانير أو دقيقاً ، أو حنطة ، أو خبزاً، وخلط ذلك بماله لم يحرم الجميع لا على هذا ولا على هذا بل إن كانا متماثلين أمكن أن يقسموه ، ويأخذ هذا قدر حقه ، وهذا قدر حقه .
فهذا أصل نافع ، فإن كثيراً من الناس يتوهم أن الدراهم المحرمة إذا اختلطت بالدرهم الحلال حرم الجميع ، فهذا خطأ ، وإنما تورع الناس فيما إذا كانت – أي الدراهم الحلال– قليلة ، أما مع الكثرة فما أعلم فيه نزاعاً... مجموع الفتاوى، ط. الرياض (29/320-321) .
وعلى ضوء ذلك فمسألتنا هذه من النوع الثاني حيث كلامنا في أسهم شابتها بعض تصرفات محرمة كإيداع بعض نقودها في البنوك الربوية .
وحتى تتضح الصورة أكثر نذكر نصوص الفقهاء في هذه المسألة :
يقول ابن نجيم الحنفي : " إذا كان غالب مال المهدي حلالاً فلا بأس بقبول هديته، وأكل ماله ما لم يتبين أنه حرام ، وإن كان غالب ماله الحرام لا يقبلها، ولا يأكل إلا إذا قال: إنه حلال ورثه، أو استقرضه " ثم ذكر أنه إذا أصبح أكثر بياعات أهل السوق لا تخلو عن الفساد والحرام يتنزه المسلم عن شرائه، ولكن مع هذا لو اشتراه يطيب له .
وقال أيضاً: "إذا اختلط الحلال والحرام في البلد فإنه يجوز الشراء ، والأخذ إلا أن تقوم دلالة على أنه من الحرام ، كذا في الأصل" الأشباه والنظائر لابن نجيم ص (112، 113، 114)؛ ويراجع حاشية ابن عابدين (4/130) .
وقال الكاساني : "كل شيء أفسده الحرام ، والغالب عليه الحلال فلا بأس ببيعه". بدائع الصنائع (6/144) .
قال ابن رشد : " وأما الحال الثانية : وهي أن يكون الغالب على ماله الحرام فالحكم فيما يجب على صاحبه في خاصة نفسه على ما تقدم سواء .( فتاوى ابن رشد (1/631 – 649) تحقيق : المختار بن الطاهر التليلي ، ط. دار الغرب الإسلامي ؛ ومواهب الجليل (5/277) .
وقال العز بن عبد السلام : "وإن غلب الحلال بأن اختلط درهم حرام بألف درهم حلال جازت المعاملة... (71) ومثله قال الزركشي " قواعد الأحكام (1/72 – 73) .
بل إن السيوطي ذكر أن الأصح عند فقهاء الشافعية – ما عدا الغزالي - أنهم لم يحرموا معاملة من أكثر ماله حرام إذا لم يعرف عينه ، ولكن يكره .
قال في الإحياء: "لو اختلط في البلد حرام لا ينحصر لم يحرم الشراء منه بل يجوز الأخذ منه إلا أن يقترن به علامة على أنه من الحرام " .
وقال : ويدخل في هذه القاعدة تفريق الصفقة ، وهي أن يجمع في عقدين حرام وحلال ، ويجري في أبواب ، وفيها غالباً قولان ، أو وجهان أصحهما الصحة في الحلال ، والثاني البطلان في الكل... ومن أمثلة ذلك في البيع أن يبيع خلًّا وخمراً... الأشباه والنظائر للسيوطي ص (120 – 121)؛ وحاشيتي: القليوبي مع عميرة على المنهاج 2/186.
وقال ابن المنذر : اختلفوا في مبايعة من يخالط ماله حرام ، وقبول هديته وجائزته ، فرخص فيه الحسن ، ومكحول ، والزهري والشافعي ، قال الشافعي : "لا أحب ذلك، وكره ذلك طائفة..." المجموع للنووي (9/353)، ط. المنيرية.
وقد ذكر ( شيخ الإسلام ابن تيمية ) أن خلط الحرام بالحلال لا يحرم جميع المال .
كما ذكر أن المجهول في الشريعة كالمعدوم والمعجوز عنه ، ولذلك إذا لم يعلم صاحب اللقطة حل لملتقطها بعد التعريف بها ، ومن هنا ، فإذا لم يعلم حال ذلك المال الذي بيده بنى الأمر على الأصل ، وهو الإباحة مجموع الفتاوى (29/311 – 323) .

وذكر ( شيخ الإسلام ) في جواب سؤال حول التعامل مع من كان غالب أموالهم حراماً مثل المكاسين وأكلة الربا ؟
فأجاب : "إذا كان الحلال هو الأغلب لم يحكم بتحريم المعاملة وإن كان الحرام هو الأغلب ، قيل بحل المعاملة ، وقيل : بل هي محرمة ، فأما المعاملة بالربا فالغالب على ماله الحلال إلا أن يعرف الكره من وجه آخر .
وذلك أنه إذا باع ألفاً بألف ومائتين فالزيادة هي المحرمة فقط وإذا كان في ماله حلال وحرام واختلط لم يحرم الحلال ، بل له أن يأخذ قدر الحلال ، كما لو كان المال لشريكين فاختلط مال أحدهما بمال الآخر، فإنه يقسم بين الشريكين ، وكذلك من اختلط بماله الحلال والحرام أخرج قدر الحرام، والباقي حلال له" مجموع الفتاوى (29/272 – 273) .

وسئل ( شيخ الإسلام ) عن الرجل يختلط ماله الحلال بالحرام ؟ .
فأجاب : يخرج قدر الحرام بالميزان فيدفعه إلى صاحبه ، وقدر الحلال له ، وإن لم يعرفه وتعذرت معرفته تصدق به عنه مجموع الفتاوى (29/308) .

وقريباً من ذلك يقرره ابن القيم موضحاً أن " التحريم لم يتعلق بذات الدرهم – أي الدرهم الحرام الذي اختلط بماله – وجوهره ، وإنما تعلق بجهة الكسب فيه ، فإذا خرج نظيره من كل وجه لم يبق لتحريم ما عداه معنى... وهذا هو الصحيح في هذا النوع ، ولا تقوم مصالح الخلق إلا به " بدائع الفوائد (3/257).
وعلى ضوء هذا المبدأ نرى كثيراً من أهل العلم أجازوا التعامل مع من كان في ماله حرام ، ولكن غالبه حلال ، ومن هنا يمكن القول بإباحة التعامل في هذا النوع من الأسهم ، ولكن يخرج صاحبها بقدر نسبة الحرام فيها إلى الجهات الخيرية العامة ، مع مراعاة الضوابط التي نذكرها في الأخير بدائع الفوائد (3/257).
ثانياً : قاعدة : يجوز تبعاً ما لا يجوز استقلالاً.
وعلى ضوء ذلك فهذا النوع من الأسهم وإن كان فيه نسبة بسيطة من الحرام لكنها جاءت تبعاً، وليست أصلاً مقصوداً بالتملك والتصرف ، فما دامت أغراض الشركة مباحة ، وهي أنشئت لأجل مزاولة نشاطات مباحة ، غير أنها قد تدفعها السيولة أو نحوها إلى إيداع بعض أموالها في البنوك الربوية ، أو الاقتراض منها .
فهذا العمل بلا شك عمل محرم يؤثم فاعله ( وهم من وافق عليه بمجلس الإدارة ) لكنه لا يجعل بقية الأموال والتصرفات المباحة الأخرى محرمة ، وهو أيضاً عمل تبعي وليس هو الأصل الغالب الذي لأجله أنشئت
الشركة .

ثالثاً : قاعدة : للأكثر حكم الكل .
وقد ذكرنا فيما سبق نصوص الفقهاء في حكم المال المختلط بالحرام ، حيث إن الجمهور على أن العبرة بالأغلب .
وقد ذكر الفقهاء لهذه القاعدة تطبيقات كثيرة في أبواب الطهارة ، والعبادات، والمعاملات ، اللباس –كالحرير- والصيد ، والطعام ، والأيمان ، وغيرها . يراجع : جُمل الأحكام للناطقي، رسالة ماجستير بالأزهر، تحقيق حمد الله سيد ص (370 – 381).
إضافة إلى قاعدة : " الحاجة العامة تنزل منزلة الضرورة "–كما سبق ذكرها- وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن الشراء ممن في ماله شبهة لا كراهة فيه إذا وجدت الحاجة إليه. مجموع الفتاوى (29/ 241) كما ذكر قاعدة الاعتبار بالأغلب فيمن في ماله حرام .
وتنزيل هذه القاعدة على موضوعنا من حيث إن حاجة الناس إلى أسهم الشركات في عالمنا الإسلامي مُلِحَّة ، فالأفراد كلهم لا يستغنون عن استثمار مدخراتهم ، والدول كذلك بحاجة إلى توجيه ثروات شعوبها إلى استثمارات طويلة الأجل بما يعود بالخير على الجميع .
لكن لو أقدم على شرائها المسلمون المخلصون لأصبحوا قادرين في المستقبل على منع تعاملها مع البنوك الربوية ولغيروا اتجاه الشركة لصالح الإسلام .
وهذا لا يعني أن المسؤولين القادرين في الشركة وفي غيرها على التغيير معفون عن الإثم ، بل هم آثمون ، لكن عامة الناس لهم الحق في شراء هذه الأسهم حسب الضوابط التي نذكرها، ولذلك لو كان المساهم قادراً على منع الشركة من إيداع بعض أموالها في الشركة لوجب عليه ذلك .
مناقشة الرأي الأول المانع من تداول هذا النوع من الأسهم :
أولاً: أن وجود نسبة ضئيلة من الحرام في المال الحلال لا يجعله حراماً، وإنما يجب نبذ المحرم فقط –كما سبق تفصيله-.
ثانياً: أن اشتراط البعض في حل الأسهم أو التعامل مع الشركات وجود رقابة شرعية لشركتها لا نجد له دليلاً من كتاب ، أو سنة ، أو إجماع ، أو قياس صحيح ، فالمسلمون مؤتمنون على دينهم وعلى الحل والحرمة ، وهم مستورون ، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية :
"والمسلم إذا عامل معاملات يعتقد جوازها كالحيل..." التي يفتي بها من يفتي... جاز لغيره من المسلمين أن يعامله في ذلك المال ، ثم قال: "وأما المسلم المستور فلا شبهة في معاملته أصلاً ، ومن ترك معاملته ورعاً كان قد ابتدع في الدين بدعة ما أنزل الله بها من سلطان" مجموع الفتاوى (29/319- 324 ) .

بل إن التعامل مع الكفار جائز فيما ليس محرماً بالاتفاق ، يقول ابن تيمية :
"... وحينئذ فجميع الأموال التي بأيدي المسلمين واليهود والنصارى لا يعلم بدلالة ولا أمارة أنها مغصوبة ، أو مقبوضة لا يجوز معه معاملة القابض، فإنه يجوز معاملته فيها بلا ريب ولا تنازع في ذلك بين الأئمة أعلمه". مجموع الفتاوى (29/327).
نعم لا شك أن معرفة الحلال والحرام ضروري لكل من يدخل في السوق حتى يحافظ على دينه ، ويعلم الحلال والحرام إما بنفسه ، أو عن طريق السؤال عن أهل الذكر.
لكن لا ينبغي الحكم بعدم جواز التعامل معهم ، أو مع شركاتهم إلا مع وجود رقابة شرعية ، فهذا الشرط تعسف وتضييق لما وسعته الشريعة .
وصحيح أن وجود الرقابة الشرعية للشركة يعطي الأمان للمتعاملين معها لكن اشتراط حل التعامل بوجودها أمر يستدعي إعادة النظر.
الرأي الراجح مع ضوابطه :
الذي نرى رجحانه –والله أعلم– هو أن هذا النوع من الأسهم بالنسبة للشركات التي يمتلكها المسلمون هو ما يأتي :
أولا : أن مجلس الإدارة ، والمدير المسؤول لا يجوز لهم قطعاً مزاولة أي نشاط محرم ، فلا يجوز لهم الإقراض أو الاقتراض بفائدة .
ثانياً: أما مشاركة المسلمين في هذه الشركات السابقة وشراء أسهمها ، والتصرف فيها فجائزة ما دام غالب أموالها وتصرفاتها حلالاً، وإن كان الأحوط الابتعاد عنها .
ولكن ينبغي على من يشترك مراعاة ما يلي :
1- أن يقصد بشراء أسهم هذه الشركات تغييرها نحو الحلال المحض من خلال صوته في الجمعية العمومية، أو مجلس الإدارة .
2- أن يبذل جهده وماله لتوفير المال الحلال الطيب المحض ما أمكنه إلى ذلك سبيلاً، ولا يتجه نحو ما فيه شبهة إلا عند الحاجة الملحة ومصلحة المسلمين، واقتصادهم من المشاركة في التنمية والاستثمار والنهوض باقتصادهم من خلال الشركات الكبرى .
3- أن صاحب هذه الأسهم عليه أن يراعي نسبة الفائدة التي أخذتها الشركة على الأموال المودعة لدى البنوك، ويظهر ذلك من خلال ميزانية الشركة، أو السؤال عن مسؤولي الحسابات فيها، وإذا لم يمكنه ذلك اجتهد في تقديرها، ثم يصرف هذا القدر في الجهات العامة الخيرية .
4- لا يجوز للمسلم أن يؤسس شركة تنص في نظامها الأساسي على أنها تتعامل بالربا إقراضاً واقتراضاً، ولا يجوز كذلك التعاون في تأسيسها ما دامت كذلك؛ لأنه تعاون على الإثم والعدوان، إلا لمن يقدر على تغييرها إلى الحلال .
ثالثاً: أن الحكم بإباحة تداول هذه الأسهم – مع هذه الضوابط– خاص بما إذا كانت الأسهم عادية ، أو ممتازة لكن ليس امتيازها على أساس المال .
وأما غيرهما فسيأتي حكم كل نوع على حدة .
وقد انتهت ندوة الأسواق المالية من الوجهة الإسلامية التي عقدت في الرباط 20- 25 ربيع الآخر 1410 هـ إلى أن أسهم الشركات التي غرضها الأساسي حلال لكنها تتعامل أحياناً بالربا... فإن تملكها، أو تداولها جائز نظراً لمشروعية غرضها ، مع حرمة الإقراض ، أو الاقتراض الربوي ، ووجوب تغيير ذلك ، والإنكار والاعتراض على القائم به ، ويجب على المساهم عند أخذ ريع السهم التخلص بما يظن أنه يعادل ما نشأ من التعامل بالفائدة بصرفه في وجوه الخير .
وكذلك ندوة البركة للاقتصاد الإسلامي حيث أجازت باتفاق المشاركين شراء أهم الشركات العاملة في البلاد الإسلامية لقصد العمل على أسلمة معاملاتها ، بل اعتبروا ذلك أمراً مطلوبا، لما فيه من زيادة مجالات التزام المسلمين بأحكام الشريعة الإسلامية .
وأجازوا بالأغلبية شراء أسهم الشركات العاملة في البلاد غير الإسلامية ، إذا لم يجدوا بديلاً خالصاً من الشوائب. ( الفتاوى الشرعية في الاقتصاد، ص 17 ط. مجموعة بركة سنة 1411 هـ. ) .
والقول بالجواز إن كان نظام الشركة لا ينص على التعامل في الحرام ، ومع الضوابط السابقة هو الذي يتناسب مع روح هذه الشريعة القائمة على التيسير، ورفع الحرج ، ومراعاة حاجات الناس في الاستثمار ؛ وذلك لأنه إذا وجد فيه حرام فهو نسبة ضئيلة لا تؤثر في باقي المال وكذلك يمكن التخلص منها عن طريق إعطائها للجهات الخيرية العامة ، بالإضافة إلى أن محل البيع المعقود عليه في جملته أمور مباحة ، وأن المشاركة في ذلك جائزة ، ولم يمنع أحد من الرعيل الأول التعامل مع أهل الكتاب في الجملة ، بل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام يتعاملون معهم ، مع أن معاملات أهل الكتاب وأموالهم لم يكن جميعها على الشروط المطلوبة في الإسلام ، فقد ترجم البخاري : باب المزارعة مع اليهود ، فقال الحافظ ابن حجر : "وأراد بهذا : الإشارة إلى أنه لا فرق في جواز هذه المعاملة بين المسلمين وأهل الذمة " صحيح البخاري، مع فتح الباري 5/15 ط. السلفية .
كما صح أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودي طعاماً إلى أجل ورهنه درعه صحيح البخاري ، مع فتح الباري 5/15 ط. السلفية .
وكذلك الأمر عند الصحابة _رضي الله عنهم_ حيث كان التعامل معهم سائداً في الجملة .
( إنتهى كلام الدكتور علي محيي الدين القره داغي ) .

ابوخالد 1
27-02-2006, 13:32
وفيما يلي نص القرار (182) .
الموضوع: أسهم الشركات المساهمة .
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وسحبه وبعد :
فإن شركات المساهمة في عصرنا الحاضر أصبحت منبثة في جسم الأمم والشعوب عامة مثل الجملة العصبية في الجسم الحي، ولا غنى لأمة أو دولة عن قيام هذه الشركات فيها لأجل مشاريع الخدمات العامة والإنتاجي الكثير مما تعجز عنه كثير من ميزانيات الدول ولاسيما الصغيرة عن تمويله، مثل مشاريع الري والكهرباء والمواصلات البرية والبحرية والجوية، والهاتف الآلي وشبكات المياه ومناجم الثروات المعدنية، وشركات التموين إلى غير ذلك مما هو معروف اليوم. ذلك أن هذه المشاريع الكبرى تحتاج إلى رؤوس أموال ضخمة لا يستطيعها الأفراد عادة، وتضيق بها أيضاً ميزانيات الدول.
فيوزع رأس مالها أسهما بالآلاف ومئات الآلاف والملايين، بقيمة صغيرة للسهم، وهكذا يجتمع لكل منهما رأس المال الكافي من مجموع أفراد الشعب، وتكون هذه الأسهم مجال استثمار لصغار المدخرين الذين لا يبلغ وفرهم حداً يكفي لشراء عقار يستغلونه، ولا لتمويل عمل استثماري، فيشتري أحدهم عدداً من أسهم هذه الشركات لينتفع بربحها، وفي الوقت نفسه تجد الشركة من هذا التجميع لرأس مالها منطلقاً لمشروعها الإنتاجي الضخم، أو الخدمات التي تؤديها والحاجيات التي تحققها لأبناء المجتمع.
وبناء على هذا نقول: أن هذه الشركات المساهمة أصبحت حاجة ملحة لامناص منها في الحياة المعاصرة لأي شعب وفي أي دولة تريد الاستفادة من منجزات العلم والصناعة والتقنية (التكنولوجيا) دون أن تبقى في مستوى الحياة البدائية وذلك من عمارة الأرض التي أمر بها الإسلام لصالح الإنسانية عامة.
ولكن الواقع أن هذه الشركات تقوم اليوم في دول لا تتقيد في أنظمتها باجتناب التعامل مع المصارف التقليدية الربوية. فتضع سيولتها المالية في تلك المصاريف وتتقاضى عليها فوائد ربوية تدخل في مواردها وأرباحها كما تقترض في بعض الحالات ما تحتاج إليه من تلك المصارف لقاء فائدة تدفعها، وتدخل تلك القروض في إنتاج ما تنتجه والربح الذي تحققه. فالربا يدخل في بعض أعمالها أخذا وعطاءاً. وحينئذ يجب إيجاد حل لهذه المشكل يكون مقبولاً شرعاً بالنظر الإسلامي.
وترى الهيئة الشرعية في هذه المشكلة أنه لا ينبغي أن يفتي الناس بتحريم تداول أسهم هذه الشركات بصورة مطلقة، ولا أن تباح بصورة مطلقة، بل يراعى في ذلك حاجتهم إلى هذه الشركات، واقتناء أسهمها لاسيما الذين لا يجدون طريقاً آخر لاستثمار مدخراتهم الصغيرة، وفي الوقت نفسه يجب استبعاد العنصر الحرام من أرباح هذه الأسهم وذلك يستلزم التمييز بين مختلف حالات شركات المساهمة وبيان حكم كل حالة. وفقاً للتفصيل التالي:
أولاً: الشركات المساهمة التي يكون موضوع نشاطها الاقتصادي محرماً كشركات إنتاج الخمور، وشركات البنوك الربوية. فهذه الشركات محرمة، ويحرم امتلاك شيء من أسهمها وتداوله بين المسلمين والتوسط في ذلك كما تحرم أرباحها.
ثانياً: الشركات الأخرى التي يكون موضوع نشاطها حلالاً مباحاً، كسائر المشاريع الإنتاجية للسلع والخدمات التي أشير إليها في مقدمة هذا القرار.
وهذه يباح امتلاك أسهمها وتداولها وأخذ عائدات الأسهم من أرباحها، ولكن بشرط أن يحسب مالك الأسهم ولو بصورة تقريبية، احتياط لبراءة ذمته، ما دخل على عائدا تكل سهم من العنصر الحرام في ربحه فيفرز مقداره من عائدات الأسهم، ويوزعه على أوجه الخير دون أن ينتفع به أية منفعة، ولا أن يحتسبه من زكاته، ولا يعتبره صدقة من حر ماله، ولا أن يدفع منه ضريبة حكومية ولو كانت من الضرائب الجائرة الظالمة، لأن كل ذلك انتفاع بذلك العنصر الحرام من عائدات أسهمه. وأن حساب هذا ا لعنصر، ولاسيما بصورة تقريبية قد أصبح ميسوراً بالوسائل والأجهزة ال حديثة والاستعانة بأهل الخبرة. وهذا يدخل في عموم البلوى وبهذا نيسر على الناس ونجنبهم الحرام دون أن نحرمهم من طريق استثماري لا يجدون بديلاً له بسبب صغر مدخراتهم، مع ملاحظة أن طريق المشاركات الصغيرة التجارية والمضاربة قد أصبح شديد الخطورة بسبب ندرة الأمانة – مع الأسف – في هذا الزمان، حيث أصبح الذي يضع لماله في يد غيره لاستثماره يدخل في مخاطرة كبيرة لفساد الذمم، ويعرضه للتآكل ولاسيما أيضاً أن كثيرا من المدخرين الصغار أيتام وأرامل لا يستطيعون العمل بأنفسهم لأنفسهم. فلكل زمان حكمه، وقد قرر الفقهاء في مناسبات كثيرة أموراً استثنائية عللوها بفساد الزمان.
هذا وفي حالة توافر شركات مساهمة تسد الحاجة وتلتزم بعدم التعامل بالربا أخذا أو عطاء يجب على المسلمين عدم التعامل مع الشركات المساهمة التي تقترض بالربا وتودع أموالها بفائدة.
كذلك يجب شرعاً على من مكنه الله (بأن كان ذا سلطة أو يملك من الأسهم في هذه الشركات ما يستطيع به الزام الشركة بعدم التعامل بالربا أخذا أو عطاء، وأن تقتصر على أساليب الاستثمار الإسلامية) يجب عليه القيام بذلك، فإن لم يستطع فأضعف الإيمان أن يعارض بصوته في مجلس إدارتها أو في جمعيتها العمومية ما تقوم به الشركة من التعامل بالربا.
مستند هذا الرأس في حكم الحالة الثانية:
أ) قاعدة عموم البلوي ورفع الحرج:
وهي أصل شرعي عام متفرع من مقصد رفع الحرج في جملة المقاصد العامة للشريعة، وهو المقصد الذي جاء عنه في القرآن العظيم قوله تعالى: ((لا يكلف الله نفساً إلا وسعها)) وقوله تعالى: ((يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)).
وقد فرع عليها فقهاء المذاهب على مر العصور ما لا يحصى من المقررات الفقهية والفتاوى مع تقلب الأزمنة، واختلاف الأمكنة وتبدل الأوضاع الحيوية وطروء الطوارئ ونشوء المستجدات، حتى في أمور العبادات فضلاً عن المعاملات والجنايات، ووردت بعض نصوص السنة النبوية في بعض ذلك موحية بالمبدأ.
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه عفا عن سؤر الهرة إذا شربت من الإناء، مع أنها سبع بنص حديث آخر، وسؤرها في الأصل نجس، وقد علل الرسول صلى الله عليه وسلم هذا العفو بقوله:
((إنها من الطوافين عليكم والطوافات)) مشيراً إلى صعوبة التحرز عن سؤرها لأنها تلج المداخل وتنتقل في البيوت وتنزل إليها من الأسطحة، وهذا من صور عموم البلوى كما يذكره الفقهاء.
وقد صاغ الإمام السرخسي في ضوء تلك الآيات قاعدة عن حكم عموم البلوى كما يلي:
((ما لا يستطاع الامتناع عنه فهو عفو (ر: المبسوط 1/90) وكذلك صاغ الإمام شهاب الدين القرافي في الذخيرة قاعدة في المعنى نفسه فقال:
((قاعدة: كل مأمور يشق على العباد فعله سقط الأمر به، وكل منهي شق عليهم اجتنابه سقط النهي عنه)) الذخيرة 1/189) وفي الشهادات قرروا أنه عند فساد الزمان وشيوع الفسق وندرة العدالة تقبل في القضاء شهادة الأمثل فالأمثل، لعموم البلوى كيلاً يتعطل القضاء إذا طلبت العدالة الكاملة في الشاهد.
(ب) قاعدة الحاجة:
وقاعدة الحاجة العامة كذلك هي أصل مجمع عليه، يفتح به باب في نظر الفقهاء كانت عمومات النصوص تقتضي سده، ذلك أنه الشريعة الكريمة السمحة ما جاءت لتسد على الناس منافذ حاجاتهم الحقيقية وإنما جاءت لتلبية الحاجات الصحيحة التي تستلزمها ظروف الحياة والتعامل، ولتمنع الحاجات الزائفة الوهمية كالربا والخمر، وتبطل العادات السيئة الفاسدة التي تؤدي إلى الضرر والعدوان والتجاوز على حقوق الغير كالثأر وأخذ البريء بذنب المجرم من عشيرته، وقتل الأولاد خشية الإملاق، ونحو ذلك من المفاسد التي تظن حاجة حيوية في المجتمعات الجاهلية.
واصل قاعدة الحاجة هذه دلت عليه السنة النبوية الثابتة في بعض الحالات. من ذلك ما ثبت في الصحاح من أنه صلى الله عليه وسلم لما نهى عن قطع الشجر والحشيش في حرم مكة قالوا له أنهم يحتاجون إلى الأذخر لأجل سقوف بيوتهم فاستثناه لهم، فقال: الا الاذخر.
وهذا النص يوحي بالمبدأ الفقهي في رعاية الحاجات الحقيقية.
أن تطبيقات مبدأ رعاية الحاجة في تفريع الأحكام الفقهية كثيرة منبثة في فقه المذاهب، حتى أنهم تسامحوا عن صورة واضحة من الغرر الفاحش رعاية للحاجة. ومن أبرز ذلك إباحة عقد الجعالة رغم ما فيه من الغرر والواضح وذلك للحاجة الداعية إلى هذا العقد في شؤون كثيرة من التعامل. ولشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في موضوع الغرر والتغاضي عنه للحاجة كلام نفيس قيم ينير البصيرة الفقهية، وكذا لتلميذه ابن القيم رحمهما الله تعالى.
وقد ثبت في السنة النبوية الصحيحة أن الرسول صلى الله عليه وسلم أباح بيع العرايا، وهو بيع ما على النخيل من الرطب بتمر يخرص خرصاً، لمن يحتاج إلى الرطب وليس لديه سوى التمر، وذلك رعاية لحاجته إلى الرطب. وهذا في الأصل غير جائز، بل كان لابد من تحقق التساوي بالكيل.
وفي هذا المقام يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
((يجوز للحاجة ما لا يجوز بدونها، كما يجوز بيع العرايا خرصا بالتمر)). (ر:الفتاوي 29/480).
وقد قرر فقهاء الحنفية والشافعية أيضاً: ((أن الحاجة في حق الناس كافة تنزل منزلة الضرورة في حق الواحد المضطر)).
(ر:الغياثي للجويني ص/478 – 479/ والمنثور للزركشي 2/24 والمجلة م/32).
وقال الإمام أبوبكر بن العربي المالكي: ((إن اعتبار الحاجة في تجويز الممنوع كاعتبار الضرورة في تحليل المحرم)) ر:كتاب القبس شرح موطأ مالك بن أنس لابن العربي تحت القاعدة السابعة من قواعد البيوت ج2 ص 790).
فانطلاقا من قاعدة الحاجة هذه ترى الهيئة أن شركات المساهمة التي ظهرت في العصور الحديثة نتيجة لتطور الحياة المعاصرة ومنجزاتها العلمية، وظروفها الاقتصادية، وتأمين المرافق الكبرى كالكهرباء وشبكات المياه والهاتف والنقل واستثمار الثروات الطبيعية المختلفة على النطاق المجدي اقتصادياً، كل ذلك يجعل تأسيس شركات المساهمة حاجة حيوية عامة. وهذا يستلزم جواز امتلاك أسهمها وتداولها بيعاً وشراء وتوسطاً. ذلك لأنه بعد تقرير جواز تأسيس هذا النوع من الشركات للحاجة العامة يصبح امتلاك اسمهما للاستثمار وأخذ أرباحها حاجة عامة أيضاً، ولاسيما بالنسبة إلى صغار المدخرين وأموال الأيتام والأرامل وسائر العاجزين عن استثمار ما لديهم من وفر، ولا يكفي ما لديهم لمشروع تجاري أو شراء عقار واستغلاله كما سبقت الإشارة إليه، فنجد هؤلاء جميعاً في أسهم هذه الشركات مستثمراً بما لديهم من وفر، كل بقدر ما يستطيع، ولكن بالشرط الذي سبق بيانه، وهو إخراج العنصر الحرام المتحصل من بعض تعاملها الربوي بحساب ولو تقريبياً، وصرفه في أوجه الخير دون أن ينتفع به مالك الأسهم أية منفعة.
وإذا كان في ماله حلال وحرام واختلط: لم يحرم الحلال، بل له أن يأخذ قدر الحلال، كما لو كان المال لشريكين فاختلط مال أحدهما بمال الآخر، فإنه يقسم بين الشريكين.
وكذلك من اختلط بماله: الحلال والحرام، أخرج قدر الحرام، والباقي حلال له، والله أعلم. أ هـ.
(مجموع فتاوى شيخ الإسلام ج 29 ص 272 – 273).
وينبغي أن يلحظ في هذا المقام أنه إذا ضيقنا على المسلمين بمجرة الشهبات البعيدة أو الضعيفة رغم حاجتهم كما في أسهم الشركات التي ليس في ذاتها وطبيعتها مانع شرعي، وحجرنا عليهم امتلاك أسمهمها فإننا سنعزلهم عن مجال عظيم من النشاطات الاقتصادية التي أصبحت أساسية فإننا سنعزلهم عن مجال عظيم من النشاطات الاقتصادية التي أصبحت أساسية في جميع الدول المعاصرة، وتبقى هذه المرافق الكبرى في أيدي غيرهم فالمصلحة أن لا نضيق عليهم مادام من الممكن استبعاد العنصر المحذور.
وهذا وقد تبدو شبهة أخرى في مسألة تداول أسهم الشركات المساهمة هذه، وهي أن السهم يمثل جزءاً شائعاً من مجموع أموال الشركة وحقوقها من نقود سائلة وسلع قائمة، وديون لها على غيرها، مطروحا منها ما عليها من ديون وحقوق لغيرها. فبيع السهم وشراؤه معناه مبادلة ما يقابله من كل ذلك في الشركة بالسعر الذي يباع به السهم. ومعنى هذا أن جزءاً من محل هذا البيع هو صرف يجب فيه التقابض، كما أن بعض هذا المبيع دين في الذمم، فيكون من قبيل بيع الدين لغير من عليه الدين وهو غير جائز.
والجواب عن هذه الشبهة أن من المقرر في القواعد الفقهية أن ما يدخل في الصفقة تبعاً ولا يكون مقصوداً وأصلاً فيها لا يشترط فيه الشروط التي تطلب شرعاً لو وردت عليه الصفقة وحده، وأوردت مجلة الأحكام العدلية قاعدتين تؤيدان هذا المعنى وهما: ((التابع لا يفرد بالحكم)) (م/48) ((يغتفر في التوابع م لا يغتفر في غيرها)) (م/54).
هذا، ولا يقال: أن العنصر الحارم وهو الفوائد الربوية التي دخلت في موارد الشركة قد اختلطت بالمال بصورة لا يمكن تمييزها، فيجب أن تسري الحرمة إلى الجميع، لا يقال ذلك لأن عين المال ليست هي الحرام كالخمر والخنزير، بل ماليته.
فقد جاء في تفسير آيات الأحكام لأبي بكر بن العربي تحت قوله تعالى في أواخر سورة البقرة: ((يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين)). ما يلي:
((ذهب بعض الغلاة من أرباب الورع إلى أن المال الحلال إذا خالطه حرام حتى لم يتميز ثم أخرج منه مقدار الحرام المختلط به لم يحل ولم يطب، لأنه يمكن أن يكون الذي أخرج هو الحلال والذي بقي هو الحرام. وهذا غلو في الدين، فإن كل ما لم يتميز فالمقصود منه ماليته لا عينه، ولو تلف لقام المثل مقامه. فالاختلاط إتلاف لتميزه كما أن الهلاك إتلاف لعينة وأن المثل قائم مقام الذاهب وهذا بين حسا، وبي معنى، والله أعلم)). أ هـ.
وسئل الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى: عن الذين غالب أموالهم حرام، مثل المكاسين، وأكله الربا وأشباههم، ومثل أصحاب الحِرَف المحرمة كمصوري الصور والمنجمين، ومثل أعوان الولاة، فهل يحل أخذ طعامهم بالمعاملة؟ أم لا؟
فأجاب: ((الحمد لله. إذا كان في أموالهم حلال وحرام، ففي معاملتهم شبهة، لا يحكم بالتحريم إلا إذا عرف أنه يعطيه ما يحرم إعطاؤه، ولا يحكم بالتحليل إلا إذا عرف أنه أعطاه من الحلال، فإن كان الحلال هو الأغلب: لم يحكم بتحريم المعاملة، وإن كان الحرام هو الأغلب، قيل بحل المعاملة، وقيل: بل هي محرمة.
فأما المعامل بالربا فالغالب على ماله الحلال، إلا أن يعرف الكثرة من وجه آخر، وذلك أنه إذا باع بألف ومائتين فالزيادة هي المحرم فقط.
ومن جهة أخرى يقرر الفقهاء أن ((للأكثر حكم الأكل)) ((والعبرة للأغلب)) ولذلك أمثلة كثيرة في فروع الفقه، وصرح الإمام عزالدين بن عبدالسلام بأن ((القليل يتبع الكثير في العقود)) (ر:قواعد الأحكام 2/157).
وقد جاء في الجزء السابع من فتاوي الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي المملكة العربية السعودية رحمه الله تعالى في كلامه عن شركات المساهمة وجواز تداول اسهمها بيعاً وشراءا (وهو موضوعنا بالذات) ما يلي:
((فإن قيل: ((إن في هذه الشركات نقوداً، وأن بيع النقد بالنقد لا يصح إلا بشرطه، نقول: أن النقود هنا تابعة غير مقصودة، وإذا كانت بهذه المثابة فليس لها حكم مستقل، فانتهى محذور الربا، كما سيأتي في حديث ابن عمر.
فإذا قيل: أن للشركة ديوناً في ذمم الغير، وأن على تلك الأسهم المبيعة قسطاً من الديون التي قد تكون على أصل الشركة، وأن بيع الدين في الذمم لا يجوز إلا لمن هو عليه بشرطه. نقوله: وهذا أيضاً من الأشياء التابعة التي لا تستقل بحكم، بل هي تابعة لغيرها. والقاعدة: أنه يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالا.
ويدل على ذلك حديث ابن عمر مرفوعا: (من باع عبداً، وله مال، فماله للبائع إلا أن يشترطه المبتاع) رواه مسلم وغيره. فعموم الحديث يتناول مال العبد الموجود، والذي له في ذمم الناس.
ويدل عليه أيضاً حديث ابن عمر الآخر: (من باع نخلاً بعد أن تؤبر فثمرتها للذي باعها، إلا أن يشترط المبتاع) متفق عليه.
ووجه الدلالة أن بيع الثمرة قبل بدو صلاحها لا يجوز، ولكن لما كانت تابعة لأصلها اغتفر فيها ما لم يغتفر لو كانت مستقلة بالعقد. (أي لو بيعت وحدها دون الشجر).
(الفتاوي 7/42 – 43) وقد تكلم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمار وهي على الشجر قبل بدو صلاحها، وبحث فيما إذا كان في بستان أشجار متنوعة فبيعت ثمارها التي عليها جميعها، وكان بعض الأنواع قد بدأ صلاحه دون بقية الأنواع، فذكر شيخ الإسلام رحمه الله في صحة هذا البيع قولين:
أحدهما: بالجواز والآخر بالمنع، وقال أن القول بالجواز في هذه الحال هو قول الليث بن سعد ((فقد جوز الليث بيع البستان إذا صلح نوع كما جوز بيع أحد الأنواع إذا بدأ صلاح بعضه، لأن إيجاب التفريق فيه ضرر عظيم، ثم بين وجه الضرر. ثم قال: ((وهذا القول أقوى من القول الثاني وهو المنع مطلقاً كما هو المشهور، والجواز هنا بمجرد الحاجة)). (وهذا أيضاً مذهب الحنفية (ر:المجلة/ 206/207).
ثم ختم هذا البحث بقوله: ((وسر الشريعة في ذلك كله: أن الفعل إذا اشتمل على مفسدة منه إلا إذا عارضها مصلحة راجحة كما في إباحة الميتة للمضطر. وأن بيع الغرر قد نهى عنه لأنه من الميسر الذي يفضي إلى أكل المال بالباطل. فإذا عارض ذلك ضرر أعظم منه إباحة، دفعاً لأعظم الفسادين بتحمل أدناهما، والله أعلم. (ر: الفتاوي 29/ 482 – 483، والقواعد النورانية ص/ 121 – 122).
فلما سبق لا ترى الهيئة ما يوجب القول بتحريم تداول أسهم الشركات المساهمة التي سبق ذكرها سواء بيعها وشراؤها والتوسط في ذلك، ما عدا الشركات التي يكون موضوع نشاطها الاقتصادي محرماً، كشركات إنتاج الخمور وشركات البنوك الربوية ونحوها.
ثالثاً: الشركات التي يكون مجموع الأموال التي تمثل حجم أعمالها واستثماراتها مؤلفا من عنصري الحلال والحرام.
مثال ذلك شركة رأس مالها مليون ريال مقسماً إلى أسهم اقترضت فوقه مليونا آخر بفائدة ربوية من أحد البنوك وأصبح حجم أعمالها واستثماراتها مليونين فما حكم امتلاك وتداول أسهمها وأخذ عائداتها شرعاً؟
من الواضح أن هذه الحالة تمثل شبهة في هذه الشركة غير ما تقدم ذكره من الشبهات التي عرضناها وبينا المخارج الفقهية فيها، فتلك قد كان عنصر الحارم في طريقة استثمار رأس مالها الحلال. أما هذه فمالها الذي يستثمر (ولو بنشاطات من أنواع الحلال) متكون من عنصرين حلال وحرام.
وبعد المداولة المستفيضة في ذلك وفي ضوء الاعتبارات السابقة في (ثانياً) من قاعة الحاجة وعدم التضييق وقلة العنصر الحرام بالنسبة للحلال وما يدخل تبعاً أو قصداً انتهت الهيئة الشرعية إلى الرأي التالي:
إذا كان العنصر الحرام في مجموع الأموال التي تستثمرها من عقار ومنقول وأثاث ومواد أولية وسلع تجارية ونحوها لا يتجاوز – أي الجزء الحرام – ثلث ما ليتها فإن هذه الشركة لا يحرم تداول أسهمها بيعاً وشراء.
هذا التحديد بالثلث للجزء الحرام المختلط في رأس المال نفسه بهذه الشركات قد قدرته الهيئة الشرعية لتسهيل تطبيق التمييز بي القليل والكثير. وإن ذلك التييز بينهما في الحكم جوازا ومنعا عليه دلائل كثيرة من الأحكام الشرعية، لكن في موضوعنا هذا لابد من وضع حد للقلة والكثرة ليستطيع الشخص العادي التمييز والتطبيق، فرأت الهيئة بنظر اجتهادي منها، واستناداً إلى دلائل في بعض النصوص الشرعية، وإلى المعقول، أن تعتمد الثلث حدا بين القلة والكثرة.
أما كيفية التخلص من الربح العائد على السهم من العنصر الحرام في حالة اقتراض الشركة بربا ما ليزيد عن الثلث من مجموع الأموال التي تستثمرها والمشار ليها آنفاً فترى الهيئة فيه الطريقة التالية:
إذا فرضنا أن رأس مال الشركة مليون ريال، وقد اقترضت فوقه بالربا مائتي ألف ريال فأصبح مجموع ذلك مليونا ومائتي ألف ريال، وجاء ربح السهم مائة وعشرين ريالاً، فإن ذلك يعني أن الكسب قد نشأ عن العمل ورأس المال، ومنه المبلغ المقترض.
وبما أن الربح ينتج من عنصرين هما راس المال والعمل، وإن الخبث في ربح السهم إنما جاء من الجزء المأخوذ بالربا أما العمل فهو مباح في ذاته، ونتيجة ذلك أن بقسم ربح السهم نصفين: نصفه من العمل المباح ونصفه الآخر من جزء رأس مال السهم ذلك الجزء المأخوذ بطريق الربا المحرم، ومقدار ذلك الجزء هو السدس في الصورة المذكورة. فيكون نصف سدس ربح السهم وقدره عشرة ريالات خبيثاً.
رابعاً: أن كل ما سلف بيانه خاص بتداول أسهم شركات المساهمة بيعاً وشراء وأ×ذ عائدات تلك الأسهم من الأرباح التي توزعها الشركات.
أما الاشتراك في تأسيس شركات يكون من خطة عملها أن تتعامل في جملة معاملاتها واحتياجاتها التمويلية ومدايناتها الائتمانية على أساس الفوائد الربوية، أو كان منصوصاً في نظامها على جواز ذلك، فإن الاشتراك في تأسيس هذه الشركات لا ترى الهيئة الشرعية وجها لجوازه شرعاً.
لاحاطتكم والعمل بموجبه واعتماد هذه الصغية بدلاً من صيغة القرار رقم (53) جعلنا الله وإياكم من المتعاونين على البر والتقوى.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
رئيس الهيئة الشرعية

عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل

ابوخالد 1
27-02-2006, 13:34
وفيما يلي نص القرار (485) .
الصادر عن الهيئة الشرعية بشركة الراجحي المصرفية :
الدورة الثالثة - السنة الثانية
23/8/1422هـ
الموضوع : ضوابط الاستثمار والمتاجرة في أسهم الشركات المختلطة بمحرم والتخلص من المحرم فيها.
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، محمد وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد :
فإن الهيئة الشرعية لشركة الراجحي المصرفية للاستثمار في اجتماعها السابع والأربعين ، السنة الثالثة ، الدورة الثانية ، أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس 21و22و23/8/1422هـ-6و7و8/11/2001م، في مدينة الرياض، مبنى الإدارة العامة ، قاعة اجتماعات الهيئة ، بعد اطلاعها على مذكرة العرض المعدة من أمانتها بشأن الخطاب الوارد من نائب المدير العام للمجموعة الشرعية ؛ للنظر في الضوابط الشرعية للتعامل في أسهم الشركات بيعاً وشراءً وتوسطاً المرفق به ملخص ما ورد في قرارات الهيئة في الموضوع، والأوراق والإحالات ذات الصلة .
وبعد الاطلاع على الاستفسار الوارد من مجموعة الاستثمار والعلاقات الدولية .
وبعد دراسة الهيئة لهذه الضوابط والنظر فيها في اجتماعاتها الثامن بتاريخ 5و6/6/1420هـ، والتاسع بتاريخ 19و20/6/1420هـ، والعاشر بتاريخ 10و11و12/7/1420هـ، والسابع والعشرين بتاريخ 14و15/7/1421هـ، والثامن والعشرين بتاريخ 27و28و29/7/1421هـ، والرابع والثلاثين بتاريخ 24و25/11/1421هـ، والسادس والأربعين بتاريخ 8و9و10/7/1422هـ.
وبعد الاطلاع على قرارات وفتاوى الهيئات والمجامع الفقهية ذات الصلة .
وبعد الاطلاع على إيضاحات الجهات المعنية في الشركة وإجاباتها عما وجه إليها من الهيئة .
وبعد التأمل والنظر في الشركات المساهمة ، وأنها من حيث غرضها ونشاطها وضوابط التعامل في أسهمها أنواع ثلاثة هي :
النوع الأول : الشركات المساهمة ذات الأغراض والأنشطة المباحة .
وهذه الشركات يجوز الاستثمار والمتاجرة بأسهمها وفق شروط البيع وأحكامه .
النوع الثاني : الشركات المساهمة ذات الأغراض والأنشطة المحرمة ، مثل شركات الخمور والتبغ ولحوم الخنزير وشركات القمار والبنوك الربوية ، وشركات المجون والأفلام الخليعة ، وصناديق الاستثمار في السندات الربوية ، والشركات المتخصصة في تداول الديون والتعامل بها .
وهذه الشركات لا يجوز الاستثمار والمتاجرة بأسهمها مطلقا ً.
النوع الثالث : الشركات المساهمة التي أغراضها وأنشطتها مباحة ، ولكن قد يطرأ في بعض تعاملاتها أمور محرمة ، مثل تعاملها بالربا اقتراضا أو إيداعاً. وهذا النوع من الشركات قد أقرت الهيئة جواز الاستثمار والمتاجرة بأسهمها بضوابط معينة بينتها في قراراتها ذوات الأرقـام (53) والتـاريخ 2/4/1411هـ، و (182) والتـاريخ 7/10/1414هـ، و (310) والتاريخ 6/4/1419هـ، واستندت في جواز ذلك إلى عموم البلوى ورفع الحرج ، والحاجة العامة .
وبعد الدراسة والمناقشة والنظر والتأمل ، واستكمالاً لما ورد في القرارات المذكورة آنفاً، فقد قررت الهيئة بشأن هذا النوع ( النوع الثالث ) من الشركات المساهمة ما يأتي :
أولاً: يجب أن يراعى في الاستثمار والمتاجرة في أسهم هذا النوع من أنواع الشركات المساهمة الضوابط الآتية :
(1) إن جواز التعامل بأسهم تلك الشركات مقيد بالحاجة ، فإذا وجدت شركات مساهمة تلتزم اجتناب التعامل بالربا وتسد الحاجة فيجب الاكتفاء بها عن غيرها ممن لا يلتزم بذلك .
(2) ألا يتجاوز إجمالي المبلغ المقترض بالربا – سواء أكان قرضاً طويل الأجل أم قرضاً قصير الأجل- (25٪) من إجمالي موجودات الشركة، علماً أن الاقتراض بالربا حرام مهما كان مبلغه .
ويعد هذا معدلاً للنسبة المذكورة في القرار ذي الرقم (310) من تحديد المحرم بأن يكون أقل من ثلث مالية الشركة .
(3) ألا يتجاوز مقدار الإيراد الناتج من عنصر محرم (5٪) من إجمالي إيراد الشركة سواء أكان هذا الإيراد ناتجاً عن الاستثمار بفائدة ربوية أم عن ممارسة نشاط محرم أم عن تملك لمحرم أم عن غير ذلك . وإذا لم يتم الإفصاح عن بعض الإيرادات فيجتهد في معرفتها ، ويراعى في ذلك جانب الاحتياط .
(4) ألا يتجاوز إجمالي حجم العنصر المحرم - استثماراً كان أو تملكاً لمحرم- نسبة (15٪) من إجمالي موجودات الشركة.
والهيئة توضح أن ما ورد من تحديد للنسب في هذا القرار مبني على الاجتهاد وهو قابل لإعادة النظر حسب الاقتضاء .
ثانياً : إذا تغيرت أوضاع الشركات بحيث لا تنطبق عليها الضوابط السابقة وجبت المبادرة إلى التخلص منها ببيع أسهمها حسب الإمكان على ألا تتجاوز مدة الانتظار تسعين يوماً من تاريخ العلم بتغيرها.
ثالثاً : يرجع في معرفة أنشطة الشركة والنسب المقررة لجواز الدخول في الاستثمار والمتاجرة فيها إلى أقرب قوائم مالية صادرة موضحة للغرض؛ سنوية كانت أو ربع سنوية أو شهرية، سواء أكانت مدققة أم غير مدققة.
رابعاً : لا يجوز الاشتراك في تأسيس الشركات التي ينص نظامها على تعامل محرم في أنشطتها أو أغراضها.
خامساً: تطبق الشركة الضوابط المذكورة في الاستثمار وفي المتاجرة في الأسهم، -ويعني الاستثمار: اقتناء السهم بقصد ريعه، أي ربحه السنوي، وتعني المتاجرة: البيع والشراء بقصد الربح من الفرق بين السعرين- سواءٌ قامت الشركة نفسها بذلك أم بواسطة غيرها، وسواءٌ أكان تعامل الشركة لنفسها، أم كان لغيرها على سبيل التوسط (السمسرة) كما في حالة الوساطة في التداول، أو على سبيل الإدارة لأموال الغير كما في الصناديق الاستثمارية إجارة كانت أم مضاربة، أو على سبيل الوكالة عن الغير والتوكيل للغير كما في إدارة المحافظ الاستثمارية.
سادساً: يجب التخلص من العنصر المحرم الذي خالط تلك الشركات، وذلك وفقاً لما يأتي :
(1) الذي يجب عليه التخلص هو من كان مالكاً للأسهم –فرداً كان أو شركة أو صندوقاً أو غير ذلك- حين صدور القوائم المالية النهائية، سواء كانت ربعية أو سنوية، وذلك في حالتي الاستثمار والمتاجرة. وعليه فلا يلزم التخلص من باع الأسهم قبل صدور تلك القوائم؛ لأنه لا يتبين العنصر المحرم إلا بعد صدورها، والبائع قد باعها بغرمها وغنمها. كما لا يلزم الوسيط والوكيل والمدير تخلص في عمولته أو أجرته؛ لأن ذلك حق لهم نظير ما قاموا به من عمل، والتخلص إنما يكون فيما عاد على التعامل بالأسهم من إيراد ونفع محرم.
(2) يرد التخلص على شيئين :
أولهما : منفعة القرض الربوي في حالة اقتراض الشركة المساهمة بفائدة .
ثانيهما: الإيراد المحرم أياً كان مصدره.
(3) يكون التخلص على النحو الآتي :
(أ) في حالة الاقتراض الربوي : فإنه يتم تجنيب منفعة المال المقترض بالربا بالنظر إلى صافي الربح ، ويكون احتساب تلك المنفعة وفقاً للقرار ذي الرقم (310)، الذي جاء فيه: "وبما أن الربح ينتج من عنصرين هما: رأس المال والعمل ، وأن الخبث في ربح السهم إنما جاء من الجزء المأخوذ بالربا" ويستأنس لذلك بما روى مالك في الموطأ(1396) عن زيد بن أسلم عن أبيه أنه قال: خرج عبدالله وعبيد الله ابنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنهم- في جيش إلى العراق، فلما قفلا مرّا على أبي موسى الأشعري، فرحب بهما وسهل وهو أمير البصرة، فقال: لو أقدر على أمر أنفعكما به لفعلت، ثم قال: بلى. ههنا مال من مال الله أريد أن أبعث به إلى أمير المؤمنين، فأسلفكماه، فتبتاعان به متاعاً من متاع العراق، فتبيعانه بالمدينة، فتؤديان رأس المال إلى أمير المؤمنين، ويكون لكما الربح، فقالا: وددنا، ففعلا . فكتب إلى عمر -رضي الله عنه- يأخذ منهما المال، فلما قدما المدينة باعا وربحا، فلما رفعا ذلك إلى عمر -رضي الله عنه- قال: أكل الجيش أسلفه كما أسلفكما؟ قالا: لا، قال عمر -رضي الله عنه-: ابنا أمير المؤمين فأسلفكما، أديا المال وربحه، فأما عبدالله فسلم، وأما عبيدالله فقال:لا ينبغي لك يا أمير المؤمنين هذا. لو هلك المال أو نقص لضمناه، قال: أدياه، فسكت عبدالله وراجعه عبيدالله، فقال رجل من جلساء عمر بن الخطاب: يا أمير المؤمنين لو جعلته قراضاً، فقال: قد جعلته قراضاً، فأخذ عمر -رضي الله عنه- المال ونصف ربحه وأخذ عبدالله وعبيدالله نصف ربح المال. أ-هـ
وعليه فلو كانت نسبة القرض الربوي إلى الموجودات (20٪) مثلاً، فإنه يتم التخلص من (10٪) من صافي الربح سواء وزع الربح أم لم يوزع، فإن لم يوجد ربح فلا يجب تخلص. ويكون التخلص من منفعة القروض قصيرة الأجل بقدر مدة بقائها في الفترة المالية محل التخلص.
(ب) في حالة وجود إيراد محرم: فإنه يتم تجنيب مبلغ الإيراد المحرم كله، أياً كان مصدره، وسواء حصل ربح أم لا، وسواء وزعت الأرباح أم لم توزع، وإذا لم يعرف الإيراد على وجه الدقة احتسب على وجه التقريب بما يبريء الذمة .
ويتم التوصل إلى ما يجب على المتعامل التخلص منه: بقسمة مجموع الإيراد المحرم للشركة المتعامل في أسهمها على عدد أسهم تلك الشركة، فيخرج ما يخص كل سهم، ثم يضرب الناتج بعدد الأسهم المملوكة لذلك المتعامل - فرداً كان أو شركة أو صندوقاً أو غير ذلك- وما نتج فهو مقدار ما يجب التخلص منه.
4. لا يجوز الانتفاع بالعنصر المحرم بأي وجه من وجوه الانتفاع ولا التحايل على ذلك بأي طريق كان، فلا يحتسبه من زكاته، ولا من صدقاته، ولا يدفع منه ضريبة، ولا يستخدمه في دعاية أو إعلان، ولا غير ذلك.
5. تقع مسؤولية التخلص من العنصر المحرم على شركة الراجحي في حالة تعاملها لنفسها، أو في حالة إدارتها للصناديق أو المحافظ الاستثمارية، أما في حالة الوساطة (السمسرة) فيجب على الشركة أن تخبر المتعامل بآلية التخلص من العنصر المحرم حتى يقوم بها بنفسه، وللشركة أن تقوم بتقديم هذه الخدمة لمن يرغب من المتعاملين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الهيئة الشرعية:

- عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل (رئيساً)
- عبدالله بن سليمان المنيع (نائباً للرئيس)
- عبدالله بن عبدالرحمن البسام (عضواً)
- عبدالله بن عبدالله الزايد (عضواً)
- صالح بن عبدالله بن حميد (عضواً)
- أحمد بن علي سير المباركي (عضواً)
- عبدالرحمن بن صالح الأطرم (عضواً وأميناً)

والضوابط باختصار، هي:
(1) أن يكون نشاط الشركة مباحا.
(2) ألا يتجاوز إجمالي المبلغ المقترض بالربا – سواء أكان قرضاً طويل الأجل أم قرضاً قصير الأجل- (25٪) من إجمالي موجودات الشركة، علماً أن الاقتراض بالربا حرام مهما كان مبلغه.
(3) أن يتخلص من نصف ريع القرض الربوي من صافي الربح سواء وزع الربح أم لم يوزع، فإن لم يوجد ربح فلا يجب تخلص.
(4) ألا يتجاوز مقدار الإيراد الناتج من عنصر محرم (5٪) من إجمالي إيراد الشركة سواء أكان هذا الإيراد ناتجاً عن الاستثمار بفائدة ربوية أم عن ممارسة نشاط محرم أم عن تملك لمحرم أم عن غير ذلك. ويكون التخلص من منفعة القروض قصيرة الأجل بقدر مدة بقائها في الفترة المالية محل التخلص.
(5) ألا يتجاوز إجمالي حجم العنصر المحرم - استثماراً كان أو تملكاً لمحرم- نسبة (15٪) من إجمالي موجودات الشركة .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في خطبة له :
أما بعد :
فإنه يعلن في الأسواق عن مساهمات تكون في هذه البلاد ويسأل الناس عنها كثيرا وما ولا شك أن الأصل في المعاملات الحل حتى يقوم الدليل على التحريم وإذا كان التحريم واضحا فإنه لا يجوز لأحد أن يشارك في مساهمة تفعل الحرام فإذا كانت المساهمة في بيوت الربا مثل البنوك فإنه لا يحل لأحد أن يساهم فيها وذلك لأنها إنما أنشئت وقامت على الربا وما يكون فيها من المعاملات الحلال فإنها معاملات قليلة بالنسبة للربا الذي يمارسه أهل البنوك ، أما إذا كانت المساهمات في ما يراد به الإتجار بزراعة أو صناعة أو ما أشبهها فإن الأصل فيها الحل ولكن فيها شبهة وذلك لأن الفائض عندهم من الدراهم يجعلونه في البنوك فيأخذون الربا عليه وربما يأخذون من الربا وربما يأخذون من البنوك دراهم ويعطونهم الربا فمن هذا الوجه نقول أن الورع ألا يساهم الإنسان في هذه الشركات وإن الله سبحانه وتعالى سوف يرزقه إذا علم من نيته أنه إنما ترك ذلك تورعا وخوفا من الوقوع في الشبهة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه) ولكن ما الحال إذا كان الإنسان قد ساهم أو كان يريد المساهمة دون أن يسلك الطريق الأفضل وهي طريق الورع فإننا نقول الحل في هذه الحال أنه إذا قدمت الأرباح وكان فيها قائمة تبين مصادر هذه الأرباح فما كانت فما كان مصدره حلالا فإنه حلال وما كان مصدره حراما مثل أن يصرحوا بأن هذه من الفوائد البنكية فإنه يجب على الإنسان أن يتخلص منها بالتصدق بها لا تقربا إلى الله ولكن تخلصا من إثمها لأنه لو نوى بها التقرب إلى الله لم تقربه منه ( لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ) ولم يسلم من إثمها لأنه لم ينوي التخلص منها أما إذا نوى التخلص منها فإنه يسلم من إثمها وربما يؤجر على صدق نيته وتوبته وإذا كانت هذه الأرباح ليس فيها قوائم تبين المحذور من المباح فإن الأولى والأحوط أن يخرج نصف الربح ويبقى نصف الربح له حلالا لأن المال المشتبه بغيره إذا لم يعلم قدره فإن الاحتياط أن يخرج النصف لا يظلم الإنسان ولا يظلم أسأل الله تعالى أن يرزقني وإياكم الفقه في دينه وأن يرزقنا جميعا رزقا طيبا حلالا نستغني به عن ما حرم الله عز وجل فاتقوا الله أيها المسلمون واعلموا أنكم لم تخلقوا لكسب الأموال ولم تخلقوا للمعاملات التي يكون فيها شبهة وإنما خلقتم لعبادة الله والدين أغلي ما يكون عند المرء والدنيا وسيلة له فلا تجعلوا الوسيلة غاية والغاية وسيلة .... ) أ.هـ

كامل الخطبة على هذا الرابط من موقع الشيخ رحمه الله تعالى :
http://www.ibnothaimeen.com/publish/article_569.shtml

كحيلان
27-02-2006, 14:37
جزاك الله الف خير اخوي ابو خالد ...

موضوع جدير بالقراءه واخذ الفائده ...

لا تحرمنا اخي من مثل هذي المواضيع ...

دمت بخير

المشرف العام
27-02-2006, 22:20
الله يجزاك خير يابو خالد

واثابك الله

ابوخالد 1
28-02-2006, 00:29
جزاك الله الف خير اخوي ابو خالد ...

موضوع جدير بالقراءه واخذ الفائده ...

لا تحرمنا اخي من مثل هذي المواضيع ...

دمت بخير


يا هلا والله اخوي

شكرا على المرور الكريم

والعطر

ابوخالد 1
28-02-2006, 00:32
الله يجزاك خير يابو خالد

واثابك الله



يا هلا والله وغلا اخوي

لا هنت

وشكرا على المرور الكريم

والعطر

عبدالعزيز
28-02-2006, 06:20
جزاك الله خيراً أخي أبا خالد على ماأوردت

قرأته كاملا ولكن لاتزال نفسي ميالة لفتوى اللجنة الدائمة للبحوث ولإفتاء :

فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ج 14



الفتوى رقم 6823:

س: هل تجوز المساهمة في الشركات والمؤسسات المطروحة أسهمها للاكتتاب العام في الوقت الذي نحن يساورنا فيه الشك من أن هذه الشركات أو المؤسسات تتعامل بالربا في معاملاتها، ولم نتأكد من ذلك؟ مع العلم أننا لا نستطيع التأكد من ذلك، ولكن كما نسمع عنها من حديث الناس.



ج: الشركات والمؤسسات التي لا تتعامل بالربا وشيء من المحرمات تجوز المساهمة فيها، وأما التي تتعامل بالربا أو شيء من المحرمات فتحرم المساهمة فيها، وإذا شك المسلم في أمر شركة ما فالأحوط له ألا يساهم فيها؛ عملاً بالحديث: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك"، وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الثاني: "من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه".

وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبة وسلم.

رئيس اللجنة/ عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى


والحمد لله اللذي سن الإختلاف بين العلماء لرحمة عباده فما كان حلالاً عليك قد يكون محرماً علي لإختلاف القناعات
وعن نفسي أحمد الله كثيراً .. أعمل في الشركات النقية فقط منذ بدايتي وعددها 23 شركة وجنيت من الربح للآن مالم يجنه بعض الأصدقاء ممن كانت اموالهم أضعاف مالي ويعملون في جميع الشركات ومنها المحرمة بإجماع العلماء على تحريمها .

ابوخالد 1
28-02-2006, 14:30
جزاك الله خيراً أخي أبا خالد على ماأوردت

قرأته كاملا ولكن لاتزال نفسي ميالة لفتوى اللجنة الدائمة للبحوث ولإفتاء :

فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ج 14



الفتوى رقم 6823:

س: هل تجوز المساهمة في الشركات والمؤسسات المطروحة أسهمها للاكتتاب العام في الوقت الذي نحن يساورنا فيه الشك من أن هذه الشركات أو المؤسسات تتعامل بالربا في معاملاتها، ولم نتأكد من ذلك؟ مع العلم أننا لا نستطيع التأكد من ذلك، ولكن كما نسمع عنها من حديث الناس.



ج: الشركات والمؤسسات التي لا تتعامل بالربا وشيء من المحرمات تجوز المساهمة فيها، وأما التي تتعامل بالربا أو شيء من المحرمات فتحرم المساهمة فيها، وإذا شك المسلم في أمر شركة ما فالأحوط له ألا يساهم فيها؛ عملاً بالحديث: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك"، وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الثاني: "من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه".

وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبة وسلم.

رئيس اللجنة/ عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى


والحمد لله اللذي سن الإختلاف بين العلماء لرحمة عباده فما كان حلالاً عليك قد يكون محرماً علي لإختلاف القناعات
وعن نفسي أحمد الله كثيراً .. أعمل في الشركات النقية فقط منذ بدايتي وعددها 23 شركة وجنيت من الربح للآن مالم يجنه بعض الأصدقاء ممن كانت اموالهم أضعاف مالي ويعملون في جميع الشركات ومنها المحرمة بإجماع العلماء على تحريمها .



يا هلا والله وغلا

جزاك الله خير

على الفتوي والله يبارك لك مالك

وشكرا على المرور الكريم

والعطر