المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بطل يعفو عن بطل .. " عدوان بن طوالة " و " عقاب العواجي " عام 1245 هـ



حاتم طي
25-09-2003, 20:24
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين .. أما بعد :

تعريف بالبطلين : عدوان هو رئيس عشيرة الأسلم من شمَر , أما عقاب فهو رئيس عشيرة ولد سليمان من عنزة .

كان عدوان يقطن شرق جبل طي بينما كان الثاني يقطن في الجنوب منه والحرب بينهما دائماً سجال , واجتمع البطلان عن طريق الصدفة في مدينة " الرس " - احدى مدن القصيم - , حيث نزلوا هم وقومهم ضيوفاً عند أمير المدينة .

فقال عدوان لعقاب : (( لقد اجتمعنا بغير اختيار واحد منا , وإني لأرجو أن تكون نتيجة هذا الإجتماع حسنة للطرفين فيما إذا أحسنا التصرف و تركنا العداوة القديمة )) .

عقاب : ماذا تقصد من كلامك ؟؟!!

عدوان : أقصد أن نتعاهد نحن وأنتم بهذه الغزوة ونشترك في الغنيمة التي نكتسبها من إبل وغنم العدو . ولا شك أنها إذا اجتمعت قوة غزاتكم مع قوة غزاتنا فإننا سوف ننتصر بحول الله على أي قبيلة نغزوها ولنذكر في تاريخ حياتنا أن شمَر وعنزة تصالحتا يوماً من الدهر وغزتا عدوهما سوياً .

عقاب : اختر لك رأياً أحسن من هذا الرأي .

عدوان : لا أعلم أصوب ولا أفضل من هذا الرأي .

عقاب : لاشك أنك رأيت قومي أكثر من قومك عدداً ودبَرت لك حيلة تنجوا بها من هذا المأزق خشية أن ننتصر عليك ؛ لهذا بادرتني بهذا الحديث الذي فيه من المكر والخديعة أكثر مما فيه من الحقيقة !!!

عدوان : ماهو الرأي الذي تشير إليه وتريد أن تفعله أنت بصفتك أكثر مني قوماً ؟

عقاب : أريد أن نتنازل نحن وأنتم بهذه الأرض الجميلة , ويتبارز أبطالنا وأبطالكم .. ثم قال : أليس كل من قومك وقومي كانوا يشدون الرحال من مكان بعيد لا قصد للطرفين غير محبة الفوز ولذة النصر والتغلب على الخصم ؟

عدوان : صحيح ماتقوله , ولكن نحن الآن اجتمعنا في ناد واحد لهذا أرى أن الأحسن هو رأيي السابق .

عقاب : نعم انه الأحسن بالنسبة لك ولقومك .. أما بالنسبة لي ولقومي فلا أرى فيه شيئاً يوافق مصلحتنا .

عدوان : إذا كان ولا بد فلتكن المبارزة في صباح الغد .

عقاب : وهو كذلك .



- يـــتـــبع -

حاتم طي
25-09-2003, 20:31
عند الصباح خرج عدوان مبكراً يتبعه فرسان قومه ومر بطريقه إلىعقاب وأبلغه انه في انتظاره في المكان المعين , فلما برز " عدوان " بقومه ورسم لهم الخطة الحربية بعد أن حرَضهم على القتال حيث قال لهم :

(( نحن لا نريد غنيمة إلا شيئاً واحداً وهو رأس " عقاب " هذا الرجل الذي تحدانا معتمداً على شجاعته وكثرة قومه )) .

ثم قال : (( إننا إذا قتلنا عقاب أو طرحناه أرضاً فقد تم لنا النصر على قومه أجمعين )) . ثم بعد ذلك قسَم قومه إلى فرقتين , فرقة جعلها معه ويتولى قيادتها هو بنفسه , وفرقة أخرى جعل عليها رئيساً من أفراد عشيرته ممن يثق بحزمهم وبطولتهم .

فأما الفرقة التي معه فقد أمرها ألا يكون لها كفاح ولا مناضلة عدا شيئاَ واحداً وهو أن يوجه كل فرد منهم همَه وشجاعته وقوته تجاه "عقاب " .

وأما الفرقة الأخرى فقد كلفهم أن يحاولوا مااستطاعوا أن يحولوا بين عقاب وقومه وألا يدخروا وسعاً من اشغال قومه عنه في الحين الذي تطوقه خيول الفرسان الآخرين الذين يقودهم عدوان بذاته وقد أبرموا أمرهم على هذه الخطة المحكمة .

أما غزاة " عنزة " فقد كان زعيمهم مهملاً إلى آخر حد الإهمال والسبب في إهماله هذا هو أنه كان واثقاً ببطولته ورباطة جأشه التي لا تتزحزح هذا من ناحية , أما الناحية الأخرى فقد كان معتمداً على كثرة قومه وقلَة أعداءه .

وبعد أن بزغت الشمس خرج فرسان " عنزة " مدججين بالسيوف والرماح يقودهم البطل " عقاب " وبارز أمام قومه فذهب مسرعاً نحو الموضوع الذي يعتقد أن خصمه ينتظره فيه - حسب الوعد الذي بينهما - فلما اقترب من المكان ونظر إلى خيول عدوه هب على الفور وأطلق عنان فرسه فتركه " عدوان " حتى اقترب منهم , ثم أمر عدوان قومه بتنفيذ الخطة التي أسفرت عن فصل " عقاب " عن قومه ؛ حيث طوَقه " عدوان " بالفرقة التي يرأسها كما أن الفرقة الأخرى حالت بين عقاب وقومه . فلم تستمر المعركة إلا مدة وجيزة حتى وقع " عقاب " أسيراً بيد " عدوان " وطرحه أرضاً بدون أن يقتله ومن غير أن يمنعه بل استلمه ( شلعاً لا منعاً ) والشلع هو بدون عهد , أما المنع فيكون الفارس استولى علىعدوه بطريقة العهد . فالأولى يستطيع قتله ولا عيب عليه عند العرب , أما الثانية فلا يستطيع أن يمسَه بسوء .

وقد كانت التعاليم الحربية التي أخذها قوم " عدوان " ترمي إلى أنه متى ماطُرح " عقاب " أرضاً فإن خيل الفرقتين تتحد وتنصب على قوم " عقاب " حتى لا يستطيعون الدفاع عنه . وهكذا نفذ " عدوان " الخطة حتى أن فرسان " عنزة " عندما رأوا رئيسهم مطوقاً من خيول " عدوان " وقومه حاولوا انتشاله فعجزوا .

هذا وقد نصر الله " عدوان بن طوالة " على " عقاب العواجي " فرأى عدوان أن من الشيمة أن يعفو عنه ويُحسن إليه أيضاً .. لذلك تحدث " عدوان " مع " عقاب " وقال له : (( إني عفوت عنك كما أني قد وهبتك فرسك )) .

أجابه " عقاب " : (( أما إذا عفوت عني فهذه شيمة العرب ولم تفعل شيئاً مستغرباً فأنت تعفو عني اليوم ونحن نعفو عنك في الغد , وأما بخصوص الفرس التي تزعم أنك وهبتني إياها فإن هذه الفرس ليست من جياد عشيرتي " عنزة " بل إن مصدرها الأساسي هو خيل عشيرتكم " شمَر " لإني قد غنمتها العام الماضي من الفارس الشمَري فلان )) .

قال " عدوان " : إذن الفرس نعيدها إلى أهلها شمَر ونشعرهم أننا أخذناها منك قهراً وقوة كما أخذتها سابقاً .

هذا وقد ذهب " عقاب " وقومه مشياً على الأقدام كما عاد " عدوان " وقومه منتصرين .

وبعد عودتهم علم بما حصل شاعر من قبيلة شمَر يدعى " مبارك التبيناوي " وقد قال قصيدة يلوم فيها " عدوان " لعدم قتله " عقاب " يقول " مبارك " :


ياحيـف ياعـدوان ياحيـف ياحـيـف = أعتقت ربعٍ عقب ماطيرهم حـام
أعتقت ربعٍ كللوا شـذرة السيـف = من يبذر الحسنى بقطاع الأرحام
لـو أنـت يازيـن البـكـار الموالـيـف = أودعت راسـه موقـعٍ منـه ماقـام



أتمنى أن تعجبكم القصَة إن شاء الله , ومصدرها هو كتاب ( من شيم العرب ) .


أخوكم / حاتم طي . :)