المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الــمــتــجــو فــو ن !



عطارد
13-08-2003, 15:02
من هم المتجوفون ؟

أقبلت على الليل فإذا به مظلم
بل أقبل الليل علي ،
لأنه لا حيلة لي في دفع ظلمته
دخلت في الظلمة ،
فأحسست بالخوف ،
وانتابت جسدي قشعريرة شديدة
حاولت الرجوع
فإذا بالنهار قد فارق الأفق
وإذا بأقوام
قد صنعوا نهارا مزيفا
نهارا يمتد في أخاديد الليل
يسرق هدوء الليل وسكونه
يسرق لذة الليل ،
يسرق سباته
يسرق النوم من أعين الناس
ويضعه في خزائن الأرق
أخذت بمجامع نفسي
ودخلت في جوف الليل المظلم
أتدرون لماذا ؟
لأرى أيهما أشد ظلمة
الليل ؟ أم جوف الليل ؟
فوجدت جوف الليل نورا وبه أناس
سألت رجلا يقف بجانبي ،
من هؤلاء ؟
فقال : إنهم الأتقياء والصالحون
والعباد المستغفرون
إنهم اللذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع
إنهم أهل الثلث الأخير من الليل
نور وجوههم يضيء معاتم الليل
ومن لم يجعل الله له نورا فماله من نور
رأيت في جوف الليل نورا
نورا يرى فيه الأدباء عباراتهم ،
ويجيدون فيه صياغتهم
نورا يرى فيه الشعراء آلام الأمة ،
وينظمون ذلك على موازين بحورهم
نورا يرى فيه التائب سعة رحمة الله ،
والعاصي عظم مغفرة الله
نورا يرى فيه المظلوم قيمة العدل ،
ويرى فيه المكلوم قيمة المواساة
علمت أن جوف الليل ليس ظلمة
إنما هو نعمة
لا يصل إليه إلا أهل الصنف
وأرباب الألباب
وأصحاب العقول المفعمة بنوادر الفكر
إن جوف الليل أعجوبة ،
حقيقة إنه أعجوبة ،
إن هؤلاء اللذين يتهافتون على المنتجعات
ويترامون في ردهات المنتزهات
ويتراكضون بسياراتهم
تراكض الحمر الوحشية
وإن كانوا في هزعة الليل
وتدلي جدائله البهماء
فليسوا من أهل الليل
فإن أنسوا بالليل ،
فالليل لا يأنس بهم
ويرى أنهم عالة عليه
ونشازا في مدلهم ساعاته
لأن الليل سبات ،
وسكون ، وهدوء ، وتأمل
ليس من سمة الليل الضوضاء والصخب
ولا من سجيته الضجيج والأهازيج
إنه سمير الوحدة ، ومشعل الفكر
وينبوع التأمل ، ونهر العبارة الدافئة
وبحر المشاعر الحانية
إذا أردت أن تعرف ذلك
فاجلس تحت قبة الليل الهادئة
ووميض نجومه الساطعة
أو اجلس تحت تهاطل ضوء القمر
وعذوبة جوه الساحر
إجلس لوحدك ،
أو مع من تحب من أصدقائك
أطفيء الأنوار ،
وأبعد عن عينيك زخم العصرنة والتمدن
عش مع الحياة بأبسط معانيها
ومع الطبيعة بمعطياتها الحقيقية
لا يحل بينك وبينها شيء
إجعل ليلتك حديث دافيء
وقصص وذكريات ،
وشعر وحكايات
وإذا أغرقك الليل بسكونه
وانهزعت عليك عقارب ثلثه الأخير
إختم ليلتك
بركعات ودعوات صالحات
وفي الغد ،
أنظر آثار ذلك على نفسيتك ،
إنه علاج لمرض المدنية والضوضاء
وانظر الفرق بين الظلمة والظلماء
والقمرة والقمراء
إن جوف الليل
ومشاعر من تجوفه
لا تجسدها خاطرة عابرة
إنما جلسة خاثرة
مع تمنياتي للمتجوفين
ليلة سعيدة
وحياة أسعد

عطارد

الضيغمي
14-08-2003, 12:30
الأخ عطارد

لايسعني الا ان اقول لك جزاك الله عنا بالف خير

وأشكرك من أعماق قلبي على هذه المناجاة الرائعة

التي ناجيت بها قلوبنا موضحا المكسب الحقيقي من هذه الحياة

جزاك الله خيرا وجعل هذا العمل في موازين حسناتك انه سميع مجيب


تحياتي


الضيغمي

عطارد
16-08-2003, 00:36
الاخ الضيغمي

تحية لك من الأعماق

أرسلها لك عبر الآفاق

وأشكرك على تعقيبك المعسول

الذي تشرفت بقراءته

فازددت لك حبا وتقديرا

أخوك عطارد