المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الزيـديـة



طلال صعفق الحافظ
02-12-2001, 11:50
التعريف :
تعتبر الزيدية أقرب فرق الشيعة إلى أهل السنة والجماعة ، حيث يتصف مذهبهم بالابتعـاد عن غـلو الاثنا عشرية وباقي فرق الشيعة ، كما أن نسبتها ترجع إلى مؤسسها زيد بن علي زين العابدين الذي صاغ نظرية شيعية متميزة في السياسة والحكم


وقد جاهد من أجلها وقتل في سبيلها ، وكان يرى صحة إمامة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم جميعاً ، ولم يقل أحد منهم بتكفـير أحد من الصحـابة ، ومن مذهبهم جواز إمامة المفضول مع وود الأفضل .
التأسيس وأبرز الشخصيات:
ترجع الزيدية إلى زيد بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي رضي الله عنهما (80-122هـ ) قاد ثورة شيعية في العراق ضد الأمويين أيام هشام بن عبد الملك ، فقد دفعه أهل الكوفة لهـذا الخروج ثم مـا لبثوا أن تخلوا عنه وخذلوه عندما علموا بأنه لا يتبرأ من الشيخين أبي بكر وعمر ولا يلعنهمـا ، بل يترضى عنهما رضي الله عنه ، فاضطر لمقـابلة جيش الأمويين وما معه سوى 500 فـارس حيث أصيب بسهم في جبهته أدى إلى وفاته عام 122 هـ .
تنقل في البلاد الشامية والعراقية باحثاً عن العم أولاً ، وعن حق أهل البيت في الإمامة ثانيـاً ، فقـد كان تقياً ورعاً عالماً فاضلاً مخلصاً شجاعاً وسيماً مهيباً ملماً بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
تلقى العلم والرواية عن أخيه الأكبر محمد الباقر ، الذي يعد أحد الأئمة الأثني عشر عند الشيعة الإمامية .
اتصل بواصل بن عطاء رأس المعتزلة وتدارس معه العلوم ، فتأثر به وبأفكـاره التي نقل بعضهـا إلى الفكر الزيدي ، وهناك من ينكر وقوع هذا التتلمذ ، وهناك من يؤكد وقوع الاتصال دون التأثر . تتلمذ عليـه أبو حنيفة النعمان وأخذ عنه العلم .
بصرف انظر عن رأي يشكّك ، فإن من مؤلفاته كتاب المجموع في الحديث ، وكتاب المجموع في الفقه وهما في كتاب واحد اسمـه المجموع الكبـير ، رواهما عنه تلميذه أبو خالد عمرو بن خالد الواسطي الهاشمي الذي مات في الربع الثالث من القرن الثاني للهجرة .
أما ابنه يحيى بن زيد فقد خاض المعارك مع والده ، لكنه تمكن من الفرار إلى خراسان حيث لاحقته سيوف الأمويين فقتل هناك سنة 125هـ . فُوض الأمر بعد يحيى إلى محمد وإبراهيم .
خرج محمد بن عبد الله بن الحسين بن علي ( المعروف بالنفس الزكية ) بالمدينة فقتله عاملها عيسى بن ماهان . خرج من بعده أخوه إبراهيم بالبصرة فكان مقتله فيها بأمر من المنصور .
أحمد بن عيسى بن زيد - حفيد مؤسس الزيدية - أقام بالعراق ، وأخذ عن تلاميذ أبي حنيفة فكان ممن أثرى هذا المذهب وعمل على تطويره .
من علماء الزيدية القاسم بن إبراهيم المرسي بن عبد الله بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما ( 170-242هـ ) تشكلت له طائفة زيدية عرفت باسم القاسمية .
جاء من بعده حفيده الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم ( 245-298هـ ) الذي عقدت له الإمامة باليمن ، فكان ممن حارب القرامطة فيها ، كما تشكلت ل فرقة زيدية عرفت باسم الهادوية منتشرة في اليمن والحجاز وما والاها .
ظهر للزيدية في بلاد الديلم إمام حسيني هو أبو محمد الحسن بن علي بن الحسن بن زيد بن عمـر بن الحسين بن علي رضي الله عنهما والملقب بالناصر الكبير ( 230-304هـ ) وعرف باسم الأطـروش ، فقد هاجر هذا الإمام إلى هناك داعياً إلى الإسلام على مقتضى المذهب الزيدي فدخل فيه خلق كثير صاروا زيديين ابتداء .
ومنهم الداعي الآخر صاحب طبرستان الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن زيد بن الحسن بن علي رضي الله عنهما والذي تكونت له دولة زيدية جنوب بحر لخزر سنة 250هـ .
وقد عرف من أئمتهم محمد بن إبراهيم بن طباطبا ، الذي بعث بدعاته إلى الحجـاز ومصـر واليمن والبصرة . ومن شخصياتهم البارزة كذلك مقاتل بن سليمان ، ومحمد بن نصر ، ومنهم أبو الفضـل بن العميد والصاحب بن عباد وبعض أمراء بني بويه .
استطاع الزيدية في اليمن استرداد السلطة من الأتراك إذ قام الإمام يحيى بن منصور بن حميد الدين ثورة ضد الأتراك عام 1322هـ ، وأسس دولة استمرت حتى سبتمبر عام 1962م حيث قامت الثورة اليمنية وانتهى بذلك حكم الزيود ولكن لا زال اليمن معقل الزيود ومركز ثقلهم .
خرجت عن الزيدية ثلاث فرق طعن بعضها في الشيخين ، كما مال بعضها عن القول بإمامة المفضول ، وهذه الفرق هي :
- الجارودية : أصحاب أبي الجارود زياد بن أبي زياد .
- الصالحية : أصحاب الحسن بن صالح بن حي .
- البترية : أصحاب كثير النوي الأبتر .
و الفرقتان الصالحية والبترية متفقتان ومتماثلتان في الآراء .
هذه الفرق بجملتها لم يعد لها مكانة بارزة عند الزيدية المعاصرة .
الأفكار والمعتقدات :
ـ يُجيزون الإمـامة في كل أولاد فاطمة ، سواء أكانوا من نسل الإمـام الحسن أم من نسل الإمام الحسين رضي الل عنهما .
ـ الإمـامة لديهم ليست بالنص ، إذ لا يشترط فيها أن ينص الإمـام السابق على الإمام اللاحق ، بمعنى أنها ليست وراثية بل تقوم على البيعة ، فمن كان من أولاد فاطمة وفيه شروط الإمامة كان أهلاً لها .
ـ يجوز لديهم وجود أكثر من إمام واحد في وقت واحد في قطرين مختلفين .
ـ تقول الزيدية بالإمام المفضول مع وجود الأفضل إذ لا يشترط أن يكون الإمام أفضل الناس جميعـاً بل من الممكن أن يكون هناك للمسلمين إمام على جانب من الفضل مع وجود من هو أفضل منه على أن يرجع إليه في الأحكام ويحكم بحكمه في القضايا التي يدل برأيه فيها .
ـ معظم الزيدية المعاصرين يُقرون خـلافة أبي بكر وعمر ، ولا يلعنونهمـا كما تفعل الفرق الشيعة ، بل يترضون عنهما ، ويقرون بصحة خلافة عثمان مع مؤاخذته على بعض الأمور .
ـ يميلون إلى الاعتزال فيما يتعلق بذات الله ، والاختيار في الأعمال ، ومرتكب الكبيرة يعتبرونه في منـزلة بين المنـزلتين كما تقول المعتزلة .
ـ يرفضون التصوف رفضاً قاطعاً.
ـ يخالفون الشيعة في زواج المتعة ويستنكرونه .
ـ يتفقون مع الشيعة في زكاة الخمس وفي جواز التقية إذا لزم الأمر .
ـ هم متفقون مع أهل السنة بشكل كامل في لعبادات والفرائض سوى اختلافات قليلة في الفروع مثل :
- قولهم حي علىخير العمل في الأذان على الطريقة الشيعية .
- يرسلون أيديهم في الصلاة .
- صلاة العيد تصح فرادى وجماعة .
- يعدون صلاوة التراويح جماعة بدعة .
- يرفضون الصلاة خلف الفاجر .
- فروض الوضوء عشرة .
باب الاجتهاد مفتوح لكل من يريد الاجتهاد ومن عجز عن ذلك قلد ، وتقليد أهل البيت أولى من تقليد غيرهم .
_ يقولون بوجوب الخروج على الإمام الظالم والجائر ولا تجب طاعته .
_ لا يقولون بعصمة الأئمة عن الخطأ ، كما لا يغـالون في رفع أئمتهمعلى غـرار ما تفعله معظم الفرق الشيعية الأخرى . لكن بعض المنتسبين للزيدية قرروا العصمة لأربعة فقط من أهل البيت هم علي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم جميعاً.
_ لا يوجد عندهم مهدي منتظر .
_ يستنكرون نظرية البـداء التي قال بها المختار الثقفي ، حيث أن الزيدية تقرر أن علم الله أزلي قديم غير متغير وكل شيء مكتوب في اللوح المحفوظ .
_ قالوا بوجوب الإيمان بالقضاء والقدر مع اعتبار الإنسان حراً مختاراً في طاعة الله أو عصيانه ، ففصـلوا بذلك بين الإرادة وبين المحبة أو الرضا وهو رأي أهل البيت من الأئمة .\n_ مصادر الاستدلال عنـدهم كتاب الله ، ثم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلـم ، ثم القيـاس ومنه الاستحسان والمصالح المرسلة ثم يجيء بعد ذلك العقل فما يقر العقل صحته وحسنه يكون مطلوباً وما يقر قبحه يكون منهياً عنه .
_ وقد ظهر من بينهم علماء فطاحل أصبحوا من أهل السنة ، سلفيو المنهج والعقيدة أمثال : ابن الوزير وابن الأمير والشوكاني .
الجذور الفكرية والعقائدية :
_ يتمسكون بالعديد من القضايا التي يتمسك بها الشيعة كأحقية أهل البيت في الخلافة ، وتفضيل الأحاديث الورادة عنهم على غيرها ، وتقليدهم وزكاة الخس فالملامح الشيعية واضحة في مذهبهم على الرغم من اعتدالهم عن بقية فرق الشيعة .
_ تأثر الزيدية بالمعتـزلة فانعكست اعتزالية واصل بن عطاء عليهم وظهر هذا جلياً في تقديرهم للعقل وإعطائه أهمية كبرى في الاستدلال ، إذ يجعلون له نصيباً وافراً في فهم العقائد وفي تطبيق أحكـام الشريعة وفي الحكم بحسن الأشياء وقبحها فضلاً عن تحليلاتهم للجبر والاختيار ومرتكب الكبيرة والخلود في النار .
_ أخذ أبو حنيفة عن زيد ، كما أن حفيداً لزيد هو أحمد بن عيسى بن زيد قد أخذ عن تلاميذ أبي حنيفة في العراق ، قد تلاقى المذهبان الحفي السُّني والزيدي الشيعي في العراق أولاً ، وفي ما بلاد ما وراء النهر ثانياً مما جعل التأثير والتأثر متبادلاً بين الطرفين . الانتشار ومواقع النفوذ :
قامت دولة للزيدية أسسها الحسن بن زيد سنة 250هـ في أرض الديلم وطبرستان .
كما أن الهادي إلى الحق أقام دولة ثانية لها في اليمن في القرن الثالث الهجري .
انتشرت الزيدية في سواحل بلاد الخزر وبلاد الديلم وطبرستان وجيلان شرقاً ، وامتدت إلى الحجاز ومصر غرباً ، وتركزت في أرض اليمن .
ويتضح مما سبق :
أن الزيدية من أكثر فرق الشيعة اعتدلاً بالنسبة لغيرهم منفرق الشيعة ، ولصلاتهم القديمة بالمعتزلة تأثروا بكثير من افكارهم ومعتقداتهم إلا أن المذهب الزيدي في الفروع لا يخرج عن إطار مدارس الفقه الإسلامي ومذاهبه ، وموطن الاختلاف بين الزيدية والسنة في مسائل الفروع لا تكاد تذكر .
مراجع للتوسع :
- الإمام زيد ، محمد أبو زهرة - دار الفكر العربي - القاهرة .
- تاريخ المذاهب الإسلامية ، محمد أبو زهرة - دار الفكر العربي - القاهرة .
- تاريخ الفرق الزيدية ، د. فضيلة عبد رب الأمير الشامي - مطبعة الآداب ، النجف - العراق -1394هـ -1974م .
- إسلام بلا مذاهب ، د. مصطى الشكعة -الدار المصرية للطباعة والنشر - بيروت.
- الفَرق بين الفِرق ، عبد القادر بن طاهر البغدادي.
- الفِصَل في الأهواء والملل والنحل ، ابن حزم .
- الملل والنحل ، محمد بن عبد الكريم الشهرستاني .
- تلخيص الشافي ، أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي .
- الكامل في التاريخ ، عز الدين أبو الحسن الملقب بابن الأثير .



المصدر..
http://www.islamweb.net/aqeda/agans_firaq/3.htm