[align=justify]بشر للبيع !

مؤذٍ جدّاً أن تشعر بأنّك في هذا الوطن لست سوى سلعة تباع وتشترى بحسب الأهواء والمصالح ، وأنك لست سوى بند من بنود عقد تجاريّ يُعقد بين طرفين كلاهما يبحث عن مصلحته حتى لو كانت على حساب حياتك و مستقبلك و أحلامك ، أو أنك لست أكثر من قطعة أثاث مستعملة في بيت الوطن معروضة للبيع لمن يدفع أكثر وأحيانا لمن يخلصهم منك بشكل أسرع فأنت أصلاً لا قيمة لك في هذا البيت .
ومؤذٍ بشكل أكبر وأقذر حين تشعر بأنّك مقيّد اليدين والقدمين بقيود وهمية مصطنعة وتقاد إلى ما يشبه سوق العبيد في زمن الشعوب العنصرية القديمة والذي أضحى يتجدّد ولكن بصورة مغايرة ؛ ليتم بيعك بسعرٍ يكفل لسيّدك الأوّل تعويض ما صرفه عليك طوال هذه السنوات حتى أصبح يمشي على زندك الهمّ والغمّ ! ، والطامّة أن سيّدك قد لايكون بهذا الحرص أحياناً بل هو مستعدّ للدفع لسيّدك الجديد في مقابل أن يتخلّص من تبعات مصاريفك الجديدة معتبراً ما تم صرفه عليك قديماً دفعة بلاء عنه ! .
ومؤذٍ بشكل يفوق كل ما سبق أن يتمّ هذا الفعل في ظلّ صمت مطبق من موّسسات المجتمع المدني وحقوقييه وفرسان الكلمة فيه ودعاة حماية حقوق الإنسان حتى أنّك لو أوقعت إبرة امتهان للبشر بينهم لسمعت صوتها جرّاء هدوئهم الذي لا تتوقع عاصفة دفاع عن حقوق الإنسان بعده ، بل ومما ينثر الملح على جراحك ويزيد من ألمك خروج بعضهم لتبرير ظلم الظالمين وتسويغه بمسوّغات هي من باب "عذر ملّوح" حتى يصل بهم الحال لقول : شتبي بعد فقد أعطيناك كل جميل !
يا ربّااااه ... ما أقساك أيتها الدنيا وما أسرع دورات أيّامك وما أشنع حوادثك وسبحان من ( كلّ يومٍ هو في شأن ) يدبّر الأمور ويصرّف الأقدار وكما قال الأوّلون : "الأيام أطول من أهلها" (وسيعلمُ الذين ظلموا أيَّ منقلبٍ ينقلبون) .[/align]