المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مسؤوليــــــــــــة الجميـــع ( خطبة جمعة )



محمدالمهوس
07-12-2017, 00:04
الخطبة الأولى
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، أحمدُهُ سُبحانه وأشكرُه على نِعمةِ الأمنِ والدّين، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهَ وحدَهُ لا شريكَ لهُ وليُّ الصّالحينَ، وأشهدُ أنّ نبيّنا مُحمّدًا عبدُهُ ورسولُهُ إمامَ الْمتّقينَ ، وقائدَ الغرّ المُحجَّلين، صلّى الله عليهِ وعلى آلهِ وصحْبِه أجْمعين.
أَيُّهَاْ الْمُـسْلِمُونَ / أوصِيكُم ونفْسي بتقوى اللهِ عزّ وجلّ (( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ))
من أجلِّ النعمِ وأفضلِها بعد نعمةِ الإسلام والسُّنة ؛ بلْ وكثيرٌ من النِّعم تقومُ عليها، وتُؤَدَّى منْ خِلالها: نعمةُ الأمن والأمان في الدور والأوطان، والهدوء والاستقرار ،وهذه النعمة – يا عباد الله - لا يعرفُ قيمتَها وأهميتَها وعظمَ شأنِها إلا منْ ذاقَ مرارةَ فُقْدانـِها ؛ فلا يـُمْكِنُ أنْ تَسْتقرَّ الحياةُ عبادةً وعملا في الدين والدنيا بدون الأمن ، فبدون الأمن لا يأمنُ الناسُ على حياتهم وأموالهم وأعراضهم ، وبدونه لا يطيبُ طعمُ الطعام، ولا تظهرُ حلاوةُ المذاق، ولا تستقرُّ الحقوقُ وتُؤَدَّى إلى أهلها ، ولا يَقِرُّ الساكنُ في بيته، ويأنَسُ ويرتاحُ مع أهله وأولاده ؛ فالأمنُ مطلبُ الأنبياءِ عليهمُ السلام كما قال تعالى (( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ )) فقدّم إبراهيمُ عليه الصلاة والسلام في الدعاء طلبَ الأمنِ على التوحيد .
لذلك كلِّه وغيرِه جعل الإسلامُ الأمنَ من أهم المقاصد الشرعية التي يسعى إليها، فكان غايةً عُظْمى وهدفًا أسمى، ونعمةً من الله تُذْكر ولا تُنْكر ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا"
رواه البخاري في "الأدب المفرد" ، والترمذي في "السنن" ، وحسنه الألباني في " السلسلة الصحيحة "
أَيُّهَاْ الْمُـسْلِمُونَ / وإنَّ مما يَنْبغي أنْ تلهجَ الألسنُ فيه بالشكر والذكر ، ما أتمَّه علينا من هذه النعمة في هذه البلاد المباركة التي حباها اللهُ تعالى بـِما فُقِد في غيرها، فكانت بلادُنا أمنًا لجميع المسلمينَ في شتَّى بِقاعِ الأرضِ!
لِأنَّها مَهْبِطُ الْوَحْيِ ، وفيها قبلةُ الـمُسْلمينَ ، ومسجدُ سيِّدِ الأولينَ والآخِرينَ ،وهي البلادُ التي تـَهْوي إليها أفئدةُ الـمُؤْمِنينَ ، مَنْ زارها ودخل المسجدَ الْـحَرامَ ، أوْ مَسْجِدَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم نَسِيَ ديارَه وأوطانَه ، وأهلَه وأطفالَه ، يتمنَّى لو كان لها ساكنًا ، ولِديارها عامرًا ، بل يتمنَّى حياةً فيها وموتًا فيها فَلِلَّهِ الْـحَمْدُ والْـمِنَّةُ .
عِبَادَ اللهِ / ممَّا لاشكَّ فيه أنَّ تـَحَقُّقَ الأمنُ في بلادنا له أسبابُهُ الشَّرْعِيَّةُ والدُّنْيَوِيُّةُ منْ أهمّـِها :
العقيدةُ الصَّافِيةُ في هذه البلادِ ، والْـمُتَمَثِّلَةُ بتوحيد الله والإيمانِ به ، والتَّخَلُّصِ من خوارمِ العقيدة ، ومجانبةِ البدع والْـخُرافات ، قال تعالى : ((الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ )) وقوله (( وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ )) أيْ لَـمْ يَلْبِسُوا إيمانـَهُمْ بِشِرْك .
ومنَ الأسْبابِ : لُزُومُ جَماعةِ الْـمُسْلمينَ والتمسُّكُ بالإسلام الذي جاء به نبيُّنا مُـحمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلم عن ربِّ العالمينَ، ونَهْجُ أثرِ آلِ البيْتِ وعمومِ الصَّحابةِ والتابعين، مما جعل لِلإسْلامِ في هذه الديارِ بقاءً بنَقاءٍ، وهيْمَنةً بِصَفاءٍ، وستبقى هذه البلادُ قائمةً ما أقامَتِ التَّوْحيدَ، منصورةً ما نصرَت السُّنَّةَ، عاليةً ما أعلنَتِ الْعَدْلَ، ولنْ نخافَ عليها من نقْصٍ إلا إذا نقَصَتْ من عُرَى الدِّين، ولن نخشى إلا ذنوبَنا وتقْصِيرَنا معَ ربِّنا.
قال تعالى ((الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ)) وقال ((وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ *مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ))
وَمِنَ الأسباب : الوحدةُ الوطنيةُ واجتماعُ الكلمةِ ووحدةُ الصفِّ في ظل قيادة واحدة ؛ فكم من مُتربِّصٍ يريد تفتيتَ بلادِنا وتمزيقَ شملِنا وهدمَ وحدتِنا وانهيارَ كِيانِنا، لنكونَ صيْداً سهلاً لكلِّ عدوٍّ ومتربّصٍ ، وقدْ حذَّرنا منْ ذلك ربُّنا فقال ((وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ))
فاتَّقُوا اللهَ عِبادَ اللهِ واعْلَمُوا أنَّ الأمنَ والاستقرارَ ليس مسئوليةُ الحاكمِ وحدَه ، ولا مسئوليةُ العالِمِ وحدَه، بل مسئولية الجميع، فعلى كلِّ إنسانٍ القيامُ بمسؤوليَّته وواجبهِ في المحافظة على هذه النِّعمة ؛ فالأمنُ نعمةٌ للجميع، ومسْئُوليَّةُ المحافظةُ عليه منَ الجميعِ بِشُكْرِ المنعم الْـمُتفضِّلِ والَّذي قالَ (( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ))
باركَ اللهُ لي ولكم في الكتابِ والسُّنة، ونفعنا بما فيهما منَ الآيات والحكمة، أقولُ قولي هذا، واسْتغفرِ اللهُ لي ولكم من كلِّ ذنب فإنّه هو الغفورُ الرَّحيم .

الخطبة الثانية
الْحَمْدُ للهِ عَلَىْ إِحْسَاْنِهِ ، وَالْشُّكْرُ لَهُ عَلَىْ تَوْفِيْقِهِ وَامْتِنَاْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اللهُ ، وَحْدَهُ لَاْ شَرِيْكَ لَهُ تَعْظِيْمَاً لِشَأْنِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ الْدَّاْعِيْ إِلَىْ رِضْوَاْنِهِ صَلَّى اللهُ عَلِيْهِ وَعَلَىْ آلِهِ وَأَصْحَاْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيْمَاً كَثِيْرَاً .
أما بعدُ عِباد اللهِ / فإنَّ اللهَ سُبحانَهُ وتعالى خلقَنا بِقدرتهِ ، وربَّانا بِحكْمتهِ ، وأنْعم عليْنا بنعمٍ كثيرةٍ وعظيمةٍ لا تُعَدُّ ولا تُحْصى ، كما قال تعالى(( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ))
ومنْ أعْظَمِ نِعَمِ الله تعالى الَّتي يجب أنْ نَذْكُرَها ونُذكِّرَ بها : نعمةُ الأمنِ في بِلادِنا، فهي منْ أجلِّ النِّعم على الإنسان ؛ فَبِدُونِـها لا يهْدأُ بالٌ ، ولا تطمئنُّ نفسٌ ، ولا يهنأُ إنسانٌ بالحياة حتى لو مَلَكَ الدنيا بحذافِيرِها.
اللَّهُمَّ احْفَظْ عَلَيْنا دِينَنا ، وأدِمْ عليْنا أمْنَنا ، وارْزُقْنا شُكْرَ نِعَمِكَ عَليْنا يارب العالمِينَ ، هذا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا رَحِمَنِي اللهُ وَإِيّاكُم على مَنْ أَمَرَ اللهُ باِلصّلاةِ والسّلامِ عَلَيْهِ ، فَقَال (( إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا)) وقال ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( مَنْ صَلّى عَلَيَّ صَلاةً وَاحِدَةً صَلّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا)) رواه مسلم