المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الدرس السادس عشر من دروس رمضان بعنوان : ( لا تعْجــــــــــــــل )



محمدالمهوس
12-06-2017, 18:01
لا تَعْجَل
الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، والصَّلاةُ والسّلامُ عَلَى أشْرَفِ الْأَنْبِياءِ والْمُرْسَلِينَ ، وَبَعْدُ :
قالَ تَعَالَى((وَيَدْعُ الْإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنسَانُ عَجُولًا))
[الإسراء : 11]
فِي هذهِ الآيةِ مِنَ الدُّرُوسِ : أنَّ من جهْلِ الإنسانِ وعجلتِهِ, دعائَهُ على نفسه وأولادِهِ بالشرِّ عنْد الغضب, ويبادرُ بذلك الدعاء, كما يبادرُ بالدعاء في الخير, ولكنَّ اللهَ منْ لُطفهِ يستجيبُ لهُ في الخير, ولا يستجيبُ لهُ بالشَّر.
كما قالَ تعالى (( وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ ))
وَفِي هذهِ الآيةِ مِنَ الدُّرُوسِ :أنَّ الإنْسانَ منْ جَهْلهِ قدْ يسْتَعْجِلُ العقوبةَ على نفسهِ بِالدُّعاءِ على نفْسِهِ فَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَادَ رَجُلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَدْ خَفَتَ فَصَارَ مِثْلَ الْفَرْخِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((هَلْ كُنْتَ تَدْعُو بِشَيْءٍ أَوْ تَسْأَلُهُ إِيَّاهُ؟ )) قَالَ نَعَمْ كُنْتُ أَقُولُ اللَّهُمَّ مَا كُنْتَ مُعَاقِبِي بِهِ فِي الْآخِرَةِ فَعَجِّلْهُ لِي فِي الدُّنْيَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( سُبْحَانَ اللَّهِ لَا تُطِيقُهُ أَوْ لَا تَسْتَطِيعُهُ أَفَلَا قُلْتَ اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ))قَالَ : فَدَعَا اللَّهَ لَهُ فَشَفَاهُ . رَواهُ مُسْلم
وَفِي هذهِ الآيةِ مِنَ الدُّرُوسِ : أنَّ العجلةَ المحمودةَ هيَ ما كانتْ في أُمورِ الآخِرة ، كما قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((التُّؤَدَةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ خَيْرٌ إِلَّا فِي عَمَلِ الْآخِرَةِ )) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ ، وصححَّهُ الْأَلْبَانِي .
قال ابنُ القيِّم في كتابِ الرُّوح: العَجَلَةُ مِن الشَّيطان فإنَّها خِفَّةٌ وطيشٌ وحِدَّةٌ في العبد تمنعُهُ مِن التَّثبُّت والوقار والحِلْم، وتوجب له وضعَ الأشياء في غير مواضعِها، وتجلبُ عليه أنواعًا من الشُّرور، وتمنعُ عنه أنواعًا من الخير.
قال بعضُ الْحُكَماءِ: إيَّاك والعَجَلَة؛ فإنَّ العربَ كانت تكنِّيها أمَّ النَّدامة؛ لأنَّ صاحبَها يقولُ قبْلَ أنْ يَعْلَمَ، ويُـجِيبُ قَبْلَ أنْ يَفْهَمَ، وَيَعْزِمُ قَبْلَ أنْ يُفَكِّرَ، وَيَقْطَعُ قَبْلَ أنْ يُقَدِّرَ، وَيَـحْمَدُ قَبْلَ أنْ يُـجَرِّبَ، وَيَذُمُّ قَبْلَ أنْ يَـخْبِرَ، ولنْ يصْحَبَ هذه الصِّفةَ أحدٌ إلَّا صَحِبَ النَّدامةَ، واعْتَزلَ السَّلامةَ .

وفق الله الجميع لما يحب ويرضى ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .
حرر في رمضان 1438 ه