المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة الجمعة القادمة عن حادثة القتل في الشملي وحكم الشرع



الشيخ/عبدالله السالم
27-09-2015, 15:05
الحمدُ للهِ ما انتظمتْ بتدبيرِهِ الأمُورْ ، وتوالتْ بحكمتِهِ السّينينْ والشهورْ ،خرتْ لعظمتِهِ جباهُ العابدينْ ، فطوبى لمن عبدْ ، واعترفتْ بوَحدانيتِهِ قُلوبُ العارفينْ ، فويلٌ لمنْ جَحَدْ ، كم سُئلَ فأجزلْ ، وكم عُصي فأمْهلْ ، لا راتقَ لما فتقْ ، ولا فاتقَ لما رتقْ ، ولا رازقَ لمن حرمْ ، ولا حارمَ لمن رزقْ ، أشهدُ أن لا إلهَ لنا غيرُهْ ، ولا ربَّ لنا سواهُ ، ولا نعبدُ إلاَّ إياه ، وأشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسولُهُ صلى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وأصحابِهِ ومن والاه وسلم تسليماً كثيراً : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) :أما بعد:أيُّها الأحبةُ في اللهِ : فَإنَّهُ مِنَ المؤسفِ حقًا ، ومن المحزنِ حقًا، أن يسمعَ المسلمُ بينَ وقتٍ وآخرَ، ما تَهتزُّ له النّفوسُ حزنًا، وما ترجفُ له القلوبُ أسفًا، وما يتأثرُ به المسلمُ ، عندما يَسمَعُ عن قتلِ نفسٍ مسلمةٍ ، على أيدٍ آثمةٍ ، وأنفسٍ شريرةٍ مُجرمةٍ ، تَسفِكُ دَمَ الْمُسلمِ ، لا يخفى عليكم ما حدثَ في محافظةِ الشملي ، في أولِ يومٍ من أيَّام عيد الأضحى المبارك ، من إعتداءٍ آثم ، وقتلٍ لنفسٍ مؤمنه ، إنها لَجَرِيمةٌ شنيعةٌ ، تَرتَعدُ مِنها الفرائصُ ، وتَنخَلِعُ لها القلوبُ ، إنَّهَا جريمةُ القتلِ، قالَ الله عز وجل: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا )[النساء:93]. أربعُ عقوباتٍ عظيمةٍ ، يَستحقُها مِنَ اللهِ صاحبُ الجريمةِ : جهنمُ خالدًا فيها، وغضبَ اللهُ عليهِ، ولعنَهُ، وأعدَّ لهُ عذابًا عظيمًا.ويقولُ سبحانه: ( مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا [المائدة:32]، وصحَّ عن النبيِّ  أنه قالَ : { لن يزالَ المؤمنُ في فسحةٍ من دينِهِ ما لم يُصبْ دماً حراماً } [رواه البخاري]ونظرَ  إلى الكعبةِ المشرفةِ ، وقالَ {ما أعظمَكِ! وما أشدَّ حرمتِكِ! والذي نفسي بيدِهِ، لَلمؤمنُ أشدُّ حرمةً عند اللهِ تعالى منكِ } وهو القائلُ عليه الصلاةُ والسلامُ: { لَزوالُ الدنيا أهونُ على اللهِ من قتلِ امرئٍ مسلمٍ } وفي صحيحِ مسلمٍ من حديثِ أبي هريرةَ  قالَ :قالَ رسولُ اللهِ  { من خرجَ من الطاعةِ وفَارَقَ الجماعةِ َثم ماتَ ، ماتَ ميتةً جاهليةً ، ومن قُتلَ تحتَ رايةٍ عُمِّيةٍ ، يَغضَبُ للعَصَبَةِ ، ويُقَاتِلُ لِلعَصَبةِ ، فَلَيْسَ من أُمَّتِي ، ومن خرجَ من أُمَّتِي على أُمَّتِي يَضْرِبُ بَرَّها وَفَا جِرَها ، لا يَتَحَاشَ من مُؤْمِنِهَا ، ولا يَفِي بِذِي عَهْدِهَا فَلَيْسَ مِنِّي } هكذا قالَ عيه الصلاةُ والسلامُ ، وهو الذي قالَ عنه ربُّهُ ( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى*إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ) بل قالَ عليه الصلاةُ والسلامُ ، كما عندَ البخاريِّ من حديثِ عبدِ اللهِ بن عمروٍ رضي الله عنهما {من قتلَ معاهداً لم يرحْ رائحةَ الجنةِ وإنّ ريحَها توجدُ من مسيرةِ أربعينَ عاماً } وقال  {كلُّ المسلمِ على المسلمِ حرامٌ، دمُهُ ومالُهُ وعرضُهُ } وعن سالمِ بنِ أبي الجَعْدِ قالَ: كنا عندَ ابنِ عباسٍ بعدما كفَّ بصرُهُ، فأتاهُ رجلٌ فناداهُ: يا عبدَ اللهِ بنَ عباسٍ، ما ترى في رجلٍ قتلَ مؤمنًا متعمدًا؟ فقالَ: جزاؤُهُ جهنمُ خالدًا فيها وغضبَ اللهُ عليهِ ولعنَهُ وأعدّ له عذابًا عظيمًا، قال: أفرأيتَ إن تابَ وآمنَ وعمل صالحًا ثم اهتدى؟ قال ابنُ عباسٍ: ثكلتْهُ أمُّهُ، وأَنَّى له التوبةُ والهدى؟! والَّذي نَفْسي بيدِهِ، لقد سمعتُ نبيَّكم  يقولُ: { يجيءُ المقتولُ يومَ القيامةِ مُعَلِقاً رَأسُهُ بيمينِهِ أو بشمالِهِ تشخبُ أوداجُهُ من قبلِ عرشِ الرحمنِ، يلزمُ قاتلُهُ بشمالِهِ وبيدِهِ الأخرى رأسُهُ، يقولُ: يا ربِّ، سلْ هذا: فيمَ قتَلَني؟}، وأيمُ الَّذي نفسُ عبدِ اللهِ بيدِهِ، لقد أُنزلتْ هذه الآيةُ فَمَا نَسَختْها من آيةٍ حتى قُبضَ نبيُّكم  ، وما نزلَ بعدَها من برهانٍ ، وعن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رضي الله عنهُ عن النبيِّ  قالَ: {يجيءُ المقتولُ مُتعلقًا بقاتلِهِ يومَ القيامةِ آخذًا رأسَهُ بيدِهِ فيقولُ: يا ربِّ، سلْ هذا: فيمَ قتَلَني؟ ـ قال: ـ فيقولُ قتلتُهُ لتكونَ العزةُ لفلانٍ، ـ قال: ـ فإنها ليستْ له، بُؤ بإثمِهِ، ـ قال: ـ فيهوي في النارِ سبعينَ خريفًا}. وروى الترمذيُّ بسند حسنٍ عن أبي سعيدٍ رضي اللهُ عنه أن رسولَ اللهِ قال: {لو أن أهلَ السماءِ والأرضِ اشتركوا في دمِ مؤمنٍ لأكبَّهم اللهُ في النار}وَلِصِيَانَةِ النَّفوسِ ،حَرَّمَ الإسلامُ الإعانةَ على القتلِ ، فقد روى الإمامُ أحمدُ وغيرُهُ أن رسولَ اللهِ  قالَ: {من أعانَ على قَتلِ مسلمٍ بِشَطرِ كلمةٍ لقي اللهَ مكتوبٌ بين عينيهِ: آيسٌ من رحمةِ اللهِ} بل إنَّ الأمرَ يتعدى ذلك حتى ولو بالإشارةِ إلى المسلمِ بسلاحٍ ، فقد حرمَ الإسلامُ ذلك، ففي الصحيحينِ من حديثِ أبي هريرةَ أن رسولَ اللهِ  قالَ: {لا يُشيرُ أحدُكم إلى أخيهِ بالسلاحِ، فإنه لا يدري لعلَّ الشيطانَ ينزعُ في يدِهِ فيقعَ في حُفرةٍ من النَّارِ} وما ذاك ـ أيها الإخوةُ ـ إلاَّ سَدَّاً لِذريعةِ الفسادِ ، وصِيَانةً لدماءِ المسلمينَ أَنْ تُنتَهكَ، بل إن الإسلامَ نهى عن مُجَردِ تَرويعِ المسلمينَ وتخويفِ الآمنينَ، يقولُ :عليه الصلاة والسلام {من أشارَ إلى أخيهِ بحديدةٍ فإن الملائكةَ تلعنُهُ حتى ينتهيَ، وإن كانَ أخاهُ لأمِّهِ وأبيهِ} وفي الحديثِ الآخرَ: {من أخافَ مؤمنًا كانَ حقًا على اللهِ أن لا يُؤمّنَهُ مِن أَفزاعِ يومِ القيامةِ} وإِنَّهُ لَمِن المؤسفِ أَنَنا نشهدُ وفي أعقابِ الزمانِ ، بينَ الحينِ والآخرِ ، تساهُلَ الكثيرِ من النَّاسِ في أمورِ الدِّمَاءِ ، وعدمِ مبالاتِهم بالمحافظةِ على أمنِ الناسِ ومُمتَلَكَاتِهم ، فاتقوا اللهَ عبادَ اللهِ واحرصوا كلَّ الحرصِ على تربيةِ أنفسِكم وأبنائِكم على هذه الكلمةِ العظيمةِ ، والحرصَ على احترامِ المسلمِ والمستأمنِ ، في دمِهِ ومالِهِ وعرضِهِ .
باركَ الله لي ولكم في القرآن العظيم،
ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين والمؤمنين من كل ذنب، فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم.


الحمد لله على إحسانه ، والشكر له على توفيقهِ وامتنانه ، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله ، وحدهُ لا شريكَ لهُ ، تعظيماً لشانه ، وأشهد أنَّ نبينا محمّداً عبده ورسولُه ، الدّاعي إلى رضوانه ، صلّى الله عليه وعلى آلِه وأصحابِه وأعوانه ، وسلّم تسليماً مزيداً ، أمّا بعد : أيها الأحبةُ المسلمون : اتقوا اللهَ تعالى حقَّ تقواه، وراقبوهُ مراقبةَ من يعلمُ أنه يراهُ، واحذروا أسبابَ سخطِ اللهِ تعالى، فإن أجسامَكم على النارِ لا تقوى عبادَ اللهِ /لقد خلقَ اللهُ العبادَ ليعبدوهُ ، وحدَهُ لا شريكَ له، وحدَّ لهم حدودًا ليقفوا عندَها ولا ينتهكوها، ومنها إزهاقُ الروحِ لأيِّ نفسٍ بشريةٍ بغيرِ حقٍّ ، هذا واعلموا ـ رحمني الله وإياكم ـ أَنَّ الله جل جلالُه ، أمرَنا أن نصلي على نبيه فقال سبحانه: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) فصلّوا وسلّموا على من أمرتم بالصلاة والسلامِ عليه فإنَّهُ يقول{ إِنَّ من أفضَلِ ِأيامِكُم يومُ الجمعة فيه خلق آدم وفيه قُبِض وفيه النفخة وفيه الصعقة فأكثروا علي من الصلاةِ فيه فإنًّ صلاتكم معروضةٌ علي قالوا وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت فقال إن الله عز وجل حرم على الأرض أن تأكلَ اجسادَ الأنبياء} اللهم صلِ وسلَّمْ وأنعمْ وأكرمْ ، وزدْ وباركْ على عبدِكَ ورسولِكَ محمدٍ وارضَ اللهم عن الخلفاءِ الأئمةِ الحُنفاءِ ، أبي بكرٍ وعُمرَ وعُثمانَ وعلي وعن سائرِ أصحابِ نبيك أجمعين وعن التابعينَ وتابعيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ وعنا معهم بِمنِك وفضلِكَ ورحمتِكَ يا أرحمَ الرحمين ، اللهم أعزَ الإسلامَ والمسلمينَ ، وأذلَّ الشركَ والمشركين ودمرْ أعداءَ الدينِ ، من اليهودِ والنصارى وجميعِ الكفرةِ والمُلحدين ، اللهم اكتبْ لأهلِ هذا الدينِ عزاً ونصراً واجعلْ لمن عاداهُ ذلةً ومهانةً وقهراً ، اللهم ثَبتْنا على نهجِ الاستقامةِ ، وأعذْنا من موجباتِ الحسرةِ والندامةِ يومَ القيامةِ ، وخفَّفْ عنَاّ ثُقلَ الأوزارِ وارزقنا عيشةَ الأبرارِ، وانظمْنا في سلكِ حزبِك المُفلحين ، وأتممْ علينا نعَمَتَك الوافيةَ ، وارزُقْنا الإخلاصَ ، في أعمالِنا والصَّدقَ في أقوالِنا ، وعُدْ علينا بإصلاحِ قُلُوبِنا وذُرِّيَتِنَا ، واغفرْ لنا ولوالدِينا ولجميعِ المسلمين ، برحمتِك يا أرحمَ الرحمين ، اللهم احفظْ بلادَنا وولاةَ أمرِنا وعلماءَنا ودُعاتَنا ، اللهم وحِّدْ كلمتَنا وقوي شوكتَنا ياربَّ العالمينَ ، واجعل هذا البلد رخاءً سخاءً آمِناً مُطمَئِناً ، وسائر بلاد المسلمين يا ربَّ العالمين ، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنيين والمؤمنات ، الأحياء منهم والأموات،اللهم ربنا ( آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)