المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة جمعة بعنوان ( أيها الآباء والأولياء )



الشيخ/عبدالله الواكد
20-08-2015, 23:19
5 ذو القعدة 1436

كتبها / عبدالله بن فهد الواكد
إمام وخطيب جامع الواكد بحائل

خطبة جمعة
بعنوان

( أيها الآباء والأولياء )

الخطبة الأولى
أيها الأحبةُ المسلمون : لقد انتهت العطلةُ الصيفيةُ ، وفَتحتِ المدارسُ أبوابَها وسعى إليها طُلابُها ، ولنا وإيَّاكُم وقفةٌ هذا الإسبوع ، معَ رجلٍ كريمٍ ، تقومُ على عاتقِهِ الأجيالُ ، معَ واحدٍ منا ، يجسِّدُ المعنَى الأسمَى للتربيةِ ، نقفُ وإياكم مع المربي الفاضلِ ، والموجهِ المخلصِ ، معكَ أيها الوالدُ ، معكَ أيها الوليُّ البَرُّ ، إننا بحاجةٍ إلى أبٍ ووليٍّ مصلحٍ ، يعي ويفقهُ متطلباتِ الشبابِ وحقوقَ الأبناءِ على الآباءِ ، مع الأخِ الأكبرِ إنْ كانَ أخوتُهُ أيتاماً ، مع الوليِّ أياَّ كانتْ منزلتُهُ ، ومكانُهُ ومقامُهُ ، إنَّ بعضَ الآباءِ والأولياءِ ، يعتقدُ أنَّ دورَهُ لا يتعدّى شراءَ الكراريسِ والأقلامِ وتسجيلَ الأبناءِ في المدارسِ ، ويظنُّ أنهُ بذلكَ ، انتهى دورُهُ ، فألبسَ ابنَهُ أحسنَ اللباسِ ، وأدخلَهُ أفضلَ المدارسِ ، فسيارةٌ تُقِلّه ، وبيتٌ يُظِلُّهُ ، ودراهمُ تملأُ جيبَهُ ، نقول باركَ اللهُ فيك ، وفي بذلِك وعطائِك : الذي صنعتَهُ ، إنما هو واجبُ النفقةِ ، وقد أديتَهُ بكلِّ أمانةٍ ، فشكرَ اللهُ لكَ ، وأنتَ مأجورٌ على ذلكَ , فاحتسبْ ذلكَ عندَ اللهِ تعالى ، فالنبيُّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ يقولُ: ((أفضلُ دينارٍ ينفقهُ الرجلُ ، دينارٌ ينفقُهُ على عيالِهِ، ودينارٌ ينفقهُ على دابتِهِ في سبيلِ اللهِ، ودينارٌ ينفقهُ على أصحابِهِ في سبيلِ اللهِ)) رواهُ مسلمُ، ولهُ من حديثِ أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ : ((دينارٌ أنفقتَهُ في سبيلِ اللهِ ، ودينارٌ أنفقتَهُ في رقبةٍ ، ودينارٌ تصدقتَ به على مسكينٍ ، ودينارٌ أنفقتَهُ على أهلِكَ ، أعظمُها أجرًا ، الذي أنفقتَهُ على أهلِكَ)).
ولكنك أيها الولي ، مطلوبٌ منكَ التوجيهَ والإرشادَ ، مهمةُ التربيةِ والتعليمِ ، ليستْ قصراً على المدرسةِ ، وليستْ حصراً على ساعاتِ المدرسةِ ، إنما في الغدوِّ والآصالِ ، فأنتَ المربي المغوارُ ، والغيثُ المدرارُ ، سماءُ تربيتِكَ سحَّاءَ الليلِ والنهارِ ، وأنتِ أيتُهاَ الأمُّ كذلك :
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) ، فأنتَ المخاطبُ بهذهِ الآيةِ ، وليسَ المعلِّمُ الذي في المدرسةِ ، قال عليُّ رضي اللهُ عنهُ
(قُوا أَنْفُسَكُمْ وأهليكم) أي: (علّموهم وأدّبوهم)
قد تكونُ مشغولاً في دوامِك أو متجرِك أو مزرعتِك أو خلف بهائِمِك ، نعلمُ أنكَ مشغولٌ أعانَكَ اللهُ ، فاجعل أولادَكَ جزءاً من مشاغِلِكَ ، فهم الشغلُ الأشغلُ ، والهمُّ الأثقلُ ، فلنْ يعذُرَ المجتمعُ تقصيرَكَ ، ولن تُسقطَ الأمةُ التَّبِعَاتِ عن الآباءِ والأمهاتِ ،
ولن نلقيَ بالمسؤوليةِ كاملةً ، على كاهلِ المدرسةِ والمدرسِ ،
الوالدُ هو المربي الأفضلُ ، والمدرّسُ الأولُ ، قال عليه الصلاةُ والسلامُ في الحديثِ المتفقِ عليه : ((كلُّكم راعٍ وكلكم مسؤولٌ عن رعيتِه، فالإمامُ راعٍ وهو مسؤولٌ عن رعيتِه، والرجلُ راعٍ في أهلِهِ وهو مسؤولٌ عن رعيتِهِ))
أيها المسلمونَ : هنالك فجوةٌ عميقةٌ بينَ البيتِ والمدرسةِ ، وكلُّنا يُدركُ ذلكَ ، أولُها بعدَ غدٍ إنْ شاءَ اللهُ ، عندَ بدايةِ الدراسةِ وفتحِ أبوابِ المدارسِ كأنَّ الطلابَ يقومونَ إلى مصارِعِهم ، وليسَ إلى مُستقبَلِهم ، كأنَّ اليومَ الأولَ وربما الأسبوعَ الأولَ منَ الدراسةِ ليسَ من الدراسةِ ، لا يحضُرُ أحدٌ إلا القليلَ ، والذينَ يحضرونَ ، كأنَّما يساقُونَ إلى المدرسةِ على أنوفِهم ، ما هذهِ الهممُ ، أينَ دورُكَ أيها الوليُّ ، يجبُ أنْ يكونَ لكَ بينَ يدي الدراسةِ دورٌ وتوجيهٌ وعنايةٌ وعقابٌ لمن يغابُ ، قم بالدورِ الذي لا تستطيعُهُ المدرسةُ ، بل ليسَ من مسئولياتِها ، أنْ تُخرجَ الطلابَ من بيوتِهم إلى مدارسِهم ، هذا واجبُ الأسرةِ ،
أيها الوليُّ : باركَ اللهُ فيكَ ، وأقرَّ عينَكَ بأولادِك ، أنتَ مرجوٌّ بأنْ تتفهمَ رسالةَ المعلمِ وتؤازرَها، لا أنْ تسلُبَها القيمةَ والأهميةَ ، إنَّ مدارسَنا بحمدِ اللهِ مَلأى بالأساتذةِ الصالحينَ والمعلمينَ البارزينَ ، والمربينَ الناصحينَ ، الذين هم على قدرٍ عالٍ من الأمانةِ والمسؤوليةِ،
فاللهَ اللهَ ، إتقوا اللهَ بهذهِ الأمانةِ التي في أعناقِكم ، والمسؤوليةِ التي بينَ أيديكم
(وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) [البقرة:281]. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم


الخطبة الثانية
معشرَ الآباءِ والأمهاتِ :
اللهَ اللهَ في حقوقِ المعلمينَ والمعلماتِ، اغرسوا في قلوبِ أبنائِكم وبناتِكم حبَّ العلمِ والعلماءِ ، المعلمُ أيها المسلمونَ بحاجةٍ إلى الوقوفِ معهُ لأداءِ رسالتِهِ ، والطالبُ بحاجةٍ إلى الوقوفِ معهُ ليتخطى الصعابَ ، لا بدَّ أنْ نستجلبَ الأسبابَ المعينةَ للمعلمِ والطالبِ والمدرسةِ ، لننتجَ من هذهِ العمليةِ الجسيمةِ ، التي تكاتفنا عليها ، جيلاً يُكملُ مسيرةَ الأمةِ وبناءَ الوطنِ ، صلوا وسلموا عبادَ اللهِ ، على خيرِ أنبياءِ اللهِ ، وصفوةِ خلقِ اللهِ ، محمدِ بنِ عبدِاللهِ ، كما أمركم بذلكَ ربُّكم سبحانَهُ فقال ( إن الله وملائكته يصلون على النبي ....... )