المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة جمعة ( يوم الإكمال والإتمام والرضى ) عرفة الجمعة



الشيخ/عبدالله الواكد
02-10-2014, 04:58
خطبة جمعة





بعنوان





( يوم الإكمال والإتمام والرضى )





يوم عرفة يوم الجمعة





1435 هـ






تشرف بكتابتها وضبطها





عبدالله بن فهد الواكد




إمام وخطيب جامع الواكد بحائل








الخطبة الأولى




أما بعد فاتقوا اللهَ عبادَ اللهِ في أنفسِكم واغتنموا ساعاتِ العمرِ ولحظاتِهِ، وتعرضوا لنفحاتِ اللهِ في موسمِ الخيرِ قبلَ فواتِهِ ، يغفرْ لكلِّ عبدٍ ذنوبَهُ وسيئاتِهِ ، ويتجاوزْ عن إثمِهِ وهفواتِهِ ، فهو البَرُّ الرحيمُ الذي يغفرُ الذنوبَ والخطيئاتِ ، ويعفو عن الزلاتِ ، ويقيلُ العثراتِ ويتجاوزُ عن السيئاتِ ويُعظِمُ الأجرَ ويضاعفُ الحسناتِ ، فاللهَ اللهَ أنْ تفوتَكُم هذه المواسمُ الخيِّراتُ، فالأعمارُ محدودةٌ، والأنفاسُ معدودةٌ، والركابُ إلى الآخرةِ مشدودةٌ ، أطلتُمْ أم أقصرتُمْ ، ملكتُمْ أم أتربتمْ ، أكثرتمْ أم أقللكمْ ، مصيرُكُمْ إلى أنعاشٍ فوقها تحملونَ ، وألحادٍ في بطونِها توضعونَ ، وأعمالٍ عليها تحاسبونَ ، فاعتبروا بمن شدَّ ورحلَ ، واغتنموا زمنَ الإمهالَ بصالحِ العملِ ، ولا يلهينَّكُمُ الشيطانُ بطولِ الأملِ ، فكم أغوى الشيطانُ من مغرورٍ ، حتى استفاقَ في حنادسِ القبورِ ، فما أفاقَ إلا على الخيبةِ والندمِ ، والحسرةِ والألمِ ، جعلني اللهُ وإياكم من المعتبرينَ وللخيراتِ سابقينَ ، وعن النارِ مبعدينَ


أيها المسلمونَ : فرحتُنا اليومَ عظيمةٌ ، وسرورُنا اليومَ كبيرٌ ، وسعادتُنا بالغةٌ ، إذْ جمعَ اللهُ لنا في هذا اليومِ بينَ موسمينِ ، هما مِنْ أعظمِ المواسمِ ، جمعَ لنا بينَ (يومِ الجمعةِ) أفضلِ يومٍ طلعتْ فيهِ الشمسُ ، وبينَ ( يومِ عرفةَ ) الذي لا يتمُّ الحجُّ إلاَّ بهِ فالحجُّ عرفةُ ، ومن لم يقفْ بعرفةَ فاتَهُ الحجُّ وقال النبيُّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ : (يومُ عرفةَ ويومُ النحرِ وأيامُ التشريقِ عيدُنا أهلَ الإسلامِ ) رواهُ أهلُ السننِ ، فأنتمْ في أشهرٍ حُرُمٍ ، قالَ تعالى عنها ( إِنَّ عِدَّةَ ٱلشُّهُورِ عِندَ ٱللَّهِ ٱثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَـٰبِ ٱللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ ٱلسَّمٰوٰت وَٱلأرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذٰلِكَ ٱلدّينُ ٱلْقَيّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ) [التوبة:36].
فالشهرُ الحرامُ تغلظُ فيه الآثامُ ، قال ابنُ عباسٍ رضي اللهُ عنهما ( إختصَّ من ذلكَ أربعةَ أشهرٍ فجعلَهُنَّ حراماً وعظَّمَ حُرمَتَهُنَّ وجعلَ الذنبَ فيها أعظمَ، والعملَ الصالحَ والأجرَ أعظمَ ) ، وقالَ (إنَّ الظلمَ في الأشهرِ الحُرُمِ أعظمُ خطيئةً ووزراً من الظلمِ فيما سِواها، وإنْ كانَ الظلمُ على كلِّ حالٍ عظيماً، ولكنّ اللهَ يُعظّمُ مِنْ أمرِهِ ما يشاءُ)
اللهُ أكبرُ يا عبادَ اللهِ : فما أعظمَ اللهُ وأرحمَهُ بعبادِهِ إذْ حرَّمَ الظلمَ وشدَّدَ في تحريمِهِ في الأشهرِ الحُرمِ فكم في أصقاعِ الأرضِ من مظلومينَ ، بربِّهم مؤمنونَ، وبدينِهم مستمسكونَ ، قُتلوا وشُرِّدُوا ، نُهبتْ أموالُهم ، وهَدِّمتْ ديارُهم ، وانتُهِكتْ أعراضُهُم ، ويُتِّمتْ أطفالُهم ، لم يجدوا ما يسُدُّونَ بهِ جوعَتَهم ، ويسترونَ بهِ عورَتَهم ، ويحمونَ بهِ أعراضَهُم ، أُخرجوا من ديارِهم ظُلماً وعدواناً ، فلا دارَ لهم تقيهِم حرَّ صيفٍ ولا بيتاً يُكِنُّهُم عن بردِ شتاءٍ ، فاجعلْ لهم أيُّها الصائمُ في هذا اليومِ العظيمِ ، وقفةً وتأملاً تدعوا اللهَ لهم من خلالِهِ ، أنْ يُفرِّجَ كُربَتَهُم ، ويُهلِكَ مَن ظَلَمَهُم ، ويُيسِّرَ لهم أسبابَ عودتِهم لبلادِهم ، فإنَّ اللهَ أقربُ إليكَ مِن حبلِ الوريدِ ، أدعُ اللهَ في هذا اليومِ أنْ يجمعَ شتاتَ الأمةِ ويلمَّ شعثَ البلادِ ، في سائرِ بلادِ المسلمينَ ودولِهِم ، وأنْ يرُدَّ كيدَ من كادَهُم في نحرِهِ ،
فاللهَ اللهَ يا عبادَ اللهِ ، في تعظيمِ حرماتِ اللهِ ، إياكَ إياكَ أخي ، إياكَ والظلمَ ، إياكَ وظلمَ نفسِكَ بارتكابِ المعاصي ، وتركِ الصلاةِ ومحاربةِ اللهِ سراً وجهراً ، فإنَّ بعضَ الكُتَّابِ هداهُم اللهُ ، وبعضَ أهلِ القنواتِ أصلحَ اللهُ خيارَهُم ، وكفى اللهُ المسلمينَ شرارَهم ، جعلوا من الدينِ مرمى ، يصوِّبونَ إليهِ أسنةَ رماحِ الحقدِ والضغناءِ ، وما علموا أنهم لولا هذا الدين ، لكانوا في عصرِ التقنيةِ ، وزمانِ المعرفةِ ، قوماً بوراَ ، وهباءً منثوراً ، فاللهُ لا يفوتُهُ شيءٌ مما فعلوهُ ولا يُعجزُهُ شيءٌ مما اكتسبُوهُ ، ولكنَّ الحليمَ سبحانَهُ ، يُمهلُ ولا يُهملُ ( وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً) (فاطر:45)
فاحذروا سطوةَ اللهِ وعقابَهُ ، فإنَّ أخذَهُ أليمٌ شديدٌ ، إياكَ أخي المسلمُ وظلمَ الناسِ وأكلَ أموالِهم بالباطلِ إياكَ وظلمَ من يعملونَ لديكَ ، إياكَ وظلمَ النساءِ ، إياكَ وظلمَ بناتِكَ ، إياكَ أنْ تحولَ بينَهُنَّ وبينَ الزواجِ ، لِلَعَاعَةٍ من الدنيا ، وعَرضٍ من الزُّخرُفِ ، إياكَ ومحارثَ الفتنِ ، وتسويغَ السَّرْدِ في اللُّحمَةِ ، والشقَّ في الصفِّ ، والثَّقْبَ في السفينةِ ، فإنَّ الفُلْكَ الذي يُقِلُّكَ فيهِ الأطفالُ والنساءُ والكبارُ والمسنونَ والمرضى والمساكينُ والأعراضُ والأموالُ والدماءُ ، إياكَ وظلمَ المسلمينَ وإيذائَهُم بالقولِ أو الفعلِ ، فإنَّ حرمةَ المؤمنِ عندَ اللهِ عظيمةٌ جداًّ، ودعوةَ المظلومِ ليسَ بينَها وبينَ اللهِ حجابٌ وقدْ وعدَ اللهُ بأنْ يستجيبَ لها ولو بعدَ حين،
أيها المسلمون : يومُكُم هذا هوَ يومُ عرفةَ ، وهُو يومُ الجمعةِ ، يومُ كمالِ الدينِ ، وتَمَامِ النعمةِ ، والرضى بالإسلامِ ديناً ، ثبتَ في الصحيحينِ عن عمرَ بنِ الخطابِ رضيَ اللهُ عنهُ أنَّ رجلاً من اليهودِ قالَ: يا أميرَ المؤمنينَ آيةٌ في كتابِكُم لو عليناَ معشرَ اليهودِ نزلتْ لاتخذناَ ذلكَ اليومَ عيداً فقالَ: أيُّ آيةٍ ؟ قالَ ( ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلأسْلاَمَ دِيناً ) [المائدة:3] فقالَ عمرُ (إني لأعلمُ اليومَ الذي نزلتْ فيهِ والمكانَ الذي نزلت فيهِ أُنزلتْ على رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ، وهو قائمٌ بعرفةَ يومَ الجمعةِ).
ففي مثلِ هذا اليومِ يومِ الجمعةِ ويومِ عرفةَ نزلتْ هذهِ الآيةُ العظيمةُ ، معلنةً من اللهِ تعالى ، إكمالَ الدينِ وإتمامَ النعمةِ والرضى بالإسلامِ ديناً، فلا يُقبلُ من أحدٍ غيرَ الإسلامِ ديناً ، ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [آل عمران:85] إنَّ يومَ عرفةَ يومُ فخرٍ للمسلمينَ فلا يحتشدونَ في عبادةٍ وفي مكانٍ واحدٍ إلا بعرفةَ ، يدعونَ اللهَ فيسمعُ دعاءَ كلِّ واحدٍ منهم في وقتٍ واحدٍ على اختلافِ ألوانِهِم وألسنتِهم وأجناسِهم ، ويُعطي كلَّ واحدٍ سؤلَهُ دونَ أنْ تختلطَ عليهِ المسائلُ والحاجاتُ أو تخفى عليهِ الأصواتُ والكلماتُ سبحانهُ هو السميعُ البصيرُ العليُّ الخبيرُ الذي يعلمُ خائنةَ الأعيُنِ وما تخفي الصدور.
يومُ عرفةَ هو الشاهدُ الذي أقسمَ اللهُ بهِ في قوله: وَشَـاٰهِدٍ وَمَشْهُودٍ [البروج:3]، كما ثبتَ ذلكَ عن أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ موقوفاً ومرفوعاً في مسندِ الإمامِ أحمد: ((الشاهدُ يومُ عرفةَ، والمشهودُ يومُ الجمعةِ)) وقد اجتمعَ بحمدِ اللهِ اليومَ الشاهدُ والمشهودُ إجتمعَ يومُ الجمعةِ ويومُ عرفةَ ، يومُ العتقِ منَ النارِ ومباهاةِ اللهِ بأهلِ عرفةَ فقد قالَ النبيُّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ: ((ما مِنْ يومٍ أكثرُ منْ أنْ يُعتقَ اللهُ فيهِ عبيداً من النارِ من يومِ عرفةَ، وإنَّهُ ليدنو ثمَّ يباهي بهمُ الملائكةَ فيقولُ: ما أرادَ هؤلاءِ؟...)) فيغفرُ اللهُ فيهِ أيُّها المسلمونَ ، لكلِّ مَنْ وقفَ ومَنْ لم يقفْ فيهِ ممنْ قَبِلَ توبتَهم واستغفارَهم.
يومُ عرفةَ ياعبادَ اللهِ يومُ خوفٍ وخشوعٍ وخشيةٍ منَ اللهِ ، يومٌ يذِلُّ فيهِ المؤمنونَ لربِّهِم مخبتينَ ، يومُ البكاءِ والانكسارِ بينَ يديِ الغفورِ الرحيمِ، يومُ الإلحاحِ في الدعاءِ والمسألةِ وخيرُما قالَ فيهِ النبيُّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ والنبيونَ مِنْ قبلِهِ ((لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكُ لهُ، لهُ الملكُ ولهُ الحمدُ وهوَ على كلِّ شيءٍ قدير)) هذهِ الكلماتُ هي إعلانٌ للتوحيدِ ، وإعلانٌ لصدقِ الولاءِ للهِ ، ونحنُ نبرأُ من دعاءِ غيرِاللهِ ومِن رجاءِ سوى اللهِ ، يومُ عرفةَ هو يومٌ ، يكفِّرُ اللهُ بهِ ذنوبَ من صامَهُ مِنْ غيرِ الحجيجِ يُكفِّرُ اللهُ بهِ ذنوبَ السنةِ التي قبلَهُ والسنةَ التي بعدَهُ ، فما أحلمَكَ ياحليمُ ، وما أرحمكَ يارحيمُ وما أكرمَكَ يا كريمُ
رُويَ عن الفُضيلِ بنِ عياضٍ رحمَهُ اللهُ أنهُ نظرَ إلى تسبيحِ الناسِ وبكائِهم عشيَّةَ عرفةَ فقالَ أرأيتُم لو أنَّ هؤلاءِ صاروا إلى رجلٍ فسألوه درهماً ، أكانَ يردُّهُم؟ قالوا: لا، قالَ: واللهِ للمغفرةُ عندَ اللهِ أهونُ مِنْ إجابةِ رجلٍ لهم بدرهم .
وقال ابنُ المباركِ جئتُ إلى سفيانَ الثوريِّ عشيَّةَ عرفةَ ، وهو جاثٍ على ركبتيهِ وعيناهُ تذرفانِ فقلتُ لهُ: من أسوأَ هذا الجمعِ حالاً ؟ قالَ : الذي يظنُّ أنَّ اللهَ لا يغفرُ لهُ.
فنسألُ اللهَ أن يغفرَ لنا جميعاً ، وأنْ يشمَلَناَ معَ حجاجِ بيتِه الحرامِ ، بعفوِهِ وعتقِهِ مِن النارِ ، باركَ الله لي ولكم في القرآن العظيم ، ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين وتاب على وعليكم وعلى سائر المسلمين الموحدين من كل ذنب ، فاستغفروا ربكم وتوبوا اليه انه هو الغفور الرحيم







الخطبة الثانية



أما بعد:


أيها المسلمون : يومُ الغدِ هو يومُ العيدِ ، وهو يومُ النحرِ، يومُ الثجِّ والعجِّ ، يومُ الفرحِ بطاعةِ اللهِ تعالى ، فاحرصْ أخي المسلمُ على شهودِ صلاةِ العيدِ معَ المسلمينَ والتكبيرِ إلى آخرِ أيامِ التشريقِ، ولتأتِ مِنْ طريقٍ وترجعْ مِنْ آخرَ حتى وإن سلكتَ طريقاً واحداً وكنتَ ماشياً ، فأتِ معَ أحدِ جانبيهِ وارجعْ مع الجانبِ الآخرِ تطبيقاً للسنةِ إن تيسرَ لكَ ذلكَ ولتتجملْ بأبهى زينةٍ وأفضلِ حُلةٍ ، واحذرْ من التزينِ بما حرَّمَ اللهُ ، وسنةُ النبيِّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ في يومِ عيدِ الأضحى ، أنهُ لا يأكلُ شيئاً قبلَ الصلاةِ حتى يرجعَ بعدَ صلاةِ العيدِ ، فيذبحُ أضحيتَهُ ويأكلُ منها ، ولا تضحي بالعوراءِ البينِ عورُها ، ولا بالعرجاءِ البينِ ضلعُها ولا بالمريضةِ البينِ مرضُها ولا بالعجفاءِ التي لا تَنقى ، ويُجزيءُ من الإبلِ ما بلغَ خمسَ سنينَ ومِنَ البقرِ ما بلغَ سنتينِ ومن المعزِ ما بلغَ سنةً ومنَ الضأنِ ما بلغَ ستةَ أشهرٍ وأضحيةُ الإبلِ والبقرِ تجزيءُ الواحدةُ منها عن سبعةِ أشخاصٍ يشتركونَ فيها ، ويكفي البيتَ أضحيةٌ واحدةٌ يشتركونَ فيها ، وأصلُ الأضحيةِ للحيِّ وليستْ للميتِ ، إلا أنْ تكونَ وصاياَ أو أثلاثٍ ، ويُشرِكُ المضحي مَنْ شاءَ من أهلِ بيتِهِ الأحياءِ والأمواتِ ، كما كانَ النبيُّ صلى اللهُ عليه وسلمَ يقولُ ، عن محمدٍ وآلِ محمدٍ ، وأفضلُها أكرمُها وأسمنُها وأغلاها ثمناً وقُمْ بذبحِها بنفسِكَ إنْ فعلتَ ، وإلا فاحضرْ ذبحَها ، لأنَّ هذهِ النسكَ شعائرٌ ، ومَنْ يُعظِّم شعائرَ اللهِ فإنها من تقوى القلوبِ ، وارفقْ بالأضحيةِ عندَ ذبحِها، فلا تُحِدَّ السكينَ أمامَها، ومكنهْا منِ الأكلِ والشربِ قبلَ ذلكَ، وأَحِدَّ شفرتَكَ قبلَ ذبحِها، ولا تذبحْ واحدةً بحضرةِ الأخرى، ويجبُ عندَ ذبحِها قطعُ المريءِ والحلقومِ وأحدِ العرقينِ اللذينِ في العنقِ أو كليهِمَا ، ولا تعطي الجزارَ مِنْ لحمِها أجرةً لهُ ، لأنها نُسِكَت للهِ ، ( فكلوا منها وأطعموا البائسَ الفقيرَ ) ووقتُ الذبحِ بعدَ صلاةِ العيدِ إلى آخرِ يومِ الثالثِ عشرَ من ذي الحجةِ ، فحققوا التقوى يا عبادَ الله ( لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ) (الحج:37)
وتوبوا إلى اللهِ عبادَ اللهِ توبةً نصوحاً عسى ربُّكم أن يغفرَ لكم سيئاتِكم ويدخِلَكم جناتٍ تجري من تحتِها الأنهارُ.ألا وصلوا وسلموا على نبيكم محمد بن عبدالله