المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مفهــــوم الزواج الصحي



الشيخ/عبدالله السالم
28-08-2014, 14:25
الحمدُ للهِ الذي خلقَنا من نفسٍ واحدةٍ وجعلَ منها زوجَها ليسكنَ إليها (وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً ) أشهدُ أن لا إلهَ لنا غيرُه ولا ربَّ لنا سواهُ ، خلقَ فسوى ، وقدَّرَ فهدى ، و( أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى) وأشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسولُهُ وخليلُهُ وصفوتُهُ من خلقِهِ ، اللهم صلِّ وسلمْ عليهِ وعلى آلهِ وأ صحابِهِ وأتباعِهِ بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ . (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً): أمـا بـعد: أيُّها الأحبةُ في الله ، يقول المولى جلَّ وعلا (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) الزواجُ أيُّها الأحبة يُعتَبَرُ حدثاً مُهِماً في حياةِ الفردِ ، والنّسلُ الصالحُ ، والجيلُ الخيَّرُ ، لا يَنبتُ ، ولا يتربى ، ألا في أحضانٍ زوجيةٍ شرعيةٍ ، بين أبوُّةٍ كادحةٍ ، وأُمومةٍ حانيةٍ ، ففي الذريةِ الصالحةِ ، والإستكثارِ منها في الأمةِ ، العزُّ والفخارُ للدينِ ، والأسرةِ والمُجتمــعِ ، يقولُ تعالى ( ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً ) جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ  فَقَالَ إِنِّى أَصَبْتُ امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ وَمَنْصِبٍ ، إِلاَّ أَنَّهَا لاَ تَلِدُ ، أَفَأَتَزَوَّجُهَا ؟ فَنَهَاهُ ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ فَنَهَاهُ ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ فَنَهَاهُ ، فَقَالَ {تَزَوَّجُوا الْوَلُودَ الْوَدُودَ فَإِنِّى مُكَاثِرٌ بِكُمْ}رواه النسائي عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رضي الله عنه ، ومن خلالِ الزواج ، يدخلُ الفردُ في مرحلةٍ جديدةٍ ، في بناءِ الأُسرةِ والمجتَمع ، وهُنَاكَ أمرٌ قَبلَ الزواج ، هوَ غايةً في الأهميةِ ، بالنسبةِ للزوجِ والزوجة ،ولكنَّ بعضُ النَّاسِ يسخرُ منهُ ، والبعضُ الآخَرُ يرفُضه ،وهو في الحقيقةِ من الأهميةِ بمكان ، ألاَ وهوَ الفحصُ الطبي قبل الزواج ، وهذا الأمرُ ، يَضمَنُ وقايةَ الطرفينِ ، والذريةِ من الأمراضِ الوراثيةِ والمُعدية ، مِثلُ (الالتهابُ الكَبِدي الفيروسي ) ونقص المناعة المكتسب "الإيدز")وغيرِها من الأمراض ، لأن لا تنتقل تلك الأمراض ، للطرف الأخر في الزواج ، أو لِبعضِ الأبناءِ في المُستَقبلِ ،فَتُعطى المشورةَ الطبية والخيارات والبدائلِ ، مِنْ أجلِ التخطيطِ لأُسرةٍ سَليمَةٍ صِحياً ، فلا نستهينُ بالفحص ، فإنّه أمرٌ هَامٌ ، لبناء أُسرةٍ صِحيةٍ سعيدةٍ مُستَقرّةٍ ، تؤدي وظائِفَهَا بنجاحٍ ، لأنَّ إصابةَ أحدُ أفرادُ الأُسرة ، بأمراضٍ وراثيةٍ أو مُعديةٍ ، يؤدي إلى تعكر صفو الحياة ، وإلى العديدِ من المشاكلِ النفسيةِ ، والاجتماعيةِ والاقتصاديةِ ، لأنَّ نعيمَ الحياةِ ومُتعَتَها ، لا يَكونُ إلا في بيتٍ سعيدٍ ، وسعادةُ هذا البيتِ ، لا يحُققُها إلا دينٌ صحيحٌ ، وجسمُ صحيح ، وخُلقٌ سمحٌ ، وأَدبٌ رفيعٌ ، ويَنْضَمُ إلى ذلك صفاءُ الودِ ، والحِفظُ المُتبادلُ بين القرينين ، في الحضورِ والغَيبَةِ ، بيتٌ سَعيدٌ ، ظاهرُهُ الحشمةُ والمهابةُ ، وبَاطِنُهُ العفافُ والصِّيانةُ ، وأمرٌ آخرُ قد يُكدرُ صفوُ الحياةَ الزوجيةِ .. وهوَ ما يحصُلُ في الزواجِ من تكاليفِ باهضةٍ ، وإرهاقٍ للزوجِ وأُسرَتِهِ ، بالمُغالاةِ في المُهورِ ، ومُتطلباتِ النساءِ ، من ذهبٍ وملابسٍ ، والكثيرُ من الرّجالِ .. أُبتلُوا بالمُجاملةِ ، وطاعةِ النِّساءِ في مُناسبةِ الزّواجِ ، فيوُقعُ نفسَهُ فيما لا يرضاه من متاعبٍ ولَومٍ ، وإنفاقٍ فيما لا فائدةَ فيه ، بل فيه الضررُ المُتحققُ ، وقد يبقى الزوجُ ، مدِيناً عدةَ سنينٍ بسببِ هذا الزواجِ ، وتبقى الزوجةُ شبحاً أمامَهُ حيث كانتْ السببَ ، فيما تحملَّهُ من دُيونٍ وأثَقَلَ كاهلَهُ من نفقاتٍ ، وتبقى الزوجةُ هي الأخرى ، في ضيقٍ وضنكٍ وتعاسةٍ ، حيثُ فقدتْ السعادةَ الزوجيةَ المطلوبةَ ، بفقَدِ زوجِها، ،بسببِ همِّ الديونِ التي أثقلتْ كاهلَهُ ، فشغلتُهُ عنها ... فالمُغالاةُ في المُهورِ ، والإسرافُ في الحفلاتِ والتباهي بكثرةِ الحُلي والأثاثِ ، تجعلُ الكثيرَ من الشبابِ يحُجمونَ عن الزّواجِ المُبكرِ ، لعدمِ استطاعتِهم لمُجاراتِ الأخرينَ ، وتبقى الفتياتُ محبوساتٍ في بيوتِ أوليائِهن ، وفي ذلك مضارٌ ، وقد يترتبُ عليه مفاسدٌ ، فتعنتُ أولياءِ الأمورِ ، وطلبُهم مُهوراً مُرتفعةً ، ونفقاتٍ باهظةً ، لمْ يأمرْ به الدينُ ، وليس من الحكمةِ ، ولا من المصلحةِ في شيءٍ ، ولم يكُنْ من هدي الرسولِ الكريمِ ، فقد زوّجَ ابنتَهُ بِدرعٍ ، ويقولُ بأبي هو وأُمي { إن أعظمَ النّكَاحِ بركةً أيسرُهُ مؤونةً } ويقولُ الفاروقُ رضيَ اللهُ عنه [ألا لا تُغالوا في صُدُقِ النساءِ فإنها لو كانتْ مَكرُمةً في الدنيا أو تقوى عندَ اللهِ عز وجل كان أحقَكُم بها رسولُ اللهِ  ما علمتُ رسولَ اللهِ  تزوجَ امرأةً من نسائِهِ أو زوَّجَ بنتاً من بناتِه بأكثرَ من اثنتي عشرةَ أوقيةً وإن أحدَكم اليومَ ليُغالي بصدقةِ المرأةِ حتى يكونَ لها عداوةٌ في نفسِهِ] فردُّ الأكفاءِ وتأخيرُ الزواجِ إلى ما بعدَ الدراسةِ ، وما يفرضُهُ المُجتمعُ من عاداتٍ وتقاليدٍ ، وبعضِ العاداتِ الجاهليةِ ، وحبِّ المادةِ ، كلُّ ذلك يترتبُ عليه مضارٌ ، ويترتبُ عليه مفاسدٌ ، وقد قالَ النّبيُّ {إذا أتاكم من ترضونَ خُلقَهُ ودينَهُ فزَوّجوه ،إلاَّ تفعلوا تكنْ فتنةٌ وفسادٌ عريضٌ }
بارك الله لي ولكم في القرءان العظيم .
الحمد للهِ ، نحمَدُه حمداً يَلِيقُ بكريمِ وجهِهِ ، وبعظيمِ سلطانهِ ، نحمدُه حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ، ونشهدُ أن لا إله إلا هو سبحانه لا شريك له ولاندَّ له ولاشبيه . ونشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسولُهُ ، وصفيُهُ وخليلُهُ ، نبياً شرحَ اللهُ صدرَهُ ، ووضعَ عنه وزرَهُ ورفعَ ذكرَهُ . صلى اللهُ عليه وعلى آلهِ وأصحابِهِ ، الطيبينَ الطاهرينَ ، وعلى من سارَ على نهجِهِم إلى يومِ الدينِ ، وسلم تسليماً كثير اً : أمَّا بعدُ ، فإنَّ ردَّ الأكفاءِ ، وتأخيرَ الزواجِ إلى ما بعدَ الدراسةِ ، وما يفرضُهُ المُجتمعُ من عاداتٍ وتقاليدٍ ، وبعضِ العاداتِ الجاهليةِ ، وحبِّ المادةِ ، كلُّ ذلك يترتبُ عليه مضارٌ ، ويترتبُ عليه مفاسدٌ ، ولذلك تكثرُ المشاكلُ ، وتتنوعُ الإنحرفاتُ ، وما الزّنا واللواطُ ، وما الحبُ لغيرِ اللهِ ، والعكُوفُ على الدشوشِ ، والمُعاكساتُ والتسكعُ في الأسواقِ ، ورسائلُ الغرامِ والإفلامِ والصّور ، عبر الجوالات ، والمخدراتِ والمُسكراتِ ، والسفرُ للخارجِ ، إلا بسببِ تعقيدِ قضيةِ الزواجِ ، وقد قالَ النّبيُّ {إذا أتاكم من ترضونَ خُلقَهُ ودينَهُ فزَوّجوه ،إلاَّ تفعلوا تكنْ فتنةٌ وفسادٌ عريضٌ } أَمَّا من يخافُ اللهَ ، ويحفظُ عرضَهُ ونفسَهُ من شبابٍ وشاباتٍ ، فهم يُعانون ما اللهُ به عليمٌ ، من أزماتٍ نفسيةٍ ، واضطراباتٍ داخليةٍ ، وقلقٍ وشقاءٍ وتعاسةٍ ، .والمسؤوليةُ وتبعاتُ القضيةِ ، تقعُ في الدرجةِ الأولى ، على عواتقِ آباءِ البناتِ ، وأولياءِ أمورِهن ، فهُم المسؤولون عن ذلك ، فليتقوا اللهَ ربَّهم ، وليعملوا على تيسيرِ الزواجِ ، وتسهيلِ أمورِهِ ، فإن أفعالهَم ، صارتْ سبباً في إعراضِ الشبابِ عن الز‍ّواجِ ، بل دفعتْ البعضَ للبحثِ عن الزّواجِ من الخارجِ ، من البلادِ الأُخرى بحثاً عن قلةِ التكاليفِ ، وبعداً عن جشعِ التجارِ وذلِّ الديونِ ، يتزوجُون مِنَ الخارجِ ، ويجلسُ من بالدّاخلِ ، من الفتياتِ دُون زواجٍ ، أو يُزوجونَهُنَّ بمن لا يرغبنَ ، فتحدثُ المشاكلُ ، وتنشأُ الخلافاتُ الزّوجيةُ ، فالمسؤوليةُ على أوليائِهنَّ ، فليتقوا اللهَ تعالى، فقد عُذَّبتْ امرأةٌ في هِرةٍ ، حَبَسَتها .. لا هي أطعمتْها وسقتْها ، ولا هي تركتْها تأكُلُ من خشاشِ الأرضِ ، فَعذّبها اللهُ بسببِ هذه الهرةِ ، فكيفَ باللهِ عليكُم بمن عذبَ إنساناً سوياً ، وحرَمَهُ حقاً من حُقُوقِهِ ؟ عبادَ الله صلوا رحمني اللهُ وإيَّاكم ، على الهادي البشيرِ ، والسراجِ المنيرِ ، كما أمرَكم بذلك اللطيفُ الخبيرُ ، فقال سبحانه قولاً كريما ( إِنَّ اللهَ وَملاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبيْ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُواْ صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) وقد قال عليه الصلاةُ والسلامُ { حيثما كنتم فصلوا عليَّ فإنَّ صلاتَكم تبلغني }وقال{ من صلى علي صلاةً صلى اللهُ عليه بها عشراً } اللهم صلِّ وسلمْ وأنعمْ وأكرمْ وزدْ وباركْ ، على عبدِك ورسولِكَ محمدٍ ، وارضَ اللهم عن أصحابِهِ الأطهارِ ، ما تعاقبَ الليلُ والنهارُ ، أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ ، وعن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين ، وعن التابعينَ وتابعِيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ ، وعنَّا معَهم بمنِّكَ وفضلِكَ ورحمتِكَ يا أرحمَ الراحمينَ .اللهم أعزَّ الإسلامَ المسلمينَ ، ودمرْ أعداءَ الدينِ من اليهودِ والنصارى ، وجميعِ الكفرةِ الملحدينَ ، اللّهُم يا عظيمَ العفوِ ، ويا وسعَ المغفرةِ ، ويا قريبَ الرّحمةِ ، ويا ذا الجلالِ والإكرامِ ، هبْ لنا العافيةَ ، في الدُنيا والآخرةِ ، اللّهُم اجعلْ رزقَنَا رغداً ، ولا تُشمتْ بنا أحداً ، اللهم إنا نسألُكَ ، بعزِّكَ الذي لا يرامُ ، وملكِكَ الذي لا يُضامُ ، وبنورِكَ الذي ملأ أركانَ عرشِكَ ، أن تكفيَنا شرَّ ما أهمَنا وما لا نهتمُ به ، وأن تعيذَنا من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا ، اللهم رَغّبْنا فيما يبقى ، وَزَهّدْنا فيما يفنى ، وهبْ لنا اليقينَ ، الذي لا تسكنْ النفوسُ إلا إليهِ ، ولا يُعوَّلُ في الدينِ إلا عليهِ ، اللهم أرحمْ موتانا ، وعافي مُبتلانا ، واقضِ الدينَ عن مدينِنا ، وردَّ ضالَنا إليكَ رداً جميلاً ، ( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) اللهم ربنا ( آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) عباد الله (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) فذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر لله اكبر والله يعلم ماتصنعون