المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة جمعة الغد ( أريــــد حقــــي من الميـــــراث )



محمدالمهوس
29-11-2013, 00:51
الخطبة الأولى
الحمد لله ذي الجبروت والملكوت ، أحمد سبحانه وهو حي لا يموت ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يحيى ويميت وهو على كل شيء قدير ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله اختاره ربه لتبليغ رسالته ، وهدايةِ الناس أجمعين ، عليه من ربه أفضلُ صلاة وأعظم تسليم ، وعلى أزواجه أمهاتِ المؤمنين ، وصحابته الغر الميامين ، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد أيها الناس / أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ))
عباد الله / روى مسلم في صحيحه من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا ، وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ : (( يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ )) ، وَقَالَ : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ )) ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ ، أَشْعَثَ أَغْبَرَ ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ ، يَا رَبِّ ، يَا رَبِّ ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ "
ففي هذا الحديث يبن النبي صلى الله عليه وسلم خطورة أكل المال الحرام ، بأي طريقة كانت ، وأي وسيلة حصلت ، ومن ذلك ياعباد الله قضية الميراث التي انتشرت بين المسلمين مؤخرا حتى باتت شبهَ ظاهرة تتسبب في الكثير من المعاناة وتفجر الخلافات والنزاعات بين العائلة الواحدة حتى بات أفراد الأسرة الواحدة أعداء متناحرين بدلا من إخوة متحابين مما يساهم بشكل كبير ومباشر في تمزيق المجتمع بأسره ؛ وعندما ننظر لهذه المشكلة نجد أن سبب وجودِها أمورٌ متعددة منها : تساهل الكثيرون من الناس بالوصية وعدم كتابتها وإيضاح ما لديه من أموال وما لديه من الأموال المشتركة مع الآخرين ؛ فقد يدعي أحد الأولاد أنه شريك لوالده أو أمه وحينذاك لابد مما يثبت ذلك وإلا فتح على الورثة بابا عريضا من الخلافات والاتهامات ، والله يقول ((كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ )) وقال تعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ )) وقال صلى الله عليه وسلم ((مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلا وَعِنْدَهُ وَصِيَّتُهُ )) متفق عليه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما .
ومن أسباب النزاع في الميراث : تخصيص الوالدُ أحدَ أبنائه لمعرفة أملاكه والبقية لا يعلمون ، وربما أخفى الابن بعض الأموال إذا كان من غير الأمناء ، أو ربما أعطى كلا نصيبه دون أن يعلم الورثةُ كم ورثوا من ميتهم ، أو أخّر توزيع الميراث وقد يوجد قصر يعيشون فقراً ، والتركة تغنيهم عن صدقات المحسنين ، أو ربما مال في التقسيم لأخوته الأشقاء ، والواجب هو تحري العدل وما أشكل فيرجع فيه إلى القاضي .

ومن أسباب النزاع في الميراث : تصرفُ الوصي في العقارات خاصة دون إذن الورثة ، أو عدمُ تدوين حسابات المشاريع الموروثة بعد وفات المورث ، أو إخفاء الصكوك والمستندات فترة طويلة لاستغلال بعض العقارات وخاصة المؤجرة .
عباد الله / من الظلم المنتشر بين المسلمين :
حرمان المرأة من الميراث لخصوصية الرجال فيه دون النساء ، وإما بالمماطلة بحقها ،قال تعالى(( لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً)) ويقول : ((إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ
الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً))
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ....

الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ على إحْسانهِ، والشكرُ له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله الله وحدَه لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليما كثيرا .. أما بعد : عباد الله / فالميراث وما يخلفه الميت من المال يجمع الأسرة ولا يفرقها ،ويقويها ولا يضعفها ، وأن لا يقدموا حب المال على حب الإخوان والأخوات ؛ فمن يظن أن أخاً يشتكي أخاه في المحاكم ، ومن يظن أن الأخوة والأخوات بعد اجتماع ووصال تفرقوا وتهاجروا وتباغضوا ! ترى لو علم والدهم ومورثهم أكان هذا يرضيه ، بل ربما تمنى لو مات فقيراً معدما أحب له من ترك الملايين لورثته المتنازعين ،فبادروا عباد الله بقِسمة الميراث ، وأعطوا كلَّ ذي حق حقه ، واحذروا الظلم فالظلم ظلمات يوم القيامة ، وصلوا وسلموا على نبيكم محمد فقد أمركم اللهُ بالصّلاة والسّلام عليه ، فقال تعالى ((إنّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصلُّونَ عَلى النّبي يَا أيّها الّذينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ))