المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ولا تلمزوا أنفسكم



الشيخ/عبدالله السالم
23-08-2013, 11:56
الحمدُ للهِ المبدئِ المعيدِ ، الفَعَّالِ لما يريدُ ، ذي العرشِ المجيدِ ، والبطشِ الشديدِ ، أشهد أن لا إلهَ إلا هو وحدَهُ لا شريكَ لهُ ، وأشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسولُهُ المبعوثِ بالقرآنِ المجيدِ ، صلى اللهُ وسلم عليه ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الوعيدِ ، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)::أما بعد أيها الأخوةُ في اللهِ ،يقولُ المولى جلَّ وعلا ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْأِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) وحديثي إليكُم في هذا اليوم المبارك عند قولِهِ تعالى (وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ) واللمزُ هو المعيبةُ باللسانِ ، والهمزُ بغيرِ اللسانِ ، بالإشارةِ أو اليدِ أو غيرِ ذلك . أو اللمزُ في الوجِهِ، والهمزُ في الغَيَبَةِ ، واللمزُ : الطعنُ في الوجهِ في حضورِ المطعونِ فيه ، والهمزُ في غَيَبَتِهِ وفي عَدَمِ حَضْرَتِهِ ، واللهُ عز وجل يقول: (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) ويقولُ عز وجل (وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ*هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ* مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ* عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ)...(وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) تعبيرٌ ربانيٌّ لا يقدرُ عليهِ البشرُ، لأنك عندما تَلمِزُ أخاكَ وتعيبُهُ ، إنما تعيبُ نفسَكَ ، لأن المؤمنَ للمؤمنِ كالبنيانِ،يقولُ المُصطفى e{مثلُ المؤمنينَ في توادِّهم وتراحُمِهِم وتعاطُفِهم كمثلِ الجسدِ الواحدِ إذا اشتكى منهُ عضوٌ تداعى له سائرُ الجسدِ بالسهرِ والحمى} فَعِنَدما تَلْمِزُ أحداً من المسلمينَ ، إنما تلمزُ نفسَكَ ، وتُقَطِّعُ أعضاءَكَ وأمعائَكَ ، وفي مسندِ الإمامِ أحمدَ:يقول المصطفى e بِأبي هو وأمي {يا معشرَ من آمنَ بلسانِهِ ولم يدخلِ الإيمانُ قلبَهُ لا تغتابوا المسلمينَ ولا تتبعوا عوراتِهم، فإنه من تتبعَ عورةَ أخيهِ المسلمِ ، تتبعَ اللهُ عورتَهُ ، ومن تتبعَ اللهُ عورتَهُ يفضحْهُ ولو في جوفِ بيتِهِ }ونتيجةُ تتبعِ عوراتِ المسلمينَ ، بالهمز واللمزِ ، ثلاثُ نتائجٍ ظاهرةٍ : النتيجةُ الأولى : أنها علامةُ النِّفَاقِ.كما في قولِهِe{يا معشر من آمنَ بلسانِهِ ولم يُفضِ الإيمانُ إلى قلبِهِ لا تؤذوا المسلمينَ ولا تتبعوا عوراتِهم..} فالطعنُ بالنَّاسِ إنما هو عَلامةُ النِّفاقِ ، وليس علامةُ الإيمانِ يقولُ e{ ليس المؤمنُ بالطعانِ ولا باللعانِ ولا بالبذيءِ ولا بالفاحشِ ولا بالمتفحشِ } [حديثٌ صحيحٌ ]ولذلك عندما دخلَ اليهودُ على رسولِ اللهِ e وقالُوا: السَّامُ عليكَ يا أبا القاسمِ – يعني الموتُ – فَسَمِعتْ عائشةُ رضي الله عنها لفظَ اليهودِ ، فقالتْ: وعَليكُم السَّامُ والذامُ والَّلعنةُ، فقالَ: e { يا عائشةَ إن اللهَ يكرَهُ الفُحشَ والتَفَحُشَ ، ألم تَسمَعي ما قُلتُ : لقد قُلتُ لهم: وعَليكُم، قالوا: السَّام عليكَ، قلتُ : وعليكم } فلم يقبلْْ من عائشةَ رضي الله عنها ، أن تردَّ عليهم زيادةً ، بل لم يُردْ أن تُخرِجَ لفظاً واحداً بذيئاً ، من فَمِهَا الطَّاهرِ، قال: إن اللهَ يكرَهُ الفُحشَ والتَفُحشَ ، عندما قالتْ:[وعليكم السامُ والذامُ واللعنةُ] ثم العَيبُ قِسمانِ: إمَّا أَن يَكونَ صحيحاً في أخيكَ ، إذا لَمزتَهُ في وجهِهِ ، وإمَّا ألاَّ يكونَ فيهِ ، فإن لم يكنْ فيه فويلٌ لك ، ثم ويلٌ لكَ ، ثم ويلٌ لكَ ، يقولُ المصطفى e في الحديثِ الذي رواه الطبراني وهو صحيحٌ: { من ذَكرَ امرئٍ بشيءٍ فيه ، ليَعيبَهُ بِهِ ، حَبَسَهُ اللهُ في نارِ جهنمَ ، حتى يَأتيَ بِنَفَاذِ ما قالَ فيهِ } حتى يُحققَ ما قالَ فيهِ، ولن يتحققَ أبداً، كيف وهُو كَذبٌ ؟! ..ولذلك يا أخي..
احذر لسانَك أيهـا الإنسـانُ لا يلدغنـَّك إنّـهُ ثعبــانُ
كم في المقابرِ من قَتَيلِ لسانِهِ قد كانَ هابَ لقاءَهُ الشجعانُ وجَرحُ الّلسَانِ ، أَنكَى مَن جَرحِ السِّنانِ، لأن جرحَ السنانِ يبرأُ لأنه في الجلدِ، وأما جَرحُ اللسانِ فلا يبرأُ ، لأنه يكسرُ القلوبَ، ومن الصَّعبِ أن تعودَ القلوبُ سليمةً بعد كَسرِها ،في البخاري من حديثِ بلالِ بنِ الحارثِ المزني t قالَ: قالَ رسولُ اللهِ e : {إن الرجلَ لَيَتكلمُ بالكلمةِ من رضوانِ اللهِ عز وجل ، مَا يَظنُّ أن تبلغَ ما بلغتْ، يكتبُ اللهُ عز وجل له بها رضوانَهُ إلى يومِ القيامةِ ، وإن الرجلَ ليتكلمُ بالكلمةِ من سخطِ اللهِ عز وجل ، ما يَظنُّ أن تبلغَ ما بلغتْ ، يَكتبُ اللهُ عز وجل بها عليهِ سخطَهُ إلى يومِ القيامةِ } يُلقِي الرجلُ الكلمةَ ، لا يُلقي لها بالاً ، وهُو جالسٌ يحتسي القهوةَ والشاي ، ويريدُ أن يَملأَ فراغَهُ،ويُضحكَ خلاّنَهُ وجلساءَهُ ، الَّذين يُسامِرونَهُ ، وأصدقائَهُ الذين يَركَبُونَ معه ، فيتكلمَ الكلمةَ سُخريةً من أخيهِ المسلمِ ، أو لمزاً أو همزاً، وما يدري أن الله ، يَكتبُ عليهِ بهذهِ الكلِمةِ سَخَطَهُ إلى يومِ القيامةِ ، قالَ عَلقَمةُ: [كم من كلامٍ مَنعنيهِ حديثُ بلالِ بنِ الحارثِ ، أن أقولَهُ ] جعلني اللهُ وإياكم من (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ) بارك الله لي ولكم في القران العظيم
الحمدُ للهِ ثم الحمدُ للهِ ثم الحمدُ للهِ ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ سيدِنا محمدِ بنِ عبدِ اللهِ ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاه،أمّأ بعدُ أيُّها الأحبةُ في الله ، فنحنُ إِخوةٌ، وكلُّ مُسلمٍ في أرجاءِ الأرضِ ، إنما هو أخوكَ تَجمعُكَ به هذه الوشيجةُ ، وشيجةُ الإسلامِ ، ولا تظننَّ أن الصّيامَ والصلاةَ والزكاةَ ، أعظمَ عندَ اللهِ من صَونِ حُرماتِ المسلمِ ، ونُصرتِهِ وعَدمِ خُذلانِهِ ، ولا تظننَّ أن الزِّنَا والرِّبا ، أعظمَ حُرمةً من عِرضِ المسلمِ ،فَكيفَ تقبلُ بِهذهِ القطعةِ الصغيرةِ التي لا تَتَعدى بضعةَ سنتيمتراتٍ ، أعني اللسان ، أن تجرَّكَ إلى النَّارِ وأنتَ راضي ، مُضغةٌ قد جعلَها اللهُ بين سِجنينِ عَظميِّينِ ، في داخلِ أربعةِ سُجُونٍ ، سُجونٍ عظميّةٍ ، فَكينِ عَظميِّينِ وشَفتينِ ، حتى تَنتَبِهَ إلى الخِلقةِ الربانيةِ ، فلا تُطلقْها على عَنانِها، وجَعَلَ لكَ ربُّكَ أُذنينِ اثنتينِ ، أُذنينِ اثنتينِ ، ولساناً واحداً ، حتى تسمعَ أكثرَ مما تقولُ ، وَرَحمَ اللهُ امرءاً عرفَ حَدَّهُ ، فوقفَ عندَهُ، يقولُ عليهِ الصلاةُ والسلام {بحسبِ امرئٍ من الشرِّ أن يَحقِرَ أخاهُ المسلمَ }.( وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) وويلٌ: كلمةُ عذابٍ وتهديدٍ، وقالَ بعضُ المفسرينَ: وادٍ في جهنمَ ، شديدٌ حرُّهُ بَعيدٌ قَعرُهُ ،نعو ذوا بالله منه : عبادَ اللهِ تعلمونَ أنَّ خيرَ الحديثِ كتابُ اللهِ ، ألاَ فتمسكوا بهِ ، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ e ألاَ فاقتدوا بهِ ، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها فاجتَنِبُوها ، فإنَّ كلَّ محدثةٍ بدعةٌ ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ ، وكلَّ ضلالةٍ في النارِ ، وعليكم بجماعةِ المسلمينَ ، فإن يدَ اللهِ على الجماعةِ ، ومن شذَّ شذَّ في النارِ ، عياذاً باللهِ من ذلك ، واعلموا أنكم غداً بين يدي اللهِ موقوفونَ ، وعن أعمالِكم محاسبونَ ، وعلى تفريطِكم نادمون ، ( وَسَيَعْلَمُ الَّذِيْنَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُون ) ألا وصلوا رحمني اللهُ وإيَّاكم ، على الهادي البشيرِ ، والسراجِ المنيرِ ، كما أمرَكم بذلك اللطيفُ الخبيرُ ، بقولِهِ سُبحانَهُ ( إِنَّ اللهَ وَملاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبيْ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُواْ صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) وقد قال عليه الصلاةُ والسلامُ { حيثما كنتم فصلوا عليَّ فإنَّ صلاتَكم تبلغني }وقال{ من صلى علي صلاةً صلى اللهُ عليه بها عشراً } اللهم صلِّ وسلمْ وأنعمْ وأكرمْ وزدْ وباركْ ، على عبدِك ورسولِكَ محمدٍ ، وارضَ اللهم عن أصحابِهِ الأطهارِ ، ما تعاقبَ الليلُ والنهارُ ، أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ ، وعن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين ، وعن التابعينَ وتابعِيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ ، وعنَّا معَهم بمنِّكَ وفضلِكَ ورحمتِكَ يا أرحمَ الراحمينَ .اللهم أعزَّ الإسلامَ المسلمينَ ، ودمرْ أعداءَ الدينِ من اليهودِ والنصارى ، وجميعِ الكفرةِ الملحدينَ ، اللّهُم يا عظيمَ العفوِ ، ويا وسعَ المغفرةِ ، ويا قريبَ الرّحمةِ ، ويا ذا الجلالِ والإكرامِ ، هبْ لنا العافيةَ ، في الدُنيا والآخرةِ ، اللّهُم اجعلْ رزقَنَا رغداً ، ولا تُشمتْ بنا أحداً ، اللهم إنا نسألُكَ ، بعزِّكَ الذي لا يرامُ ، وملكِكَ الذي لا يُضامُ ، وبنورِكَ الذي ملأ أركانَ عرشِكَ ، أن تكفيَنا شرَّ ما أهمَنا وما لا نهتمُ به ، وأن تعيذَنا من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا ، اللهم رَغّبْنا فيما يبقى ، وَزَهّدْنا فيما يفنى ، وهبْ لنا اليقينَ ، الذي لا تسكنْ النفوسُ إلا إليهِ ، ولا يُعوَّلُ في الدينِ إلا عليهِ ، اللهم اجعلْ بَلدَنا هذا آمناً مطمئناً ، وسائرَ بلادِ المسلمينَ ، اللهم أيدْ إمامَنا بتأيدِكَ ، وانصرْ بهِ دينَكَ ، ووفقْهُ إلى هُدَاكَ ، واجعلْ عمَلَهُ في رضاكَ ، وارزقْهُ اللهم البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ ، التي تدلُهُ على الخيرِ ، وتعينه عليه، اللهم أرحمْ موتانا ، وعافي مُبتلانا ، واقضِ الدينَ عن مدينِنا ، وردَّ ضالَنا إليكَ رداً جميلاً ، ( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) ، عبادَ اللهِ إن اللهَ يأمرُ بالعدلِ والإحسانِ وإيتاءِ ذا القربى وينهى عن الفحشاءِ والمنكرِ والبغي يعظُكم لعلكم تذكرونَ ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ