المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : lمر عجلان



الشيخ/عبدالله السالم
16-08-2013, 06:41
الحمدُ للهِ ،قدَّمَ من شاءَ بفضلِهِ ، وأخرَّ من شاءَ بعدلِهِ ، هو الكريمُ الوهابُ ، هازمُ الأحزابِ ، ومنشئُ السحابِ ، ومنزلُ الكتابِ ، ومسببُ الأسبابِ ، وخَالِقُ النَّاسِ مِن تُرابٍ ، هو المبدءُ المعيدُ ، الفَعَّالُ لمايُريدُ ، جلَّ عن أتخاذِ الصاحبةِ والولدِ ، ولم يكنْ له كفواً أحدٌ ، أشهدُ شهادةَ حقٍ ، لايشوبها شكٌ ، أنَّهُ لا إلهَ إلا هوَ ، وحدَهُ ولا شريكَ له ، ( لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) ، وأشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسولُهُ صلى اللهُ عليه ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسلم تسليماً كثيراً : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) :أما بعد : أيها الأحبةُ في الله ، الانتهاءُ ، والرحيلُُ ، من سننِِ هذه الحياةِِ ، فلا بقاءَ ولا دوامَ إلا لوجهِ اللهِ U ، يقولُُ سبحانهُ : (كُلُُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ) ويقولُ ،جلَّ جلالُه : ( كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) ولقد مرَّ شهرُ رمضانَ المُبَاركُ ، مرَّ كَسِواهُ مِنَ الشّهورِ ، عجلاَنَ ينتَهِبُ الخُطى ، فكَأنَّما هُوَ ساعةٌ مِن نهارٍ ، مرَّ على المُفطِرِ والصَّائِمِ ، والنَّائِمِ والقائِمِ ، والمُصلِّي والمُخَلِّي ، والمُحسِنِ والمُسيءِ ، والمُقلِّ والمُكثِرِ ، لقد انطوتْ صَفَحَاتُه ، وأُغلِقَتْ سِجِلاَّتُه ، وتوارتْ أيَّامُهُ ، وجفَّتْ أقلامُهُ ، وغابتْ روحانِيَّتُهُ ، خَلْفَ أُفُقِ الماضي ، الَّذِي لن يعودَ ،
عَليْكَ سَلاَمُ اللهِ كُنْ شَاهِدَاً لَنَا بِخَيرٍ رَعَاكَ اللهُ مِن رَمضانِ لقد انقضَى الشَّهرُ الكريمُ ، والموسِمُ العظيمُ ، والَّذِي تلذَّذتْ القلوبُ بِفَيضِ نَفَحَاتِهِ ، وتَعَطَّرَتْ الآذَانُ بِسَمَاعِ القرآَنِ وآيَاتِهِ ، كنتم تصُومونَ نهارَهُ ، وتقومُونَ مِن ليلِهِ ، وتتقرَّبُونَ إلى ربِّكُم ، بِأَنواعِ القُرُباتِ ، طمعاً في ثوابِهِ ، وخوفاً من عِقَابِهِ ، ثم انتهتْ تلك الأيَّامُ ، وقطعتُم بِهَا مرحلةً من حيَاتِكُم ، لن تعودَ إليكم ، وإِنَّمَا يبقى لكم ما أودعتموهُ فيها ، من خيرٍ أو شرٍّ ، وهكذا كلُّ أيَّامِ العمرِ مراحلٌ ، تقطعُونها يوماً بعد يومَ ، في طريقِكُم إِلىَ الدَّارِ الآخِرةِ ، فهي تُنَقِّصُ من أعمارِكُم ، وتُقَرِّبُِكُم مِن آجَالِكُم ، ويُحْفَظُ عليكُم ما عَمِلتُمُوهُ فِيهَا ، لِتُجَازَوا عليه في الدَّارِ الباقِيةِ ، ولذلك ، قال الفضيل بن عياض رحمه الله لرجل : كم أتت عليك ؟ قال : ستون سنةٍ ، قال : فأنت منذ ستين سنة تسير إلى ربك يوشك أن تبلغ ، فقال الرجل : إنا لله وإنا إليه راجعون ، فقال الفضيل : أتعرف تفسيره تقول : أنا لله عبد وإليه راجع ، فمن علم أنه لله عبد ، وأنه إليه راجع ، فليعلم أنه موقوف ، ومن علم أنه موقوف ، فليعلم أنه مسؤول ، ومن علم أنه مسؤول ، فليعد للسؤال جواباً ، فقال الرجل : فما الحيلة ؟ قال يسيرة ، قال : ما هي ؟ قال : تحسن فيما بقي يغفر لك ما مضى فإنك إن أسأت فيما بقي ، أخذت بما مضى وبما بقي ، و في الصحيحين ، من حديثِ عَديِ بنِ حاتمٍ رضي اللهُ عنهُ :يقولُ عليه الصلاةُ والسلامُ { مَا مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تَرْجُمَانٌ ، فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إِلاَّ مَا قَدَّمَ مِنْ عَمَلِهِ ، وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إِلاَّ مَا قَدَّمَ ، وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلاَ يَرَى إِلاَّ النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ ، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ } ويقول صلى الله عليه وسلم{ لاَ تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ : عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ ، وَعَنْ جَسَدِهِ فِيمَا أَبْلاَهُ ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا وَضَعَهُ ، وَعَنْ عِلْمِهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ } ( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ) ، العمر نسأل عنه مرتين ،فهل استعددنا للإجابة ، من علم أنه مسئول ، فليعد لسؤالي جواباً ، وللجواب صواباً ، لا يغرنكم الشيطانُ بأمانيه ، فإنه كما قال تعالى ( يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُوراً ) ولا يلهينَّكم طُوّلُ الأملُ ، فإن كُلُّ شهرٍ ، بل كلَّ يومٍ يستهلُّهُ الإِنسانُ فأِنَّه يُدنِيهِ من أَجَلِهِ ويُقرِّبُهُ من آخر ته { وخيرُكم من طالَ عُمُرُهُ وحَسُنَ عَملُهُ ، وشَرُّكُم من طالَ عُمُرهُ وَسَاءَ عَملُهُ } إنّهَ ما بينَ أن يُثَابَ الإِنسانُ على الطَّاعةِ والإِحسَانِ ، أو يُعَاقَبَ على الإِساءةِ والعِصيَانِ إلاّ أن يُقَال ، فُلانٌ قد مَاتَ ! ومَا أقربَ الحَياةَ مِنَ الممَاتِ، وكُلُّ ما هوَُا آتٍ آت. فنحنُ
نسِـيرُ إلى الآجـالِ في كُـلِّ لحظـَةٍ
وأيَّــامُنـا تُطـوى وهُـنَّ مَـراحِلُ
وَلم أرَ مِثـلَ المــوتِ حقـاً كأنَّـهُ
إِذا مـا تَـخطَّتـهُ الأمـاني بـاطِـلُ
ومـا أقبحُ التفريطَ في زمـنِ الصـّبا
فكيـفَ بـِهِ والشيـبُ للرأسِ شامِـلُ
تـَرحّلْ من الدُنيـا بـِزادٍ من التُقـى
فعُـمـرُكَ أيـّامٌ وهـنَّ قـلائِــِلُ
فاتقُوا اللهَ أيها الأحبة في عاجلِ أمرِكُم وآجلِهِ ، ولا تكونُوا غافِلينَ عمّا أمامَكُم ، ولا عن ما يُرادُ منكُم ، ولا ما أنتُم صائِرونَ إليه ،.بارك الله لي ولكم في القـرآن العظيم
ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هـذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم
الحمد للهِ ، نحمَدُه حمداً يَلِيقُ بكريمِ وجهِهِ ، وبعظيمِ سلطانهِ ، نحمدُه حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ، ونشهدُ أن لا إله إلا هو سبحانه لا شريك له ولاندَّ له ولاشبيه . ونشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسولُهُ ، وصفيُهُ وخليلُهُ ، نبياً شرحَ اللهُ صدرَهُ ، ووضعَ عنه وزرَهُ ورفعَ ذكرَهُ . صلى اللهُ عليه وعلى آلهِ وأصحابِهِ ، الطيبينَ الطاهرينَ ، وعلى من سارَ على نهجِهِم إلى يومِ الدينِ ، وسلم تسليماً كثير اً : أما بعد : أيها الأخوةُ في الله ، فإنَّ الذي يغيظُ الشيطانَ عدوَّ اللهِ وعدوَّنَا، مَا قدَّمَهُ المسلمُ في شهرِ رمضانَ المباركِ ، مما يَسَّرَ اللهُ له وسهَّلَ له ، مِنْ فِعْلِ الخيرِ والأعمالِ الصّالحةِ ، هذا هُو الذي يَكيدُهُ ويُغيظُهُ ، وهُوَ حَريصٌ كُلَّ الحرصِ ، أنْ يَنتَقِمَ منكَ أيها المسلمُ ، فهُوَ الآنَ سيُضاعِفُ جُهْدَهُ مَعَكَ ، فالحذرَ الحذرَ، الحذرَ مِنْ عدوِّ اللهِ عزَّ وجلّ ، فإنّهُ يَتربَصُ بِنَا الدوائرَ، فيَا عبادَ اللهِ ، ينبَغي للمُسلِمِ أن يَحْذَرَ مِنهُ فإنه يَكيدُهُ ، ويحاولُ أن يُفْسِدَ ما أصلَحَهُ في شهرِ رمضانَ المباركِ ، ولكِنْ رُدُّوهُ يا عبادَ الله، رُدُّوهُ مَدْحُورًا غائظاً ، وذلك بالاستمرارِ في طاعةِ اللهِ عزَّ وجلَّ وفي عبادتِهِ ، وفي الإكثارِ من الخيرِ، واحذروا المعاصيَ يا عبادَ الله؛ فإنها هي المُهْلِكاتُ وهيَ الموبِقاتُ، فإنه ما نَزَلَ بلاءٌ في الأرضِ ، إلا بِسَبَبِ معصيةٍ،ولا رُفِعَ إلا بِتَوبةٍ ، فَعَلَيْكُم بالتَّوْبَةِ والإناية . عبادَ الله صلّوا على المعصومِ ، عليه أفضلُ الصلاةِ وأتم التسليم ، اللهم صلِّ وسلمْ وأنعمْ وأكرمْ وزدْ وباركْ ، على عبدِك ورسولِكَ محمدٍ ، وارضَ اللهم عن أصحابِهِ الأطهارِ ، ما تعاقبَ الليلُ والنهارُ ، أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ ، وعن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين ، وعن التابعينَ وتابعِيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ ، وعنَّا معَهم بمنِّكَ وفضلِكَ ورحمتِكَ يا أرحمَ الراحمينَ .اللهم أعزَّ الإسلامَ المسلمينَ ، ودمرْ أعداءَ الدينِ من اليهودِ والنصارى ، وجميعِ الكفرةِ الملحدينَ ، اللّهُم يا عظيمَ العفوِ ، ويا وسعَ المغفرةِ ، ويا قريبَ الرّحمةِ ، ويا ذا الجلالِ والإكرامِ ، هبْ لنا العافيةَ ، في الدُنيا والآخرةِ ، اللّهُم اجعلْ رزقَنَا رغداً ، ولا تُشمتْ بنا أحداً ، اللهم إنا نسألُكَ ، بعزِّكَ الذي لا يرامُ ، وملكِكَ الذي لا يُضامُ ، وبنورِكَ الذي ملأ أركانَ عرشِكَ ، أن تكفيَنا شرَّ ما أهمَنا وما لا نهتمُ به ، وأن تعيذَنا من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا ، اللهم رَغّبْنا فيما يبقى ، وَزَهّدْنا فيما يفنى ، وهبْ لنا اليقينَ ، الذي لا تسكنْ النفوسُ إلا إليهِ ، ولا يُعوَّلُ في الدينِ إلا عليهِ ، اللهم أيدْ إمامَنا بتأيدِكَ ، وانصرْ بهِ دينَكَ ، ووفقْهُ إلى هُدَاكَ ، واجعلْ عمَلَهُ في رضاكَ ، وارزقْهُ اللهم البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ ، التي تدلُهُ على الخيرِ ، وتعينه عليه، اللهم احفظْ بلادَنا وولاةَ أمرِنا وعلماءَنا ودُعاتَنا ، اللهم وحِّدْ كلمتَنا وقوي شوكتَنا ياربَّ العالمينَ ، واجعل هذا البلد رخاءً سخاءً آمِناً مُطمَئِناً ، وسائر بلاد المسلمين يا ربَّ العالمين ، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنيين والمؤمنات ، الأحياء منهم والأموات ، اللهم ربنا ( آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)