المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وأنّ محمــــداً رســـول الله ( خطبة الجمعة القادمة 1434/7/7 هــ )



محمدالمهوس
14-05-2013, 08:35
الخطبة الأولى
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً ، أما بعد :
أيها الناس/ أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل، ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ))
عباد الله / في الجمعة التي مضت تكلمنا عن كلمة التوحيد لا إله إلا الله وقلنا أنَّ لا إله إلا الله هي الكلمة التي من أجلها خلق الله الخلق وأرسل الرسل وأنزل الكتب وجردت سيوف الجهاد وانقسم الناس إلى فريقين مؤمنين وكفار ولأجلها قام سوق الجنة والنار ووضع الميزان ونصب الصراط وهي حق الله على العباد ، فهي كلمة الإسلام ومفتاح دار السلام ، وعنها يسأل الأولون والآخرون ، وفي هذه الجمعة نتكلم وبإذن الله تعالى عن شهادة أن محمداً رسول الله ؛ والتي أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول للأحمر والأبيض والأسود والعربي والعجمي(( إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً))
كما قال تعالى ((قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )) وما ذاك إلا لشرفه وعظمته صلوات الله وسلامه عليه, وأنه خاتم النبيين وأنه مبعوث إلى الناس كافة ، ولأن شهادة أن محمداً رسول الله أصل من أصول الإيمان بل هي الأصل الأول مع شهادة ألا إله إلا الله.
ومن مقتضى هذه الشهادة - عباد الله – أن يشهد ويعتقد المسلم جازماً بأن محمداً صلى الله عليه وسلم عبدٌ لله, ليس له شيءٌ من خصائص الإلهية والربوبية كما قال تعالى ((سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى)) وقال ((تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ )) وقال ((وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ))
، وقال تعالى ((قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ)) وقال صلى الله عليه وسلم(( لا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابنَ مَرْيم إنّما أنَا عَبْدٌ فَقُولُوا عَبْدُ اللهِ ورَسُولُه )) وكل هذه الأدلة تدل على أنه عبدٌ لله صلوات الله وسلامه عليه, فلا يجوز لنا أن نعطيه شيئاً من خصائص الرب, فلا يُدْعَى من دون الله, ولا يُستغاث به, ولا يُحلَف به, ولا يجوز الاعتقاد بأنه يعلم الغيب, أو ينفع أو يضر، ((قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلَا رَشَداً))
وأنه خاتم النبيين لا نبي بعده صلوات الله وسلامه عليه.
ومن مقتضى هذه الشهادة - عباد الله – أن يصدق العبد كل ما أخبر به صلى الله عليه وسلم لأنه مبلغ عن ربه ((وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى )) وقال صلى الله عليه وسلم: (( ألا أني أُوتيتُ الكتابَ ومثلَه مَعه )) رواه أبو داود والترمذي ، وقال حسان ابن عطية: كان جبريل ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسُّنة كما كان ينزل عليه بالقرآن.
وهذا يدل على: أن السُّنة وحيٌ كما أن القرآن وحي, إلا أن القرآن لفظه ومعناه من الله ، وأما السنة فإن لفظها من الرسول صلى الله عليه وسلم ومعناها من الله عز وجل.
ومن مقتضى هذه الشهادة - عباد الله – طاعته فيما أمر فطاعته طاعة لله كما قال تعالى ((مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ))
ومن مقتضى هذه الشهادة - عباد الله – اجتناب ما نهى عنه وزجر؛ لقوله تعالى ((وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ))
ومن مقتضى هذه الشهادة أيضاً أن لا نعبد الله إلا بما شرع, لا بالأهواء والبدع؛لأن الأصل في العبادات هو المنع, إلا إذا جاءت من طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم. لقوله عليه الصلاة والسلام ((مَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ )) رواه مسلم .
ومن مقتضى هذه الشهادة - عباد الله – حبه صلى الله عليه وسلم.
وحب النبي صلى الله عليه وسلم إيمان, بل أصل من أصول الإيمان, لكن هذه المحبة تأتي تابعة لمحبة الله وليست مساوية, لأن الشخص إذا ساوى مع الله أحداً في المحبة وأشرك معه غيره في هذه المحبة فقد كفر, لقوله تعالى عن المشركين بعد دخولهم النار(( تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ )) وقال تعالى: (( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ )) ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم لا تكتمل حتى تكون أكثر من محبة النفس والأهل والمال والولد والناس أجمعين, لما رواه البخاري من حديث عمر رضي الله عنه أنه قال: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا نَفْسِي . قَالَ : رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (( لَا ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ )) قَالَ : عُمَرُ : فَأَنْتَ الْآنَ وَاللَّهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي ، قَالَ : رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (( الْآنَ يَا عُمَرُ (( أي: الآن يَكْتَمِلُ الإيمان, عندما تُقَدِّمُ محبة الرسول صلى الله عليه وسلم على محبة النفس ،ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم ليست مجرد دعوى تقال باللسان، وإنما لها علامات لابد من
تحققها في العبد منها تقديم مراد النبي صلى الله عليه وسلم وأوامره على هوى النفس، وعلى مراد وأوامر أي أحد كائناً من كان.
ومنها العلم بسنته وتطبيقها،والحرص على نشرها وبيانها والدعوة إليها ، والدفاع عنها وعن صاحبها, ونصرته في الأحوال والمواطن التي تتطلب الدفاع والنصر، فإن ذلك من أوجب الواجبات, بل هو من الجهاد في سبيل الله.
اللهم أحيينا على السنة وأمتنا على السنة واحفظنا من البدع والضلال يارب العالمين ،أقول هذا القول واستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنبٍ إنه هو الغفور الرحيم.







الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ على إحْسانهِ، والشكرُ له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله الله وحدَه لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليما كثيرا.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (( مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي ، فإنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَمَثَّلُ فِي صُورَتِي)) حديث صحيح ، ومراده
رؤية النبي صلى الله عليه وسلم بأوصافه المنقولة إلينا, وأما من رأى شخصاً على أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن على خلاف صفاته المعروفة, فإنه لم يره.
وعلى هذا فينبغي للمسلم أن يعرف صفات رسول الله صلى الله عليه وسلم الخَلقية المنقولة عن الصحابة رضي الله عنهم, وهي ثابتة في الصحيحين وغيرهما عن جماعة من الصحابة على أنه كان رِبْعَة من الرجال، أي متوسطاً: ليس بالطويل البائن ولا بالقصير، وأنه أبيض مُشْرَبٌ بِحُمْرَة كالقمر مستديراً، وله شعر يضرب إلى شحمة أذنه, أو ما بين شحمة أذنه وعاتقه، وأنه عريض المنكبين، وكان ضليع الفم، أي: عظيم الفم، طويل المسربة، أي: أن شعر صدره دقيق وطويل إلى سُرَّته، وكان إذا مشى أسرع كأنما ينْحَطُّ مِن صَبَب، وكان كََثَّ اللحية, وتُوُفِّيَ وليس في شعر رأسه ولحيته إلا عشرون شعرة بيضاء. صلوات الله وسلامه عليه ،نسأل الله أن يجعلنا من أتباعه ظاهراً وباطنا، ونسأله أن يحشرنا في زمرته،وأن يجعلنا ممن يَرِدُ حوضه فنشرب منه شربة هنيئة لا نظمأ بعدها أبدا ، ألا وصلوا وسلموا ـ رحمكم الله ـ عليه كما أمركم بذلك المولى العزيزُ الرحيم، فقال تعالى قولاً كريما: ((إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيّ يٰأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا))

المشرف العام
15-05-2013, 20:48
جزاك الله خيرا ياشيخنا . .