المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عاشوراءءءء1434هـ



الشيخ/عبدالله السالم
23-11-2012, 07:19
الحمدُ لله ،قدَّمَ من شاءَ بفضلِهِ ، وأخرَّ من شاءَ بعدلِهِ ، هو الكريمُ الوهابُ ، هازمُ الأحزابِ ، ومنشئُ السحابِ ، ومنزلُ الكتابِ ، ومسببُ الأسبابِ ، وخالقُ الناسِ من ترابٍ ، هو المبدءُ المعيدُ ، الفعالُ لمايُريدُ ، جلَّ عن أتخاذِ الصاحبةِ والولدِ ، ولم يكنْ له كفواً أحدٌ ، أشهدُ أن لا إلهَ إلا هوَ ، وحدَهُ ولا شريكَ له ، ( لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) ، وأشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسولُهُ صلى اللهُ عليه ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسلم تسليماً كثيراً: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) ( يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ) : أما بعد أيها الأحبة في الله : فإنَّ من نعمِ اللهِ على عبادِهِ أن اختصَّ بعضَ الأزمنةِ والأمكنةِ بمزيدِ عنايةٍ وفضلٍ ، ليزدادَ من اغتنمَها ورعى حُرمتَها إحساناً ، ويبوءَ من غفلَ عنها وأهملَها خيبةً ونقصاناً . أَلاَ وإنَّ من تلكَ الأزمنةِ الفاضلةِ ، التي أنعمَ اللهُ بها على أمةِ محمدٍ ، r ، شهرُ اللهِ الحرامَ ، الذي هوَ أحدُ الأشهُرُ الْحُرمِ ، التي نهانا اللهُ أن نظلمَ فيهنَّ أنفسَنا ؛ لأنها آكدُ وأبلغُ في الإثمِ من غَيرِها . قال ابنُ عباسٍ رضي اللهُ عنه في قولِهِ تعالى (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ )قال رضي الله عنهُ ، [لا تَظلِمَُوا أنفسكم في كُلِّهن ، ثم اختصَّ من ذلك أربعةَ أشهرٍ، فجعلهنَّ حرامًا، وعظّمَ حُرمَاتِهنّ ، وجعلَ الذنبَ فِيهنَّ أعظمَ ، والعملَ الصالحَ بالأجرِ أعظمَ]، لقد كانَ أهلُ الجاهليةِ يسمونَ شهرَ اللهِ الْمُحَرَّمِ ، شهرَ اللهِ الأصمَّ ، لشدةِ تحريمِهِ ، قال عثمانُ الهنديُ: "كانوا يُعَظِّمونَ ثلاثَ عشراتٍ: العشرَ الأواخرِ من رمضانَ، والعشرَ الأولَ من ذي الحجةِ ، والعشرَ الأولَ من المحرمِ". قال ابنُ رجبٍ رحمه اللهُ: "من صامَ من ذي الحجةِ ، وصامَ من المحرمِ ، ختمَ السنةَ بالطاعةِ وافتتَحها بالطاعةِ، فيرجى أن تُكتبَ له سَنَتُهُ كلُّها طاعةً، فإنَّ من كانَ أوّلُ عملِهِ طاعةً ، وآخرُهُ طاعةً ، فهو في حُكمِ من استغرقَ بالطاعةِ ما بين العمَلينِ"، ومن فضائلِ شهرِ اللهِ المحرمِ أنه يُستحبُ الإكثارُ فيه من صيامِ النافلةِ ، ففي الحديثِ عن النبيِّ r { أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ وَأَفْضَلُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلاَةُ اللَّيْلِ } رواه مسلمٌ. "ومِمَّا اختصَّ اللهُ بهِ هذا الشهر ، يومُهُ العاشرُ وهو عاشوراء ، هذا اليومُ الَّذي احتسبَ النبيُّ r على اللهِ ، أن يُكفّرَ لمن صامَهُ السنةَ التي قبلَهُ ، فعن أبي قتادةَ رضي اللهُ عنه ، أن رجلاً سألَ النبيَّ r عن صيامَ عاشُوراءَ فقالَ r{ صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِى قَبْلَهُ } رواه مسلم.وقد صامَهُ النبيُّ r تعظيمًا لهذا اليومِ ، وهو يومٌ مباركٌ معظمٌ منذ القدمِ ، فاليهودُ أتباعُ موسى عليهِ السلامُ ، كانوا يُعَظِّمونَهُ ويصومونَهُ ويتخذونَهُ عيدًا، وذلك لأنه اليومُ الذي نجّى اللهُ فيهِ موسى عليهِ السلامُ من فرعونَ ، وفي الحديث عن ابنِ عباسٍ رضي اللهُ عنهما قالَ: قَدِمَ النَّبِىُّ r الْمَدِينَةَ ، فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ ، فَقَالَ { مَا هَذَا } قَالُوا هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِى إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ ، فَصَامَهُ مُوسَى ، قَالَ {فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ } فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ.أخرجه البخاري. وكذلك النَّصارى كانَ لهم حظٌّ من تعظيمِ هذا اليومِ ، بل قريشٌ على وثَنيّتِها وعبادتِها الأصنامَ ، كانتْ تصومُ يومَ عاشوراءَ وتعظمُهُ ، تقولُ عائشةُ رضي الله عنها: كانتْ قريشٌ تصومُ عاشوراءَ في الجاهليةِ ، فنحنُ أحقُّ بصيامِ هذا اليومِ من أولئكَ ، فهو يومٌ نجى اللهُ فيهِ موسى ، فنحنُ أحقُّ بموسى منهم ، فنصومُهُ تعظيمًا له كما قالَ النبيُّ r ، فصيامُ عاشوراءَ ، وإن لم يُعدَّ واجبًا باتفاقِ جمهورِ العلماءِ ، فهو من المستحباتِ ، التي يَنبغي الحرصُ عليها ، لأمورٍ ، منها أن صيامَهُ يُكَفِّرُ السنةَ الماضيةَ ، كما وردَ في الحديثِ.ومنها أن النبيَّ r كان يتحرى صيامَ هذا اليومِ ، فعن ابنِ عباسٍ رضي اللهُ عنهما ، قَالَ {مَا رَأَيْتُ النَّبِىَّ r يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ ، إِلاَّ هَذَا الْيَوْمَ ، يَوْمَ عَاشُورَاءَ} ، أخرجه البخاري. ومنها وقوعُ هذا اليومِ في شهرِ اللهِ المحرمِ ، الذي يُسنُّ صيامُهُ . ومِنها حِرصُ الصّحابةِ رضوانُ اللهِ عليهم على تصويمِ صِبيانِهم ذلك اليومَ ، تَعويدًا لهم على الفضلِ، فعَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ رضي الله عنها قَالَتْ ، أَرْسَلَ النَّبِىُّ r غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الأَنْصَارِ{ مَنْ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ ، وَمَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا فَلْيَصُمْ } قَالَتْ فَكُنَّا نَصُومُهُ بَعْدُ ، وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا ، وَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ الْعِهْنِ ، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهُ ذَاكَ ، حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الإِفْطَارِ } أيها الأحبة في الله ، إن من فضلِ اللهِ علينا أن وهبَنا بصيامِ يومٍ واحدٍ ، تَكفِيرَ ذنوبِ سنةٍ كاملةٍ ، وهذه الذّنوبُ التي يُكَفِّرُها صيامُ يومِ عاشوراءَ ، هي الذنوبُ الصغائرُ فقط ، أمَّا الكبائرُ فلا تُكفِرُها إلا التّوبةُ وقبولُها ، كما أشارَ إلى ذلك العلماءُ المحققونَ ،كابنِ تيميةَ وغيرِهِ رحمةُ اللهِ على الجميعِ ، بارَكَ اللهُ لي ولكم في القرآن العظيم
الحمد لله حمداً لا ينفد، وأشهد أن لا إله إلا اللهُ الواحد الأحد الفردُ الصَّمَد، وأشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسولُه صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين ، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين: أمّا بعدُ أيُّها الأحبةُ في الله ، فإنَّ النبيَّ r صامَ يومَ عاشوراءَ ، وقالَ { لَئِنْ بَقِيَتُ إِلَى قَابِلٍ لأَصُومَنَّ التَّاسِعَ } والحديثانِ في صحيحِ مسلمٍ، فصامَ عليهِ السلامُ اليومَ العاشرَ فعلاً، وهمَّ بصيامِ التاسعِ، والهمُّ هنا يأتي يحاكي الفعلَ، فهاتانِ مرتبتانِ ثابتتانِ في السُّنةِ : صيامُ التاسعِ والعاشرِ، ففي صيامِ العاشرِ إدراكٌ للفضلِ ، وفي صيامِ التَّاسعِ معه ، تحقيقٌ آكِدٌ لمخالفةِ اليهودِ . وذهبَ بعضُ العلماءِ ، إلى أن مراتبَ صيامِ يومِ عاشوراءَ ثلاثُ مراتبٍ: صيامُ التاسعِ والعاشرِ، أو صيامُ العاشرِ والحاديَ عشرَ، أو صيامُ التاسعِ والعاشرِ والحاديَ عشرَ، وذهبَ فريقٌ من العلماءِ ، إلى زيادةِ مرتبةٍ رابعةٍ وهي صيامُ العاشرِ وحدَهُ. اللهم اجعلنا من أهلِ سُنةِ نبيِّكَ محمدٍ r، وأحينا على الإسلامِ، وأمتنا عليه...اللهم أحينا على التوحيدِ سعداءَ، وأمتْنا على التوحيدِ شهداءَ. ربنا لا تزغْ قلوبَنا بعد إذ هديتَنا وهبْ لنا من لدنْكَ رحمةً إنك أنت الوهابُ. ربنا اغفرْ لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين. يارب العالمين ، اللهمّ صلِّ وسلِّم وزِد وبارك على نبيّنا محمّد، وارضَ اللهمّ عن خلفائه الراشدين.. أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ ، وعن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين ، وعن التابعينَ وتابعِيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ ، وعنَّا معَهم بمنِّكَ وفضلِكَ ورحمتِكَ يا أرحمَ الراحمينَ .اللهم أعزَّ الإسلامَ المسلمينَ ، ودمرْ أعداءَ الدينِ من اليهودِ والنصارى ، وجميعِ الكفرةِ الملحدينَ ، اللهم إنا نسألُكَ ، بعزِّكَ الذي لا يرامُ ، وملكِكَ الذي لا يُضامُ ، وبنورِكَ الذي ملأ أركانَ عرشِكَ ، أن تكفيَنا شرَّ ما أهمَنا وما لا نهتمُ به ، وأن تعيذَنا من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا ، اللهم رَغّبْنا فيما يبقى ، وَزَهّدْنا فيما يفنى ، وهبْ لنا اليقينَ ، الذي لا تسكنْ النفوسُ إلا إليهِ ، ولا يُعوَّلُ في الدينِ إلا عليهِ ، اللهم اجعلْ بَلدَنا هذا آمناً مطمئناً ، وسائرَ بلادِ المسلمينَ ، اللهم أيدْ إمامَنا بتأيدِكَ ، وانصرْ بهِ دينَكَ ، ووفقْهُ إلى هُدَاكَ ، واجعلْ عمَلَهُ في رضاكَ ، وارزقْهُ اللهم البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ ،التي تدلُهُ على الخيرِ ، وتعينه عليه، اللهم أرحمْ موتانا ، وعافي مُبتلانا ، واقضِ الدينَ عن مدينِنا ، وردَّ ضالَنا إليكَ رداً جميلاً ،( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) ،عبادَ اللهِ،( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)( وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)

سالم الظفيري
24-11-2012, 21:22
بارك الله فيك وجزاك خير