المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة الجمعة . صلة الرحم في العيد .



الشيخ/عبدالله السالم
25-10-2012, 15:01
الحمدُ للهِ ، قدَّمَ من شاءَ بفضلِهِ ، وأخرَّ من شاءَ بعدلِهِ ، هو الكريمُ الوهابُ ، هازمُ الأحزابِ ، ومنشئُ السحابِ ، ومنزلُ الكتابِ ، ومسببُ الأسبابِ ، وخَالِقُ النَّاسِ مِن تُرابٍ ، هو المبدءُ المعيدُ ، الفَعَّالُ لمايُريدُ ، جلَّ عن أتخاذِ الصاحبةِ والولدِ ، ولم يكنْ له كفواً أحدٌ ، أشهدُ أَن لا إلهَ إلا هوَ ، وحدَهُ ولا شريكَ له ، ( لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) ، وأشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسولُهُ صلى اللهُ عليه ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسلم تسليماً كثيراً : (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) ( يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ،يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ) أمَّا بعدُ :أيُّها الأحبةُ في الله فَإنَّ صلةَ الرّحمِ تدفَعُ بإذنِ اللهِ نوائبَ الدّهرِ، وترفعُ بأمرِ اللهِ عَنِ الْمَرءِ البَلايا، والقيامُ بصلةِ الرَّحِم برٌّ بالوالدَينِ ، وإن كانوا أمواتًا، جَاءَ رَجلٌ إلى النبيِّ r فقالَ: يا رسولَ اللهِ، هل بقيَ من برِّ أبويَّ ، شيءٌ أبرُّهما به بعد مٌوتِهما؟ قالَ: {نعمْ، الدعاءُ لهما، والاستغفارُ لهما، وإنفاذُ عهدِهما مِن بعدِهما، وصِلةُ رحمِكَ التي لا رَحِمَ لك إلاّ من قِبَلِهما} رواه أبو داودَ، يقولُ عمروُ بنُ دينارٍ: "مَا مِنْ خُطوةٍ بعدَ الفريضةِ ، أعظمُ أجرًا ، من خُطوةٍ إلى ذي الرّحمِ". ثوابُها مُعَجَّلٌ في الدُّنيا ، ونعيمٌ مدَّخرٌ في الآخرةِ، قالَ r : {ليس شيءٌ أُطِيعُ اللهَ فيه أعْجَلَ ثوابًا من صِلةِ الرحمِ} رواه البيهقيّ ، والقائمُ بحقوقِ ذوي القربَى ، مُوعُودٌ بالجنّةِ، يقولُ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: {أهلُ الجنةِ ثلاثةٌ: ذو سلطانٍ مُقسطٍ، ورجلٌ رحيمٌ رقيقُ القلبِ بكلِّ ذي قُربى ومُسلمٍ، ورجلٌ غنيٌّ عفيفٌ متصدِّقٌ} رواه مسلم ، بصلةِ الأقاربِ تقوَى المودَّةُ ، وتَزِيدُ المحبَّةُ ، وتتوثَّقُ عُرى القرابةِ ، وتزولُ العداوةُ والشّحناءُ، فيها التعارفُ والتواصلُ ، والشعورُ بالسّعادةِ...صِلةُ الرّحمِ والإحسانُ للأقربينَ ، طُرقُها مُيسَّرةٌ ، وأبوابُها مُتعدِّدةٌ، فَمِن بشاشةٍ عِندَ اللّقاءِ ، ولينٍ في المُعاملةِ ، إلى طيبٍ في القولِ وطلاقةٍ في الوجهِ ، زِياراتٌ وصِلاتٌ، مشاركةٌ في الأفراحِ، ومُواساةٌ في الأتراحِ ، وإِحسَانٌ إلى المحتاجِ، وبذلٌ للمعروفِ ، ولا يكنْ أهلُك أشقى الخلقِ بك ، صلةُ الرّحمِ ، أَمارةٌ على كَرَمِ النّفسِ ، وطيبِ المنبَتِ ، وحُسنِ الوَفاءِ،والكُلُّ يعلَمُ ويقولُ عليهِ الصلاةُ والسلام ، كما في الصحيحِ عن أنسِ بنِ مالكٍ ـ رضي الله عنه { من سرَهُ أن يُبسَطَ له في رزقِهِ} أي : يوسعَ له في رزقِهِ ، {ويُنسأَ له في أَثَرِهِ } ( فليصلْ رحمَهُ ) ، فأينَ أكثرُ النَّاسِ عن هذا الحديثِ ، إطالةُ العمرِ ، وكثرتُ الرزقِ ، مطلبُ كثيرِ من الناسِ ، فأين هم عن هذا الحديثِ العظيمِ . منهم من قطعَ أرحامَهُ خوفاً على دراهِمِهِ ، وما علمَ المسكينُ ، أن بصلَتِِِِِِِِِِِهِم زيادةً في رزقِهِ ، وفي الحديثِ عن ابنِ عباسٍ رضي اللهُ عنهما أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال :{ إن اللهَ ليعمرُ بالقومِ الديارَ ، ويثمرُ لهم الأموالَ ، وما نظرَ إليهم منذ خلقَهَم بغضاً لهم} قيل : وكيف ذلك يا رسولَ اللهِ ؟ قـــال : { بصلتِهِم لأرحامِهِم } فحريٌ بالمسلمِ ، الذي رضيَ باللهِ رباً وبالإسلامِ ديناً ، أن لا يتأخرَ عن صلةِ أرحامِهِ ، وأن يحذرَ حذراً شديداً من القطيعةِ ، لأن القطيعةَ شأنُها أيضاً عظيمٌ ، وأي شيءٍ أعظمُ أيها الأخوةُ من عدمِ قبولِ العملِ !! القاطعُ والعياذُ باللهِ ـ يعملُ الأعمالَ ولا تُقبلُ منه نسألُ اللهَ العافيةَ . ففي الحديثِ الصحيحِ عن أبي هريرةَ ـ رضي اللهُ عنه قال : قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم :{ إن أعمالَ ابنَ آدمَ تُعرضُ كلَ خميسٍ ليلةَ الجمعةِ فلا يُقبلُ عملُ قاطعِ رحمٍ} فاللهَ اللهَ أيها الأخوةُ في الله ، بصلةِ الأرحامِ ، ومن فضلِ اللهِ أن تيسرتْ سبلُ ذلك ، فبأقلِ جهدٍ ، وبأقلِ وقتٍ يستطيعُ الواحدُ منا ، أن يصلَ جميعَ أرحامِهِ دونَ مشقةٍ أو كلفةٍ اسألُ اللهَ لي ولكم علماً نافعاً ، وعملاً خالصاً ، وسلامةً دائمةً ، أقولُ قولي هذا وأستغفرُ اللهَ لي ولكم من كلِ ذنبٍ فاستغفروه إنه هو الغفورُ الرحيمُ .


الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، صلى الله وسلم وبارك عليه ، وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين ، أمَّا بعدُ :أيُّها الأحبةُ في الله ، أيّها الأحبةُ، إنّ ذوي الرّحِمِ غَيرُ معصومينَ، يتعرّضونَ للزّلَلِ، ويقَعونَ في الخَللِ، وتصدُرُ منهم الهَفوةُ، ويقَعونَ في الكبيرةِ، فإن بَدَرَ منهم شيءٌ من ذلك ، فالزَمْ جانبَ العفوِ معهم، فإنَّ العفوَ من شِيَمِ المحسنين، وما زادَ اللهُ عبدًا بعفوٍ إلاّ عِزًّا، وقابِلْ إساءَتَهم بالإحسانِ، واقبلْ عُذرَهم إذا أَخطَئُوا، لقد فعلَ إخوةُ يوسفَ مع يوسفَ ما فعلوا، وعندما اعتذروا ، قَبِلَ عُذْرَهم وصفَحَ عَنهُم الصَّفحَ الجميلَ ، ولم يوبِّخْهم ، بل دَعَا لَهُم وسألَ اللهَ المغفرةَ لهم ، وقالَ: (لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ يَغْفِرُ ٱللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ ٱلرحِمِينَ) عباد الله صلّوا على المعصومِ عليهِ أفضلُ الصلاةِ وأتمُّ التسليم ، فقد أمركم الله بذلِكَ بقولهِ سُبحانَه ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) اللهم صلِّ وسلمْ وأنعمْ وأكرمْ وزدْ وباركْ ، على الهادي البشيرِ ، والسراجِ المنيرِ ، الذي يقولُ { حيثما كنتم فصلوا عليَّ فإنَّ صلاتَكم تبلُغُني }ويقولُ بأبي هو وأمي { من صلى علي صلاةً صلى اللهُ عليه بها عشراً } اللهم صلِّ وسلمْ وأنعمْ وأكرمْ وزدْ وباركْ ، على عبدك ورسولك محمد ، وارضَ اللهم عن أصحابِهِ الأطهارِ ، ما تعاقبَ الليلُ والنهارُ ، أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ ، وعن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين ، وعن التابعينَ وتابعِيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ ، وعنَّا معَهم بمنِّكَ وفضلِكَ ورحمتِكَ يا أرحمَ الراحمينَ .اللهم أعزَّ الإسلامَ المسلمينَ ، ودمرْ أعداءَ الدينِ من اليهودِ والنصارى ، وجميعِ الكفرةِ الملحدينَ ، اللهُم اعطْنا ولا تحرمْنا ، وجُدْ علينا بكريمِ نوالِكْ ، وتتابُعِ حفظانِكْ ، اللهُم خُذْ بأيدينا إلى ما تحبُ وترضى ، اللهُم زكِّ أقوالَنا وأعمالَنا وعُقولَنا ، واهدْنا ويسرْ الهدى لنا اللهُم يا منْ لا يُعاجلُ بالعقوبهْ ، ألهمْنا حُسنَ التُوبةِ إليكْ ، وجميلَ التوكلِ عليكْ ، وعظيمَ الزُلفى لديكْ ، نحن بكَ وإليكْ ، تباركتْ ربَّنا وتعاليتْ ، فيا أهلَ المغفرةِ إغفرْ لنا ، ويا أهلَ التقوى إستعملْنا في طاعتكْ ، ويا مُقلبَ القلوبِ ثبتْ قلوبَنا على دينِكْ ، اللهم احفظْ بلادَنا وولاةَ أمرِنا وعلماءَنا ودُعاتَنا ، اللهم وحِّدْ كلمتَنا وقوي شوكتَنا ياربَّ العالمينَ ، واجعلْ هذا البلدَ رخاءً سخاءً ، وسائرَ بلادِ المسلمين يا ربَّ العالمين ، عبادَ الله (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النحل:90) (وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)(العنكبوت: من الآية45)