المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نهاية الظلم والظالم



الشيخ/عبدالله السالم
13-04-2012, 13:42
إن الْحَمْد لِلَّهِ، نحمده ونَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ومن سيئات أعمالنا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وحدَهُ لا شريك له ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ( ، ) يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (، ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا(أما بعدُ ، أيُّها الأحبةُ في اللهِ : فإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ ، حَرَّمَ الظلمَ على نفسهِ ، وجعلَه بين العباد مُحرَّمًا ، فقالَ في الحديثِ القدسي ، كما عند مسلم في صحيحه من حديثِ أَبِي ذَرٍّ t{ يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا}وأخبرَ سُبحانه أنه لا يُحبُّ الظالِمَ، ونفى الفلاح عن الظالِم ، ووعدَ بقطعِ دابرِه، ولا يَدُومُ على نُصرتِهِ أحدٌ ، قال سبحانه: (وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) [البقرة: 270].بل يُسلِّطُ اللهُ عليه ظالمًا أقوى منه، كما قال سبحانه: (وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) [الأنعام: 129] قال ابن كثير رحمه الله: "أي: نُسلِّطُ بعضَهم على بعضٍ، ونُهلِكُ بعضَهم ببعضٍ، وننتقمُ من بعضِهم ببعضٍ؛ جزاءً على ظُلمهم وبغيِهم".والله توعَّدَه بسُوء المُنقلَبِ، فقال: (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) [الشعراء: 227] قال شُريحٌ رحمه الله: "إن الظالمَ ينتظرُ العقابَ، والمظلومَ ينتظرُ النصرَ".والظالمُ أيامُه في الدنيا معدودةٌ، ولكنَّ الله يُمهِلُه؛يقولُ جلَّ شأنه: (فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا) [مريم: 84].ومن طالَ عُدوانُه زالَ سُلطانه؛ قال جل وعلا: (وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ) [الأنبياء: 11]. قال ابن القيم رحمه الله: " إذا أراد اللهُ أن يُهلِكَ أعداءَه ويمحقَهم قيَّضَ لهم الأسبابَ التي يستوجِبُون بها هلاكهم ومحقهم، ومن أعظمها بعد كُفرهم: بغيُهم وطغيانُهم ومُبالغتُهم في أذى أوليائه ومُحاربتِهم وقتالهم والتسلُّطِ عليهم".واللهُ ذكرَ في كتابه ظالمين وسُوءَ عاقبتِهم، وأخبرَ أنه جعلهم عبرةً لغيرهم؛ ففرعون طغَى وعاثَ في الأرض فسادًا؛ قال سبحانه عنه: (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) [القصص: 4]. بل تطاوَلَ على الربِّ وأنكرَه وقالفَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى) (طـه:49)وقالَ في موطنٍ آخر(أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى) [النازعات: 24]، وافتخرَ بجرَيَان الماء من تحتِ قدمَيْه وكان يقول: (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي) [الزخرف: 51].والله له بالمِرصاد، يُمهِلُه ولم يُهمِله، فأجرَى الماءَ من فوقه وأغرقَه به، وقال له ساعةَ هلاكه: (فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً) [يونس: 92]. وأخبرَ أن تلاطُمَ أمواج البحر من فوقه حين هلاكه كان أمرًا مهُولاً، فقال: (فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى *إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى) [النازعات: 25، 26].وشُعيبٌ عليه السلام دعا قومَه إلى الإسلام، ونهاهُم عن ظُلم الناس، وقال لهم: (أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) [هود: 85]، فسخِروا به وقالوا له: (أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ) [هود: 87]، فأرسلَ الله عليهم نارًا أحرقَتهم وأحرقَت أموالَهم التي اكتسبُوها بالظُّلم، قال سبحانه: (فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ) [الشعراء: 189]؛ أي: النار المُحرِقة النازلةِ عليهم من السماء، (إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ)وثمودُ كان ذنبُهم مع الشركِ عقرَ بهيمةٍ جعلَها الله لهم آيةً، فأرسلَ عليهم صيحةً قطَّعَت قلوبَهم. قال شيخُ الإسلام رحمه الله: "فمن انتهَكَ محارِمَ الله واستخفَّ بأوامره ونواهيه، وعقرَ عبادَه وسفكَ دماءَهم كان أشدَّ عذابًا منهم". وقد يُرسِلُ الله جنودًا من عنده لإهلاك المُعتدين ؛ فأبرهةُ أتى بجيشٍ من اليمن لهدمِ الكعبةِ، مُصطحِبًا معه أقوى الحيوانات الفيل، فسلَّطَ اللهُ عليه أضعفَ الحيوانات الطيورَ، وجعلَ كيدَهم في تضليلٍ.وإذا حصلَ قتلٌ وجراحٌ في المُسلمين كما في أُحُدٍ فالعاقبةُ لهم؛ قال سبحانه: (فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ) [هود: 49]ولَئِن خُذِل المُسلمون فهم المُنتصِرون ، ولئن قُتِلوا فهم الغالِبون ، ولئن شُرِّدوا فهم المُؤيَّدون، وما تعلَّقَ أحدٌ بالله فخُذِل، وما لجأَ إليه أحدٌ إلا نُصِر.يقولُ سُبحَانه (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ *وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ) [القصص: 5، 6]
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم،
ونفعني الله وإياكم بما فيه من الآياتِ والذكرِ الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم


الحمد لله على إحسانه، والشكرُ له على توفيقِهِ وامتِنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا مزيدًا.أيها المسلمون، التاريخُ مليءٌ بالعِظاتِ والعِبَر، زاخِرٌ بالحَوادِثِ والقصص، وفي معرفةِ أحوال الأُمم وعاقبة الظلم والظالمين عِبرةٌ لأُولي الألباب، والسعيدُ من وُعِظَ بغيره، وسِيَرُ المُسرفين وعاقبةُ الظالمين ومآلاتُ المُجرمين عِبرةٌ لمن عرفَ الله حقَّ المعرفة، وآمنَ بأنه على كل شيءٍ قديرٌ؛ قال عز وجل: (فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) [العنكبوت: 40].ونهايةُ كل ظالمٍ وإن طالَتْ آتِيةٌ، والنصرُ مع الصبر، والفَرَجُ مع الكربِ، والعُسرُ يعقُبُه يُسرٌ؛ قال سبحانه: (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا *إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا)كَتَبَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَذْكُرُ لَهُ جُمُوعًا مِنْ الرُّومِ وَمَا يَتَخَوَّفُ مِنْهُمْ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ مَهْمَا يَنْزِلْ بِعَبْدٍ مُؤْمِنٍ مِنْ مُنْزَلِ شِدَّةٍ يَجْعَلْ اللَّهُ بَعْدَهُ فَرَجًا وَإِنَّهُ لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) عبادَ الله صلّوا على من أُمرتم بالصلاةِ والسلامِ عليه ،فَإنَّ اللهَ سُبحانه يقول (إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً) [الأحزاب:56].وقد قالَ عليهِ الصلاةُ والسلام { حيثما كنتم فصلوا عليَّ فإنَّ صلاتَكم تبلغني }وقالَ بأبي هو وأمي{ من صلى علي صلاةً صلى اللهُ عليه بها عشراً } اللهمّ صلّ وسلّم وبارك على عبدك ورسولك محمّد، ورضى اللهم عن الخلفاء ، الأءمة الحنفاء، أبي بكرٍ وعمر ، وعثمان وعلي وعن سائِرِ أصحابِ نبيّك أجمعين ، وعن التابعين ، وتابعيهم بِإحسانٍ إلى يومِ الدّين ، وعنّا معهم ، بمنك وفضلك ورحمتك ، يا أرح الراحمين ، اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين ، وحمي حوزة الدين ، واجعل هذا البلد رخاءً سخاءً ، وسائر بلاد المسلمين يا ربَّ العالمين ، اللهُمَّ آمِنًّا في دورنا ، وأصلح أءمتنا وولاة أُمورنا ، وجعل وليتنا في عهد من خافك واتقاك ، واتبع رضاك ، برحمتك يا أرحم الرحمين ، اللهم عليك ببشار وجنودهِ الأشرار ، اللهم عليك بهم فإنّهم لا يُعجزونك ، اللهم اقذف الرعب في قلوبهم ، وجمّد الدماء في عُروقهم ، وشُلَّ أطرافِهم ، وجعلهم عبرةً للمُعتَبرين ، اللهم احصهم عددا ، وقتلهم بددا ، ولا تُغادر منهم أحدا ،.. اللهم أرِنا فيهم عجائب قدرتك ، وفجائة نقمتك ، وإليمِ عذابك ، إنّك على ذلك قدير وبالإجابةِ جدير ، يارب العالمين ، اللهُم انصرإخوننا المسلمين المستضعفينَ المقهورين في سوريا ، واكشف كربتَهُم ، واَحقِنَ دماءَهم ، واَحمي أموالَهُم وأَعراضَهُم ، وثبتَهُم في هذهِ المحنةِ ، يارب العالمين ،اللهُم انصر الجيش الأحرار ، الذين يدافعون عن الصغار والكبار ، اللهم سدد رميهم ، ووحد صفهم ، وجمع على الحقِ كلمتهُم ، ياربَّ العالمين ، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنيين والمؤمنات ، الأحياء منهم والأموات ، اللهم ربنا ( آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) عباد الله ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) فذكروا الله العظيم الجليل يذكركم ، واشكروهُ على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله والله يعلم ما تصنعو

http://abosami.com/pro/meen.mp3

التحمـــيل (http://abosami.com/pro/meen.mp3)

[/CENTER]