المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صـفـحـات مـن حـيـاة عـبـاد صـالـحـيـن ( 2 )



رعـد الـمـزون
06-10-2011, 23:08
بـسـمـ الله الـرحـمـنـ الـرحـيـمـ



مـحـمـد بـن سـلـمـة رضـي الله عـنـه


هو محمد بن مسلمة بن سلمة بن خالد بن عدي بن مجدعة

بن حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك الأوسي الأنصاري

ثم الحارثي حليف بني عبد الأشهل

وأمه : أم سهم ، واسمها : خليدة بنت أبي عبيد بن وهب بن لوذان بن عبد ود

بن زيد بن ثعلبة بن الخزرج بن ساعدة بن كعب من الخزرج

وكان يكنى أبا عبد الله ، ولد قبل البعثة باثنتين وعشرين سنة ، وكان مِمَّن سُمِّيَ في الجاهلية محمدا

أسلم بالمدينة على يد مصعب بن عمير، وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين أبي عبيدة بن الجراح

وشهد عـزوة بدر، وغزوة أحدا ، وكان فيمن ثبت مع رسول الله يومئذ حين ولَّى الناس

وشهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما عدا غزوة تبوك التي استخلفه فيها رسول الله على المدينة

رجـل الـمـهـمـات الـصـعـبـة

لن تفقده عند كل مهمة صعبة، دائما في مقدمة الصفوف المقاتلة في سبيل الله والدفاع عن المسلمين

فكان هو قائد حرس معسكر المسلمين على مقربة من مكة ، قبيل توقيع صلح الحديبية بين المسلمين

ومشركي قريش في العام السادس للهجرة، وكانت قريش قد بدأت تفكر جديا في الصلح

فأرادت مجموعة من شباب قريش أن يقطعوا كل طريق للصلح ، وعملوا على فرض القتال على المسلمين

وعلى القرشيين ، فقامت هذه المجموعة وهم حوالي خمسين من المشركين بالتسلل لمعسكر المسلمين ليلا

وكان محمد بن مسلمة ومجموعته في انتظارهم ، فاعتقلهم ، وساق الصيد الثمين إلى رسول الله بعد أن أمكن الله منهم

فأمر صلى الله عليه وسلم بإطلاقهم تأكيدا لنيته في الصلح ، ونزل في ذلك قوله تعالى :

{ وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ ۚ وَكَانَ اللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا ... الفتح : 24 }

ولما بيَّتَ يهود بني النضير قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو بين أيديهم

قالوا : فمن يعلو على هذا البيت فيلقي عليه صخرة ويريحنا منه ؟

فانتدِب لذلك عمرو بن جحاش فقال : أنا لذلك ، فصعد ليلقي عليه صخرة ، والرسول صلى الله عليه وسلم

في نفر من أصحابه فيهم أبو بكر وعمر وعلى رضي الله عنهم ، فأتى رسول الله الخبر من السماء بما أراد القوم

فقام وخرج راجعا إلى المدينة ، وبعث محمد بن مسلمة يأمر بني النضير بالخروج من جواره وبلده

وألا يساكنوه وقد أجلهم عشرة أيام فمن وجده بعد ذلك ضرب عنقه، ثم حاصرهم زمنا حتى قذف الله في قلوبهم الرعب

وخرج اليهود من المدينة إلى خيبر ، وعاد المسلمون من حصار بني النضير أكثر قوة ، ومنعة

بعد فشل الأحزاب ، ورحيلهم عن حصار المدينة المنورة ، رفع النبي صلى الله عليه وسلم شعار :

{ الآن نغزوهم ولا يغزوننا } فوجه السرايا الإسلامية لعقاب الذين شاركوا في حصار المسلمين

وكانت أولى هذه الحملات هي سرية محمد بن مسلمة رضي الله عنه إلى منطقة تعرف بالقرطاء

على بُعد أكثر من ثلاثمائة كيلومتر من المدينة المنورة ، وكانت هذه السرية موجهة إلى

بطن بني بكر بن كلاب وكانت من قبائل نجد التي اشتركت في حصار المدينة في غزوة الأحزاب

وكانت السرية تضم ثلاثين فارسا ، وقد ألقى الله عز وجل بهم الرعب في قلوب بني بكر

ففروا وتفرقوا في الصحراء ، وقتل منهم عشرة ، وساق ابن مسلمة وسريته عددا كبيرا من الإبل

والشاء بلغ مائة وخمسين من الإبل ، وثلاثة آلاف من الشاء ، وزادت هيبة المسلمين ، وارتفعت معنوياتهم

ولم تكن هذه السرية أولى السرايا التي قادها محمد بن مسلمة، ولا كانت آخرها ، فقد بعثه صلى الله عليه وسلم

على رأس خمس عشرة سرية ، وكان ابن مسلمة يفخر بذلك

ويقول : يا بَـني سلوني عن مشاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم

فإني لم أتخلف عنه في غزوة قط إلا واحدة في تبوك خلفني على المدينة

وسلوني عن سراياه صلى الله عليه وسلم فإنه ليس منها سرية تخفى علي إما أن أكون فيها ، أو أن أعلمها حين خرجت

عـن جـابـر بـن عـبـد الله رضي الله عـنـهـمـا قـال :

قـال رسـول الله صلى الله عـلـيـه وسـلـم :

(( مـن لـكـعـب بـن الأشـرف ( يـهـودي ) فـإنـه قـد آذى الله ورسـولـه ؟ ))

فـقـام مـحـمـد بـن سـلـمـة رضي الله عـنـه فـقـال : يـا رسـول الله ، أنـا لـك بـه

قـال صلى الله عـلـيـه وسـلـم : (( نـعـم ، فـافـعـل إن قـدرت عـلـى ذلـك ))

قـال مـحـمـد بـن سـلـمـة : فـأذن لـي أن أقـول شـيـئـا

قـال صلى الله عـلـيـه وسـلـم : (( قـل ))

فـمـكـث مـحـمـد بـن سـلـمـة ثـلاثـا لا يـأكـل ولا يـشـرب ، إلا مـا يُـعـلِـق بـه نـفـسـه

فـذُكِـر ذلـك لـلـنـبـي صلى الله عـلـيـه وسـلـم فـدعـاه وقـال لـه : لـم تـركـت الـطـعـام والـشـراب ؟

قـال مـحـمـد : يـا رسـول الله ، قـلـت لـك قـولا ، لا أدري هـل أفِـي لـك بـه أم لا ؟

قـال صلى الله عـلـيـه وسـلـم : إنـمـا عـلـيـك الـجـهـد

فـخـرج مـحـمـد بـن سـلـمـة ومـعـه أبـو نـائـلـة وهـو أخـو كـعـب مـن الـرضـاعـة

ورجـل آخـر ، ومـشـى مـعـهـم رسـول الله صلى الله عـلـيـه وسـلـم إلـى بـقـيـع الـغـرقـد

ثـم وجـهـهـم وقـال : انـطـلـقـوا عـلـى إسـم الله ، الـلـهـم أعِـنـهـم

فـأتـى مـحـمـد بـن سـلـمـة والـرجـلان إلى كـعـب بـن الأشـرف

فـقـال مـحـمـد لـكـعـب : إن هـذا الـرجـل ( أي الـنـبـي ) قـد سـألـنـا صـدقـة

وإنـه قـد عـنَّـانـا ( أتـعـبـنـا ) وإنـي قـد أتـيـتـك أسـتـسـلـفـك ( أسـتـقـرضـك )

قـال كـعـب : وأيـضـا ، والله لـتـمـلُّـنَّـه ( مـن الـمـلـل والـسـآمـة ) ! !

قـال مـحـمـد بـن سـلـمـة : إنَّـا قـد اتـبـعـنـاه فـلا نـحـب أن نـدعـه حـتـى نـنـظـر

إلـى أي شـيء يـصـيـر شـأنـه ، وقـد أردنـا أن تـسـلـفـنـا وَسَـقـا أو وسَـقـيـن

قـال كـعـب : نـعـم ، أرهـنـونـي

قـال مـحـمـد بـن سـلـمـة : أي شـيء تـريـد ؟

قـال كـعـب : ارهـنـونـي نـسـاؤكـم !

قـال مـحـمـد بـن سـلـمـة كـيـف نـرهـنـك نـسـاءنـا وأنـت أجـمـل الـعـرب !

قـال كـعـب : فـارهـنـونـي أبـنـاءكـم !

قـال مـحـمـد بـن سـلـمـة : كـيـف نـرهـنـك أبـنـاءنـا ؟

فـيُـسـب أحـدهـم فـيـقـال رُهِـنَ بـوسـق أو وسـقـيـن

هـذا عـار عـلـيـنـا ! ! ولـكـن نـرهـنـك اللآمـة ( الـسـلاح )

فـواعـده كـعـب أن يـأتـيـه ليـلا

فـجـاءه مـحـمـد بـن سـلـمـة لـيـلا ومـعـه الـرجـلان ، فـدعـاهـم إلـى الـحـصـن ونـزل إلـيـهـم

قـالـت زوجـة كـعـب : أسـمـع صـوتـا كـأنـه يـقـطـر مـنـه الـدم ! أيـن تـخـرج هـذه الـسـاعـة ؟

قـال كـعـب : إنـمـا هـو مـحـمـد بـن سـلـمـة وأخـي أبـو نـائـلـة إن الـكـريـم لـو دُعِـيَ إلـى طـعـنـة بـلـيـل لأجـاب ! !

قـال مـحـمـد بـن سـلـمـة لـمـن مـعـه : إذا مـا جـاء كـعـب فـإنـي قـائـل بـشـعـره فـأشـمَّـه

فـإذا رأيـتـمـونـي إسـتـمـكـنـت مـنـه فـدونـكـم فـاضـربـوه

فـنـزل إلـيـهـم كـعـب مـتـوشـحـا يـفـوح مـنـه الـطـيـب

فـقـال مـحـمـد بـن سـلـمـة لـكـعـب : مـا رأيـت كـالـيـوم ريـحـا ــ أي طِـيـبًـا

قـال كـعـب : عـنـدي أعـطـر نـسـاء الـعـرب وأكـمـل الـعـرب ! !

قـال مـحـمـد بـن سـلـمـة : أتـأذن لـي أن أشـم رأسـك ؟ !

قـال كـعـب : نـعـم

فـشـمَّـه مـحـمـد ، ثـم أشَـمَّ أصـحـابـه ، وقـال أتـأذن لـي أشـمَّـه مـرة أخـرى

قـال كـعـب : نـعـم

فـلـمـا اسـتـمـكـن مـنـه مـحـمـد قـال لـلـرجـلان : دونـكـم ،،، فـقـتـلـوه

وكـان رسـول الله صلى الله عـلـيـه وسـلـم قـام تـلـك الـلـيـلـة يـصـلـي كـعـادتـه

فـلـمـا عـادوا ووصـلـوا إلـى بـقـيـع الـغـرقـد ، كـبَّـروا ، فـلـمـا سـمـع

صلى الله عـلـيـه وسـلـم تـكـبـيـرهـم كـبَّـر وعـرف أن قـد قـتـلـوه

فـلـمـا انـتـهـوا إلـيـه قـال : أفـلـحـت الـوجـوه

فـقـالـوا : ووجـهـك يـا رسـول الله

فـحـمـد الله عـلـى قـتـل كـعـب

ولـمـا أصـبـحـوا جـاءت يـهـود مـذعـوريـن إلـى الـنـبـي صلى الله عـلـيـه وسـلـم

فـقـالـوا : قُـتِـل سـيـدنـا غـيـلـة ( خـفـيـة وخـديـعـة )

فـذكَّـرهـم الـنـبـي صلى الله عـلـيـه وسـلـم مـا كـان يـصـنـع كـعـب ضـد الـمـسـلـمـيـن

ومـا كـان يُـحـرِّض عـلـيـه ويـؤذي الـمـسـلـمـيـن ، فـخـافـوا ولـم يـنـطـقـوا

الـمـفـتـش الـعـام فـي مـتـابـعـة أعـمـال الـولاة

ومن أشهر مواقفه كذلك ما كان مع الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي استعان بمحمد بن مسلمة

في متابعة الولاة ، ومحاسبتهم ، والتأكد من الشكاوى التي تأتي ضدهم

فكان موقع محمد بن مسلمة كالمفتش العام في دولة الخلافة

ويروى في ذلك كثير من الروايات منها أن عمر رضي الله عنه علم أن سعد بن أبي وقاص وكان واليه على العراق

بنى قصرا له في الكوفة ، وبلغ عمر أن سعدا قال { وقد سمع أصوات الناس من الأسواق }

سكنوا عني الصويت ( النداء ) وجعل على القصر بابا ، فبعث محمد بن مسلمة إلى الكوفة

يقول الراوي : وكان عمر إذا أحب أن يُؤتَى بالأمر كما يريد بعثه

وكانت مهمته محددة حسب أوامر أمير المؤمنين : أن يحرق باب القصر ثم يرجع

فلما قدم أخرج زنده، وأورى ناره وابتاع حطبا بدرهم

وقيل لسعد إن رجلا فعل كذا ، وكذا ، ولما وصفوه له عرفه وقال : ذاك محمد بن مسلمة فخرج إليه

فقال محمد : إنه بلغ أمير المؤمنين عنك أنك قلت : انقطع الصويت

فحلف سعد بالله ما قال ذلك

فقال : نؤدي عنك الذي تقوله ونفعل ما أمرنا به ، فأحرق الباب

وأقبل سعد يعرض على ابن مسلمة أن يزوده فأبى ثم ركب راحلته يريد المدينة

فوصلها، ولم تستغرق رحلته منها إلى الكوفة ذهابا وإيابا غير تسع عشرة يوما وليلة

قدم بعدها على عمر ، فقال لـه : لولا حسن الظن بك لرأينا انك لم تؤد عنا { من قصر المدة وسرعة الأداء }

فقال محمد : بلى قد فعلت ، وهو أرسل يقرأ السلام ، ويعتذر، ويحلف بالله ما قاله ، فصدقه عمر

ومن مهامه التي أرسله عمر إليها ، محاسبة الولاة على ثرواتهم وأموالهم ، ومن ذلك ما جرى مع عمرو بن العاص والي مصر

وكانت مهمة محمد بن مسلمة أن يقاسمه ماله، فأهدى إليه عمرو بن العاص هدية فردها ، فغضب عمرو

وقال : يا محمد لم رددت هديتي فقد أهديت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدمي من ذات السلاسل فقبل

فقال له محمد : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبل بالوحي ما شاء، ويمنع ما شاء

ولو كانت هدية الأخ لأخيه لقبلتها ، ولكنها هدية إمام شر من خلفها

فقال عمرو : قبح الله يوما صرت فيه لعمر بن الخطاب واليا ، والله لقد رأيت العاص بن وائل ( يقصد أباه )

يلبس الديباج المزرر بالذهب ، وإن الخطاب ليحمل الحطب بمكة على حماره

فقال له محمد بن مسلمة : أبوه وأبوك في النار ، وعمر خير منك ، ولولا اليوم الذي أصبحت تذم

لألفيت مُعـتـقِـلا عـنـزا يسرُّك غُـزرُها ويسوؤك بكرُها

( والمقصود أنه لولا هذا اليوم الذي تذمه الآن لكنت في بيتك لا شغل لك غير الإمساك بعنزة

تنتظر أن تدر عليك من لبنها يسرك أن يكون لبنها غزيرا ويسوؤك ذكرها الذي لا لبن له )

فقال عمرو : هي فلتة المُغـضِـب ، وهي عندك أمانة ، ثم أحضره ماله فقاسمه ، حتى قسم نعليه

عـن جـابـر بـن عـبـد الله رضي الله عـنـهـمـا قـال :


وفـاتـه رضي الله عـنـه

عاش قويا في الحق ثابتا عند الملمات، شجاعا لا يخشى في الحق لومة لائم

وقد سأله عمر بن الخطاب : كيف تراني يا محمد ؟

فقال :

أراك والله كما أحب ، وكما يحب من يحب لك الخير ، أراك قويا على جمع المال ، عفيفا عنه

عدلا في قسمه ، ولو مِلتَ عـدلناك كما يُعـدل السهم في الثقاف ! !

فقال عمر : هـــاه

فكررها محمد : لو ملت عدلناك كما يُعدل السهم في الثقاف

فقال عمر : الحمد لله الذي جعلني في قوم إذا ملت عدلوني

أعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفا وأوصاه :

{ قاتل به المشركين ما قاتلوا فإذا رأيت المسلمين قد أقبل بعضهم على بعض

فائت أحُدا ( جـبـل أحـد )فاضربه به حتى تقطعه


ثم اجلس في بيتك حتى تأتيك يد خاطئة أو منية قاضية
}

وظل على وصية حبيبه صلى الله عليه وسلم



فاعتزل الفتن وأقام بالربذة حتى اقتحم عليه المنزل شقي من أهل الأردن فقتله

سنة ثلاث أو اثنتين وأربعين




ودفن إلى جانب أبي ذر بالربذة

سالم الظفيري
08-10-2011, 14:03
تسلم اخوي رعد

لك تحياتي

جمران
10-10-2011, 20:15
جزاك الله خير الجزاء

رعـد الـمـزون
12-10-2011, 20:57
تسلم اخوي رعد





لك تحياتي



سـلـمـكـ الله وحـفـظـكـ

احـتـرامـي وتـقـديـري لـكـ ،،، أخـي الـفـاضـل

رعـد الـمـزون
12-10-2011, 20:59
جزاك الله خير الجزاء

جـزاكـ الله خـيـر وبـاركـ فـيـكـ
احـتـرامـي وتـقـديـري ،،، أخـي الـفـاضـل