المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الرسولُ بين النّاس



الشيخ/عبدالله السالم
06-05-2011, 13:18
الْحَمْدُ لِلَّهِ القائلُ(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) وأَشهدُ أنْ لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ ، عدد ما كانَ وما يكونُ ، وما تسرونَ وما تعلنونَ ، وأَشهدُ أنَّ نبينا محمداً عَبدُ اللهِ ورسولُهُ وصفيُّهُ وخليله ، وخيرته مِنْ خلقِهِ ، وأمينه على وحيه ، اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَى نبينا محمدٍ وعلَى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدِّينِ. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) أما بعد : أيها الأخُوةُ في الله : لقَدْ خلق الله عز وجل الكلام وجعلَ الكلمةَ مرتقا للإحساس ، ورسولاً بينَ الناسِ ، تصِلُ مَا بينَهُمْ ، وترجمانًا تُظهِرُ مشاعرَهُمْ ، ودليلاً علَى نواياهُمْ ، ومما امتَنَّ اللهُ تعالَى علَى عبادِهِ أن خَلْقَ اللسانَ ، إذ هُوَ مُظْهِرُ الكلمةِ وعلامةُ الهدايةِ قالَ سبحانَهُ وتعالى :( أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ* وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ* وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ) جعلَ اللهُ سبحانَهُ لصاحِبِ الكلامِ ، عظيمَ الثوابِ ، أَوْ أليمَ العقابِ ، بقدْرِ مَا يَترتَّبُ علَى كلامِهِ مِنْ منافِعَ أَوْ مضارَّ ، ومِنْ خيرٍ أَوْ شرٍّ، وأَمَرَ المسلمَ أَنْ لاَ يستهينَ بلسانِهِ فيطلقَهُ ، ويتكلَّمَ مِنْ غيرِ بينةٍ ، ولاَ تدبُّرٍ ولاَ إدراكٍ للعواقبِ، قالَ تعالَى(مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) وقدَ مدَحَ اللهُ تباركَ وتعالَى المؤمنينَ ، الذينَ يبتعدونَ عَنْ فُضولِ الكلامِ وعَنِ اللغْوِ ، فقالَ سبحانهُ وتعالى (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) فالشهادتانِ ، كلامٌ يقولُه الإنسانُ ، فيدخلُ بِه فِي الإسلامِ، وذِكْرُ اللهِ وتسبيحُهُ ، وإلقاءُ السلامِ ، والإصلاح بين الناس ، والكلامُ الطيبُ ، والقولُ الحسَنُ ، كلُّ ذلكَ كلامٌ يتلفَّظُ بِهَ اللسانُ ، كلُّ ذلكَ كلماتٌ لَهَا وَقْعُهَا وتأثيرُهَا ، ولقَدْ حذَّرَ الإسلامُ ، مِنَ الآثارِ السيئةِ للكلامِ ، الذِي لاَ طائلَ مِنْ ورائِهِ ، ومِنَ التحدُّثِ فِي أُمورٍ لاَ تُهمُّ قائِلَهَا، وأَنَّ ذلكَ قَدْ يُوهِنُ الجسمَ ، ويُتعِبُ الفِكْرَ، قالَ مالكُ بنُ دينارٍ رحمه الله [ إذَا رأيْتَ قَساوةً فِي قلبِكَ ، وضَعفاً فِي بدنِكَ ، وحِرماناً فِي رزقِكَ ، فاعْلَمْ أنَّكَ قَدْ تكلَّمْتَ فيمَا لاَ يعنِيكَ ] وهذَا يتوافَقُ معَ العلمِ الذِي أثبَتَ ، أنَّ كثرةَ الكلامِ بغيرِ نفْعٍ ، واللغوَ فِي الحديثِ يستلزِمُ جُهدًا ، يُؤثِّرُ سِلبًا ، علَى طاقةِ الجسمِ وقدراتِهِ وفكْرِهِ ، ومِنْ أجلِ ذلكَ ، تزدادُ المسؤوليةُ علَى اللسانِ ، وعلِى الكلامِ عندَمَا يتعدَّى أمرُهُمَا إلَى الإضرارِ بالآخرينَ ، أوِ بالإساءةِ للغيرِ إمَّا بالنَّميمةِ أَوْ بالغيبةِ ، أَوْ بافتراءِ الكذبِ ، فبكلمةٍ يقولُهَا الرجلُ ، يهدِمُ أُسرةً مُترابطةً ، وعائلةً مُتماسكةً ، فالطلاقُ ، كلمةٌ تُتشتِتُ بِها الأُسرة ، ويَتَشَرَّدُ الأطفال ، وتتمزق اللُّحمة ، وبالكلمة التي لاَ يُبالِي بِهَا صاحبُهَا ، قَدْ تسوءُ العلاقاتُ بينَ الأصدقاءِ والأحبَّةِ والشُّركاءِ ، ونحنُ نعلمُ ، أنَّ الزواجَ والطلاقَ ،والبيعَ والشراءَ والعقودَ ، كلَّهَا كَلِماتٌ ، والكلام كلُّهُ محسوبٌ علَى قائلِهِ ، ومُسَجَّلٌ عليهِ ، ومُؤَاخَذٌ بهِ ، كمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضيَ اللهُ عنهُ عندَمَا سأَلَهُ: وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ ؟ فَقَالَ r:{ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِى النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ- أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ- إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ} إنَّ أعضاءَ الإنسانِ ، أيُها الأحبة ،كلَّهَا تتأثَّرُ بِمَا يصدرُ عَنِ اللسانِ مِنْ كلامٍ ، فتناشدُهُ فِي كلِّ يومٍ كمَا قالَ النَّبيُّ r:{ إِذَا أَصْبَحَ ابْنُ آدَمَ فَإِنَّ الأَعْضَاءَ كُلَّهَا تُكَفِّرُ اللِّسَانَ وَتَقُولُ: اتَّقِ اللَّهَ فِينَا، فَإِنِ اسْتَقَمْتَ اسْتَقَمْنَا، وَإِنِ اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنَا }رواهُ أبو داوود ، لقَدْ أوجَدَ اللهُ سبحانَهُ ، هذَا الكونَ العظيمَ ، بمشيئتِهِ بواسطةِ كلمةٍ ، قالَ عزَّ وجلَّ ( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ) فالبناءُ والمحبةُ والألفة ، مفتاحُهَا كلمةٌ ، بِهَا يرتفِعُ قائلُهَا ، ويعلُو مقامُهُ عندَ اللهِ وعندَ الناسِ، والخرابُ والدمارُ والخصامُ والفُرقةُ ، تكونُ أيضًا بكلمةٍ ، بِهَا تَسقُطُ مكانةُ قائلِهَا ، عندَ اللهِ وعندَ الناسِ، قَالَ النَّبِيُّr{ إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لاَ يُلْقِي لَهَا بَالاً ، يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ ، لاَ يُلْقِي لَهَا بَالاً ، يَهْوِى بِهَا فِى جَهَنَّمَ}رواهُ البخاري ، فالكلمةُ مَسؤوليةٌ كبيرةٌ ، تُوجِبُ علَى كُلِّ ناطقٍ ومتكلمٍ ، أَنْ يتفَكَّرَ ويَعِيَ أبعادَ مَا يقولُ ويتكلَّمُ بهِ ، وخاصةً أولئكَ الذينَ يَتكلَّمُونَ باسمِ الدين ، أو باسم المجتمعات ، أو باسم المفاهيم ، أو أولائك المتكلمون من خلالِ قَنواتِ الإعلام ،سواءً المرئيةَ أوالمسموعة أو المقروءة ، أو في الإنترنت ، وخصوصاً من تَتحوَّلُ كلماتُهُمْ ، إلَى أفكارٍ تُنْشَرُ وتُعْلَنُ، أَوْ كلماتٍ تتعلَّقُ بِهَا مصالِحُ المجتمعِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r:{ الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ} رواه البخاري ، جعلْنَي اللهُ وإيَّاكم منْ ( الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ) بارك الله لي ولكم في القران العظيم


ونفعني وإيّاكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمَعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كلّ ذنب وخطيئة فاستغفِروه، فقد فاز المستغفِرون


الحَمْدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَه، وأَشْهَدُ أنَّ سيِّدَنا محمَّداً عبدُهُ ورسولُهُ، اللهمَّ صلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَى سيدِنَا محمدٍ وعلَى آلِهِ الطيبينَ الطاهرينَ وعلَى أصحابِهِ أجمعينَ، والتَّابعينَ لَهُمْ بإحسانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.أمَّا بعدُ: فاتَّقوا اللهَ عبادَ اللهِ حقَّ التَّقوى, واعلمُوا أنَّ اللسانَ الذِي يُطلقُهُ البعضُ لإِظهارِ سوءاتِ الناسِ وعوراتِهِمْ ، قَدْ يستخدِمُهُ الآخرونَ أيضًا للإساءةِ إليهِمْ ، وإظهارِ مَا خفِيَ مِنْ أسرارِهِمْ، لِسَانَكَ لاَ تَذْكُرْ بِهِ عَوْرَةَ امْرِئٍ فَكُلُّكَ عَوَرَاتٌ وَلِلنَّاسِ أَلْسِنُ فعَلَى المسلمِ أَنْ يُشْغِلَ لسانَهُ بِمَا فيهِ الخيرُ والنفعُ والفائدةُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r { مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْراً أَوْ لِيَصْمُتْ}رواه البخاري . وعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا النَّجَاةُ؟ قَالَ:{ أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ} عباد الله صلّوا وسلّموا على من أمرتم بالصلاة والسلامِ عليه فإنه يقول{ إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِيهِ خُلِقَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَام وَفِيهِ قُبِضَ وَفِيهِ النَّفْخَةُ وَفِيهِ الصَّعْقَةُ فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنْ الصَّلَاةِ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ تُعْرَضُ صَلَاتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرَمْتَ أَيْ يَقُولُونَ قَدْ بَلِيتَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ السَّلَام}اللهم صل وسلّم وأنعم وأكرم وزد وبارك على عبدك ورسولك محمّد ، ورض اللهم عن أصحابه الأطهار ماتعاقب الليل والنهار أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائِرِ أصحابِ نبيّك أجمعين ، وعن التابعين ، وتابعيهم بِإحسانٍ إلى يومِ الدّين ، وعنّا معهم ، بمنك وفضلك ورحمتك ، يا أرحم الراحمين ، اللهم أنصرْ الإسلامَ وأعزَّ المسلمينَ ، اللهم عليك باليهودِ والنصارى المعتدينَ الحاقدينَ ، ومن كرِهَ الإسلامَ والمسلميَن ، اللهم عليك بهم فانهم لا يعجزونَك ، اللهم شتتْ شملَهم وأوهنْ عزمَهُم ، اللهم أرنا بهم عجائبَ قدرتِك ، وفجاءةَ نقمتِك ، وأليمَ عذابِك اللهم احفظْ بلادَنا وولاةَ أمرِنا وعلماءَنا ودُعاتَنا ، اللهم وحِّدْ كلمتَنا وقوي شوكتَنا ياربَّ العالمينَ ، واجعل هذا البلد رخاءً سخاءً آمِناً مُطمَئِناً ، وسائر بلاد المسلمين يا ربَّ العالمين ، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنيين والمؤمنات ، الأحياء منهم والأموات ، اللهم ربنا ( آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)


للاستماع :

http://www.shmmr.net/talal/rasRe1.mp3


للحفظ : ( اضغط هنا ) (http://www.shmmr.net/talal/rasRe1.mp3) .

ابو ضاري
06-05-2011, 20:05
بارك الله فيك شيخنا الفاضل


وجعلها في ميزان حسناتك

طلال
23-05-2011, 17:21
جزاك الله الف خير ، شيخنا ابو سامي

جعلها الله في ميزان حسناتك

تم تحديث الصوت لا حرمنا الله من سماعه


..

سالم الظفيري
24-05-2011, 13:01
جزاك الله خير شيخنا الفاضيل

ونفع في علمك


حفظك الله