المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ( البدع وأهلها) خطبة جمعة الغد 11/1/1432هـ



محمدالمهوس
16-12-2010, 23:45
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله الذي هَدانا للإِسلام، والحمد لله الذي أكمل لنا الدين ، وأتم علينا النعمة، ورضي لنا الإِسلام دينًا (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) وأشهد أنْ لا إلا الله، وحده لا شريك له، ربُّ العالمين، وإلهُ الأوَّلين والآخرين، أتقَن ما صنع، فما ترى في خَلْق الرَّحمن من تفاوت، فتبارك الله أحسن الخالقين، وأحكم ما شرع، فأغنى عن البِدَع، وحفظ الذِّكر فلا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تَنْزيل من حكيم حميد،وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله النبيُّ الأمين، والرسول المبين، وإمام المُتَّقين، وخِيرَة الله من خلقه أجمعين، الذي بلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، ونصَح الأمة، وترَكَها على بيضاء نقية، لا يزيغ عنها إلا هالك صلّى الله عليه وعلى آله وصحبِه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.أما بعد: فاتقوا الله عباد الله حق التقوى، وراقبوه في السر والنجوى. فمن اتقى الله وقاه ومن لاذ به حماه ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )أيها الناس / روى البخاري في صحيحه عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنه قال كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ (( نَعَمْ )) قُلْتُ وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ قَالَ (( نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ )) قُلْتُ وَمَا دَخَنُهُ قَالَ (( قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ )) قُلْتُ فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ (( نَعَمْ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا )) قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا قَالَ (( هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا )) قُلْتُ فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ قَالَ (( تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ )) قُلْتُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ قَالَ ((فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ ))عباد الله / إننا في زمَنٍ نفَقَت فيه سوقُ البِدَع، وراجَتْ تجارتها، وكثر الذين يحترفونها ويَدْعون إليها ويزيِّنونها، ويفتنون الناس بما يُضِلُّونَهُم بها عن دينهم، فيصدُّونهم عن سبيل ربِّهم، ويأكلون أموالهم بالباطل، ويستعبدونهم، ﴿ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ ﴾ وصَدُّوا الناس عن الهُدى، ﴿ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنعام: 132]، فهم كما أخبر عنهم النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((دُعاةٌ على أبواب جهنَّم؛ مَن أجابهم قذفوه فيها))، ووصفهم بقوله : ((هم من جلدتنا، ويتكلَّمون بألسنتنا(( فالبدع – ياعباد الله - تشويهٌ للدِّين، وطمس لمعالم السُّنن، وإحداث للفتن، وإضلال للناس عن طريق الجنَّة، والسير بهم في طريقٍ مُنتَهاه الجحيم، ﴿ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾فما مِن بدعة تحْدث إلاَّ ويُمِيت الناس من السُّنن مثلها، ولا يُحدِث رجلٌ بدعةً إلاَّ وقد ترك مِن السُّنة ما هو خيرٌ منها، وما ازداد صاحب بدعة اجتهادًا إلاَّ ازداد من الله بعدًا، وعملٌ قليلٌ في سُنَّة خير من عمل كثير في بِدْعة؛ فإنَّ الله تعالى إنما يتقبَّل من المُتَّقين، والمبتَدِع ليس من أهل التُّقى، بل هو من أهل العَمى، لا يقبل الله من صاحب بدعة صيامًا ولا صلاة، ولا حجًّا ولا جهادًا، ولا صَرْفًا ولا عدلاً؛ قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((من أحدَث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رَدٌّ(( فأهْل البِدَع – ياعباد الله – ضلاّلٌ بنص القرآن والسنة ، وذلك أن ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم فهو الحق ، وقد قال الله تعالى ( فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ)ويقول صلى الله عليه وسلم ( كل بدعة ضلالة ) رواه مسلم ، ومعلوم أن المؤمن لا يختار أن يتبع طريق الضالين الذين يتبرأ منهم المصلي في كل صلاة ( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ *صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ) فهم يَعبدون الله بغير ما شَرع، فيفترون على الله الكذب، ويجْلِبون على أنفسهم التَّعب، ويقطعون السَّبيل، ويشغلون الناس بالأضاليل، لسان حالهِم أنَّ الله تعالى لم يُكمل دينه فيكملوه، ولم يتمَّ نعمته فيَكفروه، وهو القائل سبحانه وتعالى : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً ) أو أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لم يُبلِّغ الناس كلَّ ما أوحاه الله إليه، أو بلَّغه ولكن الصحابة لم يَفهموه أو لم يَهدوا الناس إليه، فما أظلَمَهم لربِّهم! وما أقَلَّ توقيرَهم لنبيِّهم! وما أعظم جنايتهم على الصَّحابة! وما أضَرَّهم على أنفسهم! وما أشأمهم على مجتمعهم! وما أجرأَهم على دين ربِّهم! فيا ويلَهم، ما أعظم ما جنوه! وما أسوأ ما افتروه! فما حجَّتُهم عند الله يوم يُلاقونه، وصدق الله العظيم إذْ يقول: ﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ﴾ فارضُوا – ياعباد الله - ما رَضِيه الله لكم من الدِّين، فكونوا لربِّكم سبحانه طائعين، ولنِعَمِه شاكرين، ولنبيِّكم محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - في جميع الأمور مُتَّبِعين صادقين؛ حتى يَحفَظ الله عليكم نِعَمه، ويصرف عنكم نقمه، ويزيدكم من فضله، ويعامِلَكم بإحسانه: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا ﴾اللهم ثبِّتنا على دينك، وزِدْنا من هُداك، وارزقنا الاستقامة على طاعتك والتمسُّك بسنة نبيِّك محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - حتى نلقاك مسْلِمين مؤمنين محْسِنين، غير مبتَدِعين ولا مبدِّلين ولا مرتدِّين ، نفَعَني الله وإيَّاكم بِهَدْي كتابه، وجعلنا من أوليائه وأحبابه، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه يغفِرْ لكم، إنه هو الغفور الرحيم.الخطبة الثانيةالحمد لله، له الحمد في الأولى والآخرة، أحمده وأشكره على نعمه الباطنة والظاهرة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، هدى بإذن ربه القلوب الحائرة، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه نجوم الدجى والبدور السافرة، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.أما بعد:فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن أحسن الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.اتبعوا رحمكم الله ولا تبتدعوا، فقد كفيتم. يقول حذيفة رضي الله عنه: كل عبادة لم يتعبدها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تعبَّدوها فإن الأول لم يدع للآخر مقالاً.أخرج الدارمي بسند صحيح أن أبا موسى الأشعري قال لابن مسعود رضي الله عنهما جميعاً: (إني رأيت في المسجد قوماً حلقاً جلوساً ينتظرون الصلاة، في كل حلقة رجل، وفي أيديهم حصى فيقول: كبروا مائة فيكبرون مائة، فيقول: هللوا مائة فيهللون مائة، فيقول: سبحوا مائة فيسبحون مائة. قال: أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم شيء؟؟ ثم أتى حلقة من تلك الحلق فوقف عليهم فقال: ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قـالوا: يا أبا عبد الرحمن، حصى نعدُّ به التكبير والتهليل والتسبيح والتحميد، قال:‍‍‍‍‍ فعدوا سيئاتكم فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء، وَيْحَكم يا أمة محمد، ما أسرع هلكتكم؛ هؤلاء أصحابه متوافرون. وهذه ثيابه لم تبلَ، والذي نفسي بيده أنتم لعلى ملةٍ هي أهدى من ملة محمد أو مفتتحو باب ضلالة؟! قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير، قال: وكم من مريد للخير لن يصيبه؟)وروي أن رجلاً قال لمالك بن أنس: من أين أُحرم؟ قال: من حيث أحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الرجل: فإن أحرمت من أبعد منه؟ قال: فلا تفعل فإني أخاف عليك الفتنة. قال: وأي فتنة في ازدياد الخير؟؟ فقال مالك: فإن الله تعالى يقول: فَلْيَحْذَرِ ٱلَّذِينَ يُخالفونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور:63]، وأي فتنة أعظم من أن ترى أنك خُصصت بفضل لم يخص به رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!فاتقوا الله – يرحمكم الله – وخذوا بالنهج الأول، وعليكم بالاتباع، وابتعدوا عن الابتداع ، وصلوا وسلموا – رحمني الله وإياكم – على من أمر الله بالصلاة والسلام عليه فقال : إِنَّ ٱللَّهَ وملائكتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ ياأيّها ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا وقال صلى الله عليه وسلم: ((من صلّى عليَّ صلاةً واحدة صلّى الله عليه بها عشرًا))اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ...............</p>

المشرف العام
17-12-2010, 00:36
شيخنا الفاضل : محمد المهوس

جزاك الله خير وبارك الله فيك

كم نحن بحاجه إلى هذا التذكير . . جعل الله ذلك في ميزان اعمالك

اخوك
ابو سلطان