المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إذا غاب الرقيب



الشيخ/عبدالله الواكد
25-06-2010, 02:33
خطبة جمعة يوم الغد إن شاء الله

13 رجب 1431 هـ

بعنوان

إذا غاب الرقيب

كتبها / عبدالله بن فهد الواكد


الخطبة الأولى

إخوة الإسلام ، يقول الله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ )
فاتقوا الله عباد الله ، إتقوا الله أيها الشرفاء
أيها الآباء والأولياء فلقد أقبلت العطلة الصيفية ، ولقد تعلمون منها الحال والكيفية : ألا وإن شر الفراغ أيها الحبيب ، إذا غاب الرقيب ، ألا وإن من ظلمنا لأنفسنا في هذه العطلة ، أن نترك أسرا لنا ، تموج بها الفتن ، ويسعى بها العفن ، ونحن عاكفون في الإستراحات ، سادرون في المنتزهات ، لا نعلم عن الولد أين ذهب ، ولا عن البيت ما كسب وما اكتسب ، فيا للعجب ، كيف نترك بيوتنا دون مراقبة عن كثب ، إخوة الإسلام ، نحن بشر ، والبلاء قد عم وانتشر ، ووسائل الضياع في كل مدر ووبر ، الفضائيات وصلت حتى البدو في بيوت الشعر ، والإنترنت على الأثر ، والنار من مستصغر الشرر ، كثرت المنكرات عبر هذه الوسائل ، ودخلت كل البيوت إلا القلائل ، بلاء لا يمكن صرفه ، وشر لا يمكن حرفه ، ومع ذلك غاب الرقيب ، وقل الحسيب ، هذه الإستراحات ، التي صار الكثير منها ولا أقول كلها ، وبالا على البيوت ، وملاذا لكل ساقط ممقوت ، وإلا أيجدر بمن يعلم حقوق الأم والأب ، والزوجة والأخت ، والولد والبنت ، أن يخرج من عمله ، ثم يأكل ما شاء الله معهم ، وهو لا يراهم ولا يسمعهم ، جسد بينهم يتغذى ، وولي من كلامهم يتأذى ، ثم يلعق أصابع يديه ، ولا يعود إليهم إلا وهم نائمون ، هذا إن عاد إليهم ، فلقد سمعت أن بعض الأولياء هداهم الله ، يذهب لعمله من الإستراحة مباشرة ، دون أن يكون للبيت من مرور ، أو تفقد وحضور ، أو جلسة وفطور ، سبحان الله ، ، والبيت والأسرة ، أين حقهم ، أين وليهم ، أين القائم على شئونهم ، من الذي يسمع للولد إذا حكى ، ومن الذي يمسح دموع الباكي إذا بكى ، ومن الذي يحل مشكلة الشاكي إذا اشتكى ، إمرأة تتصل على زوجها ، وهي تحمل بين يديها طفلا يئن من المرض ، وينتفض من الحمى ، أن الحق بنا ، طفلك تعبان بين يدي ، فيرد عليها ، أعطيه أي شيء حتى أعود ، ثم يواصل لعب الورق ، والجعجعة بين رفاقه ، ولا يجد بينهم من يأمره بخير ، ولا من يحثه بسير ، وشاب جميل المحيا ، وسيم نظر ، يخرج ويلج مع من شاء ، يذهب من الظهيرة إلى المساء ، مع من هب ودب ، مع الضائع والصائع ، ماذا تنتظرون بعد ذلك ، ووالده حتى السؤال لا يسأل عنه ، لا يدري أين يذهب ، ولا من يصحب ، ولا يريد حتى أن يدري ، حتى تقع الواقعة ، ويقع الفأس على الرأس ، وهنالك لا ينفع الندم ، وإن كان الضياع في الولد ، أهون من الضياع في غيره ، نسأل الله أن يحفظنا وإياكم ويحفظ لنا ولكم ، نعم أيها الأحبة ، إن كنت أقسوا في الكلام ، فقسوة الكلام ، خير من فجاءة الأيام ، والكلام لنا كلنا ، إذا لم نحفظ بيوتنا ، فمن الذي يحفظها ، وإذا لم نقم عليها فمن الذي يقوم عليها ، أيأمن أحدنا على ماله ، لو تركه في بيته بلا رقيب ، أم أن المال أهم من الأم والأب ، والزوجة الذرية ، أيعطي أحدنا سيارته لمن دب وهب ، فكيف يترك إبنه في هذا المهب ، من منا زار دار الأحداث ، ومراكز الهيئة ، وإدارة المخدرات ، والسجون ، وإدارة المرور ، وأقسام الشرطه ، ليرى بنفسه حجم المشكله ، وجسامة المعضلة ، الأمر خطير جدا ، فالمجتمع من ضياع إلى ضياع والخروق في هذا المجتمع ، آخذة في الإتساع ، إن لم يكن الولي هو الرقاع ، سبب المصائب والمشاكل ، غيابك أنت أيها الولي ، غياب الرقيب الأول ، الذي عليه المعول ، فاتقوا الله في بيوتكم ،
أيها الشباب : ياسواعد الأمة ، ويا بناة المجد ، ويا أتباع محمد صلى الله عليه وسلم ، إن من ظلمكم لأنفسكم ، أن تلقوا بها في المهالك ، لا يغرنكم من الأصحاب ، من تصنع لكم الوفاء ، وتراءى بالصداقة والصفاء ، فإن ( شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً ) ، بيتك أحفظ لك من كل مكان ، وأهلك أرأف بك من كل إنسان ، وخير جليس في الزمان كتاب ، كتابك وطلبك العلم ، يحفظ وقتك ، ويُخضر نبتك ، ولا يدع في وقتك ثغرة ، ولا لفمك فغره ، وأما الأصحاب ، فخيرهم من ينهكك ، وشرهم من يهلكك ، فلا تصحبن أخ الدخان ، ولا صاحب التسكع في كل زمان ومكان ، ولا من ضيع الفرائض والأركان ، فإن من ضيع حقوق الله فهو لما سواها أضيع ، ومن باع عهد الله فهو لغيره أبيع ، أتظن من فرط في حقوق الله أن يحفظ لك حقا ، ومن كذب على نفسه وأسرته أن يمضي لك صدقا ، رفقة السوء إياكهم ، إياك أن يضلوك عن سبيل الله ، فاتقوا الله أيها الشباب في شبابكم
أيتها الأمهات : يامدارس الفضيلة ، الأم مدرسة إذا أعددتها ، أعددت شعبا طيب الأعراق ، إن من ظلمكن لأنفسكن ، أن تضيعن حقوق الأزواج ، وتجعلن ذلك في مدارج المزاج ، إحفظن حقوقهم وحقوق آبائهم وأمهاتهم ، تجدن ذلك حين تكن أمهات لأزواج ، أرأيتن الرجل حينما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ( من أحق الناس بصحبتي يارسول الله ، قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أبوك ) إن في هذا الحديث تشريف وتكليف ، إن في هذا الحديث إيماءة ، أنك ألصق بأبناءك ثلاثة أضعاف أبيهم ، فهم أسمع لك من أبيهم ، وأصغى لك من والدهم ، فلا تطلقي رمي المسئولية على أبيهم ، فلقد تربوا في حجرك ، وتغذو من صدرك ، فكوني لهم معلمة فاضله ، ليني لهم بقسوة ، واقسي عليهم بلين ، علميهم حقوق الله ، يهدهم الله لحقوقك ، مريهم بالصلاة لسبع ، قبل أن يضربهم والدهم لعشر ، فإن في الأطر على الخير ، سياج من الشر ، وأمان من الضر، إنهم أولادك كما هم أولاد أبيهم ، تفقدي أفكارهم قبل أن تفقدي جيوبهم ، واحذري أن تمضين صيفك خراجة ولاجة ، كوني ربة بيت مربية ، صالحة مصلحة .
أيها الأحبة المسلمون : هذه بيوتنا ، وهذه أسرنا ، وهذه شوارعنا ، وهذه أسواقنا ، وهذه مرافقنا ، فما صلح منها أصلح ، وما فسد منها أفسد ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم ،


الخطبة الثانية

أما بعدعباد الله :
لنتفقد أنفسنا ، وليكن لنا معها هنيهات نظر ، لنخرج أنفسنا من ربق الظلم والعدوان ، إلى رياض العدل والإحسان ، فنقف مع أنفسنا وقفة صدق وعدل ، وأن ننظر لواقعنا بشفافية مطلقة ، وأن لا نتظاهر للواقع بكمالنا ، فيظهر لنا إهمالنا ، الواقع واقع ، والحقيقة حقيقة لا تزول بخيال ، كما أن اليقين لا يزول بالشك ، ولا تزال في المجتمع جذور النخوة والرجولة والأدب والفضيلة ، والشيمة والغيرة ، ولكننا نخشى عليها ، أليست هذه الدرر ، حقيقة بالخوف عليها ، أليست جديرة بالحفاظ عليها ، أوليس ديننا من أمرنا بالنظر إليها ،
أيها المسلمون : صلوا وسلموا على أشرف الخلق محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم ......