المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة جمعة بعنوان ( فضل صلاة الجماعة ) يوم الغد 6/7/1431 هـ



الشيخ/عبدالله الواكد
18-06-2010, 01:26
فضل صلاة الجماعة
الخطبة الأولى

أما بعد أيها المسلمون :
فإن الإسلام لم يكتف من المسلم أن يؤدي الصلاة وحده في عزلة عن المجتمع الذي يعيش فيه، ولكنه دعاه دعوة جازمة واضحة قوية إلى أدائها في جماعة المسلمين وفي المساجد فقال تعالى: ( وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلوٰةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱرْكَعُواْ مَعَ ٱلرَّاكِعِينَ ) [البقرة:43]. قال الإمام ابن كثير في تفسيره: "أمرهم أن يركعوا مع الراكعين من أمة محمد يقول: كونوا معهم ومنهم".

وشأن صلاة الجماعة في الإسلام عظيم ومكانتها عند الله عالية، لذلك شرع الله بناء المساجد لها فقال سبحانه وتعالى: ( فِى بُيُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا ٱسْمُهُ ) [النور:36]. بل إن أول عمل بدأ به الرسول صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة بناء المسجد لأداء الصلاة فيه ، وشرع الله النداء لصلاة الجماعة من أرفع مكان وبأعلى وأندى صوت ، وقد شهد الله سبحانه وتعالى لمن يحافظ على صلاة الجماعة في المساجد بالإيمان حيث يقول سبحانه: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَـٰجِدَ ٱللَّهِ مَنْ ءامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلاْخِرِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءاتَىٰ ٱلزَّكَوٰةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ ٱللَّهَ فَعَسَىٰ أُوْلَـئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ ٱلْمُهْتَدِينَ) [التوبة:18.
وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن الذي يداوم على صلاة الجماعة وقلبه معلق بها وبالمسجد فإنه يكون في ظل الله تعالى يوم القيامة فذكر السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله وذكر منهم: ((ورجل قلبه معلق في المساجد)) وعند الإمام مالك: (ورجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه)
قال الإمام النووي: "ورجل قلبه معلق في المساجد : أي شديد الحب لها والملازمة للجماعة فيها ، وذلك معناه دوام القعود في المسجد".
وقد جعل الله تعالى المشي إلى الجماعات من أسباب تطهير العبد من الذنوب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات، قالوا: بلى يا رسول الله قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط فذلكم الرباط ، فذلكم الرباط).
ولا يظن أحد أن كثرة الخطا إلى المسجد هي من أسباب محو الخطايا ورفع الدرجات عند الذهاب إلى المسجد فحسب ، بل هي كذلك عند العودة من المسجد ، لقوله عليه الصلاة السلام كما عند الإمام أحمد: ((من راح إلى مسجد الجماعة فخطوة تمحوا سيئة، وخطوة تكتب له حسنة، ذاهباً وراجعاً)) أحمد 10/103
فما أعظم أجر عمار المساجد وما أعظم أجر المشائين إليها
قال عليه الصلاة والسلام : ((بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة)) [صحيح ابن ماجه]. وأخبر عليه الصلاة والسلام أن الله يعد نزلاً ً في الجنة للمحافظين على الجماعة، قال عليه الصلاة والسلام : (( من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له نُزُلَه من الجنة كلما غدا أو راح)) [متفق عليه]. وإذا كان نزل الغادي والرائح إلى المسجد يعد له من قبل الله رب السموات والأرض وخالق الكون فكيف بالله عليكم يكون هذا الإعداد وذلك النزل ؟ وإذا كان هذا الأجر على الذهاب والإياب من المسجد ، فماذا يكون الأجر والثواب على أداء الصلاة مع الجماعة في المسجد ؟
ومما يبين فضل الصلاة في جماعة بأن من جلس في انتظارها فهو في الصلاة، وأن الملائكة تستغفر له وتدعو له بالرحمة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أحدكم ما قعد ينتظر الصلاة في صلاة ما لم يحدث تدعو له الملائكة، اللهم اغفر له اللهم ارحمه)
وإذا كان جلوسه في الصف الأول فالأمر أعظم من ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إن الله عز وجل وملائكته يصلون على الصف الأول).
كذلكم التأمين مع الإمام في صلاة الجماعة له فضل عظيم، قال عليه الصلاة والسلام : (إذا قال الإمام: غَيْرِ ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ ٱلضَّالّينَ فقولوا: آمين، فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه)
فاتقوا الله عباد الله وتوبوا إلى الله وحافظوا على صلاة الجماعة من قبل أن يحل علينا غضب الله قال تعالى : (قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة وينفقوا ما رزقناهم سراً وعلانية من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال) [إبراهيم:31].

بارك الله لكم في القرآن العظيم



الثانية
أما بعد أيها المسلمون : قال عليه الصلاة والسلام : ((من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الفجر في جماعة فكأنما قام الليل كله)). وفي صلاتي العصر والفجر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من صلى البردين دخل الجنة))، ويكفي في صلاتي الفجر والعصر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي، فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون)) [مسلم،
فاتقوا الله عباد الله وحافظوا على هذه الشعيرة العظيمة ، وصلوا وسلموا على أفضل الخلق محمد