المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عيوب النفس



الشيخ/عبدالله السالم
10-06-2010, 18:15
الحمدُ للهِ الكريمِ الوهابِ ، ( غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ ) أشهدُ أن لا إلهَ إلاَّ هوَ وحده لا شريك له ، وأشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسولُهُ ، صلىَّ اللهُ وسلّم وبارك عليه وعلى آلِهِ وأصحابِه ، ومن سارَ على نهجِهِم واتبعَ طريقَهُم إلى يومِ الحسابِ، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً):أما بعد:أيها الأحبةُ في اللهِ فإنَّ الإنسانَ منَّا ، مليءٌ بالعيوبِ والذنوبِ ، ولو أنَّ للذنوبِ رائحةً ، لَمَاجلس أحدُنا بجوارِ صاحبِهِ ، من نتنِ رائحةِ مايجدُ ولكنَّ الإنسانَ ، لا يرى عيبَ نفسِهِ ، أو يراهُ ، ولكنَّهُ يتجاهلُهُ ، ويرى نفسَهُ دائماً على الخيرِ ، بل ربما ذمَّ غيرَهُ بما هو واقعٌ فيهِ ، واللهُ عزَّ وجلَّ يقولُ (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً) (النساء:49) ويقولُ سبحانه (وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)(النور: من الآية21) وعُيوبُ النَّفسِ كثيرةٌ جُدّاً ، يجبُ التفطنُ لها ، ومعالجةُ القلبِ منها ، وتنظيفُ النفسِ من آثارِها ، والإنسانُ الذي كَمُلتْ بصيرتُهُ ، ما تَخْـفى عليه عيوبُ نفسِهِ ،لأن النفسَ كما قالَ سبحانه ( إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ) فمن عُيوبِ النَّفسِ كثرةُ الذنوبِ ، واتباعُ الهوى ، والغفلةُ والتواني والكسلُ ، والشحُّ والبخلُ ، والِحرصُ ، والطمعُ ، والحسدُ والبغضاءُ ، والإشتغالُ بعيوبِ الناسِ ، وكثرةُ الخوضِ ، في أسبابِ الدنيا ، وطلبُ الرئاسةِ ، والتكبرُ والإزدراء ، والخوفُ على الرزقِ ، وكثرةُ التَّمني ، وقِلةُ الاعتبارِ ، وتضييعُ الأوقاتِ في مالا يعني ، والكيسُ كما قالَ النبي e{ الكيِّسُ من دانَ نفسَهُ وعملَ لما بعدَ الموتِ والعاجزُ من أتبعَ نفسَهُ هواها وتمنَّى على اللهِ الأماني } رواه الترمذيُّ وغيُرُهُ ، قالَ بعضُ العلماءِ ، من عرفَ نفسَهُ أشتغلَ بإصلاحِها ، عن عيوبِ الناسِ ، وقال الحسنُ رحمه اللهُ ، على قولِه تعالى (وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَة) إن المؤمنَ ، ما نراه إلا يلومُ نفسَهُ ، ما أردتُ بكلمتي ؟ ما أردتُ بأَكلَتي ؟ ما أردتُ بحديثِ نفسِي ؟ وإن العاجزَ ، يمضي قُدُماً ما يعاتبُ نفسَهُ " وإذا عَرَفَ الإنسانُ عيوبَ نفسِهِ ، أمكنَهُ ذلكَ من العلاجِ ، ولكن أكثرَ الناسِ ، جاهلونَ بعيوبِهِم ، يرى أحدُهم القذى في عينِ أخيهِ ، ولا يرى الجذعَ في عينِهِ ، وقد كان أميرُ المؤمنينَ عمرُ بنُ الخطابِ رضي اللهُ عنه يقولُ : [ رحمَ اللهُ أمرءاً أهدى إلينا عيوبَنا ] ، وقد كان السلفُ يحبونَ من ينبِهَهُم ، على عيوبِهم ونحنُ الآنَ ، في الغالبِ ، أبغضُ الناسِ إلينا من يُعرفُنا عُيوبَنا ، وهذا دليلٌ على ضعفِ الإيمانِ ، ولو أن مُنبهاً نبهنا ، على أن تحتَ ثوبِ أحدِنا عقرباً ، لتقلدنا له منه ، واشتغلنا بقتلها!!! والأخلاقُ الرديئةُ ، أعظمُ ضرراً من العقاربِ على مالا يخفى ، وتجدُ أحدَنا ، إذا نبهَهُ أحدٌ ، على عيبٍ من عيوبِ نفسِهِ ، أرعدَ وأزبدَ ،وغضبَ ، واحمرَّ وجهُهُ ، وانتفختْ أوداجُهُ ، وعلا صوتُهُ ، وقال : وأنت فيكَ وفيكَ ، وإن لم يكنْ فيكَ مِما ذكرَ شيئاً ، ولكنه تعودَ أن يُدافعَ عن نفسِهِ حتى وإن كان ( مخطئاً ) على غيرِ حقٍّ ....فَانظُرْ في نفسِكَ ، هل أنتَ من هذا الصنفِ من الناسِ ، وهل تجدُ نفسَكَ عاملةً بمقتضى الدينِ ، هل أتيتَ بالصلاةِ على الوجهِ الأكملِ ؟ هل اجتنبتَ المعاصي المنافيةَ للدينِ ؟ هل تجدُ في نفسِكَ حياءً من اللهِ بيقينٍ ؟ هل أنتَ سالمٌ من الكـــذبِ والخيانةِ والاحتيالِ ؟ هل أنتَ سالمٌ من الرياءِ في أقوالِكَ وأعمالِكَ ؟ هل أنتَ سالمٌ من الربا في معاملاتِكَ ؟ هل أنتَ سالمٌ من المداهنةِ والنفاقِ ؟ هل أنتَ سالمٌ من الغيبةِ والنميـــمةِ ؟ هل أنتَ سالمٌ من البُهتِ واللعنِ وسيءِ المقالاتِ ؟ وهل قُمتَ على أولادِك ، للصلاةِ والتوجيهِ إلى الأعمالِ الصــالحةِ ؟ فعلى كلِّ واحدٍ منّا ، أن يتفقدَ نفسَهُ بدقةٍ كلَّ يومٍ ، ويعالِجَ ما بهِ من هذه الأمراضِ المهلكاتِ ، فإنها أشدُ ضرراً وفتكاً من أمراضِ الأبدانِ ، التي لا نصبرُ عليها ، إن لم نجدْ لها علاجاً في الداخلِ ، ذهبنا إلى الخارجِ رجاءَ بُرئِها ، والنّفسُ أولى بالتفقدِ والمحاسبةِ ،كان السلفُ الصالحُ عليهم رحمةُ اللهِ ، يُجاهدونَ أنفسَهُم ، ويعاتبونها ، ويتهمونَها بالتقصيرِ ، خوفاً من سوءِ الخاتمةِ ، ورهبةً من عذابِ اللِه تعالى ،كانَ عمرُ بنُ الخطابِ رضي اللهُ عنه ، إذا جَنَّ عليه الليلُ ، يَضربُ قدميه بالدُّرةِ ، ويقولُ لنفسِهِ ، ماذا عَملتِ اليومَ ؟ يسألُ نفسَهُ ، ويَستَعيدُ شريطَ عملِهِ ، ماذا عَمِلتِ اليومَ ؟ وما عَسَاهَا أن تعملَ نفسٌ كنفسِ عمرَ ، الذي بُشرَ بالجنةِ وهو يمشي على الأرضِ ، وهو الذي لا يسلُكُ الشيطانُ طريقاً سلَكَهُ عمرُ رضي اللهُ عن عمرَ ، وهو القائلُ ، واللهِ لو عَثَرَتْ بغلةٌ في أرضِ العراقِ ، لخشيتُ أن يسألَني اللهُ عنها، لما لم تسوِ لها الطريقَ يا عمرُ ، يسألُ نفسَهُ ويضربُ قدميهِ بالدرةِ ... يقولُ مالكُ بنُ دينارٍ " رحمَ اللهُ عبداً قال لنفسِهِ ألستِ صاحبةُ كذا ؟ ألستِ صاحبةُ كذا ؟ ثم زمَّها ثم خطَمَهَا ، ثم ألزمَهَا كتابَ اللهِ تعالى فكان له قائداً " فحقٌ على الحازمِ ، المؤمنِ باللهِ وباليومِ الآخِرِ ، ألاَّ يَغفَلَ عن محاسبةِ نفسِهِ ، ومساءلتِها ، وأطرِها على الحقِّ أطراً ...
والنَّفْسُ كالطِّفْلِ إنْ تُهْمِلْهُ شَبَّ عَلَى


حُبِّ الرَّضاعِ وإنْ تَفْطِمْهُ يَنْفَطِمِ

بارك الله لي ولكم في القرانِ العظيمِ ،
ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ،
أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم من كلِّ ذنب ، فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم






الحمد لله على إحسانِهِ ، والشكرُ له على توفيقِهِ وامتنانِهِ ، وأشهد أن لا إلهَ إلاَّ اللهُ ، وحدَهُ لا شريكَ لهُ ، تعظيماً لشانِهِ ، وأشهدُ أنَّ نبيّنا محمّداً عبدُهُ ورسولُهُ ، الدّاعي إلى رضوانِهِ ، صلّى اللهُ عليه وعلى آلِه وأصحابِهِ وأعوانِهِ ، وسلّم تسليماً مزيداً، أمّا بعد : أيها الأخوةُ في اللهِ ، اعلموا أنكم غداً بين يدي اللهِ موقوفونَ ، وعلى أعمالِكم محاسبونَ ، وعلى تفريطِكم لا محالةَ نادمونَ ، فحاسبوا أنفسَكم قبلَ أن تُحَاسبوا ، وزنوها قبلَ أن توزنوا ، وتأهبوا للعرضِ الأكبرِ على اللهِ ، (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ) فخذوا حذرَكُم قبلَ حلولِ الأجلِ وانقطاعِ الأملِ ، وفواتِ الأوانِ ، واعملوا بوصيةِ اللهِ في كتابِهِ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) وحقٌ عندَ اللهِ عز وجل ، ما من عبدٍ أطاعَهُ واتقاهُ ، وخافَهُ وخشاهُ ، إلا كان اللهُ مولاهُ ، وحقٌ لمن آمنَ باللهِ صدقاً ، وتذللَ له عبوديةً ورقاً ، أن يخرجَه من الدنيا ، برحمتِه الواسعةِ ،واعلموا إن الله أمركم بإمرٍ بدء فيه بنفسه وثنى بملائكته المسبحة بقدسه ، وثلّث بكم أيها المؤمنون من جنّه وأنسه فقال سبحانه قولاً كريماً ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) وقد قال عليه الصلاة والسلام ، من صل علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً ، اللهم صل وسلّم وبارك على عبدك ورسولك محمّد ، صاحب الوجه الأنور ، والجبين الأزهر ، الشافع المُشَّفَعُ في المحشر ، وارضَ اللهم عن الخلفاء ، الأءمةِ الحنفاء، أبي بكرٍ وعمر ، وعثمان وعلي وعن سائِرِ أصحابِ نبيّك أجمعين ، وعن التابعين ، وتابعيهم بِإحسانٍ إلى يومِ الدّين ، وعنّا معهم ، بمنك وفضلك ورحمتك ، يا أرحم الراحمين ، اللَّهُم أعزَّ الإسلاَمَ وانصُرِ المُسلِمِين ، ودمِّرَ أعدائك أعداء الدين ، من اليَهُودِ والنَّصارى وجميعِ الكفرةِ والملحدين ، ، اللهم عليك باليهودِ والنصارى المعتدينَ الحاقدينَ ، ومن كرِهَ الإسلامَ والمسلميَن ، اللهم عليك بهم فانهم لا يعجزونَك ، اللهم شتتْ شملَهم وأوهنْ عزمَهُم ، اللهم أرنا بهم عجائبَ قدرتِك ، وفجاءةَ نقمتِك ، وأليمَ عذابِك ، اللهم احفظْ بلادَنا وولاةَ أمرِنا وعلماءَنا ودُعاتَنا ، اللهم وحِّدْ كلمتَنا وقوي شوكتَنا ياربَّ العالمينَ ، واجعل هذا البلد رخاءً سخاءً ، وسائر بلاد المسلمين يا ربَّ العالمين ، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنيين والمؤمنات ، الأحياء منهم والأموات ، اللهم ربنا ( آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) عباد الله ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) فاذكروا الله العظيم الجليل يذكرْكم ، واشكروهُ على نعمه يزدْكم ولذكر الله أكبر والله والله يعلم ما تصنعون



الخطبة بصوت الشيخ :
http://abosami.com/pro/ayb.rm

اضغط هنا للتحميل (http://abosami.com/pro/ayb.rm)


http://abosami.com/upload/aln3esa-1270392254.gif (http://abosami.com/)

الشيخ/عبدالله الواكد
10-06-2010, 19:46
فضيلة الشيخ أبو سامي

حفظكم الله

وأشكر لكم عطاءكم في مضايفكم

نحن والله مشتاقون لمثل هذه الخطب القيمة

بهذا الصوت الخطابي العبق غفر الله لكم ولوالديكم