المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الجزيرة في الوثائق البريطانية (1)



البرمكي
08-02-2009, 09:41
الجزيرة العربيةفي الوثائق البريطانية 3



المجلد الثالث



الجزيرة العربية

في الوثائق البريطانية



(نجد والحجاز)



المجلد الثالث



1917 ـ 1918



اختيار وترجمة وتحرير



نجدة فتحي صفوة



Materials selected from the Public Record Office Decuments,



Which are British Crown Copyright, are translated by



Permission of Her Majesty`s Stationary Office



ترجمت الوثائق المستخرجة من مركز حفظ الوثائق البريطانية ،



التي هي من حقوق التاج البريطاني،



بموافقة "مكتب جلالة ملكة بريطانية للقرطاسية"



(C) نجدة فتحي صفوة، 1998



جميع الحقوق محفوظة



الطبعة الأولى 1998



ISBN 1 85516 573 2



دار الساقي



بناية تابت، شارع أمين منيمنة (نزلة السارولا)، الحمراء، ص. ب: 5342 / 113 بيروت، لبنان هاتف 347442 (01)، فاكس: 602315 (01)



DAR AL SAQI



London Office: 26 Westbourne Grove, London W2 5RH



Tel: 0171-221 9347, Fax: 0171-229 7492




-----------------



المحتويات

ـ مقدمة ................................................................. 7
ـ فهرس تحليلي للوثائق البريطانية عن الجزيرة العربية
(الحجاز ونجد) 1917 ـ 1918 ....................................... 21
ـ نبذة عن الشخصيات الرئيسية التي ورد ذكرها في الوثائق
أو أسهمت في إعدادها ................................................. 67
ـ القسم الأول: الوثائق البريطانية عن الحجاز لسنة 1917 ـ 1918 .. 83
وثائق سنة 1918 عن الحجاز .......................................... 330
ـ القسم الثاني: الوثائق البريطانية عن نجد والإمام عبد العزيز آل سعود
(1917 ـ 1918) .................................................... 631
ـ فهرس الأعلام ...................................................... 829


--------------------



مقدمة

يختص الجزء الثالث من "موسوعة الجزيرة العربية في الوثائق البريطانية " بوثائق سنتي 1917 و1918، وكان الجزء الأول يحتوي على وثائق سنتي 1914 ـ 1915 والجزء الثاني خاصاً بوثائق سنة 1916. وكان تخصيص جزء كامل لوثائق سنة واحدة يعود إلى ضخامة عدد الوثائق الخاصة بتلك السنة بسبب قيام الثورة العربية فيها وكثرة المراسلات والتقارير التي تبودلت بسببها.
وقد شهدت السنتان 1917 و1918 أحداثاً على جانب عظيم من الأهمية أيضاً، على الصعيدين العالمي والعربي على حد سواء.
العالم في سنة 1917
وفي بداية سنة 1917، كانت الحرب العالمية الأولى لا تزال في أوج استعارها، وفي هذه السنة لم تعد أوروبا وحدها ساحة الحرب، بل أصبح العالم بأجمعه مسرحاً لعملياتها.
وفي روسيا اضطر القيصر، إزاء الاضطرابات المدنية والعسكرية التي سادت بلاده، أن يرضخ للضغوط التي تركزت عليه، ويتنازل عن العرش. وأسست حكومة موقتة برئاسة جيورجي لفوف في 15 آذار / مارس سنة 1917 ، وبعد حوالي أربعة أشهر، وعلى أثر مظاهرات يسارية واسعة النطاق (في 20 تموز / يوليو) من السنة نفسها، استقال لفوف، وخلفه في رئاسة الحكومة ألكساندر كيرينسكي الذي تعهّد بمواصلة الحرب. ثم عاد لينين من المنفى والتحق بستالين وتروتسكي، وفي تموز / يوليو نجحت حكومة كيرينسكي في القضاء على انتفاضة بلشفية، وهرب لينين مرة أخرى. واستمرت الحرب في الشرق، وكان ذلك بطبيعة الحال مدعاة ارتياح كبير للحفاء. وجاءت القشة الأخيرة في شهر أيلول / سبتمبر حين أصيب الجيش الروسي المرهق والمنهارة معنوياته بهزيمة منكرة في "ريغا" وبذلك فتح أمام الألمان الطريق إلى العاصمة الروسية "بتروغراد". وفي أوائل تشرين الثاني / نوفمبر قامت انتفاضة بلشفية ثانية كانت أكثر نجاحاً، فسقطت "بتروغراد" بعد الهجوم على "القصر الشتوي" وأطيح بكيرينسكي وحكومته، وأعلنت الجمهورية في روسيا، وتم الاتفاق على هذه منفردة مع ألمانيا والنمسا، ثم جاءت مفاوضات السلام.
كان لهذا الحدث آثاره وردود فعله المهمة في الغرب، وكذلك في البلاد العربية. وكانت ردود الفعل في الغرب مختلفة، فقد اتخذت الحكومة البريطانية من الحكومة البلشفية موقفاً متصلباً، ورفضت أن تكون لها أية صلة بها. واصبح بإمكان ألمانية نقل قواتها الموجودة في الميدان الشرقي إلى الغرب، بعد أن تحللت من واجباتها هناك. مما حقق لها الهيمنة على الوضع ولو إلى حين، إذ عاد ميزان القوى فأصبح في صالح الحلفاء مرة أخرى بدخول الولايات المتحدة الحرب في نيسان / أبريل، وهو حدث فجّره إلى حد كبير استمرار الغواصات الألمانية في إغراق البواخر الأميركية، وكذلك مهاجمة الألمان للسفن الأميركية التي كانت مستشفيات عائمة، واحتجازهم في سلسلة الاستفزازات الألمانية في شباط / فبراير مع برقية أرسلها وزير خارجية ألمانية "زيمرمان" إلى الرئيس المكسيكي "كارانزا" يحثه فيها على أن تعلن المكسيك الحرب على الولايات المتحدة وتعيد احتلال الأراضي التي أخذت منها في تكساس ونيومكسيكو وأريزونا. وكان زيمرمان يتوقع أن تقوم الولايات المتحدة بعمليات انتقامية ضد إغراق سفنها، ففكر أن إعلان المكسيك الحرب عليها سيشغلها عن ذلك. ولكن استخبارات البحرية البريطانية التقطت هذه البرقية، وتمكنت من فك رموزها. ونشرها الرئيس الأميركي وودرو ويلسن في 1 آذار / مارس سنة 1917، قبل إعلان الولايات المتحدة الحرب بخمسة أسابيع. وصادرت الحكومة الأميركية 91 سفينة ألمانية كانت راسية في ميناء نيويورك، وبدأت بتسليح أسطولها التجاري، وفي شهر أيار / مايو وافق الكونغرس على قانون خاص بالخدمة العسكرية وأمكن بموجبه تجنيد 10 ملايين جندي أميركي.

إزاء هذه الخلفية من الوضع الدولي تعرض الوثائق البريطانية التي يتضمنها هذا الجزء من الموسوعة تسلسل الأحداث في الحجاز ونجد خلال سنتي 1917 و1918، من زاوية بريطانية بطبيعة الحال.
لما حلت سنة 1917 كانت الثورة العربية قد مرت عليها سبعة أشهرن، وكانت معالمها قد اتضحت، وأهدافها قد تحددت، ولكنها مع ذلك لم تكن قد انتهت. وشهدت بداية سنة 1917 انتقال زمام المبادرة في القتال من أيدي الأتراك إلى أيدي العرب. فقد عبر الأمير عبد الله خط سكة الحديد إلى شمال المدينة، وتمركز في وادي العيص، وقام الأمير علي من رابغ نحو مواقع الأتراك في معابر الجبال فاستطاع أن يخرجهم منها وأجبرهم على التراجع إلى خط دفاعي قريب من المدينة. أما الأمير فيصل فقد أتاحت له عمليات شقيقيه أن يخرج بقواته إلى ما وراء جبهة المدينة فيستولي على الوجه، وبذلك أصبح ساحل الحجاز بأكمله في يد العرب. وزال الخطر الذي كان يهدد رابغ، ثم جاءت معركة بئر درويش، وهي من أهم المعارك في تاريخ الثورة، إذ استطاعت القوات العربية أن تستولي لأول مرة على موقع تركي حصين. وكان احتلال العقبة في تموز / يوليو 1917 نقطة تحول أخرى في الموقف، إذ تحولت الثورة العربية إلى حرب متحركة هدفها أن تستولي على دمشق التي تبعد 600 ميل شمالاً، وأصبحت الثورة بذلك جزءاً من الحرب العالمية الأولى، إذ كونت الجناح الأيمن للقوات البريطانية الزاحفة على فلسطين، وتوجهت بعثة إلى سورية، بقيادة الشريف ناصر ونسيب البكري، تدعو للثورة وتضع أسس العمل المشترك، ورافق هذه البعثة الكابتن لورنس.
وعهد الجنرال اللنبي إلى القوات العربية بمهمة قطع المواصلات بين دمشق والجنوب باحتلال درعا، المنطقة الحيوية للمواصلات، وذلك بقصد حماية الجناح الأيمن للقوات البريطانية ومشاغلة القوات التركية في شرق الأردن ومنعها من إرسال الإمدادات إلى فلسطين. وبعد احتلال درعا بدأ تراجع الجيش التركي تتعقبه القوات النظامية العربية ورجال القبائل، وانهارت الجبهة التركية في نهاية أيلول / سبتمبر ولم يتمكن الأتراك من تأليف جبهة حربية في حوران، كما لم يتكنوا فيما بعد من تأليف جبهة جديدة في دمشق، وأخذت القوات البريطانية القادمة من جبال الجليل، والقوات العربية إلى الشرق منها، تزحفان في خطين متوازيين في عملية سباق غايتها النهائية دمشق.
وتبدأ وثائق هذه المجموعة لسنة 1917 بتقرير أعده هوغارث عن الشخصيات الحجازية المهمة، وقد أعد هذا التقرير لاستعمال المكتب العربي، وقد أدرجناه نظراً للمعلومات الدقيقة والأوصاف التفصيلية التي يتضمنها لبعض الشخصيات الرئيسية في الحجاز، على الرغم من وجود عدد من الأخطاء فيه أيضاً.
أما الأحداث التي تتناولها وثائق هذا الجزء فتبدأ بقضية إنزال قوات أجنبية في الحجاز لمساعدة الجيوش العربية، وطلب الملك حسين إرسال هذه القوات في بداية الثورة ثم عدوله عن ذلك بسبب تخوفه من الاستياء الذي قد يحدثه ذلك في العالم الإسلامي. وتليها قضية تشكيل وحدة عسكرية عربية (السرية العربية) من أسرى الحرب العرب الموجودين في معسكرات الأسرى في الهند. ومجموعة من الوثائق عن المحاولات الفرنسية للتدخل في شؤون الحجاز، وموقف بريطانية من هذه المحاولات، وهنالك عدة تقارير مهمة عن الحجاز كتبها الكابتن جورج لويد (اللورد لويد فيما بعد) وتقارير عن الشعور السائد والرأي العام في مصر تجاه الثورة العربية.
وتحتوي هذه المجموعة أيضاً على مبادرات جمال باشا ورسائله إلى الأمير فيصل وجعفر العسكري ثم إلى الأمير عبد الله. وبذلك تنتهي وثائق سنة 1917.
العالم في سنة 1918
أما سنة 1918 التي تحتوي هذه المجموعة على أهم وثائقها أيضاً، فإن الوضع العالمي خلالها كان كما يأتي:
بقيت أحداث روسية طاغية على غيرها من الأحداث العالمية، فقد تداعت سريعاً الهدنة القلقة التي تم التوصل إليها بين الحكومة البلشفية وألمانية، ودخلت الجيوش الألمانية الأراضي الروسية، وصارت تهدد العاصمة بتروغراد لأجل إجبار البلاشفة على قبول شروط المعاهدة. وقد تمكن الألمان أخيراً من تحقيق هذا، ووقعت معاهدة برست ـ ليتوفسك "التأديبية" في آذار / مارس سنة 1918، وفي هذه السنة أيضاً نقلت العاصمة الروسية من بتروغراد إلى موسكو، ولكن السلم ظل بعيد المنال صعب التحقيق، إذ أصبحت روسية مهددة بالحرب الأهلية، وكان الجيش الأحمر الجديد تتحداه الجيوش "البيضاء" بقيادة كبار الضباط القيصريين السابقين. وكانت هذه الجيوش تحصل على مساعدات كبيرة من الخارج. ونزلت في "فلاديفوستوك" قوة بريطانية وأميركية ويابانية مشتركة في نيسان / إبريل، وفي شهر حزيران / يونيو استولت القوات البحرية البريطانية على ميناء "مورمانسك" للحيولة دون سقوطه بيد الألمان. ولأجل الغاية نفسها، أنزلت في ميناء آرخانكيل في شهر آب / أغسطس قوة أكبر من الأولى مؤلفة من قطعات بريطانية وفرنسية وأميركية، وفي تموز / يوليو من سنة 1918 قتل القيصر الروسي وأسرته، وسادت الفوضى في جميع أنحاء روسية.
وفي الولايات المتحدة بدأت سنة 1918 بإعلان خطة السلام المؤلفة من النقاط الأربع عشرة الشهيرة التي أعلنها الرئيس وودرو ويلسن مستهدفاً أن تجعل تلك النقاط الشعب الألماني ينقلب على حكومته. وكان هذا الأمل يقوم إلى حد ما استناداً إلى موجة الإضرابات والاضطرابات التي اجتاحت ألمانية والنمسا. ومع ذلك فإن الجيوش الألمانية في فرنسة، التي عززتها القوات التي جاءت من الجبهة الشرقية، اتخذت موقف الهجوم، وشنت حملة كبيرة على امتداد الحدود في آذار / مارس وخرقت خطوط الحلفاء في عدة أماكن، وتقدم الألمان بسرعة، وأخذوا ألوف الأسرى. ولما تداعت مواقع الحلفاء الدفاعية وأصبح الألمان على بعد 45 ميلاً فقد من باريس، تولى الماريشال (فوش) القيادة العامة لقوات الحلفاء، وأخيراً أمكن صد التقدم الألماني، وبدأت الهجمات المضادة من جانب الحلفاء.
البلاد العربية في سنة 1918
ففي المنطقة العربية استمرت عمليات الثورة في ميادينها الشمالية والشرقية والجنوبية، وكانت جيوش ألمانية وحليفتها تركية قد أخذت تتراجع في شتى ميادين القتال خطوة بعد خطوة، وفي شهر أيلول / سبتمبر قام الجيش البريطاني بقيادة الجنرال اللنبي بهجوم واسع النطاق على الجيوش العثمانية المواجهة له. وقد سبق له في خريف سنة 1917 أن استولى على معظم أراضي فلسطين. وفي الوقت نفسه قام (الجيش الشمالي) بقيادة الأمير فيصل بهجوم مماثل في جبهته، وسبق الجيش البريطاني في عملياته ببضعة أيام، وتراجعت الجيوش العثمانية عن فلسطين وشرق الأردن على غير انتظام، ودخل العرب درعا ثم دخلوا دمشق يوم 1 تشرين الأول / أكتوبر ورفعوا العلم العربي فيها. وواصلت وحدات الجيش الشمالي تقدمها في سورية حتى دخلت حلب.
وجاءت نهاية الحرب العظمى بصورة سريعة ومفاجئة، ففي البلقان كانت بلغارية قد استسلمت في نهاية أيلول / سبتمبر 1918، وبعدها شهر واحد جاء استسلام القوات التركية التي كانت على شفا الانهيار، وفي 30 تشرين الأول / أكتوبر تقدمت ألمانية بطلب هدنة، وبدأت محادثات السلام، وفي اليوم نفسه استسلمت الدولة العثمانية، وبعد ثلاثة أيام وقعت النمسة على اتفاقية الهدنة، وفي 9 تشرين الثاني / نوفمبر تنازل القيصر الألماني عن العرش، وأعلنت الجمهورية في ألمانية، وبعد يومين تسلم الماريشال فوش وثائق استسلام ألمانية، وفي الساعة الحادية عشرة من صباح 11 تشرين الثاني / نوفمبر انقطعت أصوات المدافع في جميع أنحاء أوروبا، وانتهت الحرب العالمية الأولى بعد أن كبدت البشرية عشرة ملايين قتيل، وانتهت معها الثورة العربية.
ولما عقدت الهدنة العامة بين الحلفاء وألمانية، وبدأت الاستعدادات لعقد مؤتمر الصلح في باريس، استفسرت وزارة الخارجية البريطانية من اللنبي في دمشق، ووينغيت في القاهرة، عن رأيهما في توجيه الدعوة إلى الملك حسين، ملك الحجاز، للمشاركة في مؤتمر الصلح، باعتباره مساهماً في المجهود الحربي للحلفاء، على أن يمثله ابنه الأمير فيصل، فلما أيدا الفكرة أبرق الملك حسين إلى فيصل طالباً إليه السفر إلى المؤتمر مندوباً عنه، فتوجه فيصل إلى فرنسة في يوم 22 تشرين الثاني / نوفمبر 1918 على ظهر الطراد "غلوستر" قاصداً فرنسة، ورافقه نوري السعيد ورستم حيدر والدكتور أحمد قدري، وفائز الغصين[1] (http://www.shmmr.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=112#_ftn1).
وقد وصل الطراد إلى مارسيليا في يوم 26 تشرين الثاني / نوفمبر، وكان في استقبال فيل "لورنس" موفداً من الحكومة البريطانية، والمسيو برتران عن الحكومة الفرنسية. ولما وصل فيصل إلى مدينة ليون أبلغه الكرنل بريمون ـ المندوب الفرنسي الثاني ـ أنه ليست لدى فرنسة أية معلومات عن المهمة الرسمية التي أنيطت بفيصل في فرساي "ولذلك فليس من المرغوب فيه أن تواصل سفرك إلى باريس"[2] (http://www.shmmr.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=112#_ftn2)، وكان ذلك صدمة كبيرة لفيصل.
وبعد أن قضى فيصل في فرنسة عشرة أيام، زار خلالها بعض المدن الفرنسية، وميادين الحرب، وجهت إليه الدعوة أخيراً لزيارة باري بنتيجة ضغط شديد من بريطانية، فسافر إليها، واستقبله رئيس الجمهورية بوانكاريه، وفي مساء يوم 9 كانون الأول / ديسمبر 1918 غادر فيصل وحاشيته فرنسة إلى انكلترة، فوصل لندن في اليوم التالي. وعاد فيصل إلى باريس في 7 كانون الثاني / يناير 1919 لحضور مؤتمر الصلح مندوباً عن الحجاز. ويحتوي الجزء الرابع (المتضمن وثائق سنة 1919 على تفاصيل اجتماعات فيصل في باريس ولندن، والمذكرات التي قدمها إلى مؤتمر الصلح، ومقابلاته مع الشخصيات الفرنسية والبريطانية).


* * *

.
المذكرات والتقارير
ويحتوي هذا الجزء، شأن الأجزاء السابقة، على الكتب والبرقيات المتبادلة بين الجهات البريطانية المعنية في جدة والقاهرة والبصرة وبغداد ولندن والهند وعدن حول شؤون المنطقة، وتطورات العمليات العسكرية للثورة، وكذلك على مراسلات الملك حسين وأولاده مع المسؤولين البريطانيين، وأحياناً مع بعضهم، وكذلك على مراسلات الأمير عبد العزيز بن سعود مع الممثلين البريطانيين في المنطقة ومع الملك حسين وحكام المنطقة الآخرين.
وإضافة إلى المراسلات بين الجهات المختلفة، فإن من أهم محتويات الوثائق البريطانية التقارير المفصلة والدراسات التي كانت تعد في الدوائر المختلفة عن الشؤون العربية مثل وزارة الخارجية والبحرية والهند والمكتب العربي في القاهرة ودوائر الاستخبارات العسكرية والمدنية. وتأتي بعض هذه التقارير مفصلة جداً، وتستغرق عشرات الصفحات التي تحفل بكثير من المعلومات المفيدة عن السياسة البريطانية وعملية صنع القرارات. منها على سبيل المثال وليس الحصر، مذكرة للكابتن براي بعنوان "القضية الإسلامية" تبحث في تأثيرها في الحوادث في الهند وفي بلاد العرب ومستقبل الإسلام حين لا تعود تركية دولة يعلق العالم الإسلامي آماله عليها. ومنها تقرير مهم للجنرال وينغيت إلى وزير الحرب عن سير الحركات العسكرية خلال عام، منذ تسلمه إدارتها. ومذكرتان للكابتن جورج لويد (اللورد لويد فيما بعد) عن وضع الحجاز كما هو موضح في الاتفاقات الحديثة، ومذكرة لهوغارث عن الاتفاقية البريطانية ـ الفرنسية ـ الروسية وخلفيتها، ومذكرات للورنس عن مقابلاته مع الشريف حسين وموقفه العقائدي ورأيه في العقائد الإسلامية "للمذهب الوهابي" [3] (http://www.shmmr.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=112#_ftn3) ، ومذكرة أعدت في (المكتب العربي)
بالقاهرة بعنوان "مصر والحركة العربية" ومذكرة عن مباحثات أجراها الكرنل ويلسن والميجر كورنواليس مع الأمير عبد الله ، ومذكرة "الزعماء السوريين السبعة" إلى الحكومة البريطانية عن مستقبل البلاد العربية بعد الحرب، ورد الحكومة البريطانية عليها الذي سلم إلى اثنين منهم بواسطة الكوماندر هوغارث ، وتقارير مفصلة للمعتمد البريطاني في جدة إلى وينغيت عن ثلاث محادثات مطولة أجراها مع الملك حسين، ومذكرة للجنرال كلايتن عن الحالة الذهنية للملك حسين بسبب عدم اطمئنانه لسياسة الحكومة البريطانية إزاءه . ثم خلاصة مهمة وتفصيلية عن "ثورة الحجاز" أعدت في رئاسة الأركان العامة. ومذكرة تفصيلية عن (التزامات بريطانية للملك حسين) وأخرى عن (التزامات بريطانية للأمير عبد العزيز بن سعود).
الوثائق عن نجد
ويختص (القسم الثاني) من المجموعة بالوثائق البريطانية المتعلقة بأمير نجد عبد العزيز بن سعود والمراسلات معه ومع الجهات المعنية حول علاقاته بابن رشيد وبالملك حسين. وهو يحتوي أيضاً على تقرير مفصل من الكرنل هاملتن، المعتمد السياسي في الكويت عن محادثات أجراها في الرياض مع الأمير عبد العزيز آل سعود ، كما يحتوي على مجموعة من الرسائل المتبادلة بين الأمير عبد العزيز آل سعود والملك حسين . ومن أهم محتويات هذا القسم أيضاً مذكرة مفصلة للسير برسي كوكس عن "علاقات بريطانية مع ابن سعود" (تسلسل 197) وتقرير مفصل كتبه فيلبي عن البعثة التي ترأسها إلى الرياض واستغرقت سنة كاملة للتعامل مع (الإمام) عبد العزيز آل سعود في أمور معينة ذات أهمية متبادلة، مع ملاحق عديدة تحتوي على وثائق مهمة تتعلق بالموضوع.


* * *

أما الأسلوب الذي اتبع في نقل هذه الوثائق وترجمتها، فهو كما ذكرنا في الأجزاء السابقة ، يتوخى الدقة التامة، دون أي حذف أو تعديل في الوثيقة أو تصرف في ترجمتها. وذلك هو المبدأ الذي التزمنا به في هذه الموسوعة على الدوام.
وتحتوي المجموعة، شأن المجموعات السابقة أيضاً ، على فهرس تحليلي مفصل يتضمن خلاصات لكل وثيقة من الوثائق المدرجة في المجموعة، وذلك تسهيلاً لمراجعتها، كما تحتوي على نبذة عن أهم الشخصيات التي ورد ذكرها في الوثائق أو أسهمت في إعدادها.
وأكرر بهذه المناسبة شكري الفائق للأستاذ سليمان موسى الذي تفضل بقراءة الكتاب وأبدى عليه ملاحظات وتصحيحات قيمة، كما سمح بنقل الأصل العربي لخمس عشرة وثيقة سبق له أن نشرها نقلاً عن أوراق الأمير زيد، وبذلك أعفانا من إعادة ترجمتها إلى العربية نقلاً عن الترجمة الإنكليزية.
أما ما تبقى في الكتاب من أخطاء ونواقص فتقع تبعتها على كاتب هذه السطور وحده.
ويلي هذا الجزء الثالث، الجزء الرابع الذي سيختص بالوثائق البريطانية عن الجزيرة العربية لسنة 1919 ، والله ولي التوفيق.


نجدة فتحي صفوة






-------------------

البرمكي
08-02-2009, 09:45
الشخصيات الرئيسية

التي ورد ذكرها في الوثائق

أو أسهمت في إعدادها
آللنبي، ادموند هنري (1861 ـ 1936):
ادموند هنري آللنبي (الماريشال واللورد). ولد في نوتينغها مشاير بإنكلترة. وتخرج في الأكاديمية العسكرية الملكية في ساندهرست سنة 1882، وخدم في الهند، وحارب في جنوب أفريقية، ولما نشبت الحرب العالمية الأولى سنة 1914 قاد فرقة من الخيالة إلى فرنسة واشترك في معارك الجبهة الفرنسية.
بدأت خدمة آللنبي في البلاد العربية في حزيران /
يونيو سنة 1917، وبها بدأت شهرته الحقيقية ونجاحه. وقد تولى قيادة ما سمّي "الحملة الاستطلاعية المصرية" وحقق انتصارات حاسمة على الأتراك في غزة في تشرين الثاني / نوفمبر 1917 وبذلك مهّد لفتح القدس في الشهر التالي. وفي تلك الأثناء كان جيش الثورة العربية الشمالي بقيادة الأمير فيصل قد استولى على العقبة، فاعتبر آللنبي ذلك الجيش جناحاً أيمن له. ثم تلكأ تقدم قواته بعض الشيء، بسبب نقل قطعات عديدة منها للقتال في الجبهة الفرنسية، ولكنه بعد حصوله على تعزيزات جديدة تقدم بقواته في أيلول / سبتمبر 1918 شمالاً حتى بلغ مشارف دمشق مع القوات العربية، ولكن سمح للأمير فيصل بدخول دمشق قبله لإثبات الوجود العربي فيها.
وفي 31 آذار / مارس سنة 1919 عُيّن آللنبي مندوباً سامياً في مصر خلفاً للجنرال السير ريجنالد وينغيت، وتميز عهده بنشوب الثورة المصرية التي ردت عليها السلطات البريطانية بإجراءات قمع شديدة وبنفي سعد زغلول وأصحابه إلى جزيرة سيشيل بعد أن كان قد أفرج عنه من منفاه في جزيرة مالطة.
عاصر آللنبي أيضاً سلسلة المفاوضات الفاشلة بين مصر وبريطانية، ومنح لقب "لورد" و"فايكاونت" في تشرين الأول / أكتوبر سنة 1919، وقد استقال من منصبه في مصر سنة 1925 عائداً إلى إنكلترة، وتوفي في عام 1936 عن 75 عاماً.
بلفور، آرثر جيمس (1848 ـ 1936):
ولد آرثر جيمس بلفور لأسرة اسكتلندية عريقة، ودرس في مدرسة "إيتن" ثم في جامعة كمبردج، وعلى أثر تخرجه انتخب لعضوية مجلس العموم عن حزب المحافظين، وكان في بداية حياته العملية سكرتيراً خاصاً لخاله روبرت سيسل، ثم تقدم بصورة سريعة، واشترك في الوزارة للمرة الأولى مع ساليزبوري في وزارته الثانية فأصبح وزيراً لشؤون إيرلندة وكان وزيراً قوياً وناجحاً، وعلى أثر تقاعد اللورد ساليزبوري في سنة 1902 عهد إليه برئاسة الوزراء، ولكنه فشل في الانتخابات العامة لسنة 1905، وفي سنة 1911 استقال من رئاسة الحزب فخلفه فيها "بونار لو" ثم عاد إلى الحكم في الحكومة الائتلافية التي ألّفت على أثر نشوب الحرب العالمية الأولى، فأصبح وزيرا ً للبحرية في وزارة "آسكويث" ثم وزيراً للخارجية في وزارة "لويد جورج" (1916 ـ 1919).
وفي سنة 1917، وخلال الحرب العالمية أصدر تصريحه سيء الصيت حول إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وكان ذلك بضغط من حاييم وايزمان وناحوم سوكولوف وغيرهما من اليهود ذوي النفوذ في بريطانية. وقد جاء التصريح أو الوعد في صيغة كتاب موجه إلى البارون روثتشايلد رئيس الفرع الإنكليزي لأسرة مصرفية يهودية.
وعلى الرغم من مسؤولية بلفور عن تصريحه، فإنه جاء ناطقاً باسم "الحكومة البريطانية" ومعبراً عن سياستها، ولم يكن تصريحاً شخصياً.
أما الدوافع السياسية التي حدت بالحكومة البريطانية على إصدار هذا التصريح فكانت رغبتها في استمالة العناصر الصهيونية القوية في ألمانية والنمسا خاصة، وفي سائر أنحاء العالم بصورة عامة، وكذلك إيمانها بمقدرة اليهود في الضغط على الرئيس الأميركي ويلسن لحمله على دخول الحرب في وقت لم تكن الولايات المتحدة قد قررت فيه دخولها بعد. وقد يكون من أهم تلك الدوافع أيضاً ما ارتأته الحكومة البريطانية من أنه يؤدي إلى جعل فلسطين، المتاخمة لقناة السويس، منطقة نفوذ بريطانية تحمي مركزها في مصر وتحقيق الهدف الاستعماري الذي بدأ بسياسة "بالمرستون" ـ رئيس الوزراء الأسبق ـ الذي دعا عام 1849 إلى زرع كيان استيطاني في فلسطين ليكون حاجزاً بين مصر والمشرق العربي، ويشق الوطن العربي شقّين، وبذلك يقلل من إمكانات قيام كيان عربي موحّد متماسك قد يكون في المستقبل قوة ذات شأن تهدد مصالح الإمبراطورية.
تولى بلفور بعد الحرب الوزارة مرتين في سنتي 1919 و1925، وكان مسؤولاً إلى حد كبير عن المفاوضات التي حددت العلاقات بين بريطانية والدمنيونات. وفي سنة 1925 شارك في افتتاح "الجامعة العبرية" بالقدس فاستقبلته فلسطين، والأكثرية العربية الساحقة فيها، بالإضراب العام. ولما ذهب إلى دمشق بطريق عودته استقبل بمظاهرات صاخبة، واضطرّت السلطات الفرنسية إلى تهريبه تحت حراسة مشددة.
وليس هنالك اسم بغيض على أسماع العرب والمسلمين مثل اسم بلفور الذي يعد تصريحه الآثم رمزاً للمغالطة الانتهازية واللاأخلاقية السياسية واللاإنسانية وتشجيعاً لاغتصاب وطن وتشريد شعب بكامله بصورة لم يسبق لها في التاريخ مثيل.
تشلمزفورد، فريدريك جون (اللورد) (1868 ـ 1933):
ولد سنة 1868 لأسرة نبيلة ودرس في جامعة أوكسفورد، ثم نال شهادة المحاماة، وكان عضواً في مجلس مقاطعة لندن (1904 ـ 1905) في السنة الأخيرة عين حاكماً لكوينسلاند في أوسترالية فحاكماً لمقاطعة نيوساوث ويلز (1909 إلى 1913). ولما نشبت الحرب العالمية الأولى التحق بالجيش في الهند وفي نيسان / إبريل 1916 عينّ نائباً للملك في الهند إلى سنة 1921 وبعدها تقلّد وزارة البحرية في أول وزارة عمالية في إنكلترة سنة 1924.
توفي سنة 1933.
جمال باشا، أحمد: (1872 ـ 1922):
وزير البحرية في عهد الاتحاديين. تخرج في المدرسة الحربية و انتمى إلى حزب الاتحاد والترقي وقام بدور فعال في تهيئة انقلاب المشروطية الثاني سنة 1908 فأصبح من أكثر رجال الحزب نفوذاً. عين والياً عسكرياً في آطنة سنة 1909 وبغداد سنة 1911 ثم إستانبول. عين وزيراً للبحرية، ولما نشبت الحرب العالمية الأولى عين قائداً للجيش الرابع ووالياً عسكرياً في سورية، وهناك نكّل بأحرار العرب، وأعدم عدداً كبيراً منهم ولقّب بالسفاح. عاد إلى تركية، ولما انتهت الحرب بهزيمة ألمانية وتركية هرب على باخرة ألمانية (مع طلعت وأنور) وفي سنة 1922 قتله شخص أرمني من تفليس.
خالد بن لؤي (... ـ 1933):
خالد بن منصور بن لؤي، من أشراف الحجاز ومن العبادلة (نسبة إلى عبد الله من ذوي حمود). كان أميراً للخُرمة (قرب الطائف). وعند نشوب الثورة العربية وجهه الشريف (الملك) حسين مع ابنه عبد الله لحصار بقايا الأتراك في الطائف، ثم للمرابطة بوادي العيس في شرقي المدينة. واعتدى أحد شيوخ عتيبة على خالد، ولم ينتصر له عبد الله، ففارقه خالد وعاد إلى الخرمة، وكتب إلى عبد العزيز آل سعود ، سلطان نجد، يعرض عليه طاعته وولاءه. ولما علم الشريف حسين والشريف عبد الله بالأمر وجها إليه ثلاث حملات صغيرة تغلب عليها خالد، وبعد انتهاء الحرب العامة زحف الأمير عبد الله بقواته على "الخرمة"، ودخل "تربة" القريبة منها. وأرسل ابن سعود قوة صغيرة على رأسها "سلطان بن بجاد" ـ شيخ عتيبة ـ لمساعدة خالد، وبوغت عبد الله بغارة "الإخوان" يتقدمهم خالد وسلطان، فكانت وقعة "تربة" المشهورة في سنة 1919، وقد نجا منها عبد الله بصعوبة. اشترك خالد بن لؤي في حصار جدة بعد تنازل الملك حسين لابنه الملك علي، ثم أقام مع الملك عبد العزيز بن سعود في مكة إلى أن اعتزم الملك عبد العزيز أن يستولي على عسير، فرافق خالد القوات السعودية واشترك في الهجوم على بلدة "صبيا"، فمرض في "أبها" وأبى إلاّ مرافقة الجند، ومات قبيل دخول صبيا عن نحو سبعين عاماً.
رفيق العظم (1867 ـ 1925):
من رجال النهضة الفكرية في سورية ومن علمائها الأفاضل. ولد في دمشق، ونشأ ميالاً إلى التاريخ والأدب وزار مصر في صباه ثم استقر فيها سنة 1898 وشارك في كثير من الأعمال والجمعيات الإصلاحية والسياسية والعلمية ونشر بحوثاً في كبريات الصحف. وشارك في كثير من الأعمال والجمعيات الإصلاحية والسياسية والعلمية. انتخب رئيساً لحزب "اللامركزية" الذي أسسه عدد من المثقفين السوريين، وقام بدور كبير في الحركة القومية العربية، وكان حزباً معتدلاً هدفه السعي لاتخاذ اللامركزية أسلوباً للحكم في الولايات العثمانية بمنح كل ولاية قسطاً من الاستقلال الإداري لكي تستطيع تنفيذ الإصلاحات الضرورية ومقاومة الاعتداء الأجنبي إذا تعذرت مساعدة الدولة المركزية لها، لئلا يتكرر ما حدث في طرابلس الغرب. وقد أنشئت للحزب فروع في شتى المدن السورية والعربية الأخرى.
كان رفيق العظم أحد "السوريين السبعة" الذين قدموا إلى وزير الخارجية البريطانية ـ بواسطة المندوب السامي في مصر ـ مذكرتهم المشهورة (انظر نصها في الوثيقة رقم 156 ص 398 من هذا الجزء). وقد حاول الملك حسين أن يوثق صلاته بالسوريين المقيمين في مصر، فدعا رفيق العظم، بوصفه رئيساً لحزب اللامركزية، إلى زيارة الحجاز في نيسان / أبريل سنة 1917، ولكن رفيق العظم اعتذر بانحراف صحته.
له مؤلفات كثيرة منها "أشهر مشاهير الإسلام في الحرب والسياسة" في أربعة أجزاء، و"البيان في كيفية انتشار الأديان" .. إلخ. وبعد وفاته صدرت في القاهرة مجموعة من مقالاته بعنوان "آثار رفيق بك العظم".
سايكس، السير مارك (1879 ـ 1919):
سياسي ودبلوماسي بريطاني، كاثوليكي، درس اللغات والعلوم الشرقية في جامعة كمبردج وقام برحلات واسعة في أنحاء الدولة العثمانية وألف بضعة كتب عنها. وكان قبل الحرب العالمية الأولى قنصلاً في السفارة البريطانية في إستانبول لفترة قصيرة. انتخب عضواً في مجلس العموم عن حزب المحافظين ثم عمل في وزارة الخارجية في مناصب مختلفة وعينه اللورد ملنر مستشاراً للشؤون الشرقية في مكتب رئيس الوزراء. وقد اشتهر اسم مارك سايكس بأنه أحد طرفي اتفاقية سايكس ـ بيكو، ولكن المؤرخ توينبي (الذي زامله في الوفد البريطاني إلى مؤتمر الصلح في باريس) يقول إن مارك سايكس شوهت سمعته ظلماً إذ حملت الاتفاقية السرية اسمه مع أنه لم ينضم إلى المحادثات الخاصة بها إلاّ قرب نهايتها ليحل محل السير هارولد نيكلسن الذي ترأس المفاوضات حتى تلك اللحظة: (انظر: Arnold J.Toynbee, The Western Question in Greece and Turkey London, 1922, p. 48)، وهناك ملاحظة مماثلة في مذكرات لويد جورج وفي مصادر أخرى يتبين منها أن مارك سايكس لم يكن راضياً كل الرضى عن تلك الاتفاقية وأنه كان يعمل على تعديلها. وقد توفي سايكس في بداية مؤتمر الصلح، على أثر إصابته بالانفلونزا وهو في الأربعين من عمره.
ستورز، السير رونالد هنري أمهرست Storrs, Sir Ronald Henry Amherst (1881 ـ 1955):
ولد في بيوري، سنت ادموندز، بمقاطعة سفولك وتخرج في جامعة كمبردج سنة 1903 وفي السنة التالية دخل الخدمة المدنية البريطانية في مصر وقضى في وظائفها خمس سنوات درس خلالها اللغة العربية.
وفي سنة 1909 عين سكرتيراً شرقياً للوكالة البريطانية في القاهرة مع غورست ثم مع كتشنر، ولما نشبت الحرب العالمية الأولى بقي ستورز في الوكالة سكرتيراً شرقياً مع السير هنري مكماهون وكان على صلة وثيقة بمفاوضاته ومراسلاته مع الشريف وذهب إلى جدة لمقابلته وإجراء محادثات معه بشأن الثور العربية. ويشير إليه لورنس كثيراً في «أعمدة الحكمة السبعة». عين في سنة 1917 حاكماً عسكرياً على القدس ثم حاكماً مدنياً لها عند نفي الملك حسين إليها، ولم يعامله هناك بالاحترام اللائق به كملك سابق، ثم عين ستورز حاكماً لشمال روديسيا وعلى أثر انتهاء خدمته في عام 1932 تقاعد عن العمل لسوء صحته وعاد إلى إنكلترة وتوفي عام 1955 ـ له كتاب مهم يروي فيه سيرته وذكرياته وعن أعماله عنوانه (Orientations) نشر سنة 1939.
أمير اللواء شكري (باشا) الأيوبي (1851 ـ 1922):
من رجالات سورية الوطنيين، ولد في دمشق وتخرج في الكلية الحربية في الآستانة، وعمل في الحقل الوطني العربي، اعتقله جمال باشا (مع شكري القوتلي وفارس الخوري وآخرين) بعد تنفيذ أحكام الإعدام بالشهداء العرب في 6 أيار / مايو، وحل الديوان العرفي، واستصدر حكماً بإعدامهم بتهمة التآمر لإشعال ثورة عربية للانتقام من جمال، ولكن ديوان التمييز العسكري في العاصمة نقض تلك الأحكام، فأصر جمال على بقائهم معتقلين، فبقي الأيوبي معتقلاً في سجن (خان البطيخ) بدمشق، وأنزل به أشد أنواع التعذيب وهو رجل مسن وقور، حتى مغادرة جمال سورية.
ولما اقترب فيصل من دمشق طلب إلى أعوانه فيها تسلم زمام الأمور حال انسحاب الأتراك، ورفع العالم العربي على أبنية الحكومة، وقد تسلم الأيوبي إدارة دمشق من وكيل الوالي التركي قبيل مغادرته، فبقي على رأسها لمدة يومين حتى وصل فيصل وعين علي رضا باشا الركابي حاكماً عسكرياً على دمشق وشكري الأيوبي حاكماً عسكرياً لبيروت، وطلب إليه التوجه إليها في الحال لإعلان قيام الحكومة العربية فيها ورفع العلم العربي بناء على طلب أهلها، فذهب على رأس قوة صغيرة، فاستاء الفرنسيون لهذه الخطوة وحملوا الجنرال اللنبي على إصدار أمر بإنزال الأعلام العربية وانسحاب شكري الأيوبي، فرفض الأيوبي الاستجابة لهذا الأمر، ولكن اللنبي نفذ ذلك بالقوة، فاضطر الأيوبي إلى العودة إلى دمشق وعين بعد ذلك حاكماً عسكرياً على حلب، ولكنه نقل منها بعد حوادث الأرمن، وعين جعفر العسكري خلفاً له.
علي رضا (باشا) الركابي (1866 ـ 1942):
كان من أبرز الشخصيات السياسية في سورية في عهد فيصل، وأول رئيس للوزراء في حكومتها العربية. ولد في دمشق، وتخرج في المدرسة الحربية في إستانبول وتدرج في المناصب العسكرية حتى رقي في سنة 1912 إلى رتبة لواء وعين قائداً في القدس ثم محافظاً وقائداً في المدينة المنورة، ثم نقل إلى العراق.
أحيل على التقاعد سنة 1914 بعد أن أشار على الدولة العثمانية بالبقاء على الحياد في الحرب العالمية الأولى، وعاد إلى دمشق قبيل الثورة.
ولما دخل الجيش العربي دمشق سنة 1918 عين حاكماً عسكرياً لسورية. وقد بقي الركابي في هذا المنصب حتى خلفه فيه الأمير زيد، فنقل مديراً للحربية (أي وزيراً للدفاع) حتى إعلان الاستقلال وتتويج فيصل، فكان أول رئيس للوزراء بعد الاستقلال. ولما احتل الفرنسيون سورية غادرها إلى شرق الأردن وتولى رئاسة الوزراء فيها مرتين، وعاد إلى سورية في سنة 1926 معتزلاً السياسة وأقام في دمشق حتى وفاته.
الشيخ عودة أبو تايه (1858 ـ 1924):
زعيم حويطات التوايهة الذين يقيمون عادة حوالى معان. ومن أشهر فرسان البدو في تلك الفترة. قام بدور مهم في عمليات الثورة ودعم الجيش الشمالي.
وتحدث عنه لورنس كثيراً في «أعمدة الحكمة السبعة» وكتاباته الأخرى.
فؤاد الخطيب (1880 ـ 1957):
من رجال الملك حسين ووزير خارجيته ومحرر جريدته (القبلة)، وكان من كبار شعراء العرب المعاصرين، وأصبح سفيراً للمملكة العربية السعودية في كابل.
ولد في قرية «شحيم» من أعمال جبل لبنان، وكان والده الشيخ حسين الخطيب رئيساً لمحكمة جبل لبنان، ودرس في بيروت، واشترك في الجمعيات العربية السرية التي كانت تعمل على استقلال البلاد العربية، وكان أحد مؤسسي «حزب الاتحاد اللامركزي»، وظهرت موهبته الشعرية في سن مبكرة، ونشر قصائد وطنية كثيرة. انتقل إلى يافا لتدريس اللغة العربية في بعض مدارسها، ولما بدأ جمال باشا التنكيل بالوطنيين كان فؤاد الخطيب أحد الذين حكم عليهم المجلس العرفي في «عاليه» بالإعلام، وفي ذلك قال:
حكموا علي بأن أموت وما دروا أني بلغت من الخلود مرادي
وتمكن من الفرار إلى مصر، حيث توطدت علاقاته بكبار شعرائها، ثم انتدب للتدريس في (كلية غوردون) بالخرطوم، وبقي هناك حتى سنة 1916 فلما أعلن الشريف حسين الثورة العربية، وظهرت الحاجة إلى إصدار جريدة تنطق بلسانها، اختاره الإنكليز لتحرير هذه الجريدة التي سميت (القبلة) وأوفد إلى الحجاز لهذه الغاية. وبعد ان قام بتحرير الجريدة مدة من الزمن عين وكيلاً لوزارة الخارجية ثم وزيراً للخارجية[1] (http://www.shmmr.net/vb/showthread.php?p=709837&styleid=38#_ftn1) ثم تألفت الحكومة العربية في دمشق، وبويع الأمير فيصل بن الحسين ملكاً لسورية، فعين فؤاد الخطيب معتمداً للحكومة الحجازية لديها، وعاد بعد معركة ميسلون والاحتلال الفرنسي لسورية إلى مكة فاصبح وزيراً للخارجية حتى انتهاء الحكم الهاشمي في الحجاز، وبعده انتقل إلى شرقي الأردن في عام 1921 مستشاراً (للأمير) عبد الله ولكنه استقال وغادر عمان في عام 1939، واستقر في لبنان، وبقي فيها حتى سنة 1945، ثم عرض خدماته على الملك عبد العزيز آل سعود فاستدعاه الملك عبد العزيز إلى الرياض وجعله مستشاراً له، ثم عين وزيراً مفوضاً للمملكة العربية السعودية في كابل، فبقي فيها نحواً من عشر سنوات، وتوفي فيها. نشر ديوانه في القاهرة في عام 1959 بعد وفاته بسنتين.
مكماهون، السير آرثر هنري (Sir Arthur Henry MacMahon) (1862 ـ 1949):
المندوب السامي البريطاني في مصر، وصاحب المراسلات الشهيرة مع الشريف حسين أمير مكة. درس في كلية هيليبري وكلية ساندهرست العسكرية، وتخرج ضابطاً في الجيش سنة 1883، ثم انتقل إلى الدائرة السياسية لحكومة الهند، وعين في بلوجستان في سنة 1901 وتنقل في المناصب الإدارية حتى تقلد منصب سكرتير الشؤون الخارجية لحكومة الهند البريطانية (1911 ـ 1914) وكان سنة 1913 ـ 1914 المفوض البريطاني لعقد المعاهدة مع الصين والتبت. وعين في أواخر سنة 1914 أول مندوب سام لمصر بعد إعلان الحماية، وحضر مؤتمر الصلح في سنة 1919 مندوباً عن بريطانية في اللجنة الدولية للشرق الأوسط.
نوري الشعلان (1874 ـ 1942):
نوري بن هزّاع بن نايف الشعلان: شيخ مشايخ "الروله" من عنزة. كانت إقامته على الأكثر في جهات قرية "عدّره" شرقي دمشق، مع عشيرته، وهم من العرب الرحل. وكان قد اغتال شقيقين له في شبابه لينفرد بالحكم فانقادت إليه قبائل "الروله"، وخافته بادية الشام. وقد صانع الحكومات المتعاقبة في سورية من عثمانية، وعربية، وفرنسية، على اختلاف ألوانها، وفاز بعطاياها، وجمع ثروة ضخمة، وسكن دمشق حتى وفاته، ودفن في قرية "عدّره".
كوكس، السير برسي (Sir Percy Cox) (1864 ـ 1937):
المقيم السياسي البريطاني في الخليج العربي خلال الحرب العالمية الأولى. تخرج في الكلية العسكرية وخدم في الهند والصومال ثم عين مقيماً سياسياً وقنصلاً في مسقط عام 1899 وكانت هذه بداية علاقة طويلة له بمنطقة الخليج العربي والعراق حيث أصبح بعد ذلك مقيماً سياسياً في الخليج العربي وقنصلاً عاماً في بوشهر وتوثقت علاقات متبادلة من الثقة والاحترام بينه وبين الشيخ خزعل حاكم المحمرة والشيخ مبارك الصباح حاكم الكويت وبواسطته دخل في علاقات مع عبد العزيز بن سعود الذي تنبأ كوكس بأنه سيكون له شأن كبير في الجزيرة العربية . وفي أوائل سنة 1914 عين سكرتيراً للشؤون الخارجية لحكومة الهند، ثم ذهب إلى العراق مع الحملة البريطانية بصفة ضابط سياسي. أرسل في سنة 1915 وزيراً مفوضاً في طهران ثم عين مندوباً سامياً في العراق بعد إعلان الانتداب ودبر ترشيح فيصل وانتخابه ملكاً للعراق. حصل كوكس في جنوب إيران والخليج العربي والعراق على سمعة ومكانة لم ينلهما بريطاني آخر، وذلك بسبب شخصيته وكفاءته واستقامته وأصبح في العراق أشبه بأسطورة، وكان رجال العشائر يسمونه (كوكز) وسمى بعضهم أبناءهم باسم (كوكز) إعجاباً به. تقاعد عن الخدمة في سنة 1923 وعاد إلى إنكلترة وتوفي فيها سنة 1937.
اللفتنانت كرنل ويلسن باشا (1873 ـ 1938):
أول معتمد بريطاني في الحجاز. كان أبوه لواء في الجيش البريطاني، والتحق هو بالخدمة العسكرية سنة 1893 ونقل بعد خمس سنوات إلى الجيش المصري وشهد حرب السودان (1898) وفي سنة 1902 نقلت خدماته إلى الحكومة السودانية برتبة (ميرالاي) بعد استعادة الحكومة البريطانية لهذا القطر. عين حاكماً لمقاطعة سنار (1904 ـ 1908) فالخرطوم (1908 ـ 1913) فمقاطعة البحر الأحمر (1913 ـ 1922) واعتزل الخدمة في السنة الأخيرة برتبة لواء في الجيش المصري و(كرنل) في الجيش البريطاني.
لما قامت الثورة العربية في الحجاز سنة 1916 انتدب قنصلاً في جدة ومعتمداً لدى الشريف حسين الذي أصبح ملك الحجاز. وأدى بهذه الصفة خدمات كثيرة للقضية العربية، وكان كما يبدو أيضاً من تقاريره ومراسلاته التي فتحت فيما بعد ـ متعاطفاً مع الملك وأبنائه الأربعة، يلتزم جانبهم في المفاوضات ويحث الحكومة البريطانية على مساعدتهم والاستجابة لطلباتهم، كما حاول إقناع ممثل الحكومة الفرنسية جورج بيكو بالتجاوب مع وجهة النظر العربية أو على مزيد من التفهم لها. وترك منصبه في جدة سنة 1919 وعاد إلى عمله في السودان واعتزل الخدمة في سنة 1922 ربما بسبب انحراف صحته.
وينغيت، فرانسيس ريجنالد (1861 ـ 1953):
تخرج في الأكاديمية العسكرية الملكية ضابط مشاة في سنة 1880 وغادر إلى الهند وهو ملازم شاب لم يبلغ الحادية والعشرين من عمره. فبدأ حالاً بدراسة اللغات الشرقية، وحصل على أعلى الدرجات في امتحان اللغات العربية والهندية وغيرهما. ثم نقل إلى عدن، ومن هناك رشحه القائد العام للقوات البريطانية إلى السير إيفلين وود، سردار الجيش المصري، للخدمة في مصر، فاختاره السردار مرافقاً له. وعلى أثر نقل السير إيفلين وود إلى إنكلترة تبعه وينغيت وبقي مرافقاً له. ثم عاد إلى الجيش المصري، وعين مساعداً للسكرتير العسكري للجنرال غرانفيل الذي كان سرداراً للجيش المصري، وفي سنة 1882 نقل إلى دائرة الاستخبارات العسكرية وخدم فيها لمدة 12 سنة، وكان لهذا العمل إلى جانب طابعه العسكري جوانبه الجغرافية والأثنوغرافية واللغوية، وكان من نتائجه وضع الخطوط التي استهدفت القضاء على استقلال السودان. اشترك في حملة إنقاذ غوردون (1884 ـ 1885) وفي حملة دنقلة (1896) وفي حملة (الخرطوم) واشترك خاصة في معركتي عطبرة وأم درمان، وفي هذه الفترة ساعد في تهريب سلايتن باشا والقس أورفالدر وساعدته في ذلك معرفته باللغة العربية. وفي سنة 1891 نشر كتاباً ضخماً بعنوان "المهدية والسودان".
وعلى أثر نقل اللورد كتشنر إلى جنوب أفريقية عين وينغيت في سنة 1899 سرداراً (قائداً) للجيش المصري وحاكماً عاماً للسودان بعد سقوط الدولة المهدية.
وعلى أثر خلاف السير هنري مكماهون مع السلطان حسين كامل واستدعائه من مصر، عين وينغيت مندوباً سامياً لبريطانية في مصر خلفاً له، مع احتفاظه بمنصبي سردار الجيش المصري وحاكم عام السودان (وقد عين السير لي ستاك باشا نائباً له في السودان). وفي سنة 1916 عهد إليه بالإشراف على المساعدة البريطانية للملك حسين في ثورته ضد الدولة العثمانية مع منحه لقب (القائد العام) لعمليات الحجاز. وقد عاصر وينغيت في القاهرة الحرب العظمى ووفاة السلطان حسين وتولية السلطان فؤاد (الملك فؤاد فيما بعد) وقيام الثورة الوطنية. وفي عهده تألف الوفد المصري، ورفض سفره إلى مؤتمر الصلح، ومهّد ذلك لانطلاق الثورة، وقد اتهمته الحكومة البريطانية بالتعاطف مع الوطنيين المصريين، ولما تفاقمت الحال في مصر استدعته في 21 كانون الثاني / يناير 1919 وعينت اللورد اللنبي خلفاً له.
منح وينغيت في سنة 1920 لقب "لورد" (بارونيت) وتقاعد عن الخدمة العسكرية في سنة 1922، وعاش متقاعداً بعد لك لمدة 30 عاماً، وعمّر حتى الثانية والتسعين، وتوفي في 28 كانون الثاني / يناير 1953.
آل رشيد
الأسرة التي حكمت جبل شمّر وحائل نحو 85 سنة، وهي من الجعافر من عبدة شمّر القحطانيين، وأول من تولي الحكم في حائل منها عبد الله بن علي بن رشيد سنة 1835، ولاه إمارتها الأمير فيصل بن تركي آل سعود واستتبّ له الأمر فيها إلى وفاته سنة 1874. خلفه ابنه طلال (1822 ـ 1866)، فوسّع رقعة ملكه واستولى على الجوف وتيماء وخيبر وجانب من القصيم.
تعاقب على إمارة حائل بعد ذلك متعب بن عبد الله وبندر بن طلال ثم محمد الكبير بن عبد الله الذي ولي الإمارة سنة 1871 بعد أن قتل خمسة من أبناء أخيه طلال. وطد حكمه ومدّه إلى أطراف العراق ومشارف الشام ونواحي المدينة واليمامة وتغلب على نجد. وانتهز فرصة الخلاف بين أمراء آل سعود فأدخل بلادهم في طاعته. وتوفي سنة 1897.
كان أمراء آل رشيد موالين للحكومة التركية وخاضعين لها اسماً. ولما مات محمد خلفه ابن أخيه عبد العزيز بن متعب (1897)، وكانت له وقائع مع صاحب الكويت وأمير المنتفق وعبد العزيز آل سعود استرجع منه الرياض مدينة آبائه سنة 1902 . وقتل عبد العزيز في معركة روضة المهّنا سنة 1906 في غارة فاجأه بها ابن سعود. ثم تتابع الأمراء ولم يطل بهم العهد إذ قتلوا وخلعوا حتى ولي الإمارة المتضائلة سعود بن عبد العزيز بن متعب سنة 1908 وهو حدث لا يتجاوز عمره 12 سنة. وقد اغتيل سنة 1920. وكان آخر أمراء آل رشيد محمد بن طلال الذي انقرضت الإمارة في أيامه عند استيلاء سلطان نجد عبد العزيز آل سعود على حائل سنة 1922 ووحدها مع بلاده.
ولم تعرف أسرة حاكمة في جزيرة العرب كآل رشيد بكثرة اغتيالات أبنائها في سبيل الاستيلاء على الحكم. وازدهرت أيامها فترة من الزمن فقط في عهد أميرها محمد بن عبد الله (1871 ـ 1897).

[1] (http://www.shmmr.net/vb/showthread.php?p=709837&styleid=38#_ftnref1) كان الأتراك منذ أواخر العهد العثماني يسمون الوزير وكيلاً، وقد انتقل هذا المصطلح إلى الحجاز مع الشريف الذي قضى في تركية سنوات طويلة وتعود على المصطلحات التركية وصار يستعملها في مراسلاته وأعماله الرسمية. ولذلك فإن تعبير (وكيل الخارجية) الوارد في هذه الوثائق يعني (وزير الخارجية).


(ن.ف.ص)

البرمكي
08-02-2009, 09:49
آل رشيد
الأسرة التي حكمت جبل شمّر وحائل نحو 85 سنة، وهي من الجعافر من عبدة شمّر القحطانيين، وأول من تولي الحكم في حائل منها عبد الله بن علي بن رشيد سنة 1835، ولاه إمارتها الأمير فيصل بن تركي آل سعود واستتبّ له الأمر فيها إلى وفاته سنة 1874. خلفه ابنه طلال (1822 ـ 1866)، فوسّع رقعة ملكه واستولى على الجوف وتيماء وخيبر وجانب من القصيم.
تعاقب على إمارة حائل بعد ذلك متعب بن عبد الله وبندر بن طلال ثم محمد الكبير بن عبد الله الذي ولي الإمارة سنة 1871 بعد أن قتل خمسة من أبناء أخيه طلال. وطد حكمه ومدّه إلى أطراف العراق ومشارف الشام ونواحي المدينة واليمامة وتغلب على نجد. وانتهز فرصة الخلاف بين أمراء آل سعود فأدخل بلادهم في طاعته. وتوفي سنة 1897.
كان أمراء آل رشيد موالين للحكومة التركية وخاضعين لها اسماً. ولما مات محمد خلفه ابن أخيه عبد العزيز بن متعب (1897)، وكانت له وقائع مع صاحب الكويت وأمير المنتفق وعبد العزيز آل سعود استرجع منه الرياض مدينة آبائه سنة 1902 . وقتل عبد العزيز في معركة روضة المهّنا سنة 1906 في غارة فاجأه بها ابن سعود. ثم تتابع الأمراء ولم يطل بهم العهد إذ قتلوا وخلعوا حتى ولي الإمارة المتضائلة سعود بن عبد العزيز بن متعب سنة 1908 وهو حدث لا يتجاوز عمره 12 سنة. وقد اغتيل سنة 1920. وكان آخر أمراء آل رشيد محمد بن طلال الذي انقرضت الإمارة في أيامه عند استيلاء سلطان نجد عبد العزيز آل سعود على حائل سنة 1922 ووحدها مع بلاده.
ولم تعرف أسرة حاكمة في جزيرة العرب كآل رشيد بكثرة اغتيالات أبنائها في سبيل الاستيلاء على الحكم. وازدهرت أيامها فترة من الزمن فقط في عهد أميرها محمد بن عبد الله (1871 ـ 1897).

البرمكي
08-02-2009, 09:51
القسم الأول

الحجاز

1917 ـ 1918

(1)

(تقرير)

عن الشخصيات الرئيسية في الحجاز

(أعده الكوماندر دافيد جورج هوغارث)

لاستعمال المكتب العربي في القاهرة ( * ) (http://www.shmmr.net/vb/showthread.php?p=709840&posted=1#_ftn1)
سرّي
الملك
حسين بن علي آل عون:
تولى الإمارة في سنة 1908 واتخذ لقب "ملك" في 29 تشرين الأول / أكتوبر 1916، يبلغ الثالثة والستين من العمر تقريباً، متوسط الطول، ذو ملامح ذكية. بشرته ذات لون فاتح، وملامحه اعتيادية ولطيفة. له عينان واسعتان معبرتان بنيتان ذواتا نظرات مباشرة تحت حاجبين واضحي الخطوط بقوة وجبهة واسعة. وأنف قصير منحن بشكل دقيق فوق شفة عليا طويلة بعض الشيء. الفم ممتلئ، ولكنه، بالنسبة لشرقي، ليس كبيراً، أما الشفة السفلى فبارزة ومفتوحة. أسنانه حسنة التكوين. والصيانة. اللحية كثة وليست طويلة، رمادية توشك أن تكون بيضاء. اليدان طويلتان قويتان، مع أنامل مستديرة في أطرافها أشبه بأنامل الموسيقيين. مظهره الخارجي لطيف ومجامل إلى درجة تكاد تحسب ضعفاً. ولكن هذا المظهر يخفي سياسة عميقة ودهاء ومطامح واسعة، وبعد نظر غير عربي، وقوة سجايا، وإصرار. يتسم بوجاهة عظيمة في حركاته وتصرفه، ولكنه في الوقت نفسه ذو طريقة في المخاطبة كريمة ومقنعة، كانت جدته شركسية، وهو يتكلم التركية بطلاقة، وبنتيجة إقامته الطويلة في الآستانة يعرف الأتراك جيداً وكذلك شيئاً عن الأوروبيين. ولكنه أنشأ أبناءه منذ عهد دراستهم في الآستانة، على غرار عرب الصحراء، وهو يفرض عليهم احترامه وحتى خشيته. هؤلاء الأبناء هم:
علي:
قصير القامة نحيل، يبدو عليه الكبر من الآن، وإن كان عمره 37 عاماً فقط. منحني الظهر قليلاً، وبشرته شاحبة إلى حد كبير، وعيناه واسعتان عميقتان، وأنفه دقيق أقنى بعض الشيء . الوجه متعب قليلاً ومليء بالتجاعيد، والفم معتدل. اللحية قليلة الشعر سوداء. له يدان رقيقتان جداً. وحركاته بسيطة تماماً، ومن الواضح أنه شخص حي الضمير، حذر، لطيف المعشر. سيد كريم بدون قوة في شخصيته، عصبي ومتعب. إن ضعفه البدني يجعله عرضة لنوبات سريعة من الهزات العاطفية، وحالات متتالية من العناد المتردد . والظاهر أنه ليس طموحاً لنفسه، ولكنه سريع الانجراف مع رغبات الآخرين . يعيش في عالم الكتب. حسن الاطلاع على الشريعة والدين. يظهر عليه دمه العربي أكثر من أخوته. كان يمثل والده في المدينة، حيث وقعت على عاتقه قبل الثورة مهمة التفاوض في أمر مرور غالب باشا [والي الحجاز] من بين عشائر حرب لتسنم منصبه في مكة ثم تجنيد كتيبة من العرب من أقوام مختلفة للالتحاق بالقوات العثمانية في سيناء. ولما قامت الثورة تولى القيادة أولاً قرب المدينة، ولكنه تراجع بعد ذلك وتولى إدارة القوة المختلطة في منطقة رابغ. وهو (اسمياً) رئيس وزراء والده. يجيد التكلم بالتركية مثل أخوته جميعاً.
عبد الله:
عمره 35 عاماً، ولكنه يبدو أصغر من ذلك. قصير القامة، ممتلئ الجسم، يبدو قوياً كالحصان، ذو عينين لامعتين لونهما بني داكن، ووجه مستدير ناعم، وشفتين مليئتين ولكنهما قصيرتان، وأنف مستقيم ولحية بنية اللون. وحركاته منفتحة شديدة الجاذبية، لا يتمسك قط بالمراسم، بل يمزح مع رجال العشائر وكأنه أحد شيوخهم ـ في المناسبات الجدية يزن عباراته بدقة، ويبدو مناقشاً حاذقاً، وقد لا يكون ذلك نتاج عقله بقدر ما هو وحي والده. ومن الواضح أنه يعمل لأجل رفعته، وأفكاره العريضة التي تشمل بلا شك تقدمه هو بصفة خاصة. والعرب يعدونه أمهر سياسي، ورجل دولة بعيد النظر: ولكنه ربما كان من الأول في تكوينه أكثر مما فيه من الثاني. يسمي وزير الخارجية في وزارة والده، وهو يبرر ذلك بإظهار معرفته بالعالم الخارجي أكثر مما لدى أخوته. يبدو أنه يفهم الفرنسية، إن لم يكن الإنكليزية، ويستطيع أن يقرأها، ولكنه، مثل فيصل لا يعترف بذلك، لأن العلاقات الخارجية قد تسيء إلى مكانته. قاد الجيش في الطائف على الدرب الشرقي، وانتقل إلى وادي العيس من الحناكية في كانون الثاني / يناير 1917.
فيصل:
طويل القامة، رشيق الحركة، نشيط يكاد يكون ملكياً في مظهره، عمره واحد وثلاثون عاماً وطوله حوالي 5 أقدام و10 بوصات ونصف، وخصره 24 بوصة، عريض الكتفين. سريع الحركة لا يستقر، أقوى إخوانه شخصية، وهو يدرك ذلك ويفيد منه. كبير العناية بلباسه، ويكاد يكون مفرطاً في الاحتشام في حديثه. له بشرة صافية كشركسي خالص، مع شعر أسود، وعينين مشرقتين مائلتين قليلاً على وجهه، وقليل الصبر، غير معقول أحياناً، ويشذ عن الموضوع بسهولة. يمتلك من الجاذبية الشخصية والحيوية أكثر مما لدى إخوانه، ولكنه أقل حذراً. ومن الواضح أنه ذكي، ولعله ليس عديم المبادئ أكثر مما ينبغي. ضيق الذهن إلى حد كبير، ومتهور حسين يعمل بوحي من حوافزه، ولكن لديه عادة قوية كافية على إعادة التفكير، وعندئذ يكون دقيقاً في حكمه. شخصية محبوبة وطموح، ذو أحلام كثيرة، وقدرة على تحقيقها، مع فهم شخصي عميق، ورجال أعمال كفؤ جداً. وهو وزير الداخلية في وزارة والده، ولا شك في أنه أقدر قادته العسكريين. يميل إلى عدم الاهتمام بالتفاصيل، ولا يستطيع الجلوس بلا حراك: كتلة من الأعصاب. وهو يؤلف قوة بين رجال العشائر عامة، ومحبوب جداً في سورية والعراق. قاد جيش والده الشمالي (وهو أوسع جيوشه) منذ حصار المدينة وتحرك، من منطقة ينبع إلى الوجه في نهاية كانون الثاني / يناير 1917.
زيد:
عمره حوالي عشرين عاماً، وقد غطت عليه كثيراً سمعة إخوانه غير الأشقاء.
أمه تركية، وهو على سرها. شغوف بالتجول على ظهور الخيل وتدبير المقالب. لم يعهد إليه حتى الآن واجب مهم، لكنه فعال. وفي تصرفاته شيء من الجفاف، ولكنه ليس شخصاً سيئاً. لديه روح الفكاهة، ولعله أكثر توازناً قليلاً، وأقل انفعالية من إخوانه. خجول. تولى القيادة في ينبع بعد مغادرة فيصل إلى الوجه.
ناصر بن علي:
الأخ الأصغر للملك (حسين) عمره 54 عاماً. كان عضواً في مجلس الأعيان العثماني وأقام في الآستانة معظم الوقت. له ثلاثة أبناء (أو أربعة؟). يقال إنه يؤيد سياسة أخيه، ويشاركه في بعض المصالح المتعلقة بممتلكات العائلة في مصر. كان في الآستانة مع أسرته حينما نشبت ثورة أخيه.
عبد المحسن البركاتي:
ابن إحدى أخوات الملك [حسين]، وكان في السابق وكيلاً رسمياً له في مصر. يمتلك أراضي في صفت اللبان (الجيزة) وتاروت (منيا القمح)، والآن هو قائم مقام مكة لدى خاله.
علي حيدر:
من فرع ذوي زيد، وينحدر من سلالة الأمير عبد المطلب. أقام في الآستانة عدة سنوات كنقيب للأشراف، أو ممثل رسمي لعائلة الشريف، وكان وزيراً للأوقاف. عضو في جمعية الاتحاد والترقي، وعضو سابق في مجلس الأعيان العثماني. متزوج، وزوجته الثانية امرأة إيرلندية له منها ثلاثة أولاد. ابنه الأكبر تعلم في إنكلترة. من دعاة الجامعة الإسلامية، ولكنه يميل إلى تأييد المصالح البريطانية، وله علاقات مع مسلمي الهند. رشح ليكون خليفة بالاسم، مع مقاطعة صغيرة في دمشق أو غيرها، على غرار البابوية، ولكن ليس من المعروف فيما إذا كانت هذه رغبته. وكيله في جدة، أحمد الهزازي، اتهم بالتآمر على الأمير في سنة 1916، وتعرض بيته للنهب بناء على أوامر صدرت بذلك على أثر احتلال جدة في حزيران / يونيو. أما علي حيدر نفسه فقد رشحه الباب العالي أميراً بعد نشوب الثورة، وأمر بالالتحاق بالمدينة. وصل في أواسط تموز / يوليو، وكان لا يزال فيها في أوائل سنة 1917.
جعفر باشا:
الأخ الأصغر لعلي حيدر. وقد استبقاه عبد الحميد في الآستانة مثل أخيه. انتمى إلى حزب الاتحاد والترقي، ومع أنه وطني قوي ومن أنصار الجامعة الإسلامية، فإنه مؤيد لبريطانية، يأمل الحصول على استقلال العرب. كان وكيلاً للاتحاد والترقي في سورية واليمن. متزوج من إحدى بنات السلطان. ذهب إلى المدينة مع أخيه في تموز / يوليو 1916 ولكنه أعيد في شباط / فبراير سنة 1917 بسبب الاشتباه في أمره.
سعد الدين باشا:
من ذوي زيد. ابن عم الشريف علي حيدر، وقد أرسله الأخير إلى ابن الرشيد والعشائر في آب / أغسطس سنة 1915 [1] (http://www.shmmr.net/vb/showthread.php?p=709840&posted=1#_ftn2). وذهب إلى حائل مع ممتاز بك وأشرف بك، ولكن يقال إنه عارضهما سراً لأنه من أنصار الوحدة العربية.


شخصيات اخرى
عبد العزيز الطيار (الشيخ):
من المدينة. رئيس فرع شواله من بطن مسروح، قبيلة حرب. يعيش في المدينة دائماً، حيث يتمتع بنفوذ كبير، ولكن ليس له نفوذ خارجها، تاجر غني، وهو الآن طاعن في السن.
عبد الكريم البديوي (الشريف):
من ينبع، عمره 28 عاماً. بشرته سوداء، طويل القامة، فعال، ملابسه من أرخص الأنواع، ولكنه نظيف، ويظهر محترماً كثر من حقيقته. في ذقنه خصلة شعر سوداء صغيرة، مع شارب طري. متفتح في تصرفه، فيه شيء من روح الفكاهة، سهل العادات، وصريح في كلامه. كفؤ وذكي، ولكنه يتصرف اعتباطاً، وهو عديم الشعور بالمسؤولية. لا يستطيع أن يقرأ أو يكتب. فارس عظيم ويعرف جهينة كلها. يدرك صدارة أسرته بصورة جدية، ويعمل لأجلها أكثر من أخوته.
جلب 690 خيالاً و854 من مشاة فرع الفوقة معه للهجوم على الوجه.
عبد اللطيف المزيني:
من جدة. من عشائر حرب (بني سالم). شيخ نزلة اليمنية وله نفوذ بين العرب. قصير القامة، أشيب اللحية، لطيف المظهر. وهو الآن أمير البحر (أي مدير الميناء) وإن كان جاهلاً ولا يستطيع الكتابة. يتزعم الحزب المناوئ لمحسن. لا يتمتع بسمعة حسنة.
عبد الملك الخطيب:
جاوي (نسبة إلى جاوة) من مكة. متعلم جيداً، وكان مراسلاً لجريدة (المقطم) في مكة. يتمتع بنفوذ كبير لدى الملك. له أملاك في مكة.
عبد المحسن بن عاصم (الشيخ):
رئيس عشيرة العصوم[2] (http://www.shmmr.net/vb/showthread.php?p=709840&posted=1#_ftn3) من عوف برئاسة فرم. عمره حوالي 55 عاماً، محارب مرموق وحامل اللواء التقليدي لبني حرب.
عبد المحسن صبحي (الشيخ):
وئيس فرع صبخح من بني سالم (عشيرة حرب) يعيش في المستورة. ذو سمعة حسنة، ولكنه ليس رجلاً قوياً ذا نفوذ.
عبد القادر العبد (الشيخ):
من شيوخ مكة. عينه أمير مكة وراقباً لشؤون "المتوفين" الجاويين. قضى بضع سنوات في جاوة ويتكلم لغتها. غني، وله تجارة واسعة، التحق بالشريف فيصل في دمشق سنة 1916، مع إشعار من الأمير بأن الثورة ستبدأ قريباً. عين مديراً عاماً للبريد في الحجاز في حزيران / يونيو 1916 ولكنه استقال فيما بعد وعين متصرفاً لينبع (بلا راتب) ليعمل مع جيش فيصل، وفي كانون الثاني / يناير 1917 استدعى إلى الوجه.
رجل في حوالي الخامسة والأربعين من عمره، أسمر البشرة، أشيب اللحية، وله عينان ناعمتان واسعتان جداً. ربما يجري في عروقه شيء من دماء الشرق الأقصى أو الشرق الأوسط. رجل أعمال جيد، نشيط، كفؤ، وسريع. مجامل جداً للبريطانيين وأفضل رجل يمكن التعامل معه في ساحل الحجاز. له عقلية تحب التعرف على الأمور، ذكي، متعلم، وغير متحيز، ولكنه شخصياً غيور، وصعب بالنسبة لمرؤوسيه وزملائه.
عبد الرحمن بن جنيد:
من جدة. يملك سفناً شراعية وينقل الأسلحة.
عبد الرحمن بشناق (الشيخ):
من مكة. رئيس البلدية.
عبد الرحمن (السيد):
من الرويس، على بعد ساعة شمالي مكة. تاجر أسلحة مهم. معاد للأتراك.
عبد الرؤوف جمجوم:
من جدة. أصله مصري. تاجر عام. عضو مجلس البلدية. غبي، عنيد، في حوالي الثلاثين من عمره.
عبد الله بن دخيل (الشيخ):
أحد شيوخ «الرس» يقود الآن حرس فيصل الخاص من العقيلات. رجل ذو وجه طويل نحيل مع أنف طويل أقنى، وذقن مدبب ووجنتين مرتفعتين وفكين غائرين. داكن البشرة، لحيته سوداء لامعة وكذلك شارباه. هادئ جداً، وقلما يثبت وجوده، ولا يصدر أوامر لجماعته إلاّ حينما تكون المعركة وشيكة، وعندئذ يصحو ويتولى قيادة الأمور بأنشط وأكفأ ما يكون. انضباطي صارم، استثار جماعته على العصيان في الوجه في 10 شباط / فبراير سنة 1917. وهو محارب ذو خبرة، شجاع جداً، ويعتمد عليه. لم يسافر كثيراً خارج مناطق القصيم والدواسر ومكة، ولكنه مذهب ولديه حب استطلاع تجاه ما هو أجنبي ـ سنه تتراوح بين 35 عاماً و40 عاماً.
عبد الله سراج (الشيخ):
وزير العدل لدى الملك، مفتي الحنفية السابق وشيخ الإسلام. صديق شخصي للملك. في نيسان / أبريل 1916 ـ في مناسبة زيارة الجمعة التي قوم بها الوجوه إلى دار الإمارة في مكة، أثار قضية الحصار البريطاني الوشيك وطالب باتخاذ إجراءات قائلاً إن شعب الحجاز سيقضى عليه إذا لم تتخذ التدابير مع بريطانية.
وهو رجل في حوالي السادسة والأربعين، طويل القامة جداً ونحيل، طويل الوجه والأنف، ذو لحية قصيرة. يتمتع بسمعة عالية ويعهد إليه الملك بسلطات واسعة.
عبد الله بن ثواب (الشريف):
من أشراف عتيبة. أمير المقاطعة. في حوالي الأربعين من عمره. يعمل مستشاراً للشريف زيد. جيد التعليم وذو نفوذ كبير. كان في ينبع في تشرين الأول / أكتوبر سنة 1916.
عبد الله الزواوي (السيد):
مفتي الشافعية في مكة وأحد ممثلي الأشراف في المجلس التشريعي. في حوالي الخامسة والستين. صديق الملك، وإن كان في السابق ضده. سمعته حسنة. غني وذو نفوذ بين العرب.
عبد الله أبو زنده:
من جدة. عبد سابق لذوي زيد من مكة. مضارب صغير. مؤيد للأمير ومعاد للأتراك.
أبو بكر خويقير (الشيخ):
عضو المجلس التشريعي، يمثل السكان المدنيين.
أبو جريدة:
من مكة. كان قائداً لقوات الأمير بعد أبنائه. كان يحمل رتبة (بيكباشي) العثمانية. متفان لأجل الملك. عبد سابق، لعشيرة شهران من بيشة، التي يأتي منها معظم حرس الأمير.
أحمد الهزاع (الشريف):
من أبناء عمومة ابن ثواب. يقيم على بعد حوالي 6 ساعات من مكة. رجل في حوالي الثامنة والعشرين، ذو وجه مربع ملامح صغيرة اعتيادية، وتعبير بطيء ولكنه لطيف. صامت جداً، ويطيع الأوامر بدقة. ليس ذكياً. بشرته داكنة اللون يقود مع ابن حارث كتيبة عتيبة المرهقة مع فيصل.
أحمد باهارون:
من جدة. عضو مجلس البلدية. في حوالي الستين. موسر الحال. تقي وغبي.
أحمد الهزازي:
من جدة. مغربي. وكيل ذوي زيد والشريف علي حيدر. تآمر على الشريف بصورة فعالة قبل ستين. وعلى أثر سقوط جدة أمر الشريف بنهب داره.
أحمد الملا:
من جدة. قبل الحرب كان وكيلاً لشركة البواخر العثمانية. وهو تاجر سجاد من بخارى. مؤيد للأتراك، ولكن نفوذه قليل جداً.
أحمد بن منصور الكريمي (الشريف):
من فخذ زبيد (قبيلة حرب). في حوالي الرابعة والخمسين من العمر. يعيش في بير ابن حصاني. ذو نفوذ ومتعلم جيداً. مع الشريف علي في رابغ. جاء مع الشريف زيد إلى القضيمة في أيلول / سبتمبر 1916 لقبول استسلام حسين بن مبيريك. لا يمكن الاعتماد عليه كلياً.
أحمد بن محمد أبو طقيقة:
عينه الأتراك رئيساً للحويطات الذين يقيمون في ساحل المدينة. مقره في ضبا. أزاح ابن عمه شاذلي العليان، الرئيس الشرعي. أعلن ولاءه للشريف في كانون الثاني / يناير 1917 وطرد الأتراك.
أحمد صافي (السيد):
من المدينة. في حوالي الخامسة والخمسين. ينتمي إلى أهم عائلة في البلدة بعد المدني. غني وله نفوذ كبير في البلدة ولكن ليس خارجها.
أحمد طلعت:
سكرتير الشيخ محسن في جدة. يوثق به ومؤيد لبريطانية.
علي بن عبد الله (الشيخ):
رئيس بني علي، فخذ شيعي من بني عوف، كان على خلاف دائم مع الحكومة التركية، وكان رجال عشيرته يقطعون الطريق ويسلبون القوافل. في حوالي السبعين من عمره. تاجر.
علي الحبشي (السيد):
من المدينة. تاجر حبوب وأخشاب غني. أبناء عمه، عبد الله وجعفر وهاشم يعملون في تجارته أيضاً.
علي لطف الله:
من جدة. من أصل سوري. عضو المجلس البلدي. متطفل. عنيد. تاجر حبوب كبير. في حدود الخامسة والستين.
علي المالكي:
من مكة. وزير المعارف في مجلس وزراء الملك.
علي بن عريد (الشريف):
رئيس (الحوارث) وهي عشيرة سلابة. من بلدة المضيق. مرافق الشريف علي. أرسل إلى نوري الشعلان في صيف سنة 1916. يوثق به.
علي الشركسي:
من مكة. عضو المجلس التشريعي للأمير، يمثل العنصر المدني.
أنور أشجي:
من المدينة. من عائلة تركية تقيم هناك منذ مدة طويلة. رئيس البلدية.
أسعد دحام بن أحمد (الشيخ):
من مكة. من مستشاري الملك المفضلين. رجل متوسط القامة، ذو وجه مستدير شاحب. مع عينين غامقتي اللون ولحية بيضاء. في حدود الستين.
عاصي بن عطية:
منافس لسليم بن حرب في رئاسة بني عطية. انضم إلى الشريف فيصل في شباط / فبراير 1917. مهم.
عطاس حضرمي:
من جدة. أحد العلماء والتجار الرئيسيين. يمتلك سفناً شراعية ويتاجر بالحبوب مع «ميدي»[3] (http://www.shmmr.net/vb/showthread.php?p=709840&posted=1#_ftn4). العمر حوالي الأربعين. معاد للأتراك.
عبده ابن زويد:
من ينبع. رئيس جهينة الرفاعية (261 من الهجانة و836 من المشاة) في حوالي الأربعين من عمره. رجل داكن البشرة قصير القامة مظهره يدل على الذكاء، له لحية تشبه لحية الماعز، وفم طويل وشفتان دقيقتان، وهو بصورة عامة مقطب، ولكن كثيراً ما تنفرج أساريره المتجعدة عن ابتسامة حكيمة تنم على الرضى. عيناه منحرفتان إلى الأعلى بعض الشيء، وفيهما بريق مؤكد. طماع، يتودد إلى الأجانب، ولديه عادة روح الفكاهة. ولكنه عرضة لنوبات من حدة المزاج، ويقال إنه في إحداها ألقى بجنديين ألمانيين من بعثة فون ستوتز ينغن إلى الكواسج في ميناء ينبع. وهذا في رأيه أعظم منجزاته. ولكن أهل ينبع واثقون أن الحادث لم يقع قط. وقد ساعد في فرار بعض أعضاء البعثة براً، ثم سلبهم في منتصف الطريق إلى أملج.
عواد سلامي (الشيخ):
رئيس قسم «الرحالة» من بني سالم (قبيلة حرب). يعيش بين المدينة وبير راحة. عمره حوالي الستين. معارض فعال للأتراك. حليف للحويفية والعصيدية وبني علي.
بالاراج:
من الليث. التاجر والمقاول الرئيسي للحكومة للتزويد بجميع التجهيزات العسكرية.
باناجه الحضرمي (عائلة):
من مكة وجدة، يعملون في التجارة مع الهند والسواحل، ويمتلكون السفن الشراعية ويسيرون حملات الأسلحة (مثلاً: إلى القنفذة في الحرب التركية ـ الإيطالية) رجالها المهمون هم:
عبد الرحمن، من جدة، رئيس العائلة. سجنه الأتراك مرة.
عبد الله، من جدة، أخوه، منحه الأتراك لقب باشا. رئيس اللجنة العليا للمدينة. رجل كبير السن أبيض الشعر.
أحمد بن عبد الرحمن، من مكة، ابن المذكور أولاً، يقال إنه أغنى السكان. أمين صندوق البلدية. في حوالي الثلاثين من عمره، طويل القامة، جاحظ العينين، طويل الوجه والأنف، لحية سوداء متناثرة، وشارب طويل معتدل، عهد إليه الملك بمنصب وزير المالية في أول وزارة له، انفصل عن أبيه والشركة، واستقل بعمله. كان يقوم بإدارة أعمال الأمير قبل الثورة.
بركات الأنصاري (السيد):
من المدينة. رجل غني ذو نفوذ كبير في البلدة، في حوالي الخامسة والستين.
بركات بن سمياح:
يعمل قائداً لقوات الهاجنة لدى فيصل، برئاسة الشيخ يوسف خشيرم.
باصبرين الحضرمي:
من جدة. ينتمي إلى عشيرة عمودي من حضرموت. عالم في جدة خلال عشرين سنة الماضية. من مصوع سابقاً. العمر حوالي الثمانين. تعلم في زبيد. سمعته حسنة ومحبوب.
بازازه (بيت):
يتاجرون في جدة والسويس والإسكندرية. أحمد بازازه كان مساعداً لمدير الميناء في جدة. يمتلك سفناً شراعية وقد سير حمولات الأسلحة خلال الحرب التركية ـ الإيطالية. من أصل مصري.
بدر بن شفيع:
الأخ الأصغر لمحمد بن شفيع. عربي جميل الطلعة متوسط الطول، نحيف البنية، ذو لحية سوداء كثة وشاربين. كثير الكلام مثل أخيه تقريباً، ولكن صوته أوطأ، ولا يظهر بمظهر المغفل، على الرغم من أنه ليس ذكياً. متراخ. لا يقوم بدور كبير في الأمور، يبدو في الخامسة والثلاثين من العمر. يعيش في ينبع.
فائز بن غصين:
من عرب السلوط في اللجاة، الآن في الحجاز يعمل سكرتيراً لسيدي فيصل. كان أول رسول لفيصل إلى نوري الشعلان في كانون الثاني / يناير 1917. جيد التعليم، وكان في السابق قائم مقام (عقيد) في الجيش التركي. يتكلم ثلاث لغات. أرسلناه إلى العريش في سنة 1917 ليفاوض العشائر.
فائز الذويبي:
من فرع بني عمر من عشيرة حرب (انظر ناهس الذويبي) كان رسولاً من الشريف علي إلى أبيه قبل ثورة حزيران / يونيو سنة 1916.
أحمد فوزي البكري:
من دمشق (من نسل الخليفة أبي بكر). ابن عطا باشا البكري المتوفى سنة 1915 ذهب الآن إلى الحجاز والتحق بالأمير في حزيران / يونيو 1916، وفي كانون الأول / ديسمبر كان وزيراً للخارجية بالنيابة. عمره حوالي 34 عاماً، كان عضواً في الجمعية الإصلاحية. غني، سراح، ذو نفوذ، صديق شخصي للملك ولفيصل. له عداوة عائلية مع عبد الرحمن باشا اليوسف.
فتن بن محسن (الشريف):
من مكة. ممثل الأشراف في المجلس التشريعي.
فؤاد الخطيب:
وكيل وزارة الخارجية، كان في مصر في حزيران / يونيو 1916 بإجازة من الخرطوم، حيث كان موظفاً لدى حكومة السودان. ومنها أرسل إلى مكة لتحرير جريدة "القبلة". رجل ذكي ومتنور ويمكن الاعتماد عليه، وهو يفهم الوضع الدولي بدرجة جيدة.
غالب البديوي (الشريف):
أخ غير شقيق لمحمد علي البديوي، وبنفس العمر ولكنه يبدو أكبر. له لحية طويلة بيضاء شعثاء. له عينان تميل قرنيتهما إلى البياض، بالي المظهر، كثيراً ما استبقي في ينبع ليتولى الإمارة بينما يكون إخوانه مشغولين.
حافظ محمد أفندي أمين المكي (الشريف):
من مكة. وزير الأوقاف ومدير الحرم. يشرف على التبرعات والرسوم للأغراض الدينية. رجل متوسط الطول أشقر، له سمعة جيدة كرجل منصف، له خلق رضي.
حامد بن رفادة:
ابن عم سليمان. التحق بفيصل في سنة 1916، وهو مرشحه لمشيخة بلي.
حمزة الفعر (الشريف):
من أشراف عتيبة (فرع برقة)[4] (http://www.shmmr.net/vb/showthread.php?p=709840&posted=1#_ftn5) يعيش في مكة وعضو في المجلس التشريعي.
حسن بن ناصر بن ذياب (باشا):
الرئيس الرسمي لفرع الأحامدة من بني سالم (قبيلة حرب) ورث لقبه، هو مثل والده "باب عرب" أو وسيط بين الحكومة والعشائر. يتسلم 60 جنيهاً شهرياً من الأتراك. عمره حوالي 45 عاماً. علاقاته ودية مع شيوخ حرب الرئيسيين ومحبوب من العشائر. عادل ولبق. مندوب من المدينة إلى مؤتمر حزب الاتحاد والترقي في إستانبول في أيلول / سبتمبر 1916 ابنه حسين في خدمة الحكومة.
حازم (الشيخ):
مراقب النقل على الجمال برئاسة أمير مكة وقام بإدارة الحج في سنة 1916. قيل عنه غير موال في السر. صديق الخديوي السابق. سمعته ليست جيدة.
حسين بن فوزان:
رئيس عشيرة الصحف من بني عوف (حرب). يعيش في عسفان على الطريق بين مكة ورابغ، وهو مع جماعته مسؤول عن معظم عمليات السلب في منطقة مكة ـ جدة وإن كان هو نفسه يحاول أن يكبح جماح رجاله. في حوالي الخمسين من عمره، وهو شيعي.
حاضر العبد الإله:
من مكة، رئيس شرطة البادية سابقاً، مكلف بحماية طرق القوافل إلى المدينة. ذو نفوذ.
حسين بن مبيريك:
رئيس فرع زبيد من عشيرة مسروح (قبيلة حرب) وواحد من أقوى شيوخ حرب. يقيم في رابغ. رجل ذو سلطة عظيمة يحلو له أن يخاطب بألقاب رنانة. يمتلك سفناً شراعية وتبادل مراسلات مع خفر البحر الأحمر حول المصادرات والاتصالات الأخرى، ولكن لم يزره حتى الآن أي ضابط سياسي. يجب أن يعامل معاملة ممتازة وبحذر. في سنة 1916 جمع حوالي 4.000 رجل واستولى على كمية كبيرة من المال كانت في طريقها من المدينة إلى مكة لاستعمال الدولة العثمانية الرسمي. انضم إلى ثورة الأمير في حزيران / يونيو 1916، ولكن بدون حماسة كبيرة، وعارض في نزول الكتيبة المصرية لأول مرة في رابغ. تراسل مع الأتراك وقبل منهم الرشوة. حجز تجهيزات الأمير وحولها. في آب / أغسطس انسحب إلى الداخل واحتل الأمير زيد رابغ بالقوة. وبعد ذلك شق طريقه إلى المدينة والتحق بالأتراك بصورة قاطعة، ولكن روي في تشرين الثاني / نوفمبر أنه يحاول مفاوضة الأمير. لا يمكن الوثوق بأنه يخدم مصلحة غير مصلحته الخاصة.


إبراهيم نائب الحرم (السيد):
من مكة. عضو المجلس التشريعي. يمثل العنصر المدني.
إسماعيل بن مبيريك:
أخو حسين. يعيش في بئر الماشي.
جابر العياشي (الشريف):
أكبر شيوخ جهينة. يعيش في ينبع النخل. في حوالي الرابعة والأربعين من العمر، مؤيد للشريف وقد أرسله فيصل إلى سليمان بن رفادة في أيلول / سبتمبر 1916، ويتبعه كثير من أعضاء عشيرة جهينة المستقرين.
محمود عاشور:
من جدة. مصري (أصله من الأقصر). تاجر حبوب وصاحب سفن شراعية. عاقل ولكنه ليس لامع الذكاء في حوالي الخامسة والستين.
منصور بن عابس:
رئيس الظواهر، أكبر أفخاذ بني سالم (قبيلة حرب) يعيش في الحمرا. في حوالي الستين من عمره، كريم، منصف ومحبوب لدى العشائر. أخوه ناصر مهم أيضاً.
محمد عابد (الشيخ):
من مكة. مفتي المالكية. ممثل الأشراف في المجلس التشريعي. في حوالي الخامسة والستين، ذو سمعة جيدة، ولكنه ليس ذكياً. صديق الملك.
محمد علي البديوي (الشريف):
يقول إن عمره واحد وأربعون عاماً. على وجهه آثار الجدري. مصاب بالزهري والتهاب الأجفان: يكاد يكون أعمى. داكن لون البشرة جداً، مع لحية خشنة مبعثرة بيضاء وشاربين قصيرين خشنين. رديء الملبس، ويسير حافي القدمين عادة. تصرفاته خشنة للغاية وغير مهذبة. ومظهره كله فظ. متوسط الطول والبنية. شكوك بطبعه، لا يتمتع بشيء من روح الفكاهة. ولكنه وغد مرح، والتعامل معه لا بأس به. إمارته على جهينة موروثة ولا ينازع عليها. وهو من الشرفاء الحسنيين، فرع بني جاف (الشرفاء الآخرون في جهينة هم العياشة، والهاجري، والمحمدي) وهو لا يكاد يكون مقبولا ًفي الحلقة الداخلية للمجتمع الشريفي في مكة وإن كانوا يعترفون بصحة نسبه. كان مؤيداً للأتراك ثم أصبح معادياً لفيصل نتيجة للنفوذ الذي كان يتمتع به بين جهينة. في سنة 1910 ذهب إلى العقبة نيابة عن شريف مكة للتوسط في نزاع عائلي بين الحويطات، وله نفوذ عظيم هناك، شأنه في كل مكان من شمال الحجاز. التحق بفيصل في أملج في 18 كانون الثاني / يناير وكان مفيداً جداً في الزحف على الوجه، وعين بعد ذلك أميراً على ضبا. بسبيل أن يفقد بصره.
محمد علي لاري:
من جدة. تاجر سجاد غني. قنصل إيران، بهائي ومؤيد لإنكلترة. جيد التعليم وذكي.
محمد أفندي نصيف:
كان وكيلاً فخرياً للأمير في جدة. محب للإنكليز وجدير بالثقة. أملاكه كثيرة في جدة. وله منزل جيد وهو حسن التعليم. عضو المجلس، ولكنه لا يشارك في الوقت الحاضر، يرغب في التجنس بالجنسية البريطانية . معارض للأشراف. وهو ابن عمر نصيف الذي ينحدر من أصل مصري. في حوالي الثانية والثلاثين. يمارس التجارة على نطاق واسع. رجل مهيب الطلعة خير المظهر ذو نظارتين.
محمد بن علوي السقاف:
من مكة. يلقب "شيخ السادة". أرسله الملك بمهمة خاصة إلى عشائر عدن في تشرين الثاني / نوفمبر 1916 ـ رجل متعلم ذو نفوذ. ينتمي إلى طبقة السادة في حضرموت. تاجر له علاقات في سنغافورة.
محمد علي أبو شرين (الشريف):
يقود كتيبة أشراف جهينة المؤلفة من 270 فارساً و296 من المشاة. شريف هاجري، في حوالة الخامسة والخمسين من عمره مع وجه متعب مجعد مليء بالحفر والحبوب . لحية بيضاء طويلة وشفتان مسترخيتان، يتكلم كثيراً، ولكنه مجامل، ويسره دائماً أن يخاطب. أسرته معروفة، ربما بسبب شيء فعله أقرباؤه إذ إن سلطته الشخصية ضئيلة.
محمد بن عارف عريفان (الشيخ):
من القضيمة في وادي أثول، شيخ من فخذ "زبيد" من بطن "مسروح" من قبيلة "حرب". يعيش على مسافة ساعة واحدة في الداخل من رأس عرب (مخلوخ). كان موضع ثقة أمير مكة، ولكن يجب أن لا يوثق به كثيراً حينما يتعلق الأمر بمصالح رئيسه الأعلى حسين بن مبيريك. استخدمناه في معظم اتصالاتنا الأولى مع الأمير، ودبر نقل الأسلحة والتجهيزات وإنزالها. رتب اللقاء بين الشريف زيد والمندوبين البريطانيين في 6 حزيران / يونيو 1916، وكذلك انسحاب حامية الإدريسي من القنفذة في آب / أغسطس. له سبعة أبناء. يدعي أن له نفوذاً بين زبيد ودوراً في مقتل ستة من الألمان في مكان يبعد ثلاث ساعات عن قريته في أيار / مايو سنة 1916 . زعيم حزب في جدة.
محمد بن حمد (الشيخ):
من شيوخ عوف (قبيلة حرب) يعيش في رابغ وهو صديق لحسين بن مبيريك. أسرته حكمت عوف منذ أيام الرسول. عمره حوالي 45، غني، ولكنه بخيل وغير محبوب. يؤجر الجمال للحج, يوافق على غارات رجال عشيرته عليها، ثم يحصل على حصته من الغنائم.
محمد بن جبارة السراسيري:
قاد قوات بني إبراهيم (1916 فارساً و800 من المشاة) في التقدم على الوجه، في حوالي الثلاثين من عمره، بلون القهوة، قصير القامة، صغير الجرم، ذو رأس ووجه صغيرين وأنف أقنى قليلاً، وعينين بنيتين كبيرتين، وشفتين دقيقتين مضمومتين، وذقن دقيق. كلامه يدل على العزم، ولكن وجهه فيه ندوب الجدري ويكاد يوحي بالشر. لحيته صغيرة جداً، وكذلك شارباه، وليست له أهداب. يبتسم فجأة، وعندئذٍ تسترخي تعابير وجهه. شخص حذر، وقلما يتكلم. شيخ جهينة المستقرة في وادي ينبع. تربطه صلة مصاهرة بسليمان بن رفادة. كان يقبض من الأتراك، ولكنه الآن مؤيد الملك الحجاز بقوة.
محمد بن صالح الغنيم:
الشيخ السابق لبني غنيم من بطن "موسى" من قبيلة جهينة. و"أمير العرب" في أملج. ثار على الأتراك في نهاية سنة 1915 مع ابنه سعد، خليفته في المشيخة، وقطع الطريق على قوافل التموين بين الوجه وأملج (حيث يقيم). أرسل ابنه إلى المدينة، حيث قابل الأخير الشريف علي ولدي عودته حاصر موقعين تركيين. في أيلول / سبتمبر سنة 1916 حينما أعاد الأتراك احتلال أملج، قيل إنه تراجع إلى الداخل وإنه يجمع عشائره لمقاومتهم. كبير السن لا ترجى منه فائدة كبيرة (انظر سعد الغنيم).
محمد بن شفيع:
من أسرة من العاملة، ومن عشيرة حرب، ولكن من الفرع الذي يعيش في وادي ينبع، وهو في المجتمع "جهيني" أكثر منه "حربي"، وكذلك في لهجته. قوته (95 هجانة، 400 مشاة) مؤلفة من أطراف جهينة. عمره حوالي خمسين سنة، قصير القامة جداً وبدين وغامق البشرة وله وجه مستدير غائر، وشفتان غليظتان وأنف قصير أشم، وجبين منتفخ، ولحية بيضاء كثة، وشاربان مثلها. قذر المظهر، سيء اللباس، في غاية النشاط ، ينتقل هنا وهناك طيلة النهار ولسانه يثرثر بصوت عال، يكاد يكون صبيانياً، له ضحكة ذات صوت أجش، وحركات غليظة. لا يستطيع أن يحكم على الأشياء، ويحمل بكل جد أغرب الشائعات كمعلومات ثمينة، بحيث كان من العبارات التي ذهبت مثلاً في المعسكر قولهم "أنباء ابن شفياع". وهو أضحوكة الجميع، ولكن ذلك يسره، لأنه ييسر له سبيل التعرف على الأشخاص من أسر الشيوخ.
ابنه "صالح" يافع في حوالي السابعة عشرة، سريع، لطيف المعشر، وذكي، أبلى بلاء حسناً في الهجوم على الوجه من البحر. هادئ.
محمد نور:
من جدة. المطوف الرئيسي للحجاج. يؤيد الشريف محسن.
محسن الفرم (الشيخ):
من شيوخ بطن "الفردة" من قبيلة حرب. يقال إن له سلطة قوية على قسم كبير من بني مسروح. يمتلك أراضي في العوالي، قرب المدينة ومراعي حول أبو مغير، على مسيرة خمسة أيام باتجاه الشمال الشرقي، على طريق مكة ـ حائل كان مع "شمر أسلم"، يقاتل ابن الرشيد، وأسس له قاعدة موقتة في "تشاباده".
محسن بن منصور الكريمي:
من شيوخ بني "مسروح" وهم أحد بطون "حرب". يتبع أمير مكة، ويوصف في السواحل بأنه "أمير حرب" (وهو لقب وراثي يشترك فيه مع أخيه أحمد) تولى في حزيران / يونيو 1916 قيادة القوات العربية التي هاجمت الأتراك في جدة. رجل طويل القامة، نشيط ذو عزيمة ماضية. يناهز عمره الأربعين، خالط الشيب شعره ولحيته. له عينان حادتان. قائد جدة العسكري، ولكنه غير مؤهل بطبيعته للتدريب على الإدارة المدنية ( لا يستطيع أن يقرأ أو يكتب جيداً). شجاع ولكنه وحشي في أساليبه. يخشاه أهل المدن ويكيدون له، باستثناء خيرة الأشراف هناك. مؤيد لبريطانية.
رجا بن خلوي:
تميمي (من ولد محمد) من قبيلة حرب. يقيم في جدة منذ مدة طويلة. وهو وكيل سري لحسابات فيصل. رجل من أسرة طيبة وموثوق. ذهب إلى الشريف عبد الله في كانون الثاني / يناير 1917 مقترحاً وجوب انتقاله إلى "وادي العيص". في حوالي الثانية والأربعين من عمره. ضخم مع شعر غامق اللون وبشرة فاتحة. لحية كثة، جبين وأنف مرتفعان. جيد الملامح. مقبول ظاهرياً وجشع سلاب.
سعد بن عروبجي (الشيخ):
شيخ فرع بني عمر من حرب. يعيش في محدث بين رابغ والمدينة. من سلابي الحج سيئي السمعة.
سعد الغنيم:
شيخ بني موسى من قبيلة جهينة. رجل قصير القامة أسمر اللون متين البنية، مع وجه مستدير يكسوه الشعر. تعبير وجهه قاس، وله سمعة بأنه وحشي. غير متعلم تماماً، محارب ممتاز، وإن كان غير حذر، يمكن إثارته بسهولة، ولذلك لا يصلح لقيادة جيش، ولكنه نصير ممتاز. أتباعه الشخصيون هم مراوين جهينة، وقد أعطى 600 منهم إلى أبيه ، محمد بن صالح الغنيم، واستبقى لنفسه 700 شخص من أجل حملة الوجه.
سعد الحويفي:
شيخ قسم الهدافة من بني سالم (حرب). يعيش قرب المدينة ويعارض الأتراك في كل شيء . في حوالي الخامسة والأربعين، محبوب لدى العشائر لا ينهب.
صالياح (الشيوخ):
من مكة. مسؤول عن مخازن الأسلحة. رجل طويل القامة في حوالي الستين من عمره، ذو عينين زائغتين وأسنان مكسورة. بشرة داكنة ولحية قصيرة بيضاء.
سليم بن حرب:
شيخ بني عطية، يعيش في تبوك.
شاذلي العليّان:
الرئيس الشرعي المخلوع للحويطات على ساحل المدينة. (انظر أحمد بن محمد أبو طقيقة) أعلن ولاءه لملك الحجاز.
شاكر بن زيد بن فواز العبادلة (الشريف):
من مكة. أمير عتيبة في مكة. من أقرباء الأمير وصديقه الشخصي. أرسل في مهام سرية. مثلاً: صحب الشريف زيد لمقابلة المندوبين البريطانيين في 6 حزيران / يونيو 1916 ، في حوالي الخامسة والثلاثين من عمره، على وجهه آثار الجدري الكثيفة. متوسط الطول، شعره ذو جدائل على الطريقة البدوية. الشخص الثاني في القيادة بعد الأمير [عبد الله].
الشيبي (عائلة):
من مكة. قريشيون . سدنة الكعبة (يفتحون بابها في اليوم الثالث للحج) الأعضاء الرئيسيون هم:
محمد صالح الشيبي (الشريف): سادن الكعبة. نائب رئيس المجلس التشريعي، وممثل الحرم المكي. رجل قصير القامة أسمر اللون في حوالي السبعين من عمره. قيل إنه ضد الملك.

( * ) (http://www.shmmr.net/vb/showthread.php?p=709840&posted=1#_ftnref1) المصدر: Hogarth, D.G. “Hejaz before World War I “ , (Falcon- Orleander), Cambridge, 1978, pp. 54-74.


[1] (http://www.shmmr.net/vb/showthread.php?p=709840&posted=1#_ftnref2) الأصح سنة 1916.

[2] (http://www.shmmr.net/vb/showthread.php?p=709840&posted=1#_ftnref3) العصوم فرع من فخذ "زبيد" من بطن "مسروح" وليس من "عون" وربما اشتبه الأمر على كاتب الوثيقة (انظر: فؤاد حمزة، قلب جزيرة العرب، القاهرة، 1933، ص143).


(ن.ف.ص)

[3] (http://www.shmmr.net/vb/showthread.php?p=709840&posted=1#_ftnref4) ميدي: ميناء في اليمن على ساحل البحر.

[4] (http://www.shmmr.net/vb/showthread.php?p=709840&posted=1#_ftnref5) تلفظ برقاه.

البرمكي
08-02-2009, 09:57
تقرير)

عن المصالح البريطانية في الجزيرة العربية
سرّي
--------
علمنا أن هناك رغبة في إعداد مذكرة توضيح لماذا كان من المهم بالنسبة للمصالح البريطانية استبعاد إيطالية عن جزيرة العرب الغربية والجنوبية وساحل البحر الأحمر.
1ـ إن أهمية جزيرة العرب من حيث موقعها الجغرافي ـ وهي تقع على امتداد اثنين من الطرق الرئيسية إلى الهند والبحر الأحمر والخليج العربي ـ أمر معروف. ولا يمكن لأي قسم من تلك البلاد أن لا يهم بريطانية العظمى التي هي الدولة الوحيدة ذات موطئ قدم في البلاد في الوقت الحاضر. إن سيطرتنا محدودة على شريط ضيق محاذ للساحل من عدن إلى الكويت، وإنه يعتمد في نهاية الأمر على استتباب الهدوء في المنطقة الداخلية. ولما كنا غير قادرين على التدخل في داخلية البلاد أو السيطرة عليها، فإنه لأمر أساسي استبعاد كل بذور الاضطراب المحتملة.
2ـ إن الجزيرة العربية ليست دولة بأي معنى فعلي، بل هي مجموعة من العشائر جمعت بينها المصادفة، وهي مستقرة تقريباً في المناطق الخصبة قرب الساحل، وفيما عدا ذلك فهي رحالة يرأسها شيوخ لا تقرر سلطاتهم الحدود الأرضية، بل العشائر التي يترأسونها في وقت معين. إن سياساتهم متشابكة بصورة وثيقة، و إذا نشب نزاع فإنه قد يمتد إلى الجزيرة كلها. ولدينا مع العشائر والشيوخ على الساحل المذكور علاقات تنظمها معاهدات.
3ـ إضافة إلى هذا كله، فإننا نحتل في عدن منطقة مساحتها 75 ميلاً مربعاً مع مساحة كبيرة من الأرض الداخلية، وقد حددت حدودها مع اليمن، والشيوخ الموجودون داخل هذه الحدود هم تحت حمايتنا.
4ـ لا حاجة للتأكيد على أهمية عدن الستراتيجية، فحصن عدن يكاد يكون منيعاً ضد قوات العشائر. وفي ظروف كالتي قبل الحرب نستطيع أن نحميها بقوة صغيرة جداً فنسيطر على المحمية بالنفوذ والإعانات.
5ـ إن الحدود بين عدن واليمن هي حدود مع الأتراك وليس مع العرب الذين لا يحترمونها كثيراً. وقد جعلت تحديدها ضرورياً دسائس جارنا شبه المستقل إمام صنعاء الذي شجعه الأتراك حينما كان يخدم غرضهم، ولكنهم لا يستطيعون السيطرة عليه بصورة فعالة حين يختار أن يتحداهم. وقد سبق لنا أن اعترفنا بالسلطة التركية، وكلما حدثت حادثة محلية تافهة كان هذا الإجراء الوحيد هو تقديم احتجاج في القسطنطينية وللإمام ادعاءات واسعة في الأراضي الواقعة على جانبنا من الحدود، بل إنها تمتد إلى عشائر حضر موت على ساحل الجانب الآخر من المحمية. أما في الشمال والشمال الشرقي، حيث لم تحدد الحدود بعد، فتحمينا الصحراء الكبرى: الربع الخالي، وعلاقاتنا التعاهدية مع سلطان شحر والمكلا، التي تكون مع ذلك كافية فقط طالما لا تتعرض عشائر حضرموت الداخلية للتحريض.
6ـ إن عدن، إضافة إلى كونها حصناً، فهي ممر تجاري بري مهم مع المحمية (كانت قيمة هذه التجارة قبل الحرب حوالي 000,300 جنيه في السنة). وبناء سكة حديد من عدن إلى تعز ـ وهو مشروع مرغوب فيه لأسباب سياسية أيضاً ـ سيجعل من عدن المنفذ الرئيسي لتجارة اليمن. فإذا أصبحت دولة أخرى ذات نفوذ في اليمن، فإنها ستقوم بإنشاء خط من الحديدة إلى صنعاء، وستصبح "الحديدة" هي المنفذ، وستخسر عدن تجارتها الحالية.
7ـ إن اليمن هي التي تتركز فيها مطامع إيطالية بصورة رئيسية. واليمن منطقة صغيرة مثل الجزيرة العربية، وحينما يخرج الأتراك من الجزيرة العربية، فإنها لن تقع بيد سيد عربي واحد. فالإدريسي كما نعلم سيدعي بالأراضي الممتدة إلى الجنوب حتى الحديدة، بما فيها الحديدة، وإمام صنعاء سيطالب بالقسم الأعظم مما تبقى. وهنالك على حدودنا بعض الشيوخ (مثل ماوية) ممن سيكون بقاؤهم مستقلين أمراً في مصلحتنا. وقد تعهدنا بموجب معاهدة أن تضمن استقلال الإدريسي في إقليمه (وهو غير محدد) وأن نقوم بالتحكيم بينه وبين الإمام حينما تتضارب ادعاءاتهما. وربما كان الإدريسي والإمام نقيضين لا يمكن التوفيق بينهما، وإن كانت إزاحة الأتراك قد تؤدي إلى تقاربهما.
8 ـ إن الحرب الإيطالية ـ التركية جعلت إيطالية الدولة المسيحية غير المحبوبة أكثر من سواها في العالم الإسلامي، ومما قوى الكراهية نحوها أساليب إيطالية في إدارة المستعمرات، وصفاتها القومية، وخاصة معاملة إيطالية لنساء الشعوب الخاضعة لها، وهي نقطة حساسة جداً لدى المسلمين. إضافة إلى ذلك كان لدى الإمام سبب آخر لكراهية إيطالية، لأنها حاصرت ساحله، ودعمت الإدريسي بالسلاح والمال خلال الحرب.
9ـ ويتضح من الوصف السابق للظروف السياسية العامة أن ظهور إيطالية في اليمن سيخلق في غرب الجزيرة العربية وجنوبها هياجاً لن يكون قاصراً على تلك المنطقة، وإننا بصفتنا الدولة المجاورة، سنكون المتضررين الرئيسيين منها.
إن موافقتنا على ذلك ستكون موضع استياء الشريف الأكبر والعرب كإخلال بالثقة نحو ما يسمى "الدولة العربية". ومن الممكن أن يشترك في هذا الاستياء جميع العالم الإسلامي (بما فيه الهند)، الذي سيعتبر أننا بعد أن خذلنا الأتراك، نقوم الآن بخذلان العرب، وسيعود هذا بأثر غير مرغوب فيه على سمعتنا كدولة صديقة للإسلام. وقد عاد بالفائدة على العرب دعمنا لهم ضد الأتراك، ولكنهم لم يعودوا يحبوننا، وحينما يزول الخطر التركي فليس من المؤكد مطلقاً أن لا تقع وطأة كراهيتهم علينا، وستكون تلك الكراهية مضاعفة إذا ظنوا أننا لم ننقذهم من الأتراك (الذين هم مسلمون على الأقل) إلاَّ لنسلمهم إلى الدولة المسيحية المكروهة أكثر من غيرها.
وإذا كان الإدريسي يرحب بالإيطاليين بسبب علاقته السابقة، فمن المؤكد أن الإمام سيعارضه، وسيكون معنى ذلك أن تنشب على حدودنا معارك ستنتهي، في أحسن الأحوال، بسلم غير مستقر، نظراً لأن الإيطاليين سيكونون مرهقين بدرجة لا تسمح لهم بحركات حاسمة في التلال. ويجدر بنا أن نعلم، من خلال خبرتنا السابقة بعلاقات الإيطاليين مع السنوسي في برقة، والاحتكاك الناجم عن ذلك مع مصر، ماذا يجب أن نتوقع في عدن، وعلينا أن نتوقع، قبل مرور مدة طويلة أن نتورط نحن أنفسنا في معارك تقع على حدودنا إن لم يكون في داخلها.
ومن جهة أخرى إذا كان الإمام يقبل بالسيادة الإيطالية، فيجب أن يكون من المنتظر أن قسماً من الثمن الذي سيطلبه، سيكون التأييد (الضمني على الأقل) لادعاءاته التي لا تتعارض مع ادعاءات إيطالية، أي في محميتنا وفي حضرموت. ولن يكون لنا خلاص من دسائسه إلاّ بمناشدة روما، مما يحتمل أن يكون أقل ثمرة من مناشداتنا للقسطنطينية.
إذا كانت هذه التوقعات قائمة على أساس صحيح، فمن الواضح أن موقفنا في عدن يجب أن يتخذ على أساس مختلف تماماً. وبدلاً من الاحتفاظ بقلة من الجنود في الحصن، ومن ممارسة سيطرة ضعيفة على العشائر عن طريق الإعانات المالية، فسنضطر إلى المحافظة على المحمية بالقوة. وهذا بالتأكيد ليس احتمالاً تنظر إليه حكومة صاحب الجلالة باطمئنان.
10ـ لقد أظهرت الحرب الحاضرة كيف يمكن استعمال الإسلام ضدّنا، والجزيرة العربية ذات أهمية كبيرة للعالم الإسلامي، ليس فقط كمهد الإسلام ومركز المدن المقدسة، بل أيضاً بالنظر إلى أن موقعها الجغرافي يجعلها أسفيناً بين مسلمي أفريقية ومسلمي الهند والأقطار المجاورة.
11ـ إن النجاح النهائي لسياسة حكومة صاحب الجلالة في الشرق الأوسط يستند إلى حدّ بعيد على نقل الخلافة من تركية إلى بلاد العرب. وهذا بدوره يعتمد على إمكان جعل حاكم الحجاز قوياً بصورة كافية ليقوم بدور حاكم مستقل. وهذا أيضاً يستند إلى إبقاء الدول المسيحية على بعد كاف، ولكن احتلالاً إيطالياً لليمن يؤدي، بسبب الصلات القائمة بين المنطقتين، إلى جعل إيطالية سيدة الحجاز. وقد قال سيّد عربي للكرنل جيكوب منذ سنة 1912: "إذا ذهبت اليمن ذهب الإسلام".
هذه بعض الأسباب التي حدت بنا إلى أن نحتفظ، فننص في الاتفاقية الإنكليزية ـ الفرنسية على "أن الحكومتين البريطانية والفرنسية تتفقان بأنهما لن تحصلا، ولن تسمحا لدوله ثالثة بالحصول، على امتلاك أراض في الجزيرة العربية". وللغرض الحاضر تكون منطقة النفوذ مساوية لتملك الأراضي.


أ‌. هيرتزل


20 كانون الثاني /يناير 1917

البرمكي
08-02-2009, 10:01
(24)

(مذكرة)

حول الأوضاع العامة في الجزيرة العربية (الحجاز)

وسياسة البعثة البريطانية لدى الشريف الأكبر وتنظيمها
خاص
1ـ عام
عند قيام الثورة العربية، كانت البعثة البريطانية لدى الشريف تتألف من بضعة ضباط، يفتقر البعض منهم إلى الخبرة العسكرية والبعض الآخر لم يكن على أية معرفة باللغة العربية. ولا فائدة ترجى من تناول ذلك بالتعليق الآن، ولكن كان بالإمكان تفادي الكثير لو أرسل ضباط من ذوي الخبرة منذ البداية.
تولى الكرنل (ويلسن) في وقت لا حق المسؤولية كممثل لحكومة صاحب الجلالة، وتلا ذلك ظهور بعثة عسكرية فرنسية على مسرح الأحداث، ووصلت مؤخراً بعثة عسكرية بريطانية، كان وضعها وواجباتها على شئ من الغموض بالنسبة للمبعوثين البريطانيين الموجودين من قبل. ويقترض أن تكون مهمات البعثة العسكرية تقديم المشورة وإرسال التقارير، وليس المقصود بها القيام بدور فعال في تولي السيطرة العسكرية على فرق الإغارة الصغيرة. وكانت البعثة برئاسة الكرنل ويلسن، وقد اقتصر تعامله مع الضابط الأعلى رتبة فقط من بين أعضائها. ولا يمكن أن يكون للبعثة أي دور إلاَّ إذا قام أعضاؤها بدراسة الخطط وسياستها في المستقبل والاتفاق عليها. إن تسلم العضو الرئيسي السيطرة الكلية بنفسه أدى بصورة طبيعية إلى إبطال عمل البعثة.
2ـ إعادة التنظيم والواجبات المقترحة للبعثة العسكرية البريطانية
هناك مقترح يقتضي بحل البعثة العسكرية، وتولية أحد ضباطها مسؤولية السيطرة الكاملة على أعضائها من البريطانيين، مع وجود ممثلين له في الموانئ ولدى الجيوش المختلفة حسب ما يراه مناسباً.
ويجب أن يكون لديه أيضاً ضابط ركن يتولى الأعمال العامة وآخر للتجهيزات والمعدات بالإضافة إلى ضابط طبيب لتقديم المشورة في جميع الأمور المتعلقة بالصحة العامة.
ومن الأهمية بمكان تعيين ضباط ركن يتولى مهام التجهيزات، لأن الخدمات البريدية والمؤن وغيرها ليست في حالة مرضية الآن، يبد أن تنظيمها على أسس متينة لا تتخلله مصاعب كبيرة.
وسيتولى الضباط الملحقون بالجيوش تقديم المشورة للشريف الذي عليهم التعامل معه حسب الخط العام الذي ترسمه قيادة الأركان البريطانية. وهذا بدوره سيغني عن سخف إبداء ضباط مختلفين آراء مخالفة ووجهات نظر شخصية للشريف الذي يعملون معه، ليتبنّى خطة أو توجهاً مختلفاً في عملياته كما هو سائد الآن. ولا شك أن الضباط الذي يتولى قيادة الضباط والموظفين البريطانيين سيناقش الأوضاع معهم ويضع الخطوط العريضة للنهج الذي يجب على القادة الشريفيين المختلفين اتباعه. عند ذاك سيتوفر نوع من التنسيق في العمليات والآراء والنهج العام. إن ضابط القيادة البريطاني لن يكون مقيماً في (جدة) بشكل دائم، بل سيتنقل على الدوام وهو على سيطرة كاملة على ضباطه وموظفيه جميعاً.
3ـ المعدات والتجهيزات للقوات الشريفية
يبدو، في الوقت الحاضر، أن بإمكان كل ضابط الحصول على أية مادة من لائحة التجهيزات، إذا وجدها ضرورية بالنسبة له. ولذا صار بإمكان المرء مشاهدة دراجات بخارية ملقاة على الشاطئ، وعربات مصفحة تجوب سواحل البحر الأحمر، ومدافع عاطلة بقذائفها المعطوبة. ويسمع المرء أيضاً بتحرير نسختين متماثلتين لطلبات شراء الأحذية العسكرية والخيم ومستلزمات المطابخ وغيرها، إضافة إلى ظهور الكثير من التكرار في طلبات المشتريات المتطابقة.
ومن الضروري وجود نظرة واضحة عمّا هو ضروري من المعدات لجيوش الشريف الأكبر ما هو ليس بضروري. إن قيام ضباط مختلفين بتوزيع البنادق ورشاشات (ماكسيم) بصورة عشوائية عند الطلب هو أمر يبعث على الأسف. كما أن الفوضى التي تنتاب أوضاع المواصلات ونقل التجهيزات حالياً، تعود في المقام الأول إلى عدم إرسال جميع المعدات عبر قناة واحدة، وتعود ثانياً إلى خضوع تحركات السفن بالضرورة إلى تغييرات من قبل القائد البحري في المنطقة.
إن الزوارق العاملة بين الموانئ الساحلية، وسفن السحب تعتبر ضرورية، ويجب وضعها تحت السيطرة العسكرية.
ومن الضروري توفر قدر من الاتصالات لتوفير استقلالية المراكز العسكرية عن السفن، والاتصالات اللاسلكية وتوفر خدمات بريدية عسكرية بصورة منتظمة ومتتابعة بواسطة زوارق القطر، سيؤمن ذلك (بين السويس والمرافئ الساحلية) أو عن طريق محاطات اتصال لا سلكي في البر توضع في القواعد الرئيسية.
وليس بذي فائدة تماماً الخوض في بحث احتمالات إنشاء محاطات اتصال بالإشارات مع السفن، التي تنتقل بين الجيوش المختلفة باستخدام المصابيح والهيليو، فالاعتراضات على ذلك واضحة وعديدة.
4ـ القيمة العسكرية للجيوش
إن قيمة الجيوش الشريفية كقوة عسكرية تساوي الصفر، لو استخدمت وفق مبادئ خاطئة، أو إذا طلب إليها أداء مهمات تصعب على جنود مدربين. إن الهجوم على (الوجه) هو مثال على ذلك. فعلى الرغم من أن جيش فيصل انطلق في زحف لمدة 4 أيام فقط باتجاه الشمال وسار موازياً للساحل وعلى بعد 20 ميلاً فقط منه، ضل جزء كبير منهم طريقهم ووصلوا إلى أماكن اللقاء المتفق عليها متأخرين عن الموعد يومين.
وبصفتها جيوشاً غير نظامية مقتصرة على علميات حرب عصابات، فإنها تعد قوة لها قيمة منتظرة. أما مدى ما يجب تجهيزها به من لوازم ومعدات حديثة فأمر يحتاج إلى قرار على الفور.
وليس معلوماً إلى أي مدى يذهب بقية القادة الشريفيين من حيث الاهتمام بتدريب جيوشهم، ولكن من المؤكد أن الشريف فيصل يتجاهل ذلك، ويعتمد اعتماداً كلياً على بضعة ضباط كانوا في الجيش التركي، وقادة عرب.
إن المدافع ورشاشات (ماكسيم) التي بحوزتهم الآن تسدّ حاجاتهم من المعدات. وليس لديهم سوى عدد قليل من الرجال المدربين عليها والقادرين على تشغيلها، ولا يمتلكون قادة من ذوي القدرات التكتيكية على استخدام مثل هذه الأسلحة.
إن قائد المدفعية مع الشريف فيصل (قاسم أفندي) مغرور بنفسه ويغر كفؤ بشكل لا يطاق، فهو لا يرد أن يتعلم، وفي الحقيقة صرح أمام حشد من المعجبين، ومن بينهم الشريف نفسه، أنه يعرف عن المدفعية أكثر مما يعرفه أي ضابط ألماني أو إنكليزي، وأنه يستطيع أن يجتاز الامتحان أحسن من أي منهم. وكل من هو على صلة تشرّب بفكرة أن المدفع عيار 95,2 هو سلاح عديم الفائدة، وعبثاً راحت كل الجهود في إقناعه بأن المدفع المذكور إذا أحسن استخدامه لهو سلاح مثير للإعجاب. وفي الحقيقية أصبح يتفق الآن مع القول بأن مدافع الميدان، حالياً، لا تناسب العمليات الآتية مستقبلاً بسبب التضاريس الطبيعية ومصاعب أخرى واضحة. وتتعالى صيحات المطالبة، حالياً، من كل أفراد الجيش، من الشريف الأكبر نفسه نزولاً إلى آخر مجند، مطالبة بالحصول على مدافع جبلية طويلة المدى، باحث طراز من مدفع "شنايدر".
إن امتلاكهم لهذه المدافع سيجعلهم واثقين من قدرتهم على صد هجمات الأتراك والمضيّ إلى سورية. وتجهيز الشريف الأكبر بالمزيد من المدافع يصعب تبريره من وجهة نظر عسكرية بحتة، ولكن لأسباب سياسية وبسبب مدى هو سهم بقوة مدفع (شنايدر) الجبلي وثقتهم بالنصر في حالة حصولهم عليه، نوصي بشدة أن يزوّد الشريف فيصل ببطارية مدافع "شنايدر" ومن آخر طراز. ولو أريد لهم أن يزودوا بالمدافع، فالأولى إعطاؤهم أحدث الطراز ما فضل القذائف التي يمكن شراؤها لأن المدافع القديمة، إضافة إلى كونها عديمة الفائدة، فإنها لن تثير سوى استياء القادة العرب.
وأبدى الشرقيون في كل الحروب الصغيرة اعتقاداً مبالغاً فيه، بقوة المدفعية، وعانوا أيضاً من كوارث عديدة بسبب هذا الاعتقاد.
ولدى الشريف فيصل الآن انطباع بأن امتلاك مدافع يبلغ مداها 2000 ياردة أبعد من المدفع 2,95 بوصة، لن يكسبه الحرب، ولكن لا شئ، أيضاً، سيقنعه بخلاف ذلك، وعليه ولغرض تثبيت قلوب أفراد جيشه وكذخر معنوي لهم، يصبح إنفاق أثمان تجهيزه بهذه المدافع مبرراً شرعياً.
ولا شك أن البدو يشكلون العمود الفقري لجيش الشريف، مع أنه لا فائد هنا من الخوض في بحث كيفية تمكن الضباط والجنود السوريين من الانخراط خلسة في صفوفه، فهم لم يظهروا أنفسهم بمظهر المقاتلين الجيدين أو القادة الجيدين. ومن الصعوبة بمكان إدراك القيمة العسكرية لجمع من السوريين كانوا يوماً مشتركين ـ صحيح أن اشتراكهم لم يكن فعالاً ـ في الدفاع عن المدينة ضد جيش الشريف، ليظهروا بعد يومين في استعراض مع الجيش آنف الذكر ويشار إليهم على أنهم الوحيدون الذين ساروا بخطوات منتظمة أمام الحضور. وحين تصل الجيوش الشريفية إلى خط سكة الحديد وتواجه جنوداً مدربين، هل سيكون بإمكان هؤلاء السوريين حينذاك تبرير وجودهم ضمن جيش أو جيوش ربما كانت لها قيمة أكبر في ما لو تشكلت كلياً من العرب، ووضعوا تحت إمرة قادتهم الخاصين بهم.
إن أفراد الجيش من العرب من صنوف الهجانة والمشاة والخيالة جيدون. أما نقاط الضعف فتكمن في أقسام المدفعية والمدافع الرشاشة. ويشل هؤلاء نقاط الضعف لأنهم غير مدربين ويؤمنون بأن مجرد امتلاك الجنود والمدافع بحد ذاته ضمانة للنصر.
الوضع العسكري والسياسي
يصعب الفصل بين الوضعين العسكري والسياسي، ومن السهل التطرق إليهما تحت عنوان واحد. والوضع العام يبعث على الارتياح.
وترتيب القوات الشريفية حالياً هو على الشكل التالي:
أ ـ الشريف علي في (رابغ) وعلى بعد 20 ميلاً شمال شرقها.
ب ـ الشريف عبد الله، على بعد حوالي 25 ميلاً غرب خط سكة الحديد في "المربعة".
جـ ـ الشريف فيصل في "الوجه".
د ـ الشريف شرف في (بير زيد) الواقعة على 40 ميلاً شرقيّ ينبع.
إن أعداد الجنود الموجودة تحت إمرة كل شريف مشكوك فيها، ويدّعي الشريف فيصل وجود 15 ألف رجل معه. ولا يستطيع المرء أن يعد سوف نصف هذا الرقم بالملاحظة الشخصية. ولدى الشريف علي حوالي 3000 رجل، والشريف عبد الله حوالي 5000 رجل والشريف شرف حوالي 1000 رجل.
وموقع الشريف عبد الله خطر واضح، في حين أن علي وفيصل يلتزمان البعد نوعاً ما. ولقطع السكة الحديد أهمية كبيرة، لكنها ليست بالأهمية الحيوية التي كانت عليها خلال الأشهر الثلاثة الماضية. حيث كان من الممكن خلال تلك الفترة، شن هجوم تركي على مكة والمدينة محتملاً، وكان قطع خط السكة الحديد هو السلاح الأكثر فاعلية ضد ذلك التهديد.
إن التقدم في العريش، وتحرك جيش فيصل شمالاً، وصعوبة وصول الإمدادات، وتهديد خط سكة الحديد، اجتمعت كلها سوية لتحدو بالأتراك إلى سحب مخافرهم المتقدمة، والتركيز على خط سكة الحديد. ولم يعد من السهل الآن قطع الخط حيث إن الحراسة عليه قوية. والمحطات، التي تم تعزيزها مؤخراً، وضعت في حالة الدفاع، وتحولت في الواقع إلى قلاع صغيرة. وكل من ينصح الشريف بأن محطات كهذه يمكن اجتياحها بواسطة مجموعات صغيرة من جيش غير نظامي سلاحها البنادق والقنابل اليدوية، إنما يتحمل مسؤولية خطيرة.
إن الاستيلاء على نقطة واقعة على خط سكة الحديد بواسطة جيش فيصل، والاحتفاظ بها بالقوة لفترة مؤقتة، وبذلك حمل قسم من الخط على الاستسلام, يمكن من الناحية العسكرية، ولكن الاكتساح والاستيلاء المفاجئ والفوري على محطات متباعدة كالتي وصفت في أعلاه، فهو عرضة لمشاكل تختلف تماماً.
ويجب أن يكون من السهل إدراك عدم قدرة جيش فيصل على التحرك إلى الأمام بسرعة محمومة باتجاه خط سكة الحديد. والوضع السياسي، بالنسبة له، أمر في غاية الخطورة، لأن عليه التفكير في المستقبل وكسب القبائل إلى جانبه، ليس ليوم واحد فحسب بل بصورة دائمية. والتهور في أمور كهذه لن يعود إلاّ بالكوارث. ومن الحماقة له التقدم قبل التأكد من موقف القبائل التي سيتركها في مؤخرة جيشه. كما أن العمليات ضد خط سكة الحديد من "الوجه" صعبة. فهي تبعد كثيراً عن أقرب نقطة على الخط، أي حوالي 12 ميلاً بالطريق البري.
وينوي الشريف فيصل البدء بتقدمه بعد عشرة أيام نحو (جيدة) واتخاذها قاعدة لجيشه تنطلق منها مجموعات إغارة يتراوح عدد أفرادها بين 20 إلى 100 رجل تستطلع مواقع العدو لحين حلول الفرصة المناسبة للهجوم على الخط وعزل (المدينة). وبإمكان الشريف عبد الله القيام بدور حلقة الوصل بين الجيشين المذكورين، أو، وهذا أفضل بكثير، الرجوع إلى مواقعه القديمة شرقي خط سكة الحديد حيث يصبح بإمكانه اعتراض القبائل المتوجهة نحو "حائل" والأتراك الذين يضلون طريقهم، بالإضافة إلى تهديد خط سكة الحديد من الجهة الأخرى.
ويمكن تحقيق أعلى درجات النجاح، فقط، في حالة تحرك جميع الجيوش وفق خطة منسقة، وتحت سيطرة ومشورة قناة مركزية واحدة، وإن شن عمليات تشنجية من قبل جيش بمعزل عن الجيوش الأخرى لن يعطي أفضل النتائج.
ويبدو واضحاً أن الهدف الأساسي للشريف الأكبر هو المدينة، والطرف الجنوبي لخط سكة الحديد. أما المدى الذي سيبلغه استمرار العمليات بعد ذلك، فستقرره بلا شك سلطات أعلى.
وتذهب الافتراضات إلى أن السوريين لم ينضموا إلى العرب ليتوقفوا عند بلوغ المدينة فقط، بل كانت لهم أهداف أعمق من الرغبة في خدمة الشريف الأكبر حين انضموا إليه وربطوا مصيرهم بمصير العرب.


الوجه الموقع
2/2/1917 سي. في. (ميجر)[1] (http://www.shmmr.net/vb/showthread.php?p=709844&posted=1#_ftn1)


2/2/1917
الشريف محمد علي ومعه 1000 رجل يستولي على (ضبا) في يوم 5 شباط /فبراير، ويتحرك منها باتجاه (تبوك).
الشريف فيصل يتحدث عن تعزيز قوات الشريف عبد الله بحوالي 2000 رجل. يجب حث فيصل على أنه الآن في أفضل المواقع (الوجه وضبا) للتحرك ضد الأتراك. وعبد الله في موقع شئ.
من السخافة، بعد نيل مواقع وقواعد جيدة، إضاعة قيمتها بإضعاف جيش فيصل ليصبح غير قوي ولا يستطيع توجيه ضربة.
ولدى فيصل، الآن، مفرزتان ملحقتان به، شرف في (ينبع) ومحمد علي في (ضبا)، وهو لا يستطيع إرسال قوات أخرى وخاصة أن تقديراته لأعداد جنوده هي أكثر من الحقيقة.
وفيصل واثق بأنه، مع العرب الذين سينضمون إليه في (ضبا) سيصبح لديه 20 ألف رجل. ولكنهم على أية حال، لن يكونوا جميعاً من حملة السلاح، إضافة إلى كونهم جنوداً جدداً.

[1] (http://www.shmmr.net/vb/showthread.php?p=709844&posted=1#_ftnref1) كاتب هذه المذكورة هو الميجر سي. فيكري [S. Vickrey] الذي التحق بالثورة العربية لمدة قصيرة، وبعد ثلاث سنوات عين معتمداً بريطانياً لدى حكومة الحجاز.


(ن.ف.ص)

البرمكي
08-02-2009, 10:14
(25)

(تقرير)

من القائد البحري العام في الهند الشرقية ومصر

إلى سكرتير وزارة البحرية

عن الوضع في الحجاز
سرّي
الرقم: 186/1171 التاريخ: 9 شباط /فبراير 1917
سيدي،
إلحاقاً بكتابي المرقم 906/1171 والمؤرخ في 14 تشرين الثاني /نوفمبر 1916، أقدم تقريراً آخر لوزارة البحرية عن الحالة الحاضرة في الحجاز.
لا أرى سبباً لتغيير الآراء عن الوضع الذي شرحته في رسالتي السابقة، لكن الاختلاف العظيم في الآراء الذي يتخلل البرقيات التي يرسها الموظفون المختلفون المعنيون، يحملني على التفكير بأن كل الملاحظات التي أبديها عن هذا الموضوع قد تكون ذات فائدة لسيادتكم، لأنها تمثل أفكار ممثليكم المدروسة في الموقع.
لقد علمت بقلق عظيم 6 كانون الثاني /يناير أن فكرة إنزال لواء بريطاني في رابغ تتبلور، وأن سعادة المندوب السامي يحبذّ هذه الخطة.
يرتئي سعادته بشدة أن احتمال سقوط مكة مرة أخرى في أيدي الأتراك، سيكون فاجعة وتؤثر على سمعتنا في أنحاء العالم الشرقي تأثيراً خطيراً، وهو رأي لا يستطيع أحد أن يخالفه. وأعتقد أن ذلك أساس رغبته في وجود لواء في رابغ. ومع ذلك، فلا يسعني إلاّ ان أفكر أن الطريقة التي يقترحها للحيلولة دون ذلك سوف تكون مؤذية أكثر من الكارثة نفسها. لقد أشار الشريف الأكبر نفسه رسمياً أنه، حتى إذا استطاع الأتراك، لعدم وجود مقاومته فعالة في رابغ، أن يندفعوا في طريقتهم إلى مكة، فإنه يتمكن مع ذلك من الاحتفاظ بأتباعه ويستطيع أن يجعل وجود قوة تركية في ذلك المكان لأية مدة من الزمن غير عملي، وذلك بقطع كل التجهيزات عنها. أما إذا أنزلت قوة مسيحية في رابغ فتكون النتيجة بلا ريب فقدانه لأتباعه الحاضرين ومن يحتمل انضمامها إليه في المستقبل.
وإذا كان هذا التقرير صحيحاً فإن الخطة الأخيرة هي بلا شك أعظم الشرّين، لأنها تتضمن ليس التضحية بأي مظهر من مظاهر الثورة في الحجاز فحسب، بل الإخلال بتصريحاتنا الرسمية للعالم الإسلامي أيضاً، وتكون سلاحاً مفيداً في أيدي المهّيجين من الأعداء.
ولذلك كان ارتياحي عظيماً نسبياً لما علمت بعد ذلك أن هذه الخطورة قد صُرف النظر عنها نهائياً.
وإذا تركنا في الوقت الحاضر جميع المناقشات الأدبية والسياسية، فإنني لا أرى أي عمل مفيد يستطيع لواء القيام به فيما إذا تم إنزاله، فإنه لن تكون له القوة ولا الحركة اللازمة للعمل خارج قاعدته، ويكون أكثر من المطلوب للدفاع عن المطار. ولذلك فإن هذه الخطوة تكون مجرد نحو 3000 جندي حيث يكونون عديمي الفائدة، وبذلك يحرم القائد العام في مصر من ذخر ثمين. يضاف إلى ذلك أن من الحقائق المقررة الآن أنه، فيما يتعلق بالماء، لن تكون أية ضرورة لقوة معادية تتحرك من المدينة إلى مكة، أن تتقدم إلى ما يقارب 20 ميلاً من رابغ، وهي مسافة أبعد مما يستطيع لواء أن يوجه ضربة منها.
وحقيقة احتفاظنا بميناء رابغ، حيث يمكن إنزال قطعة عسكرية ذات قوة غير معلومة وراء العدو تتمكن فعلاً من محاولة التحرك إلى مكة، يجب أن تكون تهديداً قوياً للعدو مثل وجود هذا اللواء حالاً.
ما زلت أرى أن المصاعب التي قد يجدها العدو، في الوقت الحاضر على الأقل، في مغادرة المدينة والتحرّك نحو مكة هي أعظم مما يستطيع مجابهته. وأنا أتشدّد في هذا الرأي بموافقة كل السلطات العسكرية التي تكلمت معها عن الموضوع. على العدو أن يأخذ بنظر الاعتبار موقف العشائر العربية، وعدم الوثوق منها، لأن هذا على الأقل يكون رادعاً عظيماً له.
وعلى الرغم من أن إخفاق العرب المرابطين في رابغ وينبع في وقف التقدم التركي إلى وادي ينبع من بئر عباس خلال الأسبوع الأول من كانون الأول / ديسمبر، قد سبّب شيئاً من خيبة الأمل، فإن معنوياتهم قد تحسنت بلا ريب وكذلك نشاطهم.
وضباط الاستخبارات البريطانيون الآن في وضع أفضل للاطلاع أكثر على طبيعة رجال العشائر العربية وعاداتهم، ولذلك نحن نحصل على تقدير أصح لهم. فرباطة الجأش والشجاعة الفردية أمام نيران الأتراك في الهواء الطلق، وأساليبهم الفعالة في الغارات هي، كما يظهر، أعظم مما كان يظن سابقاً. وحين لا يكونون في مواجهة المدافع يظهر أنهم على استعداد ومقدرة لمقابلة الجنود الأتراك. وقد وردت الأخبار الآِن أن انسحاب العرب من وادي ينبع في شهر كانون الأول / ديسمبر لم يكن بسبب جبن أو خيانة، ولكن لمجرد عاداتهم في عدم الالتزام بالانضباط، مما أدى بهم في تلك المناسبة إلى إعداد الطعام في غير وقته.
وذكر أيضاً بصورة مؤكدة أنه لم يلتحق الآن أية جماعة من عرب الحجاز بالترك، وقد زال الآن عدم استعدادهم السابق للعمل في داخل إقليمهم وحدوده فقط، كما ثبت من عملياتهم مع الأمراء الشريفيين.
وتفاصيل التقدم إلى الوجه من قبل العربية الرئيسية التي أخفقت في المجئ في الوقت المناسب، تدل الآن على الصعوبات الجسيمة التي يجب التغلب عليها. فنظراً إلى عدم وجود الماء والعلف مات الكثير من الأباعر المستعملة للنقل من الإعياء، وتم السير في الخمسين ميلاً الأخيرة بدون طعام وبنصف غالون من الماء فقط لكل رجل.
كانت خططهم في مضايقة المراكز التركية الخارجية ناجحة تماماً في المدة الأخيرة. فالأمير عبد الله قطع الطرق إلى المدينة من الداخل، وبذلك أوقف تجهيز الجمال الضرورية للأتراك. وقد وسّع عمله إلى ناحية سكة حديد الحجاز، وفي نقطة تبعد حوالي 80 ميلاً شمالي المدينة استولى مؤخراً على قافلة مهمة تحمل 000,20 جنيه ذهب (وهو يقول إنه وزعهاً فوراً على أتباعه) مع كمية من العتاد إلخ، ولم يخسر هو نفسه سوى ثمانية رجال. وقد شنت الغارات بصورة فعالة على المراكز التركية القريبة من المدينة، وجرى اعتقال ضباط ورجال والاستيلاء على أسلحة وتجهيزات وقوافل وجمال.
إن الاستيلاء على "الوجه"، و "ضبا" و "المويلح" حسنت الوضع أيضاً إلى حد كبير، فقد أبرزت المظهر الخارجي لقوة الشريف الأكبر الضرورية لإغراء العشائر الشمالية بالانضمام إلى قضيته، وكانت النتيجة أن عشائر البلي التحقت الآن بالأمير فيصل، كما أن بني عطية والحويطات يتبعون خطاهم. واحتلال هذه البلدان سوف يهيء قواعد يؤمل أن تجري منها غارات على السكة الحديد.
إن العدو قائم بسحب مراكزه إلى داخل المدينة، وذلك لإعادة التنظيم حسب الظاهر، ولتأمين وضعها الحاضر. وكل يوم، بل كل ساعة، يبقى فيه العدو ساكناً، يتحسن وضع الشريف.
وهناك عامل لا شك فيه في التعقيدات القائمة في الحجاز، وهو وجود نحو 40 أو 50 ضابطاً سورياً في ما يدعى "الجيش" العربي. ذلك أن وجود هؤلاء الرجال هناك ليس بدافع من حب العرب الخالص، كما أنهم لم ينجذبوا إلى خدمة الشريف الأكبر بسبب أي شعور تعظيم له. ومن الجهة الأخرى لا يمكن التأكيد بأن دوافعهم أنانية صرفة. وبصفتهم أعضاء في حزب تركية الفتاة الأصلي، يحتمل أنهم التزموا بقضية الشريف احتجاجاً على أنور باشا والعصابة الرجعية لذلك الحزب. وهم ينتمون إلى ذلك القسم منه الذي يحمل المثل العليا الأصلية لحركة تركية الفتاة والذي يرغب حقاً في إجراء الإصلاحات في الإمبراطورية العثمانية. وهم يطمعون في "سورية يحكمها سوريون"، مستقلة إذا أمكن، ولكن إذا لم تحصل على الاستقلال فتكون تابعة لسيادة حكومة تركية إصلاحية. وفكرة سورية تحت حماية دولة أوروبية هي فكرة "لعينة" لديهم. وهم يعتقدون كل الاعتقاد بأن ألمانية لا تغلب عسكرياً وأن تركية ستنتصر في النهاية بنتيجة ذلك. لكن ما يعتقدونه في حالة ارتباك ذهني، هو أن تركية إذا أمكن وقف حركتها الآن في بلاد العرب، فإن حزبهم ينتصر في نهاية الأمر، ويأملون أن يستطيعوا بذلك الحصول على شروط أفضل لأنفسهم في نهاية الحرب.
ومهما كانت الجهة التي يتجه إليها تيار نشاط هؤلاء الضباط فإنهم، مع ذلك، لم يحولوا دون تثبيت نفوذ الشريف الأكبر بصورة قوية لدى العناصر العشائرية في الحجاز نفسه، بينما نجب السكان المدنيين المختلطين، الذين كانوا في بادئ الأمر قليلي الثقة نوعاً ما في تجاربهم مع الإدارات العربية، أصبحوا راصين عن حكم الشريف، بالنظر إلى اعتداله بصورة دائمة. والعشائر البعيدة صارت تظهر نفسها على استعداد للانضمام إلى الثورة في سبيل تحرير بلادها من الأتراك. ولكن، من الجهة الأخرى، يبدو أن الزعماء العرب الكبار، وإن كانوا بصورة عامة متعاطفين مع القضية، فإنهم لم يكونوا على استعداد لقبول الطراز واللقب الذي اتخذه الشريف الأكبر كملك، ولا شك أنهم يستاؤون من أية فكر ترمي إلى السيطرة عليهم من هذه الجهة.
لعبت مدافع البوارج الملكية البريطانية دوراً بارزاً في سبيل إحراز النجاح للثورة منذ قيامها. ومع أن كمية العتاد التي صرفت كانت صغيرة، فإن مجرد وجود الساحل في يد البحرية البريطانية كان في حد ذاته تأييداً أدبياً عظيم القيمة للعرب. فهم أنفسهم دون مدافع شعروا أن لهم في جدة ورابغ وينبع وأخيراً في الوجه، سنداً يرتدّون إليه ولا يستطيع أعداؤهم خرقه.
هذا هو الوضع بصورة موجزة ودون الدخول كثيراً في التفاصيل كما يبدو لي اليوم. ومع أنني لم أذكر موقف الحكومة الفرنسية عند الوصول إلى هذه النتائج، فإنني لم أهمل أخذها بنظر الاعتبار. ومن الواضح تماماً أن الفكرة الوحيدة للكولونيل بريمون، الممثل الفرنسي في جدة، هي أنه حيثما يمكن استخدام القوات البريطانية يجب أن يكون للفرنسيين متساو. و إذا استطعت أن أحمل نفسي على الاعتقاد بأن مثل هذه الرغبة الودية لتقديم المساعدة تعود إلى خير قضية الحلفاء بصورة خالصة، وليس إلى الخوف من التطورات في المستقبل، لكان تعاطفي مع هذا الموقف (الفرنسي) قلبياً أكثر مما أعترف به. إن فتور رغبته (أي رغبة بريمون) في نجاح الشريف آماله التي يعترف بها علنّا بأن يحافظ على الوضع القائم، يجعل من الصعب على أولئك الذين تقع على عاتقهم إدارة هذه الشؤون أن ينظروا إلى احتجاجاته بغير عدم الثقة.


أنا، يا سيدي،... إلخ..


(التوقيع) آر. ئي. ويميس


نائب الأميرال


القائد العام