المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رجال حول الرسول



ابو ضاري
07-12-2007, 17:42
[قد بحث عن موضوع يعود لنا من المعرفه والاجر الكثير وهو رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم . يعود الفضل لله ثم للاخت شام ( شمس المضايف ) بالاقتراح من ان كل عضو يكتب عن رجل من رجال الرسول صلى الله عليه وسلم حتى تعم الفائده والاجر للاخوان والاخوات
شكرا ياشام على الاقتراح الله يحفظك .................................



سيرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه

اسمه – على الصحيح - :
عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي التيمي .

كنيته :
أبو بكر

لقبه :
عتيق ، والصدِّيق .
قيل لُقّب بـ " عتيق " لأنه :
= كان جميلاً
= لعتاقة وجهه
= قديم في الخير
= وقيل : كانت أم أبي بكر لا يعيش لها ولد ، فلما ولدته استقبلت به البيت ، فقالت : اللهم إن هذا عتيقك من الموت ، فهبه لي .
وقيل غير ذلك

ولُقّب بـ " الصدّيق " لأنه صدّق النبي صلى الله عليه وسلم ، وبالغ في تصديقه كما في صبيحة الإسراء وقد قيل له : إن صاحبك يزعم أنه أُسري به ، فقال : إن كان قال فقد صدق !
وقد سماه الله صديقا فقال سبحانه : ( وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ )
جاء في تفسيرها : الذي جاء بالصدق هو النبي صلى الله عليه وسلم ، والذي صدّق به هو أبو بكر رضي الله عنه .
ولُقّب بـ " الصدِّيق " لأنه أول من صدّق وآمن بالنبي صلى الله عليه وسلم من الرجال .

وسماه النبي صلى الله عليه وسلم " الصدّيق "
روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أُحداً وأبو بكر وعمر وعثمان ، فرجف بهم فقال : اثبت أُحد ، فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان .

وكان أبو بكر رضي الله عنه يُسمى " الأوّاه " لرأفته

مولده :
ولد بعد عام الفيل بسنتين وستة أشهر

صفته :
كان أبو بكر رضي الله عنه أبيض نحيفاً ، خفيف العارضين ، معروق الوجه ، ناتئ الجبهة ، وكان يخضب بالحناء والكَتَم .
وكان رجلاً اسيفاً أي رقيق القلب رحيماً .

فضائله :
ما حاز الفضائل رجل كما حازها أبو بكر رضي الله عنه

• فهو أفضل هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم
قال ابن عمر رضي الله عنهما : كنا نخيّر بين الناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، فنخيّر أبا بكر ، ثم عمر بن الخطاب ، ثم عثمان بن عفان رضي الله عنهم . رواه البخاري .

وروى البخاري عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبل أبو بكر آخذا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أما صاحبكم فقد غامر . وقال : إني كان بيني وبين ابن الخطاب شيء ، فأسرعت إليه ثم ندمت فسألته أن يغفر لي فأبى عليّ ، فأقبلت إليك فقال : يغفر الله لك يا أبا بكر - ثلاثا - ثم إن عمر ندم فأتى منزل أبي بكر فسأل : أثَـمّ أبو بكر ؟ فقالوا : لا ، فأتى إلى النبي فجعل وجه النبي صلى الله عليه وسلم يتمعّر ، حتى أشفق أبو بكر فجثا على ركبتيه فقال : يا رسول الله والله أنا كنت أظلم - مرتين - فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله بعثني إليكم فقلتم : كذبت ، وقال أبو بكر : صَدَق ، وواساني بنفسه وماله ، فهل أنتم تاركو لي صاحبي – مرتين - فما أوذي بعدها .

فقد سبق إلى الإيمان ، وصحب النبي صلى الله عليه وسلم وصدّقه ، واستمر معه في مكة طول إقامته رغم ما تعرّض له من الأذى ، ورافقه في الهجرة .

• وهو ثاني اثنين في الغار مع نبي الله صلى الله عليه وسلم
قال سبحانه وتعالى : ( ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا )
قال السهيلي : ألا ترى كيف قال : لا تحزن ولم يقل لا تخف ؟ لأن حزنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم شغله عن خوفه على نفسه .
وفي الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه حدّثه قال : نظرت إلى أقدام المشركين على رؤوسنا ونحن في الغار فقلت : يا رسول الله لو أن أحدهم نظر إلى قدميه أبصرنا تحت قدميه . فقال : يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما .

ولما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يدخل الغار دخل قبله لينظر في الغار لئلا يُصيب النبي صلى الله عليه وسلم شيء .
ولما سارا في طريق الهجرة كان يمشي حينا أمام النبي صلى الله عليه وسلم وحينا خلفه وحينا عن يمينه وحينا عن شماله .

ولذا لما ذكر رجال على عهد عمر رضي الله عنه فكأنهم فضّـلوا عمر على أبي بكر رضي الله عنهما ، فبلغ ذلك عمر رضي الله عنه فقال : والله لليلة من أبي بكر خير من آل عمر ، وليوم من أبي بكر خير من آل عمر ، لقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لينطلق إلى الغار ومعه أبو بكر ، فجعل يمشي ساعة بين يديه وساعة خلفه ، حتى فطن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا أبا بكر مالك تمشي ساعة بين يدي وساعة خلفي ؟ فقال : يا رسول الله أذكر الطلب فأمشي خلفك ، ثم أذكر الرصد فأمشي بين يديك . فقال :يا أبا بكر لو كان شيء أحببت أن يكون بك دوني ؟ قال : نعم والذي بعثك بالحق ما كانت لتكون من مُلمّة إلا أن تكون بي دونك ، فلما انتهيا إلى الغار قال أبو بكر : مكانك يا رسول الله حتى استبرئ الجحرة ، فدخل واستبرأ ، قم قال : انزل يا رسول الله ، فنزل . فقال عمر : والذي نفسي بيده لتلك الليلة خير من آل عمر . رواه الحاكم والبيهقي في دلائل النبوة .

• ولما هاجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ ماله كله في سبيل الله .

• وهو أول الخلفاء الراشدين

وقد أُمِرنا أن نقتدي بهم ، كما في قوله عليه الصلاة والسلام : عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ . رواه الإمام أحمد والترمذي وغيرهما ، وهو حديث صحيح بمجموع طرقه .

واستقر خليفة للمسلمين دون مُنازع ، ولقبه المسلمون بـ " خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم "

• وخلافته رضي الله عنه منصوص عليها
فقد أمره النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مرضه أن يُصلي بالناس
في الصحيحين عن عائشةَ رضي اللّهُ عنها قالت : لما مَرِضَ النبيّ صلى الله عليه وسلم مرَضَهُ الذي ماتَ فيه أَتاهُ بلالٌ يُؤْذِنهُ بالصلاةِ فقال : مُروا أَبا بكرٍ فلْيُصَلّ . قلتُ : إنّ أبا بكرٍ رجلٌ أَسِيفٌ [ وفي رواية : رجل رقيق ] إن يَقُمْ مَقامَكَ يبكي فلا يقدِرُ عَلَى القِراءَةِ . قال : مُروا أَبا بكرٍ فلْيُصلّ . فقلتُ مثلَهُ : فقال في الثالثةِ - أَوِ الرابعةِ - : إِنّكنّ صَواحبُ يوسفَ ! مُروا أَبا بكرٍ فلْيُصلّ ، فصلّى .
ولذا قال عمر رضي الله عنه : أفلا نرضى لدنيانا من رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا ؟!

وروى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه : ادعي لي أبا بكر وأخاك حتى اكتب كتابا ، فإني أخاف أن يتمنى متمنٍّ ويقول قائل : أنا أولى ، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر .

وجاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فكلمته في شيء فأمرها بأمر ، فقالت : أرأيت يا رسول الله إن لم أجدك ؟ قال : إن لم تجديني فأتي أبا بكر . رواه البخاري ومسلم .

• وقد أُمرنا أن نقتدي به رضي الله عنه
قال عليه الصلاة والسلام : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر . رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه ، وهو حديث صحيح .

• وكان أبو بكر ممن يُـفتي على عهد النبي صلى الله عليه وسلم
ولذا بعثه النبي صلى الله عليه وسلم أميراً على الحج في الحجّة التي قبل حجة الوداع
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : بعثني أبو بكر الصديق في الحجة التي أمره عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حجة الوداع في رهط يؤذنون في الناس يوم النحر : لا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان .

وأبو بكر رضي الله عنه حامل راية النبي صلى الله عليه وسلم يوم تبوك .

• وأنفق ماله كله لما حث النبي صلى الله عليه وسلم على النفقة
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق ، فوافق ذلك مالاً فقلت : اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما . قال : فجئت بنصف مالي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أبقيت لأهلك ؟ قلت : مثله ، وأتى أبو بكر بكل ما عنده فقال : يا أبا بكر ما أبقيت لأهلك ؟ فقال : أبقيت لهم الله ورسوله ! قال عمر قلت : والله لا أسبقه إلى شيء أبدا . رواه الترمذي .

• ومن فضائله أنه أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال عمرو بن العاص لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الناس أحب إليك ؟ قال : عائشة . قال : قلت : من الرجال ؟ قال : أبوها . رواه مسلم .

• ومن فضائله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذه أخـاً له .
روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس وقال : إن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ذلك العبد ما عند الله . قال : فبكى أبو بكر ، فعجبنا لبكائه أن يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خير ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير ، وكان أبو بكر أعلمنا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن مِن أمَنّ الناس عليّ في صحبته وماله أبا بكر ، ولو كنت متخذاً خليلاً غير ربي لاتخذت أبا بكر ، ولكن أخوة الإسلام ومودته ، لا يبقين في المسجد باب إلا سُـدّ إلا باب أبي بكر .

• ومن فضائله رضي الله عنه أن الله زكّـاه
قال سبحانه وبحمده : ( وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى * إِلا ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى )
وهذه الآيات نزلت في ابي بكر رضي الله عنه .
وهو من السابقين الأولين بل هو أول السابقين
قال سبحانه : ( وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )

• وقد زكّـاه النبي صلى الله عليه وسلم
فلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من جرّ ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة . قال أبو بكر : إن أحد شقي ثوبي يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنك لست تصنع ذلك خيلاء . رواه البخاري في فضائل أبي بكر رضي الله عنه .

• ومن فضائله رضي الله عنه أنه يُدعى من أبواب الجنة كلها
قال عليه الصلاة والسلام : من أنفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله دُعي من أبواب الجنة : يا عبد الله هذا خير ؛ فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ، ومن كان من أهل الجهاد دُعي من باب الجهاد ، ومن كان من أهل الصدقة دُعي من باب الصدقة ، ومن كان من أهل الصيام دُعي من باب الصيام وباب الريان . فقال أبو بكر : ما على هذا الذي يدعى من تلك الأبواب من ضرورة ، فهل يُدعى منها كلها أحد يا رسول الله ؟ قال : نعم ، وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر . رواه البخاري ومسلم .

• ومن فضائله أنه جمع خصال الخير في يوم واحد
روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أصبح منكم اليوم صائما ؟
قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا .
قال : فمن تبع منكم اليوم جنازة ؟
قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا .
قال : فمن أطعم منكم اليوم مسكينا ؟
قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا .
قال : فمن عاد منكم اليوم مريضا ؟
قال أبو بكر رضي الله عنه : أنا .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما اجتمعن في امرىء إلا دخل الجنة .

• ومن فضائله رضي الله عنه أن وصفه رجل المشركين بمثل ما وصفت خديجة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
لما ابتلي المسلمون في مكة واشتد البلاء خرج أبو بكر مهاجراً قِبل الحبشة حتى إذا بلغ بَرْك الغماد لقيه ابن الدغنة وهو سيد القارَة ، فقال : أين تريد يا أبا بكر ؟ فقال أبو بكر : أخرجني قومي فأنا أريد أن أسيح في الأرض فأعبد ربي . قال ابن الدغنة : إن مثلك لا يخرج ولا يخرج فإنك تكسب المعدوم وتصل الرحم وتحمل الكَلّ وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق ، وأنا لك جار فارجع فاعبد ربك ببلادك ، فارتحل ابن الدغنة فرجع مع أبي بكر فطاف في أشراف كفار قريش فقال لهم : إن أبا بكر لا يَخرج مثله ولا يُخرج ، أتُخرجون رجلا يكسب المعدوم ويصل الرحم ويحمل الكل ويقري الضيف ويعين على نوائب الحق ؟! فأنفذت قريش جوار ابن الدغنة وآمنوا أبا بكر وقالوا لابن الدغنة : مُر أبا بكر فليعبد ربه في داره فليصل وليقرأ ما شاء ولا يؤذينا بذلك ولا يستعلن به ، فإنا قد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا قال ذلك ابن الدغنة لأبي بكر فطفق أبو بكر يعبد ربه في داره ولا يستعلن بالصلاة ولا القراءة في غير داره ، ثم بدا لأبي بكر فابتنى مسجدا بفناء داره وبرز فكان يصلي فيه ويقرأ القرآن فيتقصف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يعجبون وينظرون إليه وكان أبو بكر رجلاً بكّاءً لا يملك دمعه حين يقرأ القرآن فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين فأرسلوا إلى ابن الدغنة فقدم عليهم فقالوا له : إنا كنا أجرنا أبا بكر على أن يعبد ربه في داره وإنه جاوز ذلك فابتنى مسجدا بفناء داره وأعلن الصلاة والقراءة وقد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا فأته فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل وإن أبى إلاّ أن يعلن ذلك فَسَلْهُ أن يرد إليك ذمتك فإنا كرهنا أن نخفرك ، ولسنا مقرين لأبي بكر الاستعلان . قالت عائشة فأتى ابن الدغنة أبا بكر فقال : قد علمت الذي عقدت لك عليه فإما أن تقتصر على ذلك وإما أن ترد إلي ذمتي فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت في رجل عقدت له قال أبو بكر : إني أرد إليك جوارك وأرضى بجوار الله . رواه البخاري .

• وكان عليّ رضي الله عنه يعرف لأبي بكر فضله
قال محمد بن الحنفية : قلت لأبي – علي بن أبي طالب رضي الله عنه - : أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : أبو بكر . قلت : ثم من ؟ قال : ثم عمر ، وخشيت أن يقول عثمان قلت : ثم أنت ؟ قال : ما أنا إلا رجل من المسلمين . رواه البخاري .

وقال عليّ رضي الله عنه : كنت إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا نفعني الله به بما شاء أن ينفعني منه ، وإذا حدثني غيره استحلفته ، فإذا حلف لي صدقته ، وحدثني أبو بكر وصدق أبو بكر . قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من عبد مؤمن يذنب ذنبا فيتوضأ فيحسن الطهور ثم يصلي ركعتين فيستغفر الله تعالى إلا غفر الله له ثم تلا : ( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ) الآية . رواه أحمد وأبو داود .

• ولم يكن هذا الأمر خاص بعلي رضي الله عنه بل كان هذا هو شأن بنِيـه
قال الإمام جعفر لصادق : أولدني أبو بكر مرتين .
وسبب قوله : أولدني أبو بكر مرتين ، أن أمَّه هي فاطمة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر ، وجدته هي أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر .
فهو يفتخر في جّـدِّه ثم يأتي من يدّعي اتِّباعه ويلعن جدَّ إمامه ؟
قال جعفر الصادق لسالم بن أبي حفصة وقد سأله عن أبي بكر وعمر ، فقال : يا سالم تولَّهُما ، وابرأ من عدوهما ، فإنهما كانا إمامي هدى ، ثم قال جعفر : يا سالم أيسُبُّ الرجل جده ؟ أبو بكر جدي ، لا نالتني شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة إن لم أكن أتولاهما وأبرأ من عدوهما .
وروى جعفر بن محمد – وهو جعفر الصادق - عن أبيه – وهو محمد بن علي بن الحسين بن علي – رضي الله عنهم أجمعين ، قال : جاء رجل إلى أبي – يعني علي بن الحسين ، المعروف والمشهور بزين العابدين - فقال : أخبرني عن أبي بكر ؟ قال : عن الصديق تسأل ؟ قال : وتسميه الصديق ؟! قال : ثكلتك أمك ، قد سماه صديقا من هو خير مني ؛ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم والمهاجرون والأنصار ، فمن لم يُسمه صدِّيقا ، فلا صدّق الله قوله ، اذهب فأحب أبا بكر وعمر وتولهما ، فما كان من أمـر ففي عنقي .

ولما قدم قوم من العراق فجلسوا إلى زين العابدين ، فذكروا أبا بكر وعمر فسبوهما ، ثم ابتـركوا في عثمان ابتـراكا ، فشتمهم .
وابتركوا : يعني وقعوا فيه وقوعاً شديداً .
وما ذلك إلا لعلمهم بمكانة وزيري رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبمكانة صاحبه في الغار ، ولذا لما جاء رجل فسأل زين العابدين : كيف كانت منزلة أبي بكر وعمر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فأشار بيده إلى القبر ثم قال : لمنزلتهما منه الساعة .

قال بكر بن عبد الله المزني رحمه الله :
ما سبقهم أبو بكر بكثرة صلاة ولا صيام ، ولكن بشيء وَقَـرَ في قلبه .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
يا سَائِلي عَنْ مَذْهَبِي وعَقيدَتِي = رُزِقَ الهُدى مَنْ لِلْهِدايةِ يَسأَلُ
اسمَعْ كَلامَ مُحَقِّقٍ في قَولِه = لا يَنْثَني عَنهُ ولا يَتَبَدَّل
حُبُّ الصَّحابَةِ كُلُّهُمْ لي مَذْهَبٌ = وَمَوَدَّةُ القُرْبى بِها أَتَوَسّل
وَلِكُلِّهِمْ قَدْرٌ وَفَضْلٌ ساطِعٌ = لكِنَّما الصِّديقُ مِنْهُمْ أَفْضَل

• وجمع بيت أبي بكر وآل أبي بكر من الفضائل الجمة الشيء الكثير الذي لم يجمعه بيت في الإسلام
فقد كان بيت أبي بكر رضي الله عنه في خدمة النبي صلى الله عليه وسلم ، كما في الاستعداد للهجرة ، وما فعله عبد الله بن أبي بكر وأخته أسماء في نقل الطعام والأخبار لرسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه في الغار
وعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم هي بنت أبي بكر رضي الله عنه وعنها

قال ابن الجوزي رحمه الله :
أربعة تناسلوا رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم :
أبو قحافة
وابنه أبو بكر
وابنه عبد الرحمن
وابنه محمد

لن اوفي حق الخليفه الراشد في كتابتي هذه وبقى عنه الكثير ...........

ريم شمر
07-12-2007, 19:31
تسلم الضاري ولك الشكر على جميل ماجلبت

شام
08-12-2007, 02:09
http://www.al-wed.com/pic/7468.gif


علي بن أبي طالب ،، رضي الله عنه ،،

قالو عنه ،،

لأعطين هذه الراية غدا رجلاً بفتح الله عليه، يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله



من اقواله :

ليس الخير أن يكثر مالك وولدك ولكن الخير أن يكثر عملك ويعظم حلمك ولا خير في الدنيا إلا لأحد رجلين رجل أذنب ذنوبا فهو يتدارك ذك بتوبة أو رجل يسارع في الخيرات ولا يقل عمل في تقوى وكيف يقل ما يتقبل.

لقبه امير المؤمنين

وهو رابع الخلفاء الراشدين

نسبه

علي بن ابي طالب بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبده مناف بن قصي بن كلاب

حياته :

ولــد في مكة وقد كفله النبي محمد عليه افضل الصلاة والتسليم

وقد شارك مع الرسول في العديد من المعارك مثل

معركة الخندق ،/ معركة آ‘حد ،/ معركة بـدر ،/ معركة مؤته ،/ معركة تبوك

خلافته :

كانت مدة خلآ‘فته خمس سنوآ‘ت وثلآ‘ثة آ‘شهر وتولي الخلآ‘فة بعد عثمان بن عفان

زوجاته :

فاطمة الزهراء بنت محمد بن عبدالله.
أم: الحسن والحُسَيْن وزينب وأم كلثوم

أم البنين فاطمة بنت حزام بن خالد الكلابية.
أم: العبّاس وجعفر وعبد الله وعثمان -استشهدوا جميعاً بكربلاء-.

ليلى بنت مسعود بن خالد التميمية.
أم أبي بكر -استشهد بكربلاء- وعبيد الله -قتله المختار الثقفي-.

الصحابية الجليلة أسماء بنت عميس الخثعمية.
أم يحيى وعون.

أم حبيبة بنت زمعة بن بحر التغلبية.
أم عمر ورقية.

أم سعيد بنت عروة بن مسعود الثقفية.
أم رملة الكبرى وأم الحسن.

ابنة امرئ القيس بن عدي بن أوس ال***ية.
ولدت لأمير المؤمنين علي ابنة واحدة ماتت صغيرة.

أمامة بنت أبي العاص بن الربيع العَبْشَمِيّة (أي من بني عبد شمس)، وأمها زينب بنت محمد النبي.
أم محمد الأوسط.

خولة بنت جعفر بن قيس الحَنَفِيّة.
أم محمد الأكبر (ابن الحَنَفِيّة).

إغتياله

كان علي يصلي صلاة الصبح في المسجد وهو يؤم المسلمين ،،

وعندما سجد علي في صلاته قام عبدالرحمن بن ملجم

(وهو من كان في كنف علي حيث انه قام بالإهتمام به)[بحاجة لمصدر]

بضرب علي بالسيف على رأسه فقال علي قولته المشهورة بين المسلمين "فزت ورب الكعبة،،

وكان عبدالرحمن بن ملجم قد أشترى السيف الذي ضرب به ونقعه بالسم،،

و تولى غسله و تجهيزه ابناه الحسن بن علي و الحسين بن علي و دفن في النجف،،

وبذلك يكون علي بن ابي طالب وليد الكعبة و شهيد المحراب كما يطلق عليه المسلمون.

ومن القابه رضي الله عنه

أمير المؤمنين أبو الحسن
أبو الحسنين
أبو الريحانتين

والكثير من الالقاب ...!!
أحاديث في حياته ونشأته

حديث الكِساء خرج النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم غداةً وعليه مَرْطٌ مُرَحّلْ -أي عباءة، من شَعْرٍ أسود. فجاء الحسن بن علي فأدخله -أي تحت العباءة-. ثم جاء الحسين فدخل معه . ثم جاءت فاطمة فأدخلها . ثم جاء علي فأدخله. ثم قال -تالياً هذه الأية الكريمة-: " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " (الأحزاب:٣٣) {رواه البخاري في "صحيح البُخاري"}


حديث الشوق قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: "الجنة تشتاق إلى ثلاثة علي وعمار ‏‏وأبو ذرّ" {حديث حسنٌ رواه الهيثمي في "مَجْمَعِ الزوائد"}


حديث المنزلة روي أن عليا خرج مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم حتى جاء ثنية الوداع وعلي يبكي يقول: "تخلفني مع الخوالف"، فقال: "أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة" {رواه البخاري في "صحيح البُخاري"}

وختاماً نبذة من شعره:


أشدد حيازيمك للموت فأن الموت لاقيك=ولا تجـزع من الموت إذا حـل بواديك
فأن الدرع والبيضة يوم الروع تكفيك =كما أضحكك الدهر كذاك الدهر يبكيك

roooose

منصور الغايب
08-12-2007, 06:11
شكرا لاخ الضاري ...

وشكرا لصاحبة الاقتراح ... شام الخير والبركة ...

وهنا استشهد بقول الشاعر _بتصرف_


اولئك أجدادي فجئني بمثلهم = إذا جمعتنا يا جرير المجامع



تفرد بذكره العزيز في محكم تنزيله :

( فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ

أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً) (الأحزاب : 37 )


من زاويه الحجره النبويه نقتطف سنبله خير وبركه (زيد بن حارثة)


هو زيد بن حارثة بن شراحيل بن كعب بن عبد العزى، وكان طفلا حين سبي ووقع بيد حكيم بن حزام بن خويلد

حين اشتراه من سوق عكاظ مع الرقيق، فأهداه الى عمته خديجة، فرآه الرسول -صلى الله عليه وسلم- عندها

فاستوهبه منها فوهبته له، فأعتقه وتبناه، وصار يعرف في مكة كلها (زيد بن محمد). وذلك كله قبل الوحي.




قصة التبنى


منذ أن سلب زيدا -رضي الله عنه- ووالده يبحث عنه، حتى التقى يوما نفر من حي (حارثة) بزيد في مكة،

فحملهم زيد سلامه وحنانه لأمه و أبيه، وقال لقومه: (أخبروا أبي أني هنا مع أكرم والد)... فلم يكد يعلم والده

بمكانه حتى أسرع اليه، يبحث عن (الأمين محمد) ولما لقيه قال له: (يا بن عبد المطلب، يا بن سيد قومه، أنتم

أهل حرم، تفكون العاني، وتطعمون الأسير، جئناك في ولدنا، فامنن علينا وأحسن في فدائه).

فأجابهم -صلى الله عليه وسلم-: (ادعوا زيدا، وخيروه، فان اختاركم فهو لكم بغير فداء، وان اختارني فوالله ما

أنا بالذي أختار على من اختارني فداء).


أقبل زيد رضي الله عنه- وخيره الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فقال زيد: (ما

أنا بالذي أختار عليك أحدا، أنت

الأب و العم)... ونديت عينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بدموع شاكرة وحانية، ثم أمسك بيد

زيد، وخرج به


الى فناء الكعبة، حيث قريش مجتمعة ونادى: (اشهدوا أن زيدا ابني ... يرثني وأرثه)... وكاد يطير قلب (حارثة)

من الفرح، فابنه حرا، وابنا للصادق الأمين، سليل بني هاشم.





اسلام زيد


ما حمل الرسول -صلى الله عليه وسلم- تبعة الرسالة حتى كان زيد ثاني

المسلمين، بل قيل أولهم... أحبه

الرسول -صلى الله عليه وسلم- حبا عظيما، حتى أسماه الصحابة (زيد الحب)،

وقالت السيدة عائشة -رضي الله

عنها-: (ما بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زيد بن حارثة في جيش قط الا أمره

عليهم، ولو بقي حيا بعد

الرسول لاستخلفه)... لقد كان زيد رجلا قصيرا، أسمرا، أفطس الأنف، ولكن قلبه جميع، وروحه حر...

فتألق في رحاب هذا الدين العظيم.




زواج زيد



زوج الرسول -صلى الله عليه وسلم- زيدا من ابنة عمته (زينب)، وقبلت زينب

الزواج تحت وطأة حيائها من الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ولكن الحياة الزوجية أخذت تتعثر، فانفصل زيد

عن زينب، وتزوجها الرسول -صلى الله عليه وسلم- واختار لزيد زوجة جديدة هي (أم كلثوم بنت عقبة)،

وانتشرت في المدينة تساؤلات كثيرة:

كيف يتزوج محمد مطلقة ابنه زيد؟... فأجابهم القرآن ملغيا عادة التبني ومفرقا

بين الأدعياء والأبناء.


قال تعالى: {ما كان محمدا أبا أحد من رجالكم، ولكن رسول الله، وخاتم النبيين}... وهكذا عاد زيد الى اسمه الأول (زيد بن حارثة).





فضله



قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (دخلت الجنة فاستقبلتني جارية شابة، فقلت: لمن أنت ؟)... قالت: (لزيد بن

حارثة)... كما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (لا تلومونا على حبِّ زيدٍ)... وآخى الرسول -صلى الله عليه

وسلم- بين زيد بن حارثة وبين حمزة بن عبد المطلب.

بعث الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعثاً فأمر عليهم أسامة بن زيد، فطعن بعض الناس في إمارته فقال -صلى

الله عليه وسلم-إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل، وأيمُ الله إن كان لخليقاً

للإمارة، وإن كان لمن أحب الناس إليّ، وإن هذا لمن أحب الناس إليّ بعده).





استشهاد زيد


في جمادي الأول من العام الثامن الهجري خرج جيش الإسلام إلى أرض البلقاء بالشام، ونزل جيش الإسلام بجوار

بلدة تسمى (مؤتة) حيث سميت الغزوة باسمها ... ولأدراك الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأهمية هذه الغزوة

اختار لها ثلاثة من رهبان الليل وفرسان النهار، فقال عندما ودع الجيش: (عليكم زيد بن حارثة، فان أصيب زيد

فجعفر بن أبي طالب، فان أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة)... أي أصبح زيد الأمير الأول لجيش المسلمين، حمل

راية رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، واقتحم رماح الروم ونبالهم وسيوفهم، ففتح باب دار السلام وجنات

الخلد بجوار ربه.



قال حسان بن ثابت:


عين جودي بدمعك المنزور ... واذكري في الرخاء أهل القبور


واذكري مؤتة وما كان فيها ... يوم راحوا في وقعة التغوير


حين راحوا وغادروا ثم زيدا ... نعم مأوى الضريك و المأسور





بُكاء الرسول


حزن النبـي -صلى اللـه عليه وسلم- على زيد حتى بكاه وانتحب، فقال له سعـد بن عبادة:

(ما هذا يا رسـول الله ؟!)... قال: (شوق الحبيب إلى حبيبه).


رضي الله عنك يازيد ابن حارثه حب رسول الله




سيرة الصحابي الجليل منقولة والفضل بعد اله للاخت شام حفظها الله عز وجل

لوليتا
08-12-2007, 07:00
http://3arabstar.info/up/upload/6a419428cb.gif (http://3arabstar.info/up)





اخى الضارى




موضوع جميل واختيار قيم


كل الشكر لك



والشكر موصول لشام على حهدها الطيب



جزاكما الله كل خير




وهذه مشاركة منى فى الموضوع وهناك مشاركات اخرى


ليعم الخير والفائدة على الجميع



http://3arabstar.info/up/upload/33be78e245.gif (http://3arabstar.info/up)http://3arabstar.info/up/upload/33be78e245.gif (http://3arabstar.info/up)http://3arabstar.info/up/upload/33be78e245.gif (http://3arabstar.info/up)





( عبدالله بن رواحه ) رضي الله عنه



http://3arabstar.info/up/upload/33be78e245.gif (http://3arabstar.info/up)


http://3arabstar.info/up/upload/33be78e245.gif (http://3arabstar.info/up)





هو أبو محمد عبدالله بن رواحة بن ثعلبة الأنصاري الخزرجي


صحابي كان يكتب في الجاهلية ويقول الشعر ، شهد العقبة نقيباً عن أهله ،


آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين المقداد ،


شارك في غزوة بدر وكان أول من خرج للمبارزه مع اثنين من الأنصار


لكن عتبة بن ربيعة أبى الا ان يكون النزال مع قريش فخرج حمزه ورفاقه علي و عبيده بن الحارث ،


وأرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد انتهائها إلى المدينة ليبشر المسلمين بالنصر ،


وشهد ما بعدها من المشاهد إلى أن استشهد في غزوة مؤتة


http://3arabstar.info/up/upload/33be78e245.gif (http://3arabstar.info/up)http://3arabstar.info/up/upload/33be78e245.gif (http://3arabstar.info/up)



كان كثير التعبد لله فكان إذا لقي الرجل من أصحابه يقول له : تعال نؤمن ساعة


أثنى عليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال :

« رحم الله عبدالله بن رواحة إنه يحب المجالس التي تتباهى بها الملائكة »


وقال أيضا :

« نعم الرجل عبدالله بن رواحة »


وروي أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب فسمعه يقول : اجلسوا

فجلس مكانه خارج المسجد حتى فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من خطبته ، فقال له :

زادك الله حرصاً على طواعية الله وطواعية رسوله


وكان أول خارج إلى الغزو وآخر قافل منه



http://3arabstar.info/up/upload/33be78e245.gif (http://3arabstar.info/up)



http://3arabstar.info/up/upload/33be78e245.gif (http://3arabstar.info/up)





شعره في النبي صلى الله عليه وسلم



كان أحد الشعراء الثلاثة الذين تصدوا للمشركين ودافعوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

وعن الإسلام والمسلمين .. ومن شعره في النبي صلى الله عليه وسلم :



أنت النبي ومن يحرم شفاعته
يوم الحساب فقد أزرى به القـدر
فثبت الله ما آتاك من حسـن
تثبيت موسى ونصراً كالذي نصروا



فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : « وأنت فثبتك الله يا بن رواحة »



ومن أحسن ما مدح به النبي صلى الله عليه وسلم قول عبدالله بن رواحة :

لو لم تكن فيه آيات مبينة كانت بديهته تنبيك بالخبر


http://3arabstar.info/up/upload/33be78e245.gif (http://3arabstar.info/up)http://3arabstar.info/up/upload/33be78e245.gif (http://3arabstar.info/up)





وفي عمرة القضاء قال بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم :



خلو بني الكفار عن سبيله
اليوم نضربكم على تأويله
ضرباً يزيل الهام عن مقيله
ويذهل الخليل عن خليله



فقال له عمر بن الخطاب : « يا بن رواحة أفي حرم الله وبين يدي رسول الله؟ »

قال النبي صلى الله عليه وسلم :

« خل عنه ياعمر، فوالذي نفسي بيده لكلامه أشد عليهم من وقع النبال »


http://3arabstar.info/up/upload/33be78e245.gif (http://3arabstar.info/up)http://3arabstar.info/up/upload/33be78e245.gif (http://3arabstar.info/up)



وفي سنة ثمان للهجرة أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشاً لمواجهة الروم

وأمّـر عليه زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبدالله بن رواحة ،

فإن استشهدوا فليرتض المسلمون رجلاً فليجعلوه عليهم

ولما أرادوا الخروج بكى عبدالله ،

فقالوا : « ما يبكيك يا بن رواحة ؟ »

فقال : «أما والله مابي حب الدنيا ولا صبابة إليها، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ

( وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتماً مقضياً ) فلست أدري كيف لي بالصدر بعد الورود ؟ »

فقال المسلمون :

« صحبكم الله وردكم إلينا صالحين ودفع عنكم »


فأجابهم عبدالله مبيناً تطلعه إلى الشهادة :



لكنني أسأل الرحمـن مغفـرة
وضربة ذات فرع يقذف الزبدا
أو طعنة بيدي حـران مجـهزة
بحربة تنفذ الأحشاء والكبــدا
حتى يقولوا إذا مروا على جدثي
أرشده الله من غاز وقد رشـدا



http://3arabstar.info/up/upload/33be78e245.gif (http://3arabstar.info/up)http://3arabstar.info/up/upload/33be78e245.gif (http://3arabstar.info/up)



ثم ساروا حتى بلغوا بادية الشام فعلموا بأن الروم مئتا ألف بينما جيش المسلمين ثلاثة آلاف

فأرادوا أن يتوقفوا ويرسلوا إلى رسول الله ليعلموه فشجعهم عبدالله بن رواحة

على المضي إلى الجهاد


http://3arabstar.info/up/upload/33be78e245.gif (http://3arabstar.info/up)http://3arabstar.info/up/upload/33be78e245.gif (http://3arabstar.info/up)



وسمعه زيد بن أرقم ذات ليلة يقول :



إذا أدنيتني وحملت رحلـي
مسيرة أربع بعد الحســاء
فشأنك فانعمي وخلاك ذم
ولا أرجع إلى أهلي ورائـي
وجاء المؤمنـون وغادروني
بأرض الشام مشهور الثّواء




فبكى زيد، فضربه عبدالله بالدرة وقال :

« ماعليك يا لكع أن يرزقني الله الشهادة وترجع أنت »


http://3arabstar.info/up/upload/33be78e245.gif (http://3arabstar.info/up)http://3arabstar.info/up/upload/33be78e245.gif (http://3arabstar.info/up)




ولما دار القتال استشهد زيد وجعفر فحمل الراية عبدالله وهو يقول:


يا نفـس إلا تُـقـتَـلي تمـوتـي
هـذا حياض الموت قد صليت
ومــا تـمـنـيـت فــقــد لــقـيـت
إن تـفـعــلي فـعلـهـمـا هـديـت
وإن تـأخــرت فــقـد شـــقـيـت



ثم قال :


« يا نفس إلى أي شيء تتوقين ؟ إلى فلانة - امرأته - فهي طالق وإلى فلان وفلان - غلمانه - فهم أحرار وإلى

بستان له فهو لله ولرسوله »



ثم قال :



يانفس مالك تكرهين الجنة
أقسم بالله لتنزلنــه
طائعة أو لتكرهنــــه
فطالما قد كنت مطمئنة


http://3arabstar.info/up/upload/33be78e245.gif (http://3arabstar.info/up)http://3arabstar.info/up/upload/33be78e245.gif (http://3arabstar.info/up)


فاندفع يقاتل ببسالة لا مثيل لها ،


فطعن فاستقبل الدم بيده فدلك به وجهه وقال :


« يا معشر المسلمين ذبوا عن لحم أخيكم »


وظل يقاتل حتى لقي ربه


http://3arabstar.info/up/upload/33be78e245.gif (http://3arabstar.info/up)http://3arabstar.info/up/upload/33be78e245.gif (http://3arabstar.info/up)


وأخبر الوحي رسول الله صلى الله عليه وسلم بما حصل في الغزوة فحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم

الصحابة بذلك والمعركة مازالت تدور



http://3arabstar.info/up/upload/33be78e245.gif (http://3arabstar.info/up)http://3arabstar.info/up/upload/33be78e245.gif (http://3arabstar.info/up)




ولعبدالله بن رواحة ديوان شعر معظمه في الدفاع عن الإسلام وهجاء المشركين وحض النفس على التقوى

والجهاد وطلب الشهاده


http://3arabstar.info/up/upload/33be78e245.gif (http://3arabstar.info/up)


http://3arabstar.info/up/upload/33be78e245.gif (http://3arabstar.info/up)


http://3arabstar.info/up/upload/33be78e245.gif (http://3arabstar.info/up)



رضي الله عن عبدالله بن رواحه




http://3arabstar.info/up/upload/33be78e245.gif (http://3arabstar.info/up)http://3arabstar.info/up/upload/33be78e245.gif (http://3arabstar.info/up)http://3arabstar.info/up/upload/33be78e245.gif (http://3arabstar.info/up)



تحياااتى

تأبط خيرآ
08-12-2007, 15:05
لي عوده لقراءة هذا الموضوع الشيق

شكرا شام

ابو ضاري
08-12-2007, 15:30
شكرا للاخوان والاخوات وبيض الله وجيهكم ...........


اليوم نتحدث عن .....معاذ ابن جبل ...





أعلمهم بالحلال والحرام



عندما كان الرسول عليه الصلاة والسلام يبايع الأنصار بيعة العقبة الثانية. كان يجلس بين السبعين الذين يتكوّن منهم وفدهم, شاب مشرق الوجه, رائع النظرة, برّاق الثنايا.. يبهر الأبصار بهدوئه وسمته. فاذا تحدّث ازدادت الأبصار انبهارا..!!

ذلك كان معاذ بن جبل رضي الله عنه..

هو اذن رجل من الأنصار, بايع يوم العقبة الثانية, فصار من السابقين الأولين.

ورجل له مثل أسبقيته, ومثل ايمانه ويقينه, لا يتخلف عن رسول الله في مشهد ولا في غزاة. وهكذا صنع معاذ..

على أن آلق مزاياه, وأعظم خصائصه, كان فقهه..

بلغ من الفقه والعلم المدى الذي جعله أهلا لقول الرسول عنه:

" أعلم أمتي بالحلال والحرام معاذ بن جبل"..

وكان شبيه عمر بن الخطاب في استنارة عقله, وشجاعة ذكائه. سأله الرسول حين وجهه الى اليمن:

" بما تقضي يا معاذ؟"

فأجابه قائلا: " بكتاب الله"..

قال الرسول: " فان لم تجد في كتاب الله"..؟

"أقضي بسنة رسوله"..

قال الرسول: " فان لم تجد في سنة رسوله"..؟

قال معاذ:" أجتهد رأيي, ولا آلوا"..

فتهلل وجه الرسول وقال:

" الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله".



فولاء معاذ لكتاب الله, ولسنة رسوله لا يحجب عقله عن متابعة رؤاه, ولا يحجب عن عقله تلك الحقائق الهائلة المتسرّة, التي تنتظر من يكتشفها ويواجهها.

ولعل هذه القدرة على الاجتهاد, والشجاعة في استعمال الذكاء والعقل, هما اللتان مكنتا معاذا من ثرائه الفقهي الذي فاق به أقرانه واخوانه, صار كما وصفه الرسول عليه الصلاة والسلام " أعلم الناس بالحلال والحرام".

وان الروايات التاريخية لتصوره العقل المضيء الحازم الذي يحسن الفصل في الأمور..

فهذا عائذ الله بن عبدالله يحدثنا انه دخل المسجد يوما مع أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم في أول خلافة عمر..قال:

" فجلست مجلسا فيه بضع وثلاثون, كلهم يذكرون حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, وفي الحلقة شاب شديد الأدمة, حلو المنطق, وضيء, وهو أشبّ القوم سنا, فاذا اشتبه عليهم من الحديث شيء ردّوه اليه فأفتاهم, ولا يحدثهم الا حين يسألونه, ولما قضي مجلسهم دنوت منه وسالته: من أنت يا عبد الله؟ قال: أنا معاذ بن جبل".



وهذا أبو مسلم الخولاني يقول:

" دخلت مسجد حمص فاذا جماعة من الكهول يتوسطهم شاب برّاق الثنايا, صامت لا يتكلم. فاذا امترى القوم في شيء توجهوا اليه يسألونه. فقلت لجليس لي: من هذا..؟ قال: معاذ بن جبل.. فوقع في نفسي حبه".



وهذا شهر بن حوشب يقول:

" كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا تحدثوا وفيهم معاذ بن جبل, نظروا اليه هيبة له"..



ولقد كان أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه يستثيره كثيرا..

وكان يقول في بعض المواطن التي يستعين بها برأي معاذ وفقهه:

" لولا معاذ بن جبل لهلك عكر"..



ويبدو أن معاذ كان يمتلك عقلا أحسن تدريبه, ومنطقا آسرا مقنعا, ينساب في هدوء واحاطة..



فحيثما نلتقي به من خلال الروايات التاريخية عنه, نجده كما أسلفنا واسط العقد..

فهو دائما جالس والناس حوله.. وهو صموت, لا يتحدث الا على شوق الجالسين الى حديثه..

واذا اختلف الجالسون في أمر, أعادوه الى معاذ ليفصل فيه..

فاذا تكلم, كان كما وصفه أحد معاصريه:

" كأنما يخرج من فمه نور ولؤلؤ"..



ولقد بلغ كل هذه المنزلة في علمه, وفي إجلال المسلمين له, أيام الرسول وبعد مماته, وهو شاب.. فلقد مات معاذ في خلافة عمر ولم يجاوز من العمر ثلاثا وثلاثين سنة..!!

وكان معاذ سمح اليد, والنفس, والخلق..

فلا يسأل عن شيء الا أعطاه جزلان مغتبطا..ولقد ذهب جوده وسخاؤه بكل ماله.

ومات الرسول صلى الله عليه وسلم, ومعاذ باليمن منذ وجهه النبي اليها يعلم المسلمين ويفقههم في الدين..



وفي خلافة أبي بكر رجع معاذ من اليمن, وكان عمر قد علم أن معاذا أثرى.. فاقترح على الخليفة أبي بكر أن يشاطره ثروته وماله..!

ولم ينتظر عمر, بل نهض مسرعا الى دار معاذ وألقى عليه مقالته..



كان معاذ ظاهر الكف, طاهر الذمة, ولئن كان قد أثري, فانه لم يكتسب اثما, ولم يقترف شبهة, ومن ثم فقد رفض عرض عمر, وناقشه رأيه..

وتركه عمر وانصرف..

وفي الغداة, كان معاذ يطوي الأرض حثيثا شطر دار عمر..

ولا يكاد يلقاه.. حتى يعنقه ودموعه تسبق كلماته وتقول:

" لقد رأيت الليلة في منامي أني أخوض حومة ماء, أخشى على نفسي الغرق.. حتى جئت وخلصتني يا عمر"..

وذهبا معا الى أبي بكر.. وطلب اليه معاذ أن يشاطره ماله, فقال أبو بكر:" لا آخذ منك شيئا"..

فنظر عمر الى معاذ وقال:" الآن حلّ وطاب"..

ما كان أبو بكر الورع ليترك لمعاذ درهما واحدا, لو علم أنه أخذه بغير حق..

وما كان عمر متجنيا على معاذ بتهمة أو ظن..

وانما هو عصر المثل كان يزخر بقوم يتسابقون الى ذرى الكمال الميسور, فمنهم الطائر المحلق, ومنهم المهرول, ومنهم المقتصد.. ولكنهم جميعا في قافلة الخير سائرون.



**



ويهاجر معاذ الى الشام, حيث يعيش بين أهلها والوافدين عليها معلما وفقيها, فاذا مات أميرها أبو عبيدة الذي كان الصديق الحميم لمعاذ, استخلفه أمير المؤمنين عمر على الشام, ولا يمضي عليه في الامارة سوى بضعة أشهر حتى يلقى ربه مخبتا منيبا..

وكان عمر رضي الله عنه يقول:

" لو استخلفت معاذ بن جبل, فسألني ربي: لماذا استخلفته؟ لقلت: سمعت نبيك يقول: ان العلماء اذا حضروا ربهم عز وجل , كان معاذ بين أيديهم"..

والاستخلاف الذي يعنيه عمر هنا, هو الاستخلاف على المسلمين جميعا, لا على بلد أو ولاية..

فلقد سئل عمر قبل موته: لو عهدت الينا..؟ أي اختر خليفتك بنفسك وبايعناك عليه..

فأجاب قائلا:

" لو كان معاذ بن جبل حيا, ووليته ثم قدمت على ربي عز وجل, فسألني: من ولّيت على أمة محمد, لقلت: ولّيت عليهم معاذ بن جبل, بعد أن سمعت النبي يقول: معاذ بن جبل امام العلماء يوم القيامة".



**



قال الرسول صلى الله عليه وسلم يوما:

" يا معاذ.. والله اني لأحبك فلا تنس أن تقول في عقب كل صلاة: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك"..

أجل اللهم أعنّي.. فقد كان الرسول دائب الالحاح بهذا المعنى العظيم الذي يدرك الناس به أنه لا حول لهم ولا قوة, ولا سند ولا عون الا بالله, ومن الله العلي العظيم..

ولقد حذق معاذ لدرس وأجاد تطبيقه..

لقيه الرسول ذات صباح فسأله:

"كيف أصبحت يامعاذ"..؟؟

قال:

" أصبحت مؤمنا حقا يا رسول الله".

قال النبي:

:ان لكل حق حقيقة, فما حقيقة ايمانك"..؟؟

قال معاذ:

" ما أصبحت قط, الا ظننت أني لا أمسي.. ولا أمسيت مساء الا ظننت أني لا أصبح..

ولا خطوت خطوة الا ظننت أني لا أتبعها غيرها..

وكأني أنظر الى كل امة جاثية تدعى الى كتابها..

وكأني أرى أهل الجنة في الجنة ينعمون..

وأهل النار في النار يعذبون.."

فقال له الرسول:

" عرفت فالزم"..

أجل لقد أسلم معاذ كل نفسه وكل مصيره لله, فلم يعد يبصر شيئا سواه..



ولقد أجاد ابن مسعود وصفه حين قال:

"إن معاذا كان أمّة, قانتا لله حنيفا, ولقد كنا نشبّه معاذا بابراهيم عليه السلام"..



**



وكان معاذ دائب الدعوة الى العلم, والى ذكر الله..

وكان يدعو الناس الى التماس العلم الصحيح النافع ويقول:

" احذروا زيغ الحكيم.. وارفوا الحق بالحق, فان الحق نورا"..!!

وكان يرى العبادة قصدا, وعدلا..

قال له يوما أحد المسلمين: علمني.

قال معاذ: وهل أنت مطيعي اذا علمتك..؟

قال الرجل: اني على طاعتك لحريص..

فقال له معاذ:

" صم وافطر..

وصلّ ونم..

واكتسب ولا تأثم.

ولا تموتنّ الا مسلما..

واياك ودعوة المظلوم"..

وكان يرى العلم معرفة, وعملا فيقول:

" تعلموا ما شئتم أن تتعلموا, فلن ينفعكم الله بالعلم جتى تعملوا"..



وكان يرى الايمان بالله وذكره, استحضارا دائما لعظمته, ومراجعة دائمة لسلوك النفس.

يقول الأسود بن هلال:

" كنا نمشي مع معاذ, فقال لنا: اجلسوا بنا نؤمن ساعة"..

ولعل سبب صمته الكثير كان راجعا الى عملية التأمل والتفكر التي لا تهدأ ولا تكف داخل نفسه.. هذا الذي كان كما قال للرسول: لا يخطو خطوة, ويظن أنه سيتبعها بأخرى.. وذلك من فرط استغراقه في ذكره ربه, واستغراقه في محاسبته نفسه..



**



وحان أجل معاذ, ودعي للقاء الله...

وفي سكرات الموت تنطلق عن اللاشعور حقيقة كل حي, وتجري على لسانه ,ان استطاع الحديث, كلمات تلخص أمره وحياته..

وفي تلك اللحظات قال معاذ كلمات عظيمة تكشف عن مؤمن عظيم.

فقد كان يحدق في السماء ويقول مناجيا ربه الرحيم:

" الهم اني كنت أخافك, لكنني اليوم أرجوك, اللهم انك تعلم أني لم أكن أحبّ الدنيا لجري الأنهار, ولا لغرس الأشجار.. ولكن لظمأ الهواجر ومكابدة الساعات, ونيل المزيد من العلم والايمان والطاعة"..

وبسط يمينه كأنه يصافح الموت, وراح في غيبوبته يقول:

" مرحبا بالموت..

حبيب جاء على فاقه"..



وسافر معاذ الى الله...

شام
09-12-2007, 03:09
مقداد بن عمرو

/


نسبه :

هو المقداد بن عمرو، بن ثعلبة، بن مالك بن ربيعة بن عامر بن مطرود البهراني، ولكنه اشتهر بـِ اسم آخر، وهو "المقداد بن الأسود الكندي" ؛ حيثُ أصاب عمرو والد المقداد دماً في قومه وأصبح مطاردًا طلبًا لـِ الثأر فخشى على نفسه وهرب إلى حضرموت وتحالف مع قبيلة “كندة” حتى يضمن لـِ نفسه العيش الآمن المطمئن، وتزوج من إحدى بنات القبيلة فولدت له المقداد، الذي شب ونشأ بين افراد قبيلة أمه كـَ أحسن ما تكون النشأة، وكبر المقداد، وحدث ان وقع خلاف بينه وبين احد اصحابه فلم يتمالك المقداد نفسه وضربه بـِ السيف في رجله ضربة احدثت به جرحًا بليغًا فتوعده وهدده فخشى المقداد منه وأوجس في نفسه خيفة وايقن انه هالك لا محالة وان اهل المصاب لن يتركوه ينعم براحة البال أو يعرف للعيش الهادئ طعمًا فهرب إلى مكة وتحالف مع ابن يغوث الزهري فتبناه الاسود، ونسب اليه المقداد واصبح يطلق عليه المقداد بن الأسود وظل معروفًا بين الناس بهذا الاسم إلى أن نزل قول الله تبارك وتعالى: "ادعوهم لآبائهم هو اقسط عند الله" فرجع إلى اسمه الأول المقداد بن عمرو ولكن غلبت عليه تسميته بالمقداد بن الأسود.
وكان يُكنى أبا الأسود ، وقيل : أبو عمرو ، وأبو سعيد وأبو معبد . ومن أهم ألقابه : « حارس رسول الله ».


زوجه :
تزوج المقداد ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب ابنة عم النبي , مع أنه مولى وهى قرشية هاشمية شريفة؛ وذلك لأن الإسلام لا يفرق بين عبد أو سيد ولا بين شريف ووضيع ، فالكل في نظر الإسلام سواء ، لا فرق بين عربي ولا أعجمي ولا أسود ولا أبيض إلا بالتقوى والعمل الصالح.


إسلامه :
ذكر ابن مسعود أن أول من أظهر إسلامه سبعة ، وعدّ المقداد واحداً منهم . الا انه لم يستطع إظهار إسلامه خوفاً من بطش حليفه الأسود الذي صار له كالأب و السيد- كان يكتم إسلامه. ولكن المقداد كان يتحيّن الفرص لـِ التخلّص من ربقة "الحلف" الذي أصبح يشكل بالنسبة له ضربًا من العبودية، وفي السنة الأولى للهجرة، قيّضت له الفرصة لأن يلحق بركب النبي صلى الله عليه وسلم، وأن يكون واحدًا من كبار صحابته المخلصين , فقد عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمه الحمزة لواءًا أبيض في ثلاثين رجلاً من المهاجرين ليعترضوا عير قريش، وكان هو وصاحب له، يقال له عمرو بن غزوان لا زالا في صفوف المشركين، فخرجا معهم يتوسلان لقاء المسلمين، فلما لقيهم المسلمون انحازا إليهم وذهبا إلى المدينة للقاء الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث كانت بداية الجهاد الطويل.


شجاعته :

* عُرف المقداد بالشجاعة والفروسية والحكمة فـ اذا ما ثارت حرب كان في طليعة فرسانها , وها هو ذا في معركه بدر الكبرى يخوضها، مسجّلاً مع إخوانه الأبطال المؤمنين أوّلَ انتصار حاسم للاسلام والمسلمين. ويُذكر بأنهُ أوّل مَن قاتل على فرس , وقد دعاها بالسّابحة، لسرعة عَدْوها واصالتها.
وقبل أن تبدأ المعركة هذه، ينظر المسلمون الى الاعداد والعداد الزاحفة اليهم من قريش، وتتّضح لهم خطورة هذه المعركة، فالفرق شاسع وكبير بين جيش المسلمين القليل العَدد والعُدّة، وجيش المشركين الذي يبلغ قرابة الألف، بينهم مائة فارس، ومئات الإبل تحمل العدّة والمؤونة والمسعفات والمسعفين. ويستطلع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم رأيَ أصحابه: ماذا تَرَون؟ ويجيب أحدهم مقترحًا العودة والانسحاب، فالمعركة في رأيه انتحارية , ويتبعه بهذا الرأي آخر، فالمعركة غير متكافئة، والنصر فيها شبه مستحيل ! وسرعان ما تنقشع هذه السحابة العابرة من التوهّم، وقد انبرى المقداد قائلاً بصوت هادر بالايمان واليقين: يا رسول الله، إمضِ لما أراك اللهُ فنحن معك، واللهِ لا نقول لك كما قالت بنو اسرائيل لموسى " فَاذْهَبْ أنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إنّا هَاهُنا قَاعِدُونَ " ولكن: " فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا " أنا معكما مقاتِلون , فَـَ وَالذي بعثك بالحق، لو سِرتَ بنا الى « بَرْكِ الغمِاد » ( موضع بناحية اليمن ) لَجالَدْنا ( قاتلنا ) معك من دونه حتّى تبلغَه ! ويُشرق وجه النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وهو يستمع الى هذا القول الصادق، فيدعو للمقداد بالخير , ويكون لهذا القول تأثيره العميق في نفوس سامعيه , وتنجلي المعركة عن نصر كبير حاسم يحرزه المسلمون , وانهزم المشركون وهم يجرّون وراءهم أذيال الخيبة والذّل والعار.
* و في معركة اُحد كان على رأس ميسرة الجيش , و كان على رأس جيش المُشركين خالد بن الوليد , بدأت المعركة و انهزم المسلمون، وثبت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وثبت معه بضعة عشر رجلاً يحوطونه بسيوفهم واجسادهم، أحاطةَ السّوار بالمعصم، وَيقُونه بأنفسهم , وكان المقداد رضوان الله عليه في مقدّمة هؤلاء الابطال الثّابتين الصّادقين، ويتنادى المسلمون للعودة الى ساحة المعركة، فالرسول وصحبه يخوضون غمارها، فيعودون، ولكن بعد أن كادت أن تضع الحرب أوزارها !
* واشترك المقداد في الفتوحات الاسلامية في بلاد فارس والشام وابلى في فتح مصر بلاء حسنًا فعندما سقطت قرية ام رنين في أيدي القوات الاسلامية بقيادة عمرو بن العاص واصبحت القوات التي تحت امرته بعد المعارك التي خاضها المسلمون مع الرومان في قلة، ارسل إلى خليفة المسلمين وأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يطلب منه المدد حتى يستطيع تكملة الفتح ويخترق اسوار حصن "بابليون" فأمده الخليفة بأربعة آلاف جندي وعلى رأس كل ألف قائد من القواد يقوم مقام الألف وكتب الخليفة إلى عمرو بن العاص يقول له: "إني قد أمددتك بأربعة آلاف رجل، منهم الزبير بن العوام والمقداد بن الأسود وعبادة بن الصامت ومسلمة بن مخلد" ، وقد ابدى هؤلاء القواد الأربعة مع عمرو بن العاص مهارة ممتازة وكفاءة نادرة في فتح مصر لدرجة ان المسلمين قالوا ان عمر بن الخطاب أمد عمرو بن العاص بثمانية آلاف رجل لأن كل قائد من هؤلاء القواد الأربعة كان يعدل الف جندي.


حكمته :
وكان المقداد حكيمًا عاقلا، وكانت مواقفه تعبِّر عن حكمته , * فها هو ذا يقول لـِ النبي عندما سأله: " كيف وجدت الإمارة؟ " وكان النبي قد ولاه إحدى الإمارات، فقال المقداد: لقد جعلتني أنظر إلى نفسي كما لو كنت فوق الناس، وهم جميعًا دوني، والذي بعثك بالحق، لا أتآمرن على اثنين بعد اليوم أبدًا !
فـَ المقداد لا يخدع نفسه، إنما يعرف ضعفه، ويخاف على نفسه من الزهو والعجب، فـَ يقسم على عدم قبوله الإمارة، ثم يبّر بقسمه فـَ لا يكون أميرًا بعد ذلك، ويتغنى بحديث لـِ الرسول قال فيه: "إن السعيد لمن جنب الفتن" [أبو داود].
* ولـِ المقداد موقف آخر تظهر فيه حكمته، فيقول أحد أصحابه: جلسنا إلى المقداد يومًا فمر به رجل، فقال مخاطبًا المقداد : طوبى لهاتين العينين اللتين رأتا رسول الله , والله، لوددنا أنا رأينا ما رأيت، وشهدنا ما شاهدت، فأقبل عليه المقداد، وقال : ما يحمل أحدكم على أن يتمنى مشهدًا غيبه الله عنه، لا يدري لو شهده كيف كان يصير فيه؟ والله لقد عاصر رسول الله أقوامًا، كبهم الله -عز وجل- على مناخرهم (أي: أنوفهم) في جهنم، أو لا تحمدون الله الذي جنبكم مثل بلائهم، وأخرجكم مؤمنين بربكم ونبيكم. [أبو نعيم].


كرمه :
كان المقداد جوادًا كريمًا، فقد أوصى لـِ الحسن والحسين بستة وثلاثين ألفًا، ولأمهات المؤمنين لكل واحدة سبعة آلاف درهم


محبة الرسول لهُ :

وكان النبي يحب المقداد حبًّا كبيرًا، ويقرِّبه منه، وجعله ضمن العشرة الذين كانوا معه في بيت واحد، عندما قسَّم المسلمين بعد الهجرة إلى المدينة إلى عشرات، وجعل كل عشرة في بيت.
وَ رُويَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قولهُ : " إن الله أمرني بحب أربعة وأخبرني أنه يحبهم قيل يا رسول الله سمهم لنا قال علي منهم يقول ذلك ثلاثا وأبو ذر والمقداد وسلمان أمرني بحبهم وأخبرني أنه يحبهم "
وأوصى الرسول بحبه، فقال النبي : "عليكم بحب أربعة: علي، وأبي ذر، وسلمان، والمقداد" [أحمد والترمذي وابن ماجه].


حُبه لـِ الاسلام :

حبه لـِ الاسلام، ملأ قلبه بـِ مسؤولياته عن حماية الاسلام , ليس فقط من كيد أعدائه , بل ومن خطأ أصدقائه , خرج يوما في سريّة، تمكن العدو فيها من حصارهم، فأصدر أمير السرية أمره بـِ أن لا يرعى أحد دابته , ولكن أحد المسلمين لم يحط بـِ الأمر خبرا، فخالفه، فتلقى من الأمير عقوبة أكثر مما يستحق، لعله لا يستحقها على الاطلاق ,
فمر المقداد بـِ الرجل يبكي ويصيح، فسأله، فأنبأه ما حدث , فأخذ المقداد بيمينه، ومضيا صوب الأمير، وراح المقداد يناقشه حتى كشف له خطأه وقال له :" والآن أقده من نفسك , ومكّنه من القصاص" وأذعن الأمير , بيد أن الجندي عفا وصفح، وانتشى المقداد بعظمة الموقف، وبعظمة الدين الذي أفاء عليهم هذه العزة، فراح يقول وكأنه يغني : " لأموتنّ، والاسلام عزيز"
و قد كانت هذهِ اُمنيته رضيَّ الله عنه .


وفاته :
توفي المقداد -رضي الله عنه- في سنة (33هـ) في خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان -رضي الله عنه- بأرض له في الجرف وحمل الى المدينة وكان قد بلغ السبعين من عمره وقيل في سبب وفاته انه كان عظيم البطن وكان له غلام رومي فقال له: أشق بطنك فأخرج منه شحمه ! وتلطف مع المقداد حتى وافق على اقتراحه فشق بطنه ثم خاطه فمات المقداد وهرب الغلام !!




~ * ~ * ~

ابو ضاري
10-12-2007, 16:44
سعد بن عبادة



حامل راية الأنصار



لا يذكر سعد بن معاذ الا ويذكر معه سعد بن عبادة..

فالاثنان زعيما أهل المدينة..

سعد بن معاذ زعيم الأوس..

وسعد بن عبادة زعيم الخزرج..

وكلاهما أسلم مبكرا, وشهد بيعة العقبة, وعاش الى جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم جنديا مطيعا, ومؤمنا صدوقا..

ولعلّ سعد بن عبادة ينفرد بين الأنصار جميعا بأنه حمل نصيبه من تعذيب قريش الذي كانت تنزله بالمسلمين في مكة..!!

لقد كان طبيعيا أن تنال قريش بعذابها أولئك الذين يعيشون بين ظهرانيها, ويقطنون مكة..

أما أن يتعرض لهذا العذاب رجل من المدينة.. وهو ليس بمجرد رجل.. بل زعيم كبير من زعمائها وساداتها, فتلك ميّزة قدّر لابن عبادة أن ينفرد بها..

وذلك بعد أن تمت بيعة العقبة سرا, وأصبح الأنصار يتهيئون للسفر, علمت قريش بما كان من مبايعة الأنصار واتفاقهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم الى الهجرة الى المدينة حيث يقفون معه ومن ورائه ضد قوى الشرك والظلام..

وجنّ جنون قريش فراحت تطارد الركب المسافر حتى أدركت من رجاله سعد بن عبادة فأخذه المشركون, وربطوا يديه الى عنقه بشراك رحله وعادوا به الى مكة, حيث احتشدوا حوله يضربونه وينزلون به ما شاءوا من العذاب..!!

أسعد بن عبادة يصنع به هذا..!؟

زعيم المدينة, الذي طالما أجار مستجيرهم, وحمى تجارتهم, وأكرم وفادتهم حين يذهب منهم الى المدينة ذاهب..؟؟

لقد كان الذين اعتقلوه, والذين ضربوه لا يعرفونه ولا يعرفون مكانته في قومه..

ولكن, أتراهم كانوا تاركيه لو عرفوه..؟

ألم ينالوا بتعذيبهم سادة مكة الذين أسلموا..؟؟

ان قريشا في تلك الأيام كانت مجنونة, ترى كل مقدرات جاهليتها تتهيأ للسقوط تحت معاول الحق, فلم تعرف سوى اشفاء أحقادها نهجا وسبيلا..

أحاط المشركون بسعد بن عبادة ضاربين ومعتدين..

ولندع سعدا يحكي لنا بقيّة النبأ:

".. فوالله اني لفي أيديهم اذ طلع عليّ نفر من قريش, فيهم رجل وضيء, أبيض, شعشاع من الجرال..

فقلت في نفسي: ان يك عند أحد من القوم خير, فعند هذا.

فلما دنا مني رفع يده فلكمني لكمة شديدة..

فقلت في نفسي: لا والله, ما عندهم بعد هذا من خير..!!

فوالله اني لفي أيديهم يسحبونني اذ أوى اليّ رجل ممن كان معهم فقال: ويحك, اما بينك وبين أحد من قريش جوار..؟

قلت: بلى.. كنت أجير لجبير بن مطعم تجارة, وأمنعهم ممن يريد ظلمهم ببلادي, وكنت أجير للحارث بن حرب بن أميّة..

قال الرجل: فاهتف باسم الرجلين, واذكر ما بينك وبينهما من جوار, ففعلت..

وخرج الرجل اليهما, فأنبأهما أن رجلا من الخزرج يضرب بالأبطح, وهو يهتف باسميهما, ويذكر أن بينه وبينهما جوارا..

فسألاه عن اسمي.. فقال سعد بن عبادة..

فقالا: صدق والله, وجاءا فخلصاني من أيديهم".



غادر سعد بعد هذا العدوان الذي صادفه في أوانه ليعلم كم تتسلح قريش بالجريمة ضدّ قوم عزل, يدعون الى الخير, والحق والسلام..

ولقد شحذ هذا العدوان, وقرر أن يتفانى في نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم, والأصحاب والاسلام..



**



ويهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم الى المدينة.. ويهاجر قبله أصحابه..

وهناك سخّر سعد أمواله لخدمة المهاجرين..

كان سعد جوادا بالفطرة وبالوراثة..

فهو ابن عبادة بن دليم بن حارثة الذي كانت شهرة جوده في الجاهلية أوسع من كل شهرة..

ولقد صار جود سعد في الاسلام آية من آيات ايمانه القوي الوثيق..

قال الرواة عن جوده هذا:

" كانت جفنة سعد تدور مع النبي صلى اله عليه وسلم في بيوته جميعا"..

وقالوا:

" كان الرجل من الأنصار ينطلق الى داره, بالواحد من المهاجرين, أو بالاثنين, أو بالثلاثة.

وكان سعد بن عبادة ينطلق بالثمانين"..!!

من أجل هذا, كان سعد يسأل ربه دائما المزيد من خيره ورزقه..

وكان يقول:

" اللهم انه لا يصلحني القليل, ولا أصلح عليه"..!!

وانه من أجل هذا كان خليقا بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم له:

" اللهم اجعل صلواتك ورحمتك على آل سعد بن عبادة"..



**



ولم يضع سعد ثروته وحدها في خدمة الاسلام الحنيف, بل وضع قوته ومهارته..

فقد كان يجيد الرمي اجادة فائقة.. وفي غزواته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت فدائيته حازمة وحاسمة.

يقول ابن عباس رضي الله عنهما:

" كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المواطن كلها رايتان..

مع علي ابن أبي طالب راية المهاجرين..

ومع سعد بن عبادة, راية الأنصار"..



**



ويبدو أن الشدّة كانت طابع هذه الشخصية القوية..

فهو شديد في الحق..

وشديد في تشبثه بما يرى لنفسه من حق..

واذا اقتنع بأمر نهض لاعلانه في صراحة لا تعرف المداراة, وتصميم لا يعرف المسايرة..

وهذه الشدة, أو هذا التطرّف, هو الذي دفع زعيم الأنصار الكبير الى مواقف كانت عليه أكثر مما كانت له..



**



فيوم فتح مكة, جعله الرسول صلى الله عليه وسلم أميرا على فيلق من جيوش المسلمين..

ولم يكد يشارف أبواب البلد الحرام حتى صاح:

" اليوم يوم الملحمة..

اليوم تستحل الحرمة"..

وسمعها عمر بن الخطاب رضي الله عنه فسارع الى رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا:

" يا رسول الله..

اسمع ما قال سعد بن عبادة..

ما نأمن أن يكون له في قريش صولة"..

فأمر النبي صلى الله عليه وسلم عليّا أن يدركه, ويأخذ الراية منه, ويتأمّر مكانه..

ان سعدا حين رأى مكة مذعنة مستسلمة لجيش الاسلام الفاتح.. تذكّر كل صور العذاب الذي صبّته على المؤمنين, وعليه هو ذات يوم..
وتذكر الحروب التي سنتها على قوم ودعاة.. كل ذنبهم أنهم يقولون: لا اله الا الله, فدفعته شدّته الى الشماتة بقريش وتوعدها يوم الفتح العظيم..



**

وهذه الشدة نفسها,أو قل هذا التطرّف الذي كان يشكل جزءا من طبيعة سعد هو الذي جعله يقف يوم السقيفة موقفه المعروف..

فعلى أثر وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام, التف حوله جماعة من الأنصار في سقيفة بني ساعدة منادين بأن يكون خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار..

كانت خلافة رسول الله صلى الله عليه وسلم شرفا لذويه في الدنيا والآخرة..

ومن ثم أراد هذا الفريق من الأنصار أن ينالوه ويظفروا به..

ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استخلف أبا بكر على الصلاة أثناء مرضه, وفهم الصحابة من هذا الاستخلاف الذي كان مؤيدا بمظاهر أخرى أضفاها رسول الله صلى الله عليه وسلم الى أبي بكر.. ثاني اثنين اذ هما في الغار..

نقول: فهموا أن أبا بكر أحق بالخلافة من سواه..

وهكذا تزعّم عمر بن الخطاب رضي الله عنه هذا الرأي واستمسك به في حين تزعم سعد بن عبادة رضي الله عنه, الرأي الآخر واستمسك به, مما جعل كثيرين من الصحابة رضي الله عنهم يأخذون عليه هذا الموقف الذي كان موضع رفضهم واستنكارهم..



**



ولكن سعد بن عبادة بموقفه هذا, كان يستجيب في صدق لطبيعته وسجاياه..

فهو كما ذكرنا شديد التثبت باقتناعه, وممعن في الاصرار على صراحته ووضوحه..

ويدلنا على هذه السجيّة فيه, موقفه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيد غزوة حنين..

فحين انتهى المسلمون من تلك الغزوة ظافرين, راح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوزع غنائمها على المسلمين.. واهتم يومئذ اهتماما خاصا بالمؤلفة قلوبهم, وهم أولئك الأشراف الذين دخلوا الاسلام من قريب, ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يساعدهم على أنفسهم بهذا التألف, كما أعطى ذوي الحاجة من المقاتلين.

وأما أولو الاسلام المكين, فقد وكلهم الى اسلامهم, ولم يعطهم من غنائم هذه الغزوة شيئا..

كان عطاء رسول الله صلى الله عليه وسلم, مجرّد عطائه, شرفا يحرص عليه جميع الناس..

وكانت غنائم الحرب قد أصبحت تشكّل دخلا هاما تقوم عليه معايش المسلمين..

وهكذا تساءل الأنصار في مرارة: لماذا لم يعطهم رسول الله حظهم من الفيء والغنيمة..؟؟

وقال شاعرهم حسان بن ثابت:

وأت الرسول فقل يا خير مؤتمن

للمؤمنين اذا ما عدّد البشر

علام تدعى سليم, وهي نازحة

قدّام قوم, هموا آووا وهم نصروا

سمّاهم الله الأنصار بنصرهم

دين الهدى, وعوان الحرب تستعير

وسارعوا في سبيل الله واعترفوا

للنائبات, وما جاموا وما ضجروا

ففي هذه الأبيات عبّر شاعر الرسول والأنصار عن الحرج الذي أحسّه الأنصار, اذ أعطى النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة, ولم يعطهم شيئا.

ورأى زعيم الأنصار سعد بن عبادة.. وسمع قومه يتهامس بعضهم بهذا الأمر, فلم يرضه هذا الموقف, واستجاب لطبيعته الواضحة المسفرة الصريحة, وذهب من فوره الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:

" يا رسول الله..

ان هذا الحيّ من الأنصار قد وجدوا عليك في أنفسهم, لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت..

قسمت في قومك, وأعطيت عطايا عظاما في قبائل العرب, ولم يك في هذا الحي من الأنصار منها شيء"..

هكذا قال الرجل الواضح كل ما في نفسه, وكل ما في أنفس قومه.. وأعطى الرسول صورة أمينة عن الموقف..

وسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" وأين أنت من ذلك يا سعد"..؟؟

أي اذا كان هذا رأي قومك, فما رايك أنت..؟؟

فأجاب سعد بنفس الصراحة قائلا:

" ما أنا الا من قومي"..

هنالك قال له النبي:" اذن فاجمع لي قومك"..

ولا بدّ لنا من أن نتابع القصة الى نهايتها, فان لها روعة لا تقاوم..!

جمع سعد قومه من الأنصار..

وجاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم, فتملّى وجوههم الآسية. وابتسم ابتسامة متألقة بعرفان جميلهم وتقدير صنيعهم..

ثم قال:

" يا معشر الأنصار..

مقالة بلغتني عنكم, وجدة وجدتموها عليّ في أنفسكم..؟؟

ألم آتكم ضلالا فهداكم الله..؟؟

وعالة, فأغناكم الله..؟

وأعداء, فألف الله بين قلوبكم..؟؟"

قالوا:

" بلى الله ورسوله أمنّ وأفضل..

قال الرسول:

ألا تجيبونني يا معشر الأنصار..؟

قالوا:

بم نجيبك يا رسول الله..؟؟

لله ولرسوله المن والفضل..

قال الرسول:

أما والله لو شئتم لقلتم, فلصدقتم وصدّقتم:

أتيتنا مكذوبا, فصدّقناك..

ومخذولا, فنصرناك...

وعائلا, فآسيناك..

وطريدا, فآويناك..

أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا, ووكلتم الى اسلامكم..؟؟

ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير, وترجعوا أنتم برسول الله الى رحالكم..؟؟

فوالذي نفسي بيده, لولا الهجرة لكنت امرءا من الأنصار..

ولو سلك الناس شعبا لسلكت شعب الأنصار..

اللهم ارحم الأنصار..

وأبناء الأنصار..

وأبناء أبناء الأنصار"...!!

هنالك بكى الأنصار حتى أخضلوا لحاهم.

فقد ملأت كلمات الرسول الجليل العظيم أفئدتهم سلاما, وأرواحهم ثراء, وأنفسهم عافية..

وصاحوا جميعا وسعد بن عبادة معهم:

" رضينا برسول الله قسما وحظا"..



**



وفي الأيام الأولى من خلافة عمر ذهب سعد الى أمير المؤمنين, وبنفس صراحته المتطرفة قال له:

" كان صاحبك أبو بكر,والله, أحب الينا منك..

وقد ,والله, أصبحت كارها لجوارك"..!!

وفي هدوء أجابه عمر:

" ان من كره جوار جاره, تحوّل عنه"..

وعاد سعد فقال:

" اني متحوّل الى جوار من هو خير منك"..!!



**



ما كان سعد رضي الله عنه بكلماته هذه لأمير المؤمنين عمر ينفّس عن غيظ, أو يعبّر عن كراهية..

فان من رضي رسول الله صلى الله عليه وسلم قسما وحظا, لا يرفض الولاء لرجل مثل عمر, طالما رآه موضع تكريم الرسول وحبّه..

انما أراد سعد وهو واحد من الأصحاب الذين نعتهم القرآن بأنهم رحماء بينهم..

ألا ينتظر ظروفا, قد تطرأ بخلاف بينه وبين أمير المؤمنين, خلاف لا يريده, ولا يرضاه..



**



وشدّ رحاله الى الشام..

وما كاد يبلغها وينزل أرض حوران حتى دعاه أجله, وأفضى الى جوار ربه الرحيم..

شام
11-12-2007, 20:08
سلمان الفارسي
صحابي جليل مقرّب من رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، تخلّى عن كلّ ماضيه بحثاً عن الحقيقة، التي وجدها في الإسلام.
قيل أنّه كان مجوسياً، ثم اعتنق المسيحية، ثم اهتدى إلى الإسلام على يد رسول الله..!
/
/

(قصه اسلامه رضي الله عنه..!)

من هو سلمان الفارسي ؟ و ما هي قصة إيمانه بالإسلام ؟
كان اسمه " روزبه " أي " سعيد " . ولد في قرية من قرى مدينة اصفهان .
كان أبوه رئيس القرية و كان رجلاً ثريّاً ، و في ذلك الوقت كان أهل فارس يعبدون النار لأنّها رمز النور .
فالنار مقدسة عندهم ، لهذا كانت عندهم معابد توقد فيها النار لتبقى مشتعلة دائماً ، و هناك رجال مقدّسون يتولّون المحافظة على اشتعالها ليل نهار .
عندما كبر " روزبه " و أصبح فتى أراد أبوه أن يكون له شأن ، فعهد إليه أن يتولّى المعبد و يحافظ على اشتعال النار .
فكّر روزبه في شأن النار ، فأبى ذهنه المتوقد أن تكون النار إلهاً : لأن الإنسان هو الذي يتولّى رعايتها حتى لا تنطفئ .
و ذات يوم خرج الفتى يتجوّل في المروج البعيدة .
شاهد من بعيد بناءً جميلاً فقصده ، و كان البناء كنيسة بناها الرهبان لعبادة الله .
و كانت النصرانية في ذلك الزمان هي دين الله الحقّ .
تحدّث الفتى مع الرهبان ، و دخل قلبه حبّ الدين الإلهي ، فسأل عنه ، فقالوا : أصله من بلاد الشام .




(الهجرة)
قرّر روزبه الهجرة الى الشام فانتظر عودة إحدى القوافل .
وافق تجّار القافلة اصطحابه الى بلادهم . و عندما وصلها راح يبحث عن دين الله فدلّوه على كنيسة كبيرة .
حلّ الفتى ضيفاً على الأسقف و عاش معه يتعلّم منه أصول الدين و مكارم الأخلاق و تعاليم الإنجيل .
و بعد مدّة مات الأسقف ، فهاجر روزبه الى مدينة الموصل و عاش في إحدى كنائسها ، ثم انتقل الى مدينة اُخرى هي " نصيبين " ثم الى مدينة " عمّورية " .

و في عمّورية عاش روزبه فترة من الزمن ، و كان أسقفها رجلاً صالحاً ، فقال لروزبه قبل أن يموت :
ـ انّ الله سيبعث نبياً في هذا الزمان يأتي بدين إبراهيم الخليل ، و انّه سيهاجر إلى أرض فيها نخيل كثير .
سأل روزبه :
ـ و ما هي علاماته ؟
ـ من علاماته انّه يأكل الهدية و لا يأكل الصدقة و بين كتفيه خاتم النبوّة .

/

فكّر أن يهاجر إلى جزيرة العرب .

و ذات يوم مرّت قافلة تريد العودة إلى الحجاز ، فعرض عليهم كلّ ما يملك لقاء السفر معهم إلى مكّة .
و لكن التّجار لم يكتفوا بما أخذوه من أموال فصادروا حرّيته و باعوه إلى أحد اليهود كرقيق .
تألّم روزبه لهذا الغدر و لكنه صبر ، و راح يعمل باخلاص في بستان الرجل اليهودي .
و تمرّ الأيام ، و ذات صباح جاء من يهود بني قريظة لزيارة ابن عمه ، فرأى روزبه و انهماكه في العمل فقال لابن عمه :ـ
ارجو أن تبيعني هذا العبد .
فرح " روزبه " لأن بني قريظة يسكنون في مدينة يثرب المليئة بأشجار النخيل ، و هي المدينة التي قال أسقف " عمّورية " أن النبي الموعود سيهاجر اليها .

كان روزبه يعدّ الأيام مترقّباً ظهور النبي .
و ذات يوم و بينما كان يعمل في البستان سمع سيّده يتحدّث إلى أحد أصدقائه :
ـ لقد وصل محمّد منطقة " قبا " و قد استقبله بعض أهل يثرب هناك .
و شعر " روزبه " بالفرحة فقد حانت اللحظة التي كان ينتظرها منذ أعوام طويلة .
انتظر إلى المساء ، و عندما حلّ الظلام تسلل " روزبه " بعد أن أخذ معه كمية من التمر .
كانت المسافة بين " يثرب " و " قبا " تبلغ ميلين قطعهما " روزبه " بسرعة . و عندما وصل إلى " قبا " دخل على سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه وسلم) و قال :

ـ سمعت بأنّك رجل صالح و معك أصحاب غرباء فأحضرت لكم هذا التمر صدقة .

وزّع سيّدنا محمّد التمر على أصحابه و لم يأكل منه .
قال روزبه في نفسه :
ـ هذه العلامة الاُولى .
و في اليوم التالي جاء مرّة اُخرى و معه كمية اُخرى من التمر أيضاً و قال لسيّدنا محمّد :
ـ هذه هدية .

تناول النبيّ التمر شاكراً و وزّعه على أصحابه و أكل منه .
فقال روزبه في نفسه :
ـ و هذه العلامة الثانية .

هكذا تأكّد " روزبه " ان هذا هو النبي الموعود فعانقه و أعلن إسلامه فسمّاه سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و سلم ) " سلمان..!

/
/




(ماروي من احاديث النبي عنه)
[1]
ومنها حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم): سلمان منّا أهل البيت ..

[2]
وكذلك حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم): إنّ الجنة تشتاق إلى ثلاثة علي وعمار وسلمان..
[3]
وقوله عليه السلام : (أمرني ربّي بحب أربعة وأخبرني أنه سبحانه يحبّهم علي وأبو ذر والمقداد وسلمان..)




(نبذة من فضائله)
[1]
عن أنس قال: قال رسول الله: السُبَّاق أربعة: أنا سابق العرب، وصهيب سابق الروم، وسلمان سابق فارس، وبلال سابق الحبشة


/
/
/




(نبذة من ورعه وتواضعه)
[1]
عن ثابت قال: كان سلمان أميرًا على المدائن فجاء رجل من أهل الشام ومعه حمل تبن وعلى سلمان عباءة رثة فقال لسلمان: تعال احمل وهو لا يعرف سلمان فحمل سلمان فرآه الناس فعرفوه فقالوا هذا الأمير فقال: لم أعرفك!! فقال سلمان إني قد نويت فيه نية فلا أضعه حتى أبلغ بيتك.

[2]
وعن أبي الأسود الدؤلي قال: كنا عند علي ذات يوم فقالوا: يا أمير المؤمنين حدثنا عن سلمان، قال: من لكم بمثل لقمان الحكيم! ذلك امرؤ منا وإلينا أهل البيت، أدرك العلم الأول والعلم الآخر، وقرأ الكتاب الأول والآخر، بحر لا ينزف. وأوصى معاذ بن جبل رجلا أن يطلب العلم من أربعة سلمان أحدهم
/

/
/




(نبذة من كلامه ومواعظه)
[1]
عن ميمون بن مهران قال: جاء رجل إلى سلمان فقال أوصني، قال: لا تَكَلَّمُ، قال: لا يستطيع من عاش في الناس ألا يتكلم، قال: فإن تكلمت فتكلم بحق أو اسكت، قال: زدني، قال: لا تغضب، قال: إنه ليغشاني مالا أملكه، قال: فإن غضبت فأمسك لسانك ويدك، قال: زدني قال لا تلابس الناس، قال: لا يستطيع من عاش في الناس ألا يلابسهم ، قال: فإن لابستهم فاصدق الحديث وأد الأمانة

[2]
وعن أبي عثمان عن سلمان قال: إن العبد إذا كان يدعو الله في السراء فنزلت به الضراء فدعا قالت الملائكة صوت معروف من آدمي ضعيف فيشفعون له، وإذا كان لا يدعو الله في السراء فنزلت به الضراء قالت الملائكة صوت منكر من آدمي ضعيف فلا يشفعون له.

\
\
\



(وفاة سلمان رضي الله عنه)

عن أبي سفيان عن أشياخه قال: ودخل سعد بن أبي وقاص على سلمان يعوده فبكى سلمان فقال له سعد: ما يبكيك يا أبا عبد الله توفي رسول الله وهو عنك راض وترد عليه الحوض؟ قال فقال سلمان: أما إني ما أبكي جزعًا من الموت ولا حرصًا على الدنيا ولكن رسول الله عهد الينا فقال لتكن بلغة أحدكم مثل زاد الراكب وحولي هذه الأساود، وإنما حوله إجانة أو جفة أو مطهرة، قال فقال له سعد: يا أبا عبد الله، اعهد الينا بعهد فنأخذ به بعدك، فقال: يا سعد، اذكر الله عند همك إذا هممت، وعند حكمك إذا حكمت، وعند بذلك إذا قسمت..

/
/


قال أهل العلم بالسير: كان سلمان من المعمرين وتوفي بالمدائن في خلافة عثمان وقيل مات سنة ثنتين وثلاثين






(مرقده)
في منطقة يقصدها السواح لمشاهدة آثار المدائن حيث يرتفع طاق كسرى ، يجد الزائر مقاماً كبيراً يدعى ( سلمان باك ) ، يضمّ مرقد الصحابي الجليل سلمان المحمدي . . سلمان ابن الإسلام البارّ .
ذلك الفتى الذي غادر أرض إيران و طاف المدن في تركيا و الشام و العراق و الحجاز ليموت في المدائن بعد حياة طويلة قضاها في الجهاد و الزهد و العبادة .
و لا ننسى أن نذكر أن أهل المدائن كانوا يدعونه سلمان باك .
و باك كلمة فارسية تعني الطاهر .



رحِمه الله.. ورضي عنه وأرضاه




roooose

ابو ضاري
15-01-2008, 09:33
ثابت بن قيس



خطيب رسول الله



كان حسّان بن ثابت شاعر رسول الله والاسلام..

وكان ثابت خطيب رسول الله والاسلام..

وكانت الكلمات تخرج من فمه قوية, صادعة, جامعة رائعة..

وفي عام الوفود, وفد على المدينة وفد بني تميم وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم:

" جئنا نفاخرك, فأذن لشاعرنا وخطيبنا"..

فابتسم الرسول صلى الله عليه وسلم وقال لهم:

" قد أذنت لخطيبكم, فليقل"..

وقام خطيبهم عطارد بن حاجب ووقف يزهو بمفاخر قومه..

ولما آذن بانتهاء, قال النبي صلى الله عليه وسلم لثابت بن قيس: قم فأجبه..

ونهض ثابت فقال:

" الحمد لله, الذي في السموات والأرض خلقه, قضى فيهنّ أمره, ووسع كرسيّه علمه, ولم يك شيء قط الا من فضله..

ثم كان من قدرته أن جعلنا أئمة. واصطفى من خير خلقه رسولا.. أكرمهم نسبا. وأصدقهم حديثا. وأفضلهم حسبا, فأنزل عليه كتابه, وائتمنه على خلقه, فكان خيرة الله من العالمين..

ثم دعا الناس الى الايمان به, فآمن به المهاجرون من قومه وذوي رحمه.. أكرم الناس أحسابا, وخيرهم فعالا..

ثم كنا نحن الأنصار أول الخلق اجابة..

فنحن أنصار الله, ووزراء رسوله"..



**



شهد ثابت بن قيس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة أحد, والمشاهد بعدها.

وكانت فدائيته من طراز عجيب.. جد عجيب..!!

في حروب الردّة, كان في الطليعة دائما, يحمل راية الأنصار, ويضرب بسيف لا يكبو, ولا ينبو..

وفي موقعة اليمامة, التي سبق الحديث عنها أكثر من مرة, رأى ثابت وقع الهجوم الخاطف لذي شنّه جيش مسيلمة الكذاب على المسلمين أول المعركة, فصاح بصوته النذير الجهير:

" والله, ما هكذا كنا نقاتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم"..

ثم ذهب غير بعيد, وعاد وقد تحنّط, ولبس أكفانه, وصاح مرة أخرى:

" اني أبرأ اليك مما جاء به هؤلاء..

يعني جيش مسيلمة..

وأعتذر اليك مما صاع هؤلاء..

يعني تراخي المسلمين في القتال"..

وانضم اليه سالم مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم, وكان يحمل راية المهاجرين..

وحفر الاثنان لنفسيهما حفرة عميقة ثم نزلا فيها قائمين, وأهالا الرمال عليهما حتى غطت وسط كل منهما..

وهكذا وقفا..طودين شامخين, نصف كل منهما غائص في الرمال مثبت في أعماق الحفرة.. في حين نصفهما الأعلى, صدرهما وجبهتهما وذراعهما يستقبلان جيوش الوثنية والكذب..

وراحا يضربان بسيفهما كل من يقترب منهما من جيش مسيلمة حتى استشهدا في مكانهما, ومالت شمس كل منهما للغروب..!!

وكان مشهدهما رضي الله عنهما هذا أعظم صيحة أسهمت في ردّ المسلمين الى مواقعهم, حيث جعلوا من جيش مسيلمة الكذاب ترابا تطؤه الأقدام..!!



**



وثابت بن قيس.. هذا الذي تفوّق خطيبا, وتفوّق محاربا كان يحمل نفسا أوابة, وقلبا خاشعا مخبتا, وكان من أكثر المسلمين وجلا من الله, وحياء منه..



**



لما نزلت الآية الكريمة:

( ان الله لا يحب كل مختال فخور)..

أغلق ثابت باب داره, وجلس يبكي..وطال مكثه على هذه الحال, حتى نمى الى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره, فدعاه وسأله.

فقال ثابت:

" يا رسول الله, اني أحب الثوب الجميل, والنعل الجميل, وقد خشيت أن أكون بهذا من المختالين"..

فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم وهو يضحك راضيا:

" انك لست منهم..

بل تعيش بخير..

وتموت بخير..

وتدخل الجنة".

ولما نزل قول الله تعالى:

( يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي..

ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض, أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون)..

أغلق ثابت عليه داره, وطفق يبكي..

وافتقده الرسول فسأل عنه, ثم أرسل من يدعوه...

وجاء ثابت..

وسأله الرسول عن سببب غيابه, فأجابه:

" اني امرؤ جهير الصوت..

وقد كنت أرفع صوتي فوق صوتك يا رسول الله..

واذن فقد حبط عملي, وأنا من أهل النار"..!!

وأجابه الرسول عليه الصلاة والسلام:

" انك لست منهم..

بل تعيش حميدا..

وتقتل شهيدا..

ويدخلك الله الجنة".



**



بقي في قصة ثابت واقعة, قد لا يستريح اليها أولئك الذين حصروا تفكيرهم وشعورهم ورؤاهم داخل عالمهم الماديّ الضيّق الذي يلمسونه, أو يبصرونه, أو يشمّونه..!

ومع هذا, فالواقعة صحيحة, وتفسيرها مبين وميّسر لكل من يستخدم مع البصر, البصيرة..

بعد أن استشهد ثابت في المعركة, مرّ به واحد من المسلمين الذين كانوا حديثي عهد بالاسلام ورأى على جثمان ثابت درعه الثمينة, فظن أن من حقه أن يأخذها لنفسه, فأخذها..

ولندع راوي الواقعة يرويها بنفسه:

".. وبينما رجل من المسلمين نائم أتاه ثابت في منامه.

فقال له: اني أوصيك بوصية, فاياك أن تقول: هذا حلم فتضيعه.

اني لما استشهدت بالأمس, مرّ بي رجل من المسلمين.

فأخذ درعي..

وان منزله في أقصى الناس, وفرسه يستنّ في طوله, أي في لجامه وشكيمته.

وقد كفأ على الدرع برمة, وفوق البرمة رحل..

فأت خالدا, فمره أن يبعث فيأخذها..

فاذا قدمت المدينة على خليفة رسول الله أبي بكر, فقل له: ان

عليّ من الدين كذا كذا..

فليقم بسداده..

فلما استيقظ الرجل من نومه, أتى خالد بن الوليد, فقصّ عليه رؤياه..

فأرسل خالد من يأتي بالدرع, فوجدها كما وصف ثابت تماما..

ولما رجع المسلمون الى المدينة, قصّ المسلم على الخليفة الرؤيا, فأنجز وصيّة ثابت..

وليس في الاسلام وصيّة ميّت أنجزت بعد موته على هذا النحو, سوى وصيّة ثابت بن قيس..



حقا ان الانسان لسرّ كبير..

( ولا تحسبنّ الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون).

شام
15-01-2008, 23:48
عَمرو بنْ العَاص


نسبّهُ :
عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم القرشي السهمي، كنيته أبو عبدالله, كانت أمه سبية تدعى سلمى بنت حرملة من بني عنزة, وتلقب بالنابغة, قد بيعت في سوق عكاظ فاشتراها الفاكه بن المغيرة, ثم اشتراها منه عبد الله بن جدعان ثم صارت إلى العاص بن وائل السهمي فولدت له ابنه عمرو. وتزوجت أمه أزواجا آخرين فكان لعمرو بن العاص أخوة من أمه هم عروة بن أثاثة العدوي, وعقبة بن نافع بن عبد القيس الفهري.

قبل إسلامه :

كان عمـرو بن العاص أحد ثلاثة في قريش أتعبوا الرسـول -صلى الله عليه وسلم- بعنف مقاومتهم وإيذائهم لأصحابه ، وراح الرسول يدعو عليهم ويبتهل لينزل العقاب بهم فنزل الوحي بقوله تعالى : " لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمْرِ شيء أوْ يتوبَ عليهم أو يُعَذِّبهم فإنهم ظالمون " فـَ عرف النبِّي صلى الله عليّه وسلم ان بعضهم سـَ يؤمن , وكـف عن الدعاء عليهم وترك أمرهـم الى الله ، واختار اللـه لعمرو بن العاص طريق التوبة والرحمة ، فأسلم وأصبح مسلم مناضل وقائد فذ .


إسلامه :

أسلم عمرو بن العاص -رضي الله عنه- مع ( خالد بن الوليد ) قُبيل فتح مكة بقليل ( شهر صفر سنة ثمان للهجرة ) وبدأ إسلامه على يد النجاشي بالحبشة _ حيثُ كان كثير التردد على الحبشة، وكان صديقًا لملكها النجاشي_ ففي زيارته الأخيرة للحبشة جاء ذكر النبي الجديد ودعوته وما يدعو له من مكارم الأخلاق ، وسأل النجاشي عمرو كيف لم يؤمن به ويتبعه وهو رسول الله حقًا ، فسأل عمرو النجاشي : ( أهو كذلك ؟) , وأجابه النجاشي : ( نعم ، فأطِعْني يا عمرو واتبعه ، فإنه والله لعلى الحق ، ولَيَظْهرنّ على من خالفه ) وركب عمرو من فوره عائدًا لبلاده ومتجها الى المدينة ليسلم لله رب العالمين ، وفي طريق المدينة التقى ( خالد بن الوليد ) الساعي الى الرسول ليعلن إسلامه أيضًا ، وما كاد الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يراهم حتى تهلل وجهه و قال لأصحابه: ( لقد رَمَتْكم مكة بفَلَذات أكبادها ) , وتقدم خالد فبايع ، وتقدم عمرو فقال : ( إني أبايعك على أن يغفر الله لي ما تقدّم من ذنبي ) , فأجابه الرسول الكريم : ( يا عمرو بايع , فإن الإسلام يَجُبُّ ما كان قبله ) , وبايع عمرو ووضع كل ما يملك في خدمة الدين الجديد .


ذكاؤه ودهاؤه :

كان عمـرو بن العاص حاد الذكاء ، قوي البديهة عميق الرؤية ، حتى أن أمير المؤمنين عمـر كان إذا رأى إنسانا عاجز الحيلة ، صـكّ كفيه عَجبًا وقال : ( سبحان الله ! إن خالق هذا وخالق عمرو بن العاص إله واحد ) , كما كان عمرو بن العاص جريئًا مِقْدامًا ، يمزج ذكائه بدهائه فيُظَنّ أنه جبان ، بيد أنها سعة حيلة يُخرج بها نفسه من المآزق المهلكة ، وكان عمر بن الخطاب يعرف ذلك فيه ، وعندما أرسله الى الشام قيل له : ( إن على رأس جيوش الروم بالشام أرطبونا ) , أي قائدا وأميرا من الشجعان الدُّهاة ، فكان جواب أمير المؤمنين : ( لقد رمينا أرْطَبون الروم بأرْطَبون العرب ، فلننظر عمَّ تنفَرج الأمور ) , ولقد انفرجت عن غلبة ساحقة لأرطبون العرب وداهيتهم عمرو بن العاص على أرطبون الروم الذي ترك جيشه للهزيمة وولى هاربا الى مصر , و ايضًا من الأمثلة على ذكاءهِ انَّ أرطبون الروم وقائدهم دعاه لمحادثته ، وكان قد أعطى أوامره لرجاله بإلقاء صخرة فوق عمرو إثر إنصرافه من الحصن ، ودخل عمرو على القائد لا يريبه منه شيء ، وانفض اللقاء ، وبينما هو في طريق الخروج لمح فوق أسوار الحصن حركة مريبة حركّت فيه الحرص والحذر ، وعلى الفور تصرف بشكل باهر ، لقد عاد الى قائد الحصن في خطوات آمنة مطمئنة ولم يثر شكوكه أمر ، وقال للقائد : ( لقد بادرني خاطر أردت أن أطلعك عليه ، إن معي حيث يقيم أصحابي جماعة من أصحاب الرسول السابقين الى الإسلام ، لا يقطع أمير المؤمنين أمرا دون مشورتهم ، ولا يرسل جيشا من جيوش الإسلام إلا جعلهم على رأس مقاتلته وجنوده ، وقد رأيت أن آتيك بهم حتى يسمعوا منك مثل الذي سمعت ، ويكونوا من الأمر على مثل ما أنا عليه من بيّنة ) , وأدرك قائد الروم أن عمرا بسذاجة قد منحه فرصة العمر ، فليوافقه الآن الرأي ، وإذا عاد ومعه هذا العدد من زعماء المسلمين وخيرة رجالهم ، أجهز عليهم جميعا ، بدلا من أن يجهز على عمرو وحده ، وألغيت خطة اغتيال عمرو ، وودّع عمرو بحرارة ، وابتسم داهية العرب وهو يغادر الحصن ، وفي الصباح عاد عمرو على رأس جيشه الى الحصن ممتطيا صهوة فرسه .


فتح مصر :
كانت مصر من أهم ولايات الإمبراطورية الرومانية ، وقد استغل الروم ثرواتها وحرموا منها السكان واستباحوا أهلها حتى أصبح الناس في ضيق لأن الروم فرضوا عليهم مذهبهم الديني قسرا ، فلما بلغ المصريون أنباء الفتوحات الإسلامية وعدالة المسلمين وسماحتهم تطلعت أنظارهم إليهم لتخليصهم مما هم فيه ،واتجه عمرو بن العاص سنة ( 18 هجري ) على رأس جيش من أربعة آلاف مقاتل بِامر الفارق , متجها الى مصر ، وأمام شدة المقاومة طلب عمرو المدد من أمير المؤمنين فأرسل إليه أربعة آلاف جندي وتقدّم المسلمون وحاصروا حصن بابليون لمدة سبعة أشهر وتمكنوا من فتحه , ثم اتجهوا الى الإسكندرية فوجدوا مقاومة من حاميتها فامتد حصارها الى أربعة أشهر وأخيرا فتحت الإسكندرية وعقدت معاهدة الإسكندرية ، ولقد كان -رضي الله عنه- حريصا على أن يباعد أهل مصر وأقباطها عن المعركة ، ليظل القتال محصورا بينه وبين جنود الرومان ، وتحدث عمرو مع زعماء الأنصار وكبار أساقفتهم فقال : ( إن الله بعث محمدا بالحق وأمره به ، وإنه -عليه الصلاة والسلام- قد أدّى رسالته ، ومضى بعد أن تركنا على الواضِحَة ، وكان مما أمرنا به الإعذار الى الناس ، فنحن ندعوكم الى الإسلام ، فمن أجابنا فهو مِنّا له مالنا وعليه ما علينا ، ومن لم يُجِبنا الى الإسلام عرضنا عليه الجزْية وبذلنا له الحماية والمنعة ، ولقد أخبرنا نبينا أن مصر ستفتح علينا ، وأوصانا بأهلها خيرا فقال :( ستُفْتَح عليكم بعدي مصر ، فاسْتَوصوا بِقِبْطها خيرا ، فإن لهم ذِمّة ورَحِما ) , فإن أجبتمونا الى ما ندعوكم إليه كانت لكم ذِمّة الى ذِمّة ) , وفرغ عمرو من كلماته فصاح بعض الأساقفة والرهبان قائلا : ( إن الرّحِم التي أوصاكم بها نبيكم لهي قرابة بعيدة لا يصل مثلها إلا الأنبياء ) ,
وأصبح عمرو بن العاص واليًا على مصر بعد فتحها، فأنشأ مدينة الفسطاط، وبنى المسجد الجامع الذي يعرف حتى الآن باسم جامع عمرو، وكان شعب مصر يحبه حبًا شديدًا، وينعم في ظله بالعدل والحرية ورغد العيش، وكان عمرو يحب المصريين ويعرف لهم قدرهم، وظل عمرو بن العاص واليًا على مصر حتى عزله عنها عثمان ابن عفان -رضي الله عنه-، ثم توفي عثمان، وجاءت الفتنة الكبرى بين علي ومعاوية -رضي الله عنهما-، فوقف عمرو بن العاص بجانب معاوية، حتى صارت الخلافة إليه.
فعاد عمرو إلى مصر مرة ثانية، وظل أميرًا عليها حتى حضرته الوفاة .


دورهُ في فتنة علي و معاويّة :
بعد أن قتل عثمان بن عفان سار عمرو بن العاص إلى معاوية بن أبي سفيان وشهد معه معركة صفين ولما اشتدت الحرب على معاوية أشار عليه عمرو بن العاص بما عرف عليه من دهاء بطلب التحكيم ورفعت المصاحف طلبا للهدنة. ولما رضي علي بن أبي طالب بالتحكيم، وُكّل عمرو بن العاص حكما عن معاوية بن أبى سفيان كما ووُكّل أبو موسى الأشعري حكما عن علي بن أبي طالب.اتفق الحكمان على أن يخلعا الحاكمين أولا، إلا أن عمرو خدع أبو موسى الأشعري عندما خلع الأخير علي بن أبي طالب , وكان رد عمرو بن العاص بتثبيت معاوية بن أبي سفيان ؛ وأبوموسى الأشعري على الرغم من فقهه وعلمه فهو يعامل الناس بصدقه ويكره الخداع والمناورة التي لجأ اليها الطرف الآخر ممثلا في عمرو بن العاص , ففي اليوم التالي لاتفاقهم على تنحية علي ومعاوية وجعل الأمر شورى بين المسلمين , دعا أبوموسى عمرو ليتحدث فأبى عمرو قائلا : ( ما كنت لأتقدمك وأنت أكثر مني فضلا وأقدم هجرة وأكبر سنا ) , وتقدم أبوموسى وقال : ( يا أيها الناس ، انا قد نظرنا فيما يجمع الله به ألفة هذه الأمة ويصلح أمرها ، فلم نر شيئا أبلغ من خلع الرجلين - علي ومعاوية - وجعلها شورى يختار الناس لأنفسهم من يرونه لها ، واني قد خلعت عليا ومعاوية ، فاستقبلوا أمركم وولوا عليكم من أحببتم ) , وجاء دور عمرو بن العاص ليعلن خلع معاوية كما تم الاتفاق عليه بالأمس ، فصعد المنبر وقال : ( أيها الناس ، ان أباموسى قد قال ما سمعتم ، وخلع صاحبه ، ألا واني قد خلعت صاحبه كما خلعه ، وأثْبِت صاحبي معاوية ، فانه ولي أمير المؤمنين عثمان والمطالب بدمه ، وأحق الناس بمقامه !!) , ولم يحتمل أبو موسى المفاجأة ، فلفح عمرا بكلمات غاضبة ثائرة , فقد أنفذ أبو موسى الإتفاق وقَعَد عمرو عن إنفاذه , وبعد انتهاء التحكيم واستقلال معاوية بن أبي سفيان بالشام ومصر, طلب عمرو بن العاص أن يوليه على مصر ثمنا لذكائه ودهائه في التحكيم مذكرا معاوية بأن علي بن أبي طالب أفضل منه و إنما هي أمور دنيا وحكم, فولاه معاوية على مصر وأعطاه خراجها لمدة ست سنوات.


حُبّ الإمارة :
مما امتاز به عمرو بن العاص حُبّه للإمارة ، فشكله الخارجي ومشيته وحديثه كلها تدل على أنه خُلِق للإمارة ، حتى أن في أحد الأيام رآه أمير المؤمنين عمر وهو مقبل فابتسم لِمَشْيَته وقال :( ما ينبغي لأبي عبد الله أن يمشي على الأرض إلا أميرًا ) , والحق أن عمرو لم يُبْخِس نفسه هذا الحق ، فمع كل الأحداث الخطرة التي اجتاحت المسلمين ، كان عمرو يتعامل معها بأسلوب أمير معه من الذكاء والدهاء ما يجعله واثقا بنفسه مُعْتَزا بتفوقه ، وقد أولاه عمر بن الخطاب ولاية فلسطين والأردن ، ثم على مصر طوال حياة أمير المؤمنين ، وعندما علم ابن الخطاب أن عمرًا قد اجتاز حد الرخاء في معيشته أرسل إليه ( محمد بن مَسْلمة ) وأمره أن يقاسم عمرًا جميع أمواله وأشيائه ، فيبقى له نصفها ويحمل معه الى بيت مال المسلمين بالمدينة النصف الآخر ، ولو علم أمير المؤمنين عمر أن حب عمرو للإمارة سيحمله على التفريط في مسئولياته لما أبقاه في الولاية لحظة واحدة .


وفاته :
مرضَ مرض الموت فدخل عليه ابنه عبد الله -رضي الله عنه-، فوجده يبكي، فقال له: يا أبتاه! أما بشرك رسول الله ( بكذا؟ أما بشرك رسول الله ( بكذا؟ فأقبل بوجهه فقال: أني كنت على أطباق ثلاث (أحوال ثلاث)، لقد رأيتني وما أحد أشد بغضًا لرسول الله ( مني، ولا أحب إلى أن أكون قد استمكنت منه فقتلته، فلو مت على تلك الحال لكنت من أهل النار.
فلما جعل الله الإسلام في قلبي أتيت النبي ( فقلت: ابسط يمينك فلأبايعك، فبسط يمينه، قال فقبضت يدي، فقال: (مالك يا عمرو؟) قال: قلت: أردت أن أشترط: قال: (تشترط بماذا؟) قلت: أن يغفر لي، قال: (أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله؟ وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها؟ وأن الحج يهدم ما كان قبله؟)، وما كان أحد أحب إلى من رسول الله ( ولا أجل في عيني منه، وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالاً له، ولو سئلت أن أصفه ما أطقت؛ لأنني لم أكن أملأ عيني منه إجلالاً له، ولو مت على تلك الحال لرجوت أن أكون من أهل الجنة.
ثم ولينا أشياء ما أدرى ما حالي فيها، فإذا أنا مت، فلا تصحبني نائحة ولا نار، فإذا دفنتموني فشنوا على التراب شنًّا، ثم أقيموا حول قبري قدر ما تنحر جزور (الوقت الذي تذبح فيه ناقة)، ويقسم لحمها؛ حتى أستأنس بكم، وأنظر ماذا أراجع به رسل ربي) [مسلم].

وَ يُقالُ ايضًا بـِ انَّ الوفاة ادركت عمرو بن العاص بمصر حيث كان واليًّا عليها ، وراح يستعرض في لحظات الرحيل حياته فقال : ( كنت أول أمري كافرا ، وكنت أشد الناس على رسول الله ، فلو مِتّ يومئذ لوجَبَت لي النار ، ثم بايعت رسول الله ، فما كان في الناس أحد أحبّ إلي منه ، ولا أجلّ في عيني منه ، ولو سُئِلْتُ أن أنْعَتَه ما استطعت ، لأني لم أكن أقدر أن أملأ عيني منه إجلالا له ، فلو مِتّ يومئذ لرجوت أن أكون من أهل الجنة ، ثم بُليت بعد ذلك بالسلطان ، وبأشياء لا أدري أهي لي أم عليّ ) ثم رفـع بصره الى السماء في ضَراعـة مناجيا ربه الرحيم قائلا : ( اللهم لا بريء فأعْتـذِر ، ولا عزيز فأنْتَصر ، وإلا تُدْركني رحمتك أكن من الهالكين ) , وظل في ضراعاته حتى صعدت الى الله روحه وكانت آخر كلماته : لا إله إلا الله , وتحت ثَرَى مصر ثَوَى رُفاتُه .

فـَ توفيَّ في السنة الثالثة والأربعين من الهجرة , وقد تجاوز عمره (90) عامًا، وقد روى عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم ( (39) حديثًا.

ابو ضاري
16-01-2008, 09:34
خباب بن الأرت



أستاذ فنّ الفداء



خرج نفر من القرشيين, يغذّون الخطى, ميممين شطر دار خبّاب ليتسلموا منه سيوفهم التي تعاقدوا معه على صنعها..

وقد كان خباب سيّافا, يصنع السيوف ويبيعها لأهل مكة, ويرسل بها الى الأسواق..

وعلى غير عادة خبّاب الذي لا يكاد يفارق بيته وعمله, لم يجده ذلك النفر من قريش فجلسوا ينتظرونه..

وبعد حين طويل جاء خباب على وجهه علامة استفهام مضيئة, وفي عينيه دموع مغتبطة.. وحيّا ضيوفه وجلس..

وسألوه عجلين: هل أتممت صنع السيوف يا خباب؟؟

وجفت دموع خباب, وحل مكانها في عينيه سرور متألق, وقال وكأنه يناجي نفسه: إن أمره لعجب..

وعاد القوم يسألونه: أي أمر يا رجل..؟؟ نسألك عن سيوفنا, هل أتممت صنعها..؟؟

ويستوعبهم خبّاب بنظراته الشاردة الحالمة ويقول:

هل رأيتموه..؟ هل سمعتم كلامه..؟

وينظر بعضهم لبعض في دهشة وعجب..

ويعود أحدهم فيسأله في خبث:

هل رأيته أنت يا خبّاب..؟؟

ويسخر خبّاب من مكر صاحبه, فيردّ عليه السؤال قائلا:

من تعني..؟

ويجيب الرجل في غيظ: أعني الذي تعنيه..؟

ويجيب خبّاب بعد اذ أراهم أنه أبعد منالا من أن يستدرج, وأنه اعترف بايمانه الآن أمامهم, فليس لأنهم خدعوه عن نفسه, واستدرجوا لسانه, بل لأنه رأى الحق وعانقه, وقرر أن يصدع به ويجهر..



يجيبهم قائلا, وهو هائم في نشوته وغبطة روحه:

أجل... رأيته, وسمعته.. رأيت الحق يتفجر من جوانبه, والنور يتلألأ بين ثناياه..!!

وبدأ عملاؤه القرشيون يفهمون, فصاح به أحدهم:

من هذا الذي تتحدث عنه يا عبد أمّ أنمار..؟؟

وأجاب خبّاب في هدوء القديسين:

ومن سواه, يا أخا العرب.. من سواه في قومك, من يتفجر من جوانبه الحق, ويخرج النور بين ثناياه..؟!

وصاح آخر وهبّ مذعورا:

أراك تعني محمدا..

وهز خبّاب رأسه المفعم بالغبطة, وقال:

نعم انه هو رسول الله الينا, ليخرجنا من الظلمات الى االنور..

ولا يدري خبّاب ماذا قال بعد هذه الكلمات, ولا ماذا قيل له..

كل ما يذكره أنه أفاق من غيبوبته بعد ساعات طويلة ليرى زوّاره قد انفضوا.. وجسمه وعظامه تعاني رضوضا وآلاما, ودمه النازف يضمّخ ثوبه وجسده..!!



وحدّقت عيناه الواسعتان فيما حوله.. وكان المكان أضيق من أن يتسع لنظراتهما النافذة, فتحمّل على آلامه, ونهض شطر الفضاء وأمام باب داره وقف متوكئا على جدارها, وانطلقت عيناه الذكيتان في رحلة طويلة تحدّقان في الأفق, وتدوران ذات اليمين وذات الشمال..انهما لا تقفان عند الأبعاد المألوفة للناس.. انهما تبحثان عن البعد المفقود...أجل تبحثان عن البعد المفقود في حياته, وفي حياة الناس الذين معه في مكة, والناس في كل مكان وزمان..

ترى هل يكون الحديث الذي سمعه من محمد عليه الصلاة والسلام اليوم, هو النور الذي يهدي الى ذلك البعد المفقود في حياة البشر كافة..؟؟

واستغرق خبّاب في تأمّلات سامية, وتفكير عميق.. ثم عاد الى داخل داره.. عاد يضمّد جراح جسده, ويهيئه لاستقبال تعذيب جديد,

وآلام جديدة..!!



ومن ذلك اليوم أخذ خبّاب مكانه العالي بين المعذبين والمضطهدين..

أخذ مكانه العالي بين الذين وقفوا برغم فقرهم, وضعفهم يواجهون كبرياء قريش وعنفها وجنونها..

أخذ مكانه العالي بين الذين غرسوا في قلوبهم سارية الراية التي أخذت تخفق في الأفق الرحيب ناعية عصر الوثنية, والقيصرية.. مبشرة بأيام المستضعفين والكادحين, الذين سيقفون تحت ظل هذه الراية سواسية مع أولئك الذين استغلوهم من قبل, وأذاقوهم الحرمان والعذاب..

وفي استبسال عظيم, حمل خبّاب تبعاته كرائد..

يقول الشعبي:

" لقد صبر خبّاب, ولم تلن له أيدي الكفار قناة, فجعلوا يلصقون ظهره العاري بالرضف حتى ذهب لحمه"..!!

أجل كان حظ خبّاب من العذاب كبيرا, ولكن مقاومته وصبره كانا أكبر من العذاب..

لقد حوّل كفار قريش جميع الحديد الذي كان بمنزل خبّاب والذي كان يصنع منه السيوف.. حولوه كله الى قيود وسلاسل, كان يحمى عليها في النار حتى تستعر وتتوهج, ثم يطوّق بها جسده ويداه وقدماه..

ولقد ذهب يوما مع بعض رفاقه المضطهدين الى رسول الله صلى الله عليه وسلم, لا شاكين من التضحية, بل راجين العافية, فقالوا:" يا رسول الله.. ألا تستنصر لنا..؟؟" أي تسأل الله لنا النصر والعافية...



ولندع خبّابا يروي لنا النبأ بكلماته:

" شكونا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد ببرد له في ظل الكعبة, فقلنا: يا رسول الله, ألا تستنصر لنا..؟؟

فجلس صلى الله عليه وسلم, وقد احمرّ وجهه وقال:

قد كان من قبلكم يؤخذ منهم الرجل, فيحفر له في الأرض, ثم يجاء بمنشار, فيجعل فوق رأسه, ما يصرفه ذلك عن دينه..!!

وليتمّنّ الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء الى حضرموت لا يخشى إلا الله عز وجل, والذئب على غنمه, ولكنكم تعجلون"..!!



سمع خبّاب ورفاقه هذه الكلمات, فازداد ايمانهم واصرارهم وقرروا أن يري كل منهم ربّه ورسوله ما يحبّان من تصميم وصبر, وتضحية.

وخاض خبّاب معركة الهول صابرا, صامدا, محتسبا.. واستنجد القرشيون بأم أنمار سيدة خبّاب التي كان عبدا لها قبل أن تعتقه, فأقبلت واشتركت في حملة تعذيبه..

وكانت تأخذ الحديد المحمى الملتهب, وتضعه فوق رأسه ونافوخه, وخبّاب يتلوى من الألم, لكنه يكظم أنفاسه, حتى لا تخرج منه زفرة ترضي غرور جلاديه..!!



ومرّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما, والحديد المحمّى فوق رأسه يلهبه ويشويه, فطار قلبه حنانا وأسى, ولكن ماذا يملك عليه الصلاة والسلام يومها لخبّاب..؟؟

لا شيء الا أن يثبته ويدعو له..

هنالك رفع الرسول صلى الله عليه وسلم كفيه المبسوطتين الى السماء, وقال:

" اللهم أنصر خبّابا"..

ويشاء الله ألا تمضي سوى أيام قليلة حتى ينزل بأم أنمار قصاص عاجل, كأنما جعله القدر نذيرا لها ولغبرها من الجلادين, ذلك أنها أصيبت بسعار عصيب وغريب جعلها كما يقول المؤرخون تعوي مثل الكلاب..!!

وقيل لها يومئذ لا علاج سوى أن يكوى رأسها بالنار..!!

وهكذا شهد رأسها العنيد سطوة الحديد المحمّى يصبّحه ويمسّيه..!!



**



كانت قريش تقاوم الايمان بالعذاب.. وكان المؤمنون يقاومون العذاب بالتضحية.. وكان خبّاب واحدا من أولئك الذين اصطفتهم المقادير لتجعل منهم أساتذة في فن التضحية والفداء..

ومضى خبّاب ينفق وقته وحياته في خدمة الدين الذي خفقت أعلامه..

ولم يكتف رضي الله عنه في أيام الدعوة الأولى بالعبادة والصلاة, بل استثمر قدرته على التعليم, فكان يغشى بيوت بعض اخوانه من المؤمنين الذين يكتمون اسلامهم خوفا من بطش قريش, فيقرأ معهم القرآن ويعلمهم اياه..



ولقد نبغ في دراسة القرآن وهو يتنزل آية آية.. وسورة, سورة حتى ان عبدالله بن مسعود, وهو الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من أراد أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل, فليقرأه بقراءة ابن أم عبد"..

نقول:

حتى عبد الله بن مسعود كان يعتبر خبّابا مرجعا فيما يتصل بالقرآن حفظا ودراسة..



وهو الذي كان يدرّس القرآن لفاطمة بنت الخطاب وزوجها سعيد بن زيد عندما فاجأهم عمر بن الخطاب متقلدا سيفه الذي خرج به ليصفي حسابه مع الاسلام ورسوله, لكنه لم يكد يتلو القرآن المسطور في الصحيفة التي كان يعلّم منها خبّاب, حتى صاح صيحته المباركة:

" دلوني على محمد"...!!

وسمع خبّاب كلمات عمر هذه, فخرج من مخبئه الذي كان قد توارى فيه وصاح:

" يا عمر..

والله اني لأرجوا أن يكون الله قد خصّك بدعوة نبيّه صلى الله عليه وسلم, فاني سمعته بالأمس يقول: اللهم أعز الاسلام بأحبّ الرجلين اليك.. أبي الحكم بن هشام, وعمربن الخطاب"..

وسأله عمر من فوره: وأين أجد الرسول الآن يا خبّاب:

" عند الصفا, في دار الأرقم بن أبي الأرقم"..

ومضى عمر الى حظوظه الوافية, ومصيره العظيم..!!



**

شهد خبّاب بن الأرت جميع المشهد والغزوات مع النبي صلى الله عليه وسلم, وعاش عمره كله حفيظا على ايمانه ويقينه....

وعندما فاض بيت مال المسلمين بالمال أيام عمر وعثمان, رضي الله عنهما, كان خبّاب صاحب راتب كبير بوصفه من المهاجرين السابقين الى الاسلام..

وقد أتاح هذا الدخل الوفير لخبّاب أن يبتني له دارا بالكوفة, وكان يضع أمواله في مكان ما من الدار يعرفه أصحابه وروّاده.. وكل من وقعت عليه حاجة, يذهب فيأخذ من المال حاجته..

ومع هذا فقد كان خبّاب لا يرقأ له جفن, ولا تجف له دمعة كلما ذكر الرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه الذين بذلوا حياتهم لله, ثم ظفروا بلقائه قبل أن تفتح الدنيا على المسلمين, وتكثر في أيديهم الأموال.

اسمعوه وهو يتحدث االى عوّاده الذين ذهبوا يعودونه وهو رضي الله عنه في مرض موته.

قالوا له:

أبشر يا أبا عبدالله, فانك ملاق اخوانك غدا..

فأجابهم وهو يبكي:

" أما انه ليس بي جزع .. ولكنكم ذكّرتموني أقواما, واخوانا, مضوا بأجورهم كلها لم ينالوا من الدنيا شيئا..

وانّا بقينا بعدهم حتى نلنا من الدنيا ما لم نجد له موضعا الا التراب"..

وأشار الى داره المتواضعة التي بناها.

ثم أشار مرة أخرى الى المكان الذي فيه أمواله وقال:

" والله ما شددت عليها من خيط, ولا منعتها من سائل"..!

ثم التفت الى كفنه الذي كان قد أعدّ له, وكان يراه ترفا واسرافا وقال ودموعه تسيل:

" أنظروا هذا كفني..

لكنّ حمزة عم الرسول صلى الله عليه وسلم لم يوجد له كفن يوم استشهد الا بردة ملحاء.... اذا جعلت على رأسه قلصت عن قدميه, واذا جعلت على قدميه قلصت عن رأسه"..!!



**



ومات خبّاب في السنة السابعة والثلاثين للهجرة..

مات أستاذ صناعة السيوف في الجاهلية..

وأستاذ صناعة التضحية والفداء في الاسلام..!!



مات الرجل الذي كان أحد الجماعة الذين نزل القرآن يدافع عنهم, ويحييهم, عندما طلب بعض السادة من قريش أن يجعل لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما, وللفقراء من أمثال :خبّاب, وصهيب, وبلال يوما آخر.

فاذا القرآن العظيم يختص رجال الله هؤلاء في تمجيد لهم وتكريم, وتهل آياته قائلة للرسول الكريم:

( ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه, ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شئ فتطردهم فتكون من الظالمين وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا: أهؤلاء منّ الله عليهم من بيننا؟! أليس الله بأعلم بالشاكرين واذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا, فقل سلام عليكم, كتب ربكم على نفسه الرحمة)..





وهكذا, لم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم يراهم بعد نزول الآيات حتى يبالغ في اكرامهم فيفرش لهم رداءه, ويربّت على أكتافهم, ويقول لهم:

" أهلا بمن أوصاني بهم ربي"..

أجل.. مات واحد من الأبناء البررة لأيام الوحي, وجيل التضحية...



ولعل خير ما نودّعه به, كلمات الامام علي كرّم الله وجهه حين كان عائدا من معركة صفين, فوقعت عيناه على قبر غضّ رطيب, فسأل: قبر من هذا..؟

فأجابوه: انه قبر خبّاب..

فتملاه خاشعا آسيا, وقال:

رحم الله خبّابا..

لقد أسلم راغبا.

وهاجر طائعا..

وعاش مجاهدا..

شام
23-01-2008, 22:49
مـصعـب بـن عـمـيــر


غرّة فتيان قريش، وأوفاهم جمالا، وشبابا..

يصف المؤرخون والرواة شبابه فيقولون : " كان أعطر أهل مكة"..


مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف البدري

ولد في النعمة، وغذيّ بها، وشبّ تحت خمائلها


ولعله لم يكن بين فتيان مكة من ظفر بتدليل أبويه بمثل ما ظفر به "مصعب بن عمير"..

لقد سمع الفتى ذات يوم، ما بدأ أهل مكة يسمعونه من محمد الأمين صلى الله عليه وسلم ..

"محمد" الذي يقول أن الله أرسله بشيرا ونذيرا وداعيا الى عبادة الله الواحد الأحد

وحين كانت مكة تمسي وتصبح ولا همّ لها، ولا حديث يشغلها الا الرسول عليه الصلاة والسلام ودينه، كان فتى قريش المدلل أكثر الناس استماعا لهذا الحديث

ولقد سمع فيما سمع أن الرسول ومن آمن معه ، يجتمعون بعيدا عن فضول قريش وأذاها..

هناك على الصفا في دار "الأرقم بن أبي الأرقم" فلم يطل به التردد ، ولا التلبث والانتظار ، بل صحب نفسه ذات مساء الى دار الأرقم تسبقه أشواقه ورؤاه ...

ولم يكد مصعب يأخذ مكانه، وتنساب الآيات من قلب الرسول متألفة على شفتيه، ثم آخذة طريقها الى الأسماع والأفئدة، حتى كان فؤاد ابن عمير في تلك الأمسية هو الفؤاد الموعود ..!

ولقد كادت الغبطة تخلعه من مكانه، وكأنه من الفرحة الغامرة يطير

ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم بسط يمينه الحانية حتى لامست الصدر المتوهج، والفؤاد المتوثب، فكانت السكينة العميقة عمق المحيط

وفي لمح البصر كان الفتى الذي آمن وأسلم يبدو ومعه من الحكمة ما بفوق ضعف سنّه وعمره، ومعه من التصميم ما يغيّر سير الزمان..!!!




وكانت أمه خنّاس بنت مالك تتمتع بقوة فذة في شخصيتها فخشيها مصعب

وقرر أن يكتم إسلامه حتى يقضي الله أمرا ، حتى علمت أمه وحبسته وأرادت أن ترده عن دينه

ولكنها واجهت إصرار أكبر على الإيمان من جانب الابن . فقررت أن تخرجه من بيتها وتحرمه من الأموال .


وقالت له وهي تخرجه من بيتها اذهب لشأنك, لم أعد لك أمّا.

قال : يا أمّه أني لك ناصح, وعليك شفوق, فاشهدي بأنه لا اله إلا الله, وأن محمدا عبده ورسوله

أجابته غاضبة مهتاجة : قسما بالثواقب, لا أدخل في دينك, فيزرى برأيي, ويضعف عقلي .



وترك مصعب النعمة الوارفة التي كان يعيش فيها مؤثرا الشظف والفاقة, وأصبح الفتى المتأنق المعطّر, لا يرى إلا مرتديا أخشن الثياب, يأكل يوما, ويجوع أياما.




سفير الإسلام

اختاره الرسول أن يكون سفيره إلى المدينة, يفقّه الأنصار الذين آمنوا وبايعوا الرسول عند العقبة, ويدخل غيرهم في دين الله

ويعدّ المدينة ليوم الهجرة العظيم ..

وقد أختاره الرسول لرجاحة عقله وكريم خلقه وزهده وبها كان أول سفير للإسلام

وقد جاءها وليس فيها سوى اثني عشر مسلما

وفي موسم الحج التالي لبيعة العقبة, كان مسلمو المدينة يرسلون إلى مكة للقاء الرسول وفدا يمثلهم وينوب عنهم

وكان عدد أعضائه سبعين مؤمنا ومؤمنة ، جاءوا تحت قيادة مصعب ابن عمير.

وقد أسلم على يديه أسيد بن خضير سيد بني عبد الأشهل بالمدينة

فجاء شاهرا حربته و يتوهج غضبا وحنقا على هذا الذي جاء يفتن قومه عن دينهم

فلما أقنعه أن يجلس ويستمع فأصغى لـمصعب واقتنع وأسلم

وجاء سعد بن معاذ فأصغى لـمصعب واقتنع وأسلم

ثم تلاه سعد بن عبادة ، وأسلم كثيرا من أهل المدينة ، فقد نجح أول سفراء الرسول صلى الله عليه وسلم نجاحا منقطع النظير .




غزوة أحد

وبعد هجرة الرسول وصحبه إلى المدينة ، وحدثت غزوة بدر تلتها غزوة أحد الذي أمر فيها الرسول صلى الله عليه وسلم مصعب ليحمل الراية

وتشب المعركة الرهيبة, ويحتدم القتال, ويخالف الرماة أمر الرسول ، فقد حمل مصعب بن عمير اللواء يوم أحد,

فلما جال المسلمون ثبت به مصعب فأقبل ابن قميئة وهو فارس فضربه على يده اليمنى فقطعها و مصعب يقول: [ وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل]

وأخذ اللواء بيده اليسرى وحنا عليه فضرب يده اليسرى فقطعها فحنا على اللواء وضمّه بعضديه إلى صدره وهو يقول : [ وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ]

ثم حمل عليه الثالثة بالرمح فأنفذه وأندق الرمح ووقع مصعب وسقط اللواء

يقول خبّاب بن الأرت هاجرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبيل اله نبتغي وجه الله

فوجب أجرنا على الله.. فمنا من مضى ولم يأكل من أجره في دنياه شيئا منهم مصعب بن عمير,

قتل يوم أحد فلم يوجد له شيء يكفن فيه إلا نمرة..

فكنا إذا وضعناها على رأسه تعرّت رجلاه وإذا وضعناها على رجليه برزت رأسه

فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ اجعلوها مما يلي رأسه واجعلوا على رجليه من نبات الاذخر ] وهو نبات معروف طيب الريح



وفي مصعب بن عمير ومن مات من المسلمين نزل قولـه تـعالـى : [ من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ]

ثم ألقى في أسى نظرة على بردته التي كفن بها وقال لقد رأيتك بمكة وما بها أرق حلة ولا أحسن لمّة منك ثم هاأنت ذا شعث الرأس في بردة .

ثم أقبل على أصحابه الأحياء حوله وقال :

[ أيها الناس زوروهم،وأتوهم، وسلموا عليهم، فوالذي نفسي بيده، لا يسلم عليهم مسلم الى يوم القيامة، الا ردوا عليه السلام ] ..



رحم الله مصعب بن عمير ورضي عنه و عـن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم

ريم الصمان
24-01-2008, 00:50
جزاء من كتب الموضوع ومن اضاف له عنا كل خير

فهو بذلك اصبح كالمرجع الذي يستفاد منه

اللهم اجعلهم نبراس وهدى للمسلمين

تحياتي للجميع

ابو ضاري
05-02-2008, 18:24
عمرو بن العاص


محرّر مصر من الرومان



كانوا ثلاثة في قريش, اتبعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعنف مقاومتهم دعوته وايذائهم أصحابه..

وراح الرسول يدعو عليهم, ويبتهل الى ربه الكريم أن ينزل بهم عقابه..

واذ هو يدعو ويدعو, تنزل الوحي على قلبه بهذه الآية الكريمة..

( ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم, فانهم ظالمون)..

وفهم الرسول من الآية أنها أمر له بالكف عن الدعاء عليهم, وترك أمرهم الى الله وحده..

فامّا أن يظلوا على ظلمهم, فيحلّ بهم عذابه..

أو يتوب عليهم فيتوبوا, وتدركهم رحمته..

كان عمرو بن العاص أحد هؤلاء الثلاثة..

ولقد اختار الله لهم طريق التوبة والرحمة وهداهم الى الاسلام..

وتحول عمرو بن العاص الى مسلم مناضل. والى قائد من قادة الاسلام البواسل..

وعلى الرغم من بعض مواقف عمرو التي لا نستطيع أن نقتنع بوجهة نظره فيها, فان دوره كصحابيّ جليل بذل وأعطى, ونافح وكافح, سيظل يفتح على محيّاه أعيننا وقلوبنا..

وهنا في مصر بالذات, سيظل الذين يرون الاسلام دينا قيما مجيدا..

ويرون في رسوله رحمة مهداة, ونعمة موجاة, ورسول صدق عظيم, دعا الى الله على بصيرة, وألهم الحياة كثيرا من رشدها وتقاها..

سيظل الذين يحملون هذا الايمان مشحوذي الولاء للرجل الذي جعلته الأقدار سببا, وأي سبب, لاهداء الاسلام الى مصر, واهداء مصر الى الاسلام.. فنعمت الهداية ونعم مهديها..

ذلكم هو: عمرو بن العاص رضي الله عنه..

ولقد تعوّد المؤرخون أن ينعتوا عمرا بالفاتح مصر..

بيد أنا نرى في هذا الوصف تجوزا وتجاوزا, ولعل أحق النعوت بعمرو أن ندعوه بمحرر مصر..

فالاسلام لم يكن يفتح البلاد بالمفهوم الحديث للفتح, انما كان يحررها من تسلط امبراطوريتين سامتا العباد والبلاد سوء العذاب, تانك هما:

امبراطورية الفرس. وامبراطورية الروم..

ومصر بالذات, يوم أهلت عليها طلائع الاسلام كانت نهبا للرومان وكان أهلها يقاومون دون جدوى..

ولما دوّت فوق مشارف بلادهم صيحات الكتائب المؤمنة أن:

" الله أكبر..

الله أكبر"..

سارعوا جميعا في زحام مجيد صوب الفجر الوافد وعانقوه, واجدين فيه خلاصهم من قيصر ومن الرومان..

فعمرو بن العاص ورجاله, لم يفتحوا مصر اذن.. انما فتحوا الطريق أمام مصر لتصل بالحق مصايرها.. وتربط بالعدل مقاديرها.. وتجد نفسها وحقيقتها في ضوء كلمات الله, ومبادئ الاسلام..

ولقد كان رضي الله عنه حريصا على أن يباعد أهل مصر وأقباطها عن المعركة, ليظل القتال محصورا بينه وبين جنود الرومان الين يحتلون البلاد ويسرقون أرزاق أهلها..

من أجل ذلك نجده يتحدث الى زعماء النصارى يومئذ وكبار أساقفتهم, فيقول:

"... ان الله بعث محمدا بالحق وأمره به..

وانه عليه الصلاة والسلام, قد أدّى رسالته, ومضى بعد أن تركنا على الواضحة أي الطريق الواضح المستقيم..

وكان مما أمرنا به الاعذار الى الناس, فنحن ندعوكم الى الاسلام..

فمن أجابنا, فهو منا, له ما لنا وعليه ما علينا..

ومن لم يجبنا الى الاسلام, عرضنا عليه الجزية أي الضرائب وبذلنا له الحماية والمنعة..

ولقد أخبرنا نبينا أن مصر ستفتح علينا, وأوصانا بأهلها خيرا فقال:" ستفتح عليكم بعدي مصر, فاستوصوا بقبطها خيرا, فان لهم ذمّة ورحما"..

فان أجبتمونا الى ما ندعوكم اليه كانت لكم ذمة الى ذمة"...

وفرغ عمرو من كلماته, فصاح بعض الأساقفة والرهبان قائلا:

" ان الرحم التي أوصاكم بها نبيّكم, لهي قرابة بعيدة, لا يصل مثلها الا الأنبياء"..!!

وكانت هذه بداية طيبة للتفاهم المرجو بين عمرو أقباط مصر.. وان يكن قادة الرومان قد حاولوا العمل لاحباطها..



**



وعمرو بن العاص لم يكن من السابقين الى الاسلام، فقد أسلم مع خالد بن الوليد قبيل فتح مكة بقليل..
ومن عجب أن اسلامه بدأ على يد النجاشي بالحبشة وذلك أن النجاشي يعرف عمرا ويحترمه بسبب تردده الكثير على الحبشة والهدايا الجزيلة التي كان يحملها للنجاشي، وفي زيارته الأخيرة لتلك البلاد جاء ذكر الرسول الذي يهتف بالتوحيد وبمكارم الأخلاق في جزيرة العرب..

وسأل عاهل الحبشة عمرا, كيف لم يؤمن به ويتبعه, وهو رسول من الله حقا..؟؟

وسأل عمرو النجاشي قائلا:

" أهو كذلك؟؟"

وأجابه النجاشي:

" نعم، فأطعني يا عمرو واتبعه, فانه والله لعلى الحق, وليظهرنّ على من خالفه"..؟!

وركب عمرو ثبج البحر من فوره, عائدا الى بلاده، وميمّما وجهه شطر المدينة ليسلم لله رب العالمين..

وفي الطريق المفضية الى المدينة التقى بخالد بن الوليد قادما من مكة ساعيا الى الرسول ليبايعه على الاسلام..

ولم يكد الرسول يراهما قادمين حتى تهلل وجهه وقال لأصحابه:

" لقد رمتكم مكة بأفلاذ أكبادها"..

وتقدم خالد فبايع..

ثم تقدم عمرو فقال:

" اني أبايعك على أن يغفر الله لي ما تقدّم من ذنبي"..

فأجابه الرسول عليه السلام قائلا:

" يا عمرو..

بايع، فان الاسلام يجبّ ما كان قبله"..

وبايع عمرو ووضع دهاءه وشجاعته في خدمة الدين الجديد.

وعندما انتقل الرسول الى الرفيق الأعلى, كان عمرو واليا على عمان..

وفي خلافة عمر أبلى بلاءه المشهود في حروب الشام, ثم في تحرير مصر من حكم الرومان.



**



وياليت عمرو بن العاص كان قد قاوم نفسه في حب الامارة..

اذن لكان قد تفوّق كثيرا على بعض المواقف التي ورّطه فيها الحب.

على أن حب عمرو الامارة, كان الى حد ما, تعبيرا تلقائيا عن طبيعته الجياشة بالمواهب..

بل ان شكله الخارجي, وطريقته في المشي وفي الحديث, كانت تومي الى أنه خلق للامارة..!! حتى لقد روي أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رآه ذات يوم مقبلا، فابتسم لمشيته وقال:

" ما ينبغي لأبي عبدالله أن يمشي على الأرض الا أميرا"..!

والحق أن أبا عبدالله لم يبخس نفسه هذا الحق..

وحتى حين كانت الأحداث الخطيرة تجتاح المسلمين.. كان عمرو يتعامل مع هذه الأحداث بأسلوب أمير، أمير معه من الذكاء والدهاء، والمقدرة ما يجعله واثقا بنفسه معتزا بتفوقه..!!

ولكن معه كذلك من الأمانة ما جعل عمر بن الخطاب وهو الصارم في اختيار ولاته، واليا على فلسطين والأردن، ثم على مصر طوال حياة أمير المؤمنين عمر...

حين علم أمير المؤمنين عمر أن عمرا قد جاوز في رخاء معيشته الحد الذي كان أمير المؤمنين يطلب من ولاته أن يقفوا عنده، ليظلوا دائما في مستوى، أو على الأقل قريبين من مستوى عامة الناس..

نقول: لو علم الخليفة عن عمرو كثرة رخائه، لم يعزله، انما أرسل اليه محمد بن مسلمة وأمره أن يقاسم عمرا جميع أمواله وأشيائه، فيبقي له نصفها ويحمل معه الى بيت المال بالمدينة نصفها الآخر.

ولو قد علم أمير المؤمنين أن حب عمرو للامارة، يحمله على التفريط في مسؤولياته، لما احتمل ضميره الرشيد ابقاءه في الولاية لحظة.



**



وكان عمرو رضي الله عنه حادّ الذكاء, قوي البديهة عميق الرؤية..

حتى لقد كان أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه، كلما رأى انسانا عاجز الحيلة، صكّ كفيّه عجبا وقال:

" سبحان الله..!!

ان خالق هذا، وخالق عمرو بن العاص اله واحد!!

كما كان بالغ الجرأة مقداما

ولقد كان يمزج جرأته بدهائه في بعض المواطن, فيظن به الجبن أو الهلع.. بيد أنها سعة الحيلة، كان عمرو يجيد استعمالها في حذق هائل ليخرج نفسه من المآزق المهلكة..!!

ولقد كان أمير المؤمنين عمر يعرف مواهبه هذه ويقدرها قدرها، من أجل ذلك عندما أرسله الى الشام قبل مجيئه الى مصر, قيل لأمير المؤمنين: ان على رأس جيوش الروم بالشام أرطبونا أي قائدا وأميرا من الشجعان الدهاة، فكان جواب عمر:

" لقد رمينا أرطبون الروم، بأرطبون العرب، فلننظر عمّ تنفرج الأمور"..!!

ولقد انفرجت عن غلبة ساحقة لأرطبون العرب، وداهيتهم الخطير عمرو ابن العاص، على أرطبون الروم الذي ترك جيشه للهزيمة وولى هاربا الى مصر، التي سيلحقه بها عمرو بعد قليل، ليرفع فوق ربوعها الآمنة راية الاسلام.



**



وما أكثر المواقف التي تألق فيها ذكاء عمرو ودهاؤه.

وان كنا لا نحسب منها بحال موقفه من أبي موسى الأشعري في واقعة التحكيم حين اتفقا على أن يخلع كل منهما عليا ومعاوية, ليرجع الأمر شورى بين المسلمين، فأنفذ أبو موسى الاتفاق، وقعد عن انفاذه عمرو.

واذا اردنا أن نشهد صورة لدهائه, وحذق بديهته, ففي موقفه من قائد حصن بابليون أثناء حربه مع الرومان في مصر وفي رواية تاريخية أخرى أنها الواقعة التي سنذكرها وقعت في اليرموك مع أرطبون الروم..

اذ دعاه الأرطبون والقائد ليحادثه، وكان قد أعطى أمرا لبعض رجاله بالقاء صخرة فوقه اثر انصرافه من الحصن، وأعدّ كل شيء ليكون قتل عمرو أمرا محتوما..

ودخل عمرو على القائد، لا يريبه شيء، وانفض لقاؤهما، وبينما هو في الطريق الى خارج الحصن، لمح فوق أسواره حركة مريبة حركت فيه حاسة الحذر بشدّة.

وعلى الفور تصرّف بشكل باهر.

لقد عاد الى قائد الحصن في خطوات آمنة مطمئنة وئيدة ومشاعر متهللة واثقة, كأن لم يفرّعه شيء قط، ولم يثر شكوكه أمر!!

ودخل على القائد وقال له:

لقد بادرني خاطر أردت أن أطلعك عليه.. ان معي حيث يقيم أصحابي جماعة من أصحاب الرسول السابقين الى الاسلام، لا يقطع أمير المؤمنين أمرا دون مشورتهم، ولا يرسل جيشا من جيوش الاسلام الا جعلهم على رأس مقاتلته وجنوده، وقد رأيت أن آتيك بهم، حتى يسمعوا منك مثل الذي سمعت، ويكونوا من الأمر على مثل ما أنا عليه من بيّنة..

وأدرك قائد الروم أن عمرا بسذاجة قد منحه فرصة العمر..!!

فليوافقه اذن على رأيه، حتى اذا عاد ومعه هذا العدد من زعماء المسلمين وخيرة رجالهم وقوادهم، أجهز عليهم جميعا، بدلا من أن يجهز على عمرو وحده..

وبطريقة غير منظورة أعطى أمره بارجاء الخطة التي كانت معدّة لاغتيال عمرو..

ودّع عمرو بحفاوة، وصافحه بحرارة،

وابتسم داهية العرب، وهو يغادر الحصن..



وفي الصباح عاد عمرو على رأس جيشه الى الحصن، ممتطيا صهوة فرسه، التي راحت تقهقه في صهيل شامت وساخر.

أجل فهي الأخرى كانت تعرف من دهاء صاحبها الشيء الكثير..!!



**



وفي السنة الثالثة والأربعين من الهجرة أدركت الوفاة عمرو بن العاص بمصر، حيث كان واليا عليها..

وراح يستعرض حياته في لحظات الرحيل فقال:

".. كنت أول أمري كافرا.. وكنت أشد الناس على رسول الله, فلو مت يومئذ لوجبت لي النار..

ثم بايعت رسول الله, فما كان في الناس أحد أحب اليّ منه، ولا أجلّ في عيني منه.. ولو سئلت أن أنعته ما استطعت، لأني لم أكن أقدر أن أملأ عيني منه اجلالا له.. فلو متّ يومئذ لرجوت أن أكون من أهل الجنة..

ثم بليت بعد ذلك بالسلطان, وبأشياء لاأدري أهي لي أم عليّ"..



**



ثم رفع بصره الى السماء في ضراعة، مناجيا ربه الرحيم العظيم قائلا:

" اللهم لا بريء فأعتذر, ولا عزيز فأنتصر،

والا تدركني رحمتك أكن من الهالكين"!!

وظل في ضراعاته، وابتهالاته حتى صعدت الى الله روحه. وكانت آخر كلماته لا اله الا الله..



وتحت ثرى مصر، التي عرّفها عمرو طريق الاسلام، ثوى رفاته..

وفوق أرضها الصلبة، لا يزال مجلسه حيث كان يعلم، ويقضي ويحكم.. قائما عبر القرون تحت سقف مسجده العتيق جامع عمرو، أول مسجد في مصر يذكر فيه اسم الله الواحد الأحد، وأعلنت بين أرجائه ومن فوق منبره كلمات الله، ومبادئ الاسلام.