المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة الجمعة القادمة ( الخطبة الأولى - السحر والسحرة 26/3/1428هـ )



محمدالمهوس
15-03-2007, 22:59
سلسلة الخطب المنبرية المتعلقة بالسحر ( الخطبة الأولى - السحر والسحرة )
جامع الحمادي بالدمام 26/ 2 / 1428هـ ( محمد بن سليمان المهوس )

بسم الله الرحمن الرحيم

أيّها الناس / روى ابن جرير – في تفسيره – بسنده عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قدمت عليّ امرأة من أهل دومة الجندل جاءت تبتغي رسول الله بعد موته حداثة ذلك. تسأله عن أشياء دخلت فيه من أمر السحر ولم تعمل به، وقالت عائشة رضي الله عنها لعروة: يا ابن أختي فرأيتها تبكي حين لم تجد رسول الله فيشفيها فكانت تبكي حتى إني لأرحمها وتقول: إني أخاف أن أكون قد هلكت، كان لي زوج فغاب عني فدخلت على عجوز فشكوت ذلك إليها فقالت: إن فعلت ما أمرك به فأجعله يأتيك، فلما كان الليل جاءتني ب***ين أسودين فركبت أحدهما وركبت الآخر، فلم يكن شيء حتى وقفنا ببابل وإذا برجلين معلقين بأرجلهما فقالا: ما جاء بك؟ قلت: نتعلم السحر فقالا: إنما نحن فتنة فلا تكفري فارجعي فأبيت وقلت: لا، قالا: فاذهبي إلى ذلك التنور فبولي فيه، فذهبت ففزعت ولم أفعل فرجعت إليهما فقالا: أفعلتِ؟ فقلت: نعم، فقالا: هل رأيت شيئاً؟ فقلت: لم أر شيئاً فقالا: لم تفعلي ارجعي إلى بلادك ولا تكفري فأبيت فقالا: اذهبي إلى ذلك التنور فبولي فيه فذهبت فاقشعررت وخفت ثم رجعت إليهما وقلت: قد فعلت، فقالا: فما رأيت؟ قلت: لم أر شيئاً. فقالا: كذبت لم تفعلي ارجعي إلى بلادك ولا تكفري فإنك على رأس أمرك، فأبيت، فقالا: اذهبي إلى التنور فبولي فيه فذهبت إليه فبلت فيه فرأيت فارساً مقنعاً بحديد خرج مني فذهب في السماء وغاب حتى ما أراه، فجئتهما فقلت قد فعلت، فقالا: فما رأيت قلت: رأيت فارساً مقنعاً خرج مني، ذهب في السماء وغاب حتى ما أراه فقالا: صدقت، ذلك إيمانك خرج منك اذهبي، فقلت للمرأة والله ما أعلم شيئاً، وما قالا لي شيئاً فقالت: بلى لم تريدي شيئاً إلا كان، خذي هذا القمح فابذري فبذرت وقلت: أطْلعي فأطلعت وقلت: أحقلي، فأحقلت، ثم قلت أفْركي، فأفركَتْ، ثم قلت: أيبسي، فأيبست ثم قلت: أطحني فأطحنت ثم قلت: اخبزي فأخبزت، فلما رأيتُ إني لا أريد شيئاً إلا كان سُقِط في يدي، وندمت، والله يا أم المؤمنين ما فعلت شيئاً ولا أفعله أبداً.
قال الحافظ ابن كثير: وهذا إسناد جيد إلى عائشة رضي الله عنها.
عباد الله / ذنب كبير وشر مستطير داء عضال، تفشى بين الرجال والنساء.. الفقراء، والأغنياء، الأميين، والمتعلمين المرضى، الاأصحاء البؤساء والوجهاء، العالة والرؤساء، إنه الداء الخطير الذي تفشى بين الناس عامة وخاصة إلا من رحم ربي، إنه السحر قرين الكفر - يا عباد الله – الذي هو خطر على العقيدة، خطر على الفرد، خطر على الأسرة، خطر على المجتمع، خطر على الأمة بأسرها ، كم فرق جماعة ، وكم هدم من أسرة ، كم من صحيح أعل صحته، وكم من سعيد سلب الفرحة من قلبه، كهف مظلم بظلام آثاره، ومستنقع قذر بقذارة أهله، هو كفر بالله تعالى وشرك برب العالمين ، قال تعالى: ٱتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ ٱلشَّيَـٰطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَـٰنَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَـٰنُ وَلَـٰكِنَّ ٱلشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى ٱلْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَـٰرُوتَ وَمَـٰرُوتَ وَمَا يُعَلّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ [البقرة:102].
وروى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ؟ قَالَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَالسِّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَكْلُ الرِّبَا وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ)). وعند النسائي من رواية أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : ((مَنْ عَقَدَ عُقْدَةً ثُمَّ نَفَثَ فِيهَا فَقَدْ سَحَرَ، وَمَنْ سَحَرَ فَقَدْ أَشْرَك،َ وَمَنْ تَعَلَّقَ شَيْئًا وُكِلَ إِلَيْهِ)).
وقال - صلى الله عليه وسلم - : ((ليس منا من تطير أو تُطير له أو تكهن أو تُكهن له أو سحر أو سُحر له )) رواه الطبراني بسند حسن عن ابن عباس - رضي الله عنهما والسحر عزائم ورقى وعقد شيطانية ، تؤثر في الأبدان والقلوب، فيمرض ويقتل، ويفرق بين الأحبة, فيفرق بين الرجل وزوجته، وبين الولد وأبيه وأخيه وصديقه، ويؤثر في القلب بالحب والبغض, وهو يتحكم في الإرادة ويضعفها، فيرى المسحور النافع ضارًا، والضار نافعاً، ويرى المنكر في بيته والانحراف في أهله فلا يقدر أن يغير ولا ينكر لما سُلب من إرادته، وهو يمنع الرجل من إتيان زوجته, ويجلب الأوهام الباطلة والخيالات المدمرة والوساوس الرديئة، وقد يجلب الآفات المتنوعة، وكل ذ لك بإذن الله تعالى وإرادته، فإنه لا يكون شيء إلا بمشيئة الله تعالى. قال الله تعالى: فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرّقُونَ بِهِ بَيْنَ ٱلْمَرْء وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَارّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ .[البقرة:102].وكل هذا من الساحر أو الساحرة، والذي لا يكونا ساحرين إلا إذا تقربا إلى الشياطين بطاعتهم, بالذبح لهم أو السجود للجني أو الاستغاثة بالشياطين أو الاستعاذة بهم أو دعائهم من دون الله أو البول على المصحف أوبكتابة آيات الله بالقذارة أو بدم الحيض أو أكل النجاسات والخبائث وفعل الفواحش والموبقات، فإذا أشرك بالله تعالى هذا الساحر أو هذه الساحرة وأطاعا الشيطان خدمتهم الجن وأطاعتهم الشياطين وقضت له حوائجهم في مقابل شركهم بالله تعالى وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ ٱشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِى ٱلآخِرَةِ مِنْ خَلَـٰقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ [البقرة:102]. وقال تعالى: وَلاَ يُفْلِحُ ٱلسَّـٰحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ [طه:69]..
والعجب من أناس جهال التبس عليهم حال السحرة الكذابين والمشعوذين فتحيروا فيما يصدر من السحرة من خوارق العادات كالطيران في الهواء والمشي على الماء وقطع المسافة الطويلة في زمن قصير والإخبار عن الغيب فيقع الخبر كذلك، وشفاء المرضى فيظن هؤلاء الجهال أن هذا الساحر من أولياء الله وأنه محفوظ بحفظ الله وهو في الحقيقة من أولياء الشيطان وهذه الأحوال أحوال شيطانية تخدمهم فيها الشياطين ليضلوا بها المفتونين, فلا تغتر بمن دخل النار وخرج سالماً أو طار في الهواء أو مشى على الماء أو أمسك بالثعابين، بل انظر إلى تمسكه بالشرع تجده لا يحضر جمعة ولا جماعة ولا يسمع للقرآن بل هو من أحزاب الشيطان الذي قال الله فيهم أُوْلَـئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَـٰنِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَـٰنِ هُمُ الخَـٰسِرُونَ [المجادلة:19]. واعتبر ذلك - أيها المسلم - بالدجال الأكبر الذي يقول للسماء: أمطري فتمطر، وللأرض انبتي فتنبت، ويحيي الموتى بإذن الله، وهو أخطر خلق الله.
والشرع فرق بين أولياء الله وأولياء الشيطان، فأولياء الله عز وجل هم الحافظون لحدود الله المتمسكون بشرعه ظاهراً وباطناً، الممتثلون لأوامر الله المجتنبون لنواهيه، المحافظون على صلاة الجماعة الذي قال الله تعالى فيهم : أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء ٱللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ [يونس:62-63].
وقد ذكر العلماء أمارات يُعرف بها الساحر ، ليتم التفريق بين السحرة والمشعوذين وبين المعالجين الشرعيين الذين يعالجون بالقرآن والرقية الشرعية، ومن أهم ما ينبغي أن يعرف به المنحرف سواء كان ساحرا أم غيره هو الدين والسمت، فالغالب في السحرة أنهم عديمو الدين، فهم لا يصلون، ومن يصلي منهم فإنما يصلي صلاة صورية ليضل الناس ويُلبِّس عليهم، كما أنهم لا يحضرون الجماعات، ويكونون مضطربين في تصرفاتهم وفي حياتهم وذلك لتأثير الجن والشياطين عليهم، وهذا حكم الله على كل من لجأ إلى الشياطين واستعان بهم واعتمد عليهم، يقول سبحانه: وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا [الجن: 6].
كما أن للساحر أمارات أخرى يُعرف بها، من هذه الأمارات أنه يسأل المريض عن اسمه واسم أمه، أو يأخذ أثرًا من آثار المريض أو من يُراد سحره مثل القميص أو المنديل أو غيره، وأحيانًا يطلب حيوانًا بصفات معينة ليذبحه، ولا يذكر اسم الله عليه , وأنه لا يرفع صوته بما يقول حتى لو طُلِب منه ذلك، وربما موه على هذا المريض فقرأ بعض الآيات بصوت عالي ثم خفض صوته في الباقي، ومنها أنه يكتب الطلاسم غير المفهومة ويتلوها، أو يعطي المريض حجابًا يحتوي على مربعات بداخلها حروف أو أرقام، أو يأمر المريض بأن يعتزل الناس فترة معينة في غرفة لا تدخلها الشمس، وأحيانًا يطلب منه أن لا يمس الماء لمدة معينة، أو يعطيه أشياء يدفنها في الأرض أو أوراقًا يحرقها ويتبخر بها، وأحيانًا يخبر الساحر المريض باسمه واسم بلده ومشكلته التي جاء من أجلها بدون أن يذكر له المريض ذلك، كل هذه أمارات تبين أن هذا الرجل ساحر يتعامل مع الجن، والعجيب أن الناس يسمون من يفعل هذا بالشيخ أو الفقيه .
واعلموا – عباد الله – أن تعلم السحر أو تعليمه: كفر بالله تعالى وشرك بالله وخروج من الإسلام. قال الله تعالى: وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَـٰنُ وَلَـٰكِنَّ ٱلشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسّحْرَ [البقرة:102]. ومن السحر: العلم بالنجوم وتأثيراتها النفسية، والتنبؤ عن طريقها بالمستقبل وما جرى وما سيجري، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : ((مَنْ اقْتَبَسَ عِلْمًا مِنْ النُّجُومِ اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنْ السِّحْرِ زَادَ مَا زَادَ)). ومن ذلك تعلق قلوب الكثير من الناس بالتنجيم والأبراج التي تكاد لا تخلو منها مجلة أو صحيفة.
بل نهى ديننا الحنيف من إتيان السحرة والعرافين وسؤالهم فقد روى الإمام مسلم في صحيحه، أن رَسُولُ اللَّهِ قال: ((من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوماً))، وهذا الوعيد عن سؤاله فقط، أما من يسألهم ويصدقهم فقد قال : ((من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد)). رواه أبو داود .
وفي الحديث الذي حسنه الألباني: ((لا يدخل الجنة مدمن خمر، ولا مؤمن بسحر، ولا قاطع رحم)).
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ونفعنا بهدي سيد المرسلين وبقوله القويم. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية :
الحمد لله على إحسانه ........ أما بعد :
فاعلموا - عباد الله – أن العلماء ذكروا أسباباً كثيرة لانتشار السحر، والوقاية منه ، وهذا ما سوف نتكلم عنه في الجمعة القادمة - إن شاء الله تعالى -
نسأل الله العظيم أن يقينا والمسلمين شر الأشرار وكيد الفجار وأن يتمم علينا نعمه ظاهرة وباطنه إنه على كل شيء قدير.
ألا فصلوا وسلموا على من أمر الله بالصلاة والسلام عليه فقال : إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً [الأحزاب:56]. وقال صلى الله عليه وسلم: ((من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشراً)) أخرجه مسلم من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه .
اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد ...........

شام
16-03-2007, 05:47
كلمات قيمة

ودرر غنية


اعتدنا من فضيلة شيخنا محمد المهوس الموقر


حفظك الله و رعاك


و نفعك ونفع الامة من علمك


جزاك الله كل الخير

محمدالمهوس
16-03-2007, 23:10
جزيتي خيراً أختي الفاضلة وجعل ماكتبتيه في ميزان حسناتك وزادكِ المولى هدىً وسداد وفلاح ورشاد ونحن وجميع المسلمين .