المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المسألة الشرقية ةالعقل اللأري



اسامه الدندشي
24-02-2007, 18:18
ossama-aldandashi@hotmail.com
الحوار المتمدن الكتاب الشهري


المسألة الشرقية والعقل الآري

الديموقراطية هذا المصطلح, الذي يتداوله, معظم المفكرين والباحثين, كوصفة سحرية للمجتمعات العربية, وحلا لكل ألازمات التي تعصف في هذا الجزء من العالم, يبقى هذا التداول في إطاره النظري, وبعده الأكاديمي, أسير الأمنيات والرغبات, يبحث فيما يجب أن تكون عليه الأمور, بعيدا عن الموضوعية, ويبقى هائما في فضاءات خيال غير خلاق ومبدع, ما لم يتطرق إلى الواقع الجغرافي لإنسان سيكس بيكون, الذي هو موضوع الديموقراطية والعلمانية الأول والأخير. مخضعين هذا الواقع إلى التحليل والبحث والتمحيص, اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا, و تقييم المؤثرات الإقليمية والدولية عامة والغربية الأمريكية خاصة, وتحديد أهدافها ومواقفها وربطها بجذور نشأتها, وتحديد هويتها ودوافعها وبرامجها, فيما إذا كانت سياسية أو اقتصادية أو ثقافية, أو هي كل ذلك مجتمعة, تعبر عن أيديولوجية أو عقلية, تناقض الديموقراطية والعلمانية في واقعها, وتتبناها في ظاهرها.
لذلك من الخطأ الاستراتيجي الحديث عن حل للازمة العراقية, إلا في سياق هذا الواقع الجغرافي لمسالة العالم العربي والإسلامي _" الشرق الأوسط, والغرب الإفريقي, والشرق الأدنى والقرن الإفريقي, كما يصر الإعلام الغربي والسياسيين على هذه التسمية"_ التي تنفي وتؤكد عدم وجود أي روابط بين العرب أو بين المسلمين.
والعراق جزء من هذا الكل الجغرافي, تصادف أن هذا الجزء من الشرق خطا خطوات متقدمة نحو بناء دولة حديثة, مستقلة في قرارها السياسي, تحاكي الدولة الحديثة في أوربا, وهذا خطا أحمر1, لذا لابد من تدمير هذه الدولة كما دمر ت قبلها تجربة مصر الناصرية, وكما ستدمر دولة إيران الحديثة. وجدير بالملاحظة: أن الدول التي حوصرت اقتصاديا, وسياسيا, ووضعت على لائحة الإرهاب, أما هي دول قومية, ذات التوجه العروبي تدعي الديموقراطية العلمانية, وتسعى لبناء دولة حديثة, أو الدول ذات النظام الإسلامي, وتتوجه لبناء الدولة الحديثة.
في الذاكرة العربية الإسلامية, وعلى مدار اليوم والساعة, تأكيدات غربية أمريكية على الصورة النمطية السلبية للغرب, بدءا من معاهدة سيكس بيكون, حتى الأقفاص التي وضعت فيها الأسرى مقيدين, و الحيوانات تفك قيودها في الأقفاص, مرورا بصور القيادة العراقية القومية على ورق اللعب بما لها من دلالات, حتى الفيتو الأمريكي على كل قرار دولي في صالح العرب والإسلام.
عندما بدأت كتابة هذا البحث, كان في منهجه مخاطبة العقل الأوروبي,و لكن قادني البحث إلى تبني الخطاب الذي يتناول به العرب والمسلمين تقييم الأحداث,وعلى الغرب أن يجهد نفسه, في التعرف على الخطاب العربي والإسلامي , والقيم التي يتناولون بها علاقاتهم مع الأخر, اذا كان فعلا يسعى الى سلام عالمي,تسوده الحرية والديموقراطية والأمن ,
العقلية الآرية
في جملة العلاقات التي مر بها العرب والمسلمون مع الغرب , لم أقع على حادثة واحدة تماثل ما فعله الأسبان مع المسلمين بعد سقوط أسبانيا , ولا ما فعله الفرنجة في المسجد الأقصى ,حين غاصت الأرجل حتى الركب في دماء المسلمين, ولا حقدا دفينا كالذي أظهره الجنرال الفرنسي عندما دخل دمشق , وضرب برجله ضريح صلاح الدين قائلا: "ها قد عدنا يا صلاح الدين", ومع ذلك نتلقى دروسا يومية في آداب التعامل مع الأخر وقبوله, وكأننا نحن نحارب في ارض الغرب, وتحلق طائراتنا في سماء الغرب,ونتدخل في شؤون الغرب ,ونقيم القواعد ونهب الأراضي ونهجر الشعوب, وندمر أنظمة, ونحاصر حكومات. والسؤال ما هي الدوافع التي تجعل الغرب, يضع العرب والمسلمين, خارج الشرعية الدولية ويهدر دمهم , لا قانون دولي يحميهم, ولا الحقوق الإنسانية تطبق عليهم, وكأن الشرعية والقوانين الدولية, شرعت للغرب, دون سواهم من بني البشر.
قادني البحث والتجوال في مفكري وفلاسفة القرن التاسع عشر وتوقفت عند المشتغلين في علم الأجناس وبالتأريخ الثقافي, فوجدت كتبا وابحاثا وفلسفة, تتحدث بقوة, عن عقلية آرية خلاقة ومبدعة ومبتكرة , وعقلية سامية ساذجة وبسيطة ,و لاقت هذه الأبحاث رواجا وقبولا عند فلاسفة القرن العشرين , أمثال الفيلسوف الفرنسي رينان"Ernst renan" الذي وضع العقل الغربي في الصدارة, و تحدث عن بنيته الخلاقة وقدرته على الخلق والإبداع, ووضع العقلية السامية, عقلية البداوة رمزا للعقل الشرقي البسيط والساذج, وكراف كوب ينو " "graf Arthur gobineauالذي قال بان الشعوب طبقات, تتمايز دماءها وتتباين, ويسود بعضها على البعض الأخر, وان للعقل الآري السيادة والقيادة , وتحدث عن اختلافات إنسانية, وتفوق بعضها على البعض الأخر, وسبحا بالعقلية الآرية وتفوقها 2, وحذا حذوهم هوس تن ستيوارت شامبرلن" iousten stewart chambrlain " صاحب كتاب أسس القرن التاسع عشر3.
وبالتالي أسس ألئك الفلاسفة لعقلية عنصرية مدمرة , منها استوحت النازية والفاشية أفكارها وأرائها, في تفوق العنصر الآري, وبتفوق العقل الجرماني منها, وعلى أساس هذه النظرية وضع هتلر قوانين"نورن برك", وأسس حلقات بحث من المؤرخين , ومن علماء الأجناس , لتمجد العقل الآري وقدرته على الخلق والإبداع , وبتفوق العقل الجرماني منه , والتقليل من أهمية حضارات الشرق واعتبارها بسيطة وساذجة , حيث لا توجد حضارة في العالم غير حضارات العرق الآري, وتحدثوا عن العقل الآري الخلاق, والعقل العربي البسيط والساذج, وألفوا كتبا في شتى المجالات عن العرب السذج, وحضاراتهم الشرقية البسيطة والغير مؤثرة في تطور الإنسان و الحضارة, وتغنوا في الآريين المبدعين في القانون والتشريع وكافة العلوم, حتى كتبوا على إقبال الشعب الآري على أكل لحم الخنزير الشهي واعتبروه ميزة تفوق بها على الشعوب السامية والعربية التي تحرم أكله .
هذه العنصرية كلفت أوروبا ملايين القتلى, غير الخراب والدمار الذي لحق بالمدن وكل مناحي الحياة , صور الدمار والخراب المخيف في أوروبا , حملهم على ملاحقة النازيين والفاشيين, وفعلا استطاعوا تطهير الأرض الأوربية من أي شكل من أشكال العنصرية, ولكنهم لم يستطيعوا القضاء عليها في العقل الأوروبي, التغيير الذي طرأ: هو تصدير هذه العنصرية خارج أوروبا,واحتلال العقلية الأمريكية المتفوقة في العقل الآري مكان العقل الجرماني, وانتقل الخراب والدمار من أوروبا إلى العرب والمسلمين والإفريقيين ,وتصادف أن هذه الشعوب تأخرت عن الركب الحضاري, وفق قوانين الرقي والتقدم, ورأت أوروبا أن هذا التخلف هو صفة خلقية في هذه الشعوب, ومن حق الشعب الآري الخلاق والمبدع استعمارها واستعبادها لأنها لاتملك القدرة على التطور والتقدم , ووضعت كافة الأمم بمراتب ومنازل أدنى من شعوبها, وعلى الشعوب الساذجة والغير خلاقة أن تخدم وبخنوع الشعب الذي يقدم لها التطور والحضارة والإبداع, بهذه العقلية العنصرية أدارت أوروبا سياستها باستعلاء وفوقية و استكبار, فقصفت دمشق, وقتلت مليون مدني في الجزائر, وجربت القنبلة الذرية في الصحراء الجزائرية,.............الخ, والصمت المخزي على انتهاكات سجن أبو غريب, والسجون السرية, وانتهاكات حقوق الإنسان خارج حدود أوروبا, سو ى استعلاء واستكبار العقل الآري الخلاق, على العقل العربي البدوي البسيط والساذج .
وليس بعلمي انه هناك مدرسة للعقل الآري تخرج السياسيين والإعلاميين, و لكن بحدثي اجزم انه ما من سياسي أو إعلامي يصل إلى موضع القرار إلا وهو خريج هذه المدرسة , وكأنها أصبحت قانونا غير مكتوب, ولكنه محفور ومتوارث في ثقافة العاملين في الشأن العام الأوربي, ولم يحدث في تاريخ أوربا أن اجتمعت على أمر من الأمور, كما وحدت رأيها في حرب الخليج الأولى,واختلفت باستحياء في الحرب الثانية, وتركوا العراق تدمر إنسانيته, ولكن بعلمي أن كل الرموز التي تشذ عن هذه القاعدة تحارب و تسقط, ولنا في جير ودي النائب الإنكليزي وغيره مثالا واضحا وصريحا. وأن أي سياسي غربي يصرح إن المشكلة في فلسطين هو الاحتلال, وليس امن اليهود, كفيل أن ينهي مستقبله السياسي.
خمسون عام والغرب يملك القرار في المنطقة, ويملي اراداته ورغباته, ويتدخل في كل كبيرة وصغيرة, والمنطقة تزداد توترا وحروبا وفقرا وتأخرا,ولم تحل مشكلة ولم تقدم حلا.

العقل الآري والمسألة الشرقية
بعد أن حطت الحرب العالمية الثانية أوزارها, لم يف الغرب بوعودهم للعرب, التي قطعوها على أنفسهم خلال الحرب , بإعطائهم الاستقلال بل خطوا خطوات تؤكد سيادة واستعلاء العقل الآري,فقد أجبروا الخليفة العثماني التنازل عن الخلافة, التي كانت تمثل وحدة الأمة , ومرجعية للأغلبية السنية في الإمبراطورية العثمانية, وأبرموا معاهدة "سيكس بيكون," هذه المعاهدة التي أفجعت العرب وخيبت أمالهم في الغرب,و قسمت العالم العربي , وفق إيديولوجية مستقبلية نعيش مسلسلها الدامي اليوم, ولا اعتقد أنها من صنع رجلين, وإنما من صنع مؤسسة أيديولوجية واستراتيجية متخصصة, في فلسفة العقليات, تحوي نخبة من المفكرين والعلماء والعسكريين والاقتصاديين والسياسيين ومن الخبراء في الشأن العربي ومن شتى الاختصاصات, استطاعوا استقدام المستقبل , ورسم ملامحه, وطرق اختراقه, حتى احتلال العراق وأفغانستان والحرب ألبنانية.
هذه المعاهدة التي قسمت الوطن العربي, إلى كيانات من الأقليات العرقية والأثنية, مدروسة وفق إحصائيات دقيقة, و كل ما من شأنه أن يبقيها في حالة تخلف وفوضى, مع ترك مسافة زمنية , بين تقدم العقل الآري, وتخلف العقل الشرقي ووضع وخلق حواجز تعرقل اختصار هذه المسافة.
فقد قسمت العراق إلى سنة وشيعة وأكراد وتزكمان, وضمت إليه الموصل السنية, وسوريا إلى: تزكمان وأكراد وعرب و سنة ودروز وإسماعيليين ومسيحيين وعلويين, وسلخت عنه لواء اسكندرون العلوي, الأردن إلى عشائر ومهجرين وفلسطينيين, والبنان إلى شيعة وسنة ودروز وعلويين ومسيحيين, ومنابع النفط فتته إلى مدن وسمتها دول, أنظمتها اقرب إلى نظام القبيلة منه إلى الدولة, السودان مسيحيين وإسلام وعرب وأفارقة, والمغرب العربي , إلى عرب وأما زيغ وأقاليم صحراوية....... .وكأن الاستراتيجية المرسومة في المعاهدة, لا تترك نظريا خيارات للمجتمعات المدنية العربية الغير نفطية , في انتقاء نظمها السياسية ,غير الديموقراطية والعلمانية.
المسألة اليهودية4
ولم يزرع الغرب اليهود في قلب هذا الشرق, مثالا ديموقراطيا يحتزى به, وعقلا آريا متطورا ومتقدما يساعد على تقدم المنطقة وازدهارها, و لم تطرح حلولا لتقريب الفوارق, وبناء الثقة بينها وبين شعب المنطقة.بل عمقت الهوة والخلاف,
والعقلية اليهودية, في أدبياتها ونصها الديني, عقلية عنصرية تؤمن أن اليهود شعب الله المختار,وقد ورد في التلمود " يجب على كل يهودي أن يبذل جهده لمنع تسلط باقي الأمم في الأرض , حتى تصير السلطة لليهود وحدهم, فإذا لم تصر إليهم السلطة عدوا أنفسهم في حياة المنفى والأسر, ويعيش اليهود في حرب مع باقي الشعوب حتى ينتقل إليهم الثراء والسلطان من الجميع, وحينئذ يدخل الناس أفواجا في دين اليهود"5
في التاريخ القديم ,لم اعثر على موقف عدائي للعرب على اليهود, بل تعايشا واستقرارا ومواطنة, وشهدت الجزيرة العربية تنافسا بين المبشرين اليهود والمسيحيين قبل الإسلام, وقد تهود وتنصر على أيديهم كثير من القبائل العربية كالغساسنة والمنازرة 6 ,ويقول المؤرخ اليعقوبي, في بني النضير وبني قريظ هما فخذين من جزام, سميا باسم الجبلين محط رحيلهم وقد تهودا أيام عاديا بن السموءل7, وقد اعتبر الرسول الكريم اليهود والنصارى والمسلمين, امة واحدة "بسم الله الرحمن الرحيم. هذا كتاب من محمد النبي بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم ا نهم أمة واحدة من دون الناس......" وان من تبعنا من اليهود فان له النصر والأسوة غير مظلومين ولا متنا صر عليهم, وان يهود بني عوف آمنة من المؤمنين, لليهود دينهم وللمسلمين دينهم وأنفسهم ......" 8, وبالمقابل كان اليهود يشيعون أنهم والعرب ساميين وأبناء عمومة, وقد ورد في كتاب الفكر اليهودي, المهدى إلى حاييم ناحوم, لجامعه حاخام اليهود للإمبراطورية البريطانية في الثلاثينات ما نصه " إن بلاد المسلمون هي التي أحاطت اليهود بالعناية والعطف وعاملتهم بسماحة, يوم كانت بلاد النصرانية تهاجم اليهود وتشبعهم شتما وامتهانا واحتقارا ونهبا, وعندما طردهم من إنكلترا "ادوار الأول" ومن فرنسا "شارل السادس",لم يجد ملجأ إلا بلاد الأندلس, حيث أحاطهم أمراء المسلمين بعطف وحنان" و الغريب عندما تتابع القراءة تجده يسميهم بالأعداء ويحرض عليهم ؟
لم يحرص اليهود الأقوياء ولا العرب والمسلمين الضعفاء على مد الجسور, وإزالة الحواجز النفسية والتاريخية بينهم ,بل تمادوا في خطاب يثير البغضاء والأحقاد, واستعمال العنف والقتل والحروب وتكسير العظام, والغرب يقف مكتوفي الأيدي, و يغذي الاقتتال العربي اليهودي, بمواقفة إلى جانب الجلاد ضد الضحية.
مجتمع ساييكس بيكون
الفسيفساء العرقية والأثنية لدول سيكس بيكون, أعطت أكلها ,حين قادوا نضالا وطنيا مشتركا ضد الاستعمار , وحققوا الاستقلال, واختلطت دماءهم الذكية على تراب هذا الوطن, وعلى سبيل المثال لا الحصر ثورة العشرين في العراق, حيث توحدت مساجد السنة والشيعة, وثورة الشيخ صالح ألعلي العلوية , وثورة الدنادشة ودمشق وحلب السنية, وثورة جبل العرب الدرزية, وموقعة ميسلون بقيادة كردية في سوريا.
ورغم أن كثيرا من الدساتير, نصت على أن دين الدولة الإسلام, على خلفية الاعتقاد المتوارث بالأغلبة السنية, للإمبراطورية العثمانية, لم يقلق الأقليات الأثنية والعرقية, لسيادة شعورها بالأقلية في تلك الفترة, ولم يكن لهذه الدساتير من سلطة دينية على المجتمع, تتدخل في حياته الزمنية, وفي همومه الوطنية وبتحليل القوى السائدة والفاعلة وتطورها في تلك الفترة,نلمس وحدة وطنية بين كل القوى, بل كان هناك توظيفا لا شعوريا للعرقية والأثنية لصالح ا لوطنية ووحدة المجتمع, ولا يستطيع أي طرف عرقي أو أثني, أن يجير الاستقلال له في المشرق العربي ومغربه. وانتهجت بعض الدول النظم الديموقراطية.
وإذا تجاوزنا المفهوم السطحي للعلمانية: فصل الدين عن الدولة ,إلي المفهوم الفلسفي ,الذي يعتبر الدين مؤسسة: سيطر فيها النص الديني على المجتمع,ممثلة في رموزه الدينية, ندرك انه لا يمكن الفصل بين الديموقراطية والعلمانية, وأنهما وجهان لعملة واحدة, لا يستقيم أحدهما دون الأخر, خاصة لمجتمعات سيكس بيكون العربية, التي كانت تتطور لو تركت مستقرة تنمو وتتكامل, وتتفاعل وفق القوانين الطبيعية, للرقي والترقي, إلى المجتمع المدني الديموقراطي العلماني, متأقلما مع الإسلام, تفرضه طبيعة المجتمع المتباين الأعراق والأديان والمذاهب .
المواقف المتناقضة للفكر الأوربي, ليس مع ذاته, وإنما مع الأخر,في منطلقاته النظرية للديموقراطية والعلمانية وحقوق الإنسان والشرعية, خارج حدوده ,في أسيا وأفريقيا, و تتبدى الصورة الأوضح في المنطقة العربية والإسلامية.
فقد تم إجهاض التجارب الديموقراطية ,التي انتهجتها بعض الدول, وتسلقت إلى السلطة قوى طائفية أو عشائرية أو مناطقية, استباحت لمؤيديها, القانون والسلطة, والاقتصاد, والجيش, وسلمتها مؤسسات الدولة, تسيد وتميد كما تشاء, وكتمت أنفاس الأخر, بأجهزة أمنية وممارسة التعذيب , وغاب الرأي الأخر عن الساحة,وتحولت الدول إلى مزارع, فيها صكوك أقوى من صكوك الملكيات الخاصة, هي ليست عقلية آرية وإنما عقلية عربية إسلامية جديدة, خلاقة ومبدعة ومتميزة عن عقليات مكونات الدولة العرقية والأثنية, هي تعبير فاضح لعقلية عربية جديدة تقمع الأخر وتستبيح قيمه الإنسانية والديموقراطية, وذلك تحت سمع وبصر وشراكة العقل الأوربي والامريكاني.

الأزمة العراقية لاحل لها إلا في سياق حل المسالة الشرقية, لأنه في كل بقعة من الوطن العربي والإسلامي عراق أخر . وحل المسألة الشرقية, يكمن في بطلان نظرية التفوق العرقي ,و انه ليس لعرق أو جنس أن يدعي النقاء, فحتى تحدث دوزي تحدث عن خلاف بين عقلية العدنانيين وعقلية القحطانيين فأي هراء هذا9, فقد اختلطت الشعوب , وبالتالي امتزجت دماءها , والحديث عن العقليات المتفوقة, حديث فرضه التعصب والنزوة والعاطفة.
والخلاف بين الأجناس خلاف في الشكل, تفرضه الظروف الطبيعية والمناخية, والحضارة ارث إنساني, والبشرية جمعاء شركاء في هذا الإرث , وعلماء الأجناس لم يثبتوا النظريات العقلية, بل على العكس أشاروا إلى اختلاط الأجناس وامتزاجها.

هوامش :
1- مقالة للكاتب, " امة بين المطرقة والسندان" الحوار المتمدن, الموقع الفرعي اسامه الدندشي
2 Essai sur l inegalite des races humaines. -
3- housten stewart chamberlain ,die grundlagen des neunzehnten jahrhunderts,in 2 vois,
4- اتفق مع الدكتور احمد سوسة أن الإسرائيليين واليهود والعبرانيين, ثلاث مسميات لثلاث عصور يفصل بين كل عصر أكثر من 500 عام, لارابط بينها إلا عند اليهود , راجع" تاريخ العرب واليهود في التاريخ": الجزء الاول احمد سوسة,الطبعة السادسة,¸العربي للطباعة والنشر صفحة 54 وما بعدها
5-الكنز المرصود في قواعد التلمود,صفحة 48-94
6- نفس المصدر تاريخ العرب واليهود صفحة 596 وما بعدها
7- تاريخ اليعقوبي, طبعة النجف عام 1964 ص 42-46
8- سيرة ابن هشام جزء2 صفحة 40
9- دوزي dozy,gesch.d. mauren in spanien,1,s.,73,muh.stud.,89.nallino.raccolta,3,p.,73
اسامه الدندشي